
أن تكون عميلا لعدوك
ياسر أبو شباب اسم (حركي) شغل الأخبار خلال الأيام الماضية، لكن ليس من أجل القضية أو السبب الصح. ذاع صيته كأداة في يد إسرائيل ضد بني جلدته في أسوأ توقيت. ورد في الأخبار أنه يقود جماعة زوّدتها إسرائيل بالأسلحة من أجل السطو على المساعدات الإنسانية وزرع الفوضى في قطاع غزة بشكل يؤذي حماس ويفاقم الضغط عليها. ما لم يرد في الأخبار، وما لا يمكن استبعاده، أن هدف إسرائيل من تزويد جماعة أبو شباب بالأسلحة، القتل. لا يهم مَن يقتل طالما أن القتيل سيكون فلسطينيا.
كيف تجرأت إسرائيل على هذه العملية في هذه الظروف العصيبة عليها وعلى غزة؟ والأهم كيف تجرأ أبو شباب على خوض هذه المغامرة وهو يعرف أن نهايته، إذا ما انكشف أمره، وما من شك أنه سينكشف يوما، الموت المؤكد وبأبشع طريقة؟
لا أحاول في هذا النص البحث عن ذرائع لياسر أبو شباب أو تبرير ما فعل، بل أسعى لمحاولة الفهم والتفسير. والتفسير لا يعني التبرير، كما يقال.
تجرأت إسرائيل وتجرأ أبو شباب لأن العملاء والخونة ظاهرة أزلية وُجدت منذ وُجد الإنسان. لم يخض الإنسان حربا من دونهم. كانوا دائما السلاح الأقوى لأنهم «منك وفيك». في سياقات الاحتلال الاستيطاني تصبح الأرضية خصبة لتجنيد العملاء وتُسهّل الإيقاع بهم. اسألوا الجزائريين قبل الفلسطينيين. واسألوا الفيتناميين، ثم الإيرلنديين الشماليين والأفغان وأقواما أخرى. لا غرابة إذاً أن تكون نسبة العملاء في المجتمع الفلسطيني مرتفعة، فكلما كان الاستعمار متوحشا وقاسيا كانت ظاهرة العملاء أكثر انتشارا. في فلسطين العملاء حديث يومي. كلما اغتالت إسرائيل قياديا في الضفة الغربية أو غزة بدأ البحث عن العميل الذي سهّل العملية. لولا العملاء لبقي كثير من قادة النضال الوطني الفلسطيني والمقاومة الإسلامية على قيد الحياة إلى اليوم.
لا يختلف الحال مع تاريخ النضال الجزائري. في الجزائر نسميهم «الحَرْكى». ورغم دخول كلمات جديدة مثل «البيَّاع» و«الشكّام» على الخط، تأبى كلمة «حرْكي» أن تختفي، وتبقى الأقوى فتُطلق إلى اليوم حتى بين الأطفال على مَن يتخلى عن أصدقائه أو زملائه. ونسمع باستمرار عبارة «لولا «الحَرْكى» لَما استمر الاستعمار 132 سنة».
قصة العملاء الجزائريين مأساة إنسانية واجتماعية قبل أن تكون سياسية. لا زال المجتمع يعيش شذراتها رغم مرور أكثر من 60 عاما على استقلال البلاد. مكانتك الاجتماعية منقوصة ونظرة الناس إليك تحمل الاحتقار والاستصغار إذا كنت تنحدر من عائلة مشبوهة بعمالتها للاستعمار. من السهل أن ترفض عائلة تزويجك ابنتها لهذا السبب. وقد تُمنع من مناصب عليا في الدولة إذا كانت لك صلة مباشرة بـ«حَرْكي».
كانت قيادة الثورة تتعامل بقسوة مع كل مشتبه به، وقسوة أكبر مع مَن تثبت عمالته: الإعدام، مهما كان ومهما كانت مسوِّغاته.
تجرأت إسرائيل وتجرأ أبو شباب لأن العملاء والخونة ظاهرة أزلية وُجدت منذ وُجد الإنسان. لم يخض الإنسان حربا من دونهم
في فيتنام شكّل المخبرون عنصرًا حاسمًا في حرب الاستخبارات، وتجاوزت الاستعانة بهم نطاق المتوقَّع برعاية الاستخبارات المركزية الأمريكية. امتلكوا سطوة ونفوذا هائلين وزرعوا الرعب في المدن والأرياف وساهموا كذلك في وحشية الصراع وغموضه. يكشف استخدامهم أن حرب فيتنام لم تكن مجرد قتال عسكري، بل كانت أيضا صراعا شخصيا ومجتمعيا عميقاً.
