
"ريستارت".. كوميديا مرتجلة ومعالجة مرتبكة لقضية ملتبسة!
أضع نفسي أحياناً مكان صناع الأفلام هذه الأيام، وهم يبحثون عن فيلم مثالي تتوفر فيه شروط النجاح الجماهيري، وفي الوقت نفسه يرضي النقاد ووسائل الإعلام والرأي العام.
الخلطة التجارية معروفة: بعض الكوميديا، وبضعة استعراضات غنائية راقصة، وحفنة من النجوم ضيوف الشرف، ولكن حبذا لو أضفت إليها قضية مهمة، ووجهة نظر لا يختلف عليها أحد، مغلفة بسيناريو يحمل قصة توعوية مفيدة يشكرك عليها الناس، وتؤكد مكانتك كفنان ملتزم صاحب رسالة.
لن تجد بالطبع أفضل، ولا أسهل، من قضية هوس وبيزنس الظهور على مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت شغلة من لا شغلة له، وشاغل من لا شاغل له، أي معظم الناس، والتي صارت الموضوع الرئيسي، أو الثانوي، المفضل، لكثير من الأفلام والمسلسلات التليفزيونية في السنوات الأخيرة، وأحدثها فيلم "ريستارت"، المعروض حالياً ضمن موسم أفلام عيد الأضحى.
تكنولوجيا الرقص الخليع
تأثير تغلغل التكنولوجيا الحديثة والعالم الافتراضي في حياتنا، ليس بالتأكيد قاصراً على البنات اللواتي يرقصن أو يقمن ببعض النشاطات "الخليعة" من أجل حفنة دولارات، لكنه يمتد إلى كل شئ يتعلق بحياة البشر، من علاقاتهم الإنسانية وأعمالهم وعقولهم ونفوسهم ومشاعرهم، وهو تأثير يوشك على تغيير مستقبلهم تماماً، إما بنقلهم إلى مرحلة أرقى من الحضارة والتقدم، وإما التهديد بفنائهم أو تهميشهم وحلول عصر تحكمه برامج الذكاء الصناعي مع حفنة قليلة من المتحكمين فيها.
عادة، لا يشغل المغني والممثل تامر حسني باله بموضوع الفيلم، طالما أن القصة تحتوي على العناصر الجماهيرية المطلوبة من كوميديا ورومانسية وربما بعض الأكشن والمواقف الدرامية المؤثرة، وقبل كل ذلك ترسيخ حضوره كمغن من خلال عدد من الاستعراضات والأغاني اللطيفة، وحرص على مدار أفلامه على تحقيق هذه المعادلة بدرجات من النجاح، ربما كان أقلها فيلمه السابق "تاج" عام 2023، الذي استعار فيه "ثيمة" الشخص العادي الذي يتحول إلى بطل خارق.
في "ريستارت" قرر تامر حسني كعادته تقديم فيلماً كوميديا رومانسياً غنائياً، ولكن يعالج مشكلة اجتماعية، ومن ثم وقع اختياره على ظاهرة المؤثرين، الذين يتكسبون عيشهم، وأحياناً ملايينهم إذا "ضرب" حظهم، عن طريق مقاطع الفيديو التي تتضمن كل شئ وأي شئ، من الرقص إلى الطبخ ومن إلقاء النكات إلى مقالب الكاميرا الخفية، ومن النصائح الطبية إلى نقد الأفلام!
التهريج المعتاد
يبدأ الفيلم بذهاب بطلنا فني صيانة الهواتف المحمولة (المهندس) محمد، تامر حسني، وخطيبته عفاف، هنا الزاهد، إلى مسابقة للأفكار المبتكرة على الإنترنت، ويفوز مشروعان تافهان بالجوائز الأولى، بينما يحصل مشروع المهندس محمد الخيري والإنساني على مجرد شهادة تقدير وتمثال مصغر لمسلة.
مشروع محمد يقوم على فكرة تبرع كل مواطن بجنيه واحد لعلاج المحتاجين وحل مشاكل المتعثرين، وهي فكرة ساذجة سبق طرحها منذ سنوات بعيدة، ولم تسفر سوى عن ظهور مئات من النصابين، ولكن ليس هذا هو المهم، المهم هو الطريقة التي كتب ونفذ بها المشهد ليضحك جمهور العيد، فمحمد وعفاف يتبادلان الإيفيهات اللفظية "الجنسية" على كل شئ، من أول "خابور" المشروع الأول، لـ"فردة" صاحب المشروع الثاني، وحتى "المسلة" التي يحصل عليها محمد.
يبيع صناع الفيلم أي شئ للمشاهد في سبيل استدرار ضحكاته، ويعتمد الجانب الكوميدي في الفيلم على هذا النوع من "الإيفيهات" فقط، خاصة عندما يمتهن محمد وعائلته صنع المقاطع المصورة المضحكة والإباحية على مواقع التواصل، أو عندما يتزوج محمد عفاف، أو عندما يذهب إلى الملهى ليسكر وينسى ويغني مع الراقصة.
