
سوروكا يتصدع ، ومستشفيات غزة تُمحى ، بقلم : بديعة النعيمي
سوروكا يتصدع ، ومستشفيات غزة تُمحى ، بقلم : بديعة النعيمي
هزّت تصريحات دولة الاحتلال وسائل الإعلام إثر تضرر مستشفى 'سوروكا' في بئر السبع نتيجة استهداف صاروخ إيراني ضمن الهجمة ال ١٤ لعملية الوعد الصادق٣ لمركز استخبارات عسكري لجيش الاحتلال. واعتبرت أن الهجوم الإيراني 'تجاوز للخطوط الحمراء'.
هذا الموقف حمل تناقضا صارخا لا يمكن تجاهله. فبينما تنتفض 'تل أبيب' غضبا عند تضرر منشأة طبية واحدة عن غير قصد، تمضي آلتها العسكرية عن قصد ودراسة ممنهجة في تدمير المنظومة الصحية لقطاع غزة بأكمله منذ السابع من أكتوبر وحتى اللحظة. ما يعكس صورة واضحة للانفصال الأخلاقي والسياسي الذي يطبع سلوك هذا العدو منذ عقود. فحين يُمسّ طرف من نسيجه المدني، يرتفع صوته مستنجدا بما يسمى ب 'القانون الدولي' و 'بالضمير العالمي'. ولكن حين يسحق مستشفيات غزة فوق رأس الأطباء والمرضى، لا يرف له جفن، بل يبرر ويحول الضحايا من أطفال ونساء إلى 'إرهابيين' متورطين في الحرب ضد أمن دولته المزعومة.
في غزة، تهاوت الأخلاق وفشل الاحتلال في إخفاء وجهه القبيح الذي لطالما ادعى أنه أخلاقي. ففيها كان استهداف المستشفيات نتيجة سياسة ممنهجة فاضحة حين. خرجت المراكز الطبية والمستشفيات تباعا عن الخدمة بفعل القصف الهمجي المتكرر والذي لم يتوقف بعد السابع من أكتوبر، وحرمان آلاف الجرحى والمرضى من الحد الأدنى من الرعاية. كما أن الأطباء لم يسلموا، ولا المرضى، ولا حتى حاضنات الأطفال. ولئن كان ثمة ما يسمى بـ'الخطوط الحمراء' في النزاعات، فإن دولة الاحتلال لم تكتف بتجاوزها، بل قامت بمحوها تماما.
إن هذه المواقف التي أقل ما يمكن أن توصف بأنها انتقائية القيم، حيث تصبح حياة القادم من شتات الأرض ولا يملك شبرا في فلسطين، أغلى من حياة صاحب الأرض الشرعي. والأدهى والأمّر كما يقال أن حياة صاحب الأرض تُلغى من حسابات 'القوانين الدولية والإنسانية' الزائفة.
وحين ينتفض الفلسطيني للدفاع عن أرضه ومقدساته، يُتهم ب 'الإرهاب'، بينما يُمنح المعتدي المستوطن والمستعمر حصانة دولية على جميع المستويات.
نعم هكذا تُدار السرديات حين يختل ميزان العدالة، وترجح كفته منذ أكثر من قرن لصالح دولة الظلم الوظيفية التي زرعتها الدول الإمبريالية في قلب بلادنا.
والاستثنائي اليوم هو أن من استفاد من صمت العالم وتواطأه معه لعقود بدأ بستشعر مرارة الكأس الذي اعتاد أن يسقيه لغيره. فتضرر 'سوروكا' لم يكن مقصود كما صرح الإيرانيون،ومع ذلك فقد اتهمت دولة الاحتلال إيران بأنها تقصف المستشفيات، أما مئات المستشفيات التي تم استهدافها في غزة بقصد وبفعل ممنهج، فهي مبررة من وجهة نظرها وسط عالم لم يكتفي بالصمت فقط بل تواطأ.
