
من سيحكم إيران بعد سقوط النظام؟
بقلم: سمدار بيري
ترفع الاحداث الدراماتيكية في الأيام الأخيرة في الحرب مع ايران الى السطح الخيار الذي بدا قبل وقت غير بعيد في نظر الكثيرين خيالاً سياسياً: إسقاط نظام آيات الله وتغييره، لكن حتى لو كان السيناريو بدا دفعة واحدة أقرب، لا يزال من غير الواضح ما هي الخيارات ومن هي الجهات التي يمكنها أن تحكم الدولة الهائلة التي تعد 90 مليون مواطن.
صباح أول من امس غرد وزير الدفاع، إسرائيل كاتس: "عاصفة التورنادو تواصل ضرب طهران. طائرات سلاح الجو دمرت الآن قيادة الأمن الداخلي للنظام الإيراني – ذراع القمع المركزي للدكتاتور الإيراني (قوات البسيج سيئة الصيت والسمعة، المسؤول عن قمع الاضطرابات في الدولة). كما وعدنا – سنواصل ضرب رموز الحكم ونضرب نظام آيات الله في كل مكان". رغم ان اسقاط النظام لا يزال لا يتحدد هدفا رسميا لحملة "شعب كاللبؤة" يتضح في العالم الفهم بانه بالتأكيد يوجد في أفكار وآمال الكثيرين في إسرائيل. لكن في ضوء حقيقة أنه في الغرب – وبالتأكيد منذ حروب أميركا الفاشلة في العراق وفي أفغانستان- كل محاولة لتغيير النظام من الخارج تعد خطيرة، ومزيد فمزيد من المحللين يفحصون الآن البدائل المختلفة لـ "اليوم التالي" لنظام آيات الله في ايران، هذا اذا جاء كهذا على الاطلاق.
الملكيون: حلم عودة الشاه
هناك من يتخيلون عودة ايران الى عهد ما قبل الثورة الإسلامية، لكن ليس واضحا كم منهم يسكنون داخل ايران. من ناحية المظهر الإعلامي، فان رضا كورش علي بهلوي، ابن الـ 64، ابن الشاه الإيراني الأخير وحفيد رضا شاه بهلوي، مؤسس السلالة التي يسمى على اسمها، يعرف بأنه المتنافس الأبرز. لكن احتمالاته على ما يبدو ليست عالية. فقط اذا تلقى وعدا أميركيا، أوروبيا وسعوديا ومع ظهر مكثف من طائفة المنفيين، يمكنه أن يعود. هو نفسه يريد ذلك جدا. اما مواطنو إسرائيل فاقل عناية بذلك. الغالبية الساحقة من الإيرانيين اليوم لا يتذكرون على الاطلاق حياة ما قبل الثورة، وتبدو الدولة مختلفة جدا عن تلك التي تركها أبو بهلوي قبل 46 سنة. وبينما يبدي بعض الإيرانيين حنينا لذاك العهد، فان آخرين يتذكرون أيضا انعدام المساواة والقمع اللذين رافقاه.
هاجر من ايران في عمر 19، حتى قبل خروج والديه. مات الشاه بعد نحو سنة في العام 1980، ودفن في القاهرة. اما ابنه فاستقر في الولايات المتحدة. تقول الشائعة إن الشيخ رضا نجح في أن يهرب من ايران اغراضا قيمة ومبالغ مالية اودعت في بنوك غربية بعشرات وربما مئات ملايين الدولارات. من ناحيته هو لا يزال أميرا. ابن الشاه لا يعمل، يزور الطوائف الكبرى للاجئين الإيرانيين في الولايات المتحدة وأوروبا. وجاء الى إسرائيل، التي يبقي معها على علاقات خاصة. ترأس "الحكومة الإيرانية في المنفى"، وهي مجلس يضم نحو 40 حزبا وجمعية بهدف اسقاط نظام ايات الله في ايران.
نشطاء في الحركة الإصلاحية في إيران يتحفظون عليه، ويسمونه "الفاسد" و "الطماع"، ويدعون انه عديم التجربة في قيادة دولة كبيرة ومعقدة مثل إيران. في لوس انجلوس، التجمع الأكبر للمهاجرين الإيرانيين ومكان سكنه الأساس، معروف بلقب "شاه لا شاه". فيما كان لقب ابيه "ملك الملوك". لكن حتى رؤساء الطائفة الإيرانية هناك لا يعطونه في الأحاديث الخاصة احتمالا كبيرا. "مع المال والاملاك التي جاء بها من إيران، لا يوجد له ما يدعوه الى العودة"، قال لي أحدهم.
