
إعادة إمبراطورية الصحافة الرياضية
لقد تأثرت إمبراطورية الصحافة الرياضية بشكل مباشر، ووجدت نفسها في مواجهة حقيقية أمام تغير المفاهيم «الإعلامية» وبقيت طيلة خمسة عشر عاماً الماضية تقبل بالكثير من التنازلات في سبيل البقاء ولو على هامش الأحداث، وفعل بها التسويق فعلته حين حوّل الفرد «الإعلاني» الذي يتمتع بالفهلوة الى «إعلامي» وسحب السجادة الحمراء من تحت أقدامنا في وقت كنا فيه لأمس الحاجة من أجل البقاء، حتى لو دون تلك السجادة، فلم يسعفنا الأمر للدفاع عن الفكرة الأكبر التي يملكها الإعلامي عن الإعلاني على الأقل، وأصبحنا أمام شباك التذاكر كأننا عارضو أزياء يمتازون هم فيه عنا بالألوان البراقة ونتمسك نحن بالإتيكيت.
أعرف أن هذه الموجة ما هي إلا بداية لتغيرات كبيرة، لكن على الأقل دعونا نحاول إنعاش صحافتنا الرياضية واستغلال أدوات التقنية وعالم الاتصال المباشر ونظام العمل عن بُعد.
دعونا نفكر بصوتٍ عالٍ ونحن الذين كسبنا جولة الإعلام سلفاً حينما استطعنا تصدير صحافة رياضية متخصصة، وامتلكنا سيناريو سرد الخبر وتصوير المشهد، دعونا الآن لا نفكر في تحقيق مكاسب مادية بقدر تفكيرنا في ضرورة العمل على تقاسم «رغيف الخبز» والبقاء أمام هذا الواقع الجديد، فمهنة الإعلامي- وأقصد الرياضي مكاني وموطني الذي نشأت وترعرعت فيه- يتحول من بين يدي الى كائن مختلف ومكان مهجور من أساتذته، له طريقته وأدواته وفي المقابل أعرف جوهرة، ومعكم أبحث طريقة ابتكارية تعيد له مسرح أحداثه بعد انهيار كبرى المؤسسات الإعلامية واختفاء أخرى ليحتل مكان عظمتها مؤسسات تسويقية صغيرة ومنتشرة وبأقل التكاليف ويرى الجمهور أنها تفي بالغرض.
الإعلامي مهنة تكاد تشبه «صائغ المجوهرات»، وهي أغنى مهنة وأكثرها جمالاً لكنها من المهن التي اندثرت ولو رجعنا لتاريخها لم يتبقَّ من الأسماء الكبرى سوى تلك التي تحولت من عمل فردي إلى شركة ومن الأفراد إلى الآلات، وأنا في روح كتابتي لا أعنى شغف الإعلام الرياضي بقدر ما أعنى مصادر دخله في مهنة أضحت مختلفة جدّاً ولها أدوات مختلفة جدّاً مهنة أصبحت ترتهن للهاشتاق والترند، وهو ما يدفعها نحو الوجه الذي كنا نتجنبه طيلة مشاويرنا وجه الخط الفاصل بين الأصفر وبقية الألوان.
لقد اختفى «الدباغ» و«الصباغ» و«الحطاب» وغيرهم من أصحاب الحرف اليدوية التي تميز عمل الفرد عن غيره من أقرانه، وفي الطريق هناك مهن أخرى ستختفي، وهذه حقيقية لا بد أن نتقبلها ونعترف بها، ومن ضمنها الإعلام الرياضي، فاللاعب يستطيع أن يصنع قصته وكذلك المدرب والإداري وينشرها، ومثله كل مكونات العمل الرياضي؛ لذك بدأت أفتّش عن بعض الأفكار التي يمكن أن تؤجل هذا أو تخلق منه واقعاً جديداً مثل أن تتشكل مجموعات إعلامية رياضية يقودها الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية على الأقل من خلال تنويره بما يحدث من حوله عبر جلساته ومنصته لاستغلال أدوات التقنية والعالم المفتوح والعمل عن بُعد نحو صنع كيانات ووكالات أنباء رياضية صغيرة لمحرر في الصين ومصور في إيطاليا ومنتج في أمريكا ومبدع هنا في جدة ينقّبون عن المعلومة كما ينقّب الصائغ عن الحجر الكريم، ويكتب بعين الميدان لا بلسان الدعاية كأن يعرف متى يصمت ليمنح الحدث هيبته، ومتى يتكلم ليمنح الرأي قيمته.
لقد سلّم الإعلامي الرياضي- وهو محور حديثي- بعضاً من أدواره لمن لا يجيد سوى الترويج، فاختلطت المهنة بالوظيفة، وغابت الحدود بين (الإعلامي) و(الإعلاني)، فاختفت الروح وبقيت الصورة، اختفت اللغة الناعمة والقوة الناعمة وبناء العلاقات وتشييد الانطباعات وتمثيل المناسبات بما يعطيها ثقلاً معنويّاً لأن تصبح مجرد مناسبة تسويقية لا أكثر يتحكم بها المال والدلال.
أصدقكم القول اليوم، لم يعد الإعلامي في قلب المعركة، في قلب الحدث، بل أصبح على هامش كل شيء، وأصبحت كل المهن تتسارع للانتقام منه وممن يمثلونه، في عالم يقيس النجاح بعدد المشاهدات بغض النظر عن المشهد طبيعته أهميته تأثيره.
