
المغرب يراهن على السيارات الكهربائية لبناء اقتصاد المستقبل وتقليص الفجوة مع أوروبا
في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها قطاع السيارات على المستوى العالمي، يواصل المغرب ترسيخ مكانته كفاعل محوري في صناعة السيارات الكهربائية، مستندًا إلى رؤية استراتيجية واضحة يقودها الملك محمد السادس، واستثمارات ضخمة تسعى إلى تموقع المملكة كمنصة صناعية إقليمية ذات إشعاع دولي.
وفي هذا الصدد، كشف وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، خلال جلسة عامة بمجلس المستشارين، يوم أمس الثلاثاء، أن القدرة الإنتاجية للسيارات الكهربائية بالمغرب سترتفع إلى 107 آلاف وحدة بنهاية سنة 2025، بعدما كانت تبلغ 70 ألف وحدة، مؤكدا أن هذا التطور يعكس الدينامية المتسارعة التي يشهدها القطاع، خصوصًا في ظل توجه البلاد إلى استكمال سلسلة إنتاج البطاريات بنسبة إدماج تصل إلى 70 في المئة.
وأكد مزور أن الإنتاج الإجمالي للسيارات بالمغرب بلغ حاليًا 700 ألف وحدة، ومن المرتقب أن يصل إلى مليون وحدة بنهاية السنة الجارية، مشيرًا إلى أن هذا النمو لم يتحقق بفعل انخفاض تكلفة اليد العاملة، وإنما نتيجة الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة والابتكار الصناعي، وهو ما عزز التنافسية الصناعية للمغرب في هذا المجال.
وفي ما يخص سلسلة التوريد الخاصة ببطاريات السيارات الكهربائية، أوضح المسؤول الحكومي أن المغرب يُعد من بين خمس دول على مستوى العالم ستتوفر على منظومة متكاملة لإنتاج البطاريات، انطلاقًا من المواد الأولية إلى غاية تصنيع الخلايا، حيث ينتظر أن يتم إنتاج أول خلية بطارية مغربية في يونيو 2026، بعد أن شرعت البلاد منذ حوالي ستة أشهر في تصدير المواد الأساسية.
هذا التوجه الصناعي الاستراتيجي تعززه مشاريع كبرى، من بينها مشروع ضخم تقوده مجموعة "غوشن هاي تيك" الصينية-الأوروبية، التي شرعت عبر فرعها المحلي "غوشن باور المغرب" في الخطوات الأولى لبناء مصنع لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية بالقرب من مدينة القنيطرة.
وتُقدر كلفة المشروع الاستثمارية بحوالي 6.5 مليارات دولار، موزعة على مراحل متعددة، على أن تنطلق أولى مراحل الإنتاج الصناعي خلال الربع الثالث من سنة 2026.
وتشمل المرحلة الأولى من المشروع استثمارًا بقيمة 1.3 مليار دولار، بطاقة إنتاجية تصل إلى 20 غيغاواط، مع استعداد المجموعة لمضاعفتها لاحقًا إلى 40 غيغاواط.
ووفقا لعدد من التقارير، فإنه من المرتقب أن تضم المنظومة الصناعية وحدات لإنتاج مكونات البطاريات، مثل الكاثود والأنود، فيما سيُخصص جزء كبير من الإنتاج للتصدير نحو الأسواق الأوروبية.
ولقي المشروع اهتمامًا كبيرًا من طرف المصنعين الأوروبيين، حيث أكد المدير المحلي للمجموعة أن عددًا من الطلبات بدأت تتقاطر على الشركة من كبريات شركات صناعة السيارات، ما يُترجم الثقة المتزايدة في المغرب كوجهة صناعية بديلة في ظل المتغيرات الجيو-اقتصادية العالمية.
وتأتي هذه الخطوات في وقت يواصل فيه قطاع السيارات بالمغرب تحقيق مؤشرات نمو ملفتة.
