
رغم تثبيت الفائدة.. "الفيدرالي" لا يستطيع إخفاء قلق الركود التضخمي
للمرة الثانية في عام 2025 قام "الفيدرالي" الأميركي بتثبيت أسعار الفائدة بالتماشي مع توقعات الأسواق والمؤسسات المالية، إلا أنه رمى بحجر في المياه الراكده.
لم يقف المسؤولون عند خطوة تثبيت أسعار الفائدة بين 4.25% و4.5%. رفعوا توقعاتهم لمعدلات التضخم 0.3% عن تقديراتهم السابقة إلى 2.8%، أيضا رفعوا تقديرات البطالة إلى 4.4%، فيما خفضوا توقعات نمو الاقتصاد الأميركي إلى 1.7% فقط هذا العام، بانخفاض 0.4%، وقد حملت هذه التوقعات إشارات إلى احتمالية حدوث ركود تضخمي.
والركود التضخمي هو حالة نمو اقتصادي ضعيف ومعدلات بطالة مرتفعة، بما يعني ركود اقتصادي، يرافقه تضخم. وتحدث هذه الحالة عندما لا يكون هناك نمو في الاقتصاد فيما تشهد معدلات الأسعار ارتفاعا.
ظهر الركود التضخمي لأول مرة في بريطانيا خلال فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي، حينما ارتفعت معدلات التضخم واستبعد المسؤولون أدوات السياسة النقدية كأحد الحلول في معالجة المشكلة، ولجأوا لحلول غير نقدية ما فاقم الأزمة.
هذه الحالة لم تقتصر على الممكلة المتحدة فقط، ولكنها امتدت إلى 7 اقتصادات رئيسية خلال الفترة من 1973 وحتى عام 1982.
يعتبر الركود التضخمي تحديا اقتصاديا معقدا. تداعياته السلبية تشمل النمو الاقتصادي ومعدلات التوظيف والبطالة والاستثمار وكفاءة الإنتاج وأسواق المال، بل وتتعدى ذلك كله إلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
يولي علماء الاقتصاد أهمية كبيرة للركود التضخمي وتأثيراته المتعددة. غالبا ما يرافق هذه الحالة الاقتصادية تقلبات في أسواق المال، إذ تتراجع أسواق الأسهم وترتفع السندات، ويلجأ المستثمرون إلى الملاذات الآمنة. وقد ارتفعت أسعار الذهب هذا الأسبوع إلى مستويات تاريخيّة جديدة فوق 3000 دولار.
ويؤثر الركود التضخمي على معيشة الأفراد، إذ يرفع تكلفة المعيشة وأسعار السلع، إلى جانب تأثيره على الأسواق، السياسات النقدية.
يختلف الاقتصاديون حول الأسباب الرئيسية للركود التضخمي، ومن بينها اضطرابات سلاسل التوريد، ارتفاع التكاليف والأسعار، والسياسات النقدية التوسعية بما في ذلك طباعة النقود وأسعار الفائدة المنخفضة، وصدمة أسعار الطاقة، إضافة إلى عدم توازن العرض والطلب، حيث برتفع الطلب مقابل نقص المعروض.
في الوضع الاقتصادي الراهن يتزايد القلق من حدوث تباطؤ اقتصادي مع تسارع معدلات التضخم التي تحاربها البنوك المركزية الرئيسية منذ سنوات، ودفع العالم ثمنا كبيرا بغية خفض هذه المعدلات. في المقابل قد تدفع الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب أسعار السلع والخدمات للارتفاع وتقلص إنفاق المستهلكين.
القلق من الركود التضخمي يجتاح الجميع، لأن تأثيراته شاملة وعميقة. يقول ويل كومبرنول، المحلل الاستراتيجي لدى "FHN Financial"، إن قلق المتداولين يكمن في أن الركود التضخمي يمثل معضلة صعبة للبنوك المركزية والمستثمرين، لأنه لا يوجد حل سياسي واضح لمعالجته، ومع استمرار التضخم فوق 2% منذ عام 2021، على الرغم من سلسلة رفع أسعار الفائدة بين عامي 2022 و2023، يواجه "الفيدرالي" تحديًا كبيرًا في تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي واستقرار الأسعار.
كل هذه التحديات تستدعي تطبيق سياسات ناجعة لمواجهة الركود التضخمي. تشمل هذه السياسات رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم، تحفيز الإنتاج المحلي لخفض الواردات، دعم الفئات الأكثر تضررًا دون زيادة العجز، إضافة إلى إجراء إصلاحات هيكلية تعزز من كفاءة الاقتصاد.
هذه السياسات قد تكون سهلة نظريا، إلا أنها تواجه تعقيدات كبيرة. فأحد أهم مسببات الركود التضخمي حال حدوثه؛ ستكون الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، والذي أكد أنه لا تراجع بشأنها، فيما تطبيق هذه السياسات عند جيروم باول ورفاقه في "الفيدرالي"، والذي لم ينج من انتقادات ترامب وضغوطاته، رغم تأكيدات الاقتصاديين أن سياسة الرسوم لا منتصر فيها.
