
الضباب يخيم على مفاوضات التهدئة.. حماس تهاجم بحبح: لا يصلح ولا يملك مقومات الوسيط
لا يزال الضباب يخفي صورة التحركات الخاصة بملف التهدئة في قطاع غزة، فرغم الحديث الأخير من قبل الوسطاء عن وجود اتصالات، إلا أنها لم ترتق حتى اللحظة لتحديد موعد لعقد مفاوضات 'غير مباشرة' بين حماس وإسرائيل، فيما هاجمت الحركة بشكل علني ولأول مرة الوسيط الأمريكي 'غير الرسمي' بشارة بحبح، الذي التقى قادتها أكثر من مرة.
ومع عودة الحديث الإسرائيلي مجددا عن التهدئة، بالتركيز على اللقاء المرتقب لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض الأسبوع المقبل، وحديث الوسطاء عن وجود اتصالات في هذا الملف، فإن مصادر فلسطينية خاصة أكدت لـ'القدس العربي' أن الأمور لا تزال على حالها.
وأشارت المصادر إلى أنه لم يجر حتى اللحظة تحديد موعد لعقد جلسة تفاوض 'غير مباشرة' برعاية الوسطاء، وأنه أيضا لم تقدم لحركة حماس أي مقترحات جديدة، بعد تلك التي قدمت سابقا من قبل المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، والتي وضعت عليها إسرائيل شروطا قاسية.
أشارت المصادر إلى أنه لم يجر حتى اللحظة تحديد موعد لعقد جلسة تفاوض 'غير مباشرة' برعاية الوسطاء، وأنه أيضا لم تقدم لحركة حماس أي مقترحات جديدة
وكانت هناك توقعات داخل فصائل المقاومة، بأن يبادر الوسطاء لتقديم مقترحات جديدة تحمل تقاربات، من أجل تجاوز الخلافات الخاصة بانتهاء الحرب ووجوب أن يكون هناك ضمانات لذلك، وكذلك الأمور الفنية بعقد صفقة تهدئة محكومة بسقف زمني محدد تمتد لشهرين، يتخللها عقد صفقة تبادل جديدة.
وقد اشتملت تحركات الوسطاء المصريين والقطريين خلال الأيام الماضية، على استكشاف المواقف من الطرفين، حيث أجريت عدة اتصالات بحركة حماس، ويتردد أن مثلها أجريت مع مسؤولين إسرائيليين.
وهناك تخوفات بأن يصار إلى طرح ذات الخطة الأمريكية القديمة التي تلبيها الشروط والمطالب الإسرائيلية، ومحاولة فرضها على الأرض، من خلال عدة خطوات، أبرزها التصعيد الميداني على الأرض وهو أمر بدأ سكان غزة بتحسسه منذ أن عاد الحديث عن الصفقة كما المرات السابقة، وتمثل بمجازر دموية وتوسيع رقعة الهجوم البري، وتضييق الحصار بشكل أكبر، ما أدى إلى اتساع رقعة المجوعين، خاصة وأن الوسيط الأمريكي 'غير الرسمي' بشارة بحبح، عاد وحمل ذات الأفكار التي قدمت سابقا إلى حركة حماس، وطالبها بقبولها، في أمر استغربته الحركة.
وبدا ذلك واضحا، من خلال التصريحات الأخيرة للقيادي في حماس طاهر النونو، التي هاجم فيها بحبح، وقال 'لم يعد هناك أي دور أو وساطة يقوم بها السيد بشارة بحبح، فهو تحرك خلال مرحلة معينة وانتهت'، وقال 'بحبح ﻻ يملك مقومات الوسيط ولا يصلح لهذا الدور'، وأضاف منتقدا 'للأسف إطلاع السيد بحبح وفهمه للموضوع بسيط ولذلك تقييمه لما يجرى مغلوط وناتج عن قصور في فهم الصورة، وتصريحاته دليل على عدم فهمه'، وكان يرد على انتقادات بحبح الأخيرة لحماس.
