logo
أكاديميون إسرائيليون: ضم الضفة الغربية تم بالفعل من دون ضجيج

أكاديميون إسرائيليون: ضم الضفة الغربية تم بالفعل من دون ضجيج

الجزيرةمنذ 3 أيام
على الرغم من تصويت الكنيست الأخير الذي يدعم بشكل رمزي السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية (المنطقة ج)، فإن أكاديميين إسرائيليين يرون أن الضم قد تم بالفعل من خلال التغييرات البيروقراطية والإدارية على مدى العامين الماضيين، وليس من خلال الإعلانات الرسمية أو التشريعات.
وفي صحيفة هآرتس، طعنت البروفيسورة ياعيل بيردا من قسم علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في الجامعة العبرية، والدكتورة تمار مجيدو من قسم العلاقات الدولية والدراسات السياسية في الجامعة نفسها، والدكتورة رونيت ليفين-شنور من كلية الحقوق في جامعة تل أبيب، في الافتراض السائد بأن الضم يتطلب إجراء تشريعيا رسميا.
ويجادل هؤلاء الأكاديميون بأن تصويت الكنيست الشهر الماضي، الذي يعترف بـ"حق إسرائيل في يهودا والسامرة" (الاسم الذي تطلقه إسرائيل على الضفة الغربية) ويعزز السيادة على المستوطنات اليهودية في المنطقة (ج)، هو مجرد "ستار دخاني" يهدف إلى إخفاء الضم الذي تم بالفعل من خلال وسائل إدارية.
الإطار القانوني
ويستشهد الأساتذة ببحث علمي لهم نشروه مؤخرا في مجلة أكسفورد للدراسات القانونية، يرون فيه أن الضم يمكن تحديده من خلال المؤشرات الرئيسية التالية: الإطار التنظيمي المعياري الذي تستخدمه الدولة لإدارة أراضيها، وهيكل الدولة التنظيمي وآليتها البيروقراطية، فضلا عن الممارسة الرمزية للسلطة.
ويوردون هنا الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في يوليو/تموز 2024، والذي خلص إلى أن الضم لا يتطلب إعلانا رسميا، ووجد أن إسرائيل ضمت بالفعل أجزاء على الأقل من المنطقة "ج" بوسائل بيروقراطية غير معلنة.
أدلة الضم الإداري
ويُفصّل التقرير التغييرات الهيكلية المهمة التي طُبّقت على مدار العامين الماضيين:
السيطرة المدنية تحل محل الحكم العسكري: تم تفكيك الجهاز العسكري التقليدي الذي يحكم الضفة الغربية، وأصبحت الوزارات الإسرائيلية المدنية تمارس الآن سيطرة مباشرة، وغدت الإدارة المدنية الآن ترفع تقاريرها إلى وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي يشغل منصب وزير إضافي في وزارة الدفاع، بدلا من رفعها للقادة العسكريين.
إعادة الهيكلة المؤسسية: تعمل الوزارات الإسرائيلية، بما في ذلك وزارات النقل والتعليم والزراعة، بشكل مباشر في الأراضي المحتلة، مستخدمة الجيش كمقاول فرعي لمشاريع تهدف إلى ترسيخ السيطرة على المنطقة "ج" وأجزاء من المنطقة "ب".
تغييرات في الكادر الوظيفي: عززت التعيينات الجديدة جهود الضم، بما في ذلك تعيين نائب رئيس الإدارة المدنية ممثلا لمصالح المستوطنين، والذي يرفع تقاريره إلى الوزير بدلا من القيادة العسكرية، كما أصبح المستشار القانوني المستقل للجيش تابعا للسلطة السياسية.
تكامل البنية التحتية: يصف التحليل تغييرات منهجية في الوثائق الإدارية، وتحويلات الميزانية، ومبادئ التخطيط، وعمليات الترخيص، ونقل صلاحيات الأراضي، وتطوير البنية التحتية، مما يدمج المستوطنات في الأنظمة القانونية المدنية وأنظمة البنية التحتية في إسرائيل.
