
الحقيقة المروّعة لـ"مشروع القانون الكبير الجميل" في أميركا
بيلين فرنانديز
كاتبة وصحفية أميركية ومؤلفة كتاب 'المنفى: رفض أميركا واكتشاف العالم'.
في الرابع من يوليو/ تموز، وقّع رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب على ما يُعرف بـ'مشروع القانون الكبير الجميل' (One Big Beautiful Bill)، والذي يهدف إلى تقليص الضرائب المفروضة على الأثرياء، ومعاقبة الفقراء، ورفع نُفوذ طبقة أصحاب الثروة والنفوذ (الأوليغارشية) الأميركية إلى مستويات أكثر خطورة وسمّية من أي وقت مضى.
وقبل توقيع القانون بأيام قليلة فقط، نشر جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منشورًا على منصة 'إكس'، ركّز فيه على العنصر الأساسي في التشريع قائلًا:
'كل الأمور الأخرى، مثل تقييم مكتب الميزانية في الكونغرس (CBO)، وتحديد السقف المالي المناسب (baseline)، والتفاصيل الدقيقة المتعلقة بسياسة برنامج الرعاية الصحية 'ميديكيد'- لا تُقارَن بأهمية البنود الخاصة بتمويل وكالة الهجرة والجمارك الأميركية، وتعزيز إجراءات إنفاذ قوانين الهجرة'.
في الواقع، يُخصّص مشروع القانون مبلغًا غير مسبوق ويُوصَف بالسخيف قدره 175 مليار دولار لجهود مكافحة الهجرة، يُوجَّه منها نحو 30 مليار دولار مباشرة إلى وكالة إنفاذ قوانين وكالة الهجرة والجمارك الأميركية، المعروفة اختصارًا بـ (ICE)، وهي وكالة فدرالية سيئة السمعة تُعنى بإنفاذ قوانين الهجرة والجمارك.
كما يُخصَّص 45 مليار دولار أخرى لبناء مراكز احتجاز جديدة للمهاجرين، وهو ما يُمثّل- بحسب المجلس الأميركي للهجرة (American Immigration Council)- زيادة بنسبة 265% في الميزانية السنوية الحالية لـ ICE المخصصة للاحتجاز.
وبفضل هذه التلاعبات في الموازنة، أصبحت ICE اليوم أكبر وكالة لإنفاذ القانون الفدرالي في تاريخ الولايات المتحدة، بميزانية سنوية تتجاوز ميزانية الجيش في أي دولة في العالم، باستثناء الولايات المتحدة والصين.
نظرًا لأن عملاء وكالة الهجرة والجمارك قد اشتهروا مؤخرًا بتجولهم وهم ملثمون وقيامهم باختطاف أشخاص، فليس من المستغرب أن ينظر البعض إلى هذه الهِبة المالية المفاجئة التي تلقتها الوكالة على أنها شيء أبعد ما يكون عن 'الجميل'، إذا جاز التعبير.
وبالطبع، فإن هذه الزيادة الهوسية في تمويل ICE ليست مفاجئة إذا ما جاءت من رئيسٍ مهووس بفكرة ترحيل ملايين الأشخاص، من دون أن يتوقف لحظة للتفكير بكيفية استمرار الاقتصاد الأميركي- الذي يعتمد في جوهره على العمالة غير الموثقة- في العمل في حال غياب هؤلاء العمّال.
على أي حال، فإن هذه الترتيبات تعني أرباحًا ضخمة لـ'مجمع الاحتجاز الصناعي' (detention-industrial complex)، بما يشمل شركات الاحتجاز الخاصة مثل GEO Group وCoreCivic، وهما شركتان متعاقدتان مع وكالة ICE.
وقد ذكر تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست في 4 يوليو/ تموز حول 'الهجمة الاحتجازية' الوشيكة لـ ICE، أن كلتا الشركتين تبرعتا- بالمصادفة- بمبلغ نصف مليون دولار لحفل تنصيب ترامب في يناير/ كانون الثاني.
وقد قدّم التقرير نفسه دلائل أخرى على كيفية عمل 'الديمقراطية' الأميركية فعليًا، إذ جاء فيه:
'في مكالمات هاتفية مع محللي وول ستريت هذا العام، قام مسؤولو GEO Group بتهيئة المساهمين لتدفّق كبير من العقود الحكومية قد يرفع الإيرادات السنوية بأكثر من 40%، والأرباح بأكثر من 60%'.
