
الركود الاقتصادي يرخي بظلاله على جنوب إفريقيا
يعرف اقتصاد جنوب افريقيا ركودا عميقا يظهر أنها لن تتعافى منه قريبا، حيث يمثل ضعف النمو الاقتصادي أكبر خطر ماكرو – اقتصادي ينبغي التعامل معه.
فالأرقام لاتكذب، وبيان سياسة الميزانية في المدى المتوسط الذي قدمه مؤخرا أمام البرلمان وزير المالية، إينوك غودونغوانا، يظهر أن الطريق نحو إصلاح المالية العمومية لازال طويلا، رغم التفاؤل الذي أعقب تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات العامة في 29 ماي الماضي.
فعلى مدى العقد الماضي، بلغ متوسط الناتج المحلي الإجمالي لجنوب أفريقيا أقل من 1 في المائة، وهو ما لا يكفي لمواكبة وتيرة النمو السكاني، وهو ما دعا البنك المركزي بأن يعترف أن الانتعاش يجب أن يكون مدعوما بزيادة مستدامة في صافي الاستثمار الحقيقي بعد سنوات من التراجع.
ومع استمرار الأزمة الاقتصادية، التي تعاني منه البلاد، أجبرت الحكومة بقيادة المؤتمر الوطني الإفريقي على تخفيض توقعاتها للنمو الاقتصادي لسنة 2024 إلى 1,1 في المائة، مقابل 1,3 في المائة كانت متوقعة سابقا، مع توقعها أيضا عجزا مهما في الميزانية، وكذا ارتفاع الدين خلال الثلاث سنوات المقبلة.
وتتوافق هذه التوقعات مع تلك التي توقعها اقتصاديون رسموا سيناريوهات متشائمة لحالة المالية العمومية للبلد الواقع في إفريقيا الجنوبية، حيث توقعوا عجزا موطدا بنسبة 5 بالمائة من الناتج الوطني في السنة المالية المنتهية في مارس 2025.
الدين العمومي يصل إلى قرابة 75 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي
ومع استمرار أزمة اقتصاد جنوب إفريقيا العميقة، بسبب عدد من الإكراهات الهيكلية، يرى محللون اقتصاديون أن لا خيار للحكومة سوى تقليص النفقات العمومية وخصوصا الدين العمومي الذي بلغ مستويات مقلقة وأصبح يشكل خطرا حقيقيا بالنسبة البلاد، حيث يواصل الدين وتكاليف الاقتراض المتعلقة به في الارتفاع، منتقلة من 317 مليار دولار ( 5600 مليار راند)، أي ما يساوي 74,7 في المائة من الناتج الداخلي الخام في عام 2024، إلى 385 مليار دولار، أي ما يساوي 75 في المائة من الناتج الداخلي الخام، متوقعة، في عام 2027.
ويشكل ارتفاع الدين وتكاليف الفائدة تحديا كبيرا لحكومة جنوب إفريقيا بحيث يقيد قدرتها على تمويل البرامج الأساسية لتقديم الخدمات. وقال غودونغوانا، في رده على دعوة صندوق النقد الدولي للخزانة في جنوب أفريقيا إلى وضع سقف للدين، إن 'التحدي الذي نواجهه يتمثل في إشكالية النمو الاقتصادي'.
وبهدف إبقاء الدين والقروض الجديدة تحت السيطرة، قامت الحكومة بالفعل باستنفاذ 5,6 مليار دولار (100 مليار راند) من احتياطي الطوارئ في البلاد خلال هذه السنة المالية لسداد قروضها. ويتوقع أن تثير نسبة نمو بـ 1,1 في المائة المتوقعة للناتج المحلي الإجمالي عام 2024 على المستوى الوطني، وهو أقل من التقديرات السابقة، مخاوف متزايدة، في حين يشير هذا الركود إلى أن العديد من سكان جنوب إفريقيا سيستمرون في مواجهة صعوبات اقتصادية، لا سيما مع ارتفاع تكاليف المعيشة.
