
التدخل الأمريكي في البلدان العربية! (1)
لم تبرز أهمية المنطقة العربية في التخطيط الاستراتيجي والسياسي الأمريكي إلا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، حين بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تضطلع بممارسة مسؤولياتها كدولة قطبية ذات مصالح كونية, وحين أخذت الحرب الباردة بين قطبي النسق الدولي تنتقل إلى المنطقة العربية.
علي الشراعي
بحلول عام 1948م، بدأت الادارة الأمريكية تستشعر تراجع قدرات المعسكر الغربي ذات النفوذ التقليدي في المنطقة العربية "بريطانيا وفرنسا" وقصور إمكاناتها عن التصدي للتهديدات السوفيتية, ومن ثم عملت الولايات المتحدة الأمريكية على دعم وجودها ونفوذها في المنطقة، وقد تمثل ذلك في إنشاء الأسطول السادس الأمريكي لتحقيق وجود بحري أمريكي في حوض البحر الأبيض المتوسط، كما قامت أمريكا بدور حيوي في مساندة الحركة الصهيونية حتى مكنتها من إنشاء الكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين عام 1948م, وكانت الولايات المتحدة الأمريكية من أوائل الدول التي اعترفت بالعدو الصهيوني كدولة في محاولة لاستقطابه باعتباره محورا من محاور الارتكاز الرئيسية التي تستند إليها الاستراتيجية الغربية في المنطقة العربية.
حلف بغداد
أعلن في أول عام 1955م, عن قيام حلف عسكري عرف بحلف بغداد ضم كلا من تركيا والعراق وإيران وباكستان, وشاركت في عضوية الحلف كل من بريطانيا وفرنسا, واكتفت الولايات المتحدة الأمريكية بعضوية اللجنة الاقتصادية, لأنها خشيت من المعارضة العربية للحلف بزعامة مصر، وكانت أهداف حلف بغداد ممثلة لأهداف حلف الأطلنطي "الناتو" من حيث مواجهة الخطر الشيوعي المتمثل في الاتحاد السوفيتي آنذاك, وإقامة قواعد عسكرية غربية بتمويل ومشاركة أمريكية, والدفاع المشترك ضد كل عدوان على أحد أعضاء الحلف, وربط كل ذلك بمساعدات اقتصادية وعسكرية أمريكية، (أمريكا والعالم, دكتور رأفت الشيخ).
مبدأ ايزنهاور
جاء إعلان الرئيس الأمريكي "داويت ايزنهاور 1953- 1961م" عن سياسته الجديدة تجاه الشرق الأوسط في رسالة وجهها إلى الكونجرس في الخامس من يناير1957م, وقد استهدفت السياسة الجديدة احلال نفوذ الولايات المتحدة محل نفوذ كل من بريطانيا وفرنسا في المنطقة، فقد استعرض الرئيس الأمريكي في خطابه إلى الكونجرس أهمية المنطقة بحكم كونها تمثل همزة الوصل بين قارات أوروبا واسيا وافريقيا, فضلا عما تحويه أراضيها من احتياطات هائلة من البترول كسلعة ذات اهمية حيوية بالنسبة للعالم الغربي إلى جانب الأهمية الروحية والدينية للمنطقة، وجاء الاعلان عن مبدأ ايزنهاور في صورة إعلان رسمي من جانب الحكومة الأمريكية لكي تظهر عزمها واصرارها على التصدي للسياسة السوفيتية بمختلف الوسائل المتاحة، ولقد أدى مبدأ ايزنهازر إلى إزكاء حدة الخلافات بين الأنظمة العربية ذات النزعة المحافظة وبين الأنظمة ذات النزعة التقدمية, وقد شهدت المنطقة العربية خلال الفترة من 1957- 1967م, سلسلة من الأزمات المتلاحقة مما دفع البعض إلى تسمية تلك الفترة من العلاقات العربية- العربية بفترة "الحرب الباردة العربية" ومن تلك الأزمات:
