logo
«بثوث»  تنتهي في المحاكم !

«بثوث» تنتهي في المحاكم !

عكاظمنذ 2 أيام
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة لافتة على منصات التواصل الاجتماعي، إذ يثير بعض صنّاع المحتوى المتابعين عمداً عبر بثوث مباشرة، تدفع البعض للانفعال أو الرد بألفاظ مسيئة لا تليق، ليتم لاحقاً توثيق تلك الردود ورفع دعاوى قضائية ضد المسيئين، طلباً للتعويض.
وهذه الممارسة التي وُصفت من قبل البعض بـ«الاستفزاز المقصود»، أثارت تساؤلات قانونية وأخلاقية، خصوصاً مع تزايد الحالات الموثقة والمطالبات المالية المرتفعة التي يُجبر المتابعون على دفعها. والتقت «عكاظ» بالمحامي عبدالله الكاسب؛ الذي أوضح الإطار القانوني الحاكم لمثل هذه السلوكيات. ويرى أن ما يقوم به بعض صنّاع المحتوى قد يدخل ضمن نص المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، التي تجرم كل ما يمس بالنظام العام أو القيم الدينية أو الآداب العامة أو حرمة الحياة الخاصة، وتصل عقوبتها إلى السجن خمس سنوات وغرامة ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
كما أشار إلى ما تنص عليه المادة الخامسة من نظام الإعلام المرئي والمسموع، التي تُلزم بمراعاة ضوابط المحتوى، بما في ذلك احترام الذات الإنسانية، وعدم إثارة النعرات والكراهية، أو التحريض على العنف، أو تهديد السلم المجتمعي، وهو ما يتواءم مع ما أكد عليه النظام الأساسي للحكم في مادته الثانية عشرة، التي شدّدت على تعزيز الوحدة الوطنية ومنع الفتنة والانقسام.
الحرية لا تعني التجاوز
طبقاً للمحامي الكاسب، فإن لم تتضمن محتويات البث ما يخرق الأنظمة السابقة، فإن السلوك يُعدّ في نطاق حرية التعبير المكفولة نظاماً، إلا أن الردود التي تتضمن سباً أو قذفاً تخرج من هذا الإطار، ويحق لصانع المحتوى حينها رفع دعاوى جزائية ومدنية ضد من أساء إليه، حتى إن كان قد بدأ هو بالاستفزاز غير المجَرَّم، مشدداً على ضرورة وعي مستخدمي المنصات بأن القذف والشتم عبر الإنترنت جرائم معلوماتية يعاقب عليها النظام بالسجن مدة تصل إلى سنة، أو غرامة تصل إلى 500 ألف ريال، أو بهما معاً، وفقاً للمادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.
وختم الكاسب بالقول: «حرية الرأي لا تعني تجاوز الحدود النظامية، والمتابع وإن استفُز يبقى مسؤولاً قانونياً عمّا يكتبه أو يقوله، خصوصاً إذا وثّق ذلك بالصوت أو الصورة».
توصيف الاستفزاز المتعمد
المحامي والمستشار القانوني سعد علي الشهراني، قدم لـ«عكاظ» رؤية قانونية موسعة حول توصيف ظاهرة الاستفزاز المتعمد في البثوث المباشرة، مبيناً أنها وإن كانت من الزاوية الأخلاقية مدانة، إلا أن توصيفها القانوني يختلف بحسب طبيعة السلوك. وقال: إن هذا النوع من الاستفزاز قد يُصنف قانونياً ضمن جريمة التشهير أو الإساءة إذا تضمن ألفاظاً تمس الكرامة أو السمعة، وذلك وفقاً للمادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، التي تُجرّم التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر الوسائل التقنية. وأوضح أن هذه الأفعال تشمل حالات الاستفزاز المتعمد لاستدراج ردود سلبية من المتابعين.
وأشار الشهراني إلى أن السلوك الاستفزازي قد يُعد تحريضاً إذا هدف إلى دفع المتابعين لارتكاب أفعال مجرّمة كالقذف أو التهديد، وهو ما يندرج تحت المادة التاسعة من النظام ذاته. وأضاف أن تجاوز حدود التعبير إلى المساس بالقيم الدينية أو الآداب العامة أو النظام العام، يُدخل الفعل تحت طائلة المادة السادسة، التي تجرّم إنتاج أو إرسال أو تخزين ما من شأنه المساس بحرمة الحياة الخاصة أو النظام العام عبر الشبكة المعلوماتية.
استدراج الردود المسيئة
وبيّن الشهراني أن الاستفزاز، بمختلف أشكاله، لا يُسقط صفة التجريم عن الرد إذا بلغ مستوى السب أو القذف، إلا أنه قد يُؤخذ بعين الاعتبار لتخفيف العقوبة أو التأثير في تقدير المسؤولية، لا سيما إذا ثبت أنه كان ممنهجاً ومقصوداً، وتضمّن دلائل واضحة على النية الاستدراجية لصانع المحتوى.
وفي ما يتصل بالمسؤولية، أوضح الشهراني أنه إذا ثبت تعمّد صانع البث استخدام عبارات مواربة أو استفزازية متكررة بهدف استدراج ردود مسيئة من المتابعين، فإن القضاء قد لا يقر بمسؤوليته الكاملة، وقد يُنظر إلى سلوكه بوصفه تحريضاً ناعماً غير منصوص عليه صراحةً، لكنه يُكيف وفقاً للنية الظاهرة وسلوك الطرفين، وقد يُدرج تحت مظلة سوء الاستعمال أو الاحتيال المعنوي.
