
دراسة: التكيف المناخي لن يمنع انهيار المحاصيل الرئيسية
أشارت دراسة حديثة إلى أن بعض المحاصيل الأساسية في العالم قد تعاني من خسائر كبيرة في الإنتاج بسبب انهيار المناخ، حتى لو تمكن المزارعون من التكيف رغم تدهور الطقس.
وحسب الدراسة التي نشرت في مجلة "نيتشر" (Nature)، من المتوقع أن تنخفض محاصيل الذرة وفول الصويا والأرز والقمح والكسافا والذرة الرفيعة بما يصل إلى 120 سعرة حرارية للشخص الواحد في اليوم مقابل كل درجة مئوية واحدة ترتفع فيها درجة حرارة الكوكب.
وتوصلت الدراسة إلى أن التغيرات في ممارسات الزراعة يمكن أن توقف الخسائر بنحو الربع بحلول عام 2050 وبنحو الثلث بحلول عام 2100، على الرغم من أنها لن توقفها تماما.
وقال الخبير الاقتصادي البيئي بجامعة إلينوي في أوربانا-شامبين، المؤلف الرئيسي للدراسة، أندرو هولتغرين، "في مستقبل يشهد ارتفاعا في درجات الحرارة، ما زلنا نشهد خسائر في إنتاجية السعرات الحرارية بنحو 25% على نطاق عالمي".
واستخدم باحثون من الولايات المتحدة والصين بيانات من 12 ألفا و658 منطقة في 54 دولة لقياس مدى تكيف منتجي الغذاء مع مختلف التغيرات المناخية. وطبقوا هذه العلاقات التاريخية على نماذج تحاكي إنتاج المحاصيل في المستقبل مع ارتفاع درجات الحرارة ونمو الاقتصادات، وقارنوا الخسائر بعالم افتراضي توقف فيه الاحتباس الحراري في أوائل القرن 21.
وفي سيناريو ارتفاع درجات الحرارة الشديد، وجدت الدراسة أن العائد النسبي لمحصول مثل فول الصويا سوف ينخفض بنسبة 26% بحلول عام 2100، حتى بعد الأخذ في الاعتبار التكيف، وارتفاع الدخول، وتأثير النباتات التي تنمو بشكل أسرع بسبب ثاني أكسيد الكربون الزائد في الغلاف الجوي.
كما وجدت الدراسة أن سيناريو احترار أكثر واقعية -أقرب إلى مستوى ما يجري حاليا- سيؤدي إلى خسائر في محصول فول الصويا بنسبة 16%، والقمح بنسبة 7.7%، والذرة بنسبة 8.3%. وكان الأرز المحصول الوحيد من بين المحاصيل الستة التي درسها الباحثون والذي سترتفع محاصيله بسبب تغير المناخ، مع زيادة متوقعة بنسبة 4.9%.
ويُعدّ قطاع الزراعة من بين الأكثر تضررا من الظواهر الجوية المتطرفة، إلا أن العلماء واجهوا صعوبة في تحديد تأثير تدهور المناخ على إنتاج الغذاء. ويتمثل أحد مصادر عدم اليقين الرئيسية في مدى تكيف المزارعين مع ارتفاع درجات الحرارة من خلال تغيير المحاصيل التي يستخدمونها، ومواعيد زراعتها وحصادها، وكيفية زراعتها.
ومن المتوقع أن يرتفع عدد سكان العالم من حوالي 8 مليارات نسمة اليوم إلى 10 مليارات نسمة بحلول نهاية القرن، مما سيزيد الطلب على الغذاء في ظل تأثير الاحتباس الحراري جراء انبعاثات غازات الدفيئة على أنماط الطقس.
ووجد الباحثون أن أكبر الخسائر ستلحق بالمناطق التي تُعتبر "سلة غذاء" اليوم، ذات الأراضي عالية الإنتاجية، لكنهم أضافوا أن سكان البلدان الأكثر فقرا سيكونون من بين الأقل قدرة على تحمل تكاليف الغذاء.