لكن بما أن الحكومة لا تستطيع أن تعلن صراحة أن كل هذا يتعلق بالمال، فإنها تلجأ إلى اختراع روايات بديلة، مثل الادعاء بأن وكالة ICE 'تحمي الولايات المتحدة من مهاجرين غير شرعيين مجرمين وخطرين'.
مع العلم أن الغالبية العظمى من الذين تحتجزهم الوكالة لا يملكون أي سجل جنائي على الإطلاق.
ومن بين قائمة الضحايا المتزايدة لدى ICE، طفل هندوراسي يبلغ من العمر ست سنوات مصاب بسرطان الدم (اللوكيميا)، تم اعتقاله في أواخر مايو/ أيار داخل محكمة الهجرة في لوس أنجلوس، حيث حضر مع أسرته لجلسة استماع مقررة لطلب اللجوء.
وفي هذا الشهر، أسفرت مداهمات ضخمة نفذتها وكالة ICE على مزرعتين في ولاية كاليفورنيا عن أكثر من 360 حالة اعتقال، بالإضافة إلى وفاة عامل زراعي مكسيكي يُدعى خايمي ألانيس (57 عامًا)، بعد سقوطه من سطح بيت زجاجي (صوبة زراعية) أثناء الفوضى التي أحدثتها الحملة.
وليس جميع المحتجزين لدى وكالة ICE من المهاجرين غير المسجّلين، فالأمر ليس بهذه الدقة أصلًا، لا سيما عندما تُسابق الزمن لتحقيق 'حصص' احتجاز محددة، وحين تدرك تمامًا أنك تعمل فوق القانون.
أحد المعتقلين في مداهمات المزارع كان جورج ريتيس، وهو حارس أمن يبلغ من العمر 25 عامًا، ومحارب قديم في الجيش الأميركي. تم رشه برذاذ الفلفل، ثم سُجن لمدة ثلاثة أيام، فغاب عن حفلة عيد ميلاد ابنته البالغة ثلاث سنوات، ثم أُطلق سراحه دون أي تفسير.
والآن، تخيّل المشهد بعد ضخ 175 مليار دولار إضافية، ضمن ما وصفه جيه دي فانس بـ'تمويل ICE وأحكام تنفيذ الهجرة'.
وكأن حملات الاعتقال الجنوني والتعسفي، وإلغاء الإجراءات القانونية الواجبة، لم تكن وحدها كافية لإثارة القلق، فإن وكالة ICE تُستَخدم الآن أيضًا كأداة للقمع السياسي وتجريم المعارضين.
وقد تجلّى هذا بوضوح في سلسلة اختطافات طالت باحثين دوليين أعربوا عن معارضتهم للإبادة الجماعية الإسرائيلية الجارية في غزة بدعم أميركي، من بينهم روميسا أوزتورك، البالغة من العمر 30 عامًا، وهي طالبة دكتوراه تركية متخصصة في تنمية الطفولة في جامعة تافتس بولاية ماساتشوستس.
في طريقها إلى حفل إفطار في شهر مارس/ آذار، حاصرتها مجموعة من العملاء المقنّعين، وأجبروها على الصعود إلى سيارة بلا علامات، ثم اختفت في مركز احتجاز تابع لوكالة ICE في ولاية لويزيانا، تديره شركة GEO Group.
وكان سبب هذا الاعتقال أنها شاركت في كتابة مقال لصحيفة الجامعة في العام السابق، عبّرت فيه عن تضامنها مع الفلسطينيين.
في مقال جديد نشرته في مجلة Vanity Fair، تتأمل أوزتورك في فترة احتجازها التي امتدت لـ45 يومًا في ظروف مروعة، لم يكن تحمّلها ممكنًا إلا بفضل تضامن المعتقلات الأخريات، واللواتي كنّ من جنسيات متعددة.
تكتب أوزتورك: 'في إحدى المرات، جاء ضابط وأخذ منا كل علب البسكويت، مدّعيًا أننا سنستخدمها لصنع أسلحة. وفي مرة أخرى، صُدمنا عندما رأينا ضابطًا يدفع امرأتين جسديًا داخل المطبخ'.
