
القاهرة تكشف خلية 'حسم الإرهابية' وتقضي عليها…
الشرق الأوسط – أعلنت الداخلية المصرية، الأحد، مداهمة وكر لحركة «حسم» التابعة لجماعة «الإخوان». ووفق الإفادة، فإنه وردت معلومات أفادت باضطلاع قيادات بحركة «حسم»، الجناح العسكري لجماعة «الإخوان» الهاربة في تركيا، بالإعداد والتخطيط لمعاودة إحياء نشاطها وارتكاب عمليات عدائية تستهدف المنشآت الأمنية والاقتصادية في البلاد.
وقالت الوزارة إن «حركة (حسم) خططت لعملياتها من خلال دفع أحد عناصرها الهاربين بإحدى الدول الحدودية، والذي يتلقى تدريبات عسكرية متطورة بها للتسلل للبلاد بصورة غير شرعية لتنفيذ المخطط المشار إليه».
وأشارت إلى أن الحركة «أعدت مقطع فيديو تداولته كثير من مواقع التواصل الاجتماعي يتضمن تدريبات لعناصرها بمنطقة صحراوية بإحدى الدول المجاورة، والتوعد بتنفيذ عمليات إرهابية بالبلاد»، دون إفصاح عن اسم الدولة المجاورة.
وأثارت إشارة البيان لتركيا تساؤلات بشأن التأثير على تسارع وتيرة تعزيز العلاقات بين القاهرة وأنقرة، لا سيما وأن تنظيم «الإخوان» الذي تصنّفه السلطات المصرية «إرهابياً» كان سبباً في قطيعة امتدّت نحو عقد من الزمان بين البلدين.
وأكد مستشار الأمن القومي والعلاقات الدولية اللواء محمد عبد الواحد أن إشارة بيان الداخلية المصرية لتركيا لن تؤثر على العلاقات بين البلدين. وقال إن «ذكر اسم تركيا جاء عرضاً في سياق إقرار حقيقة مفادها أن (الإخوان) فروا لتركيا».
وأضاف عبد الواحد أن العلاقات مع تركيا «طيبة جداً وقوية في مسارات عدة، ولم يعد ملف (الإخوان) مؤثراً فيها»، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى مطالبات مصرية بتسليم «عناصر التنظيم الهاربة»، وقال: «ربما يكون ذكر تركيا في البيان نوعاً من الضغط لإتمام عملية تسليم تلك العناصر».
وتسارع مسار التطبيع بين البلدين منذ مصافحة الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب إردوغان خلال افتتاح المونديال في قطر عام 2022. وبلغ التقارب ذروته مع زيارة إردوغان للقاهرة في فبراير (شباط) 2024، أعقبتها زيارة مماثلة من السيسي لأنقرة في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، ليدشن البلدان «حقبة جديدة» من التعاون.
وفي اعتقاد نائب رئيس تحرير «مجلة الديمقراطية» والباحث في الشؤون الإقليمية، كرم سعيد، فإن «ملف تنظيم (الإخوان) لم يعد ملفاً ضاغطاً في العلاقات المصرية – التركية»، مشيراً إلى أن «العلاقات بين البلدين تحكمها قضايا استراتيجية أكبر وأعمق تصب في مصلحة القاهرة وأنقرة».
وقال سعيد لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك تنسيقاً غير معلن بين مصر وتركيا في ملف (الإخوان)، حيث تطالب القاهرة بتسليم بعض المحكومين قضائياً، وهو ما يتطلب إتمام إجراءات معينة ويسير وفق تفاهمات بين القاهرة وأنقرة».
وأضاف: «بيان وزارة الداخلية والإشارة إلى تورط (حسم) لا يشملان تحدياً أمام العلاقات بين مصر وتركيا»، موضحاً أن «تطور العلاقات بين البلدين الآن بات مرتبطاً بملفات عدة أكثر أهمية مثل الوضع في ليبيا، وتسوية ملف غاز المتوسط، وغيرها».
