
مسجد الغمامة بالمدينة المنورة، سر تسميته وأشهر أسمائه وقيمته التاريخية
مسجد الغمامة اليوم معلم تاريخيّ يقصده زوَّار المدينة المنورة، وتقام فيه الصلوات المفروضة، وتُفتح أبواب مسجد الغمامة من الساعة الـ 10:00 صباحًا وتُغلق الساعة الـ 12:00 صباحًا. ولمسجد الغمامة العديد من القصص والروايات التي تروى حوله.
وفي السطور التالية نستعرض معكم مسجد الغمامة وسر التسمية وأشهر أسمائه وقيمته التاريخية.
مسجد الغمامة وسر التسمية وأشهر أسمائه وقيمته التاريخية، فيتو
الموقع والمكان
يُعد موقع مسجد المصلّى (الغمامة) آخر المواضع التي ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلّى فيه صلاة العيد حتى توفاه الله، ويقع المسجد على بعد 200م من ساحات المسجد النبوي اليوم، وقد كان مصلىً نبويًّا يخرج له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليصلي بالناس صلاة العيد والاستسقاء يكتنز في زواياه وباحاته عددًا من أحداث السيرة وعبق التاريخ الحضاري للمسلمين.
أسماء مسجد الغمامة
اشتهر المسجد باسم مسجد المصلى أي مكان صلاة العيدين والاستسقاء، واشتهر تسميته مؤخرًا بمسجد الغمامة، لكونه مكان صلاة الاستسقاء لرسول الله ﷺ، وقيل: إن غمامة ظللت رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، من الشمس في هذا المكان وهو يصلي الاستسقاء.
والمراد بالمصلى هو الميدان الذي يقع في الجهة الجنوبية الغربية من المسجد النبوي الشريف، وكان يُعرف أيضًا بالمناخة، وهو سوق المدينة، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي عيد الفطر وعيد الأضحى وصلاةَ الاستسقاء في عدة مواضع مِن هذا الميدان، كما صلى فيه صلاةَ الغائب على النجاشي ملكِ الحبشة.
لمحات من عمارة مسجد الغمامة
أنشأ المسجد عمر بن عبد العزيز رحمه الله، لما كان واليًا على المدينة في القرن الهجري الأول، فقد تتبع عمر بن عبد العزيز المصليات النبوية بمحضر من كبار التابعين وبنى عليها مساجد لتحديد مكانها، ثم جدد البناء ورمم مرات كثيرة عبر تاريخه، منها: عمارة عز الدين شيخ الحرم الشريف في عصر السلطان حسن بن محمد بن قلاوون الصالحي، ثم جدده الأمير برديك المعمار.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، كما تم تأهيل المسجد في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
وكان آخرها وأعظمها التطوير الشامل للبناء الذي قامت به المملكة العربية السعودية فتم بناؤه وإعادة تأهيله بأعلى المعايير التي تحافظ على شكله المعماري وروحه التصميمية الفريدة. حيث تم تجديده في عهد الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود، وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، ويتكون المسجد حاليا من مدخل بعرض 4 م وطول 26 م وتعلوه 5 قباب، ومصلى بعرض 15 م وطول 30 م، مع مئذنة أسطوانية في ركنه، وفوق الباب لوحة خضراء مكتوب فيها بخط الثلث الذهبي (مسجد الغمامة)..
مسجد الغمامة وسر التسمية وأشهر أسمائه وقيمته التاريخية، فيتو
حكم زيارة المدينة المنورة ومساجدها
المدينة النبوية المنورة مَهد الإسلام؛ شرَّفها الله تعالى وفضَّلها، وجعلها من خير بقاع الأرض، ودعا لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولأهلها بالبركة، وجعلها حرمًا آمنًا؛ فعَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لَهَا، وَحَرَّمْتُ المَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَدَعَوْتُ لَهَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا مِثْلَ مَا دَعَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَكَّةَ» متفقٌ عليه.
وتحظى المدينة المنورة بالعديد من المساجد الدينية التاريخية التي يرغب القاصي والداني في زيارتها؛ كالمسجد النبوي الشريف، ومسجد قباء، ومسجد القبلتين، ونحوها.
وقد تواردت النصوص على استحباب زيارة هذه المساجد والبقاع المباركة جميعًا؛ ويزيد الاستحباب في زيارة بعض المساجد التي لها مزيد فضل وشرف، ووردت بخصوصها الأحاديث والآثار؛ منها:
- المسجد النبوي الشريف: وهو أحد المساجد الثلاثة التي تشدّ إليها الرحال؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى» متفقٌ عليه؛ فأفاد منع شد الرحال إلى مسجدٍ ما بقصد تعظيمه والتقرب إلى الله تعالى بالصلاة فيه إلا إلى المساجد الثلاثة.
وَعَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَذُكِرَتْ عِندَهُ صَلَاةٌ فِي الطُّورِ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآِلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْبَغِي لِلْمَطِيِّ أَنْ تُشَدَّ رِحَالُهُ إِلَى مَسْجِدٍ يُبْتَغَى فِيهِ الصَّلَاةُ، غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَمَسْجِدِي هَذَا» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده".
ويزيد على ذلك أن الصلاة فيه تعدلُ ألفَ صلاة فيما سواه من المساجد في الأجر والثواب، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا المَسْجِدَ الحَرَامَ» أخرجه الشيخان.
زيارة مسجد قباء
- مسجد قباء: وهو أول مسجد بُنِيَ في الإسلام، وقد شارك النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصحابةَ في بنائه؛ فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا» زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، «فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ» أخرجه الشيخان.
وَعَن سَهْل بْنِ حُنَيْفٍ رضي الله عنه، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَن تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ، فَصَلَّى فِيهِ صَلَاةً كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ» أخرجه ابن ماجه -واللفظ له- والترمذي والنسائي والبيهقي في "السنن"، وابن أبي شيبة في "المصنف"، والحاكم في "المستدرك"، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ"، ووافقه الذهبي في "التلخيص".
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
منذ 23 دقائق
- الدستور
بابا الفاتيكان يترأس قداس عيد العنصرة بساحة القديس بطرس
ترأس قداسة البابا لاوُن الرابع عشر بابا الفاتيكان، اليوم القداس الإلهي الاحتفالي في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان. وفي عظةٍ اليوم تحدث البابا لاون عن رمزية علّية صهيون التي ما تزال تتجدّد في قلب الكنيسة وفي حياة كل مؤمن، مشدّدًا على أنّ عطية الروح القدس لا تقتصر على حدث تاريخي بل تتواصل اليوم كريح تهزّ، وكدويّ يوقظ، وكشعلة تنير وتُلهب القلوب وقال "لقد أشرق لنا اليوم المفرح، ذلك اليوم الذي فيه [...] أرسل الرب يسوع المسيح، الممجد بصعوده إلى السماء بعد قيامته، الروح القدس". واليوم أيضًا يتجدد ما حدث في علّية صهيون: كريح عاصفة تهزّنا، وكدويّ يوقظنا، وكنارٍ تنيرنا، تنزل علينا عطية الروح القدس. تابع الأب الأقدس: كما سمعنا في القراءة الأولى، يعمل الروح شيئًا استثنائيًا في حياة الرسل. فهؤلاء، بعد موت يسوع، انغلقوا على أنفسهم في الخوف والحزن، ولكنهم الآن ينالون أخيرًا نظرة جديدة وفهمًا عميقًا للقلب يساعدهم على تفسير ما جرى، وعلى أن يختبروا بشكل حميم حضور القائم من بين الأموات: لقد انتصر الروح القدس على خوفهم، وكسر القيود الداخلية، وهدّأ جراحهم، ومسحهم بالقوة، ومنحهم الشجاعة لكي يخرجوا للقاء الجميع ويعلنوا لهم أعمال الله. وأضاف: "يخبرنا سفر أعمال الرسل أن أورشليم كانت في ذلك الوقت مزدحمة بأناس من أصول مختلفة، ومع ذلك "كان كل واحد منهم يسمعهم يتكلمون بلغة بلده". وهكذا إذًا، في يوم العنصرة، تُفتح أبواب العلّية لأن الروح يفتح الحدود. وكما يؤكّد البابا بندكتس السادس عشر: "إنَّ الروح القدس يمنح الفهم. فهو يتجاوز الانقسام الذي بدأ في بابل – تشويش القلوب الذي يضعنا في مواجهة بعضنا البعض ويفتح الحدود على الكنيسة أن تصبح دائمًا ما هي عليه في الأصل: عليها أن تفتح الحدود بين الشعوب، وتحطم الحواجز