وقال هولتغرين: "في العديد من دراسات تأثير المناخ، يتضرر فقراء العالم، وهذا ما ينطبق هنا أيضا. وما يختلف عن العديد من الدراسات السابقة هو أن المناطق الغنية نسبيا والميسورة في العالم، والتي تُعدّ مصدر دخل رئيسيا، هي في الواقع الأكثر تضررا".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
علماء ينتجون "حساء المادة" الذي نشأ بعد لحظة من الانفجار العظيم
في مصادم الأيونات الثقيلة النسبية في مختبر بروكهافن بالولايات المتحدة، يتم تسريع نوى الذهب إلى سرعات قريبة من سرعة الضوء، ثم تُصطدم ببعضها بعضا، مما يؤدي إلى "ذوبان" النوى وتحرير الكواركات والغلونات، وهي جسيمات دون ذرية من مكونات النواة. الحساء المكون من هذه الضربات يسمى "بلازما كوارك-غلون"، ويمثل حالة فائقة الحرارة والكثافة، تعود إلى اللحظات الأولى بعد الانفجار العظيم، حيث نشأت جسيمات المادة الأساسية قبل تكوّن البروتونات والنيوترونات. ولأن تلك الحالة تتكوّن وتفنى في زمن قصير جدا (تختفي بعد تريليون جزء من التريليون من الثانية)، فإنه تصعب مراقبتها مباشرة، وحسب دراسة نشرت مؤخرا في دورية فيزيكال ريفيو ليترز، فقد استخدم العلماء طرقا مبتكرة لدراسة هذه الحالة بدقة. نفاثات في البلازما أحد هذه الطرق هي أنه عند التصادم تنبعث جسيمات فردية عالية الطاقة تؤدي إلى تدفقات من الإشعاع تخبر العلماء بما يحدث داخل البلازما المتكونة. الدراسة أظهرت كذلك أن البلازما تتفاعل مع هذه التدفقات الإشعاعية، فتندفع جانبا على نحو يشبه الأمواج خلف زورق يتحرك في الماء. وخلال التجارب، تمكن للعلماء من عمل أول قياس مباشر يشرح كيفية توزيع الطاقة في البلازما، كما ظهر أن البلازما تستجيب للنفاثات كسائل فائق الميوعة وبشكل عام، يعرف السائل فائق الميوعة بأنه نوع غريب من السوائل يمتلك خصائص غير عادية جدا لا تحدث في السوائل العادية، حيث لا يملك مقاومة للحركة (لا يوجد فيه احتكاك داخلي تقريبا)، ويمكنه التدفق إلى الأبد في أنبوب مغلق دون أن يتوقف، ويمكنه التسلق على جدران الحاوية من تلقاء نفسه، ويتحرك من خلال فتحات صغيرة جدا لا تستطيع السوائل العادية المرور منها. إعادة بناء اللحظة الأولى يفيد هذا النوع من التجارب في "إعادة بناء" دقيقة لحساء الانفجار العظيم، إذ يُعتقد أن هذا النوع من البلازما كان موجودا بعد نحو 20 ميكروثانية من الانفجار العظيم، أما الآن فيمكن إنتاجه في داخل المختبر. كما أن هذه النتائج تفتح الباب لبيانات جديدة تتحدى النظريات الحالية في فيزياء الطاقة العالية وتدفع لتطوير نماذج أكثر دقة، بشكل يسهم في فهم تكوين المادة الأساسية التي نشأ منها الكون، وتفسير كيفية تحوُّل الكواركات والغلوونات الحرة إلى بروتونات ونيوترونات. كما أن هذا الكشف يحل لغز "تخميد النفاثات"، فعندما يحدث تصادم قوي بين نواتين ذريتين (مثل نوى الذهب أو الرصاص) في مسرّع جسيمات، تتولد جسيمات طاقة عالية جدا، هذه الجسيمات تندفع إلى الخارج على شكل "نفاثة"، وحينما تتحرك خلال حساء بلازما الكوارك جلوون فإنها تفقد الطاقة. ظل ذلك لغزا لفترة طويلة، حتى أثبتت الدراسة الجديدة أن الطاقة لا تختفي، بل تتحول إلى حركة جانبية تظهر في صورة موجات، مما يحل إشكالية ظاهرة إخماد النفاثات.