ولاحتواء النفقات العمومية، اضطرت الحكومة إلى مراجعة خطتها لإنقاذ المقاولات العمومية العاجزة والتي تواصل استنزاف الأموال العمومية، كما تهدف الخزانة أيضا إلى خفض تكلفة أجور الموظفين في جنوب أفريقيا البالغ عددهم 1,3 مليون موظف. ولتخفيض فاتورة الأجور، أوصت ببرنامج يقبل فيه كبار الموظفين سنا، أي 30 ألف موظف، طواعية بخطط التقاعد المبكر اعتبارا من عام 2025.
ومع ذلك، يرى المحللون الاقتصاديون أن النمو الاقتصادي وزيادة الاستثمار يعتمدان على شراكة الحكومة مع القطاع الخاص في مجالات استراتيجية، مثل الطاقة والخدمات اللوجستية، حيث لا تزال أزمة هاته الخدمات، التي تعاني منها مجموعة النقل العام (ترانسنيت) منذ سنوات، تعيق الصادرات واقتصاد البلاد.
وعلاوة على ذلك، فإن التوقعات الاقتصادية العالمية التي تشير إلى نمو بنسبة 3,2 في المائة فقط لعامي 2024 و2025، بسبب التوترات الجيوسياسية المتزايدة، تؤكد على أن المشهد الدولي غير مستقر، وهو ما يجعل جنوب إفريقيا معرضة بشكل خاص لهذه الصدمات الخارجية.
وإزاء هذا الركود الإقتصادي، يجب ألا يكون وعد حكومة الوحدة الوطنية بتحقيق مستقبل اقتصادي أكثر إشراقا مجرد طموح، بل ينبغي أن يكون التزاما مدعوما بسياسات ملموسة تخفف من الضغوط التي يواجهها المواطنون العاديون في جنوب إفريقيا. ولهذا، لن تتمكن جنوب إفريقيا من توليد الأمل والقدرة على الصمود اللازمين لمواجهة كل هذه التحديات إلا من خلال نمو شامل وبيئة اقتصادية مستقرة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجريدة 24
منذ 4 ساعات
- الجريدة 24
رئيس الوداد: لا نملك أموال رونالدو.. لكن نملك حلم التعاقد معه
عبر هشام آيت منا، رئيس نادي الوداد الرياضي، عن انفتاح ناديه على إمكانية التعاقد مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، للمشاركة رفقة الفريق في كأس العالم للأندية 2025، المرتقب تنظيمها في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة الممتدة بين 15 يونيو و13 يوليوز المقبلين. وفي تصريحات خصّ بها وسائل إعلام سعودية، أوضح آيت منا أن النادي المغربي يُدرك صعوبة تحمل التكاليف المالية المرتفعة المرتبطة بضم لاعب من طينة كريستيانو رونالدو، مشيرًا إلى أن راتب نجم النصر السعودي الحالي يبلغ نحو 16 مليون يورو شهريًا، وهو رقم خارج نطاق القدرة المالية لأي نادٍ إفريقي. ورغم ذلك، أكد رئيس الوداد أن أبواب النادي ستظل مفتوحة أمام "الدون" في حال رغبته في خوض تجربة قصيرة مع الفريق، مضيفًا: "نعلم أنه نجم لا يركض خلف المال فقط". وشدد آيت منا على أن التعاقد مع رونالدو، وإن بدا أمرًا مستبعدًا من الناحية الواقعية، فإنه يمثل حلمًا مشروعًا، قائلاً: "حتى إن كانت لدينا فرصة واحدة في المليار، فإننا سنتحرك من أجل ذلك"، معتبراً أن مجرد التفكير في استقطاب اسم بهذا الحجم يُعدّ مكسبًا معنوياً للفريق وللكرة المغربية عموماً. وكانت صحيفة "ماركا" الإسبانية قد أشارت في تقرير لها إلى أن نادِي الوداد الرياضي أبدى اهتمامًا مبدئيًا بفكرة التفاوض مع رونالدو، في ظل الغموض الذي يحيط بمستقبله مع النصر السعودي. وذكرت الصحيفة أن رجل أعمال إسباني مقرّب من اللاعب، ويملك علاقات داخل النادي المغربي، يقود مبادرة لإقناع رونالدو بخوض هذه