بين الطبقات والأعراق. وقال إنها صورة بليغة للعنصرة، أرغب في أن أتوقّف عندها للتأمل معكم حولها. إنَّ الروح يفتح الحدود أولًا في داخلنا. إنه العطية التي تفتح حياتنا على المحبة. وهذا الحضور الإلهي يذيب صلابتنا، وانغلاقنا، وأنانيتنا، والمخاوف التي تشلّنا، والنرجسيات التي تجعلنا ندور حول أنفسنا فقط. واختتم بابا الفاتيكان كلمته قائلًا:" يفتح الروح الحدود بين الشعوب أيضًا. ففي العنصرة، يتحدث الرسل بلغات الذين يلتقون بهم، وتتبدَّد فوضى بابل أخيرًا بالانسجام الذي يخلقه الروح. فالاختلافات، عندما يوحّد النفَس الإلهي قلوبنا ويجعلنا نرى في الآخر وجه أخٍ لنا، لا تعود مناسبة للانقسام والصراع، بل تصبح إرثًا مشتركًا يمكن للجميع أن يستقوا منه، ويضعنا جميعًا في مسيرة معًا في الأخوّة. إنَّ الروح يكسّر الحدود، ويهدم جدران اللامبالاة والكراهية، لأنه "يعلمنا كل شيء""


بوابة ماسبيرو
منذ 24 دقائق
- بوابة ماسبيرو
عالم أزهري: الأضحية حكمة للتكافل والتقرب إلى الله
أكد أستاذ أصول الفقه جامعة الأزهر الشريف د. أدهم تمام أن حكم الأضحية عديدة من ضمنها الصبر على البلاء وهى مأخوذة من قصة إبراهيم عليه السلام مما يدل على أهمية الطاعة والاستسلام لأوامر الله والتضحية في سبيل الله دون تردد ، مضيفا أن توزيع الأضحية والتصدق منها أعمال تقربنا إلى الله سبحانه وتعالى مما يعظم الأجر والثواب. وقال تمام في حديثه ببرنامج ( هذا الصباح) إن الجزاء بعد الصبر من الحكم الإلهية حيث فدى الله إسماعيل عليه السلام بكبش عظيم مما يدل على جزاء الصبر والطاعة. وأضاف أن توزيع الأضحية يحقق التكافل بين أبناء المجتمع الواحد ويشعر الجميع بالإنتماء مما يساعد على تعزيز الروابط، ولذلك تشارك شريعة الأضحية في مساعدة المسلم زيادة الأعمال الصالحة والتقرب إلى الله. قدم هذة الفقرة من برنامج ( هذا الصباح ) الإعلامي أحمد فؤاد.


الدستور
منذ 29 دقائق
- الدستور
أبوبكر يريد قتل ابنه
شقيقان من أبناء أبى بكر الصديق، رضى الله عنهما، وقفا فى مواجهة بعضهما بعضًا، فى لحظة من اللحظات. الأول هو عبدالرحمن بن أبى بكر، أما الثانى فمحمد بن أبى بكر. يذهب «ابن كثير» إلى أن عبدالرحمن بن أبى بكر هو أكبر أولاد «الصديق» من زوجته «أم رومان»، وشقيق السيدة عائشة، رضى الله عنها، من الأم والأب. حينما بعث الله محمدًا بالحق نبيًا كان عبدالرحمن شابًا عفيًا يافعًا ينظر إلى أبيه وأمه فى عجب وهما يبادران إلى الإيمان بالنبى الذى ظهر، فقد كان أبوبكر من أوائل من آمنوا برسالته، ثم آمنت زوجته «أم رومان» ودخلت تحت مظلة الإسلام، أما عبدالرحمن فكان له موقف مغاير كل المغايرة لموقف أمه وأبيه، فظل متمسكًا بالوثنية، رافضًا دعوة محمد إلى الوحدانية، وأخذ يعتب على أبيه، أبى بكر، وأمه إيمانهما بما يدعو إليه محمد، ويتعجب من حديثهما عن القيامة والبعث والحساب والعقاب، ويردد الكلام الذى تؤكد عليه الثقافة المكية السائدة، والتى تذهب إلى أن الدنيا هى غاية الإنسان، وأن نهايتها إلى عدم، وليس بعد الموت شىء، فلا حساب ولا ثواب ولا عقاب، فالحياة هى الدنيا، وليس بعد الدنيا قيامة. وقد كان مروان بن الحكم يردد أن الآية الكريمة التى تقول: «والذى قال لوالديه أفٍ لكما أتعداننى أن أخرج وقد خلت القرون من قبلى وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين»، نزلت فى عبدالرحمن بن أبى بكر الصديق، وهو ما أنكرته عائشة، رضى الله عنها، كما يذهب «ابن كثير» فى كتابه «البداية والنهاية»، وهو ما أكده أيضًا «القرطبى» فى تفسيره. أيًا ما كان الأمر فقد رفض عبدالرحمن بن أبى بكر الدخول فى الإسلام وأنكر على أبيه