الأسبوع قبل الماضي حسمت محكمة في دبلن لصالح جيري أدامز، الزعيم السابق لحزب «شين فين» الذي قاد حملة المطالبة باستقلال إيرلندا الشمالية عن بريطانيا. رفع أدامز قضية ضد هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بسبب تحقيق اتهمه بالإيعاز بقتل قيادي كبير في الجيش الجمهوري، الذراع المسلّح لـ«شين فين»، للاشتباه في أنه كان جاسوسا للمخابرات البريطانية. دامت المحاكمة عشر سنوات وكلفت الملايين، وكانت مشحونة بالعواطف وذكريات الصراع الدامي، ومناسبة تكشَّف فيها عمق موضوع العملاء الذين جنّدتهم لندن وكيف تصرف معهم الجيش الجمهوري: الإعدام ولو بعد سنوات. تبيّن أن من يختار طريق الخيانة يعرف سلفا أن مصيره القتل لو انكشف أمره. وحتى بعد سنوات من نهاية الصراع المسلح بموجب ما يسمى «اتفاق الجمعة العظيمة» سنة 1998 بين لندن ودعاة الاستقلال، صفّى الجيش الجمهوري العديد ممن اشتبه فيهم أثناء سنوات الصراع. كانت أحكام إعدام مع وقف تنفيذ مؤقت. أبرز مَن دفعوا الثمن دينيس دونالدسون القيادي الذي زعمت «بي بي سي» أن أدامز أوعز بقتله والذي اغتيل سنة.. 2006. وكشفت المحاكمة أن الجيش الجمهوري قتل مُخبراً سنة 1999، بعد عام من توقف الصراع، ثم قطع لسانه، في رسالة لمن يهمه الأمر.
عندما سئل بنيامين نتنياهو عن تهريب أسلحة إلى جماعة أبو شباب هزَّ كتفيه وردَّ بما معناه أنها الحرب وكل الأساليب مقبولة. صدق في قوله لكن كان عليه أن يواصل صدقه ويُقر بأن الجيش الذي يلجأ إلى مثل هذه الألاعيب القذرة لا يمكن أن يكون الأكثر أخلاقا في العالم.
في الأثناء تأكد أن نتنياهو كتم القضية حتى عن كبار القادة السياسيين والعسكريين. السرية شرط أساسي في كل العمليات القذرة، غير أن ما لن يعترف به نتنياهو أن غزة صغيرة لا أسرار فيها، وأن نهاية أبو شباب ستكون مثل نهاية أيّ عميل، لكن ذلك آخر هموم نتنياهو.
التعاون مع العدو في أوقات الحرب أكبر من فعل عابر. الخيانة قرار، لكنها في الصراعات ظاهرة إنسانية جديرة بالتأمل. عندما يصبح الاحتلال جزءا من النسيج الاجتماعي، كما هو الحال في الجزائر وفلسطين، لا تكون العمالة مجرد علاقة مع ضابط أو جندي يحمل بندقية. تصبح قريبة وعميقة. لهذا يجب أن توضع حالات العمالة للمحتل في سياقها ليسهل الحكم على المتهم أو البحث له عن أعذار.
الملاحظة المهمة أنه بقدر ما يبدو فعل العمالة جريئا، فردُّ الفعل دائما أكثر جرأة. ذلك أن الخيانة في لاوعي الإنسان ممقوتة لأنها، عدا عن الأبعاد الأخلاقية والإنسانية والدينية، ترفضها الفطرة البشرية.
لا يوجد مجتمع أفضل من الآخر. كل مجتمع يتعرّض للاختبار سيفرز نصيبه من العملاء. المجتمعات العربية ليست استثناءً. التاريخ حافل بالأمثلة. تذكروا فرنسا عندما احتلها الألمان في 1940. لا أعرف مجتمعا تسامح مع العملاء، بما في ذلك المجتمعات الأوروبية خلال حروبها الكثيرة. ولا أتصوّر أن أكثر المجتمعات الغربية انفتاحا وتسامحا ستكافئهم بالورود لو توضع تحت الاختبار.
