
ليون الرابع عشر: روبرت فرانسيس بريفوست هو أوّل بابا أميركي
انتُخِب روبرت فرانسيس بريفوست البابا رقم 267 في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية الرومانية يوم أمس الخميس، واتخذ الاسم البابوي ليون الرابع عشر، ليصبح أول بابا من الولايات المتحدة، متجاوزاً الحكمة التقليدية التي سبقت انعقاد المجمع، وأشارت إلى أنّ احتمال انتخاب أميركي حبراً أعظم كان ضئيلاً جداً.
وأشارت نفخة من الدخان الأبيض من مدخنة فوق كنيسة السيستين، إلى أنّ الكرادلة المحتجزين فيها لمدة يومَين قد انتخبوا بابا جديداً للكاثوليك الرومان في العالم، البالغ عددهم 1,4 مليار نسمة. وكبابا، سيواجه ليون الرابع عشر قرارات صعبة بشأن مسار الكنيسة، خصوصاً في ما إذا كان سيواصل أجندة سلفه البابا فرنسيس، الذي دافع عن المزيد من الشمولية والانفتاح على التغيير حتى وفاته الشهر الماضي، أو يسلك طريقاً مختلفاً.
توصّل الكرادلة إلى قرارهم بعد أن ظلّوا في المجمع المغلق لأكثر من 24 ساعة بقليل، وبعد جولات عدة من التصويت. وضمّ المجمع 133 كاردينالاً، وهو العدد الأكبر في تاريخ هذه الاجتماعات، وكان من بينهم عدد كبير من الذين عيّنهم البابا فرنسيس الراحل، وبعضهم لم يكن يعرف الآخر، وهذا ما جعل التوصّل إلى توافق سريع تحدّياً جدّياً، نظراً لتعدّد المرشحين والانقسامات بينهم بشأن مستقبل الكنيسة.
وعلى رغم من جذوره الأميركية، يُنظر إلى الكاردينال بريفوست، البالغ من العمر 69 عاماً والمولود في شيكاغو ويُتقِن عدة لغات، على أنّه رجل كنيسة يتجاوز الحدود. فقد خدم لمدة عقدَين في البيرو، حيث أصبح أسقفاً ونال الجنسية، ثم ترقّى إلى قيادة رهبنته الدينية الدولية، وحتى وفاة البابا فرنسيس، كان يشغل أحد أهم المناصب في الفاتيكان، إذ كان يُدير المكتب المكلّف باختيار الأساقفة وإدارتهم على مستوى العالم.
وهو عضو في رهبنة القدّيس أوغسطينوس، ويُشبه البابا فرنسيس في التزامه بالفقراء والمهاجرين، وفي سعيه إلى لقاء الناس حيثما كانوا. وأكّد العام الماضي لموقع الفاتيكان الرسمي: «الأسقف ليس من المفترض أن يكون أميراً صغيراً جالساً في مملكته».
وقد قضى معظم حياته خارج الولايات المتحدة. رُسِّم كاهناً عام 1982 وهو في السابعة والعشرين من عمره، ونال شهادة دكتوراه في القانون الكنسي من جامعة القديس توما الأكويني البابوية في روما. وفي البيرو، كان مبشّراً وكاهن رعية ومعلماً وأسقفاً. وبصفته قائداً للأوغسطينيِّين، زار رهبنات حول العالم، ويتحدّث الإسبانية والإيطالية.
يوصف غالباً بأنّه متحفّظ في أسلوبه، ومن المتوقع أن يختلف في الأسلوب عن البابا فرنسيس. ويعتقد مؤيّدوه أنّه سيُواصل على الأرجح العملية الاستشارية التي بدأها فرنسيس وتدعو المؤمنين العاديِّين إلى الاجتماع مع الأساقفة.