مجاهدي خلق: معارضة أم "طائفة مغلقة"
تعود منظمة مجاهدي خلق الى حكم الشاه في السبعينيات حين قاتلت بالذات كمنظمة يسارية راديكالية على أراضي ايران ضد نظام الشاه الفاسد وحلفائه الأميركيين. المنظمة التي تعرف بالأحرف الأولى من اسمها MEK أو MKO، ينظر اليها بشكل سلبي في نظر الكثيرين – بما في ذلك بين المهاجرين الإيرانيين – بسبب تعاونها مع العراق اثناء حرب ايران – العراق. في العام 2002 كانت المنظمة الأولى التي كشفت علنا عن برنامج التخصيب النووي السري لإيران. ومع ذلك، مجاهدي خلق ليسوا نشطين على نحو خاص داخل ايران. هم يحلمون بالاستيلاء على الحكم دفعة واحدة، وتوزيع الوظائف العليا بين مؤيديهم. هناك من يتهمهم بان لهم مزايا الطائقة المغلقة. من المهم التشديد على ان معظمهم مسلمون سُنة – بخلاف أبناء الطائفة الشيعية الحاكمة في ايران – ورسميا هم يؤيدون إقامة ايران علمانية وغير نووية. الزعيم الرسمي للحركة، مسعود رجبي، لم يظهر علنا منذ اكثر من 20 سنة. أمسكت زوجته، مريم رجبي، بالقيادة وتعمل أساسا من فرنسا. حسب تحقيق صحافي أجرته شبكة "ان بي سي" في العام 2012، كان للمنظمة اتصال برجال "الموساد"، الذين حسب التحقيق دربوا نشطاء المنظمة على استخام الدراجات والمواد المتفجرة وبالمقابل ينقل رجال المنظمة لإسرائيل معلومات عما يجري في ايران.
الأقليات تسيطر: هؤلاء ليسوا الأكراد الذي عرفناهم
45 في المئة فقط من مواطني ايران هم فرس، يشكلون سلسلة القيادة المركزية لنظام آيات الله (رغم ان خامينئي مثلا من اصل اذري). لكن توجد جماعات أخرى، على علاقات متوترة اكثر بكثير مع النظام وعلى رأسها المسلمون الاكراد (الذين يشكلون نحو 10 في المئة من السكان) والبلوش. هؤلاء اقاموا جماعات معارضة خارج ايران أيضا. البلوش الذين يتمركزون على طول الحدود مع الباكستان ينالون دعما من مسلمين سُنة، يعارضون الحكم الإسلامي الشيعي في ايران.
للاكراد الإيرانيين بخلاف منظمات الاكراد التركية والعراقية، علاقة سطحية جدا بإسرائيل. مرتين فقط، بقدر ما هو معروف، جرت لقاءات حاول فيها الطرفان التعرف على اهداف الطرف الآخر. بعض الاكراد الإيرانيين يستقرون مثل البلوش على حدود الباكستان، ويعرفون كـ "مشجعي مظاهرات عنف خطيرة تتضمن استخداما للسلاح". اعتقال وموت الشابة الكردية، ماسا اميني، على ايدي محققيها في أيلول 2022 فاقم علاقات الحكم الإيراني مع الاكراد في الشمال وفي الغرب، وليس فقط معهم. في موجات الاحتجاج واسعة النطاق في ايران، كان الاحتجاج في الغالب حاداً على نحو خاص في مناطق الاكراد والبلوش، لكن لا توجد بينهم حركة معارضة موحدة وواضحة، ومن المشكوك فيه أن يشكلوا هم وحدهم تهديدا على النظام المركزي.
الحركة الإصلاحية: الأمل الأخضر الأكبر
في نهاية الامر الأهم هي حركة المعارضة المنتشرة داخل ايران. تتشكل الحركة الإصلاحية أساسا من شبان في اعمار 18 حتى 40. أحيانا كان الأهالي ينضمون الى المظاهرات أيضا. الامل في الغرب هو ان مئات الآلاف ممن ستنمو اعدادهم دفعة واحدة الى الملايين سيخرجون للتظاهر في الشوارع، ويعتلون أسطح العمارات العالية، ومرة أخرى تنضم الى الاحتجاج النساء اللواتي يلقين حجابهن نحو سيارات الشرطة التي تقتاد الشبان الى محطات الاعتقال والتعذيب. ومثلما حصل في 2009 ومثلما حصل في 2022، بعد قضية ماسا اميني.