لم يكن التحوّل الذي تعيشه الصحافة الرياضية سلساً، بل جاء عنيفاً وقاسياً فقد أُقصي المراسل الذي كان يعد تقاريره من قلب الحدث ليحل محله محتوى سريع وواجهات براقة، واستُبدل الكاتب الذي كان يقضي ساعات بين السطور بنص آلي يُنجز في ثوانٍ. لم يعد يُطلب من الإعلامي أن يُبدع، بل أن يُكرر ما يقال، ولا يُناقش، وأن يملأ الفراغ دون إثارة الأسئلة.
وسط هذا الواقع الضبابي أجدني مندهشاً «أبحث عني فلا أجدني»، أتساءل كيف يمكن لنا على الأقل مجاراة ما يحدث بالذات لمن هم مثلي ليس لهم مهنة سوى هذه المهنة؟ وأنظر لمن هم في أول الطريق وكأني سأصرخ: لا تكمل الخطوة يا بني، إنه طريق غير آمن.
أخبار ذات صلة
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 36 دقائق
- عكاظ
8 أفلام سعودية تحقق إيرادات بـ100 مليون ريال.. استحوذت على 19% من تذاكر السينما
أعلنت هيئة الأفلام استحواذ 8 أفلام سعودية على شباك التذاكر في صالات السينما. وأشارت من خلال منشورين عبر حسابها الرسمي على «إنستغرام»، إلى أن الأفلام الثمانية استحوذت على 19% من شباك التذاكر السعودي في 2025، وبلغت إيراداتها 100 مليون ريال سعودي منذ بداية العام الحالي وحتى اليوم، في إنجاز وطني يعكس ثقة الجمهور، وتطوّر الصناعة، وقوة القصة السعودية. وتضمنت الأفلام الثمانية «شباب البومب 2»، «هوبال»، «الزرفة»، «إسعاف»، «فخر السويدي»، «ليل نهار»، «صيفي»، و«تشويش». أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 41 دقائق
- عكاظ
«أبوالشامات» تحت رادار الشباب
دخل لاعب نادي الخليج صالح أبو الشامات ضمن اهتمامات نادي الشباب، خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية، في إطار خطة النادي لتدعيم صفوفه بعناصر واعدة استعداداً للموسم الجديد من دوري روشن. وبحسب مصادر «عكاظ»، فإن إدارة الشباب تدرس إمكانية التعاقد معه في حال توفر الشروط المناسبة، خصوصاً في ظل رغبة النادي تعزيز خياراته في بعض المراكز. إذ نجح أبو الشامات (22 عاماً) في إقناع مدربه السابق الإسباني ميشيل، فشارك في 30 مباراة، وفاز بـ161 مواجهة ثنائية مع لاعبي الفرق المنافسة، وله إسهامات هجومية أيضاً، مع صناعته 38 فرصة، أثمرت 6 منها عن تسجيل أهداف. كما كتب أبو الشامات اسمه في لائحة الهدافين بهدف مهم في جولة الديربيات أمام الاتفاق إبان تجربته الاحترافية مع نادي القادسية. أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 41 دقائق
- عكاظ
الإبداع السعودي يتجلى في إيطاليا.. مشاركة فيلم «هجرة» في «فينيسيا السينمائي الدولي»
أعلن مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في دورته الـ82 المقرر انطلاقها في الفترة من 27 أغسطس حتى 6 سبتمبر، اختيار الفيلم السعودي «هجرة» للمشاركة في فعالياته ضمن قسم Venice Spotlight. وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام عبدالله بن ناصر القحطاني بأن مهرجان فينيسيا أحد المحطات العالمية التي تكشف للعالم جودة الإبداع السعودي، وشغف صنّاعه، من خلال برامج مثل «ضوء» لدعم الأفلام، الذي يسعى لإيجاد الفرص للإنتاجات السعودية للظهور على الساحة الدولية، ويعمل على بناء حضور دائم يعكس هوية المملكة وطموحاتها في صناعة الأفلام. وتعد مشاركة فيلم هجرة، المدعوم من هيئة الأفلام عبر برنامج «ضوء» لدعم الأفلام، محطة مهمة في مسيرة السينما السعودية، تعكس جودة المحتوى المحلي ومكانته المتنامية على الساحة الدولية، وتُبرز الطاقات الإبداعية الوطنية القادرة على المنافسة في أهم المحافل العالمية. وينسجم ترشيح فيلم هجرة للمخرجة شهد أمين، مع جهود هيئة الأفلام في ترسيخ حضور سعودي فاعل على خريطة الإنتاج السينمائي العالمي، وضمن توجه إستراتيجي يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030 في بناء قطاع ثقافي إبداعي وتنافسي، يعكس الهوية السعودية ويعزز التبادل الثقافي على المستوى الدولي. يضم الفيلم مجموعة من الأسماء العربية والخليجية، من بينها خيرية نظمي في دور الجدة، ولامار فدان في أولى بطولاتها السينمائية، إضافة إلى نواف الظفيري وبراء عالم. وجاء إنتاج الفيلم بدعم من هيئة الأفلام السعودية، صندوق البحر الأحمر، مبادرة «ضوء»، نيوم، فيلم العلا، والمركز العراقي للسينما المستقلة، إلى جانب شركاء من أوروبا. أخبار ذات صلة