logo
رمضان والقضية الفلسطينية

رمضان والقضية الفلسطينية

بوابة الأهرام٠٢-٠٣-٢٠٢٥

هذا هو اليوم الثالث من شهر رمضان المعظم. هكذا نُطلِق عليه فى كل مكان من بر مصر، وهو شهر مُبارك يساوى السنة كلها، نعيش فى انتظاره من لحظة لأخرى. ورمضان هذا العام يهل علينا ولدينا ما هو جديد. ألا وهو قضية القُدس والأشقاء الفلسطينيون الذين يُعانون مما يفعله بهم العدو الصهيونى.
صحيح أن الأمة العربية تقف معهم وتُحاول أن تُساعدهم بكل الوسائل الممكنة، ولعل طابور سيارات شمال سيناء التى تقف أياماً وليالى فى انتظار الإذن بالعبور من المُحتل والغاصب تُلفِت الأنظار. وكل مصرى يوشك أن يقتسم سحوره وإفطاره ويُرسله إلى أشقائنا فى غزة الذين يدافعون عن فلسطين وهذا لابد أن يتحقق فى حياة جيلنا على الأقل. وإلا لن يكون لحياتنا معنى، ولا لوجودنا دلالة.
ولأن القراءة تزداد فى رمضان وتُصبح من ثوابت الدنيا، بل تظل فريضة وعبادة طوال أيام الشهر الكريم. فبين يديَّ الآن كتاب مهم عنوانه: الأزهر والقُدس بحوث مختارة بأقلام لفيف من العُلماء. قدمه الدكتور نظير عيَّاد مفتى الديار المصرية، وكان قبل صدور هذا الكتاب المهم يشغل منصب الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية ورئيس تحرير مجلة الأزهر التى تصدر عن الأزهر. وسيظل الأزهر الشريف حارساً لإسلامنا ومدافعاً عنه فى ظل القيادة الرصينة والعظيمة لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب.
ومن المؤكد أن المسجد الأقصى له منزلة رفيعة ومكانة سامية فى نفوس المسلمين. فهو معهد الأنبياء، ومُتعهِد الأولياء، وثانى البيت الحرام فى البناء، وأولى القبلتين حال الابتداء.
والكتاب الذى يقع صفحاته فى نحو 270 صفحة من القطع المتوسط يأتى فى وقته تماماً. فالانتفاضة الفلسطينية مستمرة ومتواصلة وفاعلة ومؤثرة آناء الليل وأطراف النهار. والدول العربية وفى المقدمة منها مصر تُقدم لهم بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى كل ما يحتاجه الإنسان فى حياته اليومية. فما بالك إن كان الأشقاء الذين يسكنون حبة القلب يتعرضون لعدوانٍ يومى بربرى غاشم من العدو الإسرائيلى يقف معه جزء كبير من عالم اليوم؟.
وعندما يتوقف التاريخ أمام ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة رئيسها دونالد ترامب ليُذهل أشد الذهول، لأنهم لا يُراعون أبسط ما يجب أن يُراعوه فى الموقف من هذه القضية الواضحة والمُحددة والتى لا تحتاج إلى أى بيانٍ أو إيضاح أو ضرب أمثلة.
وهذا الكتاب المُهم يُنادى المسلمين. يقول لهم: ماذا أنتم فاعلون الآن؟ إنكم نحو الـ 900 مليون نسمة، تواجهون ثلاثة ملايين إسرائيلى، أو 17 مليون يهودي. فهل تتركون المسجد الأقصى والصخرة المُشرَّفة والحرم المقدس وقبور الصحابة والأولياء والمجاهدين فى ظلام الاحتلال الاسرائيلى الغادر؟ هل تقفون مكتوفى الأيدى إزاء حرب الإبادة التى يشنها على إخوانكم الفلسطينيين إسرائيليون حاقدون؟.