ومن غير الواضح ما إذا كان سيكون منفتحاً على الكاثوليك المثليِّين والمثليات ومزدوجي ومتحوّلي الجنس كما كان البابا فرنسيس. فعلى رغم من أنّه لم يُدلِ بتصريحات كثيرة أخيراً، إلّا أنّه أعرب، في خطاب ألقاه عام 2012 أمام الأساقفة، عن أسفه لأنّ وسائل الإعلام الغربية والثقافة الشعبية تشجّع على «التعاطف مع معتقدات وممارسات تتعارض مع الإنجيل». وقد أشار إلى «نمط الحياة المثلي» و»الأسر البديلة المكوّنة من شركاء من الجنس نفسه وأطفالهم بالتبنّي».
وكغيره من الكرادلة، تعرّض إلى انتقادات بشأن طريقة تعامله مع قضايا كهنة متهمين باعتداءات جنسية.
عند إطلالته الأولى من على شرفة الفاتيكان بُعَيد انتخابه، بدا ليون الرابع عشر متأثراً بوضوح ولوّح للحشود، فيما لوّح له البعض بالأعلام الأميركية. وبدأ البابا خطابه بالكلام عن السلام، وكان يعود إليه مراراً طيلة كلمته. وكانت كلماته الأولى: «السلام معكم».
وأضاف البابا ليون الرابع عشر، أنّ على الناس أن يكونوا «شعباً واحداً»، دائماً في حالة سلام. وتابع أنّ الصوت الضعيف للبابا فرنسيس في أيامه الأخيرة لا يزال يصدح في العالم: «شكراً للبابا فرنسيس». وأشار البابا الجديد إلى أنّه أوغسطيني، ووجّه تحية خصوصاً لكنيسة روما. وفي خطابه، أولى أهمية كبيرة لبناء الجسور. وأكّد إنّه يُريد كنيسة «سينودسية»، تسعى دائماً إلى أن تكون «قريبة من أولئك الذين يعانون».
ظهر البابا ليون الرابع عشر على الشرفة. وتعالت هتافات «ليونني، ليونني، ليونني» في الحشد، فيما شرع آخرون يهتفون بأسلوب أشبه بكرة القدم: «ليون، ليون، ليون، ليونو، ليونو».
في عالم يبدو مقلوباً رأساً على عقب، بدأت حتى المحرّمات القديمة تنهار داخل الفاتيكان، حيث كانت فكرة وجود بابا أميركي غير قابلة للتصوّر لأجيال.
ويأتي انتخاب أول بابا أميركي في وقت يُعرِّف فيه 20% من البالغين الأميركيِّين عن أنفسهم ككاثوليك، وهي نسبة ظلت مستقرة طوال العقد الماضي تقريباً. ويُشكّل الكاثوليك نسبة أكبر من السكان في مدينة البابا ليون الرابع عشر، شيكاغو، حيث يُعدّ واحد من كل 3 أشخاص كاثوليكياً في منطقة شيكاغو الكبرى، بحسب أبرشية شيكاغو.
روبرت فرانسيس بريفوست، الذي أصبح الآن البابا ليون الرابع عشر، تمّ تعيينه كاردينالاً من قِبل البابا فرنسيس قبل أقل من عامَين. وقد أثار انتخاب أول بابا أميركي ردود فعل متباينة من الحشود. اثنان من الأميركيِّين المبتسمين، شون سيكور من أوكلاهوما وكول ويندلينغ من تكساس، كانا يحملان العلم الأميركي بينما كان الغرباء يهنّئونهما. صاح رجل طويل القامة ملفوف بالعلم الكندي: «لقد فزتما اليونم»، لتعلو ضحكات ودّية من الحشد.
وفي الساحة، ناقش الناس ما يعنيه أن يكون هناك بابا أميركي لأول مرّة في هذا العصر. واعتبر فرانشيسكو سافيريو تيبيري، طالب يبلغ من العمر 18 عاماً من روما: «مع الوضع الاجتماعي والسياسي المرتبط بترامب (الرئيس الأميركي)، أعتقد أنّه أمر جيد. ربما يمكن للبابا الأميركي أن يفعل شيئاً لتحسين العلاقات بين إيطاليا وأوروبا وأميركا».
