logo
إسرائيل تسيطر على المسجد الإبراهيمي.. فماذا يُخطط بن غفير للأقصى؟

إسرائيل تسيطر على المسجد الإبراهيمي.. فماذا يُخطط بن غفير للأقصى؟

الجزيرة٢٢-٠٧-٢٠٢٥
مرَّرت إسرائيل واحدًا من أخطر قراراتها التي اتخذتها بحق الأماكن المقدسة منذ النكبة الفلسطينية عام 1948 في خضم الأحداث الكبيرة التي تمرّ في المنطقة حاليًا، حيث أعلنت حكومة نتنياهو منتصف شهر يوليو/ تموز الجاري إلغاء صلاحيات إدارة المسجد الإبراهيمي من وزارة الأوقاف الفلسطينية وبلدية الخليل ونقلها إلى المجلس الديني لمستوطنة كريات أربع.
هذا الإعلان يأتي تتويجًا لعمليةٍ طويلةٍ من إجراءات السيطرة التدريجية على المسجد الإبراهيمي بدأتها إسرائيل منذ الاحتلال عام 1967، فعلى الرغم من اعتبارها منطقة الخليل في ذلك الوقت تحت الاحتلال العسكري وعدم ضمها إلى أراضي الدولة، كما فعلت في القدس، فإن إسرائيل استثنت في ذلك الوقت المسجدَ الإبراهيمي من الإجراءات العسكرية التي انطبقت على المساجد الأخرى الواقعة في مناطق الضفة الغربية، والتي كانت تحاول الابتعاد عن أي محاولاتٍ للاعتداء عليها خوفًا من ردود الفعل الفلسطينية.
أما في حالة المسجد الإبراهيمي، فإن حاخام الجيش الإسرائيلي "شلومو غورين" كان أول من اقتحم المسجد الإبراهيمي عشية الاحتلال، وأغلق بواباته وأقام فيه صلواته، مسجلًا بذلك سابقةً لدى حكومة الاحتلال في التعامل مع المسجد الإبراهيمي، حيث أعلنت أن لليهود حقوقًا خاصةً في هذا المسجد باعتباره موقع دفن إبراهيم الخليل وإسحق ويعقوب عليهم الصلاة والسلام.
ولذلك، أصرت الإدارة المدنية التابعة للجيش الإسرائيلي في ذلك الوقت على منح المسجد الإبراهيمي وضعًا خاصًا يسمح لليهود بالصلاة داخله في أيامٍ محددةٍ مقدسةٍ في الديانة اليهودية، ثم وسعتها لتصبح أوقاتًا محددةً كل يوم، وهو ما نسميه اليوم "التقسيم الزماني".
وبالرغم من رفض الفلسطينيين تلك الإجراءات ومقاومتها، فإن الضغط الإسرائيلي، وغياب ردة الفعل الرسمية العربية والإسلامية سهّلا مهمة الاحتلال في تطويع المنطقة، وتحويل الإجراءات الإسرائيلية إلى أمرٍ واقع.
بذلك، انطبق على المسجد الإبراهيمي مع الزمن فكرة التقسيم زمانيًا بين المسلمين واليهود، حيث تم تحديد ساعاتٍ معينة لدخول اليهود، وأخرى للمسلمين، مع تخصيص أيامٍ معينةٍ من الأعياد اليهودية يكون فيها المسجد الإبراهيمي يهوديًا بالكامل.
لتأتي حادثة مجزرة المسجد الإبراهيمي فجر 15 رمضان الموافق 25 فبراير/شباط 1994 التي استشهد فيها 29 فلسطينيًا على يد الإرهابي باروخ غولدشتاين، وتعلنَ بداية عهدٍ جديدٍ في المسجد الإبراهيمي، حيث توصلت لجنة شمغار الإسرائيلية بعد ستة أشهر من إغلاق المسجد لدراسة المجزرة وأحداثها إلى حلٍّ قضى بتقسيم المسجد الإبراهيمي مكانيًا بين المسلمين واليهود بعد 27 عامًا من التحضير لتلك الخطوة، وبذلك كافأت تلك اللجنةُ المعتديَ بدلًا من منعه نهائيًا من دخول المكان.
وتبع هذه العملية توسعة السيطرة على المسجد شيئًا فشيئًا خلال 16 عامًا كاملةٍ، أصبح فيها المسجد الإبراهيمي يُستعمل من قِبَل المستوطنين أكثر بكثيرٍ مما يستعمله المسلمون الذين كانوا يُحرَمون من دخوله بحججٍ أمنيةٍ واهيةٍ أسابيع، وأحيانًا شهورًا.
