
أخبار العالم : "كل يوم أخشى أن أفقد طفلي": معاناة الفتيات مع الإجهاض في مخيمات تعز
نافذة على العالم - التعليق على الصورة،
وضعت أم صهيب قبل أسابيع ولدها الأول بعد أن أجهضت مرتين بسبب الظروف في مخيم جبل زيد
Article Information Author, أميرة مهذبي Role, بي بي سي عربي
قبل 2 ساعة
في مخيم البيرين للاجئين في تعز جنوب غرب اليمن، تعيش ميساء (اسم مستعار) في قلق مستمر، تنتظر يوم تضع وليدها بصحة هذه المرة بعد أن فقدت جنينها الأول قبل عام.
ميساء الحامل في الشهر التاسع، هي طفلة في سن الرابعة عشر.
زوّجها والدها قبل عامين وهي في الثانية عشر من عمرها من رجل في العشرين من عمره، بعد اشتداد الضيق بالعائلة التي نزحت من المخا إلى مقبنة هربا من الحرب.
ميساء حملت لأول مرة وهي في الثالثة عشر من عمرها، لكن حملها لم يدم طويلاً بسبب ظروف مخيم البيرين الذي يفتقر مركزه الصحي إلى الإمكانيات اللازمة لحماية صحتها وصحة جنينها من المخاطر.
"في مركز الرعاية هنا قالوا لنا إن ليس لديهم لا أجهزة ولا حقن تساعد ميساء، مسكنات الألم هي أقصى ما يمكنهم تقديمه"، تقول عمة ميساء التي تقوم برعايتها.
ويحتاج الذهاب إلى مستشفيات أو مراكز صحية أخرى مالاً لا تملكه العائلة التي بالكاد توفر قوتاً يبقيها على قيد الحياة، حيث يبعد أقرب مركز عن المخيم أكثر من خمسين كيلومترا.
أجهضت ميساء جنينها الأول وتعرضت لنزيف كاد يفقدها حياتها.
لكنها الآن في الشهر التاسع من حملها الثاني، وتعتمد على عمتها التي تقدم لها الدعم من خبرتها كامرأة وأم فقط.
ولا تزال ميساء تعيش في رعب من أن تلقى مصير غيرها من الفتيات في المخيم مثل وئام (اسم مستعار) التي أجهضت مرتين ولم يبلغ عمرها 15 عاما.
ويقول مسؤول مخيم البيرين، سيد حسن علي عبدو لبي بي سي إن "كثيرات من نساء المخيم يجهضن في الشهر السابع أو الثامن للحمل بسبب سوء التغذية واضطرارهن لحمل الحطب وجلب الماء، بالإضافة إلى افتقار المركز الصحي لجهاز للفحوصات والمعاينة للحوامل أو غرف مخصصة لمتابعة الحمل والولادة".
التعليق على الصورة،
يفتقر المركز الصحي في مخيم البيرين لمستلزمات متابعة الحمل والولادة.
"نجا جنيني الثالث من الإجهاض لكني لا أجد له غذاء"
في مخيم جبل زيد في تعز، غير البعيد عن البيرين تعيش "أم صهيب"، شقيقة ميساء التي زوّجها والدها هي الأخرى في سن الرابعة عشر، وتقترب الآن من عامها الثامن عشر.
أجهضت أم صهيب مرتين قبل أن تنجب مولودها الأول منتصف شهر حزيران/يونيو هذا العام.
كانت طفلة لم تبلغ الخامسة عشرة من العمر حين حملت أول مرة. حينها، لم تجد في المخيم حتى ما يكفي من القوت لها ولجنينها الذي لم يصمد أكثر من خمسة أشهر.
"أتعبني الحمل كثيرا ولم أجد أي مساعدة، وكنت اضطر للتنقل وأنا حامل من مكان إلى آخر لجمع الفضلات البلاستيكية وبيعها لتوفير قليل من القوت. لم يدخل جسمي ما يكفي من الأكل طوال فترة الحمل، فأجهضت" تقول أم صهيب.
الآن وقد أنجبت أم صهيب مولودها الأول بعد إجهاضين وحمل مرهق، لا يبدو على صوتها ووجهها أي فرح أو أمل. مازالت تشعر باليأس والعجز وهي الآن لا تستطيع توفير قوت رضيعها.
"طرقت كل باب لتوفير غذاء لرضيعي، طلبت المساعدة من الجمعيات الخيرية والمنظمات الإنسانية لكن لم يستجب أحد. قالوا إن ليس لديهم غذاء ولا أي مال يساعدني. غلاء المعيشة يفوق طاقتنا. نجا طفلي من الإجهاض لكني لا أعرف الآن كيف سأحافظ على حياته بدون غذاء ولا دواء".
معاناة أم صهيب ليست استثناء في اليمن فنحو 1.2 مليون مرضعة وحامل في البلاد يعانين من سوء تغذية حاد، حسب تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان لعام 2025.
في محافظة تعز حيث مخيمي البيرين وجبل زيد ومخيمات أخرى، قال مدير عام مكتب الصحة والسكان عبد الرحمن أحمد صالح لبي بي سي، إن "خطر سوء التغذية الذي تعانيه الأمهات في هذه المخيمات لا يقتصر على الإجهاض ومضاعفاته الخطيرة فحسب، إنما تسبب زيادة نسب التشوهات الخلقية للمواليد".
ويأوي مخيم البيرين 315 أسرة تتكون أقلها من سبعة أفراد، حسب ما قال لنا مسؤول المخيم. بينما تعيش في مخيم جبل زيد 220 أسرة. نزحت هذه الأسر هربا من الحرب ومازالت أعدادها تتزايد مع استمرار الحرب في البلاد.
يسكن النازحون هناك في خيام قماشية أو غرف طينية تفتقر لأبسط أساسيات الحياة، ولا توفر لهم حماية من تقلبات الطقس، فلا تقي من الحر ولا من البرد. وتفاقم أزمة الغذاء في اليمن من سوء أوضاعهم.
"نعيش في مخيم البيرين على وجبة واحدة في اليوم، علينا تقسيط القليل الذي نحصل عليه حتى نعيش"، تقول عمة ميساء لبي بي سي.
