logo
العراقي "كعكة الرئيس".. صورة سينمائية عن البراءة في زمن الدكتاتورية

العراقي "كعكة الرئيس".. صورة سينمائية عن البراءة في زمن الدكتاتورية

حقق العراق إنجازًا بارزًا في الدورة الـ78 لمهرجان كان السينمائي الدولي، من خلال مشاركة ثلاثية متميزة تعكس تطور السينما العراقية واهتمام الجهات الرسمية بدعم هذا القطاع الحيوي.
أول هذه المشاركات تمثلت في اختيار الفيلم الروائي "كعكة الرئيس" (مملكة القصب) للمخرج حسن هادي ضمن تظاهرة "أسبوع النقاد"، حيث يروي الفيلم قصة لميعة، الشابة العراقية التي تُكلّف بصنع كعكة لعيد ميلاد الرئيس صدام حسين خلال فترة الحصار في تسعينيات القرن الماضي، مما يسلط الضوء على الضغوط الاجتماعية والسياسية التي واجهها المواطنون آنذاك.
أما المشاركة الثانية فتجلّت في اختيار الفيلم الكلاسيكي "سعيد أفندي" (1956) للمخرج كاميران حسني ضمن قسم "كان كلاسيك"، بعد ترميمه بدقة 4K في المعهد الوطني السمعي البصري الفرنسي. يُعد هذا الاختيار الأول من نوعه في تاريخ السينما العراقية، ويأتي ضمن مشروع "سينماتك العراق" الذي يهدف إلى حفظ وتعزيز الأرشيف السينمائي الوطني.
المشاركة الثالثة تمثلت في إقامة "الخيمة العراقية" ضمن سوق كان الدولية، والتي وفّرت منصة للتعريف بالإنتاج السينمائي العراقي وتبادل الخبرات مع صناع السينما العالميين.
تُعزى هذه الإنجازات إلى الدعم الرسمي المتزايد لصناعة السينما في العراق، مما يعكس التزام الحكومة بتعزيز الفنون والثقافة كوسيلة للتعبير عن الهوية الوطنية والانفتاح على العالم.
حقق العراق إنجازًا سينمائيًا بارزًا خلال الدورة الـ78 لمهرجان كان السينمائي الدولي، من خلال مشاركة فيلمين عراقيين في فعاليات المهرجان، إلى جانب الحضور الرسمي في سوق الأفلام.
الفيلم الأول هو "كعكة الرئيس" للمخرج حسن هادي، الذي عُرض ضمن تظاهرة "نصف شهر المخرجين" المخصصة لاكتشاف الأصوات السينمائية الجديدة. تدور أحداث الفيلم في عام 1991، حيث تُجبر الطفلة لميعة، ذات التسعة أعوام، على إعداد كعكة لعيد ميلاد الرئيس صدام حسين، في ظل الحصار الاقتصادي. يسلط الفيلم الضوء على معاناة الطفولة تحت الحكم الاستبدادي، ويعكس تعقيدات الحياة اليومية في تلك الفترة.
الفيلم الثاني هو "سعيد أفندي" للمخرج كاميران حسني، الذي أُنتج عام 1956، وتم ترميمه بدقة 4K ضمن مشروع "سينماتك العراق". شارك الفيلم في قسم "كان كلاسيك" المخصص للأفلام المُرمَّمة، ليكون أول فيلم عراقي كلاسيكي يُعرض رسميًا في المهرجان. تدور أحداثه حول معلم ينتقل مع عائلته إلى حي شعبي في بغداد، ويواجه تحديات اجتماعية مع جيرانه.
بالإضافة إلى ذلك، شهد المهرجان إقامة الخيمة العراقية في سوق كان الدولية، مما يعكس الدعم الرسمي المتزايد لصناعة السينما العراقية. تُعد هذه المشاركات خطوة مهمة نحو إعادة حضور السينما العراقية في المحافل الدولية، بعد سنوات من التحديات السياسية والإنتاجية.
يُعدّ فيلم "سعيد أفندي" للمخرج كاميران حسني، الذي أُنتج عام 1956، من أبرز الأعمال الكلاسيكية في تاريخ السينما العراقية. وقد تم اختياره لتمثيل العراق رسميًا في الدورة الثامنة والسبعين من مهرجان كان السينمائي الدولي لعام 2025، ضمن قسم "كان كلاسيك"، المخصص للأفلام المُرمَّمة.
تدور أحداث الفيلم حول المعلم سعيد أفندي، الذي ينتقل مع عائلته إلى حي شعبي في بغداد، حيث يواجه تحديات اجتماعية وصراعات مع الجيران، مما يعكس ملامح المجتمع العراقي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. الفيلم مقتبس عن قصة "شجار" للكاتب إدمون صبري، ويُعد من أوائل الأعمال التي تناولت التحولات الاجتماعية والإنسانية في تلك الحقبة.