الجزيرة
منذ 15 ساعات
- الجزيرة
"الدين المعرفي".. هل يتحول الذكاء الاصطناعي إلى "عكاز" يعيق الإبداع الفردي؟
أصبحت نماذج اللغة الضخمة مثل "شات جي بي تي" مساعدا فوريا للطلاب والكتاب والمبدعين، فبضغطة زر تتشكل المقالات وتصاغ الإجابات وتختصر ساعات من البحث والجهد. لكن، بينما نعجب بهذه السهولة التي تخفف الجهد والعبء المعرفي لحدوده الدنيا، تدق دراسات علمية حديثة ناقوس الخطر حول ثمن خفي قد ندفعه على الأمد الطويل، وهو ما يعرف بـ "الدين المعرفي". تماما كما يتراكم "الدين التقني" في عالم البرمجة حين يتم اختيار حلول سهلة ومؤقتة، يتراكم "الدين المعرفي" في عقولنا عندما نعتمد على إجابات الذكاء الاصطناعي الجاهزة دون خوض رحلة التفكير والتحليل. يبدو الأمر مريحا في الحاضر، لكنه قد يخلف فجوة في مهاراتنا وقدراتنا المعرفية في المستقبل. فهل يتحول هذا المساعد الذكي، مع فرط الاعتماد عليه، إلى "عكاز معرفي" يضعف من قدرتنا على المشي فكريا بمفردنا؟ للإجابة على هذا السؤال المقلق، سعت دراسة علمية لباحثين من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الأميركي، لاستكشاف التكلفة المعرفية الحقيقية لاستخدام نماذج اللغة الكبيرة في مهمة تعليمية أساسية هي كتابة المقالات. ماذا يحدث في الدماغ؟ صمم فريق من الباحثين تجربة دقيقة امتدت 4 أشهر، بمشاركة 54 متطوعا، بهدف قياس أثر هذه التقنية على الدماغ والأداء. تم تقسيم المشاركين منذ البداية إلى 3 مجموعات رئيسية، خاضت كل منها تجربة كتابة مختلفة. وهذه المجموعات الثلاث هي: مجموعة الذكاء الاصطناعي (إل إل إم) التي استخدم أفرادها نموذج شات جي بي تي للمساعدة في كتابة مقالاتهم، ومجموعة البحث الإلكتروني واعتمد أفرادها على محركات البحث التقليدية لجمع المعلومات، دون مساعدة مباشرة في الصياغة، وأخيرا مجموعة "الدماغ فقط" التي كتب أفرادها مقالاتهم بالاعتماد الكلي على معارفهم وجهدهم الذهني، دون أي أداة مساعدة خارجية. ولرصد التأثيرات الطويلة الأمد، استمر كل مشارك ضمن مجموعته 3 جلسات متتالية. أما الجلسة الرابعة، فقد حملت تغييرا مفاجئا وحاسما، حيث طلب من مجموعة الذكاء الاصطناعي التخلي عن مساعدهم الذكي والكتابة بعقولهم فقط، بينما منحت مجموعة "الدماغ فقط" فرصة استخدام شات جي بي تي لأول مرة. كان الهدف من هذا التبديل هو اختبار ما إذا كانت آثار الاعتماد على الذكاء الاصطناعي مؤقتة أم أنها تترك بصمة دائمة. إعلان اعتمدت الدراسة على منهجية شاملة، حيث تم قياس النشاط العصبي للمشاركين باستخدام تقنية تخطيط أمواج الدماغ (إي إي جيه) لرصد الانخراط الذهني، كما تم تحليل جودة النصوص بمساعدة معلمين وبنماذج تقييم آلية، بالإضافة إلى إجراء مقابلات شخصية مع المشاركين بعد كل جلسة لفهم تجربتهم الذاتية وشعورهم بملكية العمل. عقل أقل اجتهادا ومحتوى أقل إبداعا جاءت نتائج الدراسة لتكشف عن فروقات واضحة ومثيرة للقلق بين المجموعات الثلاث، وتؤكد وجود مقايضة حقيقية بين راحة الاستخدام الفوري وتكلفة التعلم الطويلة الأمد. أظهرت بيانات تخطيط الدماغ أن مجموعة "الدماغ فقط" سجلت أقوى وأوسع ترابطات عصبية، مما يشير إلى انخراط ذهني مكثف وعميق في عملية الكتابة. في المقابل، كانت مجموعة الذكاء الاصطناعي هي الأضعف نشاطا على الإطلاق. بعبارة أخرى، كلما