النونو قال في مقابلة صحافية إن 'تعنت نتنياهو والاحتلال ورفض وقف الحرب' هي الأسباب في عدم التوصل إلى اتفاق، وقال إن حماس جادة وجاهزة للوصول إلى اتفاق يتضمن وقف الحرب والانسحاب من غزة والإغاثة والإعمار وتبادل الأسرى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
القبة الذهبية الأميركية... ردع الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ
بعد أيام قليلة من تنصيبه في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً يدعو إلى إنشاء القبة الذهبية للولايات المتحدة، تكون بمثابة "قبة حديدية"، مستوحاة من اسم نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي، بهدف تعزيز قدرة الولايات المتحدة على حماية نفسها من الصواريخ بعيدة المدى، وذلك عبر بناء شبكة أقمار اصطناعية لكشف الصواريخ الآتية وتتبعها واعتراضها. ومن المتوقع أن ينشر نظام الدفاع الذي تبلغ كلفته 175 مليار دولار مئات الأقمار الاصطناعية للقيام بمهام كشف الصواريخ وتتبعها، ومن المتوقع أن يدخل حيز الاستخدام قبل انتهاء ولاية ترامب الثانية في 20 يناير 2029. أثارت القبة الذهبية الأميركية مخاوف بكين من أنها قد تكون الطرف المستهدف في إطار استراتيجية أشمل تهدف إلى ردعها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، خصوصاً في حال نشوب صراع بالقرب من مضيق تايوان. ومع ذلك لا تزال هناك تساؤلات حول جدوى وكلفة المشروع، الذي سيعتمد على شبكة من الأقمار الاصطناعية وأجهزة الاستشعار الفضائية لاعتراض الصواريخ. جيانغ لي: القبة الذهبية ستُطلق سباق تسلح في الفضاء الخارجي القبة الذهبية وقدرات الصين في تعليقها على هذه الخطوة، ذكرت وسائل إعلام صينية، أول من أمس الثلاثاء، أن نظام القبة الذهبية الدفاعي المخطط له قد يجعل من الصعب على جيش التحرير الشعبي الصيني ضرب القواعد الأميركية مثل تلك الموجودة في غوام (أرض أميركية)، وأوكيناوا اليابانية، أو السفن الحربية التي تحاول الدفاع عن تايوان. وأضافت أن نظرة أميركا للصين باعتبارها "تهديداً مُتسارعاً" شكّلت أولويتها الدفاعية، في ظل سعي الجيش الأميركي للحفاظ على تفوقه على جيش التحرير الشعبي الصيني الذي يشهد تحديثاً متسارعاً. وأشارت تلك الوسائل إلى أن التوسع العسكري الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ أصبح الآن محوراً لاستراتيجية الدفاع الأميركية، مع التركيز المتجدد على القدرات الفضائية منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. ويتمثل جوهر هذا في مسعى ترامب الطموح لتجديد قوة الفضاء الأميركية وإنشاء نظام دفاع صاروخي من الجيل القادم، أي القبة الذهبية. في السياق، يبدي أستاذ العلاقات الدولية في مركز ونشوان للدراسات الاستراتيجية جيانغ لي، اعتقاده في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ما يسمى بخطة القبة الذهبية هي مجرد أداة تستخدمها إدارة ترامب لتمرير الأجندة الجيوسياسية الأميركية، بما في ذلك تعزيز حالة الردع في منطقة المحيطين، ومحاولة الحد من تهديد الترسانة الصاروخية الصينية وكذلك الروسية. ويلفت إلى أن ذلك سيثير مخاوف واسعة النطاق بين دول العالم، خصوصاً القوى النووية، لأنه سيطلق سباق تسلح في الفضاء الخارجي باعتباره ميداناً جديداً للمعارك