بجانب الكوميديا، يعتمد الفيلم على مشاهد الملهى والراقصات والأغاني الشعبية المعتادة لإثارة المرح والنشاط والمتعة البصرية الحسية بين مشاهديه، وكل ذلك معروف، ومألوف، وربما مقبول، في أفلام موسم العيد الموجهة لجمهور يسعى وراء ساعتين من الترفيه الخفيف والتسلية "الفارغة"، التي تناسب مزاج الأعياد.
ولكن مشكلة "ريستارت" تبدأ عندما ينتقل إلى إدانة ما يفعله الفيلم نفسه، من تهريج ورقص وتنطيط بهدف جلب المشاهدات والإيرادات، ويأخذ نفسه على محمل الجد، معتقداً، أو يحاول إقناعنا، بأنه، يناقش موضوعاً مهماً ومشكلة اجتماعية يريد أن يساعدنا على فهمها وحلها، وهي ظاهرة "المؤثرين" والـ"بلوجرز" والـ"يوتيوبرز" والـ"تيكتوكرز".. إلى آخره.. والتي تتمثل في "مونولوج" تامر حسني الذي يخاطب به الإنترنت: "ضيعت ناس وهديت بيوت وعملت حاجات كتير وحشة"!
معالجة ساذجة
الظاهرة قد تكون مزعجة بالفعل، ولها جوانب سلبية أحياناً، ومأساوية أو كارثية أحياناً، وقد عولجت في أعمال كثيرة من قبل، منها مسلسل رمضاني كامل عرض منذ عامين بعنوان "أعلى نسبة مشاهدة"، كما شاهدناها في عشرات المسلسلات والأفلام الطويلة والقصيرة، لكن الشاغل الرئيسي لمعظم هذه الأعمال هو الجانب الجنسي الفضائحي المتمثل في المقاطع المصورة وصانعيها وعمليات الابتزاز التي يقومون بها ضد الضحايا أحياناً، رغم أن سلبيات الظاهرة تمتد إلى أشياء أخرى أكثر خطورة مثل الاحتيال والنصب وتدمير صحة الناس وربما التسبب في موتهم، بجانب التضليل وبث معلومات خاطئة واستهلاك وقت الناس في التفاهات.
هذه المعالجات التي تركز على الجانب الفضائحي تعكس نظرة عامة سائدة للتطور التكنولوجي، خاصة المتعلق بطوفان المعلومات والصور (في بلاد عملت دائما على التحكم في المعلومات والصور)، لا ترى في هذا التطور سوى جانبه "الإباحي"، ولا تهتم بالاستفادة من إيجابياته أو الحذر من سلبياته الأخرى الأكثر خطورة.
في "ريستارت" الذي كتبه أيمن بهجت قمر وأخرجته سارة وفيق، التي أخرجت فيلمي تامر حسني السابقين "مش أنا" و"تاج"، نجد المعالجة نفسها ووجهة النظر نفسها: لدينا عائلة كاملة تتكون من محمد وخطيبته، وأقاربهما، يقعون ضحية خداع شخص اسمه الجوكر، باسم سمرة، يعمل "وكيلاً رقميا" (هذا اسم المهنة!) يتعاقد معهم لعمل مقاطع مصورة كوميدية، تتصاعد حدتها تدريجياً، فمثلاً يساعد محمد وعفاف على الزواج، بشرط أن يرتدي محمد لباسه الداخلي فوق البنطال، ثم يطلب منهما أن ينهيا الزواج بطلاق يبث على الهواء، أما أغرب ما يفعله فهو إقناع شقيق محمد الكبير، علاء، محمد ثروت، بالتنكر كإمرأة والرقص بخلاعة.. وهو الموقف الذي يتكفل بإقناع محمد بترك العمل مع الجوكر مهما كانت الخسائر، خاصة عندما يعلم أيضاً أن الجوكر يحتفظ للأسرة ببعض المقاطع الشخصية التي تم تصويرها خلسة.
يقرر محمد أن يقوم بقطع الإنترنت عن البلد بأكملها، فيتحول وعفاف إلى غواصين في أعماق البحار يقومان بقطع توصيلات الإنترنت تحت البحر مستخدمين منشاراً بدائياً (هكذا، ببساطة، وسذاجة ما بعدها سذاجة).
التخريب.. أم التعايش؟
الحل الذي يلجأ إليه محمد، على غرابته ولا مصداقيته، يعري منطق الفيلم (والأعمال المماثلة) التي تتعامل مع التكنولوجيا (والتطور العلمي بشكل عام) باعتبارها الشيطان الذي يوسوس في صدور الناس ويدفعهم إلى الرذيلة، ولكن فيما تكتفي الأعمال السابقة بإدانة التكنولوجيا بدلاً من مستخدميها، يقوم محمد وخطيبته بعمل تخريبي وانتقامي من التكنولوجيا نفسها، لا يدركان تبعاته المدمرة إلا متأخراً، وذلك حين تتوقف الحياة تقريباً في البلد، فتتعطل المصارف والشركات، ويموت المرضى في المستشفيات، ويكتشف محمد وعفاف، وصناع الفيلم، وجمهوره، أنهم لا يستطيعون، عملياً، العيش دون الانترنت، وأن عليهم التعايش مع مشاكلهم التافهة (الصور الفاضحة وتفاهات السوشيال ميديا) ويتقبلوا الأعراض الجانبية السلبية للتقدم!