عندما تجرأ تيم والز، حاكم ولاية مينيسوتا، مؤخرًا على وصف وكالة الهجرة والجمارك الأميركية بأنها 'الغستابو المعاصرة لترامب'، ثارت ثائرة وزارة الأمن الداخلي الأميركية، ووصفت تصريحه بأنه 'خطاب خطير'، وأصدرت بيانًا صحفيًا أكدت فيه: 'بينما يقاتل سياسيون مثل الحاكم والز لحماية المهاجرين غير الشرعيين المجرمين، سيواصل ضباط ICE المخاطرة بحياتهم لاعتقال القتلة والخاطفين والمتحرشين بالأطفال'.
بيد أن هذا الخطاب بحد ذاته لم يكن أقل 'خطورة'، لا سيما أنه صادر عن جهة متورطة في خطف طلاب دكتوراه، وأطفال في السادسة من العمر مصابين بسرطان الدم، وقدامى المحاربين في الجيش الأميركي، وغيرهم.
رغم أن العمّال غير المسجّلين قد يكونون الضحايا الأبرز والأكثر وضوحًا لتمويل وكالة (ICE) تمويلًا ضخمًا بموجب 'مشروع القانون الجميل الكبير'، فإن العواقب على المجتمع الأميركي ككل لا يمكن التقليل من شأنها. ففي نهاية المطاف، فإن وجود وكالة خارجة عن السيطرة تقوم بخطف الناس من الشوارع، بينما تعيش مجتمعات بأكملها في حالة من الخوف، لا يُعبّر أبدًا عن 'أرض الحرية'؛ خصوصًا عندما يبدو أن الرئيس ينظر إلى كل من يختلف معه على أنه هدف محتمل للعقاب الجنائي.
وقد علّق آرون رايكلين-ميلنيك، الباحث البارز في مجلس الهجرة الأميركي، قائلًا: 'لا يمكنك بناء آلة الترحيل الجماعي من دون بناء الدولة البوليسية أولًا'.
وإذا ما تأملنا في تعريف قاموس كامبردج لمصطلح 'الدولة البوليسية'- 'الدولة التي تستخدم فيها الحكومة الشرطة لتقييد حرية الناس بشكل شديد'- فإن الولايات المتحدة تبدو وكأنها تنطبق على هذا التعريف حرفيًا، وبطريقة 'جميلة وكبيرة' أيضًا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدة إيطاليا تلغراف
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشروق
منذ 10 ساعات
- الشروق
لا للمغالطة… قانون المناجم الجديد تكريس للسيادة الاقتصادية
ردّ عدد من نواب المجلس الشعبي الوطني على البيان المشترك الصادر عن ثلاثة أحزاب سياسية معارضة، وهي حزب العمال، جيل جديد، التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، والذي انتقد القانون الجديد المنظم للنشاطات المنجمية، معتبرين ما جاء في البيان المذكور 'قراءة مغلوطة لنصوص الدستور وروح القانون'، مؤكدين أن القانون جاء لحماية السيادة الاقتصادية، وتحفيز الاستثمار، وتنويع الاقتصاد الوطني، وأن ما تداولته هذه الأحزاب بخصوص التنازل عن أغلبية المناجم للمستثمرين الأجانب معلومات مغلوطة وسوء فهم للقانون. برّيش: المادة 102 خضعت لتعديل جذري يضمن مصلحة الجزائر وفي السياق، أوضح النائب عن حركة البناء الوطني، بريش عبد القادر، وهو عضو لجنة الشؤون الاقتصادية والتجارة والصناعة والتخطيط بالمجلس الشعبي الوطني وأحد المناقشين للنسخة الأولى لمشروع القانون، في تصريح خص به 'الشروق'، أن القانون الجديد المنظم للنشاطات المنجمية، الذي صوّت عليه البرلمان بغرفتيه، يُترجم توجه الدولة نحو ترشيد استغلال الموارد الطبيعية، ويستند إلى المادة 21 من الدستور، وليس المادة 20 كما ادّعت بعض الأطراف في بيانها السياسي. وأوضح الدكتور بريش أن البيان المشترك الصادر عن الأحزاب