يتفق الأكاديمي والباحث المصري في العلاقات الدولية بشير عبد الفتاح في أن إشارة بيان وزارة الداخلية إلى ارتباط مخطط حركة «حسم» بعناصر «الإخوان» في تركيا «لن يؤثر على الإطلاق على مسار العلاقات الثنائية بين القاهرة وأنقرة».
وقال عبد الفتاح لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر وتركيا اتفقتا على فصل المسارات، وعدم السماح لأي مهاترات في ملف (الإخوان) بالتأثير على تطور العلاقات بين البلدين»، مشيراً إلى أن «ملف (الإخوان) كان محور العلاقات وسبب الخلاف في فترة من الفترات عندما كان يتم تقديمه على باقي الملفات».
وأضاف: «تم وضع ملف (الإخوان) في نصابه وتقديم الملفات الاستراتيجية والاقتصادية عليه ما مكَّن مصر وتركيا من المضي قدماً في تعزيز العلاقات الثنائية»، معرباً عن اعتقاده بأن «أنقرة تتفهم الخطوات المصرية ضد (حسم) وتباركها وتعلي من قيمة المصالح الاستراتيجية مع الجانب المصري».
وشهدت العلاقات المصرية – التركية اتجاهاً متصاعداً نحو التطبيع، بعد عقد كامل من الانقطاع والتوتر، بسبب دعم أنقرة تنظيم «الإخوان» المحظور في مصر، عقب مظاهرات 30 يونيو (حزيران) 2013، التي أطاحت بحكم «الإخوان».
وفي مارس (آذار) 2021 أعلنت أنقرة استئناف اتصالاتها الدبلوماسية مع مصر. وطالبت السلطات التركية حينها القنوات الثلاث الموالية لتنظيم «الإخوان» (مكملين، وطن، والشرق) بوقف برامجها «التحريضية ضد مصر، أو التوقف نهائياً عن البث من الأراضي التركية».
بدوره، أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير رخا أحمد حسن أن إشارة بيان الداخلية المصرية لتركيا «لن يؤثر على علاقاتها مع مصر».
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «أنقرة حريصة على علاقاتها مع القاهرة، وهي تتبع الآن سياسة تستهدف صفر مشاكل مع دول الجوار».
واعتبر إشارة بيان الداخلية لارتباط «حسم» بعناصر «الإخوان» الهاربة في تركيا «إقراراً لحقيقة هرب عناصر من التنظيم إلى تركيا في عام 2013، ولا يتضمن أي اتهام لأنقرة».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 2 أيام
- الشرق الأوسط
مصدر مصري لـ«الشرق الأوسط»: القاهرة خاطبت أنقرة لتسلّم «إخوان» مطلوبين
في حين تحدَّثت تقارير عن قيام السلطات التركية بتوقيف عنصر «إخواني» مطلوب لدى السلطات المصرية في مطار إسطنبول، قال مصدر أمني مصري تحدَّث لـ«الشرق الأوسط»، إن «وزارة الخارجية المصرية خاطبت نظيرتها التركية لضبط العناصر المتورطة في التخطيط لعمل إرهابي، كانت تعدُّ له حركة (حسم) التابعة لـ(الإخوان)، ويستهدف مؤسسات مصرية». والأحد الماضي، أعلنت وزارة الداخلية المصرية، استهداف وكر لعناصر «إرهابية» بالجيزة، تابعين لحركة «حسم»، الجناح المسلح لجماعة «الإخوان» المحظورة، واتهمتهم بمحاولة تنفيذ عمليات تخريبية بالبلاد. ووفق «الداخلية المصرية»، فإن «قيادات المخطط التخريبي هاربون في دولة تركيا». وعقب 24 ساعة، احتجزت السلطات التركية، الاثنين، الناشط الإخواني المطلوب للسلطات المصرية محمد عبد الحفيظ في مطار إسطنبول خلال عودته من رحلة عمل. ووفقاً لما كتبته زوجته على «فيسبوك»، «تم توقيف زوجها وإبلاغه بعدم السماح له بالدخول وهُدِّد بترحيله»، بينما أعربت عن خشيتها تسليمه إلى مصر. وعبد الحفيظ مطلوب لدى القاهرة في قضايا تتعلق باستهداف الطائرة الرئاسية للرئيس عبد الفتاح السيسي، واغتيال ضباط وشخصيات عامة. ووفق المصدر، الذي تحدَّث شريطة عدم ذكر اسمه، فإن «وزارة الداخلية المصرية سلمت وزارة الخارجية تقريراً يتضمَّن الدلائل التي جمعها رجال الأمن حول تورط عناصر إخوانية هاربة بتركيا في المخطط التخريبي الذي كانت حركة حسم ستنفذه». وبحسب المصدر، فإن «وزارة الخارجية المصرية خاطبت نظيرتها التركية لضبط العناصر المتورطة، لكن حتى الآن لم ترد رسمياً للقاهرة من الجانب التركي إفادة بهذا الشأن». وبحسب وزارة الداخلية المصرية، الأحد الماضي، فإن قيادات حركة «حسم» الهاربة بدولة تركيا، أعدَّت وخطَّطت لمعاودة إحياء نشاطها، وارتكاب عمليات عدائية تستهدف المنشآت الأمنية والاقتصادية، ودفعت بأحد عناصر الحركة الهاربين بإحدى الدول الحدودية، والسابق تلقيه تدريبات عسكرية متطورة بها، إلى التسلل للبلاد بصورة غير شرعية؛ لتنفيذ المخطط المُشار إليه. وذكرت الوزارة أن من بين القيادات المتهمة في هذه العمليات، محمد عبد الحفيظ عبد الله عبد الحفيظ، المحكوم عليه بكثير من القضايا، منها السجن المؤبد في القضية رقم 64 / 2016 جنايات عسكرية شمال القاهرة؛ لمحاولة استهداف عدد من الشخصيات المهمة، والسجن المؤبد في القضية رقم 120 / 2022 جنايات عسكرية شرق القاهرة لمحاولة استهداف الطائرة الرئاسية، واغتيال ضابط الشرطة المقدم ماجد عبد الرازق. ويرى المحلل السياسي المختص في الشؤون التركية ومنطقة الشرق الأوسط، فراس رضوان أوغلو، أنه «حسب المتاح من معلومات فقد تم توقيف عبد الحفيظ لدى دخوله من مطار إسطنبول، وغير معلوم ما إذا كان سيتم اعتقاله ومحاكمته داخل تركيا، أم منعه من الدخول، أم ترحيله إلى مصر». ونوه أوغلو، وهو مقرب من السلطات التركية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بأن «هناك معضلة لدى تركيا فيما يتعلق بتسليم مطلوبين لدول فيها عقوبة الإعدام، لأن أنقرة موقعة على اتفاقية مع دول الاتحاد الأوروبي تمنع عقوبة الإعدام، ومن ثم غير واضح كيف سيتم التعامل بشأن عبد الحفيظ لأن مصر لديها عقوبة الإعدام، وهل سيتم تسليمه لها أم ترحيله لدولة ثالثة وهي التي تسلمه لمصر؟». وأضاف: «هناك تقارب مصري - تركي ملحوظ أخيراً، ومن المؤكد ضرورة حسم هذا الملف بين الدولتين؛ من أجل التعاون في ملفات ضرورية ساخنة بالمنطقة».