من دون أن يدري، يكشف الفيلم تهافت معالجته للظاهرة، إذ يتبين مع المشاهد الأخيرة أن ما فعله محمد لا يتناسب بالمرة مع المشكلة الصغيرة التي كان يعاني منها، وحتى ينتهي الفيلم بمحمد وعائلته والجوكر أصدقاء وأحباء من جديد، وكأن شيئا لم يكن، ومن الواضح أن سيناريو الفيلم قد تعرض لإضافات وتغييرات كثيرة، مرات لزيادة التوابل الكوميدية والاستعراضية، ومرات لإصلاح عيوب أو ملاحظات رقابية أو درامية في النص، ما أنتج في النهاية عملاً مفككاً، يكاد يكون سيريالياً ساخراً، لولا أنه يعتبر نفسه جاداً!
ممثلون يبحثون عن سيناريو
مشاكل السيناريو تمتد من الفكرة إلى الشخصيات: على الورق يخلو "ريستارت" من الكوميديا تقريباً، وهو ما يدفع الممثلين إلى افتعالها بإيفيهات لفظية ومبالغات حركية. وتقريباً، أيضاً، لا يوجد شخصية واحدة مكتوبة جيداً، الممثلون يصارعون لكي يجدوا لأنفسهم أدواراً.
ويعاني تامر حسني أكثر من الجميع لأن شخصيته يفترض أنها عاقلة نبيلة، وبالتالي لا يوجد له مساحة للعب دور الشقي خفيف الظل التي يبرع فيها، وفي كثير من المشاهد يبدو وكأنه، فعلياً، لا يعرف ما الذي يفعله، على العكس تطلق هنا الزاهد لجانبها الكوميدي العنان، وشخصيتها الحائرة بين عشق المال والاستعداد للتنازل من ناحية، وحب خطيبها المثالي من الناحية الثانية، بها مساحات أكبر للحركة.
ورغم وجود عدد كبير من الممثلين وضيوف الشرف في الفيلم، من إلهام شاهين وميمي جمال إلى محمد رجب وأحمد حسام (ميدو)، بالإضافة إلى باسم سمرة ومحمد ثروت، إلا أنه، عملياً، لا يوجد الكثير ليقدموه.
ويظهر ذلك بوضوح في الهدر الذي تعرضت له موهبة محمد ثروت، المتفجرة بالكوميديا عادة، والذي لا يجد شيئاً يفعله هنا سوى بعض المبالغات الزائدة عن الحد في اللعب بملامحه وجسده، وهو ما يسري أيضاً على شيماء سليم وعصام السقا وبقية الممثلين الذين يبدون تائهين بين جنبات الفيلم.
* ناقد فني

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 4 ساعات
- الشرق الأوسط
«حكايات الشتا»... دراما فلسفية تبرز تضارب المشاعر الإنسانية
الموضوع الإنساني جزء أصيل في الفن المسرحي منذ نشأته وحتى الآن؛ فالمسرح لغة عالمية تُخاطب قلوب المجتمعات مباشرةً، وربما لذلك نجح العرض المسرحي المصري «حكايات الشتا» الذي يتسم بأبعاد فلسفية وإنسانية متعددة جذبت الجمهور. العرض حوّل خشبة المسرح إلى منصة للتعبير عن الذات، وسبر أغوار النفس؛ للوصول إلى المشاعر الدفينة؛ مما سمح لكل من المؤدين والجمهور باستكشاف القضايا المعقدة، والتفاعل معها بطريقة ميسرة. المسرحية تقدم مقاربة درامية كثيفة، تُعيد التنقل بين عوالمَ من الحب والغضب والكراهية، مجسدة مشاعر مختلطة تبرز الصراع بين الواقع والخيال، وذلك من خلال حبكة متداخلة زمنياً، تمزج بين فنون الرقص والغناء والحكي. ينتقل العرض بين عوالم من الحب والغضب والكراهية (الشرق الأوسط) وتبدأ أحداث العرض بمشهد لامرأة عجوز هادئة ومتزنة للغاية، تعيش وحيدة في منزل واسع قديم، وتضج بذكرياتها الماضية و«أيامها الحلوة» مع زوجها وابنَيها، إلا أنها طوال الوقت تخلط بين الواقع والوهم بسبب الظروف التي عاشتها. وعندما يقوم شاب وخطيبته بزيارتها لشراء منزلها، يكتشف المشاهد أنها لجأت إلى حيلة «البيع» كي تلتقي بالناس، كنوع من أنواع تحقيق الونس؛ فهي تعرض شقتها للبيع، لكنها لن تقدم على بيعها بالفعل، ومن ثم نراها تتحدث إليهما، وتشاركهما ذكرياتها وأحلامها، وتفاصيل حياتها. ومن خلال حديثها مع من يرغبون بشراء المنزل يتبين أنها تعاني من الوحدة الشديدة، بعد أن تُوفي زوجها الطبيب، وسافر ابنها إلى أستراليا، في حين لا تزورها ولا تسأل عنها ابنتها المتزوجة بالرغم من أنها تعيش في نفس الشارع، وتمر الأحداث ويكتشف المشاهد مفاجآت كثيرة. وتحاول الفكرة الأساسية للعرض ملامسة الروح والبحث