logo
ترامب يغضب من نتن ياهو

ترامب يغضب من نتن ياهو

جفرا نيوزمنذ 8 ساعات

جفرا نيوز -
إسماعيل الشريف
ليس للولايات المتحدة أصدقاء دائمون أو أعداء دائمون، بل مصالح دائمة- كيسنجر.
في الولاية الأولى لترامب 2017–2021، كانت علاقته بمجرم الحرب نتن ياهو كما يُقال «سمنًا على عسل». تبنّى ترامب خطوات تاريخية لم يُقدِم عليها أي رئيس أمريكي من قبله، منها الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان، ونقل السفارة الأمريكية إليها، والاعتراف بضمّ الجولان، إضافة إلى انسحابه من الاتفاق النووي مع إيران. وقد وصفه نتن ياهو آنذاك بأنه أعظم صديق حظيت به «إسرائيل» في البيت الأبيض.
لكن رغم ذلك، كان نتن ياهو أوّل من أدار ظهره لترامب، إذ كان من أوائل المهنئين لبايدن بفوزه في الانتخابات الرئاسية، في وقت كان ترامب يصرّ على أن الانتخابات مزوّرة ويطعن في نتائجها. اعتبر ترامب خطوة نتن ياهو خيانة شخصية، وقال في إحدى المقابلات عندما سُئل عنه: «تبا له، لقد كان أول من هنّأ بايدن، لم يتصل بي منذ ذلك الحين، لم أعد أطيقه».
وأثناء حملته الانتخابية، وجّه ترامب عدة انتقادات لنتن ياهو، من بينها اتهامه بعدم الاستعداد لهجوم السابع من أكتوبر، كما كشف أن نتن ياهو تراجع عن المشاركة في عملية اغتيال قاسم سليماني عام 2020 في اللحظات الأخيرة. وقد أثار هذا التصريح استياء الكيان الصهيوني والبيت الأبيض، اللذين ندّدا به علنًا.
ومع استمرار الإبادة الجماعية، صرّح ترامب بأن على الكيان «إنهاء المهمة بسرعة»، مشيرًا إلى أنه يخسر معركة العلاقات العامة عالميًا. كما وجّه رسالة مباشرة إلى نتن ياهو يأمره فيها بوقف الإبادة قبل أن يعود هو إلى البيت الأبيض، وهو ما تم.
ثم، بعد أن وصل ترامب إلى البيت الأبيض، أعلن عن خطته بشأن غزة، والتي تمثلت في ترحيل الفلسطينيين من القطاع، وإقامة منتجعات سياحية على جماجم أطفال غزة تحت إدارة أمريكية. وبذلك، منح نتن ياهو الضوء الأخضر لاستئناف الإبادة، التي عادت من جديد، لكن هذه المرة لتحقيق رؤية ترامب وأهدافه الخاصة.
ومع مواصلة نتن ياهو إبادة الفلسطينيين، بدأت الإمبراطورية الأمريكية تتصرف بشكل منفرد، بعيدًا عن مصالح الكيان، فانخرطت في مفاوضات مباشرة مع أشد أعدائه، واتخذت من التفاوض مع إيران خيارًا استراتيجيًا. كما توصّلت إلى اتفاق مع الحوثيين لوقف إطلاق النار، ما ترك الكيان وحيدًا في مواجهتهم، ومنح الحوثيين جرأة غير مسبوقة، فأصبح مطار بن غوريون شغلهم الشاغل. وفي خطوة أخرى أثارت الحرج، تفاوضت واشنطن مع حركة حماس لإطلاق سراح الجندي الصهيوني الأمريكي الأخير لديها، إدان ألكسندر، مما زاد من عزلة نتن ياهو ومآزقه السياسية.
ورغم وضوح غضب ترامب تجاه نتن ياهو، لم ينعكس ذلك على غزة، فالمجاعة مستمرة، وأُطلقت عملية «عربة جدعون»، وهي المرحلة النهائية من الإبادة، وتهدف إلى قتل أكبر عدد ممكن من سكان غزة، وتهجيرهم، واحتلال القطاع بالكامل. وقد كانت التوقعات تشير إلى احتمال توقف الحرب خلال زيارة ترامب لدول الخليج، لكن ذلك لم يحدث. ولو أراد ترامب إيقاف المجزرة، لأوقفها.
يستخدم ترامب مجرم الحرب نتن ياهو أداة لتحقيق أهدافه المُعلنة بتحويل غزة إلى منطقة تحت الوصاية الأمريكية، فيُطلق يده لتنفيذ الإبادة، بينما يتظاهر هو بالابتعاد عنه وينتقده إعلاميًا، ليُحمّله وحده مسؤولية المجزرة، ويُبقي لنفسه صورة «الرجل الساعي للسلام». لكنه، في الواقع، لم يتخذ حتى الآن أي خطوة لوقف المجزرة. وقد صرّح هو وكبار مسؤولي إدارته بأن المساعدات ستدخل غزة الشهر المقبل، والسؤال الذي يفرض نفسه: لماذا لا تدخل الآن؟.
سيأتي اليوم الذي سيُعلن فيه ترامب وقف هذه الحرب، ويدخل إلى غزة في هيئة المنقذ لأهلها، وسنُصفّق له. سيكون قد رتّب مسبقًا مع دول أخرى لاستقبال أعداد من سكان القطاع، فيما سيُمنح من تبقّى صفة «رعايا الولايات المتحدة الأمريكية»، ضمن خطة مدروسة لتفكيك غزة وتغيير هويتها تحت غطاء إنساني .
وأعتقد أن الولايات المتحدة قد وصلت إلى قناعة بأن الكيان، بصيغته الحالية، لم يعُد يخدم مصالحها الاستراتيجية، وآن الأوان لتثبيت موطئ قدم مباشر لها في المنطقة، بما يضمن تحقيق مصالحها العليا، وإبقاء دول الإقليم تحت وصايتها، ومنع أي من القوى الكبرى، وعلى رأسها الصين وروسيا، من امتلاك أي نفوذ فيها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تقرير من الرياض (2)
تقرير من الرياض (2)

