logo
من البحث التقليدي إلى البحث العميق.. كيف يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في مجال البحث عبر الإنترنت؟

من البحث التقليدي إلى البحث العميق.. كيف يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في مجال البحث عبر الإنترنت؟

من البحث التقليدي إلى البحث العميق.. كيف يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في مجال البحث عبر الإنترنت؟
شهدت عملية البحث عن المعلومات عبر الإنترنت وتحليلها تغيرًا جذريًا في السنوات الأخيرة، فقد أتاحت التقنيات الحديثة، بدءًا من الذكاء الاصطناعي التقليدي وصولًا إلى وكلاء الذكاء الاصطناعي، القدرة على استرجاع المعلومات وتحليلها واستنتاج الأفكار منها بطرق أفضل بكثير من السابق. وهذا التطور لم يُسرّع فقط عملية البحث، بل منحنا أدوات جديدة لفهم المعلومات بعمق وأتمتة العمليات البحثية المعقدة.
ومن أحدث ما قدمته هذه الثورة التقنية 'البحث العميق' من OpenAI، وهو نظام ذكاء اصطناعي متقدم قادر على تنفيذ مهام البحث المتعددة بنحو مستقل.
وفي هذا المقال، سنوضح التغييرات التي شهدها مجال البحث عبر الإنترنت خلال السنوات الماضية، وكيف يُمهد البحث العميق والذكاء الاصطناعي المتقدم الطريق لمستقبل جديد لهذا المجال.
أولًا: البحث باستخدام الكلمات المفتاحية
قبل ظهور الذكاء الاصطناعي، كان البحث عن المعلومات يعتمد بنحو أساسي على محركات البحث التقليدية مثل جوجل وياهو. وكان المستخدمون يكتبون استفساراتهم باستخدام كلمات مفتاحية، ثم يتصفحون الصفحات التي يقدمها محرك البحث لاستخلاص المعلومات بأنفسهم.
وكانت هذه المحركات تعتمد على فهرسة المواقع باستخدام النصوص والعلامات الوصفية والروابط، لتعرض النتائج حسب مدى ارتباطها بالكلمات المفتاحية. ومع أن هذه المحركات لها دور كبير في تسهيل الوصول إلى المعلومات، فإنها تعاني بعض المشكلات، منها:
توفير المعلومات السطحية: توفر محركات البحث التقليدية روابط لمصادر متعددة دون تقديم محتوى ملخص أو متكامل، مما يجبر المستخدم على فحص المحتوى بنفسه للوصول إلى المعلومات التي يريدها.
الفهم المحدود للسياق:
تعتمد هذه المحركات على مطابقة الكلمات المفتاحية مع المحتوى المتوفر في مواقع الويب المختلفة دون فهم النية الحقيقية وراء استفسار المستخدم.
ومع تزايد حجم المعلومات الرقمية بنحو غير مسبوق، أصبح هناك حاجة ملحة إلى إيجاد طرق جديدة تتيح الوصول إلى المعلومات بطريقة أسرع وأكثر ذكاءً من طرق البحث التقليدية، وهنا ظهر الذكاء الاصطناعي حلًا ثوريًا لهذه المشكلة.
ثانيًا: البحث الذكي القائم على الذكاء الاصطناعي
مع إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي في أنظمة البحث، أصبحت المحركات قادرة على فهم المعاني والسياق وليس مجرد مطابقة الكلمات. وقد أدت الخوارزميات المتقدمة مثل: RankBrain و BERT من جوجل دورًا أساسيًا في تحسين هذه القدرة، فقد أصبحت محركات البحث تفهم نوايا المستخدم حتى مع اختلاف التعبيرات.
وقد ساهمت تقنيات التعلم الآلي في جعل نتائج البحث مخصصة من خلال تحليل سلوك المستخدم وتقديم نتائج تناسب تفضيلاته. ومع ظهور المساعدات الذكية مثل سيري، وأليكسا ومساعد جوجل، أصبح من الممكن إجراء عمليات البحث باستخدام اللغة الطبيعية.
لكن حتى مع هذا التقدم في طرق البحث عبر الإنترنت، بقيت مرحلة تحليل المعلومات واستنتاج الأفكار تعتمد بنحو أساسي على البشر، ما تطلب تطوير تقنيات جديدة لمعالجة هذه الفجوة.
ثالثًا: الذكاء الاصطناعي التوليدي وتطور البحث عبر الإنترنت