ا لعواقب والتداعيات: يحذّر الأكاديميون من أن هذه العملية تخلق "نظام فصل عنصري" (آبرتاياد) حيث تعيش مجموعتان سكانيتان في المنطقة نفسها في ظل نظامين قانونيين مختلفين، مع عدم المساواة في الحقوق والتمثيل السياسي، ويذهبون إلى التأكيد على أن آثار هذا الإجراء تتجاوز التمييز ضد الفلسطينيين، مشيرين إلى تزايد عنف المستوطنين وتآكل سيادة القانون الذي يهدد المؤسسات الديمقراطية داخل إسرائيل نفسها.
تحليل سياسي: يذهب هؤلاء الأساتذة إلى أن إعلان الكنيست ضم الضفة الغربية يخدم غرضا إستراتيجيا الهدف منه هو التضليل، إذ يسمح للسياسيين الوسطيين بمعارضة الضم "المستقبلي" ويجعلهم يتجاهلون الواقع الحالي، كما يمكّن الحكومة من العمل في دولة ذات سيادة من دون مواجهة عواقب دولية، ويخلصون إلى أن الضم كان هدفا رئيسيا لجهود الإصلاح القضائي الإسرائيلي، وهو الآن يعزز تآكل المؤسسات الديمقراطية من خلال "دورة ذاتية التغذية".
السياق الدولي: يأتي هذا التحليل في ظل تزايد التركيز الدولي على غزة في أعقاب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 والحرب التي أعقبت ذلك، حيث يشير المؤلفون إلى أن هذا السياق وفر غطاء لأنشطة الضم المتسارعة في الضفة الغربية.
وخلص المقال إلى أن الضم أصبح واقعا، بغض النظر عن الإعلانات الرسمية، وأنه يسهم في تآكل القانون الدولي والمؤسسات الديمقراطية الإسرائيلية نفسها.
ويمكن القول إن حجة هؤلاء الأساتذة تتحدى كلا من الخطاب السياسي الإسرائيلي المحلي والدبلوماسية الدولية التي لا تزال تتعامل مع ضم الضفة الغربية كاحتمال مستقبلي بدلا من كونه واقعا قائما يتطلب استجابة فورية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إدانات بمجلس الأمن لخطة احتلال غزة ودعوات لوقف المجاعة
إدانات بمجلس الأمن لخطة احتلال غزة ودعوات لوقف المجاعة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

إدانات بمجلس الأمن لخطة احتلال غزة ودعوات لوقف المجاعة

حذر عدد من ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي اليوم الأحد من مغبة إقدام إسرائيل على تنفيذ خطة احتلال قطاع غزة ، في ظل معارضة دولية واسعة وتحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية الهائلة في القطاع الذي يتعرض لإبادة جماعية مستمرة منذ قرابة عامين. وعقد مجلس الأمن اجتماعا طارئا بطلب من المملكة المتحدة والدانمارك وفرنسا واليونان وسلوفينيا، وبدعم روسيا والصين والصومال والجزائر وباكستان لمناقشة إعلان الاحتلال الإسرائيلي نيته احتلال غزة وتهجير سكانها إلى مخيمات. وجدد مندوب الجزائر الدائم بالأمم المتحدة عمار بن جامع، رفض بلاده لقرار إسرائيل احتلال كامل قطاع غزة، قائلا إن ذلك يوضح أن قتل الجيش الإسرائيلي 18 ألف طفل فلسطيني بالقطاع ليس كافيا ضمن قائمة جرائمهم. وأكد بن جامع -في كلمة لمندوب الجزائر خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن- إدانة الجزائر بأشد العبارة قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر (الكابينت) تشريد كامل سكان مدينة غزة وشمالها وفرض سيطرة كاملة على القطاع. وقال إنه بعد 22 شهرا من التهجير والتجويع والتطهير العرقي، فإن العملية المقررة لن تقوم فقط بزيادة الخراب بل ستقضي على كامل ما تبقى في غزة، مؤكدا أن غزة تواجه الجحيم، وهي بين أيدي قوة محتلة تهدد السلم والأمن الدوليين. بدوره، قال جيمس كاريوكي نائب المندوبة البريطانية في المجلس -في مستهل الاجتماع- إن التصعيد الإسرائيلي الحالي في غزة سيدفع نحو مليون شخص إلى النزوح. ووصف نائب المندوبة البريطانية قرار إسرائيل بتوسيع عمليتها العسكرية بالخاطئ، داعيا إياها لإعادة النظر فورا في القرار. وأضاف أن المساعدات المجزأة غير مناسبة، وأن على إسرائيل رفع