العرب اليوم

timeمنذ 35 دقائق

  • العرب اليوم

تقرير من الرياض (2)

استكمالًا لما ذكرناه يوم الأحد الماضى فى «تقرير من الرياض (١)»، فإن مشهد الطابور الطويل لمائة من أصحاب الشركات الكبرى الأمريكية الذين جاءوا فى صحبة ترامب كان مثيرًا للغاية. أن تراقب «إيلون ماسك» صاحب ستارلينك وسبيس إكس، ومن بعده قائمة طويلة لشركات ألفابيت ونيفيديا للذكاء الاصطناعى وغيرها، يقول لك عن طبيعة المهمة: إنها ليست الدخول إلى العصر الذى نعيش فيه، وإنما هى باختراقه بأقصى سرعة ممكنة. استكمال الصورة يأتى بالاستثمارات السعودية فى الولايات المتحدة، بدورها فى التداخل فى مجالات صناعة السلاح، والولوج إلى الساحة الأولى فى المجال الذى يجرى فيه التنافس الكونى حول الذكاء الاصطناعى AI. المملكة عندما تدخل إلى هذه الساحة، ليست نوعًا من بعثرة فائض مادى، وإنما هى أولًا تفعل ذلك على عشر سنوات، وثانيًا فإنها تبنى على ما فعله الملوك فهد وعبد الله وسلمان من قبل من إرسال البعثات التعليمية إلى أرقى المعاهد العلمية فى الولايات المتحدة وغيرها من الدول المتقدمة. وإذا كان الوالى محمد على فى مصر قد جلب الحداثة على أكتاف ٣٢٤ طالبًا مصريًا ذهبوا إلى أوروبا وعادوا لكى يُقيموا مصر الحديثة، فإن الأمر فى الحالة السعودية يُحسب بمئات الألوف. اللحظة كانت بالفعل «تاريخية» رغم أن صلتها بقضايا المنطقة الحرجة غير مباشرة، لأنها تبنى عناصر القوة لدولة عربية شقيقة؛ فإن أهميتها تنبع بالمشاركة فى سباق تاريخى. المشهد الثانى كان تحويل كل ما سبق إلى اتفاقيات عامة فى التعاون الاقتصادى والإستراتيجي؛ وخاصة فى كل المجالات التى يمكن أن يتفتق الذهن عنها. ولمن لا يعلم، فإن المملكة العربية السعودية حسمت قضية تبنّى اقتصاد السوق، وخلال عشر سنوات نجحت بالفعل فى تنويع مصادر دخلها، وحوّلت كل أشكال الفنون والرياضة إلى مجالات تجلب الدخل وتعزز السياحة، والأهم: إغناء سبل التفكير فى عالم متغير ولا يكفّ عن التغيير، مع إيمان عميق بأن العجلة لا يُعاد اختراعها مرة أخرى، وإنما اختراق الفضاء هو ما يجب الولوج فيه. فى المملكة، فإن قضايا مثل الملكية أو الإيجار فى السكن، والعلاقة بين المالك والمستأجر فى القانون، لم تعد من القضايا المجتمعية، لأن مثل ذلك مكانه السوق، أى العرض والطلب. مثل ذلك هو حجر الزاوية فى جذب السائحين والمستثمرين معًا. وهكذا جرى طابور التوقيع بين المسؤولين، كلٌّ حسب تخصصه، وعلى الجانبين كان الرئيس ترامب وولى العهد السعودى محمد بن سلمان يبتسمان ويستعدان لكلمات مفعمة بالصداقة. ما بدا فى مشهد اليوم الأول كله، كان فيه ترامب يرسل رسائل: أولها إلى الداخل الأمريكى بما يجلبه لها من أموال واستثمارات، وثانيها إلى إيران التى لها التقدير فى المفاوضات الجارية، حيث الخط الأحمر هو امتلاك السلاح النووى، فإذا ما أصرت إيران، فإن كل الخيارات مفتوحة. ولكن إذا كان الخيار الإيرانى هو التطبيقات السلمية النووية، فإن لإيران مكانًا فى الاقتصاد العالمى. وثالثها - فيما أظن - كان لإسرائيل، ونتنياهو تحديدًا، أن الولايات المتحدة قد عادت إلى الشرق الأوسط، وأن عودتها تقوم على بحث عن الاستقرار والرخاء حيث يوجد، وهو ما يوجد منه الكثير فى السعودية ودول الخليج؛ وفى كل الأحوال، فإن العلاقة بين واشنطن والعواصم الخليجية تفيد إسرائيل. الأجواء فى «واحة