التجربة القصيرة في مونديال الأندية. ورغم الجدل الإعلامي المثار حول هذه الفرضية، إلا أن المعطيات المالية تؤكد صعوبة التوصل إلى اتفاق. ويتقاضى كريستيانو رونالدو سنويًا ما مجموعه 213 مليون دولار، تشمل الراتب والعقود التجارية، أي ما يعادل حوالي 17.75 مليون دولار شهريًا، و634 ألف دولار يوميًا، و407 دولارات في الدقيقة. وفي السياق ذاته، بدأت إدارة الوداد في التحضيرات التقنية واللوجستية الخاصة بالمشاركة في النسخة الموسعة من كأس العالم للأندية، التي ستعرف لأول مرة مشاركة 32 فريقًا من مختلف القارات. ويخوض الفريق المغربي غمار البطولة ضمن مجموعة قوية تضم كلاً من مانشستر سيتي الإنجليزي، ويوفنتوس الإيطالي، والعين الإماراتي. ويُنظر إلى هذه المشاركة باعتبارها محطة مفصلية في مسار الوداد، الذي يسعى إلى الظهور بصورة مشرفة في المحفل الدولي، وتعزيز مكانته بين كبار الأندية العالمية. وفي ظل الأجواء التنافسية التي تحيط بالبطولة، يُولي النادي أهمية قصوى للاستعدادات، سواء على مستوى التركيبة البشرية أو البنية التنظيمية.


كواليس اليوم
منذ 4 ساعات
- كواليس اليوم
المغرب يحتفي باليوم العالمي لإفريقيا ويجدد التزامه بالدينامية الإفريقية
سانتياغو – احتفت سفارة المغرب في سانتياغو، يوم الخميس برحاب المكتبة الوطنية للشيلي، باليوم العالمي لإفريقيا، مجددة بهذه مناسبة التأكيد على انخراط المملكة في الدينامية الإفريقية. ونظمت هذه الاحتفالية الإفريقية بشراكة مع المكتبة الوطنية للشيلي والمركز الثقافي محمد السادس لحوار الحضارات في مدينة كوكيمبو الشيلية. وفي كلمة افتتاحية بالمناسبة، أشادت مديرة المكتبة الوطنية للشيلي، سوليداد أباركا دي لا فوينتي، بالجهود الموصولة التي يبذلها المغرب لفائدة تنمية القارة الإفريقية، مبرزة أهمية هذا اليوم العالمي في تعزيز الروابط الثقافية بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية. كما سلطت الضوء على علاقات التعاون الوثيق والمثمر بين المكتبة الوطنية وسفارة المغرب في سانتياغو، المتجسدة في عدة مبادرات ثقافية مشتركة، لا سيما في مجالات حفظ الذاكرة التاريخية، وتعزيز التنوع الثقافي، والحوار بين الثقافات. من جهتها، ذكرت سفيرة المغرب بالشيلي، كنزة الغالي، بالرؤية الإفريقية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي أرست أسس السياسة الإفريقية للمملكة، القائمة على التضامن، والتنمية المشتركة، والتعاون جنوب-جنوب. واستعرضت الدبلوماسية المغربية المحاور الكبرى لهذه السياسة، خاصة المبادرة الأطلسية التي أطلقها جلالة الملك، والمشروع الاستراتيجي لأنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، والشراكات الفلاحية لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، والاستثمارات في الطاقات المتجددة، وكذا سياسة الهجرة الإنسانية والمندمجة التي تنهجها المملكة. كما أشارت السيدة الغالي إلى المحطات البارزة في علاقة المغرب بالقارة الإفريقية، منها عودة المملكة إلى الاتحاد الإفريقي، وانضمامها إلى تجمع دول الساحل والصحراء، وتقديم طلب الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، والمصادقة على الاتفاقية المؤسسة لمنطقة التجارة الحرة لإفريقيا، فضلا عن الزيارات الملكية لأكثر من 