logo
أسلحة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها إسرائيل في حرب غزة

أسلحة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها إسرائيل في حرب غزة

الجزيرةمنذ 7 ساعات

تملك إسرائيل ترسانة أسلحة يحل فيها الذكاء الاصطناعي محل البشر، وقد استخدمتها في عدوانها على قطاع غزة بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهي الحرب التي أطلقت عليها إسرائيل اسم "السيوف الحديدية".
وتشير تقارير في الصحافة الإسرائيلية إلى أن أسلحة الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها الاحتلال تتوسع وتتطور باطراد، بعضها صنعته شركات إسرائيلية، وبعضها زودتها به الولايات المتحدة الأميركية.
وفي عام 2023 تفاخر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك أفيف كوخافي بأن أنظمة الذكاء الاصطناعي منحت جيشه "جهازا استخباراتيا متطورا آنيا".
إنتاجات مركز موشي ديان
بدأ الجيش الإسرائيلي استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي عام 2019، فقد أنشأت الوحدة 8200 المتخصصة في التنصت وفك الشفرات و الحرب السيبرانية مركز "موشي ديان" لعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي الذي يضم مئات الضباط والجنود، في محاولة لتسريع عملية توليد الأهداف بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي.
وكان برنامج "فاير فاكتوري" لتوليد الأهداف وتحديد كميات الذخيرة المناسبة هو الأول الذي أنتجه مركز "موشي ديان". وبحسب تقرير لمجلة "ذا نايشن" الأميركية، نشر في 12 أبريل/نيسان 2024 فإن الوحدة المذكورة تتعاون بشكل وثيق مع شركات أميركية تزودها بأعداد كبيرة من الأجهزة وبرامج الذكاء الاصطناعي المتطورة.
وحسب الصحيفة نفسها، فإن تلك البرامج والأجهزة تعتمد على كمية بيانات هائلة مصدرها التقارير الاستخباراتية السرية، ومنها الواردة من وكالة الأمن القومي الأميركي، لتحديد الأهداف وضربها.
وفي مؤتمر عقد يومي 15 و16 فبراير/شباط 2023 في مدينة لاهاي بهولندا وشاركت فيه أكثر من 60 دولة، رفضت إسرائيل التوقيع على معاهدة "الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي في ساحة المعركة".
مجالات الاستعمال وأنواع الأنظمة
يستخدم الجيش الإسرائيلي الذكاء الاصطناعي في أنشطة عسكرية متنوعة، منها:
التنبؤ الاستباقي.
التنبيه على التهديدات العسكرية والأنظمة الدفاعية للخصوم.
تحليل المعلومات الاستخبارية وتحديد الأهداف العسكرية والذخائر المستخدمة.
أما أبرز أنظمة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها إسرائيل في حربها على قطاع غزة فهي:
تستعمل إسرائيل نظام "لافندر" في عملها العسكري بغزة، وهو آلة قادرة على معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعة لتوليد آلاف الأهداف المحتملة للضربات العسكرية في خضم الحرب.
ونقلت مجلة "972+" الإسرائيلية عن قائد الوحدة 8200 العميد يوسي شارئيل قوله إن النظام يحل محل البشر في تحديد الأهداف الجديدة واتخاذ القرارات اللازمة للموافقة عليها"، وخلص إلى أن البرنامج حقق معدل دقة بنسبة 90%، وذلك ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى الموافقة على استخدامه من أجل التوصية بالأهداف المراد قصفها.
ووفقا لما نقلته المجلة عن 6 ضباط مخابرات إسرائيليين، شاركوا بشكل مباشر في نظام الذكاء الاصطناعي أثناء الحرب على غزة، فإن "لافندر كان له دور محوري في القصف غير المسبوق للفلسطينيين، وخاصة في المراحل الأولى من الحرب".
ويقول أحد ضباط المخابرات الذين استخدموا لافندر "كنت أخصص 20 ثانية لكل هدف في هذه المرحلة، وأجري العشرات منها يوميا. لم تكن لدي أي قيمة مضافة سوى أنني كنت أبصم بالموافقة. لقد وفر ذلك كثيرا من الوقت".
نظام "أين أبي؟"
نظام "أين أبي؟" من أنظمة الذكاء الاصطناعي الخطيرة التي استخدمتها إسرائيل في حربها على قطاع غزة، وخاصة لتتبّع الأفراد المستهدفين، وتنفيذ عمليات تفجير عند دخولهم ليلا إلى منازل عائلاتهم، وذلك بحسب موقع "ديموكراسي ناو" الأميركي.
وبحسب مجلة "+972" وموقع "لوكال كول" الإسرائيليين، فإن نظام "أين أبي؟"، أدى إلى إبادة عائلات فلسطينية بأكملها داخل منازلها، وهو ما يفسر الأعداد الكبيرة من الشهداء الفلسطينيين الذين قتلوا في حرب الإبادة الإسرائيلية، خاصة من النساء والأطفال والمسنين.
أعلن الجيش الإسرائيلي في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أن وحدة الأهداف في الاستخبارات الإسرائيلية استخدمت نظام "غوسبل" أو "الإنجيل"، وهو أحد أخطر أنظمة الذكاء الاصطناعي؛ فهو يُحدد المباني والمنشآت التي يدّعي الجيش الإسرائيلي أن المسلحين الفلسطينيين ينطلقون منها لتنفيذ مهامهم، ويقصفها على رؤوس ساكنيها.