حتى جاء الوقت المناسب لتتقدم إسرائيل خطوةً كبيرةً أخرى في 21 فبراير/ شباط 2010، وتعلن تسجيل المسجد الإبراهيمي ضمن قائمة التراث اليهودي، بحيث حولته قانونيًا إلى كنيسٍ يسمح للمسلمين بالصلاة فيه، بعد أن كان مسجدًا يسمح لليهود بالصلاة فيه.
ومع ذلك، فإن إدارة المسجد بقيت عمليًا بيد وزارة الأوقاف الفلسطينية خلال كل تلك الفترة الممتدة على مدى حوالي 58 عامًا من الاحتلال، ليأتي القرار الأخير قبل أيامٍ، وبعد 15 عامًا من الإعلان الإسرائيلي عن المسجد جزءًا من التراث اليهودي، ليكون تتويجًا وترجمةً عمليةً لقرار حكومة الاحتلال عام 2010، لتسحب إسرائيل ببساطةٍ سلطة إدارة المسجد الإبراهيمي من الأوقاف الإسلامية وبلدية الخليل الفلسطينية، وتسلمها للمجلس الديني لمستوطنة كريات أربع.
تبعات هذا القرار في الحقيقة مزلزلة ولها أبعادٌ شديدة الخطورة والعمق، فالأمر لا يتعلق بكيفية إدارة المسجد فقط، وإنما يتجاوز ذلك إلى نقطتين جوهريتين:
الأولى: أنه يعتبر خطوةً عمليةً على طريق تطبيق مشروع ضم الضفة الغربية الذي يعمل عليه وزير المالية المتطرف سموتريتش، وهو العقل الاستيطاني في حكومة نتنياهو. وذلك لأن إسرائيل تعلن بهذا القرار أن مستوطنة كريات أربع لم تعد منطقةً عسكريةً محتلةً، كما يقول القانون الدولي، وإنما هي وكل مكوناتها البشرية جزء أصيل معترف به من حكومة إسرائيل.
وهو يعد التطبيق العملي الكامل لقرار اعتبار المسجد تراثًا يهوديًا، والذي كان له تبعاتٌ على الأرض في ذلك الوقت لم ينتبه لها أحد تقريبًا، منها على سبيل المثال قرار حكومة نتنياهو عام 2012 مدَّ طريقٍ استيطاني يصل المسجد الإبراهيمي بمستوطنة كريات أربع مباشرةً، والذي مرّ يومها دون ردود فعلٍ حقيقية.
حكومة نتنياهو بهذا القرار تعطي كذلك الشرعية للكيانات التي اخترعها المستوطنون في مستوطنات الضفة الغربية، وهذا أمر خطير، لأنه يعني كذلك تقوية الكيانات والمجالس الدينية للمستوطنين على حساب كيانات أخرى مثل الحاخامية الرسمية للدولة، والتي يتجاوزها المستوطنون في كثير من الأحيان.
وهو ما يجعل المستوطنين قادرين على اعتبار أنفسهم دولةً داخل الدولة كما يحلم تيار الصهيونية الدينية المتحكم حاليًا بهذه الكيانات الدينية. وربما ساعدهم ذلك مستقبلًا في الانفصال وإعلان كيانِ حاخاماتٍ خاصٍ بهم في حال حدوث صدام مجتمعي عنيف داخل إسرائيل، كما يتوقع كثير من المراقبين.
الثانية: أن هذا القرار يعتبر تجربةً يُراد تطبيقها بحذافيرها على المسجد الأقصى المبارك في القدس، حيث تعتبر إسرائيل المسجد الإبراهيمي في الخليل منطقة اختبارات وتجارب لعملية التهويد وتغيير الوضع القائم، حيث يتم تطبيقها لاحقًا على المسجد الأقصى المبارك، وهو درة التاج وذروة ما تبحث إسرائيل عن السيطرة عليه فيما يتعلق بالأماكن المقدسة.
وبالتالي، فإن السيناريو الطويل الممتد على مدار 58 عامًا في المسجد الإبراهيمي، والذي اعتبرت حكومة نتنياهو اليوم أنه تكلل بإعلان الانتصار النهائي بتغيير إدارة المسجد ونقلها للمستوطنين، يتم تطبيقه فعليًا في المسجد الأقصى المبارك، ولكن مع فارقٍ واحدٍ هو الوقت.