أحدث ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي نقلة نوعية في البحث عن المعلومات عبر الإنترنت. فلم يَعُد المستخدم بحاجة إلى التنقل بين المصادر بنفسه؛ بل صار بإمكانه توجيه استفساراته إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي التي يمكنها تقديم إجابات متكاملة تشبه ما قد يقدمه الإنسان.
المزايا الأساسية لهذا التطور:
تلخيص المحتوى بكفاءة: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات كبيرة من البيانات واستخلاص الأفكار الأساسية منها بسرعة.
التفاعل الطبيعي مع المستخدم:
يمكن للمستخدم الحصول على إجابات من حوار طبيعي مع نظام الذكاء الاصطناعي دون الحاجة إلى إعادة صياغة أسئلته بأسلوب محدد.
لكن حتى مع هذه المزايا، يعاني الذكاء الاصطناعي التوليدي بعض التحديات، مثل:
الاعتماد على بيانات قديمة: تعتمد النماذج التوليدية على البيانات التي دُربت عليها، ما يجعلها أقل قدرة في التعامل مع المستجدات.
تقديم معلومات مضللة أو غير دقيقة (الهلوسة):
في بعض الحالات، قد تُنتج النماذج استجابات غير صحيحة بسبب خلل في فهم السياق أو نقص في البيانات.
ولمعالجة هذه المشكلات ظهرت تقنية التوليد المعزز بالاسترجاع (RAG) التي تدمج بين قدرة الذكاء الاصطناعي التوليدي في التلخيص وتنظيم المعلومات، والبحث المباشر في الويب، مما يُمكن النماذج من التحقق من المعلومات وتحديث استنتاجاتها باستمرار.
رابعًا: البحث العميق من OpenAI.. عصر جديد من البحث عبر الإنترنت
يمثل البحث العميق (Deep Research) من OpenAI قفزة نوعية في طريقة البحث عبر الإنترنت والوصول إلى المعلومات، فقد طُوّر ليكون وكيلًا ذكيًا قادرًا على إجراء أبحاث معقدة متعددة الخطوات بنحو مستقل، وذلك بالاعتماد على النموذج المتقدم o3.
ما الذي يجعل البحث العميق مميزًا؟
البحث المتعدد الخطوات: يمكن للنظام التنقل بين المصادر المختلفة تلقائيًا، وتحديث طريقة البحث وفقًا للمستجدات.
التحليل المنطقي المتقدم: يمكنه تقييم المصادر وتحليلها وتنظيم النتائج للوصول إلى استنتاجات مدروسة.
توثيق المصادر لحظيًا:
كل معلومة يضيفها النظام يرفق معها المصدر الذي اعتمد عليه، وهذا يتيح للمستخدم التحقق من صحة النتائج بسهولة.
معالجة الأبحاث المتخصصة:
يستطيع النظام التعامل مع الأبحاث المتعلقة بالعلوم والاقتصاد والسياسة، وغيرها من المجالات المعقدة التي تتطلب التعامل مع كميات كبيرة من المعلومات.
أهمية البحث العميق في حياتنا العملية
تطوير الأبحاث المهنية: يوفر البحث العميق الوقت والجهد الذي يبذله الباحثون في جمع البيانات، مما يسمح لهم بالتركيز في تحليل النتائج واتخاذ القرارات المهمة.
دعم قرارات المستهلك:
يمكن استخدام البحث العميق لإجراء مقارنات تفصيلية قبل اتخاذ قرارات الشراء المهمة، مثل اختيار سيارة أو منتج للاستثمار فيه.
الخاتمة
لقد تحولت رحلة البحث عن المعلومات من الاعتماد على الكلمات المفتاحية إلى الاستفادة من وكلاء ذكاء اصطناعي قادرين على تنفيذ أبحاث معقدة بنحو مستقل. ويُعد 'البحث العميق' من OpenAI خطوة كبيرة في هذا الاتجاه، إذ يتيح للمستخدمين الحصول على تقارير مدروسة وموثوقة في وقت قصير. ومع استمرار تطور هذه التقنيات، ستشهد مختلف القطاعات طفرة في قدرتها على الوصول إلى المعلومات واتخاذ قرارات مدعومة ببيانات دقيقة.
إن تقنيات البحث عبر الإنترنت ستصبح أكثر ذكاءً وفعالية، ما يجعلنا أمام حقبة جديدة من الأدوات والأنظمة التي تعتمد على التحليل العميق وتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة لتسهيل عمليات البحث والوصول إلى المعلومات.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