تم ترميم الفيلم بدقة "4K" في المعهد الوطني السمعي البصري الفرنسي (INA)، باستخدام النيجاتيف الأصلي، وذلك ضمن مشروع "سينماتك العراق"، الذي يهدف إلى حماية وتعزيز الأرشيف الوطني للأفلام الروائية العراقية. ويشمل المشروع توثيق وترميم نحو 104 أفلام أُنتجت بين أربعينيات القرن الماضي والعقد الأول من الألفية الجديدة، بدعم من السفارة الفرنسية في العراق ووزارة الخارجية الفرنسية، وتنفيذ منظمة Expertise France.
تُعد مشاركة "سعيد أفندي" في مهرجان كان خطوة بارزة في مسار استعادة السينما العراقية لمكانتها، وإحياء التراث البصري الذي ظل لسنوات طويلة طي الإهمال. ويمثل الفيلم نموذجًا لأهمية الحفاظ على الأعمال الكلاسيكية وإعادة تقديمها للأجيال الجديدة وللجمهور العالمي، بما يعكس غنى التجربة السينمائية العراقية وتنوعها.
الفيلم العراقي "كعكة الرئيس" للمخرج حسن هادي، الذي عُرض ضمن تظاهرة "نصف شهر المخرجين" في مهرجان كان السينمائي الدولي 2025، يُعد إنجازًا بارزًا للسينما العراقية. تدور أحداث الفيلم في عام 1991، حيث يُجبر طلاب المدارس على تقديم هدايا لعيد ميلاد الرئيس صدام حسين. يركز الفيلم على الطفلة لمياء، التي تعيش مع جدتها في أهوار العراق، وتحاول ببراءتها وذكاء جدتها التهرب من هذا الواجب القسري.
تميز الفيلم بتصويره الاحترافي، خاصة في مشاهد التنقل بين الأهوار وبغداد، حيث استخدمت الزوارق والسيارات لنقل الشخصيات، مما أضفى واقعية على الأحداث. أحد المشاهد اللافتة هو لقاء الجدة بسائق التاكسي في مركز الشرطة، حيث يساعدها رغم انشغاله بمرافقة عريس فقد بصره قبيل زفافه.
السيناريو محكم البناء، مع شخصيات واضحة الملامح، تعكس تأثير الحروب والحصار على المجتمع العراقي. معظم الشخصيات التي تلتقي بها لمياء خلال رحلتها تظهر سلوكيات سلبية، باستثناء سائق التاكسي والطبيبة.
الفيلم يتمتع بهوية بصرية قوية، بفضل مدير التصوير تودر فلاديمير بندرو، الذي أبدع في حركة الكاميرا ورسم المشاهد. من أبرز المشاهد: الغروب في الأهوار، التظاهرة الاحتفالية في بغداد، والمسيرة الجنائزية في الأهوار، رغم أن أهل الأهوار عادةً ما يدفنون ذويهم في النجف.
فيلم "كعكة الرئيس" هو إنتاج مشترك بين العراق والولايات المتحدة وقطر. من الجدير بالذكر الإشارة إلى مجموعة من الأسماء الأمريكية البارزة ضمن فريق الإنتاج والإخراج، مثل مارييل هيلر، وإريك روث، وكريس كولومبوس، الذي يتمتع بشهرة عالمية واسعة. كما يضم الفريق الفني المونتير أندورادو، ومهندس الصوت توماس زاني.
يشارك في التمثيل الصبية الموهوبة بنين أحمد نايف في دور "لميعة"، وساجد محمد قاسم في دور "سعيد"، ورحيم الحاج في دور "جاسم". ولا يمكن إغفال الأداء اللافت للجدة "بي بي"، التي جسدتها الفنانة وهيد ثابت. يمثل هذا الفيلم خطوة إضافية في مسيرة السينما العراقية، ومن المتوقع أن يجد طريقه هذا العام إلى العديد من المهرجانات السينمائية العربية والدولية.
ويبقى أن نقول إن "كعكة الرئيس" فيلم غني بمضامين الذاكرة والهوية، ويُعلن قبل كل شيء عن ميلاد مخرج عراقي يمتلك بصمة فنية متميزة وحرفة إخراجية متقنة.
تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الإلكترونية الربحية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الإشارة للمصدر.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

