الموسيقار محمد القرفي يفتتح مهرجان قرطاج الدولي بعرض "من قاع الخابية"
ويقود الموسيقار محمد القرفي في هذا العمل الأوركستر السمفوني التونسي وكورال أصوات أوبرا تونس بمشاركة الفرقة الوطنية للفنون الشعبية، في تزاوج فني متكامل بين الفن الشعبي والتركيبة السمفونية. ويشارك في العرض عدد من الفنانين المعروفين من بينهم شكري عمر الحناشي ومحرزية الطويل والممثل القدير جمال مداني الذي سيؤدي باقة من أغاني رائد الأغنية الفكاهية في تونس الفنان صالح الخميسي في تحية خاصة إلى هذا الصوت الذي عبّر بصدق عن الواقع الاجتماعي التونسي في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، بأسلوب ناقد هزلي ساخر، إلى جانب المغني حمزة فضلاوي، أحد نجوم برنامج "ذا فويس"، الذي عبّر عن فخره بالمشاركة في عمل يضم قامات موسيقية من أجيال متعددة، كما يحل الفنان الشاذلي الحاجي ضيف شرف على هذه السهرة.
الموسيقار محمد القرفي، العائد إلى ركح قرطاج الذي لطالما احتضنه، يُعدّ من أبرز رواد الموسيقى التونسية والعربية المعاصرة. تخرّج من المعهد الوطني للموسيقى بتونس وواصل دراسته في مدرسة "شولا كانتوروم" بباريس. كما نال شهادة الدراسات المعمقة والدكتوراه في العلوم الموسيقية والموسيقولوجيا من جامعة باريس"السوربون". بدأ مسيرته المهنية في الستينيات كعازف ضمن الأوركستر السمفوني التونسي منذ تأسيسه سنة 1969، ثم أسس أوركسترا 71، قبل أن يؤسس الأوركستر العربي لمدينة تونس ، الذي لعب من خلاله دورا محوريا في إدخال المسرح الغنائي إلى تونس خلال الثمانينيات وتقديم أصوات جديدة وتجارب موسيقية مبتكرة.
كما أسس القرفي لاحقا فرقة "زخارف عربية" التي قدّمت عروضا متنوعة كان أحدثها "زخارف 25" التي تم تقديمها في شهر فيفري الماضي وهي جزء من مشروعه الفني الذي انطلق منذ سنة 1993 لتكريم قامات الموسيقى العربية. وقد شارك في هذا العرض الأخير كل من نور الدين الباجي وأسماء بن أحمد وحسان الدوس وعازف الكمان البشير السالمي كضيف شرف. ويعدّ نور الدين الباجي من أبرز الفنانين الذين رافقوا القرفي في مشواره الفني إلى جانب أسماء عديدة أخرى مثل الراحلة ذكرى محمد وسنيا مبارك ودرصاف حمداني وهنّ من الفنانات والأكاديميات المنتميات إلى مدرسة القرفي في الموسيقى الراقية، فضلا عن أماني السويسي إحدى فنانات الجيل الجديد الذي يواصل الطريق على نهج التجديد.
ولم تقتصر علاقات القرفي الفنية على الساحة المحلية، إذ تعاون مع كبار الفنانين العرب من بينهم الراحلان منصور وعاصي الرحباني ومارسيل خليفة وجوليا بطرس من لبنان الذي يشكّل إحدى الحاضنات الكبرى للموسيقى العربية الكلاسيكية والمعاصرة. وقد لحّن القرفي خلال مسيرته الطويلة قصائد لأسماء شعرية وازنة مثل أبي القاسم الشابي ومحمود درويش وعبد الحميد خريف ومنوّر صمادح وأبو نواس وأمل دنقل وأحمد فؤاد نجم ومنصور الرحباني وسعيد عقل، مؤكدًا دائما أن الموسيقى هي فن يُجيد الإصغاء للكلمة حين تُحسن الكتابة.
ومن أبرز أعماله الأوبرالية، أوبريت "الأغصان الحمراء" و"قصائد حب إلى لبنان" و"حكاية قرطاج"، إلى جانب موسيقى وضعها لعدد من الأفلام مثل "وغدا...؟" للمخرج الراحل إبراهيم باباي و"نزهة رائقة" أحد أجزاء الفيلم المشترك "في بلاد الطررني" للمخرج فريد بوغدير. كما أصدر القرفي عددا من المؤلفات الموسيقية والبحثية من أبرزها "الأشكال الآلاتية في الموسيقى الكلاسيكية بتونس" (1996)، و"صفحات من الموسيقى العالمية" (1997)، و"المسرح الغنائي العربي" (2009)، إلى جانب ترجمته لعمل أنطوانان لافاج حول الموسيقى العربية (2006).