الحديثة، فضلاً عن أن النظام الجديد يتميز بطابع هجومي غير مقيد، يتجاوز فكرة الدفاع في حالات الاعتداء والاستهداف من قوى خارجية. ويشير جيانغ إلى أن رصد مبلغ 175 مليار دولار لمشروع كهذا جدير بالاهتمام والتأمل، لكن المسألة الأساسية تكمن في القدرة على التنفيذ والفعل وليس القول، لأن الأمر قد يستغرق عقداً كاملاً، وهذا يتطلب تضافر الخبرات الأميركية في وادي السيليكون (في ولاية كاليفورنيا)، خصوصاً في مجال البرمجيات لتحقيق اختراقات تكنولوجية ملموسة وبناءة، مع دمج موارد نظام الدفاع الصاروخي الحالية التي لا تفي بطبيعة الحال بالتطلعات الأميركية الجديدة بشأن مسألة الردع. يوان تشو: التقديرات تشير إلى أنه يصعب على القبة الذهبية تتبع واعتراض الصواريخ الأسرع من الصوت من جهته، يعتبر الباحث في الشؤون العسكرية في معهد نان جينغ للبحوث والدراسات الاستراتيجية يوان تشو، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه لا شك في أن القبة الذهبية تهدف إلى بناء نظام دفاع صاروخي عالمي متعدد المستويات والمجالات، لكن التقييم المهني والتحليل الفني من جهات متعددة أثار تساؤلات جادة حول قدرة القبة على حماية الولايات المتحدة. ويرى بأنها تواجه تحديات متعددة، تتعلق بقدرتها على اعتراض الصواريخ الصينية الأسرع من الصوت، مثل صاروخ دونغ فنغ-17، وكذلك الصاروخ الروسي أفانغارد. ويضيف يوان أن التقديرات الأولية تشير إلى صعوبة تتبع واعتراض الصواريخ الأسرع من الصوت التي تتجاوز سرعتها 20 ماخ (24696 كيلومتراً) بفعالية، لأن هذه الصواريخ تتمتع بالقدرة الفائقة على تغيير مسارها داخل الغلاف الجوي. ويلفت يوان إلى أن أنظمة الأقمار الاصطناعية الأميركية ستكون عرضة للخطر، إذ إنها قد تصبح أهدافاً سهلة للأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية التي تمتلكها كل من الصين وروسيا، لأن النجاح في إصابة أحد هذه الرادارات سيكون كافياً لتعطيل النظام بأكمله، عبر تقنيات الليزر المضادة للأقمار الاصطناعية، والتي اختبرتها روسيا بكفاءة في وقت سابق. ويضيف أن هذه الخطوة قد تحفز الصين على اتخاذ إجراءات مضادة، مثل تسريع وتيرة نشر الصواريخ القادرة على التخفي، وكذلك الأمر بالنسبة لروسيا، وبالتالي قد نشهد فصلاً جديداً من سباق تسلح بين قوى نووية، تتضاءل فيه قدرة الردع النووي ، وهو ما يضع العالم أمام احتمالات مدمرة للكوكب والحياة البشرية. تجهيز عسكري صيني وسبق أن أشارت وسائل إعلام صينية، العام الماضي، إلى أن بكين جهزت نفسها بأنواع جديدة من الصواريخ الباليستية، بما في ذلك الأسلحة الأسرع من الصوت. ويمكن إطلاق العديد من هذه الأسلحة من منصات متحركة، مثل الشاحنات أو القطارات، ما يوفر لها قدرة أكبر على البقاء مقارنة بالصواريخ التي يتم إطلاقها من صوامع تحت الأرض، مثل صاروخ مينتمان 3 الأميركي. وقالت إنه في سبتمبر/ أيلول الماضي، أطلقت الصين بنجاح صاروخاً من طراز دونغ فينغ-31 إيه جي، القادر على حمل رؤوس نووية متعددة، ووصل الصاروخ إلى هدفه الافتراضي في جنوب شرقي المحيط الهادئ. أخبار التحديثات الحية الصين تحذر من مشروع "القبة الذهبية" وروسيا تعتبره "شأناً أميركياً"


القدس العربي
منذ 6 ساعات
- القدس العربي
واشنطن: قرار إيران تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية 'غير مقبول'