القيود عن المساعدات لغزة، مؤكدا أنه لا يجوز لها منع المنظمات الإنسانية من العمل بغزة عبر إجراءات تعسفية. إعلان من جانبه، أدان نائب المندوب الفرنسي في مجلس الأمن دارماد هيكاري بشدة خطة إسرائيل لتوسيع عملياتها للسيطرة على مدينة غزة. وأضاف: نذكر بمعارضتنا الشديدة لأي خطة لاحتلال قطاع غزة وضمه واستيطانه أو تهجير سكانه قسريا. وطالب إسرائيل بفتح جميع معابر غزة بشكل عاجل للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية وأن تمتثل لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي. أما نائب مندوب روسيا بمجلس الأمن، فقال إن الشعب اليهودي الذي واجه الهولوكوست يحاصر الآن الفلسطينيين في غيتو ويسعى لتدميرهم. وأكد المسؤول الروسي، أن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، ذرف دموع التماسيح على مصير الأسرى، وهو يعلم أن قرار حكومته لن يعيدهم أحياء، وإنه كان يريد تعاطف أعضاء مجلس الأمن ليتواصل قتل الفلسطينيين. من جانبها، قالت دوروثي شيا القائمة بأعمال المندوبة الأميركية في مجلس الأمن، إن إسرائيل لم تقرر مواصلة حملتها العسكرية من فراغ ولكن بعد أشهر من تعنت حماس. وأكدت أن لإسرائيل حق تحديد ما هو ضروري لأمنها ولها الحق في اتخاذ التدابير المناسبة لإنهاء ما وصفته بتهديد حماس. وقالت إن مجلس الأمن محتاج لتحميل حماس المسؤولية الكاملة، في حين أن اجتماعه اليوم يقوض هذا الجهد حسب قولها. دعوة فلسطينية للتحرك هذا وقد دعت فلسطين، الأحد، إلى تحرك فعلي لوقف الإبادة في قطاع غزة، وعدم الاكتفاء بالشعور بالذنب بينما إسرائيل تسعى لاحتلال كامل القطاع لمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة. جاء ذلك في كلمة المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور، خلال الجلسة الطارئة لمجلس بشأن خطة إسرائيل لاحتلال كامل قطاع غزة. وقال منصور في كلمته "يجب أن لا نكتفي بالشعور بالذنب والعار وعلينا التحرك الآن لإيقاف الإبادة الجماعية، مذكرا بأن إسرائيل "تقتل فلسطين في غزة وهذا هو هدفها وتسعى لتعزيز سيطرتها على غزة لمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة". ويأتي اجتماع مجلس الأمن اليوم، بعد أيام من تصديق المجلس الإسرائيلي الأمني المصغر على مخطط لاحتلال مدينة غزة وإقامة إدارة بديلة فيها. تحذير أممي كما حذر مسؤول كبير في الأمم المتحدة الأحد من أن خطة إسرائيل للسيطرة على مدينة غزة قد تتسبب بـ"كارثة جديدة" مع تداعيات تتجاوز القطاع المحاصر والمدمّر. وقال ميروسلاف جينكا مساعد الأمين العام للأمم المتحدة أمام مجلس الامن الدولي "إذا تم تنفيذ هذه الخطط، فقد تؤدي الى كارثة جديدة في غزة، تتردد أصداؤها في أنحاء المنطقة، وتتسبب بمزيد من النزوح القسري وعمليات القتل والدمار". وقبل الاجتماع، قال سفير سلوفينيا لدى الأمم المتحدة سامويل زبوغار متحدثا باسم الأعضاء الأوروبيين الخمسة في مجلس الأمن إن "هذا القرار الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية لن يكفل عودة الرهائن وقد يعرض حياتهم لخطر متزايد". وأضاف أن القرار "سيزيد الوضع الإنساني الكارثي في غزة سوءا، وسيزيد خطر الموت والنزوح الجماعي لدى المدنيين الفلسطينيين". وفجر الجمعة، أقر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر الكابينت خطة تبدأ باحتلال مدينة غزة، عبر تهجير سكانها البالغ عددهم نحو مليون نسمة إلى الجنوب، ثم تطويق المدينة وتنفيذ عمليات توغل في التجمعات السكنية. ويلي ذلك مرحلة ثانية تشمل احتلال مخيمات اللاجئين وسط القطاع، التي دمرت إسرائيل أجزاء واسعة منها، ضمن حرب متواصلة بدعم أميركي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وتقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.