الأزمة الأردنية 1957م
في ربيع 1957م, مارست الولايات المتحدة الأمريكية ضغوطا متزايدة على الأردن لحمله على قبول مبدأ ايزنهاور, إلا أن تلك الضغوط تسببت في إثارة الشعور القومي داخل الأردن الأمر الذي حمل رئيس حكومة الأردن سليمان النابلسي على التنديد بالضغوطات الأمريكية حيث أعلن: (إننا كعرب لنا مبادئنا القومية المستمدة من طبيعتنا وتقاليدنا, ولسنا في حاجة إلى من يقودنا), ثم علق على مبدأ ايزنهاور بقوله: "إنهم يتحدثون عن الفراغ, ولكن هذا الفراغ لا يوجد إلا في عقول الذين يتحدثون عنه, والدفاع عن الأمة العربية لا يمكن أن يقوم به غير أبناء الأمة العربية"، وازداد تنامي قوة التيار القومي داخل الأردن, وتصاعدت مخاوف الملك حسين آنذاك ولا سيما بعد أن وجد نفسه معزولا عن بريطانيا حامية عرشه التقليدية, فاعلن في 11 إبريل 1957م, إقالة حكومة النابلسي التي كانت تعمل على دفع الأردن تجاه التقارب مع المعسكر الشرقي, وكلف حسين الخالدي بتشكيل حكومة جديدة من عناصر موالية له وذات توجهات غربية، وارجع الملك حسين التحول إلى سببين:
الأول: إعلانه عن كشف مؤامرة للإطاحة بنظام حكمه واغتياله خططت لها القوى الموالية للتيار الشيوعي والتيار الناصري ومتعهما كل من سوريا ومصر بالتعاون مع المتمردين لقلب نظام حكمه, وقام بحركة تطهير واسعه في الجيش لعزل الضباط ذوى التوجهات الشيوعية والناصرية، فيما رجح البعض أن الملك حسين هو الذي دبر فكرة محاولة التآمر ضد نظام حكمه مع بعض ضباطه ليتخذ منها ذريعة لتحويل موقفه السياسي ضد كل من مصر وسوريا.
الثاني: أعلن الملك حسين أن الدول العربية التي تعهدت بتقديم معونات اقتصادية إلى الأردن لم تلتزم بتعهداتهم, ولذا فأن الأردن يجد نفسه مضطرا لقبول المساعدات والمعونات الاقتصادية والعسكرية من الولايات المتحدة.
التهديد الأمريكي
وقد اعتبرت الجماهير الأردنية تلك التطورات المتلاحقة بمثابة تمهيد عن قبول مبدأ ايزنهاور فتزايدت حدة التذمر الشعبي, كما هددت سوريا بالتدخل في الأردن, إلا أن الولايات المتحدة سارعت بإصدار بيان أعلنت فيه أنها تعتبر أمن واستقرار الأردن يشكل أهمية حيوية بالنسبة للمصالح الأمريكية, كما طالبت كل من مصر وسوريا ان تتجنب تصعيد الموقف داخل الأردن, كما اصدرت الأوامر للأسطول السادس الأمريكي بالتحرك إلى منطقة شرق البحر المتوسط تأهبا لنجدة الأردن إذا ما طلب العون، وبالفعل فقد نجح استعراض القوة الأمريكية في دعم الملك حسين الذي استعاد سيطرته على الأمور مرة أخرى بحلول نهاية شهر ابريل 1957م، (الصراع الأمريكي- السوفيتي في الشرق الأوسط- دكتور ممدوح محمود منصور).
لبنان والتدخل الأول1958م
في فجر يوم 14 يوليو 1958م, قامت الثورة في العراق وأطاحت بالملكية وأعلنت الجمهورية, عندها اختلطت الأوراق لدى واشنطن ولم يعد ممكنا أن تتفرج الولايات المتحدة على الشرق الأوسط وهو يتسرب بلدا بعد الآخر من تحت سيطرتها أو سيطرة حلفائها، وهكذا أضحت لبنان في يوم وليلة مهددة بالعدوان الشيوعي وبالفتنة الطائفية.