من بين الاقتصاديين الذين يرون عدم جدوى هذا المسلك الدكتور محمود محيي الدين قال يقول إن "السياسات المتبعة حاليًا في الولايات المتحدة سبق تجربتها، وأثبتت فشلها وأدت إلى مأساة الكساد الاقتصادي الكبير، الذي لم يخرج منه العالم إلا عبر طبول الحرب العالمية الثانية، ما تسبب في مشكلات اقتصادية أكبر تتعلق بالبطالة".
جيروم باول رئيس "الفيدرالي" لم يستطع أن يخفي القلق المحتمل من ركود تضخمي وإن لم يؤشر لذلك بشكل واضح. قال أمس إن جهوده الرامية إلى تحقيق مزيد من التقدم في معالجة التضخم قد تشهد تأخيرات هذا العام، مرجعا ذلك بقدر ما إلى الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب.
لقد عكست تصريحات باول وبيان "الفيدرالي" أمس هذه المخاوف سواء على صعيد رفع توقعات التضخم وكذلك البطالة، فهل نستطيع تجاوز كل هذه التعقيدات، أم أن شبح الركود التضخمي سيطل برأسه من جديد؟!.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حضرموت نت
منذ 24 دقائق
- حضرموت نت
السقطري يستقبل فريق البنك الدولي لمتابعة مشروع الأمن الغذائي
رحب اللواء سالم السقطري، وزير الزراعة والري والثروة السمكية، اليوم الأحد، بفريق فني من البنك الدولي، برئاسة الدكتور نايف أبو لحوم، أخصائي أول إدارة موارد المياه، في ديوان عام الوزارة بالعاصمة عدن. وبحث الجانبان التحضيرات الجارية لإطلاق سلسلة مشاريع الزراعة والمياه المقاومة لتغير المناخ، والمشاريع الممولة من البنك الدولي في مجالات الزراعة والأسماك، بمقدمتها مشروع تنمية المصائد السمكية في البحر العربي والأحمر وخليج عدن. وناقش اللقاء مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن الجاري تنفيذه في 11 محافظة بمبلغ 278 مليون دولار، بالإضافة إلى مشاريع المياه والري والبنية التحتية للأسماك، مؤكدين ضرورة تقييم المشاريع السابقة لتلافي أوجه القصور أثناء تنفيذ المشاريع القادمة. واستعرض سير المشاورات المكثفة الجارية بين الوزارة والبنك، لتنفيذ تدخلات قادمة في القطاع الزراعي والمياه، الذي يتضمن مشروعات في وادي حجر بمحافظة حضرموت، ووادي تبن في محافظة لحج، المتوقع بدء تنفيذه في يونيو المقبل. وقال الوزير السقطري إن الاجتماع يعكس الجهود المشتركة بين الوزارة والبنك الدولي لتعزيز الأمن المائي والغذائي، والاستعداد لإطلاق سلسلة من مشاريع خدمات المياه والري المقاومة لتغير المناخ. وكشف التحديات التي يواجهها قطاعي الزراعة والأسماك بسبب تداعيات عدوان مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، وآثار التغيرات المناخية. وشدد على أهمية التنسيق بين الوزارة والبنك والشركاء التنفيذيين في مختلف مراحل التخطيط والتنفيذ للمشروعات، لضمان توجيه الدعم نحو مناطق الاحتياج بهدف ديمومتها. بدوره، عبر الفريق الفني للبنك عن الالتزام الكامل بدعم وزارة الزراعة والأسماك، من خلال تقديم الدعم التقني والفني، والعمل على تعزيز قدرات الكادر بالوزارة ومؤسساتها ومراكزها.