المستشار الألماني يدافع عن قراره وقف تصدير أسلحة لإسرائيل
المستشار الألماني يدافع عن قراره وقف تصدير أسلحة لإسرائيل

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

المستشار الألماني يدافع عن قراره وقف تصدير أسلحة لإسرائيل

دافع المستشار الألماني فريدريش ميرتس ، اليوم الأحد، عن وقف تسليم إسرائيل شحنات أسلحة، مع تزايد انتقادات كوادر في حزبه لهذه الخطوة. وقال ميرتس، في تصريح لقناة تلفزيونية ألمانية رسمية، "تقف جمهورية ألمانيا الاتحادية إلى جانب إسرائيل منذ 80 عاما. ولن يتغير شيء من ذلك وسنواصل مساعدتها في الدفاع عن نفسها". وشدد على أن تضامن ألمانيا مع إسرائيل لا يعني "أنه يتعين علينا اعتبار أن كل قرار تتوصّل إليه الحكومة هو قرار جيد وندعمه إلى حد تقديم المساعدة العسكرية بما في ذلك الأسلحة". وكان ميرتس قال الجمعة إن ألمانيا ستوقف صادراتها إلى إسرائيل من المعدات العسكرية التي يمكن استخدامها في قطاع غزة ردا على خطة الدولة العبرية للسيطرة على مدينة غزة. وُجّهت انتقادات علنية في صفوف "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" الذي يتزعّمه ميرتس لحظر الأسلحة الجزئي الذي فرضه المستشار، بما في ذلك في المنظمة الشبابية للحزب التي اعتبرت أن الخطوة تتعارض مع المبادئ الأساسية الحزبية والألمانية. وقال المستشار الألماني إنه طمأن رئيس إسرائيل في وقت سابق اليوم الأحد إلى أن ألمانيا ليست بصدد التخلي عن صداقتها التقليدية مع إسرائيل، لافتا إلى أن هناك نقطة خلافية واحدة تتعلق بالعمل العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة، وهذا الأمر يمكن للصداقة أن تتحمّله. وقبل الخطوة الألمانية الأخيرة، كانت إسرائيل تحظى بدعم واسع النطاق من مختلف الأطياف السياسية في ألمانيا، الدولة التي لا تزال تسعى للتكفير عن قتل النظام النازي الذي كان يحكمها أكثر من 6 ملايين يهودي إبان الحرب العالمية الثانية. وخلافا لفرنسا وبريطانيا وكندا، لا تعتزم ألمانيا الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر/أيلول المقبل معتبرة أن الخطوة يمكن أن تحصل بعد مفاوضات إسرائيلية-فلسطينية. لكن نبرة ميرتس حيال إسرائيل تشهد تشددا منذ أشهر مع تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة، حيث يحذر خبراء الأمم المتحدة من مجاعة تهدد القطاع الفلسطيني المدمّر من جراء الحرب المستمرة منذ نحو عامين.