طلب الرئيس الامريكي "أيزنهاور" فور تلقيه نبأ الثورة العراقية أن ينعقد مجلس الأمن القومي في مكتبه في الحال، وفي ذلك الاجتماع تم استعراض أوضاع القوات الأمريكية القريبة من الشرق الأوسط لتجهيزها فورا تحسبا لبدء التدخل الأمريكي بشكل عسكري مباشر, ثم أنهى أيزنهاور الاجتماع بقوله: "إن الحساب أمامنا بالدقائق والساعات, وليس بالأيام والأسابيع" ثم قام بتكليف مجموعة عمل بأن تقدم له تقريرا في صباح اليوم التالي عن التحرك المحتمل وتداعياته، وفي نص احد فقرات من التقرير: "ناقشت المجموعة الآثار المحتملة لتدخل الولايات المتحدة عسكريا في المنطقة, كما ناقشت الآثار التي يمكن أن تترتب على عدم التدخل واهتمت اللجنة بصفة خاصة بطلب الرئيس اللبناني شمعون للتدخل في لبنان باعتباره- بحسب وصفهم- طلب رسمي يعطي أساسا قانونيا للتدخل, كما أن التدخل في لبنان يمكن أن يتم بدون مقاومة, وهو ما يرجح أن يكون لبنان هو الاتجاه الأول لأي عمل عسكري".
وفي 15يوليو جاء القرار الرئاسي بالتدخل الفوري في لبنان, وقد دون أيزنهاور تفاصيل ما قاله في يومياته كاتبا ما يلي: "لقد وصلنا الآن إلى مفترق الطرق, فمنذ سنة 1945م, وسياستنا تقوم على ضرورة الوصل إلى منابع البترول, وضمان سيطرتنا عليها بدون أية عوائق من جانب أي طرف, وأن يتحقق ذلك سلميا إذا أمكن, والآن فإن علينا أن نناضل لكي نمنع ناصر من السيطرة على هذه الموارد, وإلا أعطيناه المال والنفوذ والقوة التي يتمكن بها من تدمير العالم الغربي, لقد كان علينا في نقطة ما على الطريق أن نواجه هذه المشكلة, وقد وصلنا إلى هذه النقطة".
مخاوف واشنطن
كانت المخاوف من جمال عبدالناصر- خاصة بعد رفضه الانضمام لحلف بغداد وقبول مبدأ ايزنهاور وخروجه منتصرا من العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م, وتوحيد مصر وسوريا في دولة واحدة الجمهورية العربية المتحدة عام 1958م- تتمثل في قوة تأثيره على الشعوب العربية وعدم اتفاقه في الوقت ذاته مع الأنظمة العربية التقليدية التي كانت تسمي آنذاك بالقوى الرجعية, وكانت هذه الأنظمة التقليدية ملكية, وكان معنى سقوط الملكية دولة بعد الأخرى في الوطن العربي, وعلى الأخص في الدول الغنية بالبترول أن يسيطر جمال عبدالناصر على منابع البترول, وهو ما يكفل له تحقيق أحلام القومية والوحدة العربية, ولم يكن واردا أن تسمح الولايات المتحدة بمثل هذا السيناريو أن يتحقق على أرض الواقع، وقد جاء سقوط الملكية في العراق إنذارا جادا باحتمالات سقوطها في الأردن ذات الموقع الاستراتيجي وصاحبة أطول حدود مع العدو الصهيوني مما يشكل خطرا على أمن الكيان الصهيوني, وسقوطها كذلك في السعودية المصدر الأهم للحصول على البترول في المنطقة العربية, بل وربما قيام أنظمة جمهورية على ساحل الخليج العربي بدلا من الإمارات والمشيخات المتفرقة على طول الشاطئ.
ومن خلال ما كتبه الرئيس الامريكي ايزنهاور في يومياته يعرف الأسباب الحقيقية وراء التدخل الأمريكي الأول في لبنان, ومما قاله: "هذه أول مرة في مدة رئاستي ألجأ إلى استعمال قواتنا المسلحة.. الهدف الحقيقي هو ناصر إن ناصر لا بد أن يغير سياسته.. هو يحاول تحقيق حلمه بتوحيد البلاد العربية".