زاد الدعم الخارجي قل اجتهاد العقل، فالاعتماد على شات جي بي تي ولّد أضعف تفاعل دماغي، مما يعني "عقل أقل اجتهادا مع المساعدة الخارجية". وخلال المقابلات، أفاد المشاركون الذين استخدموا شات جي بي تي بأن شعورهم بملكية ما كتبوه كان ضعيفا، وكأن النص ليس نتاج أفكارهم الحقيقية. وقد انعكس ذلك على قدرتهم على التذكر، حيث واجه الكثير منهم صعوبة في استرجاع أو اقتباس أجزاء من مقالات صاغوها قبل دقائق معدودة. في المقابل، شعر أفراد مجموعة الكتابة الذاتية بملكية وفخر أعلى تجاه نصوصهم، وتذكروا تفاصيلها بشكل أفضل، وهو ما يعني -وفق الدراسة- تجربة "تذكر باهت وملكية منقوصة" لمن استخدموا نماذج الذكاء الصناعي. وكذلك لاحظ الباحثون أن مقالات مجموعة الذكاء الاصطناعي كانت متشابهة إلى حد كبير في الأسلوب والأفكار، مما يشير إلى أن استخدام الأداة نفسها يولد نتاجا نمطيا ويقضي على التنوع. فالنموذج اللغوي يميل إلى تقديم صياغات موحدة للمستخدمين، مما يقلل من مساحة الإبداع الفردي. على النقيض، جاءت مقالات مجموعة "الدماغ فقط" أكثر تباينا وأصالة، وعكست الصوت الفريد لكل كاتب. ولم تتوقف المفاجآت عند هذا الحد، فقد جاء الدليل الأقوى على تراكم "الدين المعرفي" عندما حرم المشاركون الذين اعتادوا على دعم شات جي بي تي منه فجأة، أظهروا نشاطا دماغيا أضعف وأداء أقل. لقد بدا كأن عقولهم، التي اعتادت على "العكاز المعرفي"، تجد صعوبة في العمل بمفردها. في المقابل، عندما أتيحت أداة الذكاء الاصطناعي لمن كتبوا بعقولهم فقط، أظهروا قدرة فائقة على الاستفادة منها دون أن يفقدوا انخراطهم الذهني، إذ ظلت أجزاء الدماغ المسؤولة عن الذاكرة والتفكير النقدي نشطة. توصيات لعصر الذكاء الاصطناعي لا تدعو الدراسة إلى إقصاء التقنية، بل إلى استخدام حكيم ومدروس. بناء على هذه النتائج، يقدم الباحثون رؤى مهمة لصناع القرار في التعليم والثقافة، أولها هو مبدأ "التعلم أولا، المساعدة ثانيا"، أي يجب أن يظل التعلم النشط هو العمود الفقري، خاصة في المراحل الأساسية. ينبغي تمكين الطلاب من بناء مهاراتهم ذاتيا قبل تقديم الأدوات المساعدة، لتكون التقنية معززة للتعلم لا بديلة عنه. وأيضا أوصت الدراسة أن تكون أدوات الذكاء الصناعي تحفز التفكير لا تستبدله، وقالت الدراسة إنه على المطورين تصميم أدوات ذكاء اصطناعي تطرح أسئلة إرشادية وتلميحات، بدلا من تقديم حلول جاهزة، للحفاظ على تفاعل المستخدم الذهني. وطلبت الدراسة الحفاظ على التنوع الثقافي، وحثت المؤسسات الثقافية والإعلامية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي أن تضع آليات مراجعة بشرية لضمان عدم إنتاج محتوى نمطي وموحد، وللحفاظ على ثراء وتعددية الأصوات. ودعت كذلك إلى توعية المستخدمين، فهناك حاجة ملحة لرفع وعي المستخدمين بمخاطر الاعتماد الكلي، وتشجيعهم على التحقق من المعلومات وإعادة صياغة المخرجات بلغتهم الخاصة لضمان حدوث تعلم حقيقي. وأكدت الدراسة الرائدة أننا أمام عصر يتطلب موازنة ذكية بين الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي الهائلة وحماية وتنمية ملكات العقل البشري التي لا غنى عنها، فالرسالة واضحة يمكننا تسخير التقنية لتعظيم إمكاناتنا، ولكن فقط إذا حرصنا على ألا نفقد في خضم ذلك ما يجعلنا مبدعين ومفكرين مستقلين.