وقال الجيش الإسرائيلي وقتئذ إن "الإنجيل" ساعده في قصف 12 ألف هدف في غزة، إذ يتم تزويد القوات على الأرض وفي الجو وفي البحر بالمعلومات الاستخباراتية من مصنع الأهداف بالذكاء الاصطناعي، فيتيح ذلك "تنفيذ مئات الهجمات في اللحظة نفسها".
ويعمل النظام عبر إنتاج عدد كبير من الأهداف بوتيرة متسارعة (نحو 100 هدف في اليوم الواحد) بناء على أحدث المعلومات الاستخباراتية التي تغذي النظام أولا بأول، بينما كانت الاستخبارات الإسرائيلية سابقا تنجز 50 هدفا في السنة.
وكتبت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريرا قالت فيه إن هذا النظام "يعمل على اقتراح الأهداف الأكثر صلة بالهجوم، داخل محيط معين"، مشيرة إلى أن خوارزمية "غوسبل" تأخذ الخسائر المدنية من بين العناصر التي تعتبرها في تحديد أهداف جديدة للقصف.
يقدم النظام الذي طورته الوحدة 8200 توصياته لموظفي الجيش، وهم يقدرون إذا كانوا سيمررونها إلى الجنود والطيارين الذين يتولون عمليات القصف في الميدان، وبعدئذ يمكن لوحدة الأهداف إرسال تلك التوصيات إلى قوات الجيش عبر تطبيق يعرف باسم "عمود النار".
كشف عنه في عام 2023، واستخدمه الجيش الإسرائيلي لتحسين خطط الهجوم للطائرات والمسيرات اعتمادا على طبيعة الأهداف المختارة.
يحلل هذا النظام مجموعات بيانات واسعة، منها البيانات التاريخية عن الأهداف السابقة التي قصفت من قبل، فيُتيح للخوارزميات حساب كميات الذخيرة اللازمة للقضاء على الأهداف، واقتراح الجداول الزمنية المثلى، وتحديد أولويات الأهداف وتخصيصها.
نظام "عمق الحكمة"
وهو نظام يحلل بيانات ضخمة ويرسم خريطة لشبكة الأنفاق التي تديرها المقاومة في غزة، وذلك برسم صورة كاملة للشبكة فوق الأرض وتحتها مع التفاصيل المهمة، مثل عمق الأنفاق وسمكها وطبيعة الطرق.‏
كشف عنه عام 2021، وهو من أبرز الأنظمة التي استخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة. ويوفر البرنامج لقادة الوحدات تنبيهات فورية للتهديدات المحتملة على الأرض، تُرسل مباشرة إلى أجهزتهم اللوحية المحمولة.
وللنظام قدرات دفاعية وهجومية، فهو يدمج البيانات التي يحصل عليها على منصة موحدة، كما أن لديه القدرة على تحديد الأهداف وإبلاغ قوات الجيش فورا بالتهديدات وتحركات المقاتلين على الأرض.
نظام طورته شركة رافائيل الإسرائيلية للصناعات العسكرية، ويوفر الاتصال بين الجنود الإسرائيليين المنتشرين في ساحة المعركة والمعلومات الاستخباراتية التي جمعت من المستشعر إلى مطلق النار.
وبحسب موقع "آي إتش إل إس" الإسرائيلي، فإن النظام يقدم خيارات للعمل بناء على عوامل مثل الموقع وخط الرؤية والكفاءة والذخيرة المتاحة، بهدف "زيادة الدقة والحد من خطر الأضرار الجانبية".
صُمم النظام لأداء اشتباكات متعددة في قتال عالي الكثافة، إذ يمكّن الجنود من الاشتباك مع الهدف المعادي في ثوان، بدلا من دقائق.
وهو نظام يسمح للجنود على الأرض بالاستعلام عن مجموعة مختلفة من البيانات التي تساعدهم في أداء مهامهم.
وهو نظام يسمح للجنود في ساحة المعركة بالوصول المباشر إلى المعلومات.
وهو نظام يمكن جنود الجيش الإسرائيلي في المعركة من مشاهدة مقاطع فيديو حية للمناطق التي يوشكون أن يدخلوها.
طائرات تعمل بالذكاء الاصطناعي
بعد أيام من انطلاق الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كشفت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية عن طلبات تقدمت بها إسرائيل إلى شركة أميركية مختصة في إنتاج المسيرات، لتزويدها بطائرات استطلاع قصيرة المدى تعتمد في تحركها على الذكاء الاصطناعي.
ويستخدم هذا النوع من الطائرات في إجراء مسح ثلاثي الأبعاد للهياكل الهندسية المعقدة مثل المباني بمختلف أشكالها، وهو ما يساعد في تحديد الأهداف بدقة أكبر.
كذلك استخدمت إسرائيل في حربها طائرات "نوفا 2" الذاتية القيادة وهي صناعة أميركية، وهذا النوع من المسيرات يستخدم داخل المباني، إذ يعتمد على تخطيط المسارات وخوارزميات الرؤية الحاسوبية للتحرك الذاتي داخل المباني من دون الحاجة إلى نظام تحديد المواقع العالمي "جي بي إس" أو إلى التدخل البشري.
والمسيرات الانتحارية من طراز "سويتش بليد 600″، أبرز الطائرات المطورة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، استخدمتها أيضا إسرائيل في حربها على غزة، وفيها كاميرا متطورة وتحمل كمية من المواد المتفجرة.
وهذا النوع من المسيرات قادر على استقبال المعلومات من الطائرات من دون طيار القريبة منها، وتستخدم في مهاجمة الأهداف القريبة، ويصل مداها إلى 40 كيلومترا، وتمتلك قدرة على الطيران مدة 40 دقيقة.
دبابة إيتان إيه بي سي
في يناير/كانون الثاني 2022، كشفت شركة "رافائيل" للصناعات العسكرية الإسرائيلية عن مركبة عسكرية أطلقت عليها اسم "إيتان إيه بي سي"، تعمل بالذكاء الاصطناعي وتسمح للسائق أن يوجّه المركبة بالنظر فقط.