برنامج حافل بالأنشطة في أول مشاركة رسمية للعراق
برنامج حافل بالأنشطة في أول مشاركة رسمية للعراق

البلاد البحرينية

timeمنذ 2 أيام

  • البلاد البحرينية

برنامج حافل بالأنشطة في أول مشاركة رسمية للعراق

في أول مشاركة رسمية للعراق في مهرجان كان السينمائي الدولي، تم إطلاق برنامج حافل للجناح العراقي في الدورة الـ78 من مهرجان كان الدولي يتضمن عدد من الندوات التي تناقش مستقبل السينما العراقية وتفتح آفاقا للتواصل بين صناع الأفلام العراقيين ونظرائهم الدوليين. تأتي هذه المشاركة التاريخية بتوقيع من "مبادرة دعم السينما العراقية، وبإشراف مباشر من دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد شياع السوداني، تأكيدًا على التزام الحكومة العراقية بنهوض ودور الفنون والثقافة والهوية السينمائية الوطنية. يمتد برنامج الجناح من الثالث عشر إلى العشرين من شهر مايو 2025، ويقدّم باقة متميزة من الفعاليات التي تسلط الضوء على إنجازات السينما العراقية، مثل لقاء مع صناع الأفلام العراقيين تحت عنوان "لقاء مع العراقيين: من بلاد ما بين النهرين إلى كان." وتقديم ندوتين الأولى هي ندوة بعنوان "تسليط الضوء على السينما العراقية: جولة أولى'، والثاني هو عرض الفيلم العراقي "سعيد أفندي" (1956) ضمن عروض قسم "كان كلاسيك" المخصص للأفلام المرمّمة من التراث العالمي، وندوة بعنوان "رحلة ترميم فيلم سعيد أفندي'، وندوة بعنوان "صناع السينما العراقية الصاعدين" للتعريف عن المخرجين وصناع الأفلام العراقيين الصاعدين، مع تسليط الضوء على مؤسسة بغداد للسينما ودورها في إعادة إحياء صناعة السينما العراقية، ومناقشة تحت عنوان "منصات العرض في العراق: رؤية محلية'، وقسم اليوم الأحد 18 مايو ندوة عنوان "مبادرة دعم السينما: ريادة حقبة جديدة في السينما العراقية" ولقاء مع فريق مهرجان بغداد السينمائي. ويوم الاثنين 19 مايو يقام لقاء من الساعة العاشرة والنصف صباحاً إلى الساعة الحادية والنصف منه مع فريق عمل فيلم "كعكة الرئيس" للمخرج العراقي حسن هادي والذي اختير في برنامج "أسبوعا المخرجين" حيث يشهد عرضه العالمي الأول، يليه ندوة عن صناعة السينما العراقية من الساعة الثانية ظهراً إلى الساعة الرابعة من بعد الظهر. وفي ختام أنشطة جناح العراقي يوم الثلاثاء 20 مايو تقام الجولة الثانية من النشاطات تبدأ بندوة بعنوان "تسليط الضوء على صناعة السينما العراقية" من الساعة العاشرة والنصف صباحًا حتى الحادية والصف منه، وتليها ندوة بعنوان "توزيع الأفلام العراقية: المشهد المحلي والعالمي" برعاية سينما فوماكس من الساعة الرابعة والنصف من بعد الظهر الى الخامسة والنصف منه. جناح السينما العراقية في مهرجان كان السينمائي تنظمه مبادرة دعم السينما بالشراكة مع نقابة الفنانين العراقيين وبالتعاون مع لجنة الحسن بن الهيثم للذاكرة العراقية المرئية ومشروع سينماتيك العراق، وبرعاية كل من فوماكس سينما وIDB و1001.

