logo
بين العدل والطغيان …

بين العدل والطغيان …

الشاهين٠٢-٠٥-٢٠٢٥

إبراهيم أبو حويله …
الدين يقف حدا في وجه الطغيان، فقال صل الله عليه وسلم' لا تطروني'، وقال انما أنا بشر، وقال لرجل عنده 'هون عليك انا ابن أمرأة كانت تاكل القديد في مكة'، وقال ' كلنا لآدم وآدم من تراب 'وقال الله في كتابه' وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل '
بين التعليم المنحرف والتربية السقيمة والأخلاق الضعيفة، تقف صناعة الإنسان طفلا وامرأة ورجل وأميرا او حاكما، بين العدالة والطغيان، كم هو مخيف صناعة الإنسان الذي يسعى للقسط، وكم يظلم الإنسان الإنسان، ومخيف كيف نوظف السلطة من أجل الطمع والسيطرة.
ومخيف اكثر كيف تنخرط الشعوب، في العنف اللفظي والأخلاقي والتربوي، فما يطفو على السطح في لحظات الفتنة والعصبية ينبىء عن حقد عظيم، وكره كبير نغرسه في هذه الأجيال، وفي لحظات الفتن تصبح الدماء والاعراض رخيصة.
وبين حاكم هو المتحكم بمقدرات شعوب وحياتها ومستقبلها، وبين أخلاق هناك تصنع عبيدا او خرافا تسير خلف الإنسان المجرد من أسباب القوة، وما منحه القوة إلا من حوله، فمن من هؤلاء يملك يومه او مستقبله، وما بايدن منا ببعيد فقد جاءه الحكم ولكنه فقد العقل والجسد، فلولا طاعة هذه الشعوب له، لا يستطيع ان يحقق شيئا، فضلا عن أن يتحكم بحياتها وحريتها ومستقبلها.
وهنا اقف دائما مع قدرة الإنسان على التحكم بنفسه، وعلى تحمل الأعباء والعواقب نتيجة عدم قيامه بالظلم أو المساهمة فيه، او قبوله بأي شكل من الأشكال، ونعم تبدأ الأمور صغيرة، ثم تعظم بعد ذلك ويكبر خطرها ويزداد حتى تطال كل شيء في المجتمع، قد تظن ان الاحداث التاريخية متعلقة فقط بالتاريخ، ومن المستبعد ان تحدث على ارض الواقع، فعندما تسمع عن فرعون فإنه فرعون ولى وانقضى، وكانت تلك الشعوب مستضعفة محكومة غير مثقفة، ولكن في الحقيقة تلك الشعوب، كانت مثقفة ومتعلمة، ولديها مدارس وديانة وعادات واخلاق، والحقيقة لا تتعلق بالتاريخ فقط، بل تتعلق بهذه الشعوب والقدرة على السيطرة عليها، والقيام بتوجيهها ضد مصلحتها، والسيطرة والتحكم بها لمصلحته هو، تحت مسميات مختلفة.
الطاغية يجد دائما الطريق التي تسهل له السيطرة على الشعوب، في عصورنا الحديثة تتعدد صورة الطاغية فمن هتلر إلى موسيلني إلى ستالين إلى فرانكو إلى نوريغا والقائمة تطول، والعجيب أن بعض هؤلاء تورط معهم النظام العالمي الغربي في احداث يندى لها الجبين، كما نرى اليوم مع النتن ياهو، خذ مثلا فرانكو ذهب ضحية العنف الذي قاده ضد اليسار في اسبانيا اكثر من نصف مليون انسان اسباني طبعا، هذا خلاف السجن والنفي وسرقة الاطفال من امهاتهن، طبعا لأن الامهات من اليسار فهن لا يستطعن تربية ابن وتنشأته نشأة سليمة، تتفق ومعايير فرانكو وتلك الثلة المتعصبة من الكاثوليك الذين معه، قاد فرانكو حربا لا هوادة فيها ضد كل اشكال اليسار، وكل المتعاطفين معه، ومن كان في يوم متعاطف معهم، ومن ظن بأنه متعاطف، لكن لماذا غض الغرب الطرف عنه، هل لانه غربي يريد الحضارة الغربية، ويريد ان يجتث جذور اي مظهر يعاديها او قد يعاديها ربما.