نقرأ فى هذا الكتاب المهم كيف تُقابلون وجه الله يوم القيامة؟ وهل تتركون الكعبة المشرفة وقبر الرسول صلى الله عليه وسلم عُرضة للغزو والدمار؟ والمؤلف يعترف أنه يتوجه فى هذه الساعة الحرجة من تاريخ أمته وقلبه يقطر دماً ويُنادي: أغِثنا يا رسول الله، املأ قلوبنا بالإيمان، وحِّد صفوفنا. إننا نُبايعك على أرواحنا وأولادنا وأموالنا: إن مسراك ومعراجك وقبلتك الأولى ومساجد يُذكر فيها اسم الله واسمك تشكو وتستغيث. فشد عزائمنا يا رسول الله. إننا نريد أن نستشهد ليعلو اسم الله ولتعترف تكبيرات المؤمنين على المآذن بـ الله أكبر الله أكبر.
يا أبا القاسم، يا رسول الله أغثنا لا تتخل عنا. فنحن لن نتخلى عنك. قُدنا إلى الجهاد، خير لنا أن نموت دفاعاً عن مقدساتنا وأعراضنا وأوطاننا التى انتُهِكت. لأننا نرفض أن نعيش عبيداً أذلاء للعدو.
ها هو رمضان ونحن فى اليوم الثالث له ننام ونصحو وكلٌ منا يجاهد بطريقته الخاصة. وبما يستطيع أن يُقدمه لأشقائنا الفلسطينيين الذين يمرون بأقسى الظروف الصعبة والعصيبة تمسكاً منهم ببلادهم وأرضهم وتاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم. إنها قصة مُحزنة منذ لحظتها الأولى، منذ وعد بلفور الذى صدر نتيجة للتخطيط الصهيونى مع بريطانيا وأمريكا بإنشاء وطن مُغتصب للفلسطينيين بأرضهم فى عام 1917 المشئوم.
وقد تضمنه عهد عُصبة الأمم إلى بريطانيا بالانتداب على فلسطين. وكان ذلك تأكيداً للتحالف الاستعمارى بين بريطانيا وأمريكا والصهيونية منذ بدايات القرن العشرين. وقد اعتمدت الصهيونية أساساً فى المرحلة الأولى على بريطانيا دولة الاستعمار الغربى الأولى. ثم نقلت اعتمادها الأساسى للولايات المتحدة الأمريكية التى أخذت تحل محل بريطانيا فى زعامة الاستعمار الغربي. وخاصة بعد أن ظهرت أهمية البترول العربى لأمريكا التى أخذ بترولها ينضب، ورأت أن الصهيونية خير عميل لها فى هذه المنطقة العربية.
وعندئذ اتصل الدعم الأمريكى التام لمطامع الصهيونية فى احتلال فلسطين وإنشاء إسرائيل، وتقديم دعم عسكرى وسياسى واقتصادى ومالى لها. إن القصة القديمة مُحزنة، ولا أدرى السبب فى ذكرها الآن سوى أن الأجيال الطالعة من الفلسطينيين والعرب لابد أن يعرفوا صفحات التاريخ الذى مضى. وأن يعتبروا أنفسهم فى حالة دفاعٍ شرعى عن النفس.
إن العدو يفعل وفعله ضد المنطق والتاريخ والإنسانية كلها. ونحن نرد عليه، والفلسطينيون يزدادون تمسُكاً بقضيتهم. بل إن الطفل الفلسطينى يخرج إلى الدنيا الآن وهو يعرف ويُدرك من آبائه وأجداده وأقربائه أن بلده مُحتل. ولابد من تحريره. ولابد من قيام الدولة الفلسطينية.
كنتُ أتصور منذ بداية هذه المحنة ألا يسكت العالم. وأن يتضامن مع المظلوم. وأن يقدم له كل ما يستطيع تقديمه. ولكن هذا إن حدث فهو فى أضيق الحدود. ومع هذا لابد من الكفاح والنضال حتى تعود فلسطين للفلسطينيين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بموافقة الملك سلمان … إعتماد الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام، لإلقاء خطبة عرفة لحج هذا العام ١٤٤٦هـ
بموافقة الملك سلمان … إعتماد الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام، لإلقاء خطبة عرفة لحج هذا العام ١٤٤٦هـ