كاتب صحافي جزائري

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ يوم واحد
- العربي الجديد
الاحتلال وصناعة الفوضى بغزة... مليشيا ياسر أبو شباب نموذجاً
لم تتوقف المحاولات الإسرائيلية منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 عن محاولة اختراق الجبهة الداخلية الفلسطينية في القطاع وصناعة الفوضى وإنشاء مليشيا ياسر أبو شباب لضرب المنظومة المجتمعية. ووضع الاحتلال الإسرائيلي منذ اليوم الأول للحرب هدف استبدال حكم حركة حماس بأطراف فلسطينية، ليس من ضمنها السلطة الوطنية، كهدف استراتيجي لحرب الإبادة. وهو ما عبّر عنه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في أكثر من خطاب، عبر ترداد عبارة "لا فتحستان ولا حماستان في غزة". وخلال الأشهر الستة الأولى للحرب، سعى الاحتلال لتفكيك المنظومة الحكومية، عبر استهداف قيادات المنظومة الأمنية والشرطية والشخصيات الحكومية البارزة في غزة إلى جانب الشخصيات المجتمعية. لاحقاً، اتسعت المساعي الإسرائيلية عبر السعي للتعاون مع مسؤولي العشائر والعائلات في غزة، وهو ما رفضته شريحة واسعة من العائلات ، فيما لاحقت المقاومة عدداً محدوداً من عائلات قبلت بالتعاون مع الاحتلال في مسعاه. أحمد عطاونة: الهدف الأساسي من ظاهرة ياسر أبو شباب هو ضرب الجبهة الداخلية الفلسطينية مليشيا ياسر أبو شباب مع تعثّر عدد من الخطط الإسرائيلية المرتبطة بإعادة ظاهرة "روابط القرى" أو العمل مع العائلات الفلسطينية في غزة، سعى الاحتلال لتعزيز حالة الفوضى في القطاع، عبر السماح بعمليات السرقة التي تتم للشاحنات والبضائع التجارية من دون أي استهداف للعصابات. واتسعت هذه الحالة من خلال ما عرف بمجموعات ياسر أبو شباب، وهي عصابة منظمة تنشط في المناطق الشرقية لمدينة رفح، الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي وتحت غطائه الكامل. وخلال الفترة التي سبقت العملية العسكرية في مدينة رفح في مايو/أيار 2024، كانت هذه العصابات تنشط على مقربة من معبر رفح البري، مستغلةً عمليات الاستهداف التي تطاول العناصر الأمنية والشرطية التي تتولّى عملية تأمين الشاحنات. وبعد العملية العسكرية في رفح ، اتسع دور هذه المجموعات لتصبح أكثر تنظيماً وتأثيراً في رفح، من خلال تحولها لمجموعة تضمّ نحو مائة شخص مسلح بإشراف إسرائيلي وتحمل اسم "القوات الشعبية"، وهو ما كشف عنه وزير الأمن الأسبق أفيغدور ليبرمان، بأن نتنياهو سلّح عصابات في غزة، في إشارة إلى مليشيا ياسر أبو شباب ومجموعته. وبحسب المعلومات المتوفرة عن ياسر أبو شباب فهو صاحب سجل إجرامي، إذ اعتُقل للمرة الأولى في عام 2015 بتهمة ترويج المخدرات وتعاطيها، وحُكم عليه بالسجن 25 عاماً وظلّ مسجوناً في أحد السجون بخانيونس جنوبي القطاع. بعد اندلاع حرب الإبادة في أكتوبر 2023، فرّ ياسر أبو شباب من السجن وبدأ مع مجموعة من اللصوص تولّي مهمة اعتراض الشاحنات وسرقتها، ما تسبب في عدم وصول هذه المساعدات إلى المستفيدين منها مرات عدة. ويتهم ياسر أبو شباب بالتورط استخباراتياً في العمل مع الاحتلال الإسرائيلي عبر نقل معلومات أدت إلى قصف مقاومين وقتلهم خلال الحرب على غزة، فضلاً عن جمع معلومات مرتبطة بأنفاق المقاومة الفلسطينية. إلى جانب ذلك، عمل ياسر أبو شباب رفقة مجموعته على سرقة أسلحة ومعدات عسكرية خاصة بالأذرع العسكرية للمقاومة الفلسطينية في غزة، على مدار حرب الإبادة المتواصلة للعام الثاني على