30 بلدا إفريقيا. وعلى الصعيد التجاري، لفتت إلى أن المبادلات التجارية للمغرب مع الدول الإفريقية ارتفعت بنسبة 45 في المائة بين عامي 2013 و2023، لتبلغ 52,7 مليار درهم، مبرزة أن المغرب أضحى ثاني أكبر مصدر للخدمات في إفريقيا، بحجم سنوي يبلغ 16,2 مليار دولار. من جهة أخرى، سلطت السيدة الغالي الضوء على المبادرات الريادية التي أطلقها المغرب في المجال البيئي، وتكوين آلاف الطلبة الأفارقة في الجامعات والمعاهد المغربية، والحملات المتتالية لتسوية أوضاع المهاجرين، خاصة من إفريقيا جنوب الصحراء. وأكدت سفيرة المملكة، في هذا السياق، أن الاستقرار الإقليمي يشكل ركيزة أساسية لنجاح هذه المشاريع المهيكلة، مبرزة المبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها حلا سياسيا واقعيا وذا مصداقية من شأنه النهوض بالتنمية المستدامة. وقد تميز اليوم العالمي لإفريقيا في الشيلي بعرض شريط وثائقي يستعرض أبرز محطات التزام المغرب التاريخي تجاه القارة الإفريقية، ويسلط الضوء على المبادرات الملكية العديدة لصالح التنمية القارية. واختتمت التظاهرة بافتتاح معرض للصور الفوتوغرافية يجسد اللحظات البارزة لالتزام المغرب لفائدة إفريقيا وغنى العلاقات التاريخية بين المملكة والقارة. حضر الحفل ممثلون عن وزارة الخارجية الشيلية، لا سيما رودريغو هومي، مدير الشؤون الثقافية، إلى جانب نواب شيليين، وأعضاء من السلك الدبلوماسي المعتمد بسانتياغو، وفنانين وجامعيين.


مراكش الآن
منذ 5 ساعات
- مراكش الآن
منع جامعة هارفارد بالولايات المتحدة من تسجيل الطلبة الأجانب
أبلغت الإدارة الأمريكية، اليوم الخميس، جامعة هارفارد أنها أبطلت الحق في تسجيل الطلاب الأجانب، في خضم المواجهة بين الجانبين. واعتبرت وزارة الأمن الداخلي، في بيان، أن مسؤولي الجامعة ساهموا في انتشار 'بيئة غير آمنة داخل الحرم الجامعي تسمح للمحرضين المناهضين لأمريكا والمؤيدين للإرهاب بمضايقة الأفراد والاعتداء عليهم جسديا'. وأعربت عن الأسف لكون مسؤولي الجامعة 'يعرقلون البيئة التعليمية التي كانت في السابق تحظى بالاحترام'. وي ب ط ل قرار وزارة الأمن الداخلي الترخيص لبرنامج التبادل في جامعة هارفارد المخصص للطلاب والزائرين الأجانب، مما يعني أن المؤسسة لم تعد قادرة على تسجيل الطلاب الدوليين. وحسب إشعار الوزارة الأمريكية، يتعين على الطلاب الأجانب المسجلين الانتقال لتجنب فقدان وضعهم القانوني. وتشير معطيات صادرة عن جامعة هارفارد إلى أن عدد الطلاب القادمين من دول أجنبية يناهز الـ6800 طالب، أي 27 بالمائة من إجمالي عدد الطلاب في أقدم جامعة في الولايات المتحدة، مقارنة بـ19.6 بالمائة في 2006. وفي رد أورده موقع (أكسيوس) الإخباري، وصف المتحدث باسم الجامعة، جيسون نيوتن، القرار بأنه 'غير قانوني'، مضيفا أن الجامعة 'ملتزمة تماما بالحفاظ على قدرتها على استقبال الطلاب والجامعيين الدوليين، الذين يأتون من أكثر من 140 بلدا ويساهمون في إثراء الجامعة'. ويعد قرار الإدارة الفدرالية أحدث حلقة في مسلسل المواجهة بين الجامعة وإدارة ترامب. وأعلنت الإدارة، الثلاثاء الماضي، أنها ستقوم بتجميد حوالي 450 مليون دولار من التمويلات المخصصة للجامعة، وذلك عقب قرار بتقليص التمويل الفدرالي لجامعة هارفارد بـ2.2 مليار دولار.