الثلاثة تضمّن مغالطات وتضليلا للرأي العام، سواء نتيجة سوء فهم أو قراءة مؤدلجة وسياسوية، خصوصا فيما يتعلّق بنسبة مساهمة الطرف الأجنبي في مشاريع الاستثمار المنجمي. وبيّن النائب أن المادة 102 من القانون كانت قد أشارت إلى نسبة لا تتجاوز 20 بالمائة للطرف الجزائري العمومي، ما يعني إمكانية تملّك الشريك الأجنبي حتى 80 بالمائة، وهو ما أثار جدلا، إلا أن هذه المادة خضعت لتعديل جذري خلال النقاشات البرلمانية داخل اللجنة المختصة وخلال الجلسة العامة، وذلك باستدراك من قبل ممثل الحكومة، وزير الدولة وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة. وقد أصبحت المادة، بعد التعديل، تنص على إمكانية تجاوز هذه النسبة وفق تفاوض يضمن مصالح الطرفين، في إطار مبدأ 'رابح – رابح'، مع التأكيد على أن هذا النمط من الشراكة يخص فقط المناجم التي يتم استكشافها وتمويلها كليا من قبل الشريك الأجنبي، والتي تتطلب استثمارات ضخمة وتكنولوجيات عالية، لا تملكها سوى شركات عالمية متخصصة. أما بالنسبة للمناجم التي تمّ استكشافها بتمويل جزائري، فهي تظل حكرًا على المؤسسات الوطنية بنسبة 100 بالمائة، كما تنص على ذلك المادة 97 والفقرة الثالثة من المادة 102، ما يدحض كليا الادعاءات حول 'التفريط في السيادة'. وأشار النائب بريش إلى أن القانون الجديد يأتي في سياق سياسة الدولة لتنويع الاقتصاد واستغلال الثروات المنجمية الكبيرة التي تزخر بها الجزائر، وهو يُعالج الثغرات التي شابت القانون السابق (14-05 لسنة 2014)، والذي لم ينجح في تحفيز الاستثمار أو خلق ديناميكية فعلية في القطاع، ما جعل مساهمة المناجم في الناتج الداخلي الخام لا تتجاوز 1 بالمائة. وأضاف المتحدث أن الجزائر تستورد مواد أولية منجمية بقيمة تقارب 4 مليار دولار سنويا، رغم ما تمتلكه من إمكانيات، الأمر الذي يستوجب تفعيل القطاع المنجمي الوطني من أجل إحلال الواردات، وبعث الصناعات التحويلية المنجمية، وتوفير القيمة المضافة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي. وأكد أن القانون الجديد ينسجم مع التحولات العالمية والتنافس الدولي على المعادن النادرة، ويهدف إلى خلق مناخ استثماري أكثر جاذبية، واستقطاب رؤوس الأموال والتكنولوجيا، وتطوير البنية التحتية التعدينية، تمهيدًا لبناء صناعة منجمية وطنية قوية. وأشار إلى أن القانون حظي بتصويت الأغلبية المطلقة في المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، من طرف نواب الموالاة والمعارضة على حد سواء، ما يعكس التوافق حول أهمية هذا النص في هذا الظرف الاقتصادي الدولي، ويُعبّر عن الإرادة الشعبية الممثلة في البرلمان بغرفتيه. كما جدد تأكيده على أن رئيس الجمهورية حريص على صون مقومات السيادة الوطنية، وأن نواب الشعب ملتزمون بتحصين هذه السيادة وتعزيز مناعة الدولة في إطار نهج اقتصادي وطني جامع يخدم مصالح الأمة. سالمي: تضليل وتهويل بعيدا عن القراءة الدقيقة والمسؤولة للقانون ومن جهته، كشف النائب بالمجلس الشعبي الوطني عن حزب جبهة التحرير الوطني، سالمي لخضر في منشور له على صفحته الرسمية عبر فيسبوك، أن البيان المشترك الصادر عن أحزاب العمال، جيل