إعلان
وركبت على مركبات رفائيل صواريخ من نوع "غيل"، ومنظومات دفاعية نشطة من نوع "معطف الريح"، وهي قادرة على العثور على العديد من الأهداف وتحييدها في وقت واحد، وتعتمد على كوكبة من المستشعرات القادرة على مراقبة محيطها بشكل دائم وتنبيه الجنود داخلها.
مراقبة الحدود بالذكاء الاصطناعي
يستخدم الجيش الإسرائيلي أيضا الذكاء الاصطناعي لأغراض مراقبة حدوده لا سيما مع قطاع غزة و الضفة الغربية ، بحيث ينشر على طول الحدود شبكة واسعة من كاميرات الفيديو التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وتنقل البيانات إلى مراكز التحكم والمراقبين لتحليل البيانات وتحديد هوية الأشخاص والمركبات والحيوانات، ومقارنة الصور بمعلومات أخرى ذات صلة، وإرسال تنبيه طارئ عند الضرورة.
ومن أبرز أنظمة كاميرات المراقبة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي ويستخدمها الجيش الإسرائيلي:
نظام "قطيع الذئاب": وهو عبارة عن قاعدة بيانات واسعة للغاية تحتوي على جميع المعلومات المتوفرة عن الفلسطينيين.
نظام "الذئب الأزرق": وهو تطبيق تستطيع القوات الإسرائيلية الدخول إليه عبر أجهزة الهاتف الذكية والأجهزة اللوحية، ويعرض فورا المعلومات المخزنة في قاعدة بيانات "قطيع الذئاب".
نظام "الذئب الأحمر": ويستخدم هذا النظام للتعرف على الوجه، إذ يعمل على مسح وجوه الفلسطينيين ويضيفها إلى قواعد بيانات ضخمة للمراقبة من دون موافقتهم.
انتقادات واسعة
وجهت انتقادات كثيرة للجيش الإسرائيلي على خلفية استخدامه الذكاء الاصطناعي في حربه على غزة.
فقد قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إنه في الحروب السابقة كان تحديد شخص ما واعتباره هدفا مشروعا تتم مناقشته ثم التوقيع عليه من قبل مستشار قانوني، لكن بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تسارعت العملية بشكل كبير، وكان هناك ضغط لإيجاد مزيد من الأهداف.
ولتلبية هذا الطلب، اعتمد الجيش الإسرائيلي اعتمادا كبيرا على برنامج "لافندر" في توفير قاعدة بيانات للأفراد الذين يعتقد أن لديهم خصائص مقاتلي حركة الجهاد الإسلامي أو حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وفي 2 ديسمبر/كانون الأول 2023، قالت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية إن "الخوارزميات التي طورتها إسرائيل أو شركات خاصة تعد أحد أكثر طرق القصف تدميرا وفتكا في القرن 21".
وفي أبريل/نسيان 2024، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بيانا أعرب فيه عن انزعاجه من التقارير التي تفيد بأن إسرائيل استخدمت الذكاء الاصطناعي في حملتها العسكرية في غزة، قائلا "إن هذه الممارسة تعرض المدنيين للخطر وتطمس المساءلة".
منظمة " هيومن رايتس ووتش" أدانت أيضا استخدام الجيش الإسرائيلي تقنيات الذكاء الاصطناعي في حربه على غزة، إذ قالت في تقرير لها نشرته في 10 سبتمبر/أيلول 2024 إن "استخدام إسرائيل للذكاء الاصطناعي في تعقب أهداف هجماته في غزة يلحق أضرارا بالغة بالمدنيين ويثير مخاوف أخلاقية وقانونية خطيرة".
وتابعت أن "الأدوات الرقمية هذه يفترض أنها تعتمد على بيانات خاطئة وتقديرات تقريبية غير دقيقة لتزويد الأعمال العسكرية بالمعلومات بطرق قد تتعارض مع التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي الإنساني ، وخاصة قواعد التمييز والحيطة".
أما مديرة هندسة ضمان الذكاء الاصطناعي في معهد الذكاء الاصطناعي بأميركا هايدي خلاف فقالت إنه "نظرا لسجل أنظمة الذكاء الاصطناعي الحافل بمعدلات الخطأ المرتفعة، فإن أتمتة الأهداف بشكل غير دقيق ومتحيز لا يختلف في الواقع عن الاستهداف العشوائي".
كذلك وجهت الباحثة في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام مارتا بو انتقادات لاستخدام إسرائيل الذكاء الاصطناعي في حربها على قطاع غزة، وقالت إن "الاعتماد المفرط على أنظمة الذكاء الاصطناعي يمنحها تأثيرا كبيرا على القرارات التي يجب على البشر اتخاذها".
وانتقد المحامي السابق في الجيش الإسرائيلي لتال ميمران استخدام برامج الذكاء الاصطناعي في الحرب، فقال "أشعر بالقلق بشأن دقة عملية صنع القرار المدعومة بالذكاء الاصطناعي في ضباب الحرب. هل سيحدث هذا الأمر تغييرا جذريا من حيث الجودة؟ لا أعتقد ذلك".
وقالت كاثرين كونولي الباحثة في مجموعة "ستوب كيلر روبوت" إن أي تغيير في البرمجيات "يمكن أن يجعل أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تصبح شبه مستقلة، بل تصبح مستقلة تماما في اتخاذ القرار".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تحالف من 32 دولة يخطط لدخول غزة سيرا على الأقدام
تحالف من 32 دولة يخطط لدخول غزة سيرا على الأقدام