وحتى لا يذهب ذهنك بعيدا وتظن ان اليسار مظلوم، فاليسار كان يقوم بنفس الأفعال في كل البلدان التي حكم فيها بدءا من روسيا إلى الجمهوريات الإسلامية التي تم احتلالها عنوة، إلى افغانستان وغيرها، كان اليسار هو الصورة المطابقة تماما لما قام به فرانكو ولكن من الجهة الأخرى، القمع والقمع المقابل، القتل والسجن والنفي، كل هذه جرائم تنتقل من جهة إلى اخرى، من يملك السلطة يقضي على الأخر.
اما نوريغا فقصة مختلفة، هذا استغل ذكاءه ليصنع لنفسه مجدا قائم على الفساد المالي والسياسي والإجتماعي، والدماء والمخدرات والولاء للولايات المتحدة، التي ظلت تغض الطرف عنه، وعن استيلائه على السلطة، وعن كل جرائم غسل الأموال، والتجارة بالمخدرات والقتل. حتى تم قتل مواطن امريكي في بنما، فدخلت القوات الأمريكية واعتقلته وحاكمته وسجنته في بلادها، حنون العم سام مع البعض، خاصة إذا علمنا انه كان جاسوسها ورجُلها او رجْلها في بنما، وكانت عينه على اليساريين وخاصة كوبا.
طبعا لا يخلو عالمنا العربي من هذه الظاهرة، ويبدو أن هذه الظاهرة مستمرة ومتجددة، وقادرة على المقاومة والإستمرار رغم كل الظروف، فجزء من الطبيعة البشرية يهوى الخلود، ويسعى له بكل السبل، ومن هذه السبل، السلطة المطلقة والتي هي فساد مطلق، لقد حاول جورج اورويل تخليد هذه النزعة في روايته الرائعة ' العام 1984 ' والتي تظهر آليات ونزاعات وطبيعة الصراع في مثل هذه المجتمعات، ولكن الحقيقة أن كل متنمر ضعيف، وكل طاغية ضعيف، ولكن من يسيرون معه هم الذين يمدونه بأسباب وأساليب البقاء، وهو لديه مجموعات متكاملة من العقد، ولكنه يملك القوة العقلية والنفسية للسيطرة على المحيطين به والتحكم بهم ليكونوا في خدمته.
ولو أنه تم تحصين المجتمعات ضد هذه الظاهرة، وكيف أنه من الممكن عدم طاعة هؤلاء واعطائهم تلك السيطرة المطلقة التي يسعون خلفها على مجتمعاتهم، فهم يستخدمون مجموعات بشرية للسيطرة والتنكيل بمجموعات اخرى، وفي اكثر المواقف ينكل بمن ساعده على التنكيل بالآخرين، فهي سلسلة لا تنتهي، وفي وقائع كثيرة انقلب المظلوم ظالما، كما يحدث مع اليهود اليوم، هو يستغل فئة من الذين يتصفوب بالضعف والهشاشة النفسية والخسة في الطبع والأخلاق، ويسخرونهم ليكونوا خدما لهم، وهؤلاء هم يد الطاغية ورجله في السيطرة، ولو تخلى عنه هؤلاء لإنكشف ضعفه ولسقط صنمه، كما سقطت اصنام عدّة.
ان صناعة الإنسان، صناعة قادرة على جعله صاحب قرار ومبدأ وعقل، والأهم من كل ذلك يسعى بكل السبل للحفاظ على حريته وحرية الأخرين، ويحترم الأخرين وقرراتهم وحريتهم، ويسعى بكل السبل للحفاظ على الحقوق العامة والخاصة ويقوم بواجباته على أكمل وجه، فلا يغش ولا يخدع ولا يتساهل ولا يتهاون، ولا يسمح لأحد بالتطاول على الحق العام والحق الخاص، هذا هو السبيل لقطع الطريق على هؤلاء، هذه الأنفس المريضة التي تجر الويل لكل المجتمعات وخاصة مجتمعها، كما حدث مع فرانكو وستالين وهتلر ونوريغا، ومن أراد ان يرى مصير المجتمعات التي سارت خلف الطغاة، فقصصهم تملأ صفحات التاريخ ومواقع التواصل الإجتماعي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