واشنطن: اعتبرت الولايات المتحدة الأربعاء أن قرار إيران تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية 'غير مقبول'، وذلك بعد الحرب الأخيرة بين طهران وإسرائيل. وصرّحت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية تامي بروس للصحافيين 'سنستخدم كلمة غير مقبول، (لوصف) خيار إيران تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في وقت لديها فرصة لتبديل مسارها واختيار طريق السلام والازدهار'، مضيفة 'على إيران التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية'. وانضمت الولايات المتحدة إلى الهجمات الإسرائيلية التي شُنّت على إيران عبر قصف ثلاثة مواقع نووية ليل 21-22 يونيو/ حزيران الماضي. وبعد اثني عشر يوما من الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقفا لإطلاق النار في 24 يونيو/ حزيران. لكنه حذّر من أن الولايات المتحدة ستشنّ 'من دون شك' ضربات جديدة على إيران إذا قامت بتخصيب اليورانيوم حتى مستويات تتيح لها صنع أسلحة نووية. وأضافت المتحدثة الأمريكية الأربعاء أن 'على إيران أن تتعاون بشكل تام ومن دون مزيد من التأخير' مع الوكالة الذرية. وحضت طهران أيضا على 'أن تلتزم بشكل كامل' بمعاهدة حظر الانتشار النووي، 'وخصوصا عبر تزويد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالمعلومات الضرورية لتوضيح القضايا المزمنة في ما يتصل بالمواد النووية غير المعلنة في إيران وتسويتها'. وكررت أنه 'لا يمكن لإيران امتلاك سلاح نووي'. (أ ف ب)


القدس العربي
منذ 6 ساعات
- القدس العربي
مناورات نتنياهو وصفقة ترامب
في تغريدة له على منصة «تروث»، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فجر أمس الأربعاء، أن إسرائيل وافقت على مقترح هدنة مؤقتة لمدة ستين يوما بعد اجتماع رون ديرمر، الوزير الإسرائيلي ومبعوث نتنياهو الشخصي، مع طاقم المفاوضين الأمريكيين. وتوجّه ترامب إلى حركة حماس «أتمنّى، لمصلحة الشرق الأوسط، أن تقبل حماس بهذا الاتفاق، لأنّه لن يتحسّن، فقط سيصبح أسوأ». وكتب ترامب أن القطريين والمصريين، الذين عملوا بجدٍّ في المساعدة في إحلال السلام، سوف يقدّمون هذا الاقتراح النهائي لحماس». ونشر موقعا إكسوس الأمريكي ووالا الإسرائيلي ما نقله الصحافي الإسرائيلي براك رافيد، المعروف بعلاقاته القريبة من الإدارة الأمريكية وببعض الساسة الإسرائيليين، عن مصدر إسرائيلي، أن الوزير ديرمر أبلغ المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، بأن إسرائيل تقبل المقترح القطري للهدنة المؤقّتة، وأن حكومته مستعدة لبدء مفاوضات غير مباشرة مع حماس للتوصل إلى صفقة جديدة. وليس واضحا بعد ما إذا كان المقترح الذي أعلن ترامب أن إسرائيل وافقت عليه هو المقترح القطري نفسه، أم أنّه يختلف عنه. اكتسبت حركة حماس خبرة في التعامل مع مناورات وخدع نتنياهو، ولن تمنحه ملاذا للتهرب من وقف إطلاق النار، من دون أن تتخلى عن مطالبها المركزية جاء إعلان ترامب ضمن سلسلة من التصريحات المتتالية، التي أطلقها الرئيس الأمريكي، معبّرا فيها عن أمله/ثقته بقرب التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، ربّما خلال الأسبوع المقبل، كما قال وكرر القول. وتأتي هذه التصريحات عشية