صياغة البيان
أصدر ايزنهاور أوامره بالتدخل العسكري في لبنان, لكن كان عليه أن يسارع إلى الالتقاء بقيادات الكونجرس ويطلعهم على آخر التطورات حتى لا يواجه مشكله معهم في حال تصعيد الأمور فيما بعد، وبعد أن أنتهى من أمر الكونجرس, انشغل بعد ذلك في مسألة صياغة البيان الذي يعلن فيه على الشعب الأمريكي أن القوات الأمريكية قد بدأت فعلا في النزول على السواحل اللبنانية، وهنا واجهته مشكلة الصياغة التعبيرية للبيان فقد توقف بعض الوقت أمام التعبير الذي يصف عملية إنزال القوات الأمريكية, فلم يكن يريد استخدام كلمة "تدخل intervention", حتى لا يسئ للموقف الأمريكي أمام الرأي العام, فقام الرئيس الأمريكي أيزنهاور باستدعاء أحد مستشاريه القانونيين واستقر بعد مناقشة معه على استعمال كلمة "تمركز stationed", والتي لا توحي بالغزو أو الاعتداء !
وفي اليوم التالي16 يوليو 1958م, للغزو والتدخل الأمريكي في لبنان كتب النيويورك تايمز: "لقد بررنا احتلالنا للبنان بأنه استجابة لنداء شمعون ولحماية الرعايا الأمريكيين.. وهذا من الناحية النظرية, لكن في الواقع إننا فعلنا ذلك لمحاصرة الثورة العراقية داخل حدود العراق ومنعها من الانتشار".
التهديد بالنووي
جاء الإنزال الأمريكي بدون موافقة من الأمم المتحدة أو تصريح منها, وبدأت العملية الأمريكية بمشاركة سبعين سفينة ومئات الطائرات, وتم إمداد الحكومة المفروضة على الشعب اللبناني بالأسلحة الأمريكية, وبحلول يوم 25 يوليو 1958م, وصل عدد القوات الأمريكية على أرض لبنان إلى "10600جندي", وارتفع العدد إلى 14 ألف جندي في 13 اغسطس 1958م, وهو ما كان يفوق آنذاك تعداد الجيش والشرطة في لبنان مجتمعين, تم تطور الأمر وبدأت الطائرات الأمريكية تضرب شمال لبنان بالقنابل, وحينما احتج قائد الجيش اللبناني اللواء فؤاد شهاب لدى "روبرت ميرفي" مبعوث الرئيس الأمريكي ايزنهاور إلى لبنان, قال له المبعوث الأمريكي ميرفي: "إن حاملة الطائرات ساراتوجا الرابضة أمام ساحل بيروت, أيا من الطائرات الموجودة على سطحها يمكن تحميلها بأسلحة نووية, وأنها قد تمحو بيروت وضواحيها من على وجه الأرض في دقيقة واحدة", ثم أضاف: "إن الحكومة الأمريكية قد أرسلته خصيصا إلى لبنان حتى يتأكد من عدم وجود ضرورة للقوات الأمريكية لأن تستعمل مثل تلك الأسلحة"، (الولايات المتحدة الأمريكية- شادي عبدالسلام).