"الحظر" الألماني يصيب الصناعة العسكرية الإسرائيلية في مقتل
"الحظر" الألماني يصيب الصناعة العسكرية الإسرائيلية في مقتل

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

"الحظر" الألماني يصيب الصناعة العسكرية الإسرائيلية في مقتل

تعيش إسرائيل في ظل حرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة مشكلة سياسية كبيرة، وترت علاقاتها ليس فقط مع أغلب دول العالم، وإنما كذلك مع أقرب أصدقائها. ومثّل إعلان المستشار الألماني فريدريش ميرتس فرض حظر على تصدير أسلحة ومعدات قتالية إلى إسرائيل يمكن استخدامها في الحرب، صدمة هائلة للحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو. فمثل هذا القرار ليس مجرد إعلان نوايا أو حدث ضئيل التأثير سياسيا وعسكريا واقتصاديا، وإنما هو حدث بالغ الأهمية. فألمانيا هي الحليف الأقوى لإسرائيل في أوروبا، وهي مزود السلاح الثاني في أهميته بعد الولايات المتحدة، ومن الصعب خسارته في هذا الوقت بالذات. كما أن مثل هذا القرار يعني أيضا بداية "التحرر" الألماني من "عقدة الذنب" تجاه المحرقة النازية. وليس صدفة أن نتنياهو اختار، في معاتبته لميرتس، التذكير بالهولوكوست، وبأن مثل هذه القرارات مكافأة لإرهاب حماس. وطبعا لا يمكن فهم حجم النقلة النوعية في القرار الألماني، من دون الإشارة إلى أن ميرتس في دفاعه عن إسرائيل قبل شهور، اعتبرها في حربها تقوم بـ"العمل الأسود" نيابة عن أوروبا. وجاء القرار الألماني بعد ساعات قليلة من قرار الكابينت الإسرائيلي باحتلال غزة. وهنا يمكن فهم التداعيات السياسية لهذا القرار حيث: أعلنت ألمانيا، التي هي في نظر إسرائيل، أهم دولة في أوروبا، أنها ستتوقف عن إرسال أسلحة إلى إسرائيل يمكن استخدامها في حرب غزة. في تصريح مثير أدلى به المستشار فريدريش ميرتس بعد موافقة الكابينت على خطة نتنياهو، قال فيه إن "الحكومة الألمانية لن توافق حتى إشعار آخر على أي تصدير للمعدات العسكرية إلى إسرائيل التي يمكن استخدامها في قطاع غزة". وأضاف ميرتس أن لإسرائيل "حق الدفاع عن نفسها ضد إرهاب حماس"، وأوضح أنه "لا ينبغي أن يكون لحماس أي دور في مستقبل غزة"، لكنه في الوقت نفسه أعرب عن "قلقه البالغ إزاء وضع السكان المدنيين في غزة". بعد الحظر الصامت وجاء القرار الألماني بعد التقارير المتداولة منذ فترة حول ما اعتبر في بعض الأوساط "حظرا صامتا على صادرات الأسلحة" قلّص إلى حد ما نطاق صفقات الأسلحة بينها وبين إسرائيل. ويُعتبر المستشار الألماني، ميرتس، أحد أبرز الحلفاء الرئيسيين لنتنياهو في أوروبا. فميرتس عضو في الحزب المحافظ الذي هاجم في الحملة الانتخابية الأخيرة الحكومة الاشتراكية الديمقراطية السابقة عقب التقارير التي نُشرت آنذاك حول حظر الأسلحة الصامت، ووعد بدعم إسرائيل "من دون تردد". في الأشهر الأخيرة، رفض ميرتس مطالبات داخل ائتلافه بتشديد لهجته تجاه إسرائيل، بسبب الحرب المطولة وتقارير المجاعة في غزة، كما لم تنضم ألمانيا إلى البيان الصادر الشهر الماضي عن 25 دولة، والذي أدان إسرائيل بلهجة قاسية للغاية في أعقاب الأزمة الإنسانية في القطاع. وفقط قبل أسبوعين عرقلت ألمانيا وإيطاليا، وساعدتا في إحباط مقترح بتعليق مشاركة إسرائيل في أجزاء من برنامج "هورايزون أوروبا"، أكبر برنامج بحث وتطوير في العالم للتعاون العلمي والصناعي. وواضح أنه لا يمكن معرفة أثر قرار الحظر الألماني على الصادرات الحربية إلى إسرائيل، من دون