وهذه لعمري فضيحة أخلاقية عنوانها الكيل بمكيالين، واختلال المعايير، وتسييس القانون الإنساني الدولي بما يخدم الأقوى.
واليوم، أمام هذه الازدواجية الفاضحة، ينبغي علينا أن نطرح سؤالا جوهريا وهو، إلى متى تبقى حياة الفلسطينيين خارج دفتر الحقوق الإنسانية؟
وإلى متى يُسمح للمحتل أن يبكي على مستشفى تصدع جزء من جدرانه، بينما تلقى أطنان القنابل على مستشفيات غزة بمن فيها دون أن ينبس العالم بكلمة؟
ولكن قانون العدل يقول بأن ساعة الحساب وإن تأخرت لا بد أن تأتي بإذن الله تعالى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الايام
منذ 8 ساعات
- جريدة الايام
من سيحكم إيران بعد سقوط النظام؟
بقلم: سمدار بيري ترفع الاحداث الدراماتيكية في الأيام الأخيرة في الحرب مع ايران الى السطح الخيار الذي بدا قبل وقت غير بعيد في نظر الكثيرين خيالاً سياسياً: إسقاط نظام آيات الله وتغييره، لكن حتى لو كان السيناريو بدا دفعة واحدة أقرب، لا يزال من غير الواضح ما هي الخيارات ومن هي الجهات التي يمكنها أن تحكم الدولة الهائلة التي تعد 90 مليون مواطن. صباح أول من امس غرد وزير الدفاع، إسرائيل كاتس: "عاصفة التورنادو تواصل ضرب طهران. طائرات سلاح الجو دمرت الآن قيادة الأمن الداخلي للنظام الإيراني – ذراع القمع المركزي للدكتاتور الإيراني (قوات البسيج سيئة الصيت والسمعة، المسؤول عن قمع الاضطرابات في الدولة). كما وعدنا – سنواصل ضرب رموز الحكم ونضرب نظام آيات الله في كل مكان". رغم ان اسقاط النظام لا يزال لا يتحدد هدفا رسميا لحملة "شعب كاللبؤة" يتضح في العالم الفهم بانه بالتأكيد يوجد في أفكار وآمال الكثيرين في إسرائيل. لكن في ضوء حقيقة أنه في الغرب – وبالتأكيد منذ حروب أميركا الفاشلة في العراق وفي أفغانستان- كل محاولة لتغيير النظام من الخارج تعد خطيرة، ومزيد فمزيد من المحللين يفحصون الآن البدائل المختلفة لـ "اليوم التالي" لنظام آيات الله في ايران، هذا اذا جاء كهذا على الاطلاق. الملكيون: حلم عودة الشاه هناك من يتخيلون عودة ايران الى عهد ما قبل الثورة الإسلامية، لكن ليس واضحا كم منهم يسكنون داخل ايران. من ناحية المظهر الإعلامي، فان رضا كورش علي بهلوي، ابن الـ 64، ابن الشاه الإيراني الأخير وحفيد رضا شاه بهلوي، مؤسس السلالة التي يسمى على اسمها، يعرف بأنه المتنافس الأبرز. لكن احتمالاته على ما يبدو ليست عالية. فقط اذا تلقى وعدا أميركيا، أوروبيا وسعوديا ومع ظهر مكثف من طائفة المنفيين، يمكنه أن يعود. هو نفسه يريد ذلك جدا. اما مواطنو إسرائيل فاقل عناية بذلك. الغالبية الساحقة من الإيرانيين اليوم لا يتذكرون على الاطلاق حياة ما قبل الثورة، وتبدو الدولة مختلفة جدا عن تلك التي تركها أبو بهلوي قبل 46 سنة. وبينما يبدي بعض الإيرانيين حنينا لذاك العهد، فان آخرين يتذكرون أيضا انعدام المساواة والقمع اللذين رافقاه. هاجر من ايران في عمر 19، حتى قبل خروج والديه. مات الشاه بعد نحو سنة في العام 1980، ودفن في القاهرة. اما ابنه فاستقر في الولايات المتحدة. تقول الشائعة إن الشيخ رضا نجح في أن يهرب من ايران اغراضا