وأكد أن الردود التي تتضمن سباً أو تهديداً أو قذفاً تُعد إساءات يعاقب عليها النظام بغض النظر عن الاستفزاز السابق، غير أن القضاء لا يفصل الألفاظ عن سياقها، بل يُحلل البث بالكامل، ويراعي الظروف والنية والسلوك المتبادل. وأضاف أن السياق الكامل، لا المقاطع المجتزأة، هو ما يُعتد به قضائياً عند تقدير العقوبة، تحقيقاً للعدالة، خصوصاً إذا ثبت أن الفعل الأصلي كان سبباً مباشراً في رد الفعل.
الاستفادة من
الفعل غير المشروع
وعن مدى أحقية صانع البث بالمطالبة بتعويض إذا كان هو من بدأ بالإساءة، أوضح الشهراني أن الأمر خاضع لجملة من المبادئ القانونية؛ من أبرزها مبدأ «عدم جواز الاستفادة من الفعل غير المشروع»، فإذا ثبت أن صانع المحتوى استدرج المتابعين عمداً بقصد الكسب، فإن دعواه تُعد غير محقّة. كما أشار إلى مبدأ «الخطأ المشترك» الذي يأخذ به القضاء حال تبادل الإساءة، بحيث يُخفف أو يُسقط التعويض إذا ثبتت مسؤولية الطرفين.
وأكد أن العلاقة السببية بين الضرر ورد المتابع قد تنتفي إذا كان صانع البث هو من تسبب فعلياً في رد الفعل المسيء، وبالتالي لا تُقبل دعواه على أساس التعويض إلا إذا وُجد رابط مباشر بين الفعل والضرر.
وأضاف أنه لا يمكن الجزم بتوجه القضاء في هذا النوع من القضايا لعدم توفر سوابق منشورة تتعلق بالاستفزاز في البث المباشر، موضحاً أن آخر السوابق القضائية المنشورة تعود لعام 1435هـ، وهي مرحلة لم تكن فيها هذه الظواهر الرقمية قد انتشرت كما هو الحال اليوم.
وتابع أن استخدام البث المباشر كوسيلة لاستفزاز المتابعين وتوثيق ردودهم لرفع دعاوى تعويضية، يُعد نوعاً من إساءة استخدام التقنية، بل وقد يُكيف كاحتيال معنوي إذا ثبت تكراره أو توفرت دلائل على نية مسبقة للإيقاع بالآخرين، مما يدخله تحت نطاق المادة (3/‏‏‏5) من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.
ملاحقة السلوكيات المستحدثة
أشار المحامي الشهراني إلى الحاجة الملحّة لتحديث نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، لمواكبة السلوكيات الرقمية المستحدثة، لا سيما في ظل تنامي استخدام الذكاء الاصطناعي والمحتوى المفبرك، مشدداً على ضرورة وعي المستخدمين بمخاطر التفاعل السلبي مع المحتوى الاستفزازي.
وأوضح أن أي رد فعل يتضمن شتائم قد يُعرض صاحبه للمساءلة، مهما كانت الدوافع، وأن تسجيل البث كاملاً يعد وسيلة دفاع قانونية فعالة، فيما يبقى الخيار الأنسب قانونياً هو تجاهل الإساءة والإبلاغ عنها للجهات المختصة مثل هيئة الاتصالات أو النيابة العامة.
وأضاف: إن الجهل بالقانون لا يُعد عذراً، وإن الفضاء الرقمي ليس خالياً من المسؤولية القانونية، مؤكداً أن الحذر والالتزام هما السبيل لتجنّب الوقوع تحت طائلة المساءلة النظامية.
مخالفة لنظام جرائم المعلومات
المحامية والمحكّمة التجارية الدكتورة رباب أحمد المعبي، أشارت إلى أن البثوث المباشرة على منصات التواصل الاجتماعي تحوّلت في بعض الحالات إلى بيئة خصبة للتنمر، والسب، والقذف، والتشهير، محذّرة من مغبّة الانسياق خلف ردود الفعل العاطفية، والتعامل مع هذه التجاوزات بأسلوب المواجهة المباشرة.
وتوضح، أن هذه الممارسات تُعد مخالفة صريحة لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، لافتة إلى أن المادة الثالثة من النظام تنص على معاقبة مرتكب جريمة القذف أو التشهير بالسجن لمدة لا تزيد على سنة، أو الغرامة التي لا تتجاوز 500 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وشددت المعبي على أن الخطوة الأولى التي ينبغي اتخاذها في حال التعرض للإساءة هي توثيق المحتوى، سواء كان بثاً مباشراً أو مقطع فيديو أو تعليقاً كتابياً، على أن يتضمن التوثيق تاريخ النشر واسم الحساب أو الرابط المباشر، ومن ثم التقدم بلاغ رسمي، داعية إلى أهمية الوعي القانوني في البيئة الرقمية، وكذلك الأفراد إلى التعامل مع هذه القضايا بنضج ومسؤولية، وقالت: «الرد لا يكون ببث مباشر مضاد أو بمواجهة المتجاوز، بل بالرجوع إلى النظام، فحماية السمعة لا تُنتزع بالصراخ، بل تُسترد بالقانون».
أخبار ذات صلة
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