جديد، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية حول القانون المنظم للنشاطات المنجمية، تضمّن 'تضليلا وتهويلا' بعيدا عن القراءة الدقيقة والمسؤولة للقانون، معتبرا أن في طياته إساءة ضمنية لوطنية ونباهة نواب البرلمان والحكومة بصفتها صاحبة المشروع. وأوضح النائب أن القانون الجديد جاء في سياق تنافسي دولي لجذب رؤوس أموال أجنبية نحو استثمارات استراتيجية تُسهم في خلق الثروة والقيمة المضافة في قطاع حساس كمجال المناجم، والذي لا تتجاوز مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي حاليا 1 بالمائة، وهو ما يكشف ـ حسب تعبيره ـ 'هشاشة القانون السابق رقم 14-05 لسنة 2014″، من حيث قدرته على استقطاب الاستثمار وتوفير بيئة شفافة ومستقرة. وفي رده على النقطة الدستورية التي أثارتها الأحزاب الثلاثة، أشار النائب إلى أن البيان خلط بين المادتين 20 و21 من الدستور، مؤكدا أن المادة 20 لا تمنع فتح المجال أمام الاستثمار، بينما تنص المادة 21 صراحة على أن 'الدولة تسهر على الاستعمال العقلاني للموارد الطبيعية'، وهو ما يتحقق ـ حسبه ـ من خلال الآليات الدستورية بين الحكومة والبرلمان. وفي جانب الشراكة مع الطرف الأجنبي، اعتبر النائب أن البيان احتوى 'تضليلا قانونيا' حين ركّز على المادة 102 من القانون، مشيرا إلى أن هذه المادة تم تعديلها خلال مناقشة المشروع مع ممثل الحكومة وبعد دراسة التعديلات المقترحة. وأوضح أن النص المعدل يتيح للطرف الجزائري العمومي تجاوز نسبة 20 بالمائة من الأسهم في إطار تفاوضي يحقق مصلحة الطرفين، دون أي قيد، ووفق مبدأ 'رابح – رابح'. كما أوضح النائب أن هذا الإجراء لا يُطبق إلا على المناجم التي يتم استكشافها كليا من قبل الشريك الأجنبي وبتمويله الخاص، نظرا لما تتطلبه من تقنيات وتكنولوجيا عالية، فيما تُستغل المناجم المستكشفة من طرف المؤسسات الوطنية حصريًا من قبل هذه الأخيرة، بنسبة 100 بالمائة، وهو ما نصّت عليه بوضوح المادة 97 والفقرة الثالثة من المادة 102. وفي السياق نفسه، دعا النائب كاتبي البيان إلى 'إعادة قراءة هذا القانون بتمعّن ومن زاوية اقتصادية استشرافية' بعيدا عن الخلفيات السياسية، مؤكدا أن النص حظي بتصويت الأغلبية المطلقة داخل المجلس الشعبي الوطني، من طرف مختلف الكتل السياسية، سواء من المعارضة أو الموالاة، وهو ما يُعبر عن إجماع وطني حول أهمية القانون في ظل السياق الدولي الحالي. وأبرز النائب أن القانون الجديد الذي صوّتت عليه الأغلبية المطلقة الموالاة والمعارضة بالبرلمان، يستجيب لمتطلبات الاستثمار المباشر وغير المباشر، وأشار إلى تجارب دول شقيقة وصديقة كالسعودية ومصر ودول إفريقية مثل الكونغو الديمقراطية وليبيريا، التي فتحت المجال أمام الاستثمارات الأجنبية دون قيود صارمة، ما مكّنها من جلب رؤوس أموال وتكنولوجيا وتطوير البنية التحتية. وفي ختام منشوره، أشاد النائب باهتمام الأحزاب الثلاثة بالبعد الاستراتيجي للقانون رغم غياب تمثيلها في غرفتي البرلمان، معبرا عن أمله في توحيد الجهود من أجل جزائر تشاركية، تقوم على الهوية واللغة والتاريخ والثقافة والوطن الواحد، وفق ما تقتضيه المرحلة الراهنة من التحولات الاقتصادية والتحديات الإقليمية والدولية.