التعليق على الصورة،
تحتاج نحو 9.6 مليون امرأة وفتاة في اليمن للمساعدة في مواجهة عجز متفاقم في الحصول على خدمات أساسية
تموت امرأة عند الولادة كل ساعتين في اليمن
تسجل اليمن أعلى معدلات وفيات الأمهات أثناء الولادة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ووفقًا لتقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان في يوليو/تموز 2025، تفقد امرأة حياتها كل ساعتين أثناء الولادة، وتتم ست من كل عشر ولادات دون وجود طواقم طبية مؤهلة.
ويشير التقرير إلى أن مركزًا صحيًا واحدًا فقط من بين كل خمسة مراكز عاملة يقدّم خدمات رعاية الأمومة والطفل لما يقارب خمسة ملايين امرأة يمنية في سن الإنجاب.
أرقام مقلقة لكنها أقل من الواقع بالنظر إلى أن التقرير الأممي يعد سن الإنجاب بين 15 و49 عاماً؛ أي أن فتيات مثل ميساء حملن قبل بلوغ الخامسة عشر لسن ضمن هذه الإحصاءات.
لا يحدد القانون اليمني سناً للزواج، وتقدر منظمة العفو الدولية أن ثلث النساء في اليمن يتزوجن تحت سن الثامنة عشر.
تراجع مستمر للدعم الدولي لليمنيين ينذر بوضع أخطر
التعليق على الصورة،
يأوي مخيم البرين 315 أسرة تتكون أقلها من سبعة أفراد يعيشون في خيم من قماش أو غرف من طين تفتقر لأبسط مقومات الحياة
يعتمد جزء كبير من الخدمات الصحية في اليمن، بما فيها صحة الأمومة والطفل، على الدعم الإنساني قصير المدى. لكن هذا الدعم يتراجع منذ سنوات مع انخفاض تمويل بعض المنظمات الدولية وانسحاب أخرى تماماً، خاصة بعد تصنيف الولايات المتحدة جماعة أنصار الله الحوثية منظمة إرهابية.
في مؤتمر صحفي في مايو/ أيار هذا العام، قال مكتب المتحدث باسم الأمم المتحدة إن "التخفيضات غير المسبوقة في التمويل التي شهدها القطاع الإنساني في اليمن تجبر المنظمة وشركاءها على تقليص البرامج التي تنقذ الأرواح بشكل كبير" وإنه في حال لم يتوفر التمويل المطلوب فإنه "من المتوقع أن ترتفع معدلات الوفيات والمرض مع إغلاق المرافق الصحية وتزايد تفشي الأمراض".
من جهتها أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في أغسطس العام الماضي أن التمويل المتوفر لديها غير كاف للاستجابة للحاجات الإنسانية الحرجة.
وسط هذه النداءات الإنسانية، جاء قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يناير/كانون الثاني من هذا العام بوقف المساعدات الخارجية الأمريكية، مما فاقم الأزمة، خاصة وأن الولايات المتحدة كانت أكبر جهة مانحة لليمن خلال السنوات الخمس الماضية.
وينقل تقرير منظمة العفو الدولية الصادر في أبريل/ نيسان 2025 عن خبراء وعمال إغاثة في اليمن أنه إذا لم تتراجع الإدارة الأمريكية عن قرار قطع المساعدات الأمريكية المعلن بداية العام فإن "عشرات المراكز الصحية وعيادات الصحة الإنجابية ستغلق، مما سيحرم مئات الآلاف من النساء والفتيات، من بينهن الناجيات من العنف القائم على نوع الجنس، من الرعاية الصحية والنفسية المنقذة للحياة".
في محافظة تعز، يقول مدير مكتب الصحة لبي بي سي إن توقف الدعم الأمريكي أدى إلى إغلاق 106 مراكز صحية في المحافظة، من بينها وحدات ومراكز صحية متنقلة كانت تخدم النازحين، كما تسبب في فقدان 450 من العاملين في القطاع الصحي لوظائفهم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 2 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : أمهات "زيكا" المنسيات: أطفالهن لا يستطيعون الأكل أو الكلام أو المشي
الاثنين 4 أغسطس 2025 06:00 مساءً نافذة على العالم - التعليق على الصورة، تعيش روتي فرييريس مع ابنتها تامارا المصابة بمتلازمة زيكا Article Information Author, كاميلا فيراس موتا Role, بي بي سي نيوز – البرازيل Reporting from مدينة ماسايو، ولاية ألاغواس قبل 5 ساعة عندما أبلغ الطبيب روتي فرييريس بأن ابنتها حديثة الولادة تامارا لن تعيش طويلاً، بدأت تبكي بلا توقف. كانت تامارا مصابة بصِغَر الرأس، أي حجم رأس أصغر من الطبيعي، وهو أحد الأعراض الناتجة عن إصابة الأم بفيروس زيكا أثناء الحمل. اليوم، تبلغ تامارا التاسعة من عمرها، وتتغذى عبر أنبوب في المعدة. يداها أصبحتا أكثر تيبّساً وتشنجاً، وتعاني صعوبة في تثبيت رأسها. تقول روتي: "أُخبرت في البداية أنها لن تمشي، ولن تتكلم أو تبتسم"، وتضيف: "ومع ذلك كنت أسأل كل طبيب أزوره: هل ستمشي ابنتي يوماً ما؟" ابنة روتي واحدة من بين نحو ألفي طفل وُلدوا لنساء أصبن بالفيروس الذي ينقله البعوض في البرازيل بين عامي 2015 و2016. في ذلك الوقت، كانت البلاد تستعد لاستضافة الألعاب الأولمبية، والعالم يراقب بقلق تفشي الفيروس في البرازيل وعشرات الدول الأخرى. أعلنت منظمة الصحة العالمية والسلطات البرازيلية حالة طوارئ صحية عامة، واستمر التحذير حتى مايو/أيار 2017. ولا يزال السبب وراء توقف التفشي بشكل مفاجئ، وعدم عودته خلال العقد الماضي، غير واضح. اختفى زيكا من دائرة الاهتمام، وباتت العائلات التي تتعامل مع آثاره طويلة الأمد منسية إلى حد كبير. وفقاً للأرقام الحكومية، توفي 261 طفلاً شُخّصوا بمتلازمة