فتسارع الأحداث والتغييرات في المسجد الأقصى يفوق تلك التي كانت تُطبق في المسجد الإبراهيمي، فالمسجد الإبراهيمي احتاج 27 عامًا تقريبًا من التقسيم الزماني لتبدأ عملية تقسيمه مكانيًا عام 1994، واحتاج 31 عامًا بعد ذلك لإعلان السيادة الإسرائيلية الكاملة عليه ونقل إدارته إلى جهاتٍ دينيةٍ يهودية.
أما المسجد الأقصى، فإن تيارات اليمين المتطرف والصهيونية الدينية تتعجل كما يبدو الانتقال من مرحلة التقسيم الزماني الذي كان 2015 مشروعًا يحاولون تنفيذه بالقوة على مدار السنوات العشر الماضية، إلى مرحلة التقسيم المكاني الذي نادى به لأول مرةٍ النائب عن حزب الليكود عميت هاليفي منتصف 2023، والذي يريدون تطبيقه عبر خطواتٍ أولها بناء كنيسٍ داخل المسجد الأقصى.
وهذا ما يطالب به اليوم بكل صلافةٍ وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، وجمعٌ كبيرٌ من قادة المستوطنين الذين يتوعدون بالعمل على تنفيذ هذه العملية في القريب العاجل.
ويبدو أن بن غفير يرغب لحاجة في نفسه في التفوق على سموتريتش في هذا الملف.
ولذلك، فإن هذا القرار وإن كان مسرحه المسجد الإبراهيمي في الخليل، فإن تبعاته على المسجد الأقصى في القدس لن تتأخر، وقد بدأنا بالفعل نلمس هذه التبعات، حيث أصدر وزير القدس مائير بروش التابع لحزب "يهدوت هتوراه" الحريدي تعليماتٍ بمصادرة حوالي 20 عقارًا فلسطينيًا في طريق باب السلسلة الملاصق للمسجد الأقصى المبارك وضمها للحي اليهودي المجاور، وذلك بعد يومين فقط من قرار حكومة نتنياهو المتعلق بالمسجد الإبراهيمي، وقبل يومٍ واحدٍ من استقالته مع حزبه من الحكومة على خلفية أزمة تجنيد الحريديم.
وبذلك تضمن إسرائيل السيطرة على منطقة باب السلسلة بعد أن سيطرت على منطقة باب المغاربة قبل 58 عامًا غداة الاحتلال. وهذه تعتبر مقدمةً ضروريةً لتفريغ تلك المنطقة من الفلسطينيين وضمان عدم وجود مقاومةٍ قويةٍ في حال قررت سلطات الاحتلال اقتطاع أي أجزاء من المسجد الأقصى في تلك الناحية؛ بهدف إقامة كنيسٍ كما يتوعد بن غفير.
لعل الأيام القادمة حبلى بهجماتٍ غير مسبوقةٍ على المسجد الأقصى في ظل هذه العمليات، لا سيما مع اغترار اليمين الصهيوني بنجاحه في إحكام السيطرة على المسجد الإبراهيمي بالقرارات الأخيرة، ونحن على موعدٍ يوم الأحد 3 أغسطس/ آب القادم مع واحدٍ من أعتى مواسم الاعتداءات على المسجد الأقصى، وهو ما يسمى "ذكرى خراب المعبد".
ويمكن أن تحاول جماعات المعبد والصهيونية الدينية استغلال الحدث والجو المحيط بالمنطقة للتقدم خطواتٍ كبرى في المسجد الأقصى، كما عودتنا في كل موسمِ اقتحاماتٍ مركزي.
ولذلك، فإن قرارًا كهذا في المسجد الإبراهيمي يجب ألا يمر مرور الكرام، ويجب ألا يكتفي الفلسطينيون والعرب والمسلمون بمجرد الشجب والتنديد والغضب الذي لا يتجاوز الأوراق والأصوات. فإن لم يشعر الاحتلال بفداحة ثمن ما يقترفه في المنطقة فإن ذلك سيغريه بالمزيد، والكرة في ملعب شعبنا.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غزة؟
بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غزة؟