زيارة بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، التي ستبدأ يوم الأحد المقبل. ورغم تشديد الرئيس الأمريكي بأنه سيتحدث «بحزم» مع نتنياهو حول وقف إطلاق النار، إلّا أن الدلائل تشير إلى تنسيق أمريكي – إسرائيلي كامل بشأن «موقف مشترك» يطرح على حماس، فإن هي وافقت كان به، وإن هي رفضت فهي «تتحمل المسؤولية والتبعات»، بنظر الإدارة الأمريكية. يبدو المقترح، الذي تحدث عنه ترامب، مشابها إلى حد كبير لـ»مبادرة ويتكوف»، التي كثر الحديث عنها في الأسابيع الأخيرة. وهو يشمل وقفا لإطلاق النار لمدة 60 يوما، وإطلاق سراح 10 محتجزين أحياء إسرائيليين بالإضافة إلى 15 جثة، مقابل تحرير المئات من الأسرى الفلسطينيين وفق المفاتيح، التي اعتمدت في الصفقات السابقة. ويتضمن المقترح، وفق التسريبات، انسحابا إسرائيليا جزئيا من بعض المواقع في القطاع، وإدخالا للمساعدات الإنسانية بآليات يجري الاتفاق عليها. ويبدو أن الصفقة لن تشمل جنودا محتجزين، لأن مفتاح إطلاق سراحهم مقابل أسرى فلسطينيين يختلف عمّا كان إلى الآن. ونشرت قناة سي.أن.أن الأمريكية، أن المقترح يشمل طمأنه لحماس بشأن إمكانية التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، ومع ذلك ليس فيه التزام إسرائيلي واضح، فأقصى ما تقبل به حكومة نتنياهو هو مفاوضات حول هدنة دائمة وليس حول وقف تام للحرب. ومع تزايد الشائعات والأحاديث حول احتمال الوصول قريبا إلى صفقة وهدنة مؤقتة، تناقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية خبر إسراع الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، زعيمي اليمين الديني المتطرّف، للتنسيق للعمل معا لإفشال الصفقة. ظاهريا، قد يبدو أن في هذا دليلا على جدية نتنياهو في القبول بمقترح الهدنة المؤقتة، الذي تطرحه واشنطن، لكنّ قد يكون ذلك مناورة نتنياهوية، لتقوية موقفه، من خلال الادعاء أن صفقة جديدة لا تلبي شروطه الكثيرة، ستؤدّي إلى إسقاط الحكومة وإلى انتخابات مبكّرة. وهو سيطلب «تعويضا» وازنا وكبيرا لقبوله بصفقة شاملة يعينه في منع تفكك حكومته، أو يساعده في الفوز بالانتخابات المقبلة. ويشمل التعويض التزاما أمريكيا بمواصلة دعم التهديد العسكري الإسرائيلي لإيران، ومسارا تطبيعيا «مبهرا»، وتوافقا بشأن مستقبل غزة، وتنسيقا أولا بأول بكل ما يخص المطالب الإسرائيلية بشأنها. في المقابل يحاول نتنياهو أن يُظهر جدية بشأن التجاوب مع المقترح الأمريكي للهدنة، من خلال تفاهم مع الجنرال إيال زامير رئيس أركان الجيش الإسرائيلي. فقد قال زامير لأعضاء المجلس الوزاري المصغّر، إن جيشه يقترب من تحقيق أهداف عملية «مركبات جدعون»، داعيا إيّاهم لإصدار تعليمات جديدة: إما السعي لصفقة تبادل فورية، أو تصعيد عسكري قد يعرّض حياة المحتجزين الإسرائيليين للخطر. هكذا يذهب نتنياهو إلى واشنطن وسموتريتش وبن غفير على يمينه، يهددان بإسقاط الحكومة، والجنرال زامير على يساره كإثبات على «صدق» نوايا بشأن التوصّل إلى صفقة، شبح الانتخابات الفعلي والمصطنع يخيّم على المشهد وعلى جلسات نتنياهو في واشنطن، حيث سيجد الطريقة لإقناع ترامب بتقديم الدعم له لتفادي خسارة الانتخابات، كما فعل ترامب في ولايته السابقة حين قدم له رزمة من الهدايا السياسية الثمينة أنقذته من خسارة انتخابية