زيكا الخلقية -وهي مجموعة من التشوهات الخَلقية الناتجة عن الإصابة أثناء الحمل- بينما تدهورت الحالة الصحية لمئات آخرين. وتامارا واحدة منهم. تعيش في ماسايو، المدينة الساحلية في شمال شرق البرازيل، حيث سُجّل 75 في المئة من حالات متلازمة زيكا الخلقية في البلاد. ولا يملك العلماء حتى الآن تفسيراً قاطعاً لسبب تركز الحالات في تلك المنطقة. صدر الصورة، Felix Lima/BBC News Brasil التعليق على الصورة، أقامت روتي صداقة مع جارتها آن كارولين روزا وطفليها مويسيس وماريا تتسبّب المتلازمة بمشكلات في القلب والمفاصل، وصعوبات في تنسيق المضغ والبلع. ومعظم المصابين بها لا يحققون مراحل النمو المعتادة مثل الحبو، أو الأكل، أو المشي، أو الكلام، أو التدرب على استخدام المرحاض. وللتغلب على تحديات تربية ابنتها، تعاونت روتي مع أمهات أخريات في الوضع نفسه، بعد أن التقت بهن لأول مرة في مجموعة دعم شكّلتها السلطات الصحية المحلية عام 2016. تقول: "كان هناك العديد من الأطفال المصابين بالمتلازمة نفسها مثل تامارا. بدأنا نتبادل الحديث والمعلومات… وعندها بدأت الأمور تتضح". لكن الحياة ظلت صعبة. فبعد عام، شعرت الأمهات أن الدعم الذي يتلقينه من السلطات المحلية غير كافٍ. لذلك شكّلن مجموعة مستقلة، بقمصان صفراء خاصة بهن، لمساندة بعضهن بعضاً، والمطالبة بالمزيد من الحقوق. الانتقال للعيش معاً توقفت العديد من الأمهات عن العمل، واعتمدن على إعانات حكومية بنحو 265 دولاراً (199 جنيهاً إسترلينياً) شهرياً، وهو الحد الأدنى للأجور. وجدن أنفسهن في معارك قانونية ضد النظام الصحي للحصول على عمليات جراحية، وكراسٍ متحركة، وأدوية، وحليب للأطفال. كما تخلّى عن كثيرات منهن أزواجهن. بعضهم تزوج وأنشأ أسراً جديدة. تقول مؤسسة الجمعية، أليساندرا هورا، إن الرجال نادراً ما شاركوا في المجموعة. وتضيف لبي بي سي: "سمعت من كثير من النساء أن أزواجهن شعروا بأنهن وضعن دور الأمومة قبل دور الزوجة". وقد وجدت النساء طرقاً جديدة لتنظيم حياتهن. صدر الصورة، Felix Lima/BBC News Brasil التعليق على الصورة، ربت أليساندرا هورا حفيدها المصاب بمتلازمة زيكا الخلقية بعد فقدانها ابنها بعد تقديم طلبات إلى سلطات الإسكان العامة، تمكنت نحو 15 منهن من الانتقال إلى المجمع السكني نفسه، حيث يعشن منذ خمس سنوات. وتقول أليساندرا: "كان هدفنا أن يعشن بالقرب من بعضهن ليدعمن بعضهن، ليكنّ شبكة الدعم التي تفتقر إليها معظمهن". بدأت أليساندرا رعاية حفيدها إريك، المصاب بمتلازمة زيكا الخلقية، بعد مقتل ابنها في حيّهما على أطراف ماسايو. انتقلت روتي إلى مجمع "أمهات زيكا" بعد طلاقها، وأصبحت قريبة من جارتَيها آن كارولين دا سيلفا روزا ولينيسي فرانسا، اللتين لديهما طفلان مصابان بالمتلازمة، وهما مويسيس وإنزو. صدر الصورة، Felix Lima/BBC News Brasil التعليق على الصورة، ساندت لينيسي فرانسا وآن كارولين روزا وروتي فرييريس بعضهن خلال تحديات تربية أطفال مصابين بمتلازمة زيكا مثل تامارا، يتغذى مويسيس عبر أنبوب يخرج من معدته. لم يعد قادراً على الوقوف، لكنه يتمكن من رسم ابتسامة خفيفة حين تغمره شقيقته الصغيرة ماريا بالقبلات. أما إنزو، فهو من بين قلة من الأطفال الذين لديهم استقلالية أكبر. فبعد سنوات من دخول المستشفيات والخروج منها، أصبح قادراً الآن على المشي والكلام. العيش بالقرب من بعضهن أتاح للأمهات تبادل النصائح حول التعامل مع الحالات الصحية المعقدة لأطفالهن. لكن كانت هناك فوائد أخرى أيضاً. فقد بدأت روتي حضور دروس مسائية بعد أن تكفّلت آن كارولين ولينيسي برعاية تامارا مما مكنها من استكمال دراستها والحصول على شهادة الثانوية. لا تزال تامارا غير قادرة على المشي أو الكلام، كما توقع الأطباء. قبل سنوات قليلة، لم تكن تستطيع تثبيت نظرها على أي شيء بعينه، لكن بفضل العلاج الطبيعي باتت الآن قادرة على التعرّف إلى نفسها في المرآة. وعيناها تتابعان والدتها في كل مكان. وغالباً ما تتبادلان النظرات عندما تجلس روتي بجانبها على الأريكة وتداعب شعرها الطويل المجعّد. الحصول على تعويضات أكبر كما أثمرت معركة الأمهات التي استمرت عقداً من الزمن من أجل الحصول على دعم مالي أفضل. ففي ديسمبر/كانون الأول، أقرّ البرلمان البرازيلي مشروع قانون قُدّم عام 2015 يمنح العائلات المتضررة من زيكا تعويضاً بقيمة 8,800 دولار، إضافة إلى دفعات شهرية قدرها 1,325 دولاراً، أي خمسة أضعاف الإعانة السابقة. لكن الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا استخدم حق النقض ضد القانون، قائلاً إن تبعاته المالية غير واضحة، واقترحت إدارته بدلاً من ذلك دفعة واحدة بقيمة 10 آلاف و500 دولار. إلا أن خبراء مثل الدكتورة مارجاني ليموس، التي شخّصت أولى حالات صِغَر الرأس المرتبطة بزيكا، رأوا أن هذا غير كافٍ. وقالت إن السلطات أخفقت في حماية الأسر على مستويات عدة، مثل الفشل في احتواء الفيروس وعدم تعويض الأطفال بما يكفي لسنوات. صدر الصورة، Felix Lima/BBC News Brasil التعليق على الصورة، ساعدت