
إدمانٌ يطال البالغين: كيف يُساعد تقليل وقت استخدام الشاشة في تحسين صحتنا ورفاهنا
أما اليوم، فقد انقلب المشهد بشكلٍ كبير، وحتى دراماتيكي: الأمهات والآباء يصرخون على أولادهم لوقف استخدام الهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية لساعاتٍ طويلة، والخروج للعب مع الأقران.
ما الذي تغيَر في هذه الصورة النمطية؟ إدمان الجيل الصغير والمراهقين، وحتى الشباب، على تصفح مواقع التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو الالكترونية وغيرها من سمات العصر الحديث. وباتت الحركة والنشاط البدني المعتاد، الذي نعهده دومًا عند الأطفال في مراحل نموهم، شبه معدومة في الوقت الحالي، بسبب التعلَق المرضي (إن صحَ التعبير) بوسائل التكنولوجيا الحديثة.
لكن مهلًا، ليس الصغار فقط من يعانون من إدمان التكنولوجيا؛ فنحن أيضًا، بالغين وراشدين وحتى كبار السن، نجد أنفسنا في أحيانٍ كثيرة، نتصفح بلا هوادة أو توقف جوالاتنا وأجهزتنا الذكية. ما يعني أن المشكلة لا تنحصر في الأجيال الأصغر، بل في "سحر وجمالية" تلك المواقع التي تقدم لنا مادةً مجانية، من الترفيه وحتى المعلومات المفيدة، بكبسة زر وأصبعٍ واحد.
إدمان الشاشات يطال الجميع كبارًا وصغارًا على حد سواء
وقت استخدام الشاشة، هاجسٌ يقضَ مضاجع الكثيرين، ممن يجدون أنفسهم وأولادهم يقضون ساعاتٍ طويلة جالسين ومتسمرين أمام تلك الشاشات الزرقاء الساحرة. منهم إحدى السيدات التي توجهت بالسؤال إلى المختصين في مايو كلينك، العيادة الطبية المختصة من الولايات المتحدة الأمريكية، كما يلي: "أجدُ نفسي أُلحَ باستمرار على أولادي وزوجي ليضعوا أجهزتهم المحمولة جانبًا أثناء العشاء، وفي المساء، وفي عطلات نهاية الأسبوع. كما أشعرُ بالإرهاق بعد قضاء وقتٍ طويل أمام الشاشات في نهاية يوم العمل. كيف يمكنني تشجيع عائلتي على قضاء بعض الوقت بعيدًا عن التكنولوجيا وتقليص وقت الشاشة؟
لا شك في أن هذا السؤال يراود معظمنا، وأنا وأنتِ منهم؛ والإجابة عليه في السطور التالية، فإذا كنتِ مثلنا عزيزتي بمعرفة الجواب، تابعي القراءة معنا..
ما هي المزايا الصحية لتقليل وقت استخدام الشاشة؟
نحن محاطون بالهواتف الذكية وأجهزة الألعاب والشاشات في كل مكان، فهي في منازلنا وغرف نومنا ومكاتبنا وسياراتنا وجيوبنا وحقائبنا. ورغم أن هذه الإلكترونيات قد تكون مفيدةً ومسلية، إلا أن الوقت الذي نقضيه عليها قد يتحول إلى مشكلة.
يمكنكِ التفكير في الأمر على هذا النحو: عندما أستخدمُ أحد هذه الأجهزة، أنفصل عن شيءٍ آخر. هل هذا الشيء الآخر مهمٌ بالنسبة لكِ؟ ربما يكون طفلكِ أو شريك حياتكِ أو وقتكِ المُخصص للرياضة أو مهامكِ الوظيفية أو حتى هواياتكِ الخاصة.
يشعر كثير من الناس بأن شيئًا ما مفقود في زحمة حياتهم: ربما تكون رغبةً مجهولة في عيش حياتهم بشكل أكثر إشباعًا. إن تقليل وقت الشاشة يتيح لكِ وقتًا إضافيًا للتواصل مع العائلة والأصدقاء، ويمكن لهذا التواصل مع الآخرين أن يساعد في درء أعراض التوتر والاكتئاب والقلق. غالبًا ما نفوِّت على أنفسنا فرص الاستمتاع والتأمل في مظاهر الجمال من حولنا بسبب انشغالنا بالشاشات؛ لكن عندما تكونين حاضرةً في اللحظة الراهنة — ربما عبر وضع الأجهزة جانبًا — قد تكتشفين ما تحتاجينه لملء هذا الفراغ.