وبحسب تقرير للوكالة الدولية للطاقة، فإن المملكة ساهمت رفقة مصر في تضاعف مبيعات السيارات الكهربائية بالقارة الإفريقية، حيث بلغت المبيعات حوالي 11 ألف وحدة سنة 2024، في طفرة نوعية بالنظر إلى السنوات السابقة، رغم أنها لا تمثل بعد سوى نسبة ضئيلة من إجمالي مبيعات السيارات في القارة.
تقارير إعلامية أوروبية، لا سيما إسبانية، ذهبت إلى حد التأكيد على أن المغرب لا يكتفي بلعب دور المصنع الخارجي، بل ينافس فعليًا عددًا من الدول الأوروبية في قطاع السيارات، مع توقعات بأن يتجاوز إيطاليا في حجم الإنتاج بحلول سنة 2028، بل ويعادل فرنسا في بعض مؤشرات الإنتاج، ما يثير مخاوف لدى عدد من الفاعلين الأوروبيين، خاصة في ظل التحول نحو السيارات الكهربائية وما يرافقه من تغيرات هيكلية في سلاسل التوريد العالمية.
وفي الوقت الذي فرض فيه الاتحاد الأوروبي رسومًا جمركية إضافية على السيارات الكهربائية القادمة من الصين، يُقدم المغرب نفسه كخيار استراتيجي بديل، مدعومًا بموقع جغرافي متميز، واتفاقيات تبادل حر مع الاتحاد الأوروبي، وبنية تحتية صناعية متقدمة، إلى جانب انخفاض تكاليف الإنتاج مقارنة بالأسواق الآسيوية، وهو ما يمنحه أفضلية تنافسية في السوق الدولية.
ووفقا لتقارير إسبانية متخصصة، فقد نجح المغرب خلال العقد الأخير في جذب استثمارات متزايدة من شركاء أوروبيين وآسيويين في قطاع السيارات، ما يدعم تطلعاته لزيادة مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، وخلق فرص شغل جديدة، وترسيخ موقع المملكة كقطب صناعي محوري في شمال إفريقيا.
ومع تسارع وتيرة المشاريع الكبرى، وتزايد ثقة الشركاء الدوليين، يُجمع المراقبون على أن المغرب لا يكتفي بالانخراط في التحول العالمي نحو التنقل الكهربائي، بل يسعى لقيادته إقليميًا والتموقع عالميًا ضمن القوى المؤثرة في صناعة السيارات المستقبلية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يا بلادي
منذ ساعة واحدة
- يا بلادي
شركة صينية تؤجل مشروعًا لصناعة الأنود في المغرب لصالح استثمار أكبر في عُمان
أعلنت شركة Hunan Zhongke Electric Co., Ltd، وهي مزود صيني رائد في الحلول الكهرومغناطيسية المعدنية، عن تأجيل مشروعها المتعلق بمواد الأنود في المغرب، والذي كان قد تم الإعلان عنه في ماي 2024. وأوضحت الشركة في بيان صدر في يونيو أن هذا التأجيل جاء "لضمان تقدم الاستثمارات الأجنبية للشركة بشكل منتظم ومنظم". وبدلاً من ذلك، قررت Zhongke التركيز على مشروع أكبر في الخارج: قاعدة متكاملة في عمان بقيمة 8 مليارات يوان، وبقدرة إنتاجية متوقعة تصل إلى 200 ألف طن متري سنويًا، وسيتم تنفيذها على مرحلتين. ومن المتوقع أن يتم تمويل المشروع في عمان من خلال "رأس المال الخاص والتمويل، بما في ذلك القروض البنكية للمشاريع والمستثمرين الاستراتيجيين"، بحسب ما جاء في الإعلان. أما المشروع في المغرب ، الذي كانت تقوده شركة Shinzoom التابعة لـ Hunan Zhongke Electric، فقد كان مقدرًا في البداية بقيمة 460 مليون دولار أمريكي، وكان من المقرر أن يبدأ البناء في عام 2024 في المدينة الصناعية محمد السادس طنجة تيك. وقد شمل الإعلان في المغرب توقيع اتفاقيات من قبل عثمان بنجلون، رئيس طنجة تيك، حيث أُشير إلى أن المشروع سيغطي مساحة 20 هكتارًا وسيركز على إنتاج الأنودات لبطاريات الليثيوم. وكان الهدف من المشروع في المغرب هو إنشاء قاعدة متكاملة بقدرة إنتاج سنوية تصل إلى 100 ألف طن متري من مواد الأنود لبطاريات الليثيوم أيون.