الجزيرة

timeمنذ 38 دقائق

  • الجزيرة

بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غزة؟

في خضم تزايد الضغوط الدولية على إسرائيل بشأن تفاقم أزمة الجوع في قطاع غزة ، بدت زيارة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف إلى رفح جنوبي القطاع وكأنها محاولة مرتّبة بعناية لالتقاط الصورة لا لمعالجة الكارثة. فالزيارة التي وصفت بأنها لمنح الرئيس الأميركي دونالد ترامب فهما واضحا للوضع الإنساني تحولت في نظر محللين تحدثوا لبرنامج "مسار الأحداث"، إلى فصل جديد من فصول هندسة الرواية الأميركية الإسرائيلية، التي تعيد إنتاج الأزمة كخلفية لإظهار "الجهود الإنسانية" في ظل صمت مطبق عن مسؤولية الاحتلال الفعلية في تجويع الغزيين وقتلهم أثناء انتظار المعونات. المشهد بدا من البداية أقرب إلى "مسرحية ميدانية" منها إلى تفقد ميداني حقيقي، كما وصفها الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني وسام عفيفة، الذي رأى في الجولة الخاطفة لوفد يتقدمهم ويتكوف والسفير الأميركي لدى تل أبيب استعراضا صوريا يراد به تأثيث السردية الأميركية لا تفكيك الواقع. فغزة، كما قال ليست بحاجة إلى من "ينقل مشاهد الجوع"، بل إلى من يعترف بأن التجويع سياسة ممنهجة ومقصودة تُدار عبر " مؤسسة غزة الإنسانية"، التي تحولت بنظره من جهة توزيع إلى أداة حرب ووسيلة تهجير عبر أقفاص الموت. هذه المؤسسة التي امتدحها السفير الأميركي مايك هاكابي بوصفها تقدم "مليون وجبة يوميا"، لم تسلم من الانتقادات الدولية، بل كانت محور اتهامات موثقة من منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش ، التي أكدت أن المساعدات توزع في مناطق تتحول إلى مسارح دم يومية بفعل إطلاق النار الإسرائيلي. ويبدو أن صمت ويتكوف وتجاهله لهذه الحقائق في زيارته لم يكن عفويا، بل جزءا من سردية رسمية تتجاهل جذور المأساة، وتبحث عن سرد جديد يدير الأزمة دون معالجتها. في المقابل، لم تخلُ مواقف الإدارة الأميركية من التناقض، فالرئيس ترامب، وفي تعليقات تالية للزيارة، عاود تكرار اتهامه لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالمسؤولية عن "نهب المساعدات"، في حين ظل صامتا بشأن التقارير الدولية المتزايدة التي تحمّل إسرائيل مسؤولية التجويع المتعمد. هذا التناقض، بحسب الدكتور مهند مصطفى، الخبير في الشأن الإسرائيلي، يندرج في إطار "تسييس أخلاقي مفرغ من المضمون"، إذ يجري تحويل النقاش من مسؤولية الاحتلال إلى ادعاءات بلا أدلة تُوظّف لنزع الشرعية عن الفلسطينيين ومقاومتهم. ما يعزز هذه القراءة هو أن الرواية الأميركية الرسمية لا تزال تعوّل على مؤسسة وحيدة تموّلها واشنطن وتل أبيب في توزيع المساعدات، في وقت تُقصى فيه منظمات الأمم المتحدة والمساعدات الدولية من المسار. واللافت أن تصريحات ويتكوف لم تُشر من قريب أو بعيد إلى اللقاء بأي جهة فلسطينية، سواء من الأهالي أو مؤسسات المجتمع المدني، وهو ما رأى فيه عفيفة تجسيدا لعقلية استعمارية حديثة تعيد مشهد "الرجل الأبيض الذي يوزع الطعام على الجياع" في إطار من الفوقية والإذلال. وبينما تنشغل واشنطن بتجميل صورتها من بوابة "إيصال