الشروق
منذ 18 ساعات
- الشروق
غموض كبير في كيفية تجسيد اتفاق الغاز الأوروبي الأمريكي المقدّر بـ 750 مليار دولار
كشف تقرير صادر عن وكالة 'بلومبرغ' الأمريكية أمس الثلاثاء، عن غموض كبير في كيفية تجسيد الاتفاق الموقع بين الرئيس الأمريكي، ترامب، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أرسولا فون دير لاين، والمتمثل في استيراد الاتحاد لما قيمته 750 مليار دولار من الغاز الأمريكي المسال خلال السنوات الثلاثة المقبلة، وبمعدّل 250 مليار دولار سنويا . وفي مقال تحليلي نشرته الوكالة المتخصصة في الشأن الاقتصادي، تحدّثت عن صعوبة تصوّر كيفية تطبيق هذا الاتفاق، في حين أن واردات الاتحاد من الغاز الأمريكي لم تتجاوز 80 مليار دولار خلال العام الماضي وذلك في ظل تخفيض وارداتها من الغاز الروسي كإجراء عقابي على موسكو في حربها على أوكرانيا. وفي نفس السياق، لم يقدّم الاتحاد الأوروبي أيّ تفصيلٍ دقيقٍ لهذه الأرقام، ولا يزال من غير الواضح كيف يمكن إقناع الشركات الخاصة بشراء أو بيع النفط والغاز الأميركيين، علما أن الاتحاد تجمعه اتفاقات تجارية طويلة الأمد مع الدول المصدّرة للغاز والنفط، على غرار قطر والجزائر وأذربيجان وأنغولا ونيجيريا… ولعب مؤشر صادرات الطاقة الأمريكية والذي لم يتجاوز مستوى 331 مليار دولار خلال العام الماضي، دورا كبيرا في ضبابية المشهد التجاري الأمريكوأوروبي بالنسبة لـ'بلومبرغ'، حيث قال ماسيمو ميتشينيلي، رئيس قطاع الطاقة والمناخ في شركة الاستشارات 'فليشمان هيلارد إي يو' ، إنّ هذا الاتفاق المقدّر قيمته بـ'750 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات رقم ضخم، ومن غير الواضح بالنسبة لي ما الذي سيتضمّنه هذا المبلغ إلى جانب الغاز الطبيعي المسال وأنواع الوقود الأخرى'. وحسب بيانات صادرة عن شركة 'كيبلر'، فقد استورد الاتحاد الأوروبي خلال النصف الأول من العام الجاري 2025، نحو 1,53 مليون برميل نفط يوميا، 86 % منها نفط خام غير مكرّر، وبقيمة مالية لم تتجاوز 19 مليار دولار. وتُمثل تلك الواردات -يقول المصدر- نحو 14 % من إجمالي استهلاك الاتحاد الأوروبي من النفط، والذي بلغ خلال العام الماضي، نحو 10.66 مليون برميل يومياً، بحسب بيانات 'المراجعة الإحصائية العالمية للطاقة' الصادرة عن معهد الطاقة 'إينارجي أنستيتو


الشروق
منذ 2 أيام
- الشروق
أطفال غزة الجوعى وطعامُ الجنة!
قبل نحو 3500 سنة، قدّم النبيّ موسى عليه السلام لليهود كلّ الدلائل على وجود الله تعالى وصِدق رسالته إليهم، لكنّ طباعهم المتّسمة بالكِبر والعناد والإنكار غلُبت عليهم فقالوا: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرةً! اليوم، يرى العالمُ كلّه صور الأطفال الفلسطينيين وقد تحوّلوا إلى هياكل عظمية على أسرّة المستشفيات وكيف يموتون كل يوم من فرط الجوع الذي فرضه عليهم الاحتلال للضغط بهم على حماس للاستسلام وإلقاء سلاحها وعلى فلسطينيي غزة لتركها والهجرة إلى سيناء، وبلغ الأمر ببعض أطفال غزة أنّهم أصبحوا يتمنّون الموت للخلاص من هذا الجوع المزمن وتناول الطعام في الجنّة!.. ومع ذلك كله، ينكر يهود الكيان بكلّ بساطة وجود المجاعة في غزة جملة وتفصيلا، ويقولون تارة إنّها صور أطفال يمنيين، وتارة أخرى إنّ حماس هي التي فبركتها بالذكاء الاصطناعي وضلّلت بها العالم، وهي تسرق المساعدات لفائدة مقاتليها ولا تكترث بالمدنيين! ولأنّ الشمس لا تُغطى بالغربال كما يقال، وهذه الأراجيف