زنقة 20
منذ ساعة واحدة
- زنقة 20
الملك يوافق على الرئاسة الشرفية للأميرة لالة مريم لقمة المرأة بالدارالبيضاء
زنقة 20 . الرباط أعلنت مؤسسة StartupGrow، عبر مجتمعها Growth Women، أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تفضّل بقبول الرئاسة الشرفية لصاحبة السمو الملكي الأميرة لالة مريم لقمة المرأة التي ستنعقد يومي 18 و19 يونيو 2025 بمدينة الدار البيضاء. و قالت المنظمة إن 'هذا التشريف السامي لرئاسةالشرفية للأميرة الجليلة لآلة مريم لقمة المرأة، يشكّل مصدر فخر واعتزاز لجميع القائمين على هذا الحدث، ويمنحنا دفعة قوية لمواصلة العمل بكل التزام من أجل النهوض بقضايا المرأة وتعزيز تمكينها على كافة المستويات'.


أريفينو.نت
منذ 2 ساعات
- أريفينو.نت
'الذهب الأحمر' يشتعل..و يهدد بإفلاس المصانع الأوروبية!
أريفينو.نت/خاص يشهد قطاع الأخطبوط أزمة حادة مع تسجيل أسعار صادراته من المغرب وموريتانيا ارتفاعاً صاروخياً منذ انطلاق موسم الصيد، وهو ما أدخل شركات التحويل والتصنيع الأوروبية في دوامة من عدم اليقين بسبب ندرة المادة الخام والتكاليف الباهظة، وفقاً لما أوردته منصة 'Vasep' المتخصصة. موسم صيد مخيب للآمال.. والأسعار تحلق عالياً! يعاني مهنيو القطاع، الذين لم يتعافوا بعد من تداعيات جائحة كوفيد-19 وموجة التضخم التي أعقبتها، من ضعف كبير في حجم المصيد منذ انطلاق الموسم رسمياً في الأول من يوليو. ويُعزى هذا التراجع بشكل أساسي إلى الظروف الجوية غير المواتية التي حالت دون تحقيق التوقعات. إقرأ ايضاً بالمغرب وموريتانيا.. أرقام قياسية تهدد الأسواق! انعكس هذا النقص بشكل مباشر على الأسعار، ففي المغرب، تجاوزت أثمان التصدير نحو الاتحاد الأوروبي في منتصف يوليو مثيلاتها المسجلة قبل عامين. وبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من الأخطبوط الخام من حجم T3 حوالي 12.95 يورو (ما يعادل 140 درهماً)، بينما وصل سعر T4 إلى 11.95 يورو (حوالي 129 درهماً). أما في موريتانيا، فالوضع أكثر توتراً، حيث قفزت أسعار الأخطبوط المجمد بنحو 500 دولار للطن، ليصل سعر الكيلوغرام من حجم T3 إلى ما بين 14.1 و 14.8 دولار (بين 137 و 144 درهماً). المصنعون الأوروبيون في ورطة.. بين شح العرض وغلاء الأسعار! هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار وضع شركات التحويل الأوروبية في مأزق حقيقي، حيث أصبحت محاصرة بين عرض محدود جداً وأسعار شراء باهظة تجعل الإنتاج غير مربح. وقد بدأ بعض الفاعلين في القطاع يعربون عن مخاوفهم من تراجع كبير في الكميات المعالجة خلال الأشهر المقبلة، مع ما قد يترتب على ذلك من انخفاض محتمل في استهلاك الأخطبوط بالأسواق الأوروبية.