الجزيرة

timeمنذ 34 دقائق

  • الجزيرة

تحالف من 32 دولة يخطط لدخول غزة سيرا على الأقدام

في خطوة تُعد الأولى من نوعها، أعلن ائتلاف من نقابات وحركات تضامن ومؤسسات حقوقية دولية من أكثر من 32 دولة إطلاق مبادرة "المسيرة العالمية إلى غزة" لدخول القطاع سيرا على الأقدام، استجابةً للوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه السكان هناك في ظل حصار إسرائيلي منذ نحو 20 شهرا. وقال رئيس التحالف الدولي ضد الاحتلال الإسرائيلي سيف أبو كشك إن أهداف المسيرة ترتبط بشكل مباشر بإيقاف الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، والسعي لإدخال المساعدات الإنسانية بشكل مباشر وفوري، مع المطالبة بوقف الحصار المفروض على غزة. وفي تصريحات للجزيرة نت، أضاف أبو كشك أن المشاركين من خلفيات متنوعة، وأغلبهم من أبناء البلدان الغربية وليسوا فقط من الجاليات العربية والإسلامية، لافتًا إلى أن عدد المهتمين بالمشاركة تجاوز حتى الآن 10 آلاف شخص، وأن مجموعات العمل قُسِّمت جغرافيًا لضمان الترتيب اللوجيستي الفعال والتواصل الإعلامي بكل اللغات. أهداف المسيرة ووضع المنظمون لهذه المسيرة عدة أهداف، وتأتي على رأسها محاولة انتشال سكان القطاع من المجاعة التي باتت ظاهرة في كل التقارير والصور التي تخرج من القطاع. وفي مقابلات مختلفة مع الجزيرة نت، أوضح المنظمون أن أهداف المسيرة المباشرة تتلخص في ما يلي: إيقاف الإبادة الجماعية في غزة عبر السعي بشكل جماعي وعملي لوقف الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني، خاصة استخدام الجوع سلاحا ضد المدنيين، والتصدي للقتل الممنهج الذي يهدد حياة آلاف الأطفال ويعرض المجتمع الفلسطيني لخطر الموت الجماعي. إدخال المساعدات الإنسانية بشكل مباشر وفوري ، والمطالبة بإدخال المساعدات الغذائية والطبية والإمدادات الأساسية فورًا إلى غزة عبر معبر رفح، خاصة مع وجود آلاف الشاحنات العالقة على الحدود، مع تنظيم جهود جماعية لضمان وصول المواد الإغاثية لسكان غزة بلا قيود أو تأخير ودعم كل مبادرة تساعد في ذلك. كسر الحصار ورفع القيود المفروضة على غزة ، والدعوة إلى رفع الحصار الإسرائيلي "اللاإنساني" المفروض على القطاع والسماح غير المشروط بفتح ممر إنساني دائم ومستقر، والمطالبة بإزالة العراقيل التي تمنع دخول الاحتياجات الأساسية، كالغذاء والماء النظيف والوقود والمساعدات الطبية. تحريك المجتمع الدولي وكشف جرائم الاحتلال من خلال توحيد جهود المجتمع المدني من مختلف دول العالم لرفض تواطؤ بعض الحكومات والصمت الدولي حول الجرائم بحق الفلسطينيين، بالإضافة إلى دعوة البرلمانين والسياسيين للضغط على حكوماتهم، وتوجيه الرأي العام الدولي والإعلامي لكشف الجرائم والمطالبة بدعم العدالة والحقوق الإنسانية للفلسطينيين. محاسبة المسؤولين عن انتهاكات القانون الدولي عبر المطالبة بمحاسبة كل من يشارك أو يسهم في ارتكاب جرائم بحق الشعب الفلسطيني أو انتهاك القوانين الدولية، ودعوة الهيئات والمنظمات الدولية للقيام بمسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني. وإلى جانب الأهداف السابقة، قالت المحامية الألمانية ميلاني شفايتسر إن منظمي "المسيرة العالمية إلى غزة" يطمحون إلى تحقيق جملة من الأهداف العامة التي قد تعبر عن الجوانب التضامنية من المجتمع الدولي أو هيئاته، وإرسال رسائل تعبر عن ماهية المسيرة وكونها سلمية فقط. ومن هذه الأهداف محاولة تمثيل المجتمعات المدنية في الدول التي تنطلق منها تهذه المسيرة، وذلك من خلال إشراك النقابات والحركات التضامنية والمؤسسات الحقوقية والقطاعات الطبية والإنسانية، بالإضافة إلى مواطنين من مختلف الأعمار والجنسيات لإعلاء صوت المجتمع المدني العالمي. وتسعى المسيرة إلى ترسيخ مبدأ التضامن الدولي وأنها مستلهمة من تجارب أعمال التضامن التاريخية، وجمع المشاركين من مختلف الجنسيات والثقافات لإيصال رسالة تضامن إنساني موحدة، مع التأكيد على أن المسيرة حركة مدنية سلمية بشكل كامل، وجميع المشاركين متطوعون ويمولون مشاركتهم بأنفسهم، ولا توجد أي جهة حكومية راعية. ونظرا لأن المشاركين في المسيرة ينتمون إلى عدة دول حول العالم، فقد وضع المخططون لها مسارا سيتبعونه وصولا إلى معبر رفح البري على الحدود المصرية. وقبل التحرك، قال أبو كشك إنهم قسموا المشاركين إلى عدة مجموعات جغرافية من أجل التغلب على بُعد المسافات بين المشاركين، وكذلك اختلاف اللغات والثقافات، وتجتمع كل هذه المجموعات بصفة دورية من أجل التوجه إلى القاهرة بدءا من يوم 12 يونيو/حزيران القادم. وأشار مسؤول أمانة العلاقات الدولية في النقابة البديلة الكتالونية (إياك) إدوارد كاماتشو إلى أن المشاركين في المسيرة سيتحملون نفقاتهم الشخصية، ومحاولة توفير الحد الأدنى من الدعم اللوجيستي. وعن تفاصيل المسار الذي أعلنته المسيرة، قال رئيس التحالف الدولي ضد الاحتلال الإسرائيلي إنه يتمثل في المراحل التالية: إعلان تحديد مناطق الانطلاق والتنسيق التي نريد أن نكون موجودين فيها، والتواصل مع الفعاليات الموجودة على الأرض. وأوضح أبو كشك أن "الحوار حول هذه الترتيبات بدأ منذ زمن، وكان الهدف أن نفعل شيئا أكبر مما نفعله في بلادنا." تقسيم المشاركين إلى مجموعات ، خاصة الذين أبدوا اهتماما بالفكرة وانضموا للتحضيرات، لا سيما أنهم ينتمون إلى 32 دولة، وكل دولة لها ترتيباتها الخاصة ولغاتها وثقافاتها. خطة مرحلة الوصول والمسير، ويؤكد أبو كشك أن "النية أن نصل إلى القاهرة، وننتقل بالمواصلات إلى العريش، ومن هناك نبدأ مسيرتنا على الأقدام نحو غزة. وقال المتحدث إننا "ندرك أن الطريق في الصحراء صعب، لكن إذا كان أهل غزة يعيشون بلا أكل أو دواء أو ماء لأكثر من 20 شهرا، فلا مشكلة أن نتحمل الظروف الصعبة لدعمهم." التواصل مع الجهات المعنية مثل السفارات المصرية في الدول التي سننطلق منها، وتوجيه رسائل رسمية للحكومة المصرية للتعاون معنا. مؤكدا أن "المسيرة تدعم جهود مصر لوقف الإبادة في فلسطين، ونحن نبذل كل الجهود بشكل شفاف لتحقيق ذلك". الاعتصام أمام معبر رفح، حيث إن "وجودنا على الأرض يعد وسيلة الضغط الأولى، وسنخيّم عند المعبر للمطالبة بفتحه وإدخال المساعدات". المواد الإغاثية وأكد المتحدثون للجزيرة نت أن الهدف الأساسي "للمسيرة العالمية إلى غزة" هو كسر الحصار "اللاإنساني" المضروب على القطاع منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وإدخال المساعدات الإغاثية العاجلة لسكان القطاع. ولذلك أشار أبو كشك إلى أن المواد الإغاثية الأساسية التي يعتمدون عليها من أجل كسر الحصار الإسرائيلي هو نحو 3 آلاف شاحنة محملة بالغذاء والدواء والوقود والمواد الأساسية عالقة على معبر رفح منذ شهور، ولا يسمح لها بالدخول، في الوقت الذي يعاني فيه سكان القطاع من مجاعة قسرية. كما أن المسيرة تنسق العمل مع عدة مبادرات فاعلة تتفق على الهدف ذاته، ومنها القافلة البرية لكسر الحصار على غزة (صمود) وتحالف أسطول الحرية، حسب ما قاله كاماتشو للجزيرة نت. التواصل الرسمي وفي ما يتعلق بالتواصل مع الجهات الرسمية، أشارت المتحدثة باسم المجموعة الأيرلندية في المسيرة كارين موينيهان إلى أنه تم التواصل مع السلطات المصرية، وكل دولة مشاركة تواصلنا مع سفارتها أو قنصليتها المحلية. وأضافت موينيهان -في تصريحات للجزيرة نت- أن هذا التحرك لا يستهدف تحميل مصر أي مسؤولية، بل نرغب في التعاون معها وممارسة ضغط دولي على إسرائيل لإنهاء الحصار، خاصة في ظل التوقف التام لإدخال المساعدات منذ أوائل مارس/آذار الماضي. وحددت الناشطة أن هدف المسيرة أيضا يتمثل في ضمان محاسبة إسرائيل ووقف جرائمها، إذ إنها تتعمد تجويع أكثر من مليوني إنسان في غزة حتى الموت، و"كل دولة أو جهة في المجتمع الدولي لا تحاول وقف هذا الإجرام تُعد شريكة في الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، والتاريخ لن ينسى من لزم الصمت". وتأتي هذه الفعالية بعد موافقة إسرائيلية على إسناد دخول المساعدات للقطاع لشركة خاصة، لكن الأمم المتحدة ترفض الخطة الإسرائيلية، إذ ترى أنها تفرض المزيد من النزوح، وتعرّض آلاف الأشخاص للأذى، وتَقْصر المساعدات على جزء واحد فقط من غزة ولا تلبي الاحتياجات الماسة الأخرى، وتجعل المساعدات مقترنة بأهداف سياسية وعسكرية.