قيمة ومبالغ مالية اودعت في بنوك غربية بعشرات وربما مئات ملايين الدولارات. من ناحيته هو لا يزال أميرا. ابن الشاه لا يعمل، يزور الطوائف الكبرى للاجئين الإيرانيين في الولايات المتحدة وأوروبا. وجاء الى إسرائيل، التي يبقي معها على علاقات خاصة. ترأس "الحكومة الإيرانية في المنفى"، وهي مجلس يضم نحو 40 حزبا وجمعية بهدف اسقاط نظام ايات الله في ايران. نشطاء في الحركة الإصلاحية في إيران يتحفظون عليه، ويسمونه "الفاسد" و "الطماع"، ويدعون انه عديم التجربة في قيادة دولة كبيرة ومعقدة مثل إيران. في لوس انجلوس، التجمع الأكبر للمهاجرين الإيرانيين ومكان سكنه الأساس، معروف بلقب "شاه لا شاه". فيما كان لقب ابيه "ملك الملوك". لكن حتى رؤساء الطائفة الإيرانية هناك لا يعطونه في الأحاديث الخاصة احتمالا كبيرا. "مع المال والاملاك التي جاء بها من إيران، لا يوجد له ما يدعوه الى العودة"، قال لي أحدهم. مجاهدي خلق: معارضة أم "طائفة مغلقة" تعود منظمة مجاهدي خلق الى حكم الشاه في السبعينيات حين قاتلت بالذات كمنظمة يسارية راديكالية على أراضي ايران ضد نظام الشاه الفاسد وحلفائه الأميركيين. المنظمة التي تعرف بالأحرف الأولى من اسمها MEK أو MKO، ينظر اليها بشكل سلبي في نظر الكثيرين – بما في ذلك بين المهاجرين الإيرانيين – بسبب تعاونها مع العراق اثناء حرب ايران – العراق. في العام 2002 كانت المنظمة الأولى التي كشفت علنا عن برنامج التخصيب النووي السري لإيران. ومع ذلك، مجاهدي خلق ليسوا نشطين على نحو خاص داخل ايران. هم يحلمون بالاستيلاء على الحكم دفعة واحدة، وتوزيع الوظائف العليا بين مؤيديهم. هناك من يتهمهم بان لهم مزايا الطائقة المغلقة. من المهم التشديد على ان معظمهم مسلمون سُنة – بخلاف أبناء الطائفة الشيعية الحاكمة في ايران – ورسميا هم يؤيدون إقامة ايران علمانية وغير نووية. الزعيم الرسمي للحركة، مسعود رجبي، لم يظهر علنا منذ اكثر من 20 سنة. أمسكت زوجته، مريم رجبي، بالقيادة وتعمل أساسا من فرنسا. حسب تحقيق صحافي أجرته شبكة "ان بي سي" في العام 2012، كان للمنظمة اتصال برجال "الموساد"، الذين حسب التحقيق دربوا نشطاء المنظمة على استخام الدراجات والمواد المتفجرة وبالمقابل ينقل رجال المنظمة لإسرائيل معلومات عما يجري في ايران. الأقليات تسيطر: هؤلاء ليسوا الأكراد الذي عرفناهم 45 في المئة فقط من مواطني ايران هم فرس، يشكلون سلسلة القيادة المركزية لنظام آيات الله (رغم ان خامينئي مثلا من اصل اذري). لكن توجد جماعات أخرى، على علاقات متوترة اكثر بكثير مع النظام وعلى رأسها المسلمون الاكراد (الذين يشكلون نحو 10 في المئة من السكان) والبلوش. هؤلاء اقاموا جماعات معارضة خارج ايران أيضا. البلوش الذين يتمركزون على طول الحدود مع الباكستان ينالون دعما من مسلمين سُنة، يعارضون الحكم الإسلامي الشيعي في ايران. للاكراد الإيرانيين بخلاف منظمات الاكراد التركية والعراقية، علاقة سطحية جدا بإسرائيل. مرتين فقط، بقدر ما هو معروف، جرت لقاءات حاول فيها الطرفان التعرف على اهداف الطرف الآخر. بعض الاكراد الإيرانيين يستقرون