التوالي في مناطق رفح جنوباً. وأصدرت قبيلة الترابين التي تعود جذور ياسر أبو شباب إليها بياناً قبل أشهر أعلنت فيها براءتها منه، وأكدت ضرورة اعتقاله بعد سجله الإجرامي، وحالة الفوضى التي قام بخلقها من خلال عمله مع الاحتلال. رصد التحديثات الحية إسرائيل تدعم مليشيا قاتل أعضاؤها الجيش المصري في سيناء ضمن "داعش" فلسطينياً، يُربط اليوم بين ظاهرة أبو شباب وسعي الاحتلال الإسرائيلي لتعزيز حالة الفوضى عبر إيجاد مجموعات مسلحة مماثلة في ظل حالة الانهيار الأمني التي أوجدتها الحرب، وبين ما جرى في لبنان عبر ما عرف سابقاً بـ"جيش لبنان الجنوبي" (جيش لحد). ويؤكد مدير مركز رؤية للتنمية السياسية أحمد عطاونة أنّ ما يُعرف بظاهرة أبو شباب في قطاع غزة ليست جديدة، بل تأتي في إطار سياسات قديمة انتهجها الاحتلال في مناطق متعددة خاضعة لاحتلاله عبر التاريخ، لكنها فشلت جميعها فشلاً ذريعاً رغم تحقيقها أهدافاً مرحلية مؤقتة. ويوضح عطاونة في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن الاحتلال تبنّى سابقاً تجارب مشابهة، أبرزها في جنوب لبنان عندما أنشأ ما يُعرف بـ"جيش لبنان الجنوبي"، الذي ضمّ لبنانيين متعاونين مع الاحتلال في مواجهة المقاومة اللبنانية، وكذلك في الضفة الغربية في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات، حين حاول تشكيل مليشيات مسلحة عُرفت بـ"روابط القرى" كبديل عن القيادة الوطنية الفلسطينية الممثلة بمنظمة التحرير، لكنها سقطت سريعاً لغياب الحاضنة الشعبية. ويشير عطاونة إلى أن الاحتلال يحاول اليوم إعادة ذات التجربة في قطاع غزة، من خلال تشكيل مليشيات مسلحة تعمل تحت سلطته، بهدف إحكام سيطرته الأمنية والعسكرية والاقتصادية على القطاع، معتبراً هذه الخطوة إحدى أدواته لفرض النفوذ الكامل. ويضيف أن الولايات المتحدة، من خلال مؤسساتها المختلفة، تؤدّي دوراً مكملاً في هذا المسار، بهدف تمكين الاحتلال من بسط سيطرته الإدارية والعسكرية، في محاولة لعزل الفلسطينيين بعضهم عن بعض، عبر تهجير بعضهم نحو الجنوب ووضعهم في معازل تحت إشراف مباشر من هذه المليشيات والاحتلال. ويبيّن عطاونة أن الهدف الأساسي من هذه الظاهرة هو ضرب الجبهة الداخلية الفلسطينية، وإضعاف التماسك المجتمعي، وتصفية قوى المقاومة، إلا أن وعي الشعب الفلسطيني كفيل بإفشال هذه المحاولات، كما حدث مع التجارب السابقة. إياد القرا: الظاهرة ليست إلا نتاجاً مباشراً لحالة الحرب التي فرضتها إسرائيل على القطاع تطور أمني ومجتمعي خطير من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا أن الظاهرة التي بدأت تتشكل أخيراً في قطاع غزة، والمتمثلة في جماعات مسلحة تتخابر علناً مع الاحتلال الإسرائيلي وتستخدم السلاح لخدمة أجنداته، تمثل تطوراً خطيراً على الصعيدين الأمني والمجتمعي، لكنها مرشحة للفشل السريع في ظل الرفض الشعبي الواسع لها. ويقول القرا في حديثٍ لـ"العربي الجديد" إن هذه الظاهرة ليست إلا نتاجاً مباشراً لحالة الحرب التي فرضتها إسرائيل على القطاع منذ أكثر من 20 شهراً، وفشلها المتكرر في القضاء على المقاومة، خصوصاً حركة حماس، وإيجاد بديل لها، سواء من خلال السلطة الفلسطينية أو غيرها من الجهات. ويضيف القرا أن الاحتلال استغل الوضع الإنساني المتدهور، وحالة التجويع الممنهج ، وسيطرته على دخول المساعدات الإنسانية، ليُعيد تشكيل واقع جديد في غزة عبر عصابات مسلحة تفرض نفسها بالقوة وتعمل لصالحه. ويشير