آبل تعتزم إطلاق جهاز منزلي ذكي في وقت لاحق من هذا العام
آبل تعتزم إطلاق جهاز منزلي ذكي في وقت لاحق من هذا العام

البوابة العربية للأخبار التقنية

timeمنذ 2 ساعات

  • البوابة العربية للأخبار التقنية

آبل تعتزم إطلاق جهاز منزلي ذكي في وقت لاحق من هذا العام

آبل تعتزم إطلاق جهاز منزلي ذكي في وقت لاحق من هذا العام أفاد تقرير جديد نشرته وكالة بلومبرغ أن شركة آبل قد تطرح جهازها المنزلي الذكي الذي طال انتظاره في الأسواق بحلول نهاية العام الجاري، بعد سلسلة من التأجيلات المرتبطة بتكامل تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تطورها 'Apple Intelligence'. وكانت الشائعات حول هذا الجهاز قد بدأت منذ عام 2022، إذ أشارت تقارير إلى أن المشروع حصل على الموافقة داخليًا، لكن التطوير واجه عقبات عدة، ومنها مشكلات في تحديث قدرات المساعد الصوتي 'سيري'، مما أدى إلى تأجيل الإعلان الرسمي في وقتٍ سابق من هذا العام. ووفقًا للتقرير، فإن آبل تعتزم طرح إصدار أولي منخفض المواصفات في المرحلة الأولى، على أن يتبعه خلال عام أو عامين إصدار أكثر تقدمًا مزوّد بذراع روبوتية تتيح له التحرك فوق سطح المكتب. وتعد الشركة هذا الإصدار المتطور 'أولوية رئيسية'، لكنها قد تتخلى مبدئيًا عن بعض المزايا الجريئة المرتبطة به لضمان إطلاقه ضمن الجدول الزمني المحدد، مع احتمال إضافتها في نماذج مستقبلية. ومن المتوقع أن يجمع التصميم بين تصميمات سماعة HomePod وجهاز آيباد، إذ يُشاع أن الجهاز سيأتي مزوّدًا بشاشة قياسها 7 إنشات، ونظام تشغيل جديد يُدعى homeOS، إلى جانب واجهة عرض مشابهة لوضع 'StandBy' في هواتف آيفون. وفي حال طرحه رسميًا، سيدخل جهاز آبل المنزلي الذكي في منافسة مباشرة مع أجهزة منزلية ذكية شهيرة مثل سلسلة Amazon Echo وGoogle Nest Hub. وتشير التوقعات إلى أن سعر الإصدار المزود بالذراع الروبوتية قد يبدأ من نحو 1000 دولار أمريكي.

الإمارات تطلق "ستارجيت".. أقوى مركز ذكاء اصطناعي بالشراكة مع OpenAI
الإمارات تطلق "ستارجيت".. أقوى مركز ذكاء اصطناعي بالشراكة مع OpenAI