تقيم السلوك
ومع انتهاء الأزمة اللبنانية باتفاق جميع الأطراف على انتخاب اللواء فؤاد شهاب رئيسا للجمهورية, على أن يتولى مهامه بدءا من شهر سبتمبر 1958م, وفي نهاية اكتوبر رحلت آخر قوات أمريكية عن لبنان, فلم يعد هناك مبرر سياسي أو عسكري يمكن أن تتذرع به للبقاء على الأرض، وفي دراسة عن وزارة الدفاع الأمريكية أكدت في اعقاب الأزمة أن تقويم معتدل للسلوك الأمريكي أثناء الأزمة اللبنانية يوضح أن نتيجة التدخل الأمريكي في الأزمة اللبنانية كانت ستتساوى تماما مع نتيجة عدم التدخل!.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المشهد اليمني الأول
منذ 14 ساعات
- المشهد اليمني الأول
"ميدل إيست مونيتور": أمريكا خسرت معركة البحر الأحمر سياسيًا وعسكريًا أمام اليمنيين
نشر موقع ميدل إيست مونيتور تقريرًا تحليليًا للكاتب البريطاني بيتر رودجرز اعتبر فيه أن الحملة العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة ضد قوات صنعاء في البحر الأحمر، والتي عُرفت باسم 'عملية الفارس الخشن' تحولت من استعراض للقوة إلى نموذج واضح للفشل الاستراتيجي والعسكري الأمريكي. وأوضح التقرير أن الحملة التي استمرت شهرين وبلغت تكلفتها أكثر من مليار دولار، انتهت بوقف مفاجئ لإطلاق النار تم التوصل إليه عبر وساطة عمانية دون إشراك إسرائيل أو تنسيق مسبق مع الحلفاء الخليجيين، ما شكل ضربة سياسية موجعة لواشنطن وحلفائها في المنطقة. ورغم ضخامة الحملة التي شاركت فيها حاملات طائرات وقاذفات استراتيجية ونُفذت خلالها أكثر من 800 غارة على أهداف داخل اليمن، فإنها فشلت في وقف هجمات قوات صنعاء التي واصلت استهداف السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر وباب المندب بل ونفذت عمليات مباشرة ضد مدمرات أمريكية في سابقة لم تُسجل منذ الحرب العالمية الثانية. وأشار رودجرز إلى أن جوهر الفشل لا يكمن في العتاد أو التفوق العسكري بل في النظرة الأمريكية الضيقة التي اعتمدت بالكامل على القوة الخشنة دون قراءة أعمق لأبعاد الصراع السياسي والاقتصادي في اليمن والمنطقة. كما لفت التقرير إلى أن غياب التنسيق مع السعودية والإمارات وتجاهل الاحتلال الإسرائيلي في اتفاق وقف إطلاق النار كشف هشاشة التحالف الإقليمي أمام تصاعد نفوذ محور المقاومة. وفي سياق موازٍ استهدفت قوات صنعاء مطار بن غوريون بصواريخ باليستية، ما دفع الاحتلال الإسرائيلي إلى الرد بغارات على ميناء الحديدة ومطار صنعاء دون تنسيق مع واشنطن وهو ما فُهم كدليل على تصدع العلاقة بين الطرفين. واعتبر الكاتب أن الاتفاق مع صنعاء لم يكن مجرد هدنة بل هزيمة استراتيجية نقلت زمام المبادرة من واشنطن إلى صنعاء، التي خرجت من المواجهة أكثر رسوخًا واعتبرت الاتفاق نصرًا تاريخيًا ضد أقوى دولة في العالم. كما أورد التقرير أن الإيكونوميست وصفت الاتفاق بأنه 'حلف فاوستي' منح صنعاء نفوذًا أوسع بدلًا من إضعافها، في حين كشف الميدان أن قوة الردع اليمنية تجاوزت كل التوقعات. على الجانب العسكري أشار التقرير إلى استنزاف خطير في الذخائر الدقيقة داخل المخازن الأمريكية نتيجة الحملة، ما أثار قلقًا في البنتاغون خاصة مع تصاعد التوتر في المحيطين الهندي والهادئ مقابل الصين. كما حمّل التقرير إدارة ترامب مسؤولية تعقيد المشهد بسبب سوء الإدارة والتسريبات الأمنية وتعيين شخصيات متشددة في مراكز القرار العسكري والسياسي. وفي ختام تحليله أكد رودجرز أن قوات صنعاء أثبتت قدرتها على خوض معارك معقدة تجمع بين البُعد العسكري والسياسي والإعلامي وأن تجاهلها بات مستحيلًا في الحسابات الجيوسياسية الإقليمية معتبرًا أن قرار وقف إطلاق النار لا يُعبّر عن نصر أمريكي بل عن فشل استراتيجي عميق ومتراكم.