ما الذي تغير ليرفض الغرب حرب الإبادة على غزة؟ ولماذا الآن؟
ما الذي تغير ليرفض الغرب حرب الإبادة على غزة؟ ولماذا الآن؟

الجزيرة

timeمنذ 38 دقائق

  • الجزيرة

ما الذي تغير ليرفض الغرب حرب الإبادة على غزة؟ ولماذا الآن؟

الكثير من الخجل، أو ربما العار والخزي، كما وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، هو الذي شجع عددا من الدول الغربية على تصعيد حدة النقد تجاه ما يقوم به الاحتلال في غزة. تلا هذه التصريحات وعود غائمة لإعادة قراءة الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية القائمة بين عدد من الدول الأوروبية وبين إسرائيل. إذ وعلى مدار أكثر من 20 شهرا، أسال جيش الاحتلال الكثير من الدماء، عشرات الآلاف من الشهداء، غالبيتهم من الأطفال والنساء، ومئات الآلاف من الجرحى والمصابين والمكلومين، ومجاعة تزداد، وقصف يومي ينهال على رؤوس ساكني القطاع بأطنان من الحمم والقذائف والرصاص الذي لا يميز بين ضحاياه. ورغم الدعم المُطلق من الدول الغربية لحكومة نتنياهو للقضاء على فصائل المقاومة في القطاع المحاصر، فإن الصور التي باتت تخرج يوميا وعلى مدار الساعة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل باتت تضع كثيرا من الضغط والحرج على الحكومات الغربية أمام شعوبها أولا، ثم ازداد هذا الحرج ليأخذ بُعدا فيه صبغة من الإهانة بعد أن أظهر نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية- للجميع أنه لا يقيم وزنا ولا قيمة لأية قوانين دولية ولا أعراف دبلوماسية، وأن أهدافه الشخصية وتحالفه مع التيار الصهيوني الأصولي (بجناحيه سموتريتش وبن غفير) أهم له من آراء حلفائه ونظرائه من زعماء الدول. رصاصة في وجه الدبلوماسية في جنين ، كما في غزة، وعلى المدنيين أو الدبلوماسيين، لا يختلف الأمر كثيرا عندما يتعلق الأمر بالنيران الإسرائيلية التي لا تفرق بين هدف وآخر. في يوم 21 مايو/أيار الجاري، زار وفد يضم دبلوماسيين أوروبيين وعربا مخيم جنين شمالي الضفة الغربية. وأثناء الزيارة، تقدم جنديان إسرائيليان تجاه الوفد الذي كان يضم 25 سفيرا وقنصلا وممثلين عن الاتحاد الأوروبي ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وأطلقا النار على الجميع، مما زرع حالة من الفوضى والذعر في صفوف هذا الوفد، حيث أظهرت اللقطات المصورة للحادثة هرولة الجميع نحو سياراتهم هربا من نيران الاحتلال. لم يكن الجنود الإسرائيليون في حاجة لمبرر سوى انحراف بسيط عن المسار المقرر للوفد لإطلاق النيران بحسب رواية جيش الاحتلال، حيث أصدر الجيش بيانا يقول فيه إن الجنود الذين كانوا في المنطقة أطلقوا طلقات تحذيرية للوفد والمرافقين له، وأنه "يأسف للإزعاج الذي تسبب فيه الحادث". في حديثه لقناة "إل سي إي" الفرنسية، اعتبر "رافاييل جيروزاليمي"، الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أن غضب الأوروبيين "غير مبرر، لأن السياسيين خصوصا لا يفهمون الإرهاب وما يمثله، ولا يفهمون أيضا في الأمن". الضابط الإسرائيلي السابق قال إن الجنود لم يكونوا على علم بمكونات هذا الوفد، وإن الهدف الحقيقي من إطلاق النار كان تحذيرهم من أن المنطقة خطيرة و"أن هناك إرهابيين وقناصة قد يستغلون وجودهم للقيام بعمل إرهابي". لم يقنع هذا الكلام أحدا، وذلك أن المنطقة التي كان فيها الوفد، لا يمكن لأحد دخولها دون علم دولة الاحتلال، التي تسيطر على المنطقة بطريقة تُخالف جميع القوانين الدولية. والطريف في القصة، أن أحد الدبلوماسيين الحاضرين للزيارة كان قد تساءل مازحا إن كان بوسع الإسرائيليين إطلاق النار عليهم، لكن هذه النكتة انقلبت واقعا ماثلا أمامه وهو في طريقه إلى سيارته فارا بحياته. بدأت ردود الفعل الرسمية تتقاطر مباشرة بعد الحدث، حيث قال وزير الخارجية الفرنسية جان نويل بارو في تغريدة له على موقع "إكس" إن بلاده ستستدعي السفير الإسرائيلي لمعرفة ما حدث، وأضاف: "تعرضت زيارة إلى جنين، شارك فيها أحد دبلوماسيينا، لإطلاق نار من جنود إسرائيليين. هذا أمر غير مقبول. وسيتم استدعاء السفير الإسرائيلي لتقديم توضيحات. كل الدعم لبعثتنا ولعملها الرائع في ظروف صعبة". في السياق ذاته جاء تعقيب للقنصل العام الفرنسي في القدس "نيكولا كاسيانيدس" والذي قال إن ما حدث أمر غير مقبول، لكن الهيئة الدبلوماسية الفرنسية ستواصل عملها وأن "موظفيها عازمون على مواصلة مهمتهم بشجاعة يحتذى بها". وغير بعيد عن فرنسا، في إيطاليا هذه المرة اعتبر وزير الخارجية "أنطونيو تاياني"، أن التهديدات التي أقدم عليها الجنود الإسرائيليون غير مقبولة، داعيا الحكومة الإسرائيلية إلى تقديم توضيحات فورية حول ما حدث، مستدعيا هو الآخر السفير الإسرائيلي للمطالبة بتفسير رسمي. لن يتغير الموقف في إسبانيا والبرتغال اللتين أقدمتا على الخطوة