الإعلام» كانت تضج بالكثير من الأقوال والشائعات، وأبرزها أن زيارات مفاجئة سوف تحدث من قبل الرئيس السورى أحمد الشرع، والرئيس اللبنانى جوزيف عون، والرئيس الفلسطينى محمود عباس. كان فى الأجواء بعض من التفاؤل أن كل المشكلات يمكنها أن تُحل نتيجة ما صاحب اللقاء السعودى الأمريكى من أجواء مبشّرة. ما صحَّ فى النهاية جاء من قبل الرئيس ترامب، الذى أعلن أنه بناءً على توصية من ولى العهد السعودى، فإنه على استعداد لرفع العقوبات عن سوريا. الخبر عندما وصل إلى الأجواء السورية فجّر نوبة أخرى من الأفراح العارمة، التى تماثل ما حدث فى ٨ ديسمبر الماضى عندما سقط نظام بشار الأسد. لم يكن أحد يعلم ما سوف يخبئه سواد الليل، وأنه فى الصباح سوف يخرج الرئيسان اللبنانى والفلسطينى من موجة الشائعات، وأن الرئيس السورى سوف يحضر شخصيًا. وعندما اكتمل الجمع الإعلامى فى الصباح، كانت الشاشات تبوح بوصول الشرع، وأنه سوف يقابل ترامب، الذى سأله الصحفيون عن ذلك وهو فى طريقه إلى لقاء القمة الخليجية، وكانت إجابته مختصرة: «أعتقد ذلك». التقى ترامب بالفعل مع أحمد الشرع بعد أن ذهب إلى القمة الخليجية واستمع إلى القادة الذين من ناحية عبروا عن سعادتهم بخطوة رفع العقوبات عن سوريا، ومن ناحية أخرى عبروا عن غضبهم بما تفعله إسرائيل من إرهاب على الشعب الفلسطينى. ألقى الجميع بالمسؤولية على الولايات المتحدة أن تقوم بالضغط على إسرائيل لكى تفتح أبواب الإغاثة من الجوع والعطش والدواء، وإعطاء الشعب الفلسطينى حقوقه المشروعة، وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة. ما كان مسكوتًا عنه الآلية التى سوف يتم بها تحقيق ذلك؛ ومع رجل للصفقات مثل ترامب فإنه ينتظر من المتحدثين إليه أن يحددوا المسار المطلوب، والأهم المقابل لما سوف يقوم به وسط ظروف داخلية أمريكية تعطى لإسرائيل مكانة خاصة. المرجح أن ما دار فى ذهن ترامب وقتها ظهر عندما جرى الإعلان عن المقابلة مع أحمد الشرع، فإن الحديث تطرق إلى قبول سوريا الدخول فى مسار «السلام الإبراهيمى»؛ وبالطبع بعد أن تعيد سوريا ترتيب أوضاعها الصعبة. وفى الواقع كان ترامب، وقد جعل من الزيارة للخليج ضغطًا على إسرائيل، فإنه فى ذات الوقت لم يخف أن حصد نتائج الضغط يبدأ بالاستعداد لمسيرة سلام دافئ مع إسرائيل. إلى هنا توقفت المتابعة بعدما غادر الجمع واحة الإعلام، ولكن أخبار الدوحة كانت قريبة المنوال، فمن خلال مفاوضات غير مباشرة بين ترامب ومن خلال الطاقة القطرية، جرى الحديث عن وقف إطلاق النار بين ترامب وقيادات حماس، وهناك فإنه تلقى رسائل من إسرائيل تسأل عما إذا كان ممكنًا للرئيس الأمريكى أن يزور القدس، فكانت الإجابة هى أنه لا يستطيع ما لم يحدث وقف لإطلاق النار. ما حدث فى الدوحة لم يكن يختلف كثيرًا عما جرى فى الرياض، حيث جرت اتفاقيات اقتصادية ودفاعية وطلبت قطر شراء ١٦٠ طائرة ركاب من شركة بوينج. وفى الظن أن زيارته بعد ذلك لدولة الإمارات العربية المتحدة لن تختلف عما جرى فى العاصمتين السابقتين؛ وبقى الأمر هو ما سوف يتلو هذه الرحلة، فالثابت أن ترامب كان مشغولًا، إلى جانب نجاح رحلته فى الخليج، فإن متابعة مشروع التفاوض بين روسيا وأوكرانيا كان دافعًا له للبحث فى حضور الاجتماع الأول بين بوتين وزيلينسكى. وفى الخليج والعالم العربى فإن هناك لحظة حاسمة قريبة تستوجب تفكيرًا كثيرًا.