لكن من المهم التشديد على أنه منذ بدأت اعمال سلاح الجو في سماء ايران لم تخرج مظاهرات الى الشوارع. قتل الحكم واعتقل قرابة عشرة آلاف شاب في الأشهر الأخيرة. منذئذ جفت الميادين. صحيح ان المعارضة في الخليج تدعو الى التجمع على بوابات سجن أفين، سيئ الصيت والسمعة، للتظاهر ومحاولة تحرير آلاف السجناء والسجينات السياسيين والامل في أن تبدأ الثورة المضادة الكبرى من هنا. لكن هل هم حقا قادرون على إسقاط النظام وأساسا إقامة نظام جديد بدلا منه يكون مقبولا من الدولة المتنوعة؟ وبالاساس فان قسما مهما من السكان يرون فيهم اليوم خونة، ومن السابق لاوانه جدا أن نعرف.
خامينئي يبقى: انتظروا لتتعرفوا على ابنه
وتوجد بالطبع الامكانية المعقولة بالتأكيد بألا يكون تغيير للنظام هنا، حتى لو خرج نظام ايات الله ضعيفا من الحرب وحتى لو اضطر للتنازل عن الاتفاق النووي. خامينئي يوجد في مكان اختباء، ورغم عمره المتقدم، وامراضه والتهديدات على حياته، ليست هذه هي المرة الأولى التي يؤبن فيها وينجو. خامينئي، ابن الـ 86 ، هو ابن جيل أبو مازن. وهما الزعيمان الأكبر سنا في العالم الإسلامي. وحسب خطته، فان الابن مجتبى خامينئي، 55 سنة، مخطط ان يخلفه. حاول ابوه على مدى السنين اطلاعه على أسرار المنصب المركب. في بداية حياته السياسية كان من المؤيدين الكبار لاحمدي نجاد، ولاحقا أشرف على قوات البسيج المسؤولة عن قمع الاحتجاجات الكبرى. ومع ذلك ليس لمجتبى خلفية أو ماضٍ ديني، فـ"مجلس الخبراء" قد يستبعده بسبب انعدام التعليم الديني الإسلامي – الشيعي.
لقد أدت تصفيات القيادة في الأيام الأخيرة الى انهيار علاقات مجتبى دفعة واحدة مثلما حصل لعلاقات ابيه مع باقي كبار القيادة. من جهة أخرى، كما يشرح المحللون، فان تصفية قادة وكبار بالذات في الأجهزة قد يسمح بالذات في اليوم التالي، اذا ما نجا النظام، ان تكون في صالح الابن مجتبى وتقريبه من القادة دون التأهيل الديني.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الايام
منذ 3 ساعات
- جريدة الايام
من سيحكم إيران بعد سقوط النظام؟
بقلم: سمدار بيري ترفع الاحداث الدراماتيكية في الأيام الأخيرة في الحرب مع ايران الى السطح الخيار الذي بدا قبل وقت غير بعيد في نظر الكثيرين خيالاً سياسياً: إسقاط نظام آيات الله وتغييره، لكن حتى لو كان السيناريو بدا دفعة واحدة أقرب، لا يزال من غير الواضح ما هي الخيارات ومن هي الجهات التي يمكنها أن تحكم الدولة الهائلة التي تعد 90 مليون مواطن. صباح أول من امس غرد وزير الدفاع، إسرائيل كاتس: "عاصفة التورنادو تواصل ضرب طهران. طائرات سلاح الجو دمرت الآن قيادة الأمن الداخلي للنظام الإيراني – ذراع القمع المركزي للدكتاتور الإيراني (قوات البسيج سيئة الصيت والسمعة، المسؤول عن قمع الاضطرابات في الدولة). كما وعدنا – سنواصل ضرب رموز الحكم ونضرب نظام آيات الله في كل مكان". رغم ان اسقاط النظام لا يزال لا يتحدد هدفا رسميا لحملة "شعب كاللبؤة" يتضح في العالم الفهم بانه بالتأكيد يوجد في أفكار وآمال الكثيرين في إسرائيل. لكن في ضوء حقيقة أنه في الغرب – وبالتأكيد منذ حروب أميركا الفاشلة في العراق وفي أفغانستان- كل محاولة لتغيير النظام من الخارج تعد خطيرة، ومزيد فمزيد من المحللين يفحصون الآن البدائل المختلفة لـ "اليوم التالي" لنظام آيات الله في ايران، هذا اذا جاء كهذا على الاطلاق. الملكيون: حلم عودة الشاه هناك من يتخيلون عودة ايران الى عهد ما قبل الثورة الإسلامية، لكن ليس واضحا كم منهم يسكنون داخل ايران. من ناحية المظهر الإعلامي، فان رضا