لينيسي، مع ابنها إنزو، في رعاية تامارا لتتمكن روتي من استكمال تعليمها وأشارت وزارة الصحة في ولاية ألاغواس إلى أن وضع الفيروس في المنطقة تحسّن بفضل جهودها في توعية المواطنين بإزالة المياه الراكدة وتدريب فرق المراقبة الصحية. لكنها لم ترد على أسئلة حول كيفية دعم الأسر المتضررة. لكن في النهاية، انتصرت الأمهات. فقد أُلغي قرار لولا، وأُبلغن بأنهن سيحصلن على كامل التعويضات المقررة في مشروع قانون عام 2015. تراجع غامض في الحالات رغم التراجع الكبير في عدد حالات زيكا وولادات الأطفال المصابين بالمتلازمة، تقول الدكتورة ليموس إن تفشياً جديداً يظل ممكناً، لأن سبب التراجع لا يزال مجهولاً. وتوضح: "يبدو أن الطفرة توقفت تلقائياً. وهذا يدعم نظرية وجود مناعة طبيعية. لكن هل هذا صحيح؟ كم تدوم؟ لا نعرف". وبعد عقد من التفشي، لا تزال أسئلة كثيرة بلا إجابة بسبب نقص الأبحاث. لماذا مثلاً تأثر شمال شرق البرازيل بشدة، ولا سيما النساء الفقيرات هناك؟ تشير إحدى الدراسات إلى أن السبب قد يكون سوء تغذية الأمهات. وتفترض أخرى أن المياه الملوثة ببكتيريا ربما أفرزت سماً عصبياً زاد من حدة تأثير الفيروس على أدمغة الأجنة. صدر الصورة، Felix Lima/BBC News Brasil التعليق على الصورة، مارجاني ليموس شخّصت أولى حالات صِغَر الرأس الناجمة عن زيكا في ولاية ألاغواس وتقول الباحثة في التشوهات الخَلقية للدماغ باتريسيا غارسيس وعالم الأعصاب ستيفنز ريهن، اللذان قادا المشروعين، لبي بي سي إن الإجابة قد تكون مزيجاً من هذه العوامل وأخرى. وتضيف الدكتورة غارسيس، التي تُدرّس في كلية كينغز بلندن: "نعرف الآن قليلاً عن العوامل البيئية التي ربما ساهمت في ارتفاع الانتشار، لكننا لا نفهم تماماً كيف ساهمت"، مشيرة إلى أن نقص الأبحاث يمثل مشكلة. وترى الدكتورة ليموس أن هذا النقص ربما يعود إلى أن غالبية المتضرّرين من الفقراء. ورغم الغموض، منح الفوز في معركة التعويضات روتي شعوراً جديداً بالتفاؤل. تقول: "شعرت بفرح هائل عندما سمعت الخبر، أردت أن أصرخ". وهي الآن تسعى للحصول على مؤهل في مجال التعليم ووظيفة جيدة الأجر، وتطمح لتأمين صحي خاص لابنتها، وتحلم بشراء سيارة يوماً ما لتأخذها إلى مواعيد العلاج.


نافذة على العالم
منذ 4 أيام
- نافذة على العالم
أخبار العالم : "أطفالي يحلمون بكيس طحين أو علبة حليب"، في غزة كيف يؤثر نقص الغذاء على مستقبل الأطفال؟
الخميس 31 يوليو 2025 08:40 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، Anadolu via Getty Images التعليق على الصورة، تبحث عائلات فلسطينية، في بقايا العدس لإعداد وجبات الطعام مع تفاقم أزمة نقص الغذاء في قطاع غزة. Article Information Author, منار حافظ Role, قبل 2 ساعة ولد نضال مع توأمه سليم في السابع والعشرين من فبراير/شباط 2025 في قطاع غزة، ولم تبصر عيونهما غير المدركة لما يجري، سوى الحرب، حتى حليب والدتهما، كان من الصعب أن توفره لهما في ظل شح الطعام وصعوبة الوصول إليه، مما أفقدها القدرة على الإرضاع الطبيعي، يقول والدهما منذر شراب. وفي السادس والعشرين من يونيو/حزيران، لم يتمكن جسد نضال الصغير من استكمال الحياة في ظل عدم سهولة توفر الحليب الطبيعي أو الصناعي "بسبب سوء التغذية الحاد"، يشرح منذر. ويوضح والد نضال لبي بي سي أنه حاول قبل أسبوعين من وفاة طفله أن يحصل على حليب من عدة مستشفيات وجهات طبية وجمعيات خيرية في القطاع لكن دون جدوى. في اللحظات الأخيرة من عمر نضال، في ذلك اليوم تحديداً تمكن الأب من الحصول على مساعدة وجدها غير كافية من إحدى الجهات الطبية الدولية، لكن وبعد منتصف الليل ساءت حالة طفله. يصف الأب تلك الليلة باكياً: "خرجت من خيمتي أحمل طفلي، لا يوجد وسائل نقل ولم أجد من يساعدني، حتى وصلت إلى المستشفى الكويتي، وهناك أخبروني أن طفلي فارق الحياة وعلي أن أحمل جسده إلى مستشفى ناصر الطبي لإتمام إجراءات الوفاة". يعيش منذر (34 عاماً) النازح مع عائلته، في خيمة في منطقة المواصي جنوب قطاع غزة. بعد وفاة الطفل نضال انتشر مقطع فيديو لعائلته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهم يبكون ابنهم الذي مات من الجوع، بسبب الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على القطاع، وارتفاع أسعار الكميات النادرة من السلع الغذائية في القطاع - إن وُجدت. أهمل X مشاركة هل تسمح بعرض المحتوى من X؟ تحتوي هذه الصفحة على محتوى من موقع X. موافقتكم مطلوبة قبل عرض أي مواد لأنها قد تتضمن ملفات ارتباط (كوكيز) وغيرها من الأدوات التقنية. قد تفضلون الاطلاع على سياسة ملفات الارتباط الخاصة بموقع X وسياسة الخصوصية قبل الموافقة. لعرض المحتوى، اختر "موافقة وإكمال" Accept and continue Accept and continue تحذير: بي بي سي غير مسؤولة عن محتوى المواقع الخارجية نهاية X مشاركة إلا أن ما حصل لاحقاً لا يقل سوءاً بالنسبة لمنذر، الذي لا يملك دخلاً منذ فقدانه عمله بعد بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولا يستطيع حتى اليوم توفير الطعام الكافي لعائلته المكونة حالياً من زوجته وأطفاله الخمسة ووالدته وشقيقه الذي يعاني من إعاقة. "كان عندي أربعة أولاد وابنتان، لكن بعد وفاة نضال أصبح لدي ثلاثة أولاد وابنتان"، يعاني سليم توأم نضال صحياً من سوء التغذية الحادة وكذلك الحال بالنسبة لطفلته البالغة من العمر سنة وستة أشهر إذ أخذت صحتها بالتراجع أيضاً، وفق والدهما. ويوضح منذر لـبي بي سي أن علبة الحليب سابقاً "كان سعرها بحدود 25 شيكل (العملة الإسرائيلية) -أي ما يعادل نحو 7 دولارات-، أما اليوم فسعرها يصل إلى نحو 200 شيكل -ما يعادل 60 دولاراً-". ويشير منذر إلى أنه حتى لو توفر ثمن الحليب في ظل قلة السيولة المالية، فإنه من الصعب أيضاً العثور عليه لندرته في القطاع. صدر الصورة، Munther Shurrab التعليق على الصورة، منذر يقبل طفله نضال لحظة وفاته - (الصورة من منذر شراب) لم نتمكن من الحصول على تفسير من طبيب اطلع على حالة الطفل نضال قبل وفاته. إلا أن مديرة أنشطة التمريض في منظمة أطباء بلا حدود جاك لاتور التي تعمل في عيادتين للرعاية الصحية الأولية إضافة إلى مجمع ناصر الطبي جنوب القطاع، قالت إنها وثّقت حالات نقص تغذية شديد بين الأطفال. وتضيف أنه "يجب أن نتحدث عن حقيقة أن سوء التغذية في حد ذاته انتشر بشكل كبير في كامل قطاع غزة. كل مؤشر غذائي يظهر لنا أن هناك تراجعاً حاداً بين جميع الفئات العمرية من حيث الوزن المتوسط، ومحيط الذراع العلوي المتوسط، وهو المقياس الذي نستخدمه لقياس سوء التغذية". صدر الصورة، Munther Shurrab التعليق على الصورة، كان الطفل نضال شراب يبكي باستمرار بسبب الجوع قبل وفاته بأسبوع، كما يقول والده الذي التقط له هذه الصورة صدر الصورة، Munther Shurrab التعليق على الصورة، انتشرت مقاطع فيديو على نطاق واسعة لعائلة منذر بعد وفاة ابنهم نضال لاتور التي تقيم في غزة منذ قرابة 8 أسابيع، تقول إن "طفلان توفيا الأسبوع الماضي بسبب نقص تغذية حاد فور وصولهما إلى الطوارئ في مستشفى ناصر". وتوضح أنه لعلاج الطفل من نقص التغذية "نحتاج إلى بقائه في المستشفى من أسبوع إلى أسبوعين حتى تستقر حالته، مع توفير مكملات غذائية خاصة، وهذا علاج طبي عالمي معتمد من منظمة الصحة العالمية واليونيسيف. نوفر حليباً خاصاً ليس لزيادة الوزن بشكل سريع، بل لتثبيت الأيض، لأن تقديم كميات كبيرة بسرعة يمكن أن يرهق الجسم ويؤدي إلى رفض الحليب، مما يسبب إسهالاً وقيئاً قد يؤدي إلى جفاف حاد وخطر على حياة الطفل. ونعالج المضاعفات الطبية التي أدت إلى دخول الطفل للمستشفى، والتي غالباً ما تكون مرتبطة بالإسهال والقيء الناتجين عن سوء المياه والتلوث". كما ينقل تقرير حديث نشره برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة عن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أن غزة "تواجه خطر المجاعة الشديد، إذ وصلت مؤشرات استهلاك الغذاء، وسوء التغذية إلى أسوأ مستوياتها منذ بدء الصراع". وتشير البيانات إلى أن أكثر من ثلث الفلسطينيين في قطاع غزة يظلون لأيام متتالية دون طعام، في حين يعاني أكثر من 500 ألف شخص من "ظروف شبيهة بالمجاعة". ويضيف التقرير أن "تضاعف معدل سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة أربع مرات في غضون شهرين، ليصل إلى 16.5 في المئة، مما يشير إلى تدهور حاد في التغذية وارتفاع حاد في خطر الوفاة بسبب الجوع وسوء التغذية". ولا يذكر التقرير أعداد الأطفال الذين لقوا حتفهم بسبب الجوع ويعزو ذلك إلى صعوبة الحصول على بيانات موثوقة في ظل الظروف الحالية في غزة، وتعرض النظم الصحية للدمار. "خبز وماء" "لم نتناول اللحم أو الدجاج منذ اختراق وقف إطلاق النار الأخير، آخر مرة تناولناها في رمضان"، تقول هبة ويليام (36 عاماً) الأم لـ 3 أولاد وابنة، أكبرهم 14 عاماً وأصغرهم طفلتها ذات الخمسة أعوام. بقيت هبة مع أطفالها وزوجها في منزلهم في النصيرات الوسطى قرب محور نتساريم، لكن نزح عدد من أفراد العائلة الممتدة، وأصبح مجموع من يعيشون في المنزل 18 شخصاً. رغم ذلك تشرح هبة أن كل عائلة صغيرة داخل المنزل مسؤولة عن تحصيل الطعام الخاص بها، نظراً "لصعوبة توفير الطعام والغلاء الفاحش". وفي غالبية الأحيان، تكتفي عائلة هبة المكونة من 6 أفراد، بكيلو غرام من الطحين يومياً، بما يوفر رغيفي خبز لكل فرد طوال اليوم. وتضطر في بعض المرات هي وزوجها للتنازل عن حصتهم الثانية من الخبز تحسباً لشعور أحد الأطفال بالجوع في صباح اليوم التالي. "نصنع من الطحين خبزاً، أحياناً الأطفال يحمصونه ويأكلونه جافاً وأحياناً عند توفر الدقة [تشبه الزعتر المطحون] يضعونها في الخبز حسب المتاح. لكن المهم هو توفر الخبز. تقريباً نحن نعيش على الماء والخبز لأن باقي الأشياء حتى لو توفرت لا يوجد إمكانية مادية لشرائها"، تقول هبة. يشار أيضاً إلى أن قطاع غزة يعاني من أزمة في توفر المياه منذ بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وتضيف هبة: أحياناً يتوفر العدس، نصنع منه ما هو شبيه بـ "الدقة الغزاوية"، أما خبز العدس فلم يتقبله