البابا ليون الرابع عشر هو أيضاً أول بابا أوغسطيني في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. وقد باتت البابوية تتنقّل بين قارات مختلفة - وبعيداً عن إيطاليا - منذ ما يقرب من 50 عاماً. من بولندا، إلى ألمانيا، إلى الأرجنتين، والآن إلى الولايات المتحدة. وأشار البابا ليون الرابع عشر إلى أنّه: «أود أن أشكر جميع إخوتي الكرادلة الذين اختاروني لأكون خليفة القديس بطرس، وأن أسير معكم ككنيسة موحّدة، نسعى دائماً إلى السلام والعدالة».
الكاثوليكية الأميركية تعيش لحظة لافتة. فقد اعتنق نائب الرئيس جي دي فانس الكاثوليكية، وكان الرئيس السابق جوزيف بايدن أول رئيس كاثوليكي للولايات المتحدة منذ الرئيس الراحل جون ف. كينيدي. كما شهدت المدارس الكاثوليكية زيادة في أعداد الطلاب خلال الجائحة، واستفادت من حركة متنامية لدعم قسائم المدارس الخاصة، والتي تساعد في دفع رسوم التعليم الخاص.
من جهة أخرى، هنّأ الرئيس ترامب البابا ليون الرابع عشر في منشور على منصة «تروث سوشيال». وكتب: «تهانينا للكاردينال روبرت فرانسيس بريفوست، الذي تمّ تعيينه للتو بابا. إنّه لشرف عظيم أن ندرك أنّه أول بابا أميركي. يا لها من إثارة، ويا له من شرف عظيم لبلدنا. أتطلّع إلى لقاء البابا ليون الرابع عشر. ستكون لحظة ذات مغزى كبير!».
وسرعان ما ابتهج سكان شيكاغو بخبر أنّ أول بابا أميركي هو من مواليد مدينتهم. الأب ويليام ليغو، كاهن كنيسة القدّيس توريبيوس في شيكاغو، كان يعرف البابا الجديد عندما كانا شابَين في السمنير في ميشيغان. وأقرّ من مكتبه، وقد بدا مذهولاً: «أعتقد أنّ زميلي في الصف نالها للتو. لقد اختاروا رجلاً صالحاً. كان دائماً يتمتع بإحساس بالوعي تجاه الفقراء ومحاولة مساعدتهم».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 5 أيام
- القناة الثالثة والعشرون
لبنان يودّع البابا فرنسيس: صلاة مرافقة في حاريصا الجمعة وإضاءة شموع على شرفات المنازل
وزّع المركز الكاثوليكي للاعلام ما يلي: "ينظم مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان صلاة المرافقة لراحة نفس الحبر الأعظم البابا فرنسيس، في حضور السفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بورجيا، وذلك يوم الجمعة الواقع فيه ٢٥ نيسان 2025، عند الساعة السادسة والنصف مساءً، في باحة مزار سيدة لبنان – حريصا". ودعا الى "اعتبار هذه الدعوة عامة، وإرسالها الى كلّ الابرشيات والرعايا والرهبانيات، وأيضاً الى لجان المجلس الأسقفية والهيئات التابعة له، والتمنّي على المكرّسين والمكرسات، والمؤمنين والمؤمنات، والشبيبة كافة الملتزمة بتلك الهيئات، الحضور والمشاركة بهذه الصلاة". وطلب من "جميع المؤمنين إضاءة الشموع على شرفات منازلهم في هذه الليلة، تعبيرًا عن المشاركة في الحداد". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

القناة الثالثة والعشرون
منذ 5 أيام
- القناة الثالثة والعشرون
ترامب يتوجه إلى الخليج وعينه على عقد الصفقات