مثل البلوش على حدود الباكستان، ويعرفون كـ "مشجعي مظاهرات عنف خطيرة تتضمن استخداما للسلاح". اعتقال وموت الشابة الكردية، ماسا اميني، على ايدي محققيها في أيلول 2022 فاقم علاقات الحكم الإيراني مع الاكراد في الشمال وفي الغرب، وليس فقط معهم. في موجات الاحتجاج واسعة النطاق في ايران، كان الاحتجاج في الغالب حاداً على نحو خاص في مناطق الاكراد والبلوش، لكن لا توجد بينهم حركة معارضة موحدة وواضحة، ومن المشكوك فيه أن يشكلوا هم وحدهم تهديدا على النظام المركزي. الحركة الإصلاحية: الأمل الأخضر الأكبر في نهاية الامر الأهم هي حركة المعارضة المنتشرة داخل ايران. تتشكل الحركة الإصلاحية أساسا من شبان في اعمار 18 حتى 40. أحيانا كان الأهالي ينضمون الى المظاهرات أيضا. الامل في الغرب هو ان مئات الآلاف ممن ستنمو اعدادهم دفعة واحدة الى الملايين سيخرجون للتظاهر في الشوارع، ويعتلون أسطح العمارات العالية، ومرة أخرى تنضم الى الاحتجاج النساء اللواتي يلقين حجابهن نحو سيارات الشرطة التي تقتاد الشبان الى محطات الاعتقال والتعذيب. ومثلما حصل في 2009 ومثلما حصل في 2022، بعد قضية ماسا اميني. لكن من المهم التشديد على أنه منذ بدأت اعمال سلاح الجو في سماء ايران لم تخرج مظاهرات الى الشوارع. قتل الحكم واعتقل قرابة عشرة آلاف شاب في الأشهر الأخيرة. منذئذ جفت الميادين. صحيح ان المعارضة في الخليج تدعو الى التجمع على بوابات سجن أفين، سيئ الصيت والسمعة، للتظاهر ومحاولة تحرير آلاف السجناء والسجينات السياسيين والامل في أن تبدأ الثورة المضادة الكبرى من هنا. لكن هل هم حقا قادرون على إسقاط النظام وأساسا إقامة نظام جديد بدلا منه يكون مقبولا من الدولة المتنوعة؟ وبالاساس فان قسما مهما من السكان يرون فيهم اليوم خونة، ومن السابق لاوانه جدا أن نعرف. خامينئي يبقى: انتظروا لتتعرفوا على ابنه وتوجد بالطبع الامكانية المعقولة بالتأكيد بألا يكون تغيير للنظام هنا، حتى لو خرج نظام ايات الله ضعيفا من الحرب وحتى لو اضطر للتنازل عن الاتفاق النووي. خامينئي يوجد في مكان اختباء، ورغم عمره المتقدم، وامراضه والتهديدات على حياته، ليست هذه هي المرة الأولى التي يؤبن فيها وينجو. خامينئي، ابن الـ 86 ، هو ابن جيل أبو مازن. وهما الزعيمان الأكبر سنا في العالم الإسلامي. وحسب خطته، فان الابن مجتبى خامينئي، 55 سنة، مخطط ان يخلفه. حاول ابوه على مدى السنين اطلاعه على أسرار المنصب المركب. في بداية حياته السياسية كان من المؤيدين الكبار لاحمدي نجاد، ولاحقا أشرف على قوات البسيج المسؤولة عن قمع الاحتجاجات الكبرى. ومع ذلك ليس لمجتبى خلفية أو ماضٍ ديني، فـ"مجلس الخبراء" قد يستبعده بسبب انعدام التعليم الديني الإسلامي – الشيعي. لقد أدت تصفيات القيادة في الأيام الأخيرة الى انهيار علاقات مجتبى دفعة واحدة مثلما حصل لعلاقات ابيه مع باقي كبار القيادة. من جهة أخرى، كما يشرح المحللون، فان تصفية قادة وكبار بالذات في الأجهزة قد يسمح بالذات في اليوم التالي، اذا ما نجا النظام، ان تكون في صالح الابن مجتبى وتقريبه من القادة دون التأهيل الديني.