إلى أن من يقف خلف هذه الظاهرة خليط غير متجانس من الأفراد، بعضهم أصحاب سوابق جنائية في قضايا المخدرات، وآخرون ينتمون إلى جماعات متطرفة ذات التوجهات الداعشية والقاعدية، وهي جماعات سبق أن واجهتها حكومة حماس بقوة وأخرجتها من المشهد في غزة. ويوضح القرا أن الاحتلال يعمل على تطوير هذه الجماعات وتوفير الحماية لها بهدف استخدامها ميدانياً خلال توغلاته في القطاع، أو للتحكم في توزيع المساعدات، أو حتى لخلق بيئة جديدة تساعده في تنفيذ خططه على الأرض، إلا أن المؤشرات تؤكد وجود رفض شعبي كبير لهذه الظاهرة، خصوصاً في حال الوصول إلى أي هدنة أو وقف لإطلاق النار، إذ ستُدرج هذه الجماعات ضمن الأهداف المحتملة للقوى الوطنية. وبحسب القرا، فإن إسرائيل "لا أصدقاء لها، وسرعان ما تتخلى عن أدواتها، وما يجري اليوم هو تكرار لأساليب قديمة ستفشل كما فشلت سابقاتها، لأن الشعب الفلسطيني يعي تماماً خطورة هذه الظاهرة وسيتعامل معها بما تستحق من مقاومة ورفض". أخبار التحديثات الحية زعيم عصابة مرتبط بإسرائيل يطلب من سكان شرق رفح العودة إلى منازلهم


العربي الجديد
منذ 2 أيام
- العربي الجديد
في ذكرى ميلاد توماس مان.. تجديد الثقة بدور المثقف
في الذكرى الـ150 لولادة الكاتب الألماني توماس مان ، التي تصادف السادس من يونيو/ حزيران، تشهد ألمانيا سلسلة احتفالات ثقافية واسعة تمتد على مدار عام كامل، تتوزع بين معارض وندوات وعروض مسرحية وقراءات أدبية. ويتزامن هذا الحدث مع صعود لافت لليمين المتطرف محلياً وأوروبياً، ما يمنح الذكرى بعداً سياسياً يكرّس مان رمز مقاومة للانغلاق القومي والاستبداد. ولد مان عام 1875 في مدينة لوبيك لأسرة برجوازية ، وبدأ مسيرته الأدبية متأثراً بأفكار محافظة، عبّر عنها في كتابه "تأملات رجل غير سياسي" (1918). غير أن اغتيال وزير الخارجية فالتر راتيناو في عام 1922 شكّل نقطة تحول عميقة في مواقفه. ففي خطاب ألقاه بعنوان "عن الجمهورية الألمانية"، أعلن دعمه جمهورية فايمار، مؤكداً أن الديمقراطية أكثر التصاقاً بالتقاليد الثقافية الألمانية من الإمبريالية. ومع تصاعد نفوذ النازيين، اتخذ توماس مان موقفاً حاسماً، فحذّر في خطاب ألقاه ببرلين عام 1930 بعنوان "نداء إلى العقل" من الخطر المحدق بالبلاد، داعياً إلى تحالف سياسي واسع لمواجهة النازية. غير أن الخطاب قوبل بمقاطعة عنيفة من أنصار الحزب، ما اضطره إلى مغادرة القاعة سراً. بعد وصول هتلر إلى الحكم عام 1933، لجأ مان إلى سويسرا، ومنها إلى الولايات المتحدة، لتبدأ مرحلة جديدة من نضاله السياسي. أُسقطت عنه الجنسية الألمانية عام 1936، لكنه واصل بث خطاباته ضد الفاشية عبر إذاعة "بي بي سي"، كما أصدر كتابه "انتصار الديمقراطية القادم" (1938). في منفاه الأخير بلوس أنجليس، ظل يكتب ويدافع عن الديمقراطية والحرية، وهو ما أعادت دور النشر الألمانية تسليط الضوء عليه هذا العام، من خلال إعادة نشر عدد من مقالاته وخطاباته، ضمن جهود لإعادة تثقيف الأجيال الجديدة بتاريخ لا تزال تداعياته حاضرة. اشتهر توماس مان بأسلوبه الأدبي العميق الذي جمع بين السرد الكلاسيكي والبعد الفلسفي، وهو ما بدا جلياً في روايته الشهيرة "الجبل السحري" (1924)، التي شكّلت تأملاً رمزياً في صراع أوروبا بين الحداثة والانهيار. كما قدّم في "دكتور فاوستوس" (1947) صورة مجازية لانحدار ألمانيا في أحضان الفاشية، من خلال قصة موسيقي عبقري يبرم عقداً مع الشيطان. حافظ مان على "الموقف الأخلاقي للكاتب"، وهو ما ميّز أعماله التي وظّف فيها الموسيقى والفكر الفلسفي، متأثراً بعمالقة مثل فاغنر وبيتهوفن وشوبنهاور، لطرح أسئلة حول الهوية والسلطة والمصير. تتوزع الفعاليات بين معارض وعروض مسرحية وقراءات أدبية رغم حصوله على جائزة نوبل للأدب عام 1929 عن روايته "بودن بروكس"، عبّر مان لاحقاً عن خيبته لعدم تكريمه عن أعماله الكبرى مثل "الجبل السحري". إلا أن تأثيره الأدبي تجاوز حدود ألمانيا، حيث أصبح مرجعاً لأجيال من الكتّاب والمفكرين من أمثال ألبير كامو وميلان كونديرا. في إطار الاحتفالية، أطلقت الجهات الثقافية الألمانية موقعاً إلكترونياً بعنوان "مان 2025" يوثق جميع الفعاليات، بينما يحتضن متحف سانت آن في لوبيك معرضاً بعنوان "زمني: توماس مان والديمقراطية"، مستنداً إلى مذكراته التي نُشرت عام 1950، والتي توثّق رحلته الفكرية من المحافظة إلى الليبرالية. وفي بادرة رمزية، ألقى الرئيس الألماني خطاباً في منزل توماس مان في لوس أنجليس، مؤكداً أن "إرث مان الفكري لا يزال ملهماً في عالم تتعرض فيه الديمقراطية وحقوق الإنسان لتهديدات متصاعدة". تحولت ذكرى ميلاد مان إلى أكثر من مجرد احتفال بكاتب كلاسيكي، بل إلى لحظة استعادة وطنية لروح التنوير الألماني، وتجديد الثقة بدور الكاتب المثقف، باعتباره صوت مقاومة لا ينفصل عن هموم شعبه وعصره. آداب وفنون التحديثات الحية "جائزة برلين للأدب": إلى عباس خضر


العربي الجديد
منذ 2 أيام
- العربي الجديد
قرصنة حساب رئيس باراغواي في "إكس" للترويج للبيتكوين
أعلنت حكومة باراغواي اليوم الاثنين أن حساب الرئيس سانتياغو بينيا على منصة إكس قد شهد "نشاطاً غير معتاد"، وذلك بعد دقائق من ظهور منشور على حساب الزعيم يبدو أنه يروّج لتداول عملة البيتكوين المشفرة. وطلبت الحكومة من المواطنين تجاهل المنشورات الصادرة من الحساب حتى توفير تأكيد رسمي. وكان منشور باللغة الإنكليزية على حساب بينيا قد أعلن أن الدولة الواقعة في أميركا اللاتينية قد جعلت البيتكوين عملة قانونية. لكن الحكومة أعلنت عكس ذلك وأن فريق الأمن السيبراني الوطني في باراغواي يعمل مع منصة إكس للتحقيق في الوضع. تكرار اختراق حسابات "إكس" اختراق الحسابات من أجل الترويج للعملات المشفرة رائج في منصة إكس، وقد وصل الوضع حدّ اختراق الحساب الرسمي التابع للجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، ثم نشر خبر زائف يقول إن الهيئة منحت الموافقة على إدراج صناديق الاستثمار المتداوِلة في البيتكوين بجميع بورصات الأوراق المالية الأميركية المسجلة في الولايات المتحدة. انتشر الخبر الزائف في مواقع التواصل والمواقع الإخبارية. وبعد ذلك استعاد موظفو الهيئة السيطرة على الحساب، وحُذِف المنشور الكاذب. أسواق التحديثات الحية ارتفاع الدين الأميركي يربك الأسواق.. هبوط الدولار والنفط والأسهم وفي بريطانيا اختُرق حساب وزيرة الحكومة، لوسي باول، للترويج لعملة رقمية احتيالية باسم "مجلس العموم". ووصفت سلسلة من المنشورات المحذوفة عملة $HCC بأنها "عملة رقمية مجتمعية تُعزّز قوة الناس عبر تقنية البلوكتشين". بعدها تأكد تعرّض حسابها للاختراق بينما اتُّخذت خطوات سريعة لتأمين الحساب وإزالة المنشورات المضللة. كذلك أعلن الصحافي في " بي بي سي "، نك روبنسون، أن حسابه في "إكس" قد اختُرق واستُخدم للترويج للعملات المشفرة، بعد أن استُهدف على ما يبدو في عملية تصيد احتيالي عبر الإنترنت.