د. شنكول تكتب: قمة بغداد تجسيد لرؤية حقيقية نحو الحوار والتضامن والتنمية
د. شنكول تكتب: قمة بغداد تجسيد لرؤية حقيقية نحو الحوار والتضامن والتنمية

جهينة نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • جهينة نيوز

د. شنكول تكتب: قمة بغداد تجسيد لرؤية حقيقية نحو الحوار والتضامن والتنمية

تاريخ النشر : 2025-05-20 - 03:44 pm د. شنكول تكتب: قمة بغداد تجسيد لرؤية حقيقية نحو الحوار والتضامن والتنمية تعبّر جمعية الإخاء الأردنية العراقية، برئاسة الدكتورة شنكول قادر، عن دعمها الكامل لانعقاد قمة بغداد الإقليمية، التي تشكّل نقطة تحول بارزة في مسار العلاقات بين دول المنطقة، وتجسّد رؤية حقيقية نحو بناء أسس جديدة من الحوار والتضامن والتنمية، في ظل ما يشهده العالم والمنطقة من تحولات سياسية واقتصادية وأمنية متسارعة. وأكدت الدكتورة شنكول قادر أن القمة تعبّر عن موقف سياسي متقدّم يعكس وعيًا عميقًا بأهمية توحيد الصفوف وتجاوز الخلافات، وإعادة الاعتبار لمفهوم التعاون الإقليمي كمدخل رئيسي لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية المستدامة. وأضافت أن اختيار بغداد لاحتضان هذه القمة يحمل دلالات استراتيجية كبيرة، ويعكس عودة العراق بقوة إلى واجهة التأثير الإقليمي والدولي، كدولة جامعة وقادرة على مدّ جسور الثقة بين الدول الشقيقة والصديقة. وأشادت قادر بالأجواء الإيجابية التي رافقت القمة، وبالرسائل التي حملتها في مضامينها السياسية والاقتصادية والإنسانية، مؤكدة أن الحوار الحقيقي يجب أن يستمر ويتحول إلى آليات عمل ملموسة تترجم إلى مشاريع وشراكات تعود بالنفع على شعوب المنطقة، وتفتح آفاقًا جديدة من التكامل والتنسيق. كما نوّهت بالدور المسؤول الذي تؤديه القيادة العراقية في هذه المرحلة الدقيقة، والحرص الذي أبدته بغداد على أن تكون منصة جامعة للحوار، ومجالًا مفتوحًا لتبادل الرؤى وبناء التفاهمات بين مختلف الأطراف، دون إقصاء أو تهميش لأي طرف. وأكدت الدكتورة شنكول أن جمعية الإخاء الأردنية العراقية ترى في هذه القمة بوابة عملية لتعزيز فرص التنمية، ولبناء شبكات تعاون في مجالات الطاقة، والتعليم، والتكنولوجيا، والصحة، والاستثمار، بما يواكب تطلعات شعوبنا نحو مستقبل أكثر ازدهارًا واستقرارًا، داعية إلى البناء على هذه المبادرة وتكرارها بشكل دوري لترسيخ نهج التلاقي والعمل الجماعي. وفي ختام البيان، نشدد على أن مثل هذه القمم ليست فقط مؤتمرات دبلوماسية، بل هي مسؤولية تاريخية تقع على عاتق جميع الأطراف لترسيخ ثقافة السلام والتعاون والتكامل، مؤكدين أن الجمعية، ومن موقعها المجتمعي والإنساني، ستبقى داعمة لكل جهد صادق يهدف إلى جمع الكلمة، ونبذ الانقسام، وتحقيق التنمية والرفاه لشعوبنا كافة. حفظ الله العراق، وحفظ الله الأردن، وسائر بلداننا العربية والإقليمية، وأدام علينا نعمة الأمن، ووحّـد الصفوف لما فيه خير الأمة وأجيالها القادمة. عمان – المملكة الأردنية الهاشمية تابعو جهينة نيوز على

الجامعة الهاشمية: الاستقلال  ذكرى فارقة من تاريخ الأردن الحديث
الجامعة الهاشمية: الاستقلال  ذكرى فارقة من تاريخ الأردن الحديث