كورش علي بهلوي، ابن الـ 64، ابن الشاه الإيراني الأخير وحفيد رضا شاه بهلوي، مؤسس السلالة التي يسمى على اسمها، يعرف بأنه المتنافس الأبرز. لكن احتمالاته على ما يبدو ليست عالية. فقط اذا تلقى وعدا أميركيا، أوروبيا وسعوديا ومع ظهر مكثف من طائفة المنفيين، يمكنه أن يعود. هو نفسه يريد ذلك جدا. اما مواطنو إسرائيل فاقل عناية بذلك. الغالبية الساحقة من الإيرانيين اليوم لا يتذكرون على الاطلاق حياة ما قبل الثورة، وتبدو الدولة مختلفة جدا عن تلك التي تركها أبو بهلوي قبل 46 سنة. وبينما يبدي بعض الإيرانيين حنينا لذاك العهد، فان آخرين يتذكرون أيضا انعدام المساواة والقمع اللذين رافقاه. هاجر من ايران في عمر 19، حتى قبل خروج والديه. مات الشاه بعد نحو سنة في العام 1980، ودفن في القاهرة. اما ابنه فاستقر في الولايات المتحدة. تقول الشائعة إن الشيخ رضا نجح في أن يهرب من ايران اغراضا قيمة ومبالغ مالية اودعت في بنوك غربية بعشرات وربما مئات ملايين الدولارات. من ناحيته هو لا يزال أميرا. ابن الشاه لا يعمل، يزور الطوائف الكبرى للاجئين الإيرانيين في الولايات المتحدة وأوروبا. وجاء الى إسرائيل، التي يبقي معها على علاقات خاصة. ترأس "الحكومة الإيرانية في المنفى"، وهي مجلس يضم نحو 40 حزبا وجمعية بهدف اسقاط نظام ايات الله في ايران. نشطاء في الحركة الإصلاحية في إيران يتحفظون عليه، ويسمونه "الفاسد" و "الطماع"، ويدعون انه عديم التجربة في قيادة دولة كبيرة ومعقدة مثل إيران. في لوس انجلوس، التجمع الأكبر للمهاجرين الإيرانيين ومكان سكنه الأساس، معروف بلقب "شاه لا شاه". فيما كان لقب ابيه "ملك الملوك". لكن حتى رؤساء الطائفة الإيرانية هناك لا يعطونه في الأحاديث الخاصة احتمالا كبيرا. "مع المال والاملاك التي جاء بها من إيران، لا يوجد له ما يدعوه الى العودة"، قال لي أحدهم. مجاهدي خلق: معارضة أم "طائفة مغلقة" تعود منظمة مجاهدي خلق الى حكم الشاه في السبعينيات حين قاتلت بالذات كمنظمة يسارية راديكالية على أراضي ايران ضد نظام الشاه الفاسد وحلفائه الأميركيين. المنظمة التي تعرف بالأحرف الأولى من اسمها MEK أو MKO، ينظر اليها بشكل سلبي في نظر الكثيرين – بما في ذلك بين المهاجرين الإيرانيين – بسبب تعاونها مع العراق اثناء حرب ايران – العراق. في العام 2002 كانت المنظمة الأولى التي كشفت علنا عن برنامج التخصيب النووي السري لإيران. ومع ذلك، مجاهدي خلق ليسوا نشطين على نحو خاص داخل ايران. هم يحلمون بالاستيلاء على الحكم دفعة واحدة، وتوزيع الوظائف العليا بين مؤيديهم. هناك من يتهمهم بان لهم مزايا الطائقة المغلقة. من المهم التشديد على ان معظمهم مسلمون سُنة – بخلاف أبناء الطائفة الشيعية الحاكمة في ايران – ورسميا هم يؤيدون إقامة ايران علمانية وغير نووية. الزعيم الرسمي للحركة، مسعود رجبي، لم يظهر علنا منذ اكثر من 20 سنة. أمسكت زوجته، مريم رجبي، بالقيادة وتعمل أساسا من فرنسا. حسب تحقيق صحافي أجرته شبكة "ان بي سي" في العام 2012، كان للمنظمة اتصال برجال "الموساد"، الذين حسب التحقيق دربوا نشطاء المنظمة على استخام الدراجات والمواد المتفجرة وبالمقابل ينقل رجال المنظمة لإسرائيل معلومات عما يجري في ايران. الأقليات تسيطر: هؤلاء ليسوا الأكراد الذي عرفناهم 45 في المئة فقط من مواطني ايران هم فرس، يشكلون سلسلة القيادة المركزية لنظام آيات الله (رغم ان خامينئي مثلا من اصل اذري). لكن توجد جماعات أخرى، على علاقات متوترة اكثر بكثير مع النظام وعلى رأسها المسلمون الاكراد (الذين يشكلون نحو 10 في المئة من