العراقي "كعكة الرئيس".. صورة سينمائية عن البراءة في زمن الدكتاتورية
العراقي "كعكة الرئيس".. صورة سينمائية عن البراءة في زمن الدكتاتورية

البلاد البحرينية

timeمنذ 2 أيام

  • البلاد البحرينية

العراقي "كعكة الرئيس".. صورة سينمائية عن البراءة في زمن الدكتاتورية

حقق العراق إنجازًا بارزًا في الدورة الـ78 لمهرجان كان السينمائي الدولي، من خلال مشاركة ثلاثية متميزة تعكس تطور السينما العراقية واهتمام الجهات الرسمية بدعم هذا القطاع الحيوي. أول هذه المشاركات تمثلت في اختيار الفيلم الروائي "كعكة الرئيس" (مملكة القصب) للمخرج حسن هادي ضمن تظاهرة "أسبوع النقاد"، حيث يروي الفيلم قصة لميعة، الشابة العراقية التي تُكلّف بصنع كعكة لعيد ميلاد الرئيس صدام حسين خلال فترة الحصار في تسعينيات القرن الماضي، مما يسلط الضوء على الضغوط الاجتماعية والسياسية التي واجهها المواطنون آنذاك. أما المشاركة الثانية فتجلّت في اختيار الفيلم الكلاسيكي "سعيد أفندي" (1956) للمخرج كاميران حسني ضمن قسم "كان كلاسيك"، بعد ترميمه بدقة 4K في المعهد الوطني السمعي البصري الفرنسي. يُعد هذا الاختيار الأول من نوعه في تاريخ السينما العراقية، ويأتي ضمن مشروع "سينماتك العراق" الذي يهدف إلى حفظ وتعزيز الأرشيف السينمائي الوطني. المشاركة الثالثة تمثلت في إقامة "الخيمة العراقية" ضمن سوق كان الدولية، والتي وفّرت منصة للتعريف بالإنتاج السينمائي العراقي وتبادل الخبرات مع صناع السينما العالميين. تُعزى هذه الإنجازات إلى الدعم الرسمي المتزايد لصناعة السينما في العراق، مما يعكس التزام الحكومة بتعزيز الفنون والثقافة كوسيلة للتعبير عن الهوية الوطنية والانفتاح على العالم. حقق العراق إنجازًا سينمائيًا بارزًا خلال الدورة الـ78 لمهرجان كان السينمائي الدولي، من خلال مشاركة فيلمين عراقيين في فعاليات المهرجان، إلى جانب الحضور الرسمي في سوق الأفلام. الفيلم الأول هو "كعكة الرئيس" للمخرج حسن هادي، الذي عُرض ضمن تظاهرة "نصف شهر المخرجين" المخصصة لاكتشاف الأصوات السينمائية الجديدة. تدور أحداث الفيلم في عام 1991، حيث تُجبر الطفلة لميعة، ذات التسعة أعوام، على إعداد كعكة لعيد ميلاد الرئيس صدام حسين، في ظل الحصار الاقتصادي. يسلط الفيلم الضوء على معاناة الطفولة تحت الحكم الاستبدادي، ويعكس تعقيدات الحياة اليومية في تلك الفترة. الفيلم الثاني هو "سعيد أفندي" للمخرج كاميران حسني، الذي أُنتج عام 1956، وتم ترميمه بدقة 4K ضمن مشروع "سينماتك العراق". شارك الفيلم في قسم "كان كلاسيك" المخصص للأفلام المُرمَّمة، ليكون أول فيلم عراقي كلاسيكي يُعرض رسميًا في المهرجان. تدور أحداثه حول معلم ينتقل مع عائلته إلى حي شعبي في بغداد، ويواجه تحديات اجتماعية مع جيرانه. بالإضافة إلى ذلك، شهد المهرجان إقامة الخيمة العراقية في سوق كان الدولية، مما يعكس الدعم الرسمي المتزايد لصناعة السينما العراقية. تُعد هذه المشاركات خطوة مهمة نحو إعادة حضور السينما العراقية في المحافل الدولية، بعد سنوات من التحديات السياسية والإنتاجية. يُعدّ فيلم "سعيد أفندي" للمخرج كاميران حسني، الذي أُنتج عام 1956، من أبرز الأعمال الكلاسيكية في تاريخ السينما العراقية. وقد تم اختياره لتمثيل العراق رسميًا في الدورة الثامنة والسبعين من مهرجان كان السينمائي الدولي لعام 2025، ضمن قسم "كان كلاسيك"، المخصص للأفلام المُرمَّمة. تدور أحداث الفيلم حول المعلم سعيد أفندي، الذي ينتقل مع عائلته إلى حي شعبي في بغداد، حيث يواجه تحديات اجتماعية وصراعات مع