الصهيونية لا تُقنع أكثر الناس سذاجة في هذا العالم، فقد خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن صمته، وكذّب حلفاءه الصهاينة، واعترف بوجود مجاعة حقيقية في القطاع، وأنّ الناس يموتون هناك، ولا يمكن محاكاة صور الأطفال الجائعين، ثم أعلن فتح مراكز جديدة لتوزيع الطعام وبلا أسيجة هذه المرّة ويمكن للفلسطينيين الدخولُ إليها بلا قيود.. وهو اعترافٌ آخر بالفشل الذريع لتجربة 'مؤسسة غزة الخيرية' التي فتحت أربعة مراكز فقط لتوزيع الغذاء على 2.3 مليون فلسطيني، وأحاطتها بأسيجة حصينة، وأمامها كان الجنود الصهاينة النازيون يتسلّون بإطلاق الرصاص الحيّ وحتى قذائف المدافع ونيران المسيّرات على المجوّعين الفلسطينيين، ويقتلون العشرات منهم كلّ يوم بكلّ وحشية وعنصرية. واليوم وقد فشلت هذه التجربة الإجرامية بعد أن حصدت أرواح أزيد من ألف فلسطيني مجوَّع، وتفشّت المجاعة في أنحاء غزة وبدأ السكان يموتون جوعا كل يوم، فقد بدأ الاحتلال يرضخ للضغوط التي مارسها العالم أجمع ضدّه، حتى حليفُه الأوّل ترامب، لكنّ الملاحظ أنّه يمارس احتيالا مقيتا على العالم؛ فهو لا يزال يغلق المعابر، ويفرض قيودا غير مبرَّرة على دخول شاحنات المساعدات الدولية إلى غزة، وقد رفع عددها فقط من 40 إلى 120 شاحنة يوميًّا، وهذا العدد غير كاف على الإطلاق؛ إذ تؤكّد التقارير الفلسطينية والأممية أنّ سكان غزة بحاجة ماسّة وعاجلة إلى 600 شاحنة غذاء يوميًّا حتى تتغلّب على المجاعة وتعود إلى وضعها الطبيعي قبل الحرب. وفضلا عن التقتير في إدخال شاحنات المساعدات، فإنّ الاحتلال يتعمّد قتل عناصر التأمين المرافِقة لها، وتركها عرضة للنَّهب من عصابات ياسر أبو شباب وغيره من اللصوص الذين يستولون على أغلب هذه الشاحنات ويعيدوا بيع حمولتها في الأسواق بأسعار خيالية تُعجز أغلب الفلسطينيين؛ فكيلو غرام واحد من الطحين يباع بـ30 دولارا (أزيد من 6 آلاف دينار جزائري!)، وهذا مقابل نصف دولار فقط قبل الحرب، في حين يباع كيلوغرام واحد من العدس بـ23 دولارا، ومن السُّكر بـ100 دولار! أليست هذه خطة جهنّمية لترسيخ المجاعة وتحميل الفلسطينيين مسؤوليتها، بذريعة أنّهم ينهبون المساعدات التي يسمح الكيانُ بدخولها؟ من جانب آخر، يحرص الاحتلال على تزيين وجهه العنصري البغيض وتلميع صورته البشعة أمام العالم من خلال إلقاء كميات من المساعدات الغذائية على الغزاويين من الجو، والسماح لدول عديدة عربية وأوربية بإتّباع الطريقة ذاتها لإيصال المساعدات إلى السكان، وهي تجربة أثبتت أيضا محدوديتها الشديدة من قبل؛ إذ لا تصل سوى إلى عدد محدود جدا من السكان مفتولي العضلات الذين يستطيعون ترصّدها والتسابق للحصول عليها، في حين تبقى الفئات الضعيفة كالأرامل والشيوخ والمعاقين والمرضى… بعيدة عنها. ومع أنّ السماح بدخول قدر أكبر من المساعدات يخفّف إلى حدّ ما معاناة الفلسطينيين المجوَّعين، إلا أنّه ليس الحلَّ الأمثل للمجاعة التي تفتك بهم منذ أسابيع، والحلُّ النهائي هو فتح المعابر وفي مقدّمتها معبر رفح والسّماح بدخول مئات الشاحنات يوميًّا بلا قيود، وإنهاء تجربة 'مؤسسة غزة الخيرية' الوحشية الدموية إلى الأبد، والعودة إلى نظام التوزيع الأممي للمساعدات.. 'الأونروا' وحدها تملك نحو 400 نقطة توزيع تصل إلى السكان جميعا من أقصى جنوب القطاع إلى أقصى شماله، ولا مناص من العودة إلى نظامها التوزيعي للقضاء نهائيا على المجاعة، وينبغي للعالم كله مواصلة الضغوط في هذا الاتجاه.