السكان) والبلوش. هؤلاء اقاموا جماعات معارضة خارج ايران أيضا. البلوش الذين يتمركزون على طول الحدود مع الباكستان ينالون دعما من مسلمين سُنة، يعارضون الحكم الإسلامي الشيعي في ايران. للاكراد الإيرانيين بخلاف منظمات الاكراد التركية والعراقية، علاقة سطحية جدا بإسرائيل. مرتين فقط، بقدر ما هو معروف، جرت لقاءات حاول فيها الطرفان التعرف على اهداف الطرف الآخر. بعض الاكراد الإيرانيين يستقرون مثل البلوش على حدود الباكستان، ويعرفون كـ "مشجعي مظاهرات عنف خطيرة تتضمن استخداما للسلاح". اعتقال وموت الشابة الكردية، ماسا اميني، على ايدي محققيها في أيلول 2022 فاقم علاقات الحكم الإيراني مع الاكراد في الشمال وفي الغرب، وليس فقط معهم. في موجات الاحتجاج واسعة النطاق في ايران، كان الاحتجاج في الغالب حاداً على نحو خاص في مناطق الاكراد والبلوش، لكن لا توجد بينهم حركة معارضة موحدة وواضحة، ومن المشكوك فيه أن يشكلوا هم وحدهم تهديدا على النظام المركزي. الحركة الإصلاحية: الأمل الأخضر الأكبر في نهاية الامر الأهم هي حركة المعارضة المنتشرة داخل ايران. تتشكل الحركة الإصلاحية أساسا من شبان في اعمار 18 حتى 40. أحيانا كان الأهالي ينضمون الى المظاهرات أيضا. الامل في الغرب هو ان مئات الآلاف ممن ستنمو اعدادهم دفعة واحدة الى الملايين سيخرجون للتظاهر في الشوارع، ويعتلون أسطح العمارات العالية، ومرة أخرى تنضم الى الاحتجاج النساء اللواتي يلقين حجابهن نحو سيارات الشرطة التي تقتاد الشبان الى محطات الاعتقال والتعذيب. ومثلما حصل في 2009 ومثلما حصل في 2022، بعد قضية ماسا اميني. لكن من المهم التشديد على أنه منذ بدأت اعمال سلاح الجو في سماء ايران لم تخرج مظاهرات الى الشوارع. قتل الحكم واعتقل قرابة عشرة آلاف شاب في الأشهر الأخيرة. منذئذ جفت الميادين. صحيح ان المعارضة في الخليج تدعو الى التجمع على بوابات سجن أفين، سيئ الصيت والسمعة، للتظاهر ومحاولة تحرير آلاف السجناء والسجينات السياسيين والامل في أن تبدأ الثورة المضادة الكبرى من هنا. لكن هل هم حقا قادرون على إسقاط النظام وأساسا إقامة نظام جديد بدلا منه يكون مقبولا من الدولة المتنوعة؟ وبالاساس فان قسما مهما من السكان يرون فيهم اليوم خونة، ومن السابق لاوانه جدا أن نعرف. خامينئي يبقى: انتظروا لتتعرفوا على ابنه وتوجد بالطبع الامكانية المعقولة بالتأكيد بألا يكون تغيير للنظام هنا، حتى لو خرج نظام ايات الله ضعيفا من الحرب وحتى لو اضطر للتنازل عن الاتفاق النووي. خامينئي يوجد في مكان اختباء، ورغم عمره المتقدم، وامراضه والتهديدات على حياته، ليست هذه هي المرة الأولى التي يؤبن فيها وينجو. خامينئي، ابن الـ 86 ، هو ابن جيل أبو مازن. وهما الزعيمان الأكبر سنا في العالم الإسلامي. وحسب خطته، فان الابن مجتبى خامينئي، 55 سنة، مخطط ان يخلفه. حاول ابوه على مدى السنين اطلاعه على أسرار المنصب المركب. في بداية حياته السياسية كان من المؤيدين الكبار لاحمدي نجاد، ولاحقا أشرف على قوات البسيج المسؤولة عن قمع الاحتجاجات الكبرى. ومع ذلك ليس لمجتبى خلفية أو ماضٍ ديني، فـ"مجلس الخبراء" قد يستبعده بسبب انعدام التعليم الديني الإسلامي – الشيعي. لقد أدت تصفيات القيادة في الأيام الأخيرة الى انهيار علاقات مجتبى دفعة واحدة مثلما حصل لعلاقات ابيه مع باقي كبار القيادة. من جهة أخرى، كما يشرح المحللون، فان تصفية قادة وكبار بالذات في الأجهزة قد يسمح بالذات في اليوم التالي، اذا ما نجا النظام، ان تكون في صالح الابن مجتبى وتقريبه من القادة دون التأهيل الديني.