الجيران، مما يعكس ملامح المجتمع العراقي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. الفيلم مقتبس عن قصة "شجار" للكاتب إدمون صبري، ويُعد من أوائل الأعمال التي تناولت التحولات الاجتماعية والإنسانية في تلك الحقبة. تم ترميم الفيلم بدقة "4K" في المعهد الوطني السمعي البصري الفرنسي (INA)، باستخدام النيجاتيف الأصلي، وذلك ضمن مشروع "سينماتك العراق"، الذي يهدف إلى حماية وتعزيز الأرشيف الوطني للأفلام الروائية العراقية. ويشمل المشروع توثيق وترميم نحو 104 أفلام أُنتجت بين أربعينيات القرن الماضي والعقد الأول من الألفية الجديدة، بدعم من السفارة الفرنسية في العراق ووزارة الخارجية الفرنسية، وتنفيذ منظمة Expertise France. تُعد مشاركة "سعيد أفندي" في مهرجان كان خطوة بارزة في مسار استعادة السينما العراقية لمكانتها، وإحياء التراث البصري الذي ظل لسنوات طويلة طي الإهمال. ويمثل الفيلم نموذجًا لأهمية الحفاظ على الأعمال الكلاسيكية وإعادة تقديمها للأجيال الجديدة وللجمهور العالمي، بما يعكس غنى التجربة السينمائية العراقية وتنوعها. الفيلم العراقي "كعكة الرئيس" للمخرج حسن هادي، الذي عُرض ضمن تظاهرة "نصف شهر المخرجين" في مهرجان كان السينمائي الدولي 2025، يُعد إنجازًا بارزًا للسينما العراقية. تدور أحداث الفيلم في عام 1991، حيث يُجبر طلاب المدارس على تقديم هدايا لعيد ميلاد الرئيس صدام حسين. يركز الفيلم على الطفلة لمياء، التي تعيش مع جدتها في أهوار العراق، وتحاول ببراءتها وذكاء جدتها التهرب من هذا الواجب القسري. تميز الفيلم بتصويره الاحترافي، خاصة في مشاهد التنقل بين الأهوار وبغداد، حيث استخدمت الزوارق والسيارات لنقل الشخصيات، مما أضفى واقعية على الأحداث. أحد المشاهد اللافتة هو لقاء الجدة بسائق التاكسي في مركز الشرطة، حيث يساعدها رغم انشغاله بمرافقة عريس فقد بصره قبيل زفافه. السيناريو محكم البناء، مع شخصيات واضحة الملامح، تعكس تأثير الحروب والحصار على المجتمع العراقي. معظم الشخصيات التي تلتقي بها لمياء خلال رحلتها تظهر سلوكيات سلبية، باستثناء سائق التاكسي والطبيبة. الفيلم يتمتع بهوية بصرية قوية، بفضل مدير التصوير تودر فلاديمير بندرو، الذي أبدع في حركة الكاميرا ورسم المشاهد. من أبرز المشاهد: الغروب في الأهوار، التظاهرة الاحتفالية في بغداد، والمسيرة الجنائزية في الأهوار، رغم أن أهل الأهوار عادةً ما يدفنون ذويهم في النجف. فيلم "كعكة الرئيس" هو إنتاج مشترك بين العراق والولايات المتحدة وقطر. من الجدير بالذكر الإشارة إلى مجموعة من الأسماء الأمريكية البارزة ضمن فريق الإنتاج والإخراج، مثل مارييل هيلر، وإريك روث، وكريس كولومبوس، الذي يتمتع بشهرة عالمية واسعة. كما يضم الفريق الفني المونتير أندورادو، ومهندس الصوت توماس زاني. يشارك في التمثيل الصبية الموهوبة بنين أحمد نايف في دور "لميعة"، وساجد محمد قاسم في دور "سعيد"، ورحيم الحاج في دور "جاسم". ولا يمكن إغفال الأداء اللافت للجدة "بي بي"، التي جسدتها الفنانة وهيد ثابت. يمثل هذا الفيلم خطوة إضافية في مسيرة السينما العراقية، ومن المتوقع أن يجد طريقه هذا العام إلى العديد من المهرجانات السينمائية العربية والدولية. ويبقى أن نقول إن "كعكة الرئيس" فيلم غني بمضامين الذاكرة والهوية، ويُعلن قبل كل شيء عن ميلاد مخرج عراقي يمتلك بصمة فنية متميزة وحرفة إخراجية متقنة. تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الإلكترونية الربحية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الإشارة للمصدر.