وأمه إيمانهما بمحمد، صلى الله عليه وسلم، طيلة الفترة المكية التى تصل إلى ١٣ سنة، وقد ظل على كفره بعد هجرة أبيه أبى بكر الصديق إلى المدينة. لم يكتف «عبدالرحمن» برفض الانصياع لنصائح أبيه وأمه بالإيمان، بل نابذهما العداء، واصطف إلى جوار المشركين من أهل مكة ضد محمد والذين آمنوا معه، وحينما اشتعلت الحروب بين الطرفين المكى والمدنى، انضم «عبدالرحمن» إلى المشركين، ووقف فى معركة بدر وجهًا لوجه ضد أبيه أبى بكر. وضع عبدالرحمن بن أبى بكر ضمن أهدافه أن يقتل أباه فى معركة بدر، يقول «ابن كثير»: «فتقدم إليه أبوه أبوبكر، فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أمتعنا بنفسك». لقد منع النبى صديقه أبا بكر من مواجهة ولده المشرك. ويقول «السيوطى» فى كتابه «تاريخ الخلفاء»: «وأخرج ابن عساكر عن ابن سيرين أن عبدالرحمن بن أبى بكر كان يوم بدر مع المشركين، فلما أسلم قال لأبيه: لقد أهدفت لى يوم بدر فانصرفت عنك ولم أقتلك، فقال أبوبكر: لكنك لو أهدفت لى لم أنصرف عنك». وقاتل عبدالرحمن بن أبى بكر مع المشركين حين خاضوا معركتهم الثأرية فى أُحد، وظل مُصرًا على معاداة أبيه أبى بكر وأمه «أم رومان» حتى صلح الحديبية سنة ٦ هجرية، بعدها هاجر «عبدالرحمن» إلى المدينة، وشهد ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وانضم إلى صفوف الإسلام. ويعنى ذلك أن عبدالرحمن أسلم قبل فتح مكة سنة ٨ هجرية، ما يؤشر إلى أن عمره الإيمانى لم يكن يتجاوز الأعوام الثلاثة حين توفى النبى، صلى الله عليه وسلم، سنة ١١ هجرية. ولم يكن لعبدالرحمن بن أبى بكر أى ظهور خلال السنوات الثلاث التى استظل فيها بوجود الرسول، المشهد الوحيد الذى حضر فيه كان مشهد وفاته، صلى الله عليه وسلم. يقول «ابن كثير»: «وهو- أى عبدالرحمن بن أبى بكر- الذى دخل على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم مات، وعائشة مسندته إلى صدرها، ومع عبدالرحمن سواك رطب، فأخذه بصره فأخذت عائشة ذلك السواك فقضمته وطيبته ثم دفعته إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فاستن به أحسن استنان، ثم قال: اللهم فى الرفيق الأعلى، ثم قضى، قالت: فجمع الله بين ريقى وريقه، ومات بين سحرى ونحرى فى بيتى ويومى لم أظلم فيه أحدًا». ويعنى ذلك أن عبدالرحمن كان حاضرًا مع شقيقته من أبيه وأمه فى اللحظة الموجعة المؤلمة التى فاضت فيها روح النبى إلى رب العزة. ليس ذلك وفقط، بل إن «السيوطى» يذكر فى كتابه «تاريخ الخلفاء» حديثًا يقول فيه: «وأخرج أحمد وغيره، قالت: قال لى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فى مرضه الذى فيه مات: ادعِ لى عبدالرحمن بن أبى بكر أكتب لأبى بكر كتابًا لا يختلف عليه أحد بعدى، ثم قال: دعيه معاذ الله أن يختلف المؤمنون فى أبى بكر». حضور عبدالرحمن بن أبى بكر داخل هذا المشهد أمر يثير الحيرة، فكيف له أن يحظى بهذه المكانة، ويكون من أواخر من دخلوا على النبى فى هذا المشهد العظيم، وعمره فى الإسلام لم يتجاوز حينذاك ٣ أعوام، وهل يمكن أن يتقبل العقل أن يطلبه النبى بالاسم لكى يتولى تسطير كتاب يعهد فيه لأبى بكر بالخلافة من بعده؟ أظن- والله أعلم- أن هذه الروايات تستوجب التحفظ عليها، إذ إنها لا تعدو فى أغلبها محاولة بناء صورة ذهنية إيجابية عن عبدالرحمن بن أبى بكر الذى عاش مُعاديًا لأبيه «ثانى اثنين» فى هجرة النبى، ولرسول الإسلام، ولشقيقته أم المؤمنين عائشة، لمدة تقترب من ٢٠ عامًا، ولم يؤمن إلا فى السنوات الثلاث الأخير من حياة النبى، وليس من المنطقى أن يتصدر أخطر مشهد عاشه المسلمون بعد حجة الوداع، مشهد وفاة النبى، صلى الله عليه وسلم.