الأطفال. بالنسبة للفواكه والخضار فهي غير متوفرة أيضاً. تتذكر أنها تمكنت من الحصول على كيلو غرام من العنب لأطفالها الشهر الماضي، لكن فيما عدا ذلك فإنهم لم يتناولوا الفواكه منذ شهر رمضان، أي قبل نحو أربعة أشهر. وفي السوق لا تجد هبة أياً من الأجبان أو الحليب أو البيض، ومن النادر توفر الخضراوات التي يتمكنون من شرائها عند انخفاض سعرها، لافتة إلى أن زوجها تحول عمله من باحث اجتماعي قبل الحرب، إلى مراقب عمال نظافة في شركة خاصة بعد الحرب، ولا يتقاضى راتباً ثابتاً، فيما لا يتجاوز دخله 1200 شيكل شهرياً - أي ما يعادل 353 دولاراً - بينما لم يعد لدى هبة المختصة في مجال الإعلام أي عمل. يقول أستاذ التغذية العلاجية البروفيسور معز الإسلام فارس لـبي بي سي، إن الإنسان يحتاج لجميع العناصر الغذائية سواء "من العناصر الغذائية الكبرى: الكربوهيدرات، والبروتينات، والدهون. والعناصر الصغرى: الفيتامينات والمعادن. عدم توفر هذه العناصر يؤدي لاختلال وظيفي، وتعطل واحد أو أكثر من الوظائف الحيوية في الجسم". ويوضح فارس أن الاختلال قد يضرب الجهاز العصبي، أو القلب، أو المناعي وهو الأكثر تأثراً عند نقص التغذية المتوازنة، مما يعرض الجسم للعدوى والإصابة بأمراض سارية. ويُشير تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي عن غزة، الصادر في 12 مايو/أيار، إلى أن جميع السكان يعيشون في مرحلة الأزمة (المرحلة الثالثة) وما فوق. وتوقع التقرير أن يعاني ما يقرب من 469,500 شخص من انعدام الأمن الغذائي الكارثي (المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي) بين مايو/أيار، وسبتمبر/أيلول 2025. "صناديق المساعدات" وتخاف هبة على ابنها الأكبر البالغ من العمر 14 عاماً، لأنه في مرحلة المراهقة ويذهب أحياناً إلى أماكن المساعدات دون إخبارها. وتقول: "توجه لمركز المساعدات الإنسانية دون إبلاغي مع مجموعة من أبناء الحي، ثم تعرضوا هناك لإطلاق النار، خوفه دفعه للتراجع، دون الحصول على أي صندوق مساعدات. لكن في طريق العودة أخبرها أنه ساعد مجموعة من الأشخاص على حمل كيس طحين كبير، فمنحوه كنوع من الشكر كيلو غراماً من الطحين". ثم تتحدث عن قصة أخرى حين توجه ابنها قبل أيام لمشاهدة إنزال جوي وعند اقترابه من علبة حليب على الأرض، توجه أحد الموجودين هناك نحوه وهدده ليتركها. وتستذكر بحرقة ما قاله ابنها "عاد إلي خائفاً، أخبرني أنه تعرض للتهديد بعصا أو بسلاح، أعاد علبة الحليب، وقال لمن هدده (خذها يا عم)". تتابع: "الطفل يشعر بالجوع أنا لم أستثمر كل سنوات عمري من أجل أن يحلم أطفال بكيس طحين". لكن، هل تكفي محتويات صناديق المساعدات؟ حلل قسم تقصي الحقائق في بي بي سي - (BBC Verify)، قبل أيام ما يحتويه صندوق المساعدات الغذائية الذي توزعه مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) المثيرة للجدل، والمدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة. وذكرت المؤسسة لقسم تقصي الحقائق في بي بي سي أن صناديق المساعدات الغذائية تحوي ما يعادل 42,500 سعرة حرارية تكفي لـ "5.5 أشخاص لمدة 3.5 أيام". وتحتوي على أطعمة جاهزة للأكل مثل ألواح الحلاوة الطحينية (خليط من الطحينة أو معجون السمسم والسكر). وتحتوي أيضاً على العدس والزيت النباتي وأحياناً بعض البدائل مثل الشاي والشوكولاتة. وعمل أستاذ تنمية المعونة الدولية في كلية لندن للاقتصاد البروفيسور ستيوارت جوردون، على تحليل القائمة التي قدمتها مؤسسة غزة الإنسانية لفريق تقصي الحقائق، وقال إنه على الرغم من قدرتها على توفير السعرات الحرارية الكافية للبقاء على قيد الحياة، إلا أن فيها "نقاط ضعف خطيرة". وأوضح البروفيسور: "في جوهرها، توفر هذه السلة إحساساً بالشبع ومعدة خالية من الغذاء. العيب الأكبر في كونها سلة طعام للإسعافات الأولية، مصممة للتخفيف من الشعور بالجوع". وقال إن "اتباع نظام غذائي كهذا على مدى أسابيع سيزيد من خطر الإصابة بأمراض مثل فقر الدم ونقص فيتامين سي الحاد (الإسقربوط)". بينما شرح معز الإسلام فارس أستاذ التغذية العلاجية لـبي بي سي عربي أن صندوق المساعدات لمن يتمكن من الحصول عليه، يمنح الإنسان "الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة. ولكن لا يعطيه حاجته من الطاقة الكلية والعناصر الغذائية الكبرى والصغرى من البروتينات والمعادن والألياف. والكثير يعانون من مشاكل في الجهاز الهضمي بسبب ذلك". وأضاف أنه "يجب ان يكون هناك تنوع في المساعدات بحيث يغطي المجموعات: كالنشويات (طحين، أرز)، واللحوم المعلبة أو المجففة ويفضل أن تكون معلبة لأن فترة صلاحيتها أطول، والحليب الجاف كمصدر عالي للبروتين والكالسيوم، ودهون مثل زيت الزيتون، وطحينية السمسم، وفواكه مجففة، وخضار مجففة، وخضار معلبة". ويرى فارس الذي نشر بحثاً عن الوضع الغذائي في السنة الأولى من حرب غزة بالتعاون مع أطباء وباحثين في القطاع، أن "الوضع لا يحتمل إلا شيئاً واحداً فقط وهو إنهاء الحرب، لأن أي حل آخر هو حل مجتزأ في ظل الحاجات الإنسانية الماسة في القطاع". وتتهم حركة حماس إسرائيل بـ"تحويل الغذاء إلى سلاح قتل بطيء، وتحويل المساعدات إلى أداة فوضى ونهب"، مشيرة إلى أن قطاع غزة "يواجه مجاعة كارثية بفعل حصار شامل ومستمر". بينما ترفض إسرائيل هذه الاتهامات وتنفي وجود مجاعة في القطاع. على المدى البعيد: ما أثر نقص التغذية المحتمل على الفلسطينيين؟ لا يقتصر أثر نقص التغذية على المدى القصير بل يمتد إلى "المدى البعيد حيث قد تتراجع معدلات النمو، كما قد تتراجع القدرات الذهنية والعقلية، إضافة للضعف الشديد في بنية الجسم، مع احتمالية استمرار الآثار السلبية على المدى البعيد، خاصة للأطفال الصغار، فكلما كان الطفل أصغر سناً، كلما كان أثر نقص التغذية أشد وأخطر ويؤدي إلى مشاكل مثل ضعف القدرات العقلية"، يقول فارس. في حين تقول جاك لاتور مديرة أنشطة التمريض من أطباء بلا حدود "عند الإصابة بنقص التغذية، نلاحظ انخفاضاً في المناعة، مما يجعل الجسم أضعف وأكثر عرضة للإصابة بالعدوى، ويصبح أقل قدرة على مقاومتها. الالتهاب الرئوي عند طفل يعاني من نقص تغذية شديد، يختلف كثيراً عن طفل سليم، إذ تكون التوقعات الطبية أسوأ، مع معدلات وفاة أعلى، وفترات علاج أطول". وتلفت لاتور إلى أن منظمة أطباء بلا حدود في غزة تعمل على رعاية الأطفال من سن ستة أسابيع وحتى خمس سنوات، إضافة للنساء الحوامل والمرضعات، وهذه هي الفئات الأكثر عرضة للوفاة، كما تقول. وتفيد بأن الأطفال الذين يعانون من نقص تغذية خلال فترات النمو الحرجة يتأثر تطورهم سلباً، بما يشمل التطور النفسي والاجتماعي والعقلي والعصبي. "فالطفل يصبح أكثر نعاساً، خمولاً، ولا يستجيب للمحفزات الاجتماعية حوله، مما يؤثر على الترابط بينه وبين الأم، خصوصاً وأن الأم نفسها غالباً ما تعاني من نقص تغذية وتعيش في خيمة، وتكافح من أجل البقاء يومياً". وتضيف: "وجود طفل يعاني نقص تغذية ويتفاعل أقل مع المحيط الاجتماعي قد يكون بمثابة حكم بالموت عليه، خاصة إذا تأثر الارتباط بين الأم والطفل. في هذه الظروف التي يحاول فيها الجميع البقاء على قيد الحياة، هناك خطر حقيقي أن يفقد الطفل رغبته في المقاومة، ويصبح لا مبالياً بكل ما حوله"، تقول.


نافذة على العالم
منذ 5 أيام
- نافذة على العالم
أخبار العالم : "كل يوم أخشى أن أفقد طفلي": معاناة الفتيات مع الإجهاض في مخيمات تعز
الأربعاء 30 يوليو 2025 08:40 صباحاً نافذة على العالم - التعليق على الصورة، وضعت أم صهيب قبل أسابيع ولدها الأول بعد أن أجهضت مرتين بسبب الظروف في مخيم جبل زيد Article Information Author, أميرة مهذبي Role, بي بي سي عربي قبل 2 ساعة في مخيم البيرين للاجئين في تعز جنوب غرب اليمن، تعيش ميساء (اسم مستعار) في قلق مستمر، تنتظر يوم تضع وليدها بصحة هذه المرة بعد أن فقدت جنينها الأول قبل عام. ميساء الحامل في الشهر التاسع، هي طفلة في سن الرابعة عشر. زوّجها والدها قبل عامين وهي في الثانية عشر من عمرها من رجل في العشرين من عمره، بعد اشتداد الضيق بالعائلة التي نزحت من المخا إلى مقبنة هربا من الحرب. ميساء حملت لأول مرة وهي في الثالثة عشر من عمرها، لكن حملها لم يدم طويلاً بسبب ظروف مخيم البيرين الذي يفتقر مركزه الصحي إلى الإمكانيات اللازمة لحماية صحتها وصحة جنينها من المخاطر. "في مركز الرعاية هنا قالوا لنا إن ليس لديهم لا أجهزة ولا حقن تساعد ميساء، مسكنات الألم هي أقصى ما يمكنهم تقديمه"، تقول عمة ميساء التي تقوم برعايتها. ويحتاج الذهاب إلى مستشفيات أو مراكز صحية أخرى مالاً لا تملكه العائلة التي بالكاد توفر قوتاً يبقيها على قيد الحياة، حيث يبعد أقرب مركز عن المخيم أكثر من خمسين كيلومترا. أجهضت ميساء جنينها الأول وتعرضت لنزيف كاد يفقدها حياتها. لكنها الآن في الشهر التاسع من حملها الثاني، وتعتمد على عمتها التي تقدم لها الدعم من خبرتها كامرأة وأم فقط. ولا تزال ميساء تعيش في رعب من أن تلقى مصير غيرها من الفتيات في المخيم مثل وئام (اسم مستعار) التي أجهضت مرتين ولم يبلغ عمرها 15 عاما. ويقول مسؤول مخيم البيرين، سيد حسن علي عبدو لبي بي سي إن "كثيرات من نساء المخيم يجهضن في الشهر السابع أو الثامن للحمل بسبب سوء التغذية واضطرارهن لحمل الحطب وجلب الماء، بالإضافة إلى افتقار المركز الصحي لجهاز للفحوصات والمعاينة للحوامل أو غرف مخصصة لمتابعة الحمل والولادة". التعليق على الصورة، يفتقر المركز الصحي في مخيم البيرين لمستلزمات متابعة الحمل والولادة. "نجا جنيني الثالث من الإجهاض لكني لا أجد له غذاء" في مخيم جبل زيد في تعز، غير البعيد عن البيرين تعيش "أم صهيب"، شقيقة ميساء التي زوّجها والدها هي الأخرى في سن الرابعة عشر، وتقترب الآن من عامها الثامن عشر. أجهضت أم صهيب مرتين قبل أن تنجب مولودها الأول منتصف شهر حزيران/يونيو هذا العام. كانت طفلة لم تبلغ الخامسة عشرة من العمر حين حملت أول مرة. حينها، لم تجد في المخيم حتى ما يكفي من القوت لها ولجنينها الذي لم يصمد أكثر من خمسة أشهر. "أتعبني الحمل كثيرا ولم أجد أي مساعدة، وكنت اضطر للتنقل وأنا حامل من