نفسها، في حين طالبت تركيا بفتح تحقيق فوري حيث كان يضم الوفد أحد موظفي القنصلية العامة التركية في القدس. لم يأت هذا الحدث منفردا، فقد سبق لعدد من الدبلوماسيين العاملين في القدس أن اشتكوا من انتهاكات لحقوقهم الدبلوماسية من قبيل عمليات تفتيش عنيفة بل ومهينة أحيانا على الحواجز في الضفة الغربية، بل وتصويب السلاح تجاههم، ففي نوفمبر/تشرين الماضي، أقدم جنود الاحتلال على طرح رجال درك فرنسيين أرضا وتوقيفهم وسط موقع ديني في القدس يخضع للحماية الفرنسية، حينها لم تبد فرنسا امتعاضا كبيرا، ولم تتحرك الآلة الإعلامية الفرنسية لاستنكار ذلك، إذ كانت منشغلة آنذاك بمواضيع أخرى من بينها ما سمّته الحكومة حينها بـ "ارتفاع معاداة السامية في البلاد". جدار الحلفاء المتصدع لم تكن الرصاصات التي خرجت من أسلحة جنود الاحتلال تجاه الوفد الدبلوماسي إلا شرارا يتطاير من نيران كانت قد اتقدت بالفعل بين إسرائيل وحلفائها الغربيين المخلصين كما وصفوا أنفسهم أكثر من مرة في أوقات سابقة. في 19 مايو/أيار الجاري أصدرت كل من فرنسا وبريطانيا وكندا بيانا بشأن الوضع في غزة وفي الضفة الغربية، قالت فيه هذه البلدان إنها تعارض بشدة توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، واصفة المعاناة الإنسانية في القطاع بأنها "لا تطاق" وأن سماح إسرائيل بدخول كميات ضئيلة من الغذاء إلى المناطق المنكوبة غير كاف على الإطلاق. طالب البيان الحكومة الإسرائيلية بالوقف الفوري لعملياتها العسكرية في غزة والسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية بالتعاون مع الأمم المتحدة، مع مطالبة "حماس بالإفراج الفوري عن الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم بطريقة قاسية". واعتبرت الدول الموقعة أن رفض الحكومة الإسرائيلية تقديم المساعدات الإنسانية الأساسية للسكان المدنيين هو أمر غير مقبول، وأنه قد يشكل انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني، مدينة الخطاب الذي يستخدمه بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية عبر التهديد بالترحيل القسري للمدنيين، وهو ما يشكل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني. وأضاف البيان أن إسرائيل تعرضت لهجوم "شنيع" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حصلت على إثره على دعم كامل للدفاع عن مواطنيها ضد الإرهاب، بيد أن هذا الأمر لا يعني أن تقف الدول الغربية مكتوفة الأيدي في الوقت الذي تواصل فيه حكومة بنيامين نتنياهو أفعالا "فاضحة" في غزة وفي الضفة حيث تواصل توسيع المستوطنات وقضم المزيد من الأراضي لصالح المستوطنين الجدد. في آخر البيان، عبرت الدول الموقعة عن رغبتها بتوقف دولة الاحتلال عن كل ذلك، وإلا فإنها ستزيد من خطواتها الرافضة لاستمرار التجاوزات الإسرائيلية، لكن كيف ذلك؟ وما الذي يمكن لهذه الدول القيام به؟ للإجابة؛ سنعود بالزمان قليلا إلى الوراء لإعطاء نبذة عن العلاقات بين دولة الاحتلال وبين الدول الأوروبية. يُعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لإسرائيل، حيث تستند العلاقة بين الطرفين على اتفاقية الشراكة الموقعة عام 1995 التي دخلت حيز التنفيذ في العام 2000. تتيح هذه الاتفاقية إمكانية التبادل التجاري الحر في عدة قطاعات، منها الزراعة والصناعة. في العام 2022 مثلا، كانت 24% من صادرات دولة الاحتلال موجهة إلى دول الاتحاد الأوروبي، في حين بلغت الواردات القادمة إلى دولة الاحتلال نحو 31% من أوروبا. يضع الاتحاد الأوروبي دولة الاحتلال ضمن ما يعرف بـ"سياسة الجوار الأوروبية"، وهي سياسة تهدف إلى الحفاظ على علاقات سياسية واقتصادية جيدة مع الدول المجاورة للاتحاد، كما اقتربت الدول الأوروبية مع إسرائيل أكثر فأكثر بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، في إطار رغبة أوروبا في تقليل اعتمادها على مصادر الطاقة الروسية والبحث عن خيارات أخرى بديلة لاستيراد الطاقة، ومنها إسرائيل. تعتبر كل هذه الاتفاقيات وغيرها دلائل على التقارب بين الغرب وبين إسرائيل، أو بين أوروبا وإسرائيل، دون نسيان الدعم الكبير للصهيونية كفكرة من طرف هذه الدول، بل اعتبار بعض الدول كفرنسا وألمانيا انتقاد الصهيونية معاداة للسامية. بيد أن إصرار جيش الاحتلال ومن ورائه حكومة الاحتلال على عدم الالتزام بأية قوانين دولية ولا أعراف دبلوماسية، ومواصلة حربها الدموية في غزة، أثار إحراجا غاضبا لدى حلفائها، حتى اتّسع الخرق على الراقع. في لقاء له مع قناة "تي إف 1" يوم 13 مايو/أيار الجاري، وصف الرئيس إيمانويل ماكرون ما يحدث في غزة وما تقوم به حكومة نتنياهو بـ "الخزي"، مذكرا بأنه أحد القادة القلائل الذين ذهبوا حتى الحدود المصرية الإسرائيلية في زيارة كانت من أسوأ ما شاهد هو شخصيا، خصوصا بسبب