"المدعيان العامان".. تحفة قاسية عن زمن ستالين!
"المدعيان العامان".. تحفة قاسية عن زمن ستالين!

البلاد البحرينية

timeمنذ 4 أيام

  • البلاد البحرينية

"المدعيان العامان".. تحفة قاسية عن زمن ستالين!

يعود المخرج الأوكراني سيرجي لوزنيتسا إلى مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته الـ78 بفيلمه الجديد "المدعيان العامان"، الذي ينافس ضمن المسابقة الرسمية. يُعد هذا العمل إضافة جديدة إلى مسيرته الحافلة بالأفلام التي تتناول فترات الحكم السوفياتي، وخاصة الحقبة الستالينية. الفيلم مقتبس من قصة كتبها الناجي من معسكرات العمل السوفييتي، جورجي ديميدوف، ويكشف عن قصة مرعبة عن الشر البيروقراطي والممارسات البوليسية القمعية داخل السجون السوفياتية. تدور أحداث الفيلم في عام 1937، حيث يتم حرق آلاف الرسائل من معتقلين أبرياء في زنزانة سجن. لكن إحدى هذه الرسائل تصل إلى مكتب المدعي العام المحلي الجديد، ألكسندر كورنيف، الذي يؤدي دوره ألكسندر كوزنتسوف. كورنيف، وهو شاب مثالي ومخلص، يشتبه في وجود فساد داخل جهاز الشرطة السرية (NKVD) بعد تلقيه رسالة مكتوبة بالدم من سجين سياسي يُدعى ستيبنياك (ألكسندر فيليبينكو). يسعى كورنيف لتحقيق العدالة، مما يقوده إلى مواجهة البيروقراطية القمعية للنظام الستاليني. الفيلم يتميز بأسلوبه البصري البطيء والمُتقن، ويُغمر المشاهد في أجواء الخوف والبارانويا التي كانت سائدة في تلك الحقبة. يُعتبر "المدعيان العامان" تحفة سينمائية تُسلط الضوء على كيفية ازدهار الاستبداد من خلال تآكل الثقة الشخصية والنزاهة القانونية. من خلال هذا العمل، يُقدم لوزنيتسا نقدًا صريحًا للفترة الستالينية، ويُبرز أوجه الشبه بين تلك الحقبة والأنظمة الاستبدادية المعاصرة. يُعد الفيلم تذكيرًا قويًا بضرورة مقاومة الظلم والدفاع عن القيم الديمقراطية. منذ اللحظة الأولى، نجد أنفسنا أمام فيلم لا يكتفي بنقد الحقبة الستالينية، بل يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، ليُوجّه لها إدانة صريحة ومباشرة، عبر سرد يحمل الكثير من الدلالات والرموز والمضامين العميقة. ورغم العتمة التي تلفّ تفاصيله، وقسوته المؤلمة، فإننا أمام عمل سينمائي مشعّ بالحقيقة والصدق الفني. إنه فيلم مشوق وصارم، يُخرجه البيلاروسي سيرجي لوزنيتسا، وتدور أحداثه في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، وسط أجواء روسيا الستالينية