عرب هاردوير

timeمنذ 8 ساعات

  • عرب هاردوير

الإمارات تطلق "ستارجيت".. أقوى مركز ذكاء اصطناعي بالشراكة مع OpenAI

أعلنت شركة OpenAI -المُطوّرة لنموذج ChatGPT- عن تعاونها مع مجموعة G42 الإماراتية وعدد من الشركات التكنولوجية الكبرى لإنشاء مركز بيانات ضخم للذكاء الاصطناعي في أبوظبي، ليصبح أول مشروع واسع النطاق للشركة خارج الولايات المتحدة. اقرأ أيضًا: مشروع ستارجيت الإمارات: طموح تقني بقدرة 1 جيجاواط كشفت OpenAI و G42 أنّ مركز البيانات ستبلغ طاقته 1 جيجاواط، ليكون ضمن أضخم مراكز البيانات عالميًا. وسيشمل المشروع، المُسمى ستارجيت الإمارات " Stargate UAE"، بنية تحتية مُتطوّرة تدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي، في إطار مساعي الدولة لتصبح مركزًا عالميًا لهذه التكنولوجيا. تقود شركة G42 المشروع -وهي شركة ذكاء اصطناعي يشرف عليها الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان -مستشار الأمن الوطني الإماراتي وشقيق رئيس الدولة. وكجزء من الاتفاقية، ستتوفّر نسخة مُحسنّة من ChatGPT مجانًا لسكان الإمارات. الجدول الزمني والتمويل ستنتهي المرحلة الأولى (بقدرة 200 ميجاواط) بحلول نهاية 2026. ستموِّل G42 بناء المُنشأة، بينما تتولّى شركتيّ OpenAI و Oracle تشغيل المركز. يضم المشروع شركاء آخرين مثل SoftBank وإنفيديا وCisco. كما ستستثمر G42 مبلغًا مُماثلًا في مشروع "ستارجيت" الأمريكي، وهو شبكة مراكز بيانات تبلغ قيمتها 100 مليار دولار بتمويل من OpenAI وSoftBank. ولم يُكشف عن تكلفة المشروع الإماراتي، رغم أن المشاريع المُماثلة في الولايات المتحدة تتجاوز 10 مليارات دولار. مُفاوضات أمريكية حاسمة جاء المشروع بعد أشهر من المُفاوضات بين الإمارات وإدارة ترامب، وأُبرمت اتفاقية الأسبوع الماضي تسمح للإمارات باستيراد 500 ألف رقاقة (شريحة) ذكاء اصطناعي سنويًا، مُتجاوزةً قيود إدارة بايدن التي كانت تُقيّد توريد هذه التكنولوجيا للحُلفاء المُقربين فقط. ولإقناع واشنطن بشراكتها الموثوقة، نفذّت الإمارات عدّة إجراءات، منها: التزامها باستثمار 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة. استخدام ملياريّ دولار من عملات كريبتو تابعة لشركة ترامب للاستثمار في قطاع التشفير. استضافة كبار المسؤولين التنفيذيين لشركات التكنولوجيا الأمريكية في أبوظبي. وتُخطّط الإمارات لجذب المزيد من الشركات الأمريكية لاستئجار مراكز بياناتها المُخطّط لها (بقدرة 5 جيجاوات)، و عرضّت النموذج الأوّلي للمشروع خلال زيارة ترامب الأخيرة للمنطقة. استراتيجية الإمارات: مركزًا للذكاء الاصطناعي في آسيا وإفريقيا تستهدف الدولة أن تصبح مِحورًا لتشغيل خوادم (سيرفرات) الذكاء الاصطناعي القريبة من مُستخدمي إفريقيا والهند، والذي يُقلّل زمن نقل البيانات ويُعزّز كفاءة الخدمات. يأتي الإعلان في أسبوع حافل لـ OpenAI، التي أعلنت أيضًا عن: حصولها على تمويل 11.6 مليار دولار لتوسيع مركز بياناتها في تكساس. استحواذها على شركة مُصمم آبل السابق جوني إيف مُقابل 6.5 مليار دولار. بهذه الخطوة، تُعزّز الإمارات مكانتها كوجهة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي عالميًا.

الذكاء الاصطناعي يحسّن التنبؤ بالعواصف وموجات الحر
الذكاء الاصطناعي يحسّن التنبؤ بالعواصف وموجات الحر