قيام دولة الاحتلال بمنع دخول المساعدات، بما في ذلك المساعدات الفرنسية. رغم كل ذلك، رفض إيمانويل ماكرون استعمال مصطلح "الإبادة"، معتبرا أن الأمر لا يخص السياسيين بل يخص المؤرخين، الذين سيكون لديهم الحق في وضع وصف دقيق لما يحدث، في حين يعتبر دور الرؤساء هو إيقاف ما يحدث الآن في القطاع المنكوب. في المسار نفسه، كانت بريطانيا قد أعلنت تعليق مفاوضاتها التجارية مع دولة الاحتلال، فارضة مجموعة عقوبات على المستوطنين في الضفة الغربية، كما أنها استدعت السفير الإسرائيلي من أجل تبليغ حكومة بلاده احتجاج بريطانيا على "الهجوم غير المقبول" على غزة. تتوسع موجة الامتعاض من إسرائيل، لتشمل دولا أوروبية أكثر، فقد قدمت هولندا، إحدى أقرب أصدقاء إسرائيل، عبر وزير خارجيتها طلب مراجعة الاتفاقية التي تنظم العلاقات التجارية مع إسرائيل بسبب "احتمال" خرق إسرائيل للمادة الثانية من الاتفاقية المتعلقة باحترام حقوق الإنسان اللافت أن هذا الاقتراح لاقى دعما كبيرا من بلجيكا وفنلندا ولوكسمبورغ والبرتغال وسلوفينيا والسويد، إضافة إلى الدانمارك وإستونيا ومالطا وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا، بجانب فرنسا وإسبانيا، في الوقت الذي تكوّن فيه فريق المعارضة من بلغاريا وكرواتيا وقبرص والتشيك وألمانيا واليونان والمجر وليتوانيا، ثم أخيرا، إيطاليا التي رغم معارضتها للاقتراح الهولندي، فإن وزيرتها الأولى جورجا ميلوني كانت قد قالت في كلمة لها أمام برلمان بلادها إن الوضع الإنساني في غزة "لا يمكن تبريره، وعلى إسرائيل احترام القانون الدولي الإنساني". وفي تعقيبها على هذا الاقتراح قالت "كايا كالاس" مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن هناك أغلبية قوية تؤيد مراجعة المادة الثانية من اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، مضيفة: "الوضع في غزة كارثي. ما سمحت به إسرائيل من مساعدات أمر مرحب به، لكنه بمثابة قطرة في محيط. يجب إدخال المساعدات فورا، دون عوائق وبشكل واسع، لأن هذا ما هو مطلوب الآن". هل ستنظر إسرائيل إلى المرآة؟ لم يعتد بنيامين نتنياهو أن يُقال له لا، لا داخليا ولا خارجيا، فالرجل يعتبر نفسه المُخلّص للغرب لأنه يقف في مواجهة جبهة "الإرهاب" التي تهدد العالم بأسره، بيد أن الغربيين أنفسهم يعلمون أن "بيبي" يستغل جميع الأزمات والحروب لصالحه، إما لتحقيق مكاسب سياسية أو من أجل تخفيف خسائره والهرب من المحاكمات القضائية التي تلاحقه، وهو الذي فاحت منه روائح الفساد داخل الكيان وخارجه. لم يتقبل رئيس وزراء الاحتلال البيان الذي أصدره حلفاؤه، معتبرا أن باريس ولندن وأوتاوا تقف "في الجانب الخطأ من التاريخ"، مستغلا حادثة مقتل موظفين في السفارة الإسرائيلية بواشنطن بالرصاص، وعلى إثر هذه الحادثة ذهب "بيبي" إلى أبعد من اتهام العواصم الثلاث بعدم دعمه، إلى اتهامهم بالتسبب في حادثة واشنطن، والمشاركة في التحريض على إسرائيل ومواطنيها. رأت الحكومة ورئيسها أن البيان المشترك ما هو إلا دعم لحركة حماس، حيث صرح نتنياهو: "عندما يشكركم القتلة الجماعيون والمغتصبون وقتلة الأطفال والخاطفون، فأنتم على الجانب الخاطئ من العدالة"، ردت فرنسا سريعا عبر المتحدثة باسم الحكومة "صوفي بريماس" التي قالت إن بلادها لا تقبل هذه الاتهامات، وإنها تدين ما حدث في واشنطن وتعتبره عملا معادا للسامية، بيد أنه يجب عدم الخلط بين الشعب الإسرائيلي وبين سياسات حكومة بنيامين نتنياهو الحالية. أما ما يبدو حتى اللحظة، فهو أن نتنياهو يصر على الإبادة الكاملة لقطاع غزة، بينما يسعى لتقديم روايته لجمهور إسرائيل تجاه التحولات التي تجري في الخطاب الغربي، الذي قال فيه إن "حلفاءنا يقفون معنا"، لكنهم قالوا له إنه من غير الجيد أن تنتشر صور المجاعة، وبدافع "الاحترام"، كما قال، سمح بدخول بضع شاحنات مساعدات لأكثر من مليوني مواطن! لكن الحقيقة الجلية، أن الضغوط الغربية حتى اللحظة لا تتعدى التصريحات والبيانات وبعضها موجه للرأي العام الداخلي. ويعوّل نتنياهو على أن هذه الدول لن تذهب أبعد من التهديد، لأن تنفيذ العقوبات، خصوصًا الاقتصادية، يظل معلقا إلى أجل غير مسمى في ظل حرب أوروبا الطويلة مع روسيا، والتي دفعتها إلى البحث عن كل منفذ اقتصادي، حتى لو كان ملوّثًا بالدم. ووسط كل ذلك، يبدو باكرا الحديث عن اليقظة الغربية، فاليقظة السياسية تختلف عن اليقظة من النوم بأنها لا تكتفي بأن تفتح عينيك فقط، بل أن تغير في الواقع. وحتى ذلك الحين، ربما سينتظر سياسيو أوروبا مؤرخيهم إذا ما كانوا سيبتّون فيما إذا كان ما يجري في غزة "إبادة جماعية" أم لا. ووسط كل هذه التراشقات والتجاذبات، تتعالى أصوات الجوعى، ثم تنهمر القذائف، فيخفت الصوت تدريجيا، لا لأن الجوع قد خف، ولكن لأن أصوات الجائعين قد قلّت.