فلسطين اليوم
منذ 21 ساعات
- فلسطين اليوم
الصحف العبرية ترصد ضبابية الموقف الأميركي وتداعيات الحرب مع إيران
رصدت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم الجمعة 20 حزيران 2025 تصاعداً في حدة التوتر الإقليمي، وسط ضبابية الموقف الأميركي من الانخراط في الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران، وتفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة. صحيفة هآرتس سلطت الضوء على ما وصفته بـ"الضباب الكثيف" الذي يلف نوايا الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في وقت تتقلص فيه مناطق المعيشة في غزة إلى "جزر جحيمية"، بينما أصيب مستشفى سوروكا في بئر السبع إصابة مباشرة بصاروخ إيراني، ما أسفر عن إصابات في صفوف المدنيين. أما يديعوت أحرونوت فركزت على "ثمن الحرب في غزة" وتداعياتها على الجبهة الداخلية، مشيرة إلى أن البيت الأبيض لم يحسم بعد قرار ترامب بشأن الانضمام إلى الهجمات على إيران خلال الأسبوعين المقبلين، في حين نعت الصحيفة أربعة جنود قُتلوا خلال أسبوع واحد. من جهتها، اعتبرت معاريف أن إسرائيل دخلت "زمن الحسم"، مشيرة إلى انقسام الرأي العام الإسرائيلي بين خيار استهداف البرنامج النووي الإيراني أو السعي لإسقاط النظام. كما نقلت عن مصادر عسكرية اعترافاً بتغير طبيعة القتال مع حركة حماس. أما إسرائيل اليوم فقد توقعت استمرار الهجمات على منشأة فوردو النووية رغم المفاوضات الجارية، مشيرة إلى تقديرات عسكرية بأن "معظم الأهداف في إيران ستُعالج خلال الأيام القليلة المقبلة". كما أبرزت الصحيفة رفض حماس للعرض الإسرائيلي بشأن صفقة التبادل، واتهامها تل أبيب بالمماطلة.


فلسطين أون لاين
منذ يوم واحد
- فلسطين أون لاين
"من سوروكا إلى المبنى 4".. فضائح عسكرة البُنى التَّحتيَّة في "إسرائيل"
كشفت الضربات الصاروخية الأخيرة، فضائح مدوية وسقوط أخلاقي جديدة لجيش الاحتلال "الإسرائيلي"، حول دمجه منشآت عسكرية واستخباراتية داخل مؤسسات مدنية مثل الجامعات، شركات التقنية، وحدائق التكنولوجيا، مستشفيات، مراكز تسوق وحدائق. ووفقًا للتقارير الأخيرة، فإنَّ "إسرائيل" تستخدم الغطاء المدني في أنشطته العسكرية بهدف تجنّب الاستهداف العسكري المباشر، وإخفاء النشاط العسكري عن الرقابة الدولية، واستغلال الحصانة القانونية للمدنيين وفق القانون الدولي الإنساني. سُلِّط الضوء بشكل واضح على هذه الفضيحة عقب القصف الصاروخي الإيراني الذي استهدف قاعدةً عسكرية قرب مستشفى سوروكا المخصَّص لعلاج الجنود "الإسرائيليين". وأكدت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) أن "الهدف الرئيسي" للغارة التي ألحقت أضرارًا بمركز سوروكا الطبي كان مجمعًا تكنولوجيًا قريبًا، يستخدم لأغراض عسكرية تحت إشراف جيش الاحتلال. وأضافت الوكالة: "كان الهدف الرئيسي للهجوم قاعدة القيادة والاستخبارات الواسعة "للجيش