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب... انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب... يتوجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا الأسبوع إلى السعودية وقطر والإمارات، في خضم نشاط دبلوماسي مكثف، ساعيا إلى إبرام صفقات تجارية، مع إدراكه صعوبة التوصل إلى اتفاقيات بشأن أبرز النزاعات في الشرق الأوسط. وستكون جولة ترامب بين 13 و16 أيار، الأولى له خارج الولايات المتحدة في ولايته الرئاسية الثانية، علما بأنه قام بزيارة مقتضبة لروما لحضور جنازة البابا فرنسيس. وأكّد البيت الأبيض بأنه يتطلع إلى 'عودة تاريخية' إلى المنطقة. قبل ثماني سنوات، اختار ترامب أيضا السعودية كوجهة لرحلته الخارجية الأولى كرئيس، حيث التقط صورة تذكارية مع بلورة مضيئة وشارك في رقصة بالسيف. يؤكد قراره مرة أخرى بتجاوز حلفائه الغربيين التقليديين والسفر إلى دول الخليج الغنية بالنفط أهمية دورهم الجيوسياسي المتزايد، بالإضافة إلى علاقاته التجارية المتميزة في المنطقة. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


النهار
منذ 6 أيام
- النهار
هل يكون لاوون الرابع عشر البابا الذي تمنّته أوكرانيا؟
"عليها التحلّي بشجاعة رفع العلم الأبيض". قد تكون عبارةً منسيّةً الآن، لكنّها أثارت جدلاً واسعاً حين أُطلقت حينها. كانت تلك عبارة البابا فرنسيس الراحل في آذار/مارس 2024 خلال حديث إلى هيئة "آر تي إس" السويسريّة. "أنتَ ترى أنّك مهزوم، والأمور لا تسير على ما يرام، تَحلَّ بالشجاعة للتفاوض"، أضاف البابا الراحل. "علمُنا أصفر وأزرق. هذا هو العلم الذي نعيش نموت وننتصر به"، ردّ وزير الخارجيّة الأوكرانيّ السّابق دميترو كوليبا. "لن نرفع أبداً أيّ أعلام أخرى". "نحتاج إلى الاهتمام" بعد الجدل والاحتجاجات، ردّ الفاتيكان عبر إظهار أنّ عبارة "العلم الأبيض" اقترحها الإعلاميّ الذي كان يجري المقابلة واستخدمها البابا فرنسيس في إجابته. على أيّ حال، لم يكن هذا الموقفَ البابويّ الوحيد الذي أزعج أوكرانيا بعد الحرب. فالبابا السّابق لم يصف روسيا بالمعتدي حتى أنّه لام "نباح النّاتو على باب روسيا" لأنّه "ربّما سهّل" الحرب. وفي المقابلة نفسها مع صحيفة إيطاليّة، أصرّ البابا الراحل على مقابلة الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين قبل التّوجّه إلى أوكرانيا. أثارت هذه المواقف وغيرها حفيظة الأوكرانيّين إلى حد كبير. كذلك، زار البابا السفارة الروسيّة بالقرب من الفاتيكان بعد 24 ساعة على الغزو. بعد رحيل البابا فرنسيس عن هذا العالم، قال المحلل الأوكراني فولوديمير فيسينكو لوكالة "فرانس برس" إنّ على البابا المقبل "أن يعير أوكرانيا اهتماماً أكبر". يبدو أنّ أمنيته تحققت سريعاً. "حرب إمبرياليّة" بحسب المؤشّرات المتوفّرة القليلة، لكن المهمّة، قد يملك البابا لاوون الرّابع عشر نظرة مختلفة تماماً إلى الصّراع. سنة 2022، وحين كان لا يزال أسقفاً في البيرو، انتقد البابا (الكاردينال روبرت بريفسوت آنذاك) غزو روسيا لأوكرانيا معتبراً إيّاه حرباً "إمبريالية". وفي مقابلة مع صحيفة "سيماناريو إكسبرسيون"، شجب بريفوست الحرب بصفتها "غزواً حقيقياً، إمبريالية بطبيعتها، حيث