ليبيا!
ليبيا!

العرب اليوم

timeمنذ ساعة واحدة

  • العرب اليوم

ليبيا!

فى صدر الصفحة الأولى من الأهرام أمس (19 مايو) وتحت عنوان «تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع أمريكا... السيسى: ضرورة وقف النار فى غزة، وندعم التسوية فى ليبيا، والاستقرار فى القرن الإفريقى»، فى تغطيتها لاستقبال الرئيس السيسى كبير مستشارى الرئيس ترامب للشئون العربية الشرق أوسطية والإفريقية، بحضور وزير الخارجية د.بدر عبدالعاطى، وغيره من كبار المسئولين المصريين والأمريكيين جاء أن اللقاء تناول.. «الأوضاع فى ليبيا، وكيفية استعادة الاستقرار بالأراضى الليبية، وأن مصر كانت ومازالت الأكثر تضررا من حالة عدم الاستقرار فى ليبيا، والأكثر حرصا على دعم التسوية السياسية، والتوافق على حكومة موحدة تحظى بالموافقة لدى الليبيين» إلخ. والحقيقة أن الأوضاع فى ليبيا كانت دائما- خاصة بعد سقوط حكم القذافى فى 2011 – محلا لاهتمامى وتركيزى الشديد، نظرا لأهمية ليبيا القصوى للأمن القومى لمصر، والتى تجاور مصر على طول حدودها الغربية من شاطئ المتوسط شمالا إلى السودان جنوبا. واستذكرت على الفور حديثا مهما شهدته يوم الجمعة الماضى (16/5) فى برنامج «بلا قيود» الذى يقدمه الإعلامى المتميز نور الدين زورقى على تليفزيون بى بى سى العربى، مع من؟ مع الدكتور الشاب «الصديق خليفة بن حفتر»، رئيس المفوضية العليا للمصالحة الوطنية فى ليبيا، وعندما بحثت وجدت أنه الابن الأكبر للمشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطنى الليبى. والحقيقة أننى تفاءلت كثيرا بذلك الشاب، الواعد الذى يدرك جيدا حساسية وتعقيد الموقف فى بلاده..، والذى كان شديد الحرص فى حديثه الذى أكد فيه أن «معاناة الشعب الليبى هى الدافع وراء سعيه هو ومن معه، لتحقيق المصالحة فى ليبيا» وأنهم .. «يمدون أيديهم للآخرين للمشاركة، كم يثمنون جهود من سبقوهم فى هذا الشأن». ذلك أمر طيب، ويصب مباشرة لمصلحة مصر، التى يهمها تماما استقرار ليبيا، وألا تكون أبدا مصدرا للمشاكل أو التهديدات!

ما فعله ترامب هذا الأسبوع يجب أن يرعب نتنياهو.. وإليكم السبب
ما فعله ترامب هذا الأسبوع يجب أن يرعب نتنياهو.. وإليكم السبب