الباردة، حيث الجنون المنهجي والارتياب المُبرر يهيمنان على كل شيء. الفيلم مقتبس، كما أسلفنا، من قصة حقيقية كتبها العالم والمُنشق جورجي ديميدوف، الذي قضى 14 عامًا في معسكرات العمل القسري خلال الحرب العالمية الثانية، وتعرّض للملاحقة والمضايقات من النظام السوفياتي حتى وفاته في أواخر الثمانينيات. ولا تزال ذكريات عذابه تُمثل شهادة حيّة على وحشية تلك الحقبة، وصدىً لا يخبو في الذاكرة الإنسانية. الفيلم يظل بطيئا وكانه يستدعي تلك المرحلة بمشاهده البطيئه والطويلة لربما اكثر من اللازم في احيان كثيرة، وعبر كاميرا واحدة، وجود الدولة السوفيتية المرعبة، ويسمح بتراكم قلق مُريع: "يدور حول بيروقراطية خبيثة تحمي نفسها وتُعيد إنتاج نفسها عن طريق إصابة من يتحدونها بجرثومة الذنب. وهناك كم من التاثيرات الديستوفسكية على مسارات واحداث الفيلم بالذات من خلال روايته "بيت الموتى"التي كانت عامرة بتللك المناخات القاسية وايضا تأثيرات كافكا واخرون. ياخذنا المخرج لوزنيتسا الى حكاية السجين السياسي البائس في قصته هو من قدامى المحاربين في معركة ستالين الوحشية لقمع القومي الأوكراني سيمون بيتليورا. ونظرًا لخوف الأماكن المغلقة الكابوسي والارتباك في مشاهد الزنازين والممرات الرسمية والسلالم وغرف الانتظار الحكومية. أول مدعٍ عام في الفيلم هو كورنييف، الذي يؤدي دوره ألكسندر كوزنيتسوف، وهو محامٍ شاب مثالي، رُقّي مبكرًا بشكل مذهل إلى منصب مدعٍ عام - شبابه بلا لحية يُبهر ويُزعج موظفيه القدامى ذوي الشعر الرمادي الذين يتواصل معهم تلقى رسالة غريبة من ستيبنياك (ألكسندر فيليبينكو)، وهو سجين مسن ومريض بشدة، يخضع لحراسة مشددة في بريانسك، مكتوبة بالدم على قطعة من الورق المقوى الممزق (التي نجت من النيران التي تُحرقها سلطات السجن برسائل احتجاج كهذه). تزعم الرسالة أن أجهزة الأمن داخل السجون لا تلتزم بسيادة القانون، وتستخدم السجون والنظام القضائي لتعذيب وقتل جيل كامل من قدامى المحاربين في الحزب مثله، لجلب مجموعة من الموالين لستالين، مخلصين لهم بشدة، لكنهم غير أكفاء. تجبر سلطات السجن كورنييف المُلحّ والمهذب على الانتظار لساعات قبل السماح له بزيارة ستيبنياك في زنزانته، على أمل واضح أن يستسلم ويغادر. يزعمون أيضًا أن اعتلال صحة السجين واحتمال إصابته بعدوى يعنيان أن على كورنييف "تأجيل" زيارته. إنه تضليل واضح، ومع ذلك، فإن فكرة الإصابة بعدوى ستيبنياك لها صلة