الإسرائيلي" (IDF C4i) ومقر استخباراته العسكرية، الواقع في مجمع غاف يام التكنولوجي، بجوار مستشفى سوروكا في بئر السبع". ويعتبر موقع الحديقة التكنولوجية "مركز البحث والتطوير الأكثر تطورًا في "إسرائيل"... بجوار حرم جامعة بن غوريون وفرع C4i التابع للجيش الإسرائيلي". وكشفت منصات عبرية ردًّا على مزاعم بنيامين نتنياهو ووزير حربه يسرائيل كاتس حول قصف مستشفى "سوروكا" بالقول " الجيش الاسرائيلي يختبئ خلف المدنيّين في وسط مدينة تل أبيب، ثم يلوم الإيرانيّين على إطلاق الصواريخ تجاه السكان ،أنا وأطفالي مجرد ضرر جانبي بالنسبة له". وأرفقت إحدى المستوطنات صورة وخريطة لمبنى وزارة الحرب "كرياه" الموجود بالقرب من مرافق مدنيّة وسط "تل ابيب". وفي هذا السياق، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم الجمعة، أن إيران "تستهدف فقط المراكز العسكرية في الأراضي المحتلة. مضيفًا "بعد أن هاجم الكيان المراكزالاقتصادية، أضفنا المراكز الاقتصادية التابعة له إلى قائمة الأهداف. نحن لا نستهدف المناطق السكنية ولا المدنيين، وخاصة المستشفيات، وهذا الأمر نراعيه بدقة كاملة". وختم تصريحاته بالقول، إنَّ "الهجمات التي تنفذها صواريخنا مصممة بدقة، ومراعية تمامًا للمعايير الأخلاقية والقانون الدولي. والنقطة الأخرى هي أن سماع هذا البكاء والتباكي من كيان استهدف بنفسه المستشفيات في غزة عمدًا، وأدخل قواته المسلحة إلى داخل المستشفيات وأطلق النار على المرضى، ثم يأتي اليوم ليتقمص دور الضحية، هو أمر مثير للسخرية حقًا". ويقع "سوروكا" في مدينة بئر السبع جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويُعدّ أحد أكبر مستشفيات البلاد، وثالثها من حيث الحجم، ويشكل مركزاً أساسياً لعلاج جنود الاحتلال المصابين خلال العدوان المتواصل على غزة. وقد عالج المستشفى منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول أكثر من 4189 جندياً إسرائيلياً مصاباً. من سوروكا إلى المبنى 4 لم تتوقف فضيحة "إسرائيل" عند استخدام منشآت عسكرية بالقرب من مستشفى، بل كشف القصف الصاروخي الإيراني الذي سقط في بئر السبع أنه استهدف مقرًا يعمل في المجال السيبراني ويتعاون مع الجيش الإسرائيلي". وصباح اليوم، أعلن الحرس الثوري الإيراني، استهداف "حديقة الفضاء السيبراني"، في بئر السبع، بالصواريخ، وتحديدًا مبنى شركة "غاف-يام 4"، مشيرا إلى أن الضربة ألحقت أضرارًا جسيمة بالموقع. وذكر الحرس الثوري في بيان، أن "الصاروخ الإيراني الذي سقط في بئر السبع استهدف مقرًا يعمل في المجال السيبراني ويتعاون مع الجيش الإسرائيلي". وأضاف أن "الهجوم جاء لكون الموقع جزءًا من منظومة دعم العدوان، وليس مجرد كيان مدني، إذ يشمل أنشطة سيبرانية متقدمة". مشيرًا إلى أن "الهجوم طال مساكن لأشخاص يعملون في مجالي التجسس والذكاء الاصطناعي، ويتعاونون بشكل مباشر مع الجيش الإسرائيلي