الاحتلال يقتل مديرة إدارة العمليات بالدفاع المدني وزوجته في غزة
الاحتلال يقتل مديرة إدارة العمليات بالدفاع المدني وزوجته في غزة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

الاحتلال يقتل مديرة إدارة العمليات بالدفاع المدني وزوجته في غزة

أعلن جهاز الدفاع المدني الفلسطيني في قطاع غزة، اليوم الأحد، عن استشهاد مدير إدارة العمليات في الجهاز، العقيد أشرف أبو نار، وزوجته جراء قصف إسرائيلي مباشر استهدف منزلهما في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة. وقالت المديرية العامة للدفاع المدني في بيان رسمي: "تنعى المديرية العامة للدفاع المدني استشهاد العقيد أشرف أبو نار، مدير إدارة العمليات لديها، في استهداف إسرائيلي مباشر داخل منزله في مخيم النصيرات، واستشهاد زوجته أيضا". وأضاف البيان أن العقيد أبو نار شغل خلال السنوات الماضية عدة مناصب قيادية في الجهاز، منها إدارة محافظات غزة والوسطى وخان يونس، قبل أن يتولى مسؤولية إدارة العمليات، مشيدة بانضباطه والتزامه في أداء مهامه الإنسانية والمهنية. ويأتي هذا القصف في إطار هجمات جوية إسرائيلية متواصلة استهدفت مناطق متفرقة من قطاع غزة منذ فجر الأحد، وأسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن 19 فلسطينيا. ويواصل جيش الاحتلال استهداف المؤسسات الإغاثية والطبية وطواقمها العاملة في قطاع غزة، في محاولة لتقويض جهود تلك المؤسسات في التخفيف من آثار الحرب الإسرائيلية على أهالي القطاع. وتشن إسرائيل حرب إبادة جماعية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدعم أميركي، مما أسفر حتى الآن عن استشهاد وإصابة أكثر من 176 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store