شبكة أنباء شفا
منذ 21 ساعات
- شبكة أنباء شفا
سوروكا يتصدع ، ومستشفيات غزة تُمحى ، بقلم : بديعة النعيمي
سوروكا يتصدع ، ومستشفيات غزة تُمحى ، بقلم : بديعة النعيمي هزّت تصريحات دولة الاحتلال وسائل الإعلام إثر تضرر مستشفى 'سوروكا' في بئر السبع نتيجة استهداف صاروخ إيراني ضمن الهجمة ال ١٤ لعملية الوعد الصادق٣ لمركز استخبارات عسكري لجيش الاحتلال. واعتبرت أن الهجوم الإيراني 'تجاوز للخطوط الحمراء'. هذا الموقف حمل تناقضا صارخا لا يمكن تجاهله. فبينما تنتفض 'تل أبيب' غضبا عند تضرر منشأة طبية واحدة عن غير قصد، تمضي آلتها العسكرية عن قصد ودراسة ممنهجة في تدمير المنظومة الصحية لقطاع غزة بأكمله منذ السابع من أكتوبر وحتى اللحظة. ما يعكس صورة واضحة للانفصال الأخلاقي والسياسي الذي يطبع سلوك هذا العدو منذ عقود. فحين يُمسّ طرف من نسيجه المدني، يرتفع صوته مستنجدا بما يسمى ب 'القانون الدولي' و 'بالضمير العالمي'. ولكن حين يسحق مستشفيات غزة فوق رأس الأطباء والمرضى، لا يرف له جفن، بل يبرر ويحول الضحايا من أطفال ونساء إلى 'إرهابيين' متورطين في الحرب ضد أمن دولته المزعومة. في غزة، تهاوت الأخلاق وفشل الاحتلال في إخفاء وجهه القبيح الذي لطالما ادعى أنه أخلاقي. ففيها كان استهداف المستشفيات نتيجة سياسة ممنهجة فاضحة حين. خرجت المراكز الطبية والمستشفيات تباعا عن الخدمة بفعل القصف الهمجي المتكرر والذي لم يتوقف بعد السابع من أكتوبر، وحرمان آلاف الجرحى والمرضى من الحد الأدنى من الرعاية. كما أن الأطباء لم يسلموا، ولا المرضى، ولا حتى حاضنات الأطفال. ولئن كان ثمة ما يسمى بـ'الخطوط الحمراء' في النزاعات، فإن دولة الاحتلال لم تكتف بتجاوزها، بل قامت بمحوها تماما. إن هذه المواقف التي أقل ما يمكن أن توصف بأنها انتقائية القيم، حيث تصبح حياة القادم من شتات الأرض ولا يملك شبرا في فلسطين، أغلى من حياة صاحب الأرض الشرعي. والأدهى والأمّر كما يقال أن حياة صاحب الأرض تُلغى من حسابات 'القوانين الدولية والإنسانية' الزائفة. وحين ينتفض الفلسطيني للدفاع عن أرضه ومقدساته، يُتهم ب 'الإرهاب'، بينما يُمنح المعتدي المستوطن والمستعمر حصانة دولية على جميع المستويات. نعم هكذا تُدار السرديات حين يختل ميزان العدالة، وترجح كفته منذ أكثر من قرن لصالح دولة الظلم الوظيفية التي زرعتها الدول الإمبريالية في قلب بلادنا. والاستثنائي اليوم هو أن من استفاد من صمت العالم وتواطأه معه لعقود بدأ بستشعر مرارة الكأس الذي اعتاد أن يسقيه لغيره. فتضرر 'سوروكا' لم يكن مقصود كما صرح الإيرانيون،ومع ذلك فقد اتهمت دولة الاحتلال إيران بأنها تقصف المستشفيات، أما مئات المستشفيات التي تم استهدافها في غزة بقصد وبفعل ممنهج، فهي مبررة من وجهة نظرها وسط عالم لم يكتفي بالصمت فقط بل تواطأ. وهذه لعمري فضيحة أخلاقية عنوانها الكيل بمكيالين، واختلال المعايير، وتسييس القانون الإنساني الدولي بما يخدم الأقوى. واليوم، أمام هذه الازدواجية الفاضحة، ينبغي علينا أن نطرح سؤالا جوهريا وهو، إلى متى تبقى حياة الفلسطينيين خارج دفتر الحقوق الإنسانية؟ وإلى متى يُسمح للمحتل أن يبكي على مستشفى تصدع جزء من جدرانه، بينما تلقى أطنان القنابل على مستشفيات غزة بمن فيها دون أن ينبس العالم بكلمة؟ ولكن قانون العدل يقول بأن ساعة الحساب وإن تأخرت لا بد أن تأتي بإذن الله تعالى.