غريبة ومثيرة للغثيان. مذعورًا من حالة ستيبنياك المروعة وأدلة التعذيب، وعارفًا بخبرة ستيبنياك القانونية المرموقة (ربما يكون المدعي العام الثاني في العنوان)، يستقل كورنييف قطارًا إلى موسكو ليُبلغ مخاوفه لأعلى سلطة ممكنة - مقتنعًا بأن السكان المحليين لن يفعلوا شيئًا - وهذا هو المدعي العام الرئيسي فيشينسكي (أناتولي بيلي) ذو الوجه الجامد الذي يجعل كورنييف ينتظر ساعات تمامًا مثل مدير السجن، ويستمع إلى ادعاءاته المتفجرة بهدوء واهتمام مُقلق. من هنا، تظهر تلميحات أكثر غرابة عن مؤامرة خفية لتخويف كورنييف وردعه واحتوائه لقاءات مع أشخاص لا يبدو أن لهم أي صلة ببعضهم البعض في القطار المتجه إلى موسكو، يلتقي كورنييف بجندي عجوز ثرثار ذو ساق خشبية، وهو نسخة غريبة من السجين ستيبنياك (ويؤدي دوره الممثل نفسه)، ويُطلق نكاتًا ساخرة عن كون كورنييف الشاب عذراء، والتي ستتردد صداها لاحقًا بشكل غريب في المبنى الحكومي، يلتقي كورنييف بشاب يدّعي أنه زميله في كلية الحقوق، ويسأله عمدًا عن قضيته التي يُتابعها - لكن كورنييف لا يتذكر أنه التقى به من قبل. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن كورنييف يصادف رجلاً غريبًا، ربما مُلتمسًا، يقف مُستندًا إلى الحائط ساكنًا، ويبدو عليه الخوف، آملًا ألا يُكلمه أي مسؤول، فيسأل كورنييف همسًا عن مخرجه. لعلّ كورنييف نفسه يختفي تمامًا ويبقى ساكنًا قبل أن يغادر، حيث اشارات التهديد الصريح وان طريق هذا المدعي الشاب الى ذات السجن الى جوار السجين الاصلي. في الفيلم نحن امام اداء عال المستوى لعدد من الاسماء وفي مقدمتهم ألكسندر فيليبينكو (السجين) و أناتولي بيلي ( المدعي الاكبر ) و ألكسندر كوزنيتسوف (المدعي الشاب) الذي يذهلنا بمقدرة في المحافظة على ايقاع الشخصية البرئية. ولا يمكن تجاوز مدير التصرير اولج موتو باسلوبة في رسم حركة الكاميرا وهكذا الامر مع الرائع الكبير سيرجي لوزنتسا الذي قدم لنا تحفة سينمائية اقل ما يمكن ان تستحقة هو السعفة الذهبية ولربما الجائزة الكبرى. ويبقي ان نقول، فيلم "المدعيان العامان" يجعل المشاهد يختنق من قسوة المشهديات وعذاباتها وكأنه يعيش الم وعذابات الشخصيات المحورية تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الإلكترونية الربحية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الإشارة للمصدر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store