القبض على (13) مخالفًا لنظام الحدود لتهريبهم (169) كيلوجرامًا من "القات"
القبض على (13) مخالفًا لنظام الحدود لتهريبهم (169) كيلوجرامًا من "القات"

الرياض

timeمنذ 29 دقائق

  • الرياض

القبض على (13) مخالفًا لنظام الحدود لتهريبهم (169) كيلوجرامًا من "القات"

قبضت الدوريات البرية لحرس الحدود في قطاع الربوعة بمنطقة عسير على (13) مخالفًا لنظام أمن الحدود من الجنسية الإثيوبية، لتهريبهم (169) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر، واستُكملت الإجراءات النظامية الأولية بحقهم، وسُلموا والمضبوطات لجهة الاختصاص. ‏‎وتهيب الجهات الأمنية بالإبلاغ عن كل ما يتوافر من معلومات لدى المواطنين والمقيمين عن أي نشاطات ذات صلة بتهريب أو ترويج المخدرات، وذلك من خلال الاتصال بالأرقام (911) في مناطق مكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض والشرقية و(999) و(994) في بقية مناطق المملكة، ورقم بلاغات المديرية العامة لمكافحة المخدرات (995)، وعبر البريد الإلكتروني (Email: 995@ وستعالج جميع البلاغات بسرية تامة دون أدنى مسؤولية على المبلّغ.

"المرور السعودي": ثواني الغفلة قد تتحول إلى خطر حقيقي على الطريق
"المرور السعودي": ثواني الغفلة قد تتحول إلى خطر حقيقي على الطريق