شبكة أنباء شفا
منذ 3 أيام
- شبكة أنباء شفا
الخطاب الملكي بوصلته انهاء الصراعات وفي مقدمتها الصراع الاسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ ثمانية عقود ، بقلم : كريستين حنا نصر
الخطاب الملكي بوصلته انهاء الصراعات وفي مقدمتها الصراع الاسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ ثمانية عقود ، بقلم : كريستين حنا نصر منذ أخر خطاب قدمه جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين رعاه الله في البرلمان الأوروبي بتاريخ 15 كانون الثاني عام 2020م ، يكرر جلالته تأكيده على موضوعات ومسائل عالمية مهمة، حيث تحدث جلالته حينها عن الحاجة في عالمنا هذا، لايجاد حلول لاستعادة الثقة في العدالة العالمية، والعمل على مساعدة الشعوب وبخاصة الشباب على ايجاد الامل والفرص لهم . وبعدها أكد جلالة الملك أن عالمنا للأسف وقعت فيه العديد من الاضطرابات السياسية، والأزمات والتحديات الاقتصادية والأمنية والصحية خاصة جائحة كورونا، الى جانب التسارع في التغييرات التكنولوجية، اضافة الى التحديات الأخرى التي طرأت في عالمناـ، وبشكل خاص الحرب الاوكرانية الروسية، والصراع في غزة ومؤخراً الحرب بين اسرائيل وايران، والتي حتماً سوف تهدد وبشكل جاد بوقوع تصعيد خطير داخل منطقة الشرق الاوسط وأيضاً خارجها، ويصاحب هذه الاضطرابات التسارع الكبير في التحديثات والاكتشافات في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وهي تطورات غير مسبوقة يرافقها تدفق هائل لمعلومات مضللة وبشكل كبير، وهذه الموجات المتتالية من الأزمات والاضطرابات التي تعصف بنا وتعيش تداعياتها مجتمعاتنا، فإنها تجعلنا نشعر بأن عالمنا ساده الانفلات، وفقد البوصلة الاخلاقية والقواعد والمبادىء التي تتفكك، كما أن الحقائق تتبدل في كل ساعة، ويلاحظ أيضاً تزايد الكراهية والانقسام يقابلها حالة تراجع في الاعتدال والقيم العالمية وفي الوقت نفسه أصبحنا أمام التطرف الايدلوجي، ونتيجة لكل هذا أيضاً فإننا أمام تهديد هو خطر نسيان قضايانا وهويتنا التي ندافع عنها بشكل دائم ومستمر، وكل هذه المنعطفات التاريخية تجعلنا نُطالب بضرورة التمسك والتشبث بقيمنا ، لأن العالم عندما يفقد قيمه الاخلاقية فإننا حينها سنفقد قدرتنا على التمييز بين الحق والباطل وبين ما هو عادل وما هو قاس أيضاً، وبصورة تتولد عنها الصراعات والإضطرابات. كما بين جلالته أن البشرية قد تعلمت وخبرت من التاريخ بأن الحرب نادراً ما تكون فقط حول هدف واحد وهو بسط السيطرة والسيادة على الأراضي، بل هي أيضاً معارك وصراعات حول وجهات النظر والأفكار العالمية والقيم التي ستشكل مستقبلنا، فبعد الحرب العالمية الثانية أدركت أوروبا هذ الحقيقة جيداً، وهذا ما دفعها حينها لخيار إعادة البناء ليس لمدنها وحضارتها فحسب، بل أيضاً لمنظومة الركائز التي تأسست عليها بأن تترك شعوبها الماضي وراءها وتبني عصر جديد من السلام ، والى جانب ذلك إختاروا أيضاً الكرامة الانسانية عوضاً عن الهيمنة واتبعوا أيضاً القيم بدلاً من الانقسام ، واختاروا التمسك بسلطة القانون عوضاً عن القوة ، كذلك مبدأ التعاون عوضاً عن الانجرار وراء الصراعات، وهذه القيم التي ادركتها أوروبا اليوم أدركها الاردن وهو يتمسك ويؤمن بها أيضاً، بما في ذلك جميع القيم المشتركة مع اوروبا والتي هي أساساً تعاليم ومبادىء متجذرة في تراثنا وتاريخنا الاصيل، حيث مبادئنا الوطنية المبنية على التسامح والاحترام المتبادل، كما أننا نفخر بأن بلدنا الاردن هو موقع (المغطس )عُماد السيد المسيح عليه السلام، كما نفخر بأن