Independent عربية
منذ 3 ساعات
- Independent عربية
ماذا تعني إعادة تأميم شركة خاصة لتشغيل القطارات في بريطانيا؟
أصبحت شركة "ساوث ويسترن رايلويز" البريطانية اليوم الأحد أول شركة خاصة لتشغيل القطارات تعود إلى الملكية العامة، وذلك بموجب خطة حكومة حزب العمال لإعادة تأميم قطاع السكك الحديد المتردي. ومن المقرر إعادة تأميم جميع الشركات المشغلة للقطارات في بريطانيا خلال العامين المقبلين بناءً على السياسات التي أطلقها رئيس الوزراء كير ستارمر منذ عودة حزبه إلى السلطة في يوليو (تموز) الماضي بعد 14 عاماً في المعارضة. وكتب ستارمر على منصة "إكس"، "باتت (ساوث ويسترن رايلويز) خاضعة للملكية العامة. وهذه ليست إلا البداية"، وتعهد أن يعطي التأميم "الأولوية للركاب" مع "خدمات أفضل وعملية أسهل لشراء التذاكر وقطارات أكثر راحة". وقالت وزيرة النقل هايدي ألكسندر في بيان "اليوم هو لحظة فاصلة في عملنا لإعادة السكك الحديد إلى خدمة الركاب". ويعاني ركاب القطارات في بريطانيا إلغاءات متكررة للرحلات وارتفاع أسعار التذاكر وإرباكاً دائماً في شأن الخدمات التي يمكنهم الاستفادة منها. خصخصة عمليات السكك الحديد وجرت خصخصة عمليات السكك الحديد منتصف تسعينيات القرن الـ20 في عهد رئيس الوزراء المحافظ آنذاك جون ميجور، لكن شبكة السكك الحديد ظلت عامة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وتخضع أربع من 14 شركة مشغلة في بريطانيا لإدارة الدولة بسبب أدائها الضعيف في السنوات الأخيرة، لكن كان يفترض أن يكون هذا حلاً موقتاً قبل العودة إلى القطاع الخاص. وفاز حزب العمال على المحافظين في انتخابات العام الماضي ليعود إلى "داونينغ ستريت" بتعهدات لإصلاح خدمات النقل في البلاد. "التغيير لن يحدث بين عشية وضحاها" وأقر مشروع قانون في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 يسمح بإدخال الشركات الخاصة المشغلة للقطارات إلى الملكية العامة عندما تنتهي عقودها، أو قبل ذلك في حال سوء الإدارة، لتدار من قبل شركة "السكك الحديد البريطانية الكبرى". وقالت ألكسندر أن هذا من شأنه أن ينهي "30 عاماً من التشرذم"، لكنها حذرت من أن "التغيير لن يحدث بين عشية وضحاها". ومن المقرر إعادة شركتي تشغيل قطارات تخدمان بلدات ومدناً في شرق بريطانيا وجنوب شرقها إلى الملكية العامة أواخر عام 2025، وكذلك، من المقرر أن تنتهي جميع عقود الشركات الحالية بحلول عام 2027. وتفيد الحكومة بأن إعادة التأميم ستوفر ما يصل إلى 150 مليون جنيه استرليني (200 مليون دولار) سنوياً، إذ لن يتعين عليها دفع رسوم تعويض للشركات المشغلة للقطارات. وفي أبريل (نيسان) الماضي سمح البرلمان البريطاني للحكومة بتأميم شركة "بريطانيا للصلب" بعدما تراكمت خسارتها حتى قدرت بأكثر من 900 ألف دولار يومياً.


حضرموت نت
منذ 3 ساعات
- حضرموت نت
الوزير السقطري يبحث مع #البنك الدولي إطلاق #مشاريع في القطاعين الزراعي والسمكي
عدن ( حضرموت21 ) متابعات بحث وزير الزراعة والري والثروة السمكية، اللواء سالم السقطري، اليوم، في العاصمة عدن، مع فريق فني من البنك الدولي برئاسة اخصائي أول إدارة موارد المياه بالبنك الدكتور نايف أبو لحوم، التحضيرات الجارية لإطلاق سلسلة مشاريع في قطاعات الزراعة والاسماك والمياه المقاومة لتغير المناخ. واستعرض الجانبان، المشاريع التي يمولها البنك الدولي في مجالات الزراعة والأسماك، لاسيما مشروع تنمية المصائد السمكية في البحر العربي والأحمر وخليج عدن، ومشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن الجاري تنفيذه في 11 محافظة بمبلغ 278 مليون دولار، بالإضافة إلى مشاريع المياه والري والبنية التحتية للأسماك..مؤكدين ضرورة تقييم المشاريع السابقة لتلافي أوجه القصور أثناء تنفيذ المشاريع القادمة. ووقف الاجتماع، أمام المشاورات المكثفة الجارية بين الوزارة والبنك، لتنفيذ تدخلات قادمة في القطاع الزراعي والمياه، الذي يتضمن مشروعات في وادي حجر بمحافظة حضرموت، ووادي تبن في محافظة لحج، والمتوقع البدء بتنفيذه في شهر يونيو المقبل 2025م، ليشمل كافة الأحواض المائية في اليمن في المرحلة القادمة. واوضح الوزير السقطري، أن الاجتماع يأتي في إطار الجهود المشتركة بين الوزارة والبنك الدولي لتعزيز الأمن المائي والغذائي، والتحضير لإطلاق سلسلة من مشاريع خدمات المياه والري المقاومة لتغير المناخ في اليمن، استنادًا إلى ما ورد في تقرير المناخ والتنمية القطري الصادر عن البنك الدولي..مؤكدًا على أهمية التنسيق بين الوزارة والبنك والشركاء التنفيذيين في مختلف مراحل التخطيط والتنفيذ للمشروعات، لضمان توجيه الدعم نحو مناطق الاحتياج بهدف ديمومتها. من جانبهم أكد الفريق الفني للبنك، التزام البنك الكامل بدعم وزارة الزراعة والثروة السمكية، من خلال تقديم الدعم التقني والفني، والعمل على تعزيز قدرات الكادر بالوزارة ومؤسساتها ومراكزها، والتحول من الأعمال الطارئة إلى مشاريع البنية التحتية، لضمان استدامة التدخلات وتحقيق أثر تنموي فعّال على المدى الطويل.