معرفة دور الصناعات الألمانية في التسلح والإنتاج الحربي الإسرائيلي. ويكفي هنا القول مثلا إن ألمانيا منحت إسرائيل، من خلال تزويدها بغواصات "دلفين" القادرة على حمل رؤوس حربية نووية، القدرة على امتلاك الضربة الثانية في حرب نووية. كما أن البوارج وسفن الصواريخ الرئيسية في سلاح البحرية الإسرائيلية من طراز "ساعر" صُنعت بالكامل في أحواض بناء السفن في ألمانيا. لكن هذه ليست سوى عناوين لبعض أوجه التعاون، حيث كان لما عُرف منذ مطلع الستينيات بـ"التعويضات الألمانية" عن الهولوكوست دور مركزي في الارتقاء بمكانة إسرائيل الصناعية والإنتاجية. ومعروف أن إسرائيل وقعت على شراء 3 غواصات ألمانية متطورة بقيمة 3 مليارات يورو من شركة "تيسنكروب" قبل حوالي عامين، لتحل مكان غواصات دلفين التي ستغدو قديمة في العقد المقبل. وتتبرع الحكومة الألمانية ببعض تكاليف هذه الصفقة، كما حدث مع صفقة غواصات دلفين وقد تتعرض هذه الصفقة إلى نوع من العرقلة على الأقل في المستقبل القريب. ولكن القصة لا تبدأ من هنا ولا تنتهي عند هذا الحد. فمن المعلوم أن قسما مهما من الصناعات العسكرية الإسرائيلية في مجالي الدبابات وناقلات الجند المدرعة الإسرائيلية من طراز ميركافا وطرازي "النمر" و"إيتان" يعتمد بشكل أساسي على محركات وقطع ألمانية. معهد إم تي يو (MTU) وأبدت جهات إسرائيلية، بعد القرار الألماني الذي جاء إثر قرار كابينت إسرائيل احتلال قطاع غزة، مخاوف من تأثير الحظر على توريد محركات دبابات ميركافا وناقلات الجند المدرعة مثل نمر وإيتان، التي تصنعها إسرائيل بنفسها في منشآت إنتاج الدبابات التابعة لوزارة الدفاع. وحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية فقد طُورت وصُممت هذه المحركات في معهد "إم تي يو" (MTU) الألماني، وتُصنع مكوناتها هناك، حيث تنتج بالكامل في شركة جنرال ديناميكس في الولايات المتحدة، وتشتريها إسرائيل منها بتمويل من صندوق المساعدات الأمنية الأميركي. وعلاوة على ذلك، تُزود الصناعات الألمانية إسرائيل بقذائف وأنظمة كهروضوئية، ومجمعات تستخدمها الصناعات العسكرية في إنتاج الصواريخ والقذائف وأنواع مختلفة من الذخائر. واعترف مصدر في الصناعات العسكرية الإسرائيلي في مقابلة مع موقع كالكاليست بأنه "منذ اندلاع الحرب، شهدنا العديد من القيود على الأسلحة من قِبل العديد من الدول، لكن الحظر الألماني يُمثل ضربة قاسية". وأضاف "أجرؤ على القول إن العديد من العاملين في إدارة المشتريات بوزارة الدفاع يعانون من قلق شديد اليوم، ليس فقط بسبب أعباء العمل الثقيل". كما صرح مصدر إسرائيلي مطلع على العلاقات مع ألمانيا لموقع كالكاليست بأن "إعلان المستشار رسميا عن حظر الأسلحة على إسرائيل يمثل مأساة كبرى. ومع ذلك، يجب ألا ننسى أن هذه الخطوة يائسة من صديق عزيز يريد الأفضل لإسرائيل". حظر محدود ومع ذلك حاولت بعض الجهات في إسرائيل ادعاء أن أثر الحظر الألماني محدود، وأن طاقم وزارة الدفاع المكلف بالمشتريات في ألمانيا صغير. ولذلك لا يمكن مقارنة المشتريات من ألمانيا بما تشتريه إسرائيل من الولايات المتحدة. ومع ذلك تضطر هذه الجهات للاعتراف بأن ألمانيا تُعد مورّدا لقطع غيار الأسلحة الإستراتيجية لدولة إسرائيل. فهي من أنتجت أسطول غواصات "دلفين" التابع للبحرية، كما أنها التي بنت سفن الصواريخ الكبيرة "ساعر 6″، ذات القدرات الإستراتيجية. ومع ذلك تخشى إسرائيل من اتساع نطاق الحظر الألماني وتأثيره على