عن أسرارها غير المعلنة، وفق مؤلف العمل إبراهيم الحسيني الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «اخترت اسم (حياة) لبطلة العرض، تلك السيدة التي تعاني من العزلة، ولا أحد يسأل عنها أو يتواصل معها، وذلك تعبيراً عن مفهوم الحياة الراهنة بشكل عام». وواصل: «لقد أصبحنا نعاني من الوحدة بالرغم من الزحمة التي تحيط بنا؛ كل ذلك بسبب سطوة الماديات وضغوط الحياة؛ لذلك فإن الحالة الإنسانية التي يقدمها العمل تلامس قلب أي شخص، سواء وصل لسن هذه السيدة أو لم يصل؛ فلا يوجد من لم يمر بمشاعر الوحدة والغربة وهو وسط الناس». العرض المسرحي المصري «حكايات الشتا» (الشرق الأوسط) وكان عنوان العرض موحياً أيضاً؛ لارتباط هذا الموسم خصوصاً بالبحث عن الدفء، سواء كان من خلال غطاء يحميه من البرد، أو كان المراد هو الدفء الإنساني؛ أي الونس و«لمة العائلة» والأصدقاء، وفق الحسيني، وأضاف: «الشتاء دوماً له أجواء شاعرية مختلفة عن الصيف؛ لأن الإنسان يشعر بالدفء فيه بحديثه مع من يحب». ويصل المشاهد إلى أقصى درجات التأثر بالعمل والتعاطف مع بطلته حين يكتشف مجموعة من المفاجآت؛ إذ يتضح له أن كل الأحداث التي ترويها البطلة حول أسرتها هي من وحي خيالها، ولم يشهدها الواقع؛ فهي ليس لديها أبناء، ولم تتزوج من الأصل، كما يفاجأ المشاهد بأن الرجل الذي تستعيد ذكرياتها معه، وتدّعي أنه خانها قبل أن يموت، كانت تعشقه في شبابها، لكنه لم يبادلها المشاعر وتزوج غيرها، وظلت تعيش بمفردها تعاني الوحدة. الفتاة تعاطفت مع صاحبة المنزل لاحتياجها إلى الأم (الشرق الأوسط) وهكذا يضعك العرض بعد معرفتك لهذه الحقيقة أمام قضايا إنسانية أخرى بعيداً عن الوحدة، ومنها كيف للإنسان أن ينسج عالماً من الخيال حين تقوده الظروف إلى ذلك؛ بهدف إعادة التوازن إلى نفسه، إلى حد أنه هو نفسه قد يعتقد أنه عالم حقيقي، وأثناء ذلك قد لا يرى أنه يخدع الآخرين أو ذاته؛ فهو «لا يكذب لكنه يتجمّل»! ومن جهة أخرى، تبرز المسرحية حالات إنسانية أخرى؛ فنلتقي على سبيل المثال بحالة الفتاة القادمة مع خطيبها، والتي تتعاطف للغاية مع العجوز، وتناديها بـ«ماما»، ونكتشف أن السر وراء ذلك هو معاناة الفتاة من افتقاد الأم بعد وفاة والدتها في طفولتها، لكن خطيبها قاسي المشاعر، ويرفض تكرار زيارة السيدة مرة أخرى؛ فتلجأ الأخيرة إلى تكرار حيلة عرض مسكنها للبيع؛ لتلتقي بأشخاص آخرين، وتبدأ من جديد نسج عالم من الخيال معهم، وهكذا. تبرز المسرحية حالات إنسانية متعددة (الشرق الأوسط) ومما يعمق من تأثر الجمهور بالحالات الإنسانية التي يقدمها العرض، هو توظيف مساحة المسرح كلها لتصبح شقة واسعة للسيدة؛ في رمز إلى أنه رغم اتساع الحياة وناسها، فإن المرء قد يشعر بالوحدة، كما أدى ذلك إلى أن المشاهد يجد نفسه فيزيائياً داخل اللعبة نفسها، بل إنه يشارك السيدة حياتها داخل منزلها. كما ساهمت الأغاني العشر القصيرة المكثفة التي تضمنها العمل في إثرائه فنياً وإنسانياً؛ إذ جاءت متناغمة مع الأحداث؛ فبعض الأغاني كانت تستكمل الحدث، أو تمثل تعليقاً عليه، أو تمنحه جماليةً ما. يمزج العمل بين الأغاني والرقص والحكي (الشرق الأوسط) «حكايات الشتا» من إنتاج «البيت الفني للمسرح» بوزارة الثقافة المصرية، ويأتي ضمن مجموعة من النصوص القصيرة ذات الشخصيات الدرامية المحدودة التي كتبها إبراهيم الحسيني خلال السنوات الأخيرة، مثل مسرحيات: «لعنة موتسارت»، و«تجربة العدالة الفاسدة»، و«وصفة للاستمتاع بالقتل». وأصدر الكاتب ما يزيد على 30 كتاباً في المسرح والنقد، كما حصد الكثير من الجوائز المصرية والعربية والدولية في الكتابة المسرحية. يشار إلى أن المسرحية التي تُعرض يومياً ولمدة شهر على «مسرح الغد»، وتحت قيادة مدير الفرقة المخرج سامح مجاهد، هي من تأليف وأشعار الكاتب إبراهيم الحسيني، وإخراج محمد عشري.