اليمن الآن
منذ 16 ساعات
- اليمن الآن
'ترومان' خارج البحر الأحمر
انهت الولايات المتحدة، الاثنين، وجودها العسكري بالبحر الأحمر بعد نحو شهرين من المواجهات العسكرية مع اليمن. آ آ واظهرت صور أقمار صناعية وصول حاملة الطائرات الامريكية “يو اس اس هاري ترومان†إلى البحر المتوسط. آ آ وكان ناشطون مصريون تداولوا صورا لترومان خلال عبورها قناة السويس مطلع الأسبوع الجاري. وجاء سحب الولايات المتحدة لأسطولها من البحر الأحمر مع دخول الاتفاق مع اليمن اسبوعه الثاني. آ آ واعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منتصف الأسبوع الماضي قرار بلاده وقف اطلاق النار مع اليمن وذلك عقب تعرض الاسطول البحري الأمريكي لسلسلة هجمات تجاوزت الـ30 وكان اخطرها في اخر أسبوع حيث تعرضت ترومان لسلسلة هجمات خسرت بموجبها مقاتلي اف -18 من جناحها الجوي. آ آ وبسحب “ترومان†تكون الولايات المتحدة قد انهت وجودها العسكري في البحر الأحمر والذي بدأت التحشيد له مطلع العام الماضي وحاولت خلاله وقف العمليات اليمنية المساندة لغزة. آ آ وترومان تعد واحدة من 5 اساطيل أمريكية اجبرتها اليمن على الانسحاب من البحر الأحمر خلال نحو عام ونيف من المواجهة اذ سبق لأمريكا سحب ترومان ذاتها للصيانة وقبلها “ايزنهاور†و “روزفلت †و “لينكولنâ€.


اليمن الآن
منذ يوم واحد
- اليمن الآن
تقرير بريطاني: حملة ترامب ضد اليمن مثال واضح للفشل الاستراتيجي الأمريكي
يمن إيكو|ترجمة: قال موقع 'ميدل إيست مونيتور' البريطاني إن الحملة العسكرية التي شنتها إدارة ترامب على اليمن هذا العام عكست فشلاً عسكرياً ودبلوماسياً واضحاً للولايات المتحدة في التعامل مع قوات صنعاء التي خرجت من هذه الحملة أقوى. ونشر الموقع، اليوم الأحد، تقريراً رصده وترجمه 'يمن إيكو'، سلط فيه الضوء على 'الفشل العسكري الأمريكي في البحر الأحمر'، حسب تعبير عنوان التقرير. وأشار التقرير إلى أن 'العملية العسكرية الأمريكية التي انطلقت في مارس 2025 كانت تهدف لتدمير ترسانة الحوثيين الصاروخية وطائراتهم المسيرة وبنيتهم التحتية العسكرية، ولكن ورغم الإنفاق الضخم والأسلحة المتطورة، فشلت العملية في تحقيق أهدافها الاستراتيجية'، مشيراً إلى أن 'الحوثيين لم يكتفوا بالنجاة من الهجمات، بل صعّدوا هجماتهم على السفن التجارية والعسكرية، وشكّل هذا الوضع أكبر تحدٍّ للهيمنة البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، إذ ازداد الحوثيون جرأة، واستهدفوا حتى السفن الحربية الأمريكية مراراً وتكراراً'. ووفقاً للتقرير فإن 'هذا القصور يعود جزئياً إلى الاستراتيجية الأمريكية المُفرطة في التركيز على الجانب العسكري، فالاستجابات العسكرية وحدها لا تكفي لحل أزمة البحر الأحمر'. وأضاف: 'على غرار عملية (حارس الرخاء) السابقة في عهد بايدن، والتي فشلت في استعادة الثقة التجارية في طرق الشحن في البحر الأحمر، واجه نهج ترامب الأكثر عدوانية القيود نفسها، فعلى الرغم من تكثيف الهجمات، لم تتمكن حملته من وقف عمليات الحوثيين تماماً'. وأشار التقرير إلى أن الاتفاق الذي تم