الغد

timeمنذ 2 ساعات

  • الغد

ما فعله ترامب هذا الأسبوع يجب أن يرعب نتنياهو.. وإليكم السبب

اضافة اعلان جوناثان فريدلاند* - (الغارديان) 16/5/2025ترجمة: علاء الدين أبو زينةجولته في الشرق الأوسط كشفت أمراً واحداً بوضوح: أنه لن يتردد لحظة في خيانة حليفه السابق. بل إنه يفعل ذلك بالفعل.* * *من المفارقات العجيبة أن يكون أفضل أمل للفلسطينيين في بعض الغوث معلقًا على رجلٍ يحلم بإفراغ غزة من أهلها وتحويلها إلى منتجع شاطئي. ومع ذلك، فإن أوضح طريق -بل وربما السبيل الوحيد للخروج من هذه المعاناة الراهنة- يكمن في دونالد ترامب، وفي تزايد نفاد صبره من إسرائيل التي أصبحت الآن أكثر عزلة باطراد.لو كان هذا من فعل أحد أسلاف ترامب، لكنتَ تشيد بما حدث في الأسبوع الماضي بوصفه تأكيدًا على تحول جذري، بل لحظة مفصلية في السياسة الخارجية الأميركية. ولكن، بما أن الذي يفعل ذلك ترامب، لا يمكنك أن تكون متيقنًا من أن الأمر ليس مجرد نزوة عابرة سرعان ما تنقلب في غضون أسابيع، أو حتى ساعات، إلى نزوة أخرى معاكسة.ومع ذلك، إذا أخذنا جولة ترامب في الأيام القليلة الماضية على ظاهرها، فإنها تمثل توجهًا مختلفًا تمامًا نحو الشرق الأوسط، وخاصة نحو الدولة التي طالما اعتبرتها واشنطن حليفتها الأولى في المنطقة. والواقع أن أبسط حقيقة في هذه الجولة هي الأكثر دلالة: الرئيس الأميركي لم يزر إسرائيل من الأساس.كان بالإمكان التذرع بأي تبرير لتجاوز إسرائيل، لولا ما قاله ترامب وفعله خلال جولته. في المملكة العربية السعودية، لم يكتفِ بتحية ولي العهد محمد بن سلمان بحرارة، بل أظهر إعجابًا شديدًا به. قال له: "أنا معجب بك كثيرًا"، وسأله إذا كان يجد وقتًا للنوم بالنظر إلى نشاطه المتواصل في تحويل المملكة.توصل الرجلان إلى صفقة تشتري بموجبها السعودية أسلحة أميركية بقيمة 142 مليار دولار. وحتى هذا الأسبوع، كان حجر الزاوية في العلاقة الأميركية-الإسرائيلية هو الضمانة الأميركية بأن تحتفظ إسرائيل دائمًا بتفوقها العسكري على جيرانها. أما الآن، فقد أصبح ذلك موضع شك كبيرا. بل إن ترامب صرّح بأنه "لا شريك أقوى لنا من السعودية"، وهو وصف كانت إسرائيل تنفرد به في السابق.ربما يكون الأهم من ذلك هو أن ترامب أبدى كل هذا الحب للرياض من دون أي شروط مسبقة. لم يربط شيئًا من ذلك بتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وقال إن لولي العهد السعودي أن يطبع العلاقات "حينما يحين الوقت المناسب"، من دون ضغط من الولايات المتحدة.