الشرق السعودية
منذ 5 ساعات
- الشرق السعودية
"ريستارت".. كوميديا مرتجلة ومعالجة مرتبكة لقضية ملتبسة!
أضع نفسي أحياناً مكان صناع الأفلام هذه الأيام، وهم يبحثون عن فيلم مثالي تتوفر فيه شروط النجاح الجماهيري، وفي الوقت نفسه يرضي النقاد ووسائل الإعلام والرأي العام. الخلطة التجارية معروفة: بعض الكوميديا، وبضعة استعراضات غنائية راقصة، وحفنة من النجوم ضيوف الشرف، ولكن حبذا لو أضفت إليها قضية مهمة، ووجهة نظر لا يختلف عليها أحد، مغلفة بسيناريو يحمل قصة توعوية مفيدة يشكرك عليها الناس، وتؤكد مكانتك كفنان ملتزم صاحب رسالة. لن تجد بالطبع أفضل، ولا أسهل، من قضية هوس وبيزنس الظهور على مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت شغلة من لا شغلة له، وشاغل من لا شاغل له، أي معظم الناس، والتي صارت الموضوع الرئيسي، أو الثانوي، المفضل، لكثير من الأفلام والمسلسلات التليفزيونية في السنوات الأخيرة، وأحدثها فيلم "ريستارت"، المعروض حالياً ضمن موسم أفلام عيد الأضحى. تكنولوجيا الرقص الخليع تأثير تغلغل التكنولوجيا الحديثة والعالم الافتراضي في حياتنا، ليس بالتأكيد قاصراً على البنات اللواتي يرقصن أو يقمن ببعض النشاطات "الخليعة" من أجل حفنة دولارات، لكنه يمتد إلى كل شئ يتعلق بحياة البشر، من علاقاتهم الإنسانية وأعمالهم وعقولهم ونفوسهم ومشاعرهم، وهو تأثير يوشك على تغيير مستقبلهم تماماً، إما بنقلهم إلى مرحلة أرقى من الحضارة والتقدم، وإما التهديد بفنائهم أو تهميشهم وحلول عصر تحكمه برامج الذكاء الصناعي مع حفنة قليلة من المتحكمين فيها. عادة، لا يشغل المغني والممثل تامر حسني باله بموضوع الفيلم، طالما أن القصة تحتوي على العناصر الجماهيرية المطلوبة من كوميديا ورومانسية وربما بعض الأكشن والمواقف الدرامية المؤثرة، وقبل كل ذلك ترسيخ حضوره كمغن من خلال عدد من الاستعراضات والأغاني اللطيفة، وحرص على مدار أفلامه على تحقيق هذه المعادلة بدرجات من النجاح، ربما كان أقلها فيلمه السابق "تاج" عام 2023، الذي استعار فيه "ثيمة" الشخص العادي الذي يتحول إلى بطل خارق. في "ريستارت" قرر تامر حسني كعادته تقديم فيلماً كوميديا رومانسياً غنائياً، ولكن يعالج مشكلة اجتماعية، ومن ثم وقع اختياره على ظاهرة المؤثرين، الذين يتكسبون عيشهم، وأحياناً ملايينهم إذا "ضرب" حظهم، عن طريق مقاطع الفيديو التي تتضمن كل شئ وأي شئ، من الرقص إلى الطبخ ومن إلقاء النكات إلى مقالب الكاميرا الخفية، ومن النصائح الطبية إلى نقد الأفلام! التهريج المعتاد يبدأ الفيلم بذهاب بطلنا فني صيانة الهواتف المحمولة (المهندس) محمد، تامر حسني، وخطيبته عفاف، هنا الزاهد، إلى مسابقة للأفكار المبتكرة على الإنترنت، ويفوز مشروعان تافهان بالجوائز الأولى، بينما يحصل مشروع المهندس محمد الخيري والإنساني على مجرد شهادة تقدير وتمثال مصغر لمسلة. مشروع محمد يقوم على فكرة تبرع كل مواطن بجنيه واحد لعلاج المحتاجين وحل مشاكل المتعثرين، وهي فكرة ساذجة سبق طرحها منذ سنوات بعيدة، ولم تسفر سوى عن ظهور مئات من النصابين، ولكن ليس هذا هو المهم، المهم هو الطريقة التي كتب ونفذ بها المشهد ليضحك جمهور العيد، فمحمد وعفاف يتبادلان الإيفيهات اللفظية "الجنسية" على كل شئ، من أول "خابور" المشروع الأول، لـ"فردة" صاحب المشروع الثاني، وحتى "المسلة" التي يحصل عليها محمد. يبيع صناع الفيلم أي شئ للمشاهد في سبيل استدرار ضحكاته، ويعتمد الجانب الكوميدي في الفيلم على هذا النوع من "الإيفيهات" فقط، خاصة