الإعلان عنه في 6 مايو، لوقف إطلاق النار بين قوات صنعاء والولايات المتحدة بوساطة عمانية 'تم تقديمه كإجراء لخفض التصعيد، لكنه فُسر سريعاً على أنه هزيمة استراتيجية للولايات المتحدة، فبينما توقف الحوثيون عن مهاجمة السفن الأمريكية، واصلوا شنّ هجماتهم على إسرائيل، وكشف هذا عن حدود الاتفاق، وأبرز غياب التنسيق مع إسرائيل، الحليف الرئيسي لأمريكا'. واعتبر التقرير أن 'خطوة تجاوز إسرائيل ونتنياهو كانت لافتة للنظر بشكل خاص، فقد فوجئت إسرائيل تماماً بالإعلان'. وأشار إلى أن 'عدة عوامل ساهمت في فشل حرب ترامب ضد الحوثيين، أولها أن الاعتماد المفرط على الحلول العسكرية تجاهل التعقيد الجيوسياسي للمنطقة، بالإضافة إلى العبء المالي والعسكري غير المتناسب على الولايات المتحدة، كما أدى الجمع بين التردد الإقليمي في المشاركة وصمود الحوثيين العالي إلى إطالة أمد الأزمة'. وأضاف أن 'ضعف التنسيق الداخلي وسوء إدارة العمليات داخل إدارة ترامب لعب دوراً رئيسياً، حيث كشف التسريب العرضي للخطط العسكرية على تطبيق سيجنال عن خلل فادح في التنسيق والأمن العملياتي، وقد ساهم هذا الحادث- إلى جانب تعيين بيت هيجسيث وزيرًا للدفاع، المعروف بموقفه المتشدد- في تعزيز النهج العسكري على حساب الدبلوماسية'. ووفقاً للتقرير فقد 'كان لحرب ترامب الفاشلة واتفاق وقف إطلاق النار عواقب وخيمة على مصداقية الولايات المتحدة وتموضع الحوثيين في اليمن، فبالنسبة لأمريكا، أضعف هذا الفشل مكانتها الإقليمية والعالمية، وبرز الحوثيون أقوى بعد نجاتهم من أكثر من ألف غارة جوية، مما أثار شكوكاً حول فعالية الجيش الأمريكي، بينما أثار الاستخدام المكثف للذخائر الموجهة بدقة- وهي حيوية للصراعات المحتملة مع الصين- مخاوف داخل القيادة الأمريكية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ'. وبالإضافة إلى ذلك، أوضح التقرير أن 'قرار واشنطن بتجاوز إسرائيل أدى إلى توتر مع حليفها الرئيسي، وكشفت الضربات الانتقامية الإسرائيلية على اليمن، بدون تنسيق أمريكي، عن تصدعات داخل التحالف الإقليمي، كما زاد غياب التدخل الأوروبي من عزلة الولايات المتحدة في التعامل مع أزمة البحر الأحمر'. واعتبر التقرير أن 'وقف إطلاق النار عزز مكانة الحوثيين في اليمن والمنطقة، فقد اعتبروا الاتفاق انتصاراً، كما أبرزت هجماتهم المستمرة على إسرائيل، رغم وقف إطلاق النار الأمريكي، طموحاتهم الإقليمية وعزمهم الراسخ على لعب دور رئيسي في إعادة تشكيل ديناميكيات الشرق الأوسط، بل والعالم'. وخلص التقرير إلى أن 'حرب دونالد ترامب ضد الحوثيين في عام ٢٠٢٥ تعد مثالاً واضحاً على الفشل الاستراتيجي في السياسة الخارجية الأمريكية، فالعملية العسكرية المكلفة، التي شُنّت لاستعادة الردع وتأمين البحر الأحمر، لم تفشل في إضعاف قوة الحوثيين فحسب، بل أدّت أيضاً إلى وقف إطلاق نار كشف عن محدودية دبلوماسية وعسكرية أمريكية، وقد جسّد وقف إطلاق النار في ٦ مايو ٢٠٢٥، الذي أُبرم بدون تنسيق إسرائيلي، هذا الفشل، إذ لم يُوقف هجمات الحوثيين على إسرائيل، بل عزّز مكانتهم الإقليمية'.