النهار المصرية

timeمنذ 12 دقائق

  • النهار المصرية

بموافقة الملك سلمان … إعتماد الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام، لإلقاء خطبة عرفة لحج هذا العام ١٤٤٦هـ

اعلنت رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي تعلن صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- على تولي معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام، إلقاء خطبة عرفة لحج هذا العام ١٤٤٦هـ. ورفع معالي رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس؛ شكره وتقديره باسمه وباسم أئمة وخطباء ومؤذني الحرمين الشريفين ومنسوبي ومنسوبات الرئاسة؛ لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله-؛ على اختيار معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام؛ خطيبًا ليوم عرفة في حج هذا العام، والذي يؤكد على ريادة المملكة الدينية العالمية والحضارية، ودعمًا للرئاسة الدينية، وتجسيدًا لاهتمام القيادة الرشيدة أيده الله بالحرمين الشريفين، وتعزيزًا لإيصال رسالتهما الوسطية للإنسانية؛ لما يمثله الحرمان الشريفان من مكانة سامقة في أفئدة المسلمين في جميع أنحاء العالم.

أمين الفتوى: لا يجوز حرمان الابن العاق من الميراث
أمين الفتوى: لا يجوز حرمان الابن العاق من الميراث

24 القاهرة

timeمنذ 27 دقائق

  • 24 القاهرة

أمين الفتوى: لا يجوز حرمان الابن العاق من الميراث

قال الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الميراث حق شرعي حدده الله سبحانه وتعالى في كتابه، ولا يجوز لأي إنسان أن يتصرف فيه وفق هواه، أو أن يحرم أحد الورثة منه لأي سبب، حتى لو كان عقوق الابن. وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تليفزيونية اليوم الأحد، أن الإنسان لا يملك حقيقةً شيئًا، فكل ما في يده هو ملك لله، جعله الله مستخلفًا فيه، وحين يموت، تُقسم أمواله وفقًا لما شرعه الله في القرآن الكريم، لا وفقًا لرغبات البشر. وأضاف الدكتور علي فخر: من غير الجائز شرعًا أن يُوصي الأب بحرمان أحد أبنائه من الميراث، حتى لو كان عاقًا، لأن الله تعالى قال: (يوصيكم الله في أولادكم)، ولم يفرق بين البار والعاق. مفتي الجمهورية السابق: الأولى ترك الحديث في الهاتف خلال الطواف لأنه إشغال للقلب وتشويش على الخشوع مفتي الجمهورية السابق: التوكيل في رمي الجمرات جائز شرعا للضعفاء والمرضى والنساء وأشار أمين الفتوى إلى أن تصرف الأب بحرمان ابنه العاق من الميراث قد يؤدي إلى زيادة العقوق، وربما يحمل الابن هذا التصرف كدليل على ظلم الأب، مما يُبقيه على حاله من الجفاء. أمين الفتوى: لا يجوز حرمان الابن العاق من الميراث وأكمل أمين الفتوى: أما إذا ترك الأب أمر الميراث كما شرعه الله، فقد يكون ذلك سببًا في توبة الابن، وسببًا في أن يبر أباه بعد وفاته بالدعاء له، وهو من أفضل وجوه البر بعد الوفاة. وحول ما إذا كان تصرف الأب في حياته، مثل إعطاء شقة لأحد الأبناء، جائزًا، أوضح الدكتور فخر أنه إذا كان هذا التصرف في حال الحياة، ومن باب الإحسان، فلا مانع منه، لكن بشرط العدل بين الأبناء. وواصل أمين الفتوى: الميراث حق لله، ونحن لا نملك أن نغير ما شرعه سبحانه وتعالى، ومن مات وقد أدى ما عليه من العدل والرحمة، فله الأجر، وعلى الله الحساب.

علي جمعة: من ينكر السنة يتجاهل منهجًا علميًا عظيمًا وضعه علماء عبر القرون
علي جمعة: من ينكر السنة يتجاهل منهجًا علميًا عظيمًا وضعه علماء عبر القرون

اليوم السابع

timeمنذ 30 دقائق

  • اليوم السابع

علي جمعة: من ينكر السنة يتجاهل منهجًا علميًا عظيمًا وضعه علماء عبر القرون

محمد شرقاوى أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي مصر الأسبق، أن الطعن في السنة النبوية الشريفة يعد طعنًا في العلم نفسه، واستخفافًا بالعقل البشري ومنهجه القائم على الدقة والتوثيق. وأوضح عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي مصر الأسبق، ببودكاست "مع نور الدين"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأحد، أن "علم الحديث علم دقيق له قواعد وأصول ومنهجية نقدية صارمة، بناها كبار العلماء عبر القرون، مستخدمين مصطلحات واضحة مثل (المرسل) و(المنقطع) وغيرهما، وأن هذه المصطلحات لم تأت عبثًا، بل كانت نتيجة بحث وتمحيص وتراكم معرفي كبير". وأضاف: "الحديث المرسل، في اصطلاح المتقدمين، كان يُطلق على كل منقطع، حتى وإن كان الراوي صحابيًا أسقط التابعي من السند. لكن مع تطور العلم، تميز المصطلح وتحددت دلالاته عند العلماء المتأخرين مثل ابن حجر والسيوطي، باستثناء بعض من خالفهم كابن الدمشقي، الذي اعتبر كل منقطع مرسلًا." وأشار إلى أن هذه الجهود العلمية الجبارة في تصنيف الحديث ونقد السند والمتن تدل على احترام كبير للعقل وللحقيقة، قائلاً: "شوف الفرق بين عقول العلماء اللي اجتهدت وبنت علم كامل على التوثيق والتحقيق، وبين اللي مستلقي على قفاه وبينكر السنة كده بلا علم ولا فهم". وأردف: "من يُنكر السنة، لا يُنكر حديثًا فقط، بل يُنكر علمًا كاملًا وضعه كبار أئمة الأمة، ويهدم منهجًا علميًا متكاملًا احترم العقل ووثق النص، وميّز بين الصحيح والضعيف والمعتمد والمردود".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store