هناك مزايا صحية عديدة لتقليل وقت استخدام الشاشة، منها الفوائد الأربع التالية:
1. تحسين الصحة البدنية: نعلمُ أن الأنشطة البدنية مفيدة للصحة، ولكن الأجهزة الإلكترونية قد تُقلَل من الوقت المخصص للرياضة. وقد يصعُب الحفاظ على العادات الصحية عند قضاء الكثير من الوقت أمام الشاشات. تشمل الفوائد الصحية ما يلي:
• الوقاية من السُمنة والحالات المرضية المرتبطة بزيادة الوزن: وتشمل تلك الحالات السكري من النوع الثاني وأمراض القلب. الأطفال الذين يشاهدون التلفاز لفتراتٍ طويلة، هم أكثر عرضةً للإصابة بزيادة الوزن.
• تخصيص مزيدٍ من الوقت للرياضة واللعب: بإمكانكِ إضافة الأنشطة البدنية لملء الفترات الشاغرة الجديدة في جدولكِ.
• زيادة مدة النوم: يواجه الأطفال الذين يقضون وقتًا أطول أمام التلفاز أو الأجهزة الالكترونية، صعوبةً في الخلود إلى النوم أو البقاء نائمين. كما قد يشعرون بالتعب ويتناولون المزيد من الوجبات الخفيفة لتعويض ساعات النوم المفقودة.
• ضرورة تقليل الوجبات الخفيفة التي تُؤكل دون وعي، لأنها قد تؤدي إلى زيادة الوزن. فقد يؤدي تناول الوجبات الخفيفة أو الوجبات الأساسية أمام التلفاز إلى تناول الطعام دون إدراك، مما قد يؤدي لاستهلاك حصصٍ أكبر. بينما يتيح الابتعاد عن المُشتتات، إيلاء مزيدٍ من الانتباه لجسمكِ وإشاراته عندما تصبحين ممتلئة بالطعام.
خصَصي المزيد من الوقت للأنشطة البدنية والترفيهية لتقليل وقت استخدام الشاشات
2. تخصيص وقت للاستمتاع باللعب والاستكشاف: إن استكشاف العالم والتعرف عليه جزءًا لا يتجزأ من الحياة. والأطفال فضوليون بطبيعتهم، لكن بإمكان البالغين أيضًا المشاركة في الاستكشاف. فبدلًا من قضاء الوقت على الأجهزة، بإمكانكِ أنت وعائلتكِ تجربة أنشطةٍ جديدة، مثل ركوب الدراجات أو المشي أو الذهاب إلى المتنزهات أو زيارة المتاحف أو استكشاف ممرٍ طبيعي في الجوار. فالأنشطة التي لا تنطوي على استخدام الشاشات ممتعةٌ بنفس قدر الأشياء التي تظهر عليها. جرّبي التلوين أو القراءة أو الأشغال اليدوية وغيرها من الأنشطة التي تتطلب إعمال خيالكِ؛ وذلك لأن تقليل وقت استخدام الشاشة يتيح المزيد من الوقت للعب والانخراط في أنشطة إبداعية.
لا يساعد الطقس الحار حاليًا في الإمارات وسواها من دول الخليج، في القيام بأنشطة خارجية؟ لا مشكلة؛ هناك العديد من النشاطات الرياضية والترفيهية المتوفرة حاليًا، والتي تُوفر لكِ فرصًا ذهبية لتحريك الجسم والذهن بعيدًا عن التسمر أمام الشاشات لساعات.
3. تقوية الروابط الاجتماعية: التواصل مع الآخرين أمرٌ بالغ الأهمية، حتى نشعر باهتمام الآخرين بأمرنا. ويتجه الأطفال نحو مُقدّمي الرعاية بحثًا عن الشعور بالانتماء؛ بينما يجده البالغون لدى عائلاتهم وأصدقائهم، وبإمكان الأجهزة تدمير هذه العلاقات.
فعندما ينشغل الآباء بالشاشة، قد يشعر الأطفال أن عليهم التنافس مع الأجهزة للحصول على الانتباه. لكن عندما تضعين جهازكِ جانبًا، تصبحين حاضرةً بعواطفكِ، وهذا من شأنه تقوية الأواصر العائلية.
وجدت دراسةٌ أن الأطفال الذين تخلوا عن أجهزتهم الإلكترونية لخمسة أيام، أظهروا قدرةً أفضل في تمييز تعابير الوجه والتقاط الرسائل غير اللفظية، مقارنةً بهؤلاء الذين يعيشون الحياة على نفس المنوال. لذا يمكن أن يُحسِّن تقليل وقت استخدام الشاشات مهاراتهم الاجتماعية الخاصة بالتواصل وجهًا لوجه. إن تشغيل التلفاز، حتى لو كان بمثابة مجرد خلفيةٍ صوتية، سوف يصرف تركيزكِ إليه بدلاً مما يحدث حولكِ.