عندما يمتهن محمد وعائلته صنع المقاطع المصورة المضحكة والإباحية على مواقع التواصل، أو عندما يتزوج محمد عفاف، أو عندما يذهب إلى الملهى ليسكر وينسى ويغني مع الراقصة. بجانب الكوميديا، يعتمد الفيلم على مشاهد الملهى والراقصات والأغاني الشعبية المعتادة لإثارة المرح والنشاط والمتعة البصرية الحسية بين مشاهديه، وكل ذلك معروف، ومألوف، وربما مقبول، في أفلام موسم العيد الموجهة لجمهور يسعى وراء ساعتين من الترفيه الخفيف والتسلية "الفارغة"، التي تناسب مزاج الأعياد. ولكن مشكلة "ريستارت" تبدأ عندما ينتقل إلى إدانة ما يفعله الفيلم نفسه، من تهريج ورقص وتنطيط بهدف جلب المشاهدات والإيرادات، ويأخذ نفسه على محمل الجد، معتقداً، أو يحاول إقناعنا، بأنه، يناقش موضوعاً مهماً ومشكلة اجتماعية يريد أن يساعدنا على فهمها وحلها، وهي ظاهرة "المؤثرين" والـ"بلوجرز" والـ"يوتيوبرز" والـ"تيكتوكرز".. إلى آخره.. والتي تتمثل في "مونولوج" تامر حسني الذي يخاطب به الإنترنت: "ضيعت ناس وهديت بيوت وعملت حاجات كتير وحشة"! معالجة ساذجة الظاهرة قد تكون مزعجة بالفعل، ولها جوانب سلبية أحياناً، ومأساوية أو كارثية أحياناً، وقد عولجت في أعمال كثيرة من قبل، منها مسلسل رمضاني كامل عرض منذ عامين بعنوان "أعلى نسبة مشاهدة"، كما شاهدناها في عشرات المسلسلات والأفلام الطويلة والقصيرة، لكن الشاغل الرئيسي لمعظم هذه الأعمال هو الجانب الجنسي الفضائحي المتمثل في المقاطع المصورة وصانعيها وعمليات الابتزاز التي يقومون بها ضد الضحايا أحياناً، رغم أن سلبيات الظاهرة تمتد إلى أشياء أخرى أكثر خطورة مثل الاحتيال والنصب وتدمير صحة الناس وربما التسبب في موتهم، بجانب التضليل وبث معلومات خاطئة واستهلاك وقت الناس في التفاهات. هذه المعالجات التي تركز على الجانب الفضائحي تعكس نظرة عامة سائدة للتطور التكنولوجي، خاصة المتعلق بطوفان المعلومات والصور (في بلاد عملت دائما على التحكم في المعلومات والصور)، لا ترى في هذا التطور سوى جانبه "الإباحي"، ولا تهتم بالاستفادة من إيجابياته أو الحذر من سلبياته الأخرى الأكثر خطورة. في "ريستارت" الذي كتبه أيمن بهجت قمر وأخرجته سارة وفيق، التي أخرجت فيلمي تامر حسني السابقين "مش أنا" و"تاج"، نجد المعالجة نفسها ووجهة النظر نفسها: لدينا عائلة كاملة تتكون من محمد وخطيبته، وأقاربهما، يقعون ضحية خداع شخص اسمه الجوكر، باسم سمرة، يعمل "وكيلاً رقميا" (هذا اسم المهنة!) يتعاقد معهم لعمل مقاطع مصورة كوميدية، تتصاعد حدتها تدريجياً، فمثلاً يساعد محمد وعفاف على الزواج، بشرط أن يرتدي محمد لباسه الداخلي فوق البنطال، ثم يطلب منهما أن ينهيا الزواج بطلاق يبث على الهواء، أما أغرب ما يفعله فهو إقناع شقيق محمد الكبير، علاء، محمد ثروت، بالتنكر كإمرأة والرقص بخلاعة.. وهو الموقف الذي يتكفل بإقناع محمد بترك العمل مع الجوكر مهما كانت الخسائر، خاصة عندما يعلم أيضاً أن الجوكر يحتفظ للأسرة ببعض المقاطع الشخصية التي تم تصويرها خلسة. يقرر محمد أن يقوم بقطع الإنترنت عن البلد بأكملها، فيتحول وعفاف إلى غواصين في أعماق البحار يقومان بقطع توصيلات الإنترنت تحت البحر مستخدمين منشاراً بدائياً (هكذا، ببساطة، وسذاجة ما بعدها سذاجة). التخريب.. أم التعايش؟ الحل الذي يلجأ إليه محمد، على غرابته ولا مصداقيته، يعري منطق الفيلم (والأعمال المماثلة) التي تتعامل مع التكنولوجيا (والتطور العلمي بشكل عام) باعتبارها الشيطان الذي يوسوس في صدور الناس ويدفعهم إلى الرذيلة، ولكن فيما تكتفي الأعمال السابقة بإدانة التكنولوجيا بدلاً من مستخدميها، يقوم محمد وخطيبته بعمل تخريبي وانتقامي من التكنولوجيا نفسها، لا يدركان تبعاته المدمرة إلا متأخراً، وذلك حين تتوقف الحياة تقريباً في البلد، فتتعطل المصارف والشركات، ويموت المرضى في المستشفيات، ويكتشف محمد وعفاف، وصناع الفيلم، وجمهوره، أنهم لا يستطيعون، عملياً، العيش دون الانترنت، وأن عليهم التعايش مع مشاكلهم التافهة (الصور الفاضحة وتفاهات السوشيال ميديا) ويتقبلوا الأعراض الجانبية السلبية للتقدم! من دون أن يدري، يكشف الفيلم تهافت معالجته للظاهرة، إذ يتبين مع المشاهد الأخيرة أن ما فعله محمد لا يتناسب بالمرة مع المشكلة الصغيرة التي كان يعاني منها، وحتى ينتهي الفيلم بمحمد وعائلته والجوكر أصدقاء وأحباء من جديد، وكأن شيئا لم يكن، ومن الواضح أن سيناريو الفيلم قد تعرض لإضافات وتغييرات كثيرة، مرات لزيادة التوابل الكوميدية والاستعراضية، ومرات لإصلاح عيوب أو ملاحظات رقابية أو درامية في النص، ما أنتج في النهاية عملاً مفككاً، يكاد يكون سيريالياً ساخراً، لولا أنه يعتبر نفسه جاداً! ممثلون يبحثون عن سيناريو مشاكل السيناريو تمتد من الفكرة إلى الشخصيات: على الورق يخلو "ريستارت" من الكوميديا تقريباً، وهو ما يدفع الممثلين إلى افتعالها بإيفيهات لفظية ومبالغات حركية. وتقريباً، أيضاً، لا يوجد شخصية واحدة مكتوبة جيداً، الممثلون يصارعون لكي يجدوا لأنفسهم أدواراً. ويعاني تامر حسني أكثر من الجميع لأن شخصيته يفترض أنها عاقلة نبيلة، وبالتالي لا يوجد له مساحة للعب دور الشقي خفيف الظل التي يبرع فيها، وفي كثير من المشاهد يبدو وكأنه، فعلياً، لا يعرف ما الذي يفعله، على العكس تطلق هنا الزاهد لجانبها الكوميدي العنان، وشخصيتها الحائرة بين عشق المال والاستعداد للتنازل من ناحية، وحب خطيبها المثالي من الناحية الثانية، بها مساحات أكبر للحركة. ورغم وجود عدد كبير من الممثلين وضيوف الشرف في الفيلم، من إلهام شاهين وميمي جمال إلى محمد رجب وأحمد حسام (ميدو)، بالإضافة إلى باسم سمرة ومحمد ثروت، إلا أنه، عملياً، لا يوجد الكثير ليقدموه. ويظهر ذلك بوضوح في الهدر الذي تعرضت له موهبة محمد ثروت، المتفجرة بالكوميديا عادة، والذي لا يجد شيئاً يفعله هنا سوى بعض المبالغات الزائدة عن الحد في اللعب بملامحه وجسده، وهو ما يسري أيضاً على شيماء سليم وعصام السقا وبقية الممثلين الذين يبدون تائهين بين جنبات الفيلم. * ناقد فني


الشرق الأوسط
منذ 9 ساعات
- الشرق الأوسط
رئيس «فيبرسي»: السعودية لديها فرصة لتأسيس تيار نقدي قوي
قال رئيس الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين (فيبرسي)، الناقد المصري أحمد شوقي، إنهم اعتمدوا لائحة جديدة للاتحاد تتضمّن تعديلات واسعة في التفاصيل، مع تقاعد السكرتير العام التاريخي للاتحاد كلاوس إيدر، لأسباب صحية، في اجتماع الجمعية العمومية خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي في المجر، بعد 4 عقود كاملة، مشيراً إلى أن المنصب التنفيذي الفعلي بيد السكرتير العام، ولم يكن من المنطقي أن تستمرّ اللائحة بهذا الشكل في ظل تغيرات كبيرة طرأت على آليات العمل. وأضاف شوقي في حواره مع «الشرق الأوسط» أنهم اقترحوا إعداد لائحة جديدة تُطرح للتصويت عالمياً، وهو ما حدث بالفعل، وأُقرّت اللائحة الجديدة في 27 أبريل (نيسان) الماضي بإجماع كامل من الدول، باستثناء ألمانيا التي يوجد بها اتحادان، صوت أحدهما بـ«نعم» والآخر