ويُعد كتابه "Musique et spectacle – Le théâtre lyrique arabe (1847–1975)"، الصادر عن دار "لارماتان" الفرنسية في مارس 2009، أحد أبرز المراجع النقدية في دراسة المسرح الغنائي العربي حيث يناقش فيه إشكاليات التحديد الأجناسي وضعف الاقتباسات عن "الريبرتوار" العالمي وتأثير النماذج الغربية والصعوبات التقنية في التأليف والأداء ونقص التكوين والتمويل وتحديات تسليع الفن، ساعيا إلى طرح رؤية لفن غنائي عربي متكامل يجمع بين الأصالة والحداثة.
وحول العرض المنتظر في قرطاج ، أوضح القرفي خلال الندوة الصحفية للإعلان عن برنامج المهرجان، أن التركيبة الموسيقية للعمل تتجاوز الإمكانيات المحلية المتوفرة، مما استوجب دعوة عازفين محترفين من خارج تونس لتعزيز التكوين السيمفوني. كما أثنى على دور الفرقة الوطنية للفنون الشعبية التي باتت منفتحة على طاقات شابة تسعى إلى تجديد التراث ضمن رؤية فنية جديدة.
وأفاد أن هذا العمل يسعى إلى إعادة الاعتبار إلى رموز الموسيقى التونسية الذين غيّبتهم الذاكرة الجماعية ومنهم صالح الخميسي أحد أعلام الأغنية التونسية الذي جسّد بأسلوبه الفكاهي نبض الشارع وهموم الناس، مؤكدا أن "من قاع الخابية" هو محاولة لاستحضار هذه الأسماء التي منحت الأغنية التونسية أصالتها وبصمتها الخاصة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

تورس
٢٩-٠٧-٢٠٢٥
- تورس
فرقة الوطن العربي تفتتح المهرجان الصيفي منوبة الدندان وسط حضور جماهيري كبير
وحملت الفرقة الحاضرين في رحلة موسيقية بين محطات الموسيقى العربية وأبرز نجاحاتها، من المشرق إلى المغرب، وبين مقاماتها وأنغامها من التراثية إلى الحديثة ، ومزيج متناغم من الأصوات من أجيال مختلفة من جيل نور الدين الباجي إلى محمد علي الرزقي، إلى رحاب الصغير وإيمان محمد إلى أمير عبد الله في مراوحةٍ فنية بين الأجيال، مما يُبرز جماليات المقامات، وثراء التوزيع الموسيقي، والألحان التونسية . وأدى الفنانون الذي تداولوا على اعتلاء الركح مجموعة أغاني شرقية وتونسية موزعة بين حسب خامات أصواتهم، في مساحات لم تخل من لحظات ارتجال حي على المسرح، تسمح بإبراز المهارة الفنية والتفاعل الآني مع الجمهور وعزف عناصر الفرقة عدة ألحان موسيقية متنوعة في عزف فردي حينا وجماعي أحيانا يبرز براعة العازفين، وثراء المقامات وعمق الموسيقى العربية. وكانت السهرة التي افتتحتها المكلفة بتسيير المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية ومعتمدة منوبة ، رحلة فن واعتراف بالجميل، للوطن، وللجيل الذي سبق، وللفن الخالد، وكانت مناسبة لتجديد التأكيد على أن الموسيقى وإن اختلفت ألوانها وتطورت عبر الأجيال، فإنها تظل متجذّرة في أرضها، مرتبطة بجوهرها العميق، ومحمَّلة بمشاعر الانتماء، وباختيارات فنية لم تخل من الأغاني الوطنية، وخاصة مع تزامن تاريخ سهرة الافتتاح مع الاحتفال الوطني بعيد الجمهورية والذي كان خيار المندوبية المشرفة على برمجة السهرات في المهرجان ، لإحياء ذكرى الجمهورية والاحتفاء به. وقد سبق عرض الافتتاح، عرض تنشيط الشوارع وفقرات استعراضية لماجورات جمعية أنوار المسرح بفوشانة وذلك انطلاقا من ساحة العلم قبالة معهد ابن أبي ضياف وصولا إلى قصر العربي زروق بالدندان وذلك إيذانا بانطلاق التظاهرة الثقافية الفنية الصيفية. ويتواصل المهرجان، الذي ينتظم بالتعاون مع فوجي الكشافة بمنوبة والدندان يوم 26 جويلية ، مع العرض الدولي "الكمان حول العالم" لعازف الكمان المقيم بكندا وليد الغربي، وعرض تنشيطي عشية اليوم نفسه في ساحة المكتبة العمومية بالدندان لمجموعة سامي بالطيب، فحفل للفنانة مريم نور الدين الكحلاوي مساء 27 جويلية. وتنتقل الفعاليات إلى فضاء جابية زروق بمنوبة مساء يوم 28 جويلية مع عرض" المايسترو" لبسام الحمراوي ، ثم عرض فرقة النغم العربي بقيادة محمد عبيد، وعرض موسيقي للفنان أيمن لسيق مساء 30 جويلية، وتكون سهرة الاختتام مساء 31 جويلية مع الفنان منير الطرودي بقيادة الموسيقي خالد يحي.