4. تحسين الحالة المزاجية: إن وضع هاتفكِ جانباً والخروج، أو القيام بنشاطٍ ممتع، يمكن أن يُعزَز حالتكِ المزاجية، كوني أكيدةً من ذلك؛ لأنه قد يمنحكِ شعورًا بالإنجاز ويُحسّن صحتك العامة. قد يدفع الاكتئاب والقلق يدفعان المرؤ منا إلى الانطواء والانعزال عن الآخرين؛ بينما يساعد الانخراط في الأنشطة الاجتماعية على التواصل مع الآخرين وتقليل أعراض هذه الحالات.
يُعدَ الأطفال الذين يمضون وقتًا أطول في النظر إلى الشاشة، أكثر عرضةً للمشكلات السلوكية وتشتت الانتباه؛ على الجانب الآخر، يُحسّن تقليلها من تركيزهم. كما قد تُسبَب مشاهد العنف القلق والاكتئاب للأطفال وتدفعهم للاعتقاد بأن العنف طريقةٌ مقبولة للتعامل مع المشكلات والآخرين.
4 مزايا صحية في تقليل وقت استخدام الشاشة
خلاصة القول؛ إدمان الشاشات بات من الظواهر المتزايدة في العصر الرقمي، وله تأثيراتٌ عميقة على الصحة الجسدية والنفسية والاجتماعية، خاصةً لدى الأطفال والمراهقين، وصولًا إلى البالغين وكبار السن.
لتجنب مضاعفات ومخاطر هذا الإدمان، ينصحكِ الخبراء في مايو كلينك بتقليل وقت استخدام الشاشة؛ من خلال العديد من الأنشطة الخارجية والداخلية التي تُتيح تحسين الحالة الصحية والمزاجية، وتقوية الروابط الاجتماعية بين أفراد العائلة والمجتمع ككل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرجل
منذ 3 ساعات
- الرجل
ظاهرة نادرة تغيّر لون بحر الجليل إلى الأحمر وتثير اهتمام الباحثين (فيديو)
شهد بحر الجليل الواقع في شمال فلسطين بين منطقة الجليل وهضبة الجولان تحولًا مفاجئًا إلى اللون الأحمر الدموي في مشهد غير مألوف جذب أنظار السكان والزوار على حد سواء. ووفقًا لما ذكره موقع Daily Mail. وقد انتشرت صور الحدث على نطاق واسع في منصات التواصل الاجتماعي، ما أثار موجة من التعليقات والانقسامات بين من رأوا فيه نذير شؤم ومن اعتبروه ظاهرة طبيعية تستحق الدراسة. من الناحية العلمية، أكدت جهات بحثية متخصصة أن السبب وراء هذا التغير اللوني المدهش هو تكاثر نوع محدد من الطحالب الدقيقة يُعرف باسم "بوطريوكوكوس براوني" Botryococcus braunii، وهي كائنات مجهرية تنتج صبغات تتحول إلى اللون الأحمر عند تعرضها لضوء الشمس القوي لفترات طويلة، وتُعد هذه الطحالب شائعة في البيئات المائية العذبة وشبه المالحة حول العالم، وتظهر بكثافة عند توافر ظروف بيئية معينة. أسباب تكاثر الطحالب الحمراء أظهرت الفحوص التي أُجريت على عينات من المياه أن هذه الطحالب غير ضارة للإنسان ولا تسبب أي مشكلات صحية أو حساسية، كما أن المياه تبقى آمنة للسباحة رغم مظهرها غير المألوف. ويحدث هذا التحوّل عادة عند اجتماع عدة عوامل، من بينها ارتفاع درجات الحرارة، ووفرة العناصر الغذائية في المياه، وزيادة شدة الإشعاع الشمسي، وهو ما يتيح للطحالب إنتاج كميات كبيرة من الأصباغ. ومن المثير للاهتمام أن "بوطريوكوكوس براوني" تنتج أيضًا نسبًا مرتفعة من الهيدروكربونات التي تشبه النفط الخام، ما يجعلها مادة بحثية مهمة في مجال تطوير الوقود الحيوي، وقد لوحظت ظواهر مشابهة في مسطحات مائية أخرى على مستوى العالم، بما في ذلك بحيرات وبرك في مناطق قريبة من البحر الميت عام 2021، حيث تحولت المياه إلى اللون الأحمر في مشاهد لافتة للنظر. ورغم أن التفسير العلمي يبدو واضحًا، فإن تغيّر لون بحر الجليل يظل حدثًا نادرًا يثير فضول الباحثين وعامة الناس على حد سواء، لما يحمله من طابع استثنائي يربط بين الطبيعة وعلم الأحياء المائية، ويمنح هذا المسطح المائي لحظة فريدة في تاريخه البيئي.