بـ«لا»، وحسب النظام يُعدُّ تصويت الدولة باطلاً عند وجود تعارض، وبالتالي أصبحت النتيجة الإجمالية موافقة بنسبة 100 في المائة. وأوضح أن اللائحة الجديدة تُلغي منصب السكرتير العام، وتحوِّله إلى نظام إداري يقوده رئيس وثلاثة نواب يُنتخبون لأربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وهو ما يمنع أي شخص من احتكار السلطة الإدارية لعقود، بجانب صياغة هيكل أكثر وضوحاً واحترافية في العمل، ويُساعد على إحداث ديناميكية داخل الاتحاد. وقال إن السعودية أصبحت الآن الدولة الرابعة عربياً التي تملك اتحاداً وطنياً للنقاد، بعد تأسيسها «جمعية نقاد السينما» وانضمامها إلى الاتحاد، لتكون بذلك بعد كل من مصر وتونس والمغرب. لافتاً إلى أن الاتحاد يضمّ حالياً عضوية 51 دولة، بالإضافة إلى وجود بعض الدول التي لا تملك اتحادات رسمية، بل يشارك منها نُقاد بشكل منفرد على غرار لبنان، لكن هؤلاء النقاد لا يكون لهم الحق في التصويت بالجمعية العمومية. وأوضح أن المملكة استوفت عبر عضويها في الاتحاد، أحمد العياد ومحمد البشير، شروط تأسيس جمعية نقد وطنية بوصفها جمعية أهلية لا حكومية، إلى جانب توافق لائحتها مع جميع شروط الاتحاد، لافتاً إلى أن الاتحاد تلقَّى خطابات رسمية تفيد بتشكّل الجمعية ومجلس إدارتها. وأكد شوقي أن السعودية تمرّ الآن بمرحلة تحدٍّ في النقد، لكنها تملك فرصة لتأسيس تيار نقدي قوي، بسبب نظامها التعليمي المستقر والجيل الجديد الذي يميل للتأمل قبل إطلاق الأحكام، وهو ما ينعكس على جودة النقد، مشيراً إلى أن انطباعاته من الورش التي أدارها في المملكة تؤكد له ذلك. وأشار إلى أن هناك نقاداً سعوديين لديهم خلفيات أكاديمية قوية، فالنقد الأدبي، وإن لم يكن نقداً سينمائياً صرفاً، فإن بينهما قواسم مشتركة مهمة، وهو أمر إيجابي لأنه يرفع من مستوى الحوار في الجمعية. وأكد أن الأهم في الوقت الحالي هو أن يُسمع صوت النقد، فهذا هو الهدف الأساسي من وجود الاتحاد، وأن هذا الهدف لا يختلف كثيراً عن نظيره في جمعية «النقاد المصريين»، التي تأسست بهدف بلورة تيار نقدي حديث في السينما المصرية، من خلال توحيد جهود النقاد وتطوير مهنتهم، مشيراً إلى أن الجمعية تحاول تقديم الدعم المهني للأعضاء، من فرص سفر ومشاركة في لجان تحكيم وندوات ودراسات، ولكن الهدف الجوهري هو أن يكون النقد أداة لتطوير السينما. وأوضح أن النقد عندما يتطوَّر، فإنه يُلهم صنّاع السينما، وضرب مثالاً بجيل السبعينات والثمانينات من المخرجين المصريين الذين تفاعلوا مع جمعية النقاد، حتى وإن لم يكونوا أعضاءً مؤسسين فيها، مثل محمد خان، وخيري بشارة، ورؤوف توفيق، مما انعكس على تطوير رؤية السينما نفسها. وعن المشكلات التي تواجه النقد السينمائي راهناً، أكد شوقي أن هذه الأمور تُناقَش باستمرار على المستوى العالمي، ففي الاجتماعات السنوية للجمعية العمومية تُطرح قضايا مهنية، مستشهداً بحالة حصلت في العاصمة البريطانية لندن، حين أقيم عرض خاص لفيلم «باربي» ولم يُدعَ إليه نقاد بل فقط مؤثرون على وسائل التواصل، وطُلب منهم علانية أن يكون تقييمهم إيجابياً. وقال إن هذا الحادث، وإن بدا صغيراً، لكنه شغل اجتماعاً طويلاً للنقاش في مدى خطورته، لأنه يعكس تغيراً في النظرة إلى النقد، وتحوُّل بعض الجهات إلى استخدام المؤثرين بدلاً من النقاد المهنيين، ورأى أن هذا الأمر يعد تحدياً جديداً في المشهد العالمي، والنقاش فيه مستمر، لأن مستقبل النقد يتوقف على مدى قدرته على البقاء بوصفه صوتاً مستقلاً ومحترفاً.