بدت مؤكّدة. نتنياهو في ورطة سياسية ليست سهلة، فهو إن اضطر للذهاب إلى انتخابات من دون إطلاق سراح المحتجزين ووقف الحرب على غزة، فستلاحقه لعنة الفشل، لتغطي على كل ما يدعيه من «انتصارات». وإذا توصل إلى صفقة شاملة فهي ليست كافية لإنقاذه من خسارة الانتخابات، وهو بحاجة إلى دعم إضافي من ترامب يشمل ـ كما نشرت وسائل إعلام إسرائيلية ـ اتفاق تطبيع مع عمان، ومفاوضات تطبيع مع السعودية وإعلان سوري عن «إنهاء حالة الحرب» مع إسرائيل، إضافة إلى تعهّد أمريكي بضرب إيران مجددا، إن هي «أقدمت على تجديد مشروعها النووي». إذا ضغط ترامب فعلا، فسوف يقبل نتنياهو بالدخول في مفاوضات للتوصل إلى صفقة مرحلية، مبقيا لنفسه هامشا من المناورة، بحيث يستطع إفشالها «في التفاصيل»، وإن لم يتمكّن وكانت صفقة فهو سيحاول ضمان ألّا يصوّت سموتريتش وبن غفير على إسقاط الحكومة حتى لو استقالا منها، وهذا سيناريو ممكن لأن معسكر الليكود والأحزاب الدينية مرشّح لخسارة الانتخابات، إن هي جرت في الفترة القريبة. في المقابل لم يعد لدى حركة حماس ما تقدمه من تنازلات، ومطالبها للتوصل إلى اتفاق ليس خيارية، بل اضطرارية بطبيعتها. الحركة تريد وقف الحرب وانسحاب جيش الاحتلال ودخول المساعدات وبداية الإعمار، ومستعدة في المقابل، أن تتنازل عن مشاركتها في الإدارة المدنية للقطاع وتطرح هدنة طويلة الأمد بضمانات عربية ودولية. هذه المواقف الهادفة إلى حقن الدماء وإعادة أسباب الحياة لغزة ولأهلها تعتبر «متعنتة» في القاموس الإسرائيلي ـ الأمريكي. وحتّى قبل أن تسلّم حماس ردّها على مقترح ترامب، أصدر مكتب نتنياهو توجيهات للوزراء عبر «ورقة رسائل» تنص على ترويج الادعاء المسبق أن حماس «رفضية» وتمنع الاتفاق. لعل ما يدل على موقف نتنياهو الحقيقي من الهدنة المؤقتة المقترحة، هو ما قاله سكرتيره العسكري الجنرال رومان غوفمان في لقاء مع عائلات محتجزين جنود، وكلامه مهم، لأنه من أقرب المقرّبين لرئيس الوزراء الإسرائيلي ومن أكثر المؤثّرين عليه. ومما قاله غوفمان هو أن الأهم هو حسم الحرب مع حماس «حتى لا تعود السابع من أكتوبر ثانية. وردت عائلات المحتجزين في بيان غاضب تساءلت فيه «هل نحن أمام عملية خداع، فيه يُقال كلام للعائلات وكلام آخر لترامب. إن كلام السكرتير العسكري يتناقض مع ما قاله رئيس الأركان عن قُرب إنهاء الأهداف في غزة». في الوقت الذي يجري الحديث فيه عن صفقة مرتقبة، يصعّد جيش الاحتلال حربه الإجرامية في غزة ولا يبدو أنّه «شبع وارتوى» من القتل والتدمير والتشريد والتجويع. ووفق ما نشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية هناك كتلة كبيرة من الضباط الميدانيين، الذين لا يؤيّدون وقف الحرب، ويسعون إلى توسيع العمليات العسكرية. في المقابل تتزايد الأصوات في إسرائيل المطالبة بإنهاء الحرب وتحرير المحتجزين. لكن القرار بيد شخص واحد هو بنيامين نتنياهو، الذي يبدو أنه يميل إلى مواصلة الحرب، إلّا إذا كبسه ترامب وضغط عليه أو أغراه بتطبيع جديد. من جهة أخرى اكتسبت حركة حماس خبرة في التعامل مع مناورات وخدع نتنياهو، ولن تمنحه ملاذا للتهرب من وقف إطلاق النار، من دون أن تتخلى عن مطالبها المركزية في إنهاء الحرب وانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة. كاتب وباحث فلسطيني