تسعى روسيا إلى احتلال أرض لأسباب تتعلق بالقوة". وأضاف أنّ من أهداف احتلال أوكرانيا "موقعها الاستراتيجيّ" و"القيمة العظيمة" التي تمثّلها أوكرانيا على مستوى التاريخ والثقافة والإنتاج. وتابع: "أعتقد أنّه علينا أن نكون أوضح. حتى بعض السياسيّين في بلدنا لا يريدون الاعتراف بفظائع هذه الحرب وسوء روسيا" بسبب قرار خوضها. ويبدو أنّ ذلك التصريح لم يكن نابعاً فقط من أجواء تعاطفيّة مع أوكرانيا سادت على وجه الخصوص خلال الأشهر الأولى التي تلت انطلاق الغزو. ففي خطوة لافتة، وعلى الرّغم من أنّها لم تلقَ الكثير من الأضواء، كانت المكالمة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هي أوّل اتّصال معلوم يجريه البابا لاوون الرابع عشر برئيس أجنبي. هو أغسطينيّ في حديث إعلاميّ إلى "فوربس"، توقّع أستاذ اللاهوت في جامعة فيلانوفا الأميركيّة الكاثوليكيّة ماسيمو فاجيولي أن يكون البابا قادراً أكثر على التأثير في الصراع، لأنّه أوّلاً، وكبابا أغسطينيّ، (نسبة إلى القديس أغسطينوس 350-430) يؤمن بمفهوم "الحرب العادلة"، على عكس البابا الراحل الذي كان يسوعيّاً. أما السّبب الثاني بحسب رأيه فهو أنّ أميركيّة البابا تجعله محطّ أنظار الدول الكبيرة من بينها الصين وروسيا والهند. ويضيف أنّ البابا لاوون الرابع عشر هو الأكثر نشاطاً منذ 40 عاماً بالنظر إلى سنّه. عاملٌ آخر ثمّة سبب إضافيّ محتمل لتفسير التأثير المتوقّع لدى البابا الحاليّ في ملفّ أوكرانيا. بعد وفاة البابا فرنسيس، قال مسؤول أوكرانيّ رفض الكشف عن هويته في حديث إلى "فرانس برس"، إنّ البابا الراحل أمكنه أن يفعل المزيد لتفسير مظالم أوكرانيا في دول الجنوب العالميّ. صحيحٌ أنّ البابا لاوون الرابع عشر أميركيّ لكنّه أيضاً بيروفيّ بفعل قضاء فترة طويلة من خدمته الكهنوتيّة في البيرو التي منحته جنسيّتها. وهذا يعني أنّ البابا الحاليّ، من الناحية الثقافيّة، هو جزء أيضاً من "الجنوب العالميّ"، حيث عانت أوكرانيا بشكل متفاوت في الترويج لقضيّتها. كان انتماء البابا الأرجنتينيّ الراحل إلى دول "الجنوب العالمي" أحد الأسباب التي ذكرها مراقبون لتفسير عدم وقوف فرنسيس الصريح إلى جانب أوكرانيا. نظر قسم من حكومات وشعوب هذا الجزء من العالم إلى أوكرانيا كتابعة لدولة أميركيّة "إمبرياليّة". وصف زيلينسكي المكالمة الهاتفيّة بـ "الدافئة جداً والجوهريّة جداً" داعياً البابا إلى زيارة أوكرانيا لأنّها "ستجلب الأمل الحقيقيّ لجميع المؤمنين". هي فكرة كرّرها كبير أساقفة الكنيسة اليونانيّة الكاثوليكيّة في أوكرانيا سفياتوسلاف شيفشوك: "نشعر فعلاً بأنّ البابا ليو الرابع عشر سيكون بابا السلام لأوكرانيا التي عانت طويلاً من الحرب". سنة 2023، كتب جون ألان جونيور في مجلّة "ذي أتلانتيك" أنّ مواقف البابا فرنسيس كانت تعكس تزايد عدد الكاثوليك خارج أوروبا. لكن بحسب المؤشّرات المتوفّرة حتى الآن، وبدلاً من مجاراة الثقل الكاثوليكيّ المتمدد خارج الغرب كما فعل فرنسيس بشكل افتراضيّ، يبدو أنّ البابا الحاليّ يقوم بمصالحة هذا الواقع الجيوسياسيّ مع ما يعتبره ضرورة أخلاقيّة شاملة.