الغذاء"، تبرز أصوات من داخل أميركا وإسرائيل ذاتها تتهم تل أبيب بارتكاب إبادة جماعية ، وتصف سياسات التجويع بأنها وصمة عار أخلاقية. الروائي الإسرائيلي البارز ديفيد غروسمان، الذي فقد نجله في حرب لبنان عام 2006، عبّر عن ذلك بوضوح حين قال إن "ما يجري في غزة لا يمكن لشعب مرّ بالمحرقة أن يقبله"، بينما تظاهر في نيويورك ، يهود أميركيون للتنديد بسياسة تجويع الغزيين، مؤكدين أن هذه المجاعة لا يمكن تبريرها باسم اليهودية أو إسرائيل. هذا التململ في الداخل اليهودي لا يُغيّر كثيرا من المعادلة على الأرض، كما يشير مهند مصطفى، لكنه يسهم في تفكيك الخطاب الذي طالما وظّف معاداة السامية لقمع أي انتقاد لسياسات الاحتلال. فحين تنتقد أصوات يهودية من الداخل سياسات التجويع والقتل، تفقد إسرائيل تدريجيا القدرة على شيطنة خصومها بوصمهم باللاسامية، وتُدفع نحو مواجهة أسئلة أخلاقية عميقة باتت تتردد في المنابر الدولية. زيارة لالتقاط الصور وفي هذا السياق، يرى المستشار السابق للأمن القومي الأميركي مارك فايفل أن زيارة ويتكوف لن تُسفر عن تحول جذري، لأنها افتقرت للخبراء وللخطة الواقعية، مشددا على أن الولايات المتحدة بحاجة إلى فرق متخصصة وليس إلى دبلوماسيين يلتقطون الصور. فايفل لم يتنكر للرواية الأميركية الإسرائيلية بتحميل حماس المسؤولية عن بعض الحالات، لكنه أكد أن المشكلة الجوهرية هي استمرار المأساة دون مبادرات حقيقية لأجل وقف إطلاق النار أو إنشاء آليات فعالة لإيصال الغذاء والدواء. تحت هذا الواقع، تظهر المبادرة الأميركية كجزء من "إدارة للأزمة" لا لإنهائها، وهي إدارة تتوازى مع إستراتيجية إسرائيلية تقضي بالإبقاء على الوضع في غزة تحت الحد الأدنى للحياة، عبر تقييد دخول المساعدات وإدامة الفوضى المجتمعية، كما أشار عفيفة. فالجوع هنا ليس عرضا، بل أداة لإعادة تركيب البنية الاجتماعية، وإنتاج مشهد من الفوضى المنظمة التي تضعف تماسك الفلسطينيين، وتخلق ما سماه بـ"تجار الحرب" و"العصابات"، مما يُحوّل المجاعة من كارثة إنسانية إلى مشروع سياسي كامل. هذا "المشروع" يرتبط، بحسب تصريحات مشاركين في الحلقة، برؤية إستراتيجية أميركية-إسرائيلية تسعى لتثبيت منطقة عازلة تتحكم بها منظومة أمنية وإنسانية هجينة، لا تخلو من الطابع العسكري، بل تُبنى على تكنولوجيا السيطرة الميدانية من دون احتلال مباشر. وهو ما عبّر عنه لاحقا مفوض الأونروا فيليب لازاريني حين قال إن الحل الحقيقي ليس في الإسقاط الجوي الباهظ عديم الجدوى، بل في فتح المعابر وإغراق القطاع بالمساعدات، وهو المطلب الذي تتجاهله تل أبيب وتلتف عليه واشنطن بمؤسسات بديلة مشبوهة التمويل والدور. على المدى القصير، لا تبدو إسرائيل مقبلة على مراجعة جذرية، كما يرى مهند مصطفى، حتى في ظل أصوات معارضة داخلية متزايدة، فالمجتمع الإسرائيلي، برأيه، لا يعترف أصلا بشيء اسمه النكبة الفلسطينية ولا بمسؤولياته التاريخية. لكن على المدى البعيد، فإن إسرائيل والولايات المتحدة معا قد تدفعان ثمنا باهظا في ميزان الشرعية الدولية ، بعدما أصبحت سردية الضحية تواجَه بتساؤلات العالم حول من يصنع الجوع، ومن يلتقط الصور فوق الركام، حسب تقديره.