Babnet
٢٦-٠٧-٢٠٢٥
- Babnet
فرقة الوطن العربي تفتتح المهرجان الصيفي منوبة الدندان وسط حضور جماهيري كبير
وسط حضور جماهيري هام، افتتحت فرقة الوطن العربي بقيادة الفنان عبد الرحمان العيادي مساء أمس الجمعة بقصر العربي زروق (مقر المركز القطاعي للالكترونيك) بالدندان أولى سهرات المهرجان الصيفي منوبة والدندان الذي تنظمه المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بالتعاون مع الولاية والبلديتين مرجع النظر. وحملت الفرقة الحاضرين في رحلة موسيقية بين محطات الموسيقى العربية وأبرز نجاحاتها، من المشرق إلى المغرب، وبين مقاماتها وأنغامها من التراثية إلى الحديثة ، ومزيج متناغم من الأصوات من أجيال مختلفة من جيل نور الدين الباجي إلى محمد علي الرزقي، إلى رحاب الصغير وإيمان محمد إلى أمير عبد الله في مراوحةٍ فنية بين الأجيال، مما يُبرز جماليات المقامات، وثراء التوزيع الموسيقي، والألحان التونسية . وأدى الفنانون الذي تداولوا على اعتلاء الركح مجموعة أغاني شرقية وتونسية موزعة بين حسب خامات أصواتهم، في مساحات لم تخل من لحظات ارتجال حي على المسرح، تسمح بإبراز المهارة الفنية والتفاعل الآني مع الجمهور وعزف عناصر الفرقة عدة ألحان موسيقية متنوعة في عزف فردي حينا وجماعي أحيانا يبرز براعة العازفين، وثراء المقامات وعمق الموسيقى العربية. وكانت السهرة التي افتتحتها المكلفة بتسيير المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية ومعتمدة منوبة، رحلة فن واعتراف بالجميل، للوطن، وللجيل الذي سبق، وللفن الخالد، وكانت مناسبة لتجديد التأكيد على أن الموسيقى وإن اختلفت ألوانها وتطورت عبر الأجيال، فإنها تظل متجذّرة في أرضها، مرتبطة بجوهرها العميق، ومحمَّلة بمشاعر الانتماء، وباختيارات فنية لم تخل من الأغاني الوطنية، وخاصة مع تزامن تاريخ سهرة الافتتاح مع الاحتفال الوطني بعيد الجمهورية والذي كان خيار المندوبية المشرفة على برمجة السهرات في المهرجان ، لإحياء ذكرى الجمهورية والاحتفاء به. وقد سبق عرض الافتتاح، عرض تنشيط الشوارع وفقرات استعراضية لماجورات جمعية أنوار المسرح بفوشانة وذلك انطلاقا من ساحة العلم قبالة معهد ابن أبي ضياف وصولا إلى قصر العربي زروق بالدندان وذلك إيذانا بانطلاق التظاهرة الثقافية الفنية الصيفية. ويتواصل المهرجان، الذي ينتظم بالتعاون مع فوجي الكشافة بمنوبة والدندان يوم 26 جويلية ، مع العرض الدولي "الكمان حول العالم" لعازف الكمان المقيم بكندا وليد الغربي، وعرض تنشيطي عشية اليوم نفسه في ساحة المكتبة العمومية بالدندان لمجموعة سامي بالطيب، فحفل للفنانة مريم نور الدين الكحلاوي مساء 27 جويلية. وتنتقل الفعاليات إلى فضاء جابية زروق بمنوبة مساء يوم 28 جويلية مع عرض" المايسترو" لبسام الحمراوي ، ثم عرض فرقة النغم العربي بقيادة محمد عبيد، وعرض موسيقي للفنان أيمن لسيق مساء 30 جويلية، وتكون سهرة الاختتام مساء 31 جويلية مع الفنان منير الطرودي بقيادة الموسيقي خالد يحي.