مكان إلى آخر لجمع الفضلات البلاستيكية وبيعها لتوفير قليل من القوت. لم يدخل جسمي ما يكفي من الأكل طوال فترة الحمل، فأجهضت" تقول أم صهيب. الآن وقد أنجبت أم صهيب مولودها الأول بعد إجهاضين وحمل مرهق، لا يبدو على صوتها ووجهها أي فرح أو أمل. مازالت تشعر باليأس والعجز وهي الآن لا تستطيع توفير قوت رضيعها. "طرقت كل باب لتوفير غذاء لرضيعي، طلبت المساعدة من الجمعيات الخيرية والمنظمات الإنسانية لكن لم يستجب أحد. قالوا إن ليس لديهم غذاء ولا أي مال يساعدني. غلاء المعيشة يفوق طاقتنا. نجا طفلي من الإجهاض لكني لا أعرف الآن كيف سأحافظ على حياته بدون غذاء ولا دواء". معاناة أم صهيب ليست استثناء في اليمن فنحو 1.2 مليون مرضعة وحامل في البلاد يعانين من سوء تغذية حاد، حسب تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان لعام 2025. في محافظة تعز حيث مخيمي البيرين وجبل زيد ومخيمات أخرى، قال مدير عام مكتب الصحة والسكان عبد الرحمن أحمد صالح لبي بي سي، إن "خطر سوء التغذية الذي تعانيه الأمهات في هذه المخيمات لا يقتصر على الإجهاض ومضاعفاته الخطيرة فحسب، إنما تسبب زيادة نسب التشوهات الخلقية للمواليد". ويأوي مخيم البيرين 315 أسرة تتكون أقلها من سبعة أفراد، حسب ما قال لنا مسؤول المخيم. بينما تعيش في مخيم جبل زيد 220 أسرة. نزحت هذه الأسر هربا من الحرب ومازالت أعدادها تتزايد مع استمرار الحرب في البلاد. يسكن النازحون هناك في خيام قماشية أو غرف طينية تفتقر لأبسط أساسيات الحياة، ولا توفر لهم حماية من تقلبات الطقس، فلا تقي من الحر ولا من البرد. وتفاقم أزمة الغذاء في اليمن من سوء أوضاعهم. "نعيش في مخيم البيرين على وجبة واحدة في اليوم، علينا تقسيط القليل الذي نحصل عليه حتى نعيش"، تقول عمة ميساء لبي بي سي. التعليق على الصورة، تحتاج نحو 9.6 مليون امرأة وفتاة في اليمن للمساعدة في مواجهة عجز متفاقم في الحصول على خدمات أساسية تموت امرأة عند الولادة كل ساعتين في اليمن تسجل اليمن أعلى معدلات وفيات الأمهات أثناء الولادة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ووفقًا لتقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان في يوليو/تموز 2025، تفقد امرأة حياتها كل ساعتين أثناء الولادة، وتتم ست من كل عشر ولادات دون وجود طواقم طبية مؤهلة. ويشير التقرير إلى أن مركزًا صحيًا واحدًا فقط من بين كل خمسة مراكز عاملة يقدّم خدمات رعاية الأمومة والطفل لما يقارب خمسة ملايين امرأة يمنية في سن الإنجاب. أرقام مقلقة لكنها أقل من الواقع بالنظر إلى أن التقرير الأممي يعد سن الإنجاب بين 15 و49 عاماً؛ أي أن فتيات مثل ميساء حملن قبل بلوغ الخامسة عشر لسن ضمن هذه الإحصاءات. لا يحدد القانون اليمني سناً للزواج، وتقدر منظمة العفو الدولية أن ثلث النساء في اليمن يتزوجن تحت سن الثامنة عشر. تراجع مستمر للدعم الدولي لليمنيين ينذر بوضع أخطر التعليق على الصورة، يأوي مخيم البرين 315 أسرة تتكون أقلها من سبعة أفراد يعيشون في خيم من قماش أو غرف من طين تفتقر لأبسط مقومات الحياة يعتمد جزء كبير من الخدمات الصحية في اليمن، بما فيها صحة الأمومة والطفل، على الدعم الإنساني قصير المدى. لكن هذا الدعم يتراجع منذ سنوات مع انخفاض تمويل بعض المنظمات الدولية وانسحاب أخرى تماماً، خاصة بعد تصنيف الولايات المتحدة جماعة أنصار الله الحوثية منظمة إرهابية. في مؤتمر صحفي في مايو/ أيار هذا العام، قال مكتب المتحدث باسم الأمم المتحدة إن "التخفيضات غير المسبوقة في التمويل التي شهدها القطاع الإنساني في اليمن تجبر المنظمة وشركاءها على تقليص البرامج التي تنقذ الأرواح بشكل كبير" وإنه في حال لم يتوفر التمويل المطلوب فإنه "من المتوقع أن ترتفع معدلات الوفيات والمرض مع إغلاق المرافق الصحية وتزايد تفشي الأمراض". من جهتها أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في أغسطس العام الماضي أن التمويل المتوفر لديها غير كاف للاستجابة للحاجات الإنسانية الحرجة. وسط هذه النداءات الإنسانية، جاء قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يناير/كانون الثاني من هذا العام بوقف المساعدات الخارجية الأمريكية، مما فاقم الأزمة، خاصة وأن الولايات المتحدة كانت أكبر جهة مانحة لليمن خلال السنوات الخمس الماضية. وينقل تقرير منظمة العفو الدولية الصادر في أبريل/ نيسان 2025 عن خبراء وعمال إغاثة في اليمن أنه إذا لم تتراجع الإدارة الأمريكية عن قرار قطع المساعدات الأمريكية المعلن بداية العام فإن "عشرات المراكز الصحية وعيادات الصحة الإنجابية ستغلق، مما سيحرم مئات الآلاف من النساء والفتيات، من بينهن الناجيات من العنف القائم على نوع الجنس، من الرعاية الصحية والنفسية المنقذة للحياة". في محافظة تعز، يقول مدير مكتب الصحة لبي بي سي إن توقف الدعم الأمريكي أدى إلى إغلاق 106 مراكز صحية في المحافظة، من بينها وحدات ومراكز صحية متنقلة كانت تخدم النازحين، كما تسبب في فقدان 450 من العاملين في القطاع الصحي لوظائفهم.