الدستور

timeمنذ 3 ساعات

  • الدستور

الجامعة الهاشمية: الاستقلال ذكرى فارقة من تاريخ الأردن الحديث

الزرقاء-ابراهيم ابو زينه احتفلت الجامعة الهاشمية بعيد الاستقلال التاسع والسبعين للمملكة الأردنية الهاشمية، برعاية رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور خالد الحياري ، بتنظيم من عمادة شؤون الطلبة، بحضور عدد من المسؤولين المدنيين والعسكريين ، ونواب رئيس الجامعة وعمداء الكليات وأعضاء الهيئتين الأكاديمية والإدارية وطلبة الجامعة، وفعاليات رسمية وشعبية في محافظة الزرقاء.وألقى الأستاذ الدكتور خالد الحياري كلمة في الحفل قال فيها: «نلتقي اليوم في حضرة المجد، في ذكرى الاستقلال، لنقف معا وقفة عز وشموخ، نستحضر فيها ذكرى فارقة من تاريخ الأردن الحديث، ونستذكر بفخر واعتزاز تضحيات الأجداد، ونتفيأ ظلال المجد الذي صنعوه بعرقهم ودمائهم». وعبّر الدكتور الحياري عن فخره بما أنجزه الوطن منذ ذاك الحين، حيث سارت قوافل البناء والتطوير تحت الراية الهاشمية المظفرة، بدءا من الملك المؤسس عبدالله الأول، مرورا بالملك طلال واضع الدستور، ثم إلى الملك الحسين الباني طيب الله ثراهم، وصولا إلى قائد المسيرة، وباعث النهضة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم الذي حمل أمانة الاستقلال برؤية إصلاحية شاملة، تُجَسِّد التحديث الحقيقي في مختلف مناحي الحياة. وأعرب الدكتور الحياري عن فخر الأردنيين بما يشهده وطننا الغالي في ظل قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني من تحولات نوعية في شتى المجالات والقطاعات وأنحاء الوطن كافة، وتعزيز مكانته الدولية كصوت للحكمة والاعتدال، ودفاعه عن قضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ورعايته للمقدسات في القدس الشريف عبر الوصاية الهاشمية التاريخية. كما أكد الدكتور الحياري، وقوف أسرة الجامعة الهاشمية صفا واحدا خلف قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، يعضده ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني المعظم مؤمنين بحكمة الهاشميين، معتزين بثباتهم، وماضين معهم في مسيرة التحديث والبناء، بالولاء الصادق والانتماء العميق، لصناعة الإنجاز وحماية الكرامة، ورفع راية الوطن عاليا. كما ألقى عميد شؤون الطلبة الأستاذ الدكتور باسل المشاقبة كلمة أكد فيها على مكانة هذا اليوم في وجدان الأردنيين، باعتباره رمزًا للعزة والسيادة، وانطلاقة لمسيرة الوطن في البناء والتقدم، ووجه تحية إجلال وإكبار إلى أرواح الشهداء الذين بذلوا دماءهم الطاهرة فداءً للوطن، كما حيّا جيشنا العربي المصطفوي، درع الوطن وسيفه، وقيادته الهاشمية الحكيمة، التي سطّرت أبهى صور البطولة والفداء في خدمة قضايا الأمة ورفع راية الاستقلال عاليًا. وانطلقت فعاليات الاحتفال بعزف السلام الملكي من قبل موسيقات الأمن العام، وتلاوة آيات الذكر الحكيم، ثم استهل الحفل بإلقاء القصيدة الشعرية الفائزة في مسابقة «أجمل قصيدة شعرية وطنية» التي عبرت كلماتها عن الاعتزاز بالوطن والقيادة. وفي ختام الحفل الذي شهد تفاعلا طلابيا كبيرا، قدّم كورال الجامعة الهاشمية مغناة وطنية بعنون «أردن الصمود» حيث علت الأصوات مفعمةً بالحب والانتماء، لترسم صورة مشرقة من الولاء والانتماء مؤكدة أن الأردن سيبقى حصنًا منيعًا، وسيظل الاستقلال نبراسًا يهتدي به الجميع نحو مستقبل أكثر إشراقًا.