Babnet
٢٠-٠٧-٢٠٢٥
- Babnet
افتتاح الدورة 59 لمهرجان قرطاج: محمد القرفي يُحيي الذاكرة الموسيقية التونسية والحضور الجماهيري دون المأمول
افتتحت، ليلة السبت 19 جويلية 2025، فعاليات الدورة 59 من مهرجان قرطاج الدولي بعرض موسيقي بعنوان "من قاع الخابية" ، أمضاه الدكتور والموسيقار محمد القرفي ، وجاء بمثابة تحية فنية لذاكرة الأغنية التونسية ، مستعرضًا مراحلها من بدايات القرن العشرين وحتى الألفية الثالثة. ورغم الطابع التوثيقي العميق وقيمة المشروع الموسيقي ، إلا أن العرض لم يحظَ بالإجماع، لا من حيث الحضور الجماهيري الذي كان دون المأمول ، ولا من حيث التفاعل الركحي المنتظر من سهرة افتتاحية لمهرجانٍ يحمل رمزية ثقافية كبرى. تحية للأغنية التونسية... لكن بصدى خافت قدّم القرفي عرضًا ضم 25 فقرة موسيقية وغنائية واستعراضية ، تخلّلتها مقاطع تمثيلية وشهادات موسيقية حية، عبر مشاركة الفنانين حمزة فضلاوي، محرزية الطويل، شكري عمر الحناشي، والشاذلي الحاجي ، بمرافقة الأوركستر السمفوني التونسي و الفرقة الوطنية للفنون الشعبية ، إلى جانب حضور لافت للممثل جمال المداني في ثنائية التقديم والغناء. لكن الحفل، ورغم استدعائه لرموز مثل الهادي الجويني، خميس الترنان، محمد الجموسي، وصالح الخميسي ، لم يُقنع شريحة من الجمهور، الذين اعتبروا أن "العرض جاء أقل من التطلعات، فاقدًا للروح والحيوية اللازمة لافتتاح واحد من أهم المهرجانات الصيفية في تونس". فقرة "هلّالو": إحياء أم استعراض خارج السياق؟ من بين اللحظات الأكثر إثارة للجدل ، جاءت فقرة "هلّالو" ، وهي مقطوعة نحاسية استُحضرت فيها أجواء الاحتفال بختان الأطفال، اعتبرها بعض الحاضرين "خارجة عن السياق" ، مشيرين إلى أنها "لا تليق بافتتاح مهرجان له رمزية فنية وثقافية مثل قرطاج" ، ومطالبين بتخصيص عرض مستقل لمثل هذه الطقوس. اجتهادات موسيقية محل تساؤل عبّر عدد من الحاضرين عن امتعاضهم من بعض محاولات إعادة التوزيع الموسيقي للأغاني التراثية ، معتبرين أنها أفقدت الأعمال شيئًا من أصالتها ووقعها ، بل وصفها بعضهم بأنها "تركيب مشوّه لتراثنا الموسيقي"، مطالبين بتقديم التراث كما هو، دون تحويرات أو تحديثات "غير مدروسة". حضور رسمي دون توهج جماهيري واكب العرض كل من رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة و وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي ، إلى جانب عدد من الوجوه الفنية والإعلامية. ورغم ذلك، فقد لاحظ متابعون أن المدارج لم تكن ممتلئة ، ما يعكس فتورًا جماهيريًا واضحًا تجاه العرض الافتتاحي. في المحصلة، وبالرغم من النية الفنية النبيلة لمحمد القرفي في الحفاظ على الذاكرة الموسيقية التونسية، فإن الافتتاح لم يحقق الإجماع ، وفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى تطابق خيارات البرمجة مع انتظارات الجمهور العريض ، خاصة في دورات يشهد فيها المهرجان منافسة كبيرة من مهرجانات صيفية أخرى أكثر تنوعًا وانفتاحًا على الأذواق المتعددة.