وقد تكرّر هذا النمط في كل محطات الجولة. ومن المثير للانتباه أن ترامب رحّب بسورية من جديد في المحفل الدولي، ورفع العقوبات الأميركية عنها وأثنى على زعيمها الجديد واصفًا إياه بأنه "وسيم" و"مقاتل". كل ذلك مع أن أحمد الشرع كان مدرجًا حتى كانون الأول (ديسمبر) الماضي على قائمة الإرهابيين المطلوبين لدى الولايات المتحدة بسبب صلاته بتنظيم القاعدة، وكانت هناك مكافأة قدرها 10 ملايين دولار مرصودة لمن يدلي بمعلومات عنه. إنّه انقلاب جذري حقًا. والأكثر غرابة أن ترامب لم يطالب حتى بالضمانات الأمنية التي كانت إسرائيل تسعى إليها، ومنح سورية هذا الانفتاح بلا مقابل.أصبح ترامب يعقد الآن الصفقات التي يريدها، بغض النظر عن احتياجات حليفه السابق. وعلى سبيل المثال، عقد اتفاقًا منفصلًا مع الحوثيين في اليمن يمنعهم من مهاجمة السفن الأميركية، لكنه لا يمنعهم من إطلاق الصواريخ على إسرائيل. وصرّح بأنه "قريب جدًا" من التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، ضاربًا بعرض الحائط قناعة نتنياهو الراسخة منذ عقود بأن طموحات إيران النووية لا يمكن كبحها إلا بالقوة. كما صافح ترامب رجب طيب أردوغان في تركيا، من دون أن يُزعجه عداؤه لإسرائيل أو صلاته الوثيقة بـ"حماس". بل إنه تفاوض بشكل شبه مباشر مع حركة "حماس"، حيث ضمن إطلاق سراح إيدان ألكسندر، المواطن الأميركي-الإسرائيلي مزدوج الجنسية، وهو أمر لم يعلم به نتنياهو إلا بعد حدوثه.بأعلى وأوضح صوت ممكن، يخبر ترامب نتنياهو بأنه لم يعد الرجل الأول، وأنه لن يعرقل ما يراه في مصلحة أميركا، أو مصلحته الشخصية. ويعود جزء من هذا التوجه إلى الإحباط الذي عاناه ترامب من نتنياهو بسبب تقاعسه عن المساهمة في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، الذي يراه ترامب شرطًا ضروريًا لازدهار المنطقة -وبالتالي لازدهار أميركا. ببساطة، ما يريده ترامب من نتنياهو هو طي الحرب على "حماس" وإبعادها من على الشاشات العالمية -لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يفي بالمطلوب.كان بالإمكان الشعور بالتعبير عن هذا الإحباط في تصريحات المبعوث الشخصي لترامب، ستيف ويتكوف، لعائلات الرهائن في إسرائيل الأسبوع الماضي: "نحن نريد إعادة الرهائن إلى منازلهم، لكن إسرائيل لا ترغب في إنهاء الحرب. إسرائيل تطيل أمدها".في الواقع، تُظهر استطلاعات الرأي أن غالبية ساحقة من الجمهور الإسرائيلي يطالبون، إن لم يكن يصرخون من أجل وقف فوري للحرب. لكن نتنياهو يعاند شعبه لأسباب أنانية محضة. وبينما يواجه المحاكمة بتهم فساد، لا يمكنه ضمان بقائه خارج السجن إلا إذا بقي في منصب رئيس الوزراء. ولتحقيق ذلك، عليه أن يحافظ على تماسك ائتلافه الحاكم، الذي يضم اثنين من أكثر الشخصيات تطرفًا قوميًا: إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. ويريد هذان الرجلان استمرار الحرب إلى ما لا نهاية، ويحلُمان بغزة مطهّرة من سكانها تمهيدًا لإعادة المستوطنات اليهودية. وبدلاً من التفكير في المصلحة العامة، ينحني نتنياهو لمطالبهما، ويبقي نيران الحرب مشتعلة -مهما بلغت الكلفة من الدماء.