الاتحاد

timeمنذ 9 ساعات

  • الاتحاد

الذكاء الاصطناعي يحسّن التنبؤ بالعواصف وموجات الحر

يشكّل تحسين دقّة توقعات موجات الحر والعواصف، هدفا لمختلف هيئات الأرصاد الجوية التي باتت تعوّل في ذلك على التقدم السريع في نماذج الذكاء الاصطناعي التي تتيح التحوّط للكوارث المتفاقمة بسبب التغير المناخي. وبعد تحقيق تقدّم أوّلي عام 2023 مع نموذج تعلّم من شركة "هواوي"، ابتكرت كل من "جوجل" و"مايكروسوفت" أدوات ذكاء اصطناعي قادرة، في بضع دقائق، على إنتاج توقعات أفضل من تلك التي تنتجها الأجهزة الحاسبة التقليدية التابعة للهيئات الدولية الكبرى والتي تستغرق بضع ساعات لإنجاز هذه المهمة. يشكّل هذا الأداء التجريبي وغير المتاح بعد للعامّة أو حتى للمحترفين، مؤشرا إلى التقدم السريع في الأبحاث. وكانت "جوجل" أعلنت في ديسمبر الفائت، أنّ نموذجها "جين كاست" الذي دُرّب على بيانات تاريخية، أظهر قدرة على التنبؤ بالطقس والعوامل المناخية المتطرفة على فترة 15 يوما بدقة لا مثيل لها. ولو كان "جين كاست" قيد التشغيل عام 2019، لكان تجاوز في 97% من الحالات توقعات المرجع العالمي، وهو المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية المتوسطة المدى (ECMWF)، لأكثر من 1300 كارثة مناخية. أصبح نموذج آخر يسمى "أورورا"، ابتكره مختبر تابع لـ"مايكروسوفت" في أمستردام في هولندا، باستخدام بيانات تاريخية أيضا، أول نموذج للذكاء الاصطناعي يتنبأ بمسار الأعاصير لخمسة أيام بشكل أفضل من سبعة مراكز توقعات حكومية، بحسب نتائج نُشرت خلال هذا الأسبوع في مجلة "نيتشر" العلمية. بالنسبة إلى إعصار "دوكسوري" عام 2023، وهو الأكثر تكلفة في المحيط الهادئ حتى اليوم (أضرار بأكثر من 28 مليار دولار أميركي)، تمكن "أورورا" من التنبؤ قبل أربعة أيام من وصول العاصفة إلى الفلبين، في حين كانت التوقعات الرسمية آنذاك تشير إلى أنها تتجه شمال تايوان. يقول باريس بيرديكاريس، المبتكر الرئيسي لـ"أورورا"، في مقطع فيديو نشرته مجلة "نيتشر": "في السنوات الخمس إلى العشر المقبلة، سيكون الهدف الأسمى هو بناء أنظمة قادرة على العمل مباشرة مع عمليات رصد"، سواء أكانت أقمارا اصطناعية أو غير ذلك، "من أجل وضع توقعات عالية الدقة حيثما نريد"، في حين تفتقر بلدان كثيرة حاليا إلى أنظمة تحذير موثوقة. كان من المتوقع أن تنافس نماذج الذكاء الاصطناعي في يوم من الأيام النماذج الكلاسيكية، لكن "ما كان أحد يظن أن ذلك سيحدث بهذه السرعة"، على ما تقول لور راينو، الباحثة في مجال الذكاء الاصطناعي لدى هيئة "ميتيو فرانس" الفرنسية للأرصاد الجوية، في حديث صحفي، في خضم تطوير نسختين قائمتين على الذكاء الاصطناعي من نموذجي "أربيج" و"أروم". "الخبرة البشرية" تعمل النماذج المسماة "فيزيائية"، والتي تم ابتكارها على مدى عقود، من خلال إدخال كميات هائلة من البيانات الرصدية أو أرشيفات الطقس في أجهزة كمبيوتر قوية، ثم تطبيق قوانين الفيزياء المحوَّلة إلى معادلات رياضية، لاستنتاج التوقعات. وتتمثل سيئاتها في أنها تتطلب ساعات من العمليات الحسابية على أجهزة كمبيوتر تستهلك كميات كبيرة من الطاقة. ويجمع نموذج تعلّم قائم على الذكاء الاصطناعي البيانات نفسها، لكن شبكته العصبية تغذي نفسها وتستنتج التوقعات بطريقة "إحصائية تماما"، من دون إعادة احتساب كل شيء، وفق لور راينو. تقول الباحثة "قد نتمكّن، بفضل مكاسب في السرعة والجودة، من احتساب توقعاتنا بشكل أكثر تكرارا يوميا"، خصوصا بالنسبة إلى العواصف التي تُعدّ مدمرة ويصعب التنبؤ بها. تسعى هيئة "ميتيو فرانس" للأرصاد الجوية إلى تقديم توقعات مدعومة بالذكاء الاصطناعي على نطاق بضع مئات من الأمتار. ويعمل المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية المتوسطة المدى على ابتكار نموذج ذكاء اصطناعي خاص به، وهو "أقل تكلفة لناحية الحساب بنحو ألف مرة من النموذج التقليدي"، وفق فلورنس رابيه، المديرة العامة للمركز الذي يوفر توقعات لـ35 دولة أوروبية. ينتج نموذج الذكاء الاصطناعي هذا حاليا توقعات على مقياس يبلغ حوالى 30 كيلومترا مربعا، وهو بالتأكيد أقل تفصيلا من الخاص بـ"أورورا" (نحو 10 كيلومترات مربعة)، لكن نسخته الأولى تشغيلية أصلا، ويستخدمها منذ فبراير الماضي خبراء الأرصاد الجوية المحليون المسؤولون عن إعداد التنبيهات للسكان. ولن تختفي هذه التوقعات بشكل سريع، بحسب لور راينو التي تقول "سنحتاج دائما إلى خبراء في الأرصاد الجوية لتقييم البيانات". وتقول فلورنس رابيه "عندما يتعلق الأمر بحماية الأشخاص والممتلكات، لا أعتقد أننا نستطيع الاستغناء عن الخبرة البشرية".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store