الجزيرة
منذ 21 ساعات
- الجزيرة
"جي بي يو-57" قنابل أميركية خارقة للتحصينات تتمناها إسرائيل
"القنابل الخارقة للتحصينات" مصطلح عام يُستخدم لوصف القنابل المصممة لاختراق أعماق الأرض قبل الانفجار. وتختص الولايات المتحدة الأميركية بصنع هذا النوع من القنابل، وخاصة قنابل "جي بي يو-57" (GBU-57)، وهو اسم يختصر عبارة "وحدة القنابل الموجهة". تعرف هذه القنابل بكبر حجمها وبوزنها الثقيل وقدرتها على الاختراق ما يجعلها سلاحا فريدا وفتاكا في ترسانة الولايات المتحدة، وهي مخصصة للمواقف الحربية التي تتطلب تدمير منشآت تحت الأرض شديدة التحصين. التسمية تعرف "القنابل الخارقة للتحصينات" في الولايات المتحدة بالاسم الفني "جي بي يو -57″، وتعني "وحدة القنابل الموجهة"، لأنها تعتمد على أنظمة توجيه دقيقة، وباللغة العسكرية فهي "سلاح ضخم خارق للتحصينات" (Massive Ordnance Penetrator)، لأنها تخترق البنايات والأنفاق المحصنة تحت الأرض قبل أن تنفجر. المواصفات الفنية الوزن والحجم: تزن هذه القنبلة عموما 30 ألف رطل (13.6 طنا)، ويبلغ طولها 6.2 أمتار، مما يمكنها من اختراق المباني المحصنة صخريا أو بالفولاذ أو الخرسانة الإسمنتية. اختراق عميق: صُممت هذه القنبلة لإحداث اختراق عميق في المواقع المستهدفة، يصل مداه عموما إلى 60 مترا قبل أن تنفجر، ويمكن أن يكون الاختراق أعمق من ذلك، وذلك حسب طبيعة المواد المستعملة في أسطح التحصين (فولاذ، خرسانة…) أو طبيعة المخبأ في حد ذاته (صخور جبلية، حجارة أو غيرها من المواد الصلبة). توجيه دقيق: القنبلة موجهة بشكل دقيق اعتمادا على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وذلك لإصابة أهدافها بدقة. ولإصابة الأهداف العميقة تحمل القنبلة رأسا حربية تقليدية، كما أنها مزودة بغلاف من السبائك الفولاذية عالية الأداء، وبشحنة متفجرة كبيرة لتدمير الأهداف المحصنة في الأعماق، سواء تحت الأرض أو تحت البنى الصخرية أو غيرها من المعاقل الصلبة. طائرة (قاذفة) خاصة نظريا يُمكن لأي طائرة أو قاذفة قادرة على حمل ما وزنه حوالي 30 ألف رطل أن تنقل تلك القنبلة، لكن الولايات المتحدة لم تجهز بعد لحمل هذه القنبلة سوى قاذفتها الشبح "بي-2″، التي يستعملها حصريا سلاح الجو الأميركي، وهي من إنتاج شركة نورثروب غرومان. إعلان وبحسب الشركة المصنعة، فإن الطائرة "بي-2" قادرة على حمل شحنة تصل إلى 40 ألف رطل (18 طنا)، لكن القوات الجوية الأميركية تقول إنها اختبرت بنجاح هذه الطائرة محملة بقنابل خارقة للتحصينات بوزن إجمالي يبلغ نحو 60 ألف رطل (27.2 طنا). ويمكن للقاذفة "بي-2" أن تحلق إلى مسافة تقدر بنحو 7 آلاف ميل (11 ألف كيلومتر) دون التزود بالوقود و11500 ميل (18500 كيلومتر) مع التزود بالوقود لمرة واحدة، وهو ما يعني أنه بإمكانها الوصول لأي نقطة في العالم في غضون ساعات، بحسب شركة نورثروب غرومان. التصنيع والأهداف بدأت الولايات المتحدة تصنيع هذا النوع من القنابل الخارقة للتحصينات عام 2004 في فترة إدارة الرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش (2001-2009)، وذلك