صاروخ يمني يتسبب بإغلاق أجواء إسرائيل وتفعيل صافرات الإنذار
صاروخ يمني يتسبب بإغلاق أجواء إسرائيل وتفعيل صافرات الإنذار

الجزيرة

timeمنذ 42 دقائق

  • الجزيرة

صاروخ يمني يتسبب بإغلاق أجواء إسرائيل وتفعيل صافرات الإنذار

قال الجيش الإسرائيلي إنه تمكن من اعترض صاروخ باليستي أطلق من اليمن، في هجوم جديد بعد إعلان أنصار الله (الحوثيين) تصعيد هجماتهم ضد إسرائيل. وكانت الجبهة الداخلية الإسرائيلية قد أعلنت أن صفارات الإنذار دوت في مناطق واسعة في تل أبيب الكبرى والقدس ومنطقة البحر الميت بعيد رصد إطلاق الصاروخ اليمني. كما أكدت القناة 12 الإسرائيلية أنه جرى إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي في أعقاب إطلاق الصاروخ من اليمن. وأفاد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية بسماع دوي انفجارات في القدس بعيد إعلان الجيش الإسرائيلي رصد إطلاق الصاروخ وتفعيل الدفاعات الجوية. تعهد بالتصعيد وقال المتحدث العسكري باسم أنصار الله الحوثيين يحيى سريع إن "الهجوم استهدف مطار اللد في يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي من نوع فلسطين"، و" تسبب في توجه 4 ملايين من الإسرائيليين إلى الملاجئ وتوقف حركة المطار". وأمس تعهد زعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي ، باستمرار إسناد غزة، مؤكدا أن إعلانهم عن المرحلة الرابعة من عمليات الإسناد يمثل خطوة ضرورية نتيجة لما وصل إليه الوضع في قطاع غزة. وقال إن المرحلة الرابعة التي أعلنت الجماعة البدء فيها قبل 3 أيام، تعني استهداف سفن أي شركة تتعامل مع العدو، مشيرا إلى أنهم نفذوا هذا الأسبوع "عمليات بـ10 صواريخ وطائرات مسيرة، منها استهداف مطار اللد". والأحد الماضي، أعلن الحوثيون أنهم قرروا تصعيد عملياتهم العسكرية ضد إسرائيل، وأكدوا أنهم بدؤوا المرحلة الرابعة من الحصار على العدو الإسرائيلي. وقال المتحدث العسكري باسم أنصار الله يحيى سريع حينها إن المرحلة الرابعة التي أطلقتها الجماعة تشمل "استهداف جميع السفن التابعة لأي شركة تتعامل مع موانئ العدو، وفي أي مكان يمكن الوصول إليه". وأكد سريع -في بيان متلفز- أن الشركات التي تتجاهل التحذيرات ستتعرض سفنها للهجوم بغض النظر عن وجهتها، وبغض النظر عن جنسيتها. وأضاف في هذا الصدد: "تحذر القوات المسلحة اليمنية كافة الشركات بوقف تعاملها مع موانئ العدو الإسرائيلي ابتداء من ساعة إعلان هذا البيان، ما لم (تستجب)، فسوف تتعرض سفنها وبغض النظر عن وجهتها للاستهداف في أي مكان يمكن الوصول إليه أو تطاله صواريخنا ومسيراتنا". ونبه سريع "كافة الدول إلى أن عليها -إذا أرادت تجنب هذا التصعيد- الضغط على العدو لوقف عدوانه ورفع الحصار عن قطاع غزة ، فلا يمكن لأي حر على هذه الأرض أن يقبل بما يجري". وتواصل جماعة الحوثيين مهاجمة السفن التابعة لإسرائيل وكذلك السفن المتوجهة إليها، وتشدد على استمرار العمليات حتى وقف إسرائيل حرب الإبادة في غزة. ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري ، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store