بلدنا المسلم أيضاً هو موطن لمسيحيين متشاركين معنا في بناء الوطن المشترك، ويؤكد جلالته أيضاً وبكل وضوح على أهمية هذه القيم الانسانية الاخلاقية التي هي صلب المعنى التاريخي للوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، التي جوهر رسالتها وأمانتها هي حماية الأديان والمقدسات من أي اعتداء، الى جانب احترام الكنائس خاصة في مدينة القدس تجسيداً لمعاني ورسالة العهدة العمرية بين المسلمين والمسيحيين. وبالنسبة لجلالة الملك عبد الله الثاني وبسبب ما يجري من حروب وصراعات فإن العالم الآن يتجه للأسف نحو الانحدار الاخلاقي مثل الصراع في غزة التي خذلها العالم ، لذلك يجب على اوروبا بل والعالم إختيار الطريق الأفضل للتعامل مع هذه القضية ، كما تطرق جلالته أيضاً الى الغارات الاسرائيلية في عام 2023م بما فيها الهجمات على مستشفى غزة، حيث وثقت منظمة الصحة العالمية حوالي 700 هجوماً على المرافق والخدمات الصحية في غزة، وهذا الآن اصبح أمراً شائعاً لدرجة أنه بالكاد يذكر، موضحاً جلالته بأنه لا يمكن للعالم قبول أن يصبح التجويع والمجاعة سلاحاً في الحروب، خاصة ضد الضحايا من الأطفال، الى جانب عدم امكانية قبول الهجمات التي تستهدف العاملين في القطاع الصحي والاغاثي الانساني، الذين اصبحوا للاسف يبحثون كما هو حال الصحفيين والمدنيين عن ملجأ في المخيمات. وأشار جلالته أننا اليوم والعالم كله أمام مفترق طرق يتوجب علينا فيه الاختيار بين السلطة والتمسك بالمبدأ، وبين حكم القانون وسيادته أو حكم القوة وبين التراجع والتجديد، وهذا الأمر والحال لا يقتصر أو ينطبق على غزة فحسب بل تجاه كل الصراعات، وهي ليست لحظة لتسجيل المواقف بل هي حقيقة الصراع حول هويتنا، كمجتمع عالمي في الحاضر والمستقبل، والمطلوب أن يكون لاوروبا دوراً حيوياً لاختيار الطريق الصحيح من خلال العمل أولاً على المساهمة في التنمية الدولية الشاملة ، وهنا يمكن الاعتماد على الأردن كشريك متين لهم، حيث أمننا المشترك، والأمر الثاني الذي يمكن لأوروبا عمله هو ضرورة اتخاذ اجراءات حاسمة ومنضبطة لضمان الأمن العالمي، ليس فقط في سبيل انهاء الحرب في اوكرانيا ولكن أيضاً من أجل إنهاء أطول بؤرة اشتباك في العالم وأكثرها تدميراً وهي الصراع الفلسطيني الاسرائيلي المستمر منذ ثمانية عقود، وبنفس السياق أكد جلالته على أن ما يجري للاسف في غزة والضفة الغربية ينافي المعايير الاخلاقية ويتناقض مع مواد القانون الدولي، ويتعارض أيضاً مع قيمنا المشتركة حيث يزداد الوضع سوءاً يوماً بعد يوم. وهنا يختم جلالة الملك عبد الله الثاني خطابه التاريخي العميق الدلائل ، موضحاً بأن هذه المعارك والصراعات تستمر مأساتها في غزة، بما في ذلك اقدام الجرافات الاسرائيلية على هدم منازل الفلسطينيين وجرف بساتين الزيتون وهدم البنية التحتية وبشكل غير قانوني ، وهذا كله بالطبع سوف يهدم منظومة القيم الاخلاقية، وسوف يزداد للاسف معه ما نشهده من توسع للصراع والهجوم على ايران، حيث لايمكن لأحد أن يعرف أين ستكون حدود هذه المعارك، وهذا كله من شأنه أن يهدد الشعوب في كل مكان، وقد اكد جلالته أنه يجب ان يوضع حد لهذه الصراعات والتي يجب ان تنتهي، والحل الوحيد الممكن تطبيقه هو الحل القائم على السلام العادل، والالتزام بالقانون الدولي والاعتراف المتبادل بالحقوق . ولأن السلام هو الفكر والرسالة الهاشمية الراسخة على الدوام يختم جلالته خطابه قائلاً :'أصدقائي، لقد سلكنا طريق السلام من قبل، ويمكننا أن نسلكه مجددا، إذا تحلينا بالشجاعة اللازمة لاختيار هذا الطريق وقوة الإرادة لنسلكه معا'.