الرياض
منذ 2 أيام
- الرياض
وفد من جمعية حقوق الإنسان يزور دار الرعاية الاجتماعية للمسنين بالرياض
زار وفد من الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان اليوم دار الرعاية الاجتماعية للمسنين بمدينة الرياض، وذلك في إطار برنامج الزيارات الميدانية التي تنفذها الجمعية للوقوف على أوضاع الفئات المشمولة بالرعاية، والتعرف على جودة الخدمات المقدمة لهم. واطّلع الوفد خلال الزيارة على مرافق الدار والخدمات الصحية والاجتماعية المُقدمة للنزلاء، كما عقد لقاءً مع مدير الدار الأستاذ بندر الناجم وعدد من منسوبي الدار، جرى خلاله مناقشة أبرز التحديات، وسبل تطوير مستوى الخدمات، وتعزيز مجالات التعاون بين الجمعية والدار بما يخدم كبار السن ويكفل تمتعهم بحقوقهم الإنسانية والاجتماعية. وأكد وفد الجمعية في ختام الزيارة أهمية استمرار الشراكة والتكامل المؤسسي بين الجانبين، بما يُسهم في تحسين جودة الحياة للمسنين، ورفع كفاءة الرعاية المقدمة لهذه الفئة العزيزة على المجتمع.


عكاظ
منذ 3 أيام
- عكاظ
«الترند» والمراهق.. انجذاب خلفه تساؤلات حقيقية
لم يعد «الترند» مجرد محتوى عابر أو موجة رقمية مؤقتة، بل أصبح ظاهرة اجتماعية ونفسية تؤثر على سلوكيات أفراد المجتمع، خصوصاً المراهقين الذين يجدون أنفسهم منجذبين بشكل كبير إلى ما هو رائج، طمعاً في القبول الاجتماعي والاندماج. هذا الانجذاب تكمن خلفه تساؤلات حقيقية، أبرزها: هل يعبِّر «الترند» عن قناعاتهم؟ أم أنهم يندفعون خلفه بدافع التلقي؟ في هذه العجالة أسلّط الضوء على الأبعاد النفسية والاجتماعية لهذه الظاهرة، لمزيد من الفهم لكيفية تأثيرها على تفكير المراهقين وسلوكهم، ثم أطرح حلولاً وأساليب وقائية تربوية. قد ينجذب المراهقون نحو «الترند» سعياً نحو الهوية الذاتية، تأثير ثقافة المشاهير والمؤثرين، الحاجة للانتماء والقبول، الضغط الاجتماعي الرقمي، ضعف الاستقرار الانفعالي، التمرد على السلطة التقليدية، تشكيل جماعات افتراضية بديلة، الهروب من الواقع، وضعف الوعي بالنفس والمستقبل. وتتلخص الأساليب العلاجية المتبعة في عدة أمور؛ أبرزها: أولاً: تعزيز الوعي النقدي؛ علم طفلك ألا يأخذ كل ما يُعرض عليه كحقيقة أو قيمة، ناقشه في محتوى ما يشاهده: لماذا هذا «الترند» منتشر؟ هل هو منطقي؟ هل يحترم القيم؟ ثانياً: بناء الثقة بالنفس؛ فالطفل الذي يشعر بالقبول والحب في أسرته لا يسعى له من خلال تقليد الآخرين، امدحه عندما يُظهر استقلالية في قراراته أو رفضه لما هو شائع دون تفكير. ثالثاً: ضبط استخدام وسائل التواصل؛ ولا يعني الحرمان التام، ولكن المراقبة الذكية والتوجيه، استخدم تطبيقات رقابة أبوية عند الحاجة، وخصص وقتاً للمشاهدة المشتركة والتعليق. رابعاً: التربية بالقيم لا بالأوامر؛ اربط تقييم السلوك بالقيم الأخلاقية والدينية والاجتماعية. خامساً: تقديم بدائل جذابة؛ قدّم ألعاباً أو محتوى ترفيهياً ممتعاً وهادفاً، ينافس ما هو شائع، وشجع طفلك على المبادرة بصنع محتوى خاص به يحمل قيماً إيجابية، ولو على نطاق العائلة. سادساً: القدوة الوالديّة؛ فإذا كان الأبوان يركضان وراء «الترندات»، فالطفل سيفعل مثلهما. سابعاً: دور المجتمع والمؤسسات؛ فالمدارس يجب أن تدرّب الأطفال على مهارات التفكير النقدي والإعلامي. أخبار ذات صلة