بيع المكونات والأسلحة، التي لا تُستخدم بشكل مباشر في القتال ضد حماس في غزة. وتقر هذه الجهات أيضا أن ألمانيا مورد رئيس لبعض مركبات الجيش الإسرائيلي ووكالات الإنقاذ المختلفة في إسرائيل؛ فهي مورد سيارات الإسعاف للجيش الإسرائيلي، كما بدأت منظمة نجمة داود الحمراء مؤخرا بشراء مئات سيارات الإسعاف من مرسيدس. ومن المركبات الأخرى التي تشتريها إسرائيل من ألمانيا للجيش الإسرائيلي الشاحنات، خصوصا ناقلات الدبابات. ولكن ألمانيا ليست فقط مصدر سلاح لإسرائيل، بل هي أيضا مستورد لأنواع من الأسلحة بينها صواريخ حيتس، التي تحاول ألمانيا الاعتماد عليها في ظل الحرب الأوكرانية- الروسية. بالإضافة إلى بيع المعدات الألمانية الصنع لإسرائيل، تُعد ألمانيا من أبرز زبائن المعدات الإسرائيلية بين الدول الأوروبية. وقد اشترت ألمانيا أنظمة دفاع إسرائيلية، مثل "حيتس 3″ و"القبة الحديدية". كما أنها، وفق صحيفة "معاريف" تشتري أنظمة كشف ورادار. ثم أن ألمانيا معروفة عالميا بإجراء اختبارات دقيقة، تدفع العديد من الدول إلى الاعتماد على قراراتها والسعي إلى شراء أسلحة مشابهة لما تشتريه. وكما سلف فإنها إلى جانب كونها موردا مهما للمكونات والأنظمة المستخدمة في احتياجات الصناعة الحربية الإسرائيلية، تُعد أيضا أحد العملاء الرئيسيين لصناعاتها الدفاعية. ومن المقرر أن تبدأ الصناعات الجوية الإسرائيلية خلال الأشهر المقبلة بتزويدها بنظام الدفاع الجوي "حيتس 3" الذي اشترته ألمانيا منها بعد نشوب حرب غزة مقابل مبلغ ضخم يقارب 4 مليارات دولار. تُعد هذه أكبر صفقة دفاعية في قطاع صناعة الأسلحة الإسرائيلي، وهي المرة الأولى التي يصدَر فيها نظام "حيتس" إلى الخارج. بالإضافة إلى صواريخ "حيتس"، التي تستخدمها ألمانيا لحماية نفسها ودول أوروبية أخرى من الهجمات الصاروخية الروسية، وقّعت الصناعات الجوية الإسرائيلية عدة صفقات مع ألمانيا في السنوات الأخيرة لتوريد طائرات مسيرة من طراز "هيرون". ومع ذلك، أعلنت شركة "إلبيت سيستمز" قبل أيام عن صفقة بقيمة 260 مليون دولار تقريبا، ستزود بموجبها شركة "إيرباص" بأنظمة دفاع صاروخي لتركيبها على طائرات النقل "إيه 400 إم" (A400M) التي سيتم تسليمها لسلاح الجو الألماني في السنوات المقبلة. الرؤية الأوروبية وطبيعي أن يُنظر للقرار الألماني عبر منظار الرؤية والقرارات الأوروبية المتلاحقة. حيث إن هذا القرار يعني انضمام ألمانيا إلى قائمة طويلة من الدول الأوروبية التي تقيّد إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل أو المواد الخام والمكونات المستخدمة في إنتاجها، خصوصا في هذه الفترة الاستثنائية بالذات. فقد حاولت بعض هذه الدول، مثل إسبانيا، عدة مرات خلال العام الماضي عرقلة توريد الأسلحة من الولايات المتحدة إلى إسرائيل، عبر منع السفن التي تحمل ذخيرة وجرافات "دي-9" (D-9) المخصصة للجيش الإسرائيلي من الرسو في موانئها البحرية. كما عرقلت فرنسا عدة مرات مشاركة الشركات الحربية الإسرائيلية في معارض الأسلحة الدولية التي أقيمت هناك، وأوقفت جميع تراخيص تصدير الأسلحة من أراضيها إلى إسرائيل. كما فرضت بريطانيا وكندا وهولندا وبلجيكا قيودا على صادرات الأسلحة إلى إسرائيل. وكانت مصادر مختلفة أكدت في الماضي أن هذه الدول كانت في معظم الحالات مصدرا للمواد الخام والتركيبات الفرعية التي تستخدمها الصناعات في إنتاج الأسلحة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store