في أعقاب الغزو الأميركي للعراق عام 2003. وكان الهدف من تصنيع تلك القنبلة هو اختراق وتفجير النقاط الجبلية التي يُعتقد أنها تأوي بعضا من أعمق المنشآت النووية في إيران وكوريا الشمالية. وقد بدأت الولايات المتحدة في تصنيع تلك القنابل بعد أن أظهرت تحليلات القنابل الخارقة للتحصينات المستخدمة آنذاك أنها تفتقر إلى قوة الاختراق اللازمة لبعض الأهداف المحصنة. وحسب صحيفة نيويورك تايمز ، فقد تم اختبار هذا النوع من القنابل الخارقة للتحصينات لأول مرة في الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب (2017-2021)، وذلك لغرض تدمير أي أسلحة دمار شامل مخبأة في منشآت محمية جدا أو مدفونة على عمق كبير. الاستعمالات المحتملة يعد هذا النوع من القنابل سلاحا فتاكا بالغ الفعالية والنجاعة لضرب المنشآت المدفونة على عمق كبير، مثل تلك الموجودة في بلدان يُعتقد أنها تطور أسلحة نووية أو قدرات عسكرية حساسة أخرى. وفي بعض الأحيان لا يتم الاكتفاء بإسقاط قنبلة واحدة بل يمكن إسقاط القنابل واحدة تلو الأخرى، مما يؤدي إلى حفر أعمق مع توالي الانفجارات. الكلفة والفعالية تقدر كلفة تصنيع قنبلة واحدة من هذا النوع بحوالي 400 إلى 500 مليون دولار، ومن المرجح أن تكون الإصدارات المُطورة لاحقا أعلى تكلفة، وحسب صحيفة وول ستريت جورنال ، فإن الولايات المتحدة صنعت إلى حدود عام 2025 نحو 20 قنبلة خارقة للتحصينات. وتثار تساؤلات حول التناسب بين الكلفة الإجمالية لهذه القنابل والغاية من صنعها، في ظل محدودية السيناريوهات الحربية والقتالية التي تتطلب استعمالها، إضافة إلى اعتمادها على نوع خاص من الطائرات لحملها وإلقائها. استعمال محتمل ضد إيران تزايد الحديث عن هذا النوع من القنابل منذ أن بدأت إسرائيل في 13 يونيو/حزيران 2025 هجوما جويا واسع النطاق على إيران قبل أن ترد طهران لاحقا ويدخل البلدان في مواجهات بالصواريخ والطائرات المسيرة. ويعتقد المتابعون أن استعمال القنابل الخارقة للتحصينات بات من الخيارات المطروحة لدعم إسرائيل في إلحاق أضرار جسيمة بمحطة فوردو لتخصيب الوقود النووي، التي تم تشييدها في منطقة جبلية على بعد 95 كلم جنوب غرب العاصمة طهران . وإذا قررت الولايات المتحدة علنا دعم إسرائيل بشكل مباشر وفعال في هجومها على إيران، فسيكون أحد الخيارات المتاحة لواشنطن هو توفير هذا النوع من القنابل. ويطرح ذلك الدعم بعض الأسئلة بشأن طريقة الاستعمال لأن الولايات المتحدة هي التي تملك حصريا كل المعرفة التقنية واللوجستية المتصلة بالقنبلة وهو ما يعني أن استعمالها في تلك الحرب يجب أن يتم بطائرة أميركية وبطاقم أميركي. كما يثير استعمال تلك القنابل في قصف محطة فوردو مخاوف سياسية وأخرى نووية، إذ أن القصف الأميركي المباشرة لتلك المحطة المحورية في البرنامج النووي الإيراني من شأنه أن يؤثر سلبا على المفاوضات ذات الصلة بين واشنطن وطهران. من جهة أخرى فإن أكدت أن إيران تُنتج يورانيوم عالي التخصيب في فوردو، وهو ما يزيد من احتمال تسرب مواد نووية للمنطقة في حال استخدام هذا النوع من القنابل لضرب المنشأة.