وأجهزته الأمنية". وفي ذات السياق، أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن "الهجوم الصاروخي الباليستي من إيران استهدف منطقة (CyberSpark) في بئر السبع، وأن المبنى المتضرر هو المبنى رقم 4، الذي يُعد جزءًا من الحديقة السيبرانية". وأفادت مصادر مطلعة بأنَّ المبنى رقم 4' أُنشأ عام 2022 في بئر السبع، وتدار من قيادة وحدة C4i التابعة للجيش، ويقع داخل مبنى 'مدني ظاهريًا' يُعرف بـ Gav-Yam 4 ضمن حديقة التكنولوجيا CyberSpark، والحقيقة أنه يُستخدم لتدريب ضباط ومجندين في البرمجة، الحوسبة، والتجسس السيبراني، ويعتبر المبنى 'قاعدة تأهيل عسكري' للوحدات السيبرانية، رغم غطائه المدني. وأما ما يتعلق باستهداف حديقة غاف-يام، فإنها تقع قرب جامعة بن غوريون ومستشفى سوروكا، وتضم مراكز أبحاث وشركات عالمية مثل مايكروسوفت، و تنقل إليها آلاف من جنود ووحدات الجيش وخاصة الوحدة 8200 وقيادة الاستخبارات الرقمية. يروَّج الاحتلال للمكان كمركز 'مدني للابتكار'، لكن القصف الصاروخي الإيراني صباح اليوم، كشف أنه مقر استخبارات تقني موسّع. لم تكن الجامعات بعيدة عن الاستخدام العسكري أيضًا، فالتقارير العبرية أكدت أن الجامعات الإسرائيلية مثل العبرية، تل أبيب، وبن غوريون، تستخدم برامج خاصة لتدريب الجنود، حيث يجري دمج الجنود في وحدات سايبر داخل المساقات الأكاديمية، وتُستخدم هذه البرامج لتجنيد عناصر استخبارات وتطوير تقنيات التجسس. كشفت الضربة عن أحد أنماط تمويه البنية التحتية العسكرية لدى الاحتلال، وهو إخفاء مشاريع أمنية في منشآت مدنية أو واجهات جامعية وتجارية، ومن أبرز الأمثلة: - 'هاكيرزون' – رمات غان: مشروع تدريبي إلكتروني تديره وحدة 8200 تحت غطاء الابتكار. - Gav-Yam Negev Park – بئر السبع: يضم شركات برمجيات وتجسس إلكتروني تعمل لصالح وزارة الأمن، بالإضافة إلى وحدات احتياط. -الحرم الجامعي للمركز الأكاديمي المفتوح – رعنانا: يُستخدم لتدريب عناصر على التحليل السيبراني الاستخباراتي. التجاوز القانوني: الجمع بين المدني والعسكري تُعدّ اتفاقيات جنيف أن 'أي منشأة مدنية تُستخدم لأغراض عسكرية تفقد حصانتها و تصبح هدفًا مشروعًا. وتحظر قواعد القانون الإنساني، استخدام المدنيين كدروع بشرية، ودمج الأهداف العسكرية بالمنشآت المدنية، أو تحويل المؤسسات التعليمية أو الصحية لأغراض عسكرية. وتوثِّق منظمات مثل 'هيومن رايتس ووتش' و'مركز مراقبة الاستخدام العسكري للتكنولوجيا' تورط إسرائيل في تغليف منشآت عسكرية بطابع مدني لتقليل احتمالية استهدافها أو للمراوغة القانونية. ووفقًا لقواعد القانون الإنساني، فإنَّ ما يقوم به الاحتلال يمثل خرقًا واضحًا، حيث يحوّل المدارس والجامعات لمراكز تجنيد وتدريب عسكري، ويضع قواعد عسكرية قرب أو داخل منشآت مدنية حساسة (كالمستشفيات)، ويُعرّض حياة المدنيين للخطر أثناء الحروب. المصدر / فلسطين أون لاين