وهو ما يجعل المطاف ينتهي بنا ونحن نجد أنفسنا أمام فظاعة حكومة إسرائيلية تستخدم التجويع كسلاح من أسلحة الحرب، وتمنع دخول أي مساعدات إلى غزة منذ 2 آذار (مارس). وليس هذا اتهامًا للحكومة؛ بل هو شيء تتباهى به. وكان وزير الدفاع، إسرائيل كاتس، قد عبر عن ذلك بوضوح الشهر الماضي حين قال: "إن سياسة إسرائيل واضحة: لن تدخل مساعدات إنسانية إلى غزة". ووصف الحصار بأنه "إحدى أهم أدوات الضغط" على حماس.قد تدّعي السلطات الإسرائيلية أن الضربات الجوية، التي أسفرت عن مقتل المئات في الأسبوع الماضي، كانت تستهدف مواقع عسكرية لـ"حماس" أو قادتها، بما في ذلك محمد السنوار، زعيم الحركة في غزة. لكنها لا تستطيع تقديم أي مبرر مشابه لاستخدام الجوع الجماعي الذي لا يميز بين مدني ومقاتل. إن هذا الفعل يشكل جريمة حرب وفقًا للقانون الدولي، كما أنه لا يُغتفر من الناحية الأخلاقية. لكنه يمثل مع ذلك سياسة رسمية لهذه الحكومة الإسرائيلية البغيضة.ثمة القليل من العناية تُبذل لملاحظة الظروف التي تلاقت لتقود إلى هذه الكارثة: حقيقة أن فظائع "حماس" المروعة في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 وقعت في عهد حكومة إسرائيلية تتشكّل من كاهانيين، ومن رئيس وزراء مستعد لتجاوز كل الخطوط الحمراء ليبقى بعيدًا عن السجن ويحافظ على سلطته. كان هذا هو الخليط الذي أوصلنا إلى هذا الزمن الرهيب، حيث يبدو أن المعاناة والموت لن يصلا أبدًا إلى نهاية.ربما ليس هناك سوى رجل واحد يمكنه إيقاف هذه الكارثة. يستطيع ترامب إما أن يواصل ما بدأه الأسبوع الماضي، ويعقد صفقات في الشرق الأوسط تقفز عن إسرائيل والتي لن تفيد الفلسطينيين أيضًا بشيء، أو -في أعقاب ما أقر به هو بنفسه عند مغادرته المنطقة يوم الجمعة من أن سكان غزة "يتضوّرون جوعًا"، وتعهد بقوله: "سوف نُعالج هذا الوضع"- أن يستخدم نفوذه ليفرض على نتنياهو القبول بالصفقة المطروحة على الطاولة منذ شهور: إطلاق جميع الرهائن المتبقين مقابل إنهاء الحرب.بطبيعة الحال، ما تحتاجه عشرات العائلات الإسرائيلية المكلومة، وملايين الفلسطينيين المنكوبين والجوعى، هو قادة جدد، قادرون على -وراغبون في- أن يرسموا لأنفسهم مصيرًا أفضل لكلا الشعبين، في الحالة المثالية معًا. وإلى أن يحين ذلك اليوم، فإن حياتهم تظل معلقة في يد دونالد ترامب.*جوناثان فريدلاند Jonathan Freedland: كاتب عمود في صحيفة "الغارديان" البريطانية.*نشر هذا المقال تحت عنوان: What Donald Trump did this week should terrify Benjamin Netanyahu. This is why

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store