صحيفة سبق

timeمنذ 30 دقائق

  • صحيفة سبق

"المرور السعودي": ثواني الغفلة قد تتحول إلى خطر حقيقي على الطريق

نبهت الإدارة العامة للمرور عبر حسابها الرسمي إلى أهمية التركيز الكامل أثناء القيادة، مؤكدة أن الانشغال لثوانٍ معدودة قد يؤدي إلى انحراف المركبة عن المسار، ما يعرض السائق والآخرين لخطر الحوادث. وجاء ذلك في تغريدة توعوية نشرتها الإدارة تحت وسم "سلامتك تهمنا"، مشيرة إلى أن التركيز على الطريق هو أحد أبرز سلوكيات القيادة الآمنة التي يجب الالتزام بها. وتضمنت الرسالة التوعوية تصميمًا بصريًا يوضح بجلاء كيف يمكن لانشغال السائق، حتى للحظات بسيطة، أن يتسبب بانحراف المركبة عن خطها الصحيح، مما يشكل تهديدًا حقيقيًا لسلامة مستخدمي الطريق الآخرين. وأظهرت الصورة مركبة زرقاء تنحرف تدريجيًا عن مسارها، مع وجود مركبة أخرى في الخلف في وضعية قريبة، في تجسيد دقيق لاحتمالات التصادم الناتج عن قلة التركيز. وأكدت الإدارة العامة للمرور أن تعزيز الوعي المروري عنصر أساسي في رفع مستوى السلامة على الطرق، داعية السائقين إلى تجنب استخدام الهواتف المحمولة أو الانشغال بأي عامل خارجي خلال القيادة، حفاظًا على الأرواح والممتلكات.

الجهات الأمنية تضبط 21 مهربًا ومروجًا وتُحبط تهريب كميات من المخدرات في عسير وجازان
الجهات الأمنية تضبط 21 مهربًا ومروجًا وتُحبط تهريب كميات من المخدرات في عسير وجازان

صحيفة سبق

timeمنذ 34 دقائق

  • صحيفة سبق

الجهات الأمنية تضبط 21 مهربًا ومروجًا وتُحبط تهريب كميات من المخدرات في عسير وجازان

في جهود متواصلة لحماية المجتمع وتعزيز الأمن، تمكنت الجهات الأمنية المختصة من تنفيذ سلسلة من العمليات الأمنية الناجحة التي أسفرت عن ضبط كميات من المواد المخدرة، وضبط عدد من المخالفين والمروجين في منطقتي عسير وجازان، وذلك في إطار العمل المشترك بين حرس الحدود، ودوريات الأفواج الأمنية، والإدارة العامة للمجاهدين. ففي قطاع الربوعة بمنطقة عسير، قبضت الدوريات البرية التابعة لحرس الحدود على (13) مخالفًا لنظام أمن الحدود من الجنسية الإثيوبية، بعد تورطهم في تهريب (169) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر، حيث استُكملت بحقهم الإجراءات النظامية الأولية، وسُلموا مع المضبوطات إلى جهة الاختصاص. وفي قطاع العارضة بمنطقة جازان، ألقت الدوريات البرية لحرس الحدود القبض على (5) مخالفين لنظام أمن الحدود من الجنسية الإثيوبية، حاولوا تهريب (56.6) كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر، وتمت إحالتهم إلى جهة الاختصاص بعد استكمال الإجراءات النظامية. كما قبضت دوريات الأفواج الأمنية بمنطقة جازان على مواطن في محافظة الدائر، لترويجه (19) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر، حيث تم توقيفه واتُّخذت الإجراءات النظامية بحقه، وأحيل إلى جهة الاختصاص. وفي منطقة عسير، تمكنت دوريات الأفواج الأمنية من ضبط مواطن في محافظة الفرشة، بعد ضبط (25) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر بحوزته، وتم توقيفه واتُّخذت الإجراءات النظامية بحقه، وأحيل للجهة المختصة. وفي سياق متصل، ألقت دوريات الإدارة العامة للمجاهدين بمنطقة جازان القبض على مخالف لنظام أمن الحدود من الجنسية الإثيوبية، بعد ضبطه وهو يروّج مادة الإمفيتامين المخدر، وجرى إيقافه، واستُكملت بحقه الإجراءات النظامية، وأُحيل إلى جهة الاختصاص. ‏‎وتهيب الجهات الأمنية بالإبلاغ عن كل ما يتوافر من معلومات لدى المواطنين والمقيمين عن أي نشاطات ذات صلة بتهريب أو ترويج المخدرات، وذلك من خلال الاتصال بالأرقام (911) في مناطق مكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض والشرقية و(999) و(994) في بقية مناطق المملكة، ورقم بلاغات المديرية العامة لمكافحة المخدرات(995)، وعبر البريد الإلكتروني (Email:995@ وستعالج جميع البلاغات بسرية تامة دون أدنى مسؤولية على المبلّغ.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store