(سلسلة المسلمين في الأندلس)
(سلسلة المسلمين في الأندلس)

الدستور

timeمنذ 3 ساعات

  • الدستور

(سلسلة المسلمين في الأندلس)

أ.د. محمد عبده حتاملة *الحلقة الثانية: عهد الفتحترجع فكرة فتح الأندلس إلى أيام الخليفة عثمان بن عفان، رضي الله عنه؛ فقد كان قائده عقبة بن نافع الفهري (63هـ) يفكر في اجتياز مضيق جبل طارق لو استطاع، كما أن المسلمين قاموا بعدة نشاطات عسكرية على شواطئ إسبانيا الشرقية، وجزر ميورقة، ومنورقة، واليابسة، وفي عام 89هـ / 707م جهز موسي بن نصير ولده عبد الله فافتتح جزيرتي ميورقة ومنورقة». ويروى عن عثمان بن عفان أنه كتب إلى الجيش الإسلامي في القيروان قائلاً: «أما بعد، فإن فتح القسطنطينية إنما يكون من قبل الأندلس . . .»، وكان الهدف من ذلك هو الإطباق على البيزنطيين من الشرق والغرب.وقد كان موسى بن نصير في القيروان عندما كتب إليه يليان، حاكم سبتة الذي كان تابعاً للإمبراطور البيزنطي، وتربطه بلذريق صلات من الود والولاء، كتب إلى موسى يدعوه لفتح الأندلس، وذلك بسبب اعتداء لذريق على ابنته فلوريندا عندما كانت في بلاطه لتتأدب بآداب الملوك.وكان الإسلام قد استقر في شمالي إفريقية، وكان المسلمون من عرب وبربر قد انصهروا في بوتقة واحدة، وأصبحوا مستعدين لنشر هذا الدين في أرض جديدة، وقد استشار موسى بن نصير الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك في فتح الأندلس، فأشار عليه بأن يختبر المنطقة بسرايا محدودة قبل أن يزج بجيش المسلمين في أرض غريبة، وأمام عدو لا يعرف مدى قوته.وقد وجه موسى بن نصير حملة بقيادة طريف بن مالك المعافري (المكنى بأبي زرعة)، جازت بحر الزقاق مضيق جبل طارق)، ونزلت في جزيرة لاس بالوماس التي سميت فيما بعد (جزيرة طريف)، وذلك في رمضان سنة 91هـ / تموز 710م.وقد نجحت حملة طريف، وكان نجاحها حافزاً لتوجيه جيش كبير لفتح الأندلس، وكان هذا الجيش الذي وجهه موسى بن نصير بقيادة طارق بن زياد مؤلفاً من البربر (من آباء مسلمين وأمهات (بربريات) وعدد قليل من العرب المسلمين.وقد حمل طارق جيشه المكون من سبعة آلاف في أربع سفن تجارية، فوجاً بعد فوج)، وحل في الجبل الذي سمي باسمه (جبل طارق) يوم الإثنين الخامس من رجب سنة 92هـ / نيسان 711م. وبني قاعدة لجيشه أحاطها بسور يسمى (سور العرب) ثم انطلق لبدء عمليات الفتح، ففتح قرية إلى الشمال من الجبل تسمى قرطاجنة، ثم تقدم إلى الجزيرة الخضراء (Algeciras)، وقضى على إحدى السرايا القوطية.وسار طارق بعد تحقيق هذه الانتصارات الأولية شمالاً قاصداً قرطبة، وعندما انتهى خبر طارق إلى لذريق جمع جيشاً كبيراً لقتال المسلمين، فطلب طارق المدد من موسى بن نصير الذي أمده بخمسة آلاف مقاتل، والتقى الجيشان على وادي برباط أو وادي لكة يوم الأحد 28 رمضان 92هـ / 19 تموز 711م. وقد استمرت المعركة ثمانية أيام، وكانت نتيجتها حاسمة لصالح المسلمين، وقد أورد المقري أن خلقاً عظيماً قتلوا من جيش لذريق.وفتحت معركة وادي لكة الطريق أمام طارق لمواصلة مهتمه، وخاصة بعد أن تدفق عليه المسلمون من المغرب عندما سمعوا بنتيجة المعركة، والنصر الذي تحقق فيها. فقد سار طارق بجيشه إلى شـــذونة (Medina Sidonia) الواقعة إلى الغرب من قرطبة، وحاصرها، وبعد أن غنم منها توجه إلى مورور التي تبعد عن قرطبة حوالي عشرين فرسخاً، ثم عطف على قرمونة، ثم مال إلى إشبيلية فصالحه أهلها على الجزية.وتجمعت فلول القوط الهاربين من معركة وادي لكة في مدينة أستجة Ecija الواقعة على بعد ستة وخمسين ميلاً جنوب قرطبة وكانت أستجة مدينة حصينة، وقد هاجمها طارق، وظفر بها صلحاً.* أستاذ شرف في قسم التاريخ ـ الجامعة الأردنية

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store