صحيفة سبق
منذ 2 أيام
- صحيفة سبق
أول خدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي.. أمير نجران يطلق خدمتي "نشمي" و"الإبلاغ عن المفقودات"
أطلق الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد، أمير منطقة نجران، اليوم، في مكتبه، خدمتين رقميتين مبتكرتين لأمانة المنطقة، هما: "خدمة نشمي"، أول خدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والمساعد الذكي مزودة بخدمة صوتية، و"خدمة الإبلاغ عن المفقودات"، التي تتيح لزوار الحدائق والمتنزهات الإبلاغ عن المفقودات أو المعثورات. جاء ذلك بحضور أمين المنطقة المهندس صالح بن غرم الله الغامدي، وعدد من منسوبي أمانة نجران. ونوّه أمير نجران بالدعم الكبير والاهتمام الذي توليه القيادة الرشيدة – أيدها الله – لمنظومة الحكومة الرقمية، وهو ما أسهم في تعزيز مكانة المملكة في المؤشرات الدولية، مؤكدًا أهمية التكامل بين الجهات الحكومية، واعتمادها على الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة، وإطلاق المبادرات والمنتجات الرقمية التي تهدف إلى تحسين تجربة المستفيدين، تحقيقًا لرؤية المملكة 2030. من جانبه، أوضح المهندس الغامدي أن خدمة "نشمي" تتميز بتجربة صوتية مبسطة بلمسة زر واحدة، وباللهجة السعودية، كما تتيح حجز زيارة ميدانية منزلية من موظفي الأمانة دون الحاجة إلى التنقل، وتدعم التواصل الفوري مع كبار السن، والأرامل، وذوي الإعاقة. وأضاف أن الخدمة توفر متابعة ذكية لحالة الطلب، مع رسائل تذكير تلقائية، كما تتيح للمستفيدين طلب الخدمات البلدية بسهولة ودون الحاجة للحضور الشخصي.


الشرق الأوسط
منذ 2 أيام
- الشرق الأوسط
كيف اختلفت التجربة السورية؟
اعتادت معظم تجارب التغيير التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط تكرار خطاب الممانعة في مواجهة الغرب وإسرائيل، وعدم الاعتراف «بالكيان الصهيوني»، والمطالبة بإسقاط اتفاقية كامب ديفيد أو تجميدها. وقد مثَّل خطاب الثورة الإيرانية حجر الزاوية في تبني خطاب الممانعة والمقاومة المسلحة، ومواجهة سياسات «الشيطان الأكبر»، وإدانة مشاريع التسوية السلمية، من معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، مروراً باتفاقات وادي عربة بين الأردن وإسرائيل، وحتى الاتفاقات الإبراهيمية. وبدت مسطرة «الإسلام السياسي» في رفض الاعتراف بإسرائيل، ورفع شعار تحرير القدس، هي التي يقيس عليها كثيرون «وطنية» أي نظام ومدى دفاعه عن «قضايا الأمة». وبعيداً عن القراءة المذهبية للثورة الإيرانية التي لا تكشف في الحقيقة أغلب أبعادها، فإن توقيتها في عام 1979 كان السائد فيه عربياً رفض أي علاقة مع إسرائيل، وكانت خطوة الرئيس السادات استثناءً في هذا الإطار. وصحيح أن الثورة الإيرانية أضفت أبعادها الآيديولوجية على البيئة الشرق أوسطية التي حملت «قدراً من الممانعة»، وكثيراً من الآمال في تحقيق حلم تحرير فلسطين، واستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني «عبر فوهة بندقية» فقط. إن القناعة بالممانعة وبالمقاومة المسلحة ورفض أي تسوية سلمية، كانت سائدة لدى قطاعات واسعة من الشعوب العربية؛ خصوصاً أن وعود الثورة الإيرانية كانت كبيرة، فقد وعدت بتحرير القدس، وبدعم المستضعفين، وكانت أيضاً تيارات الإسلام السياسي في صعود، قبل أن تُختبَر في الحكم والإدارة، وظل البعض مؤمناً بشعار «الإخوان» وحلفائهم في مصر: «الإسلام هو الحل». ورغم أن هناك أحداثاً هزَّت هذه القناعات الراسخة التي تقول إنَّ الحرب الوحيدة التي يجب أن يخوضها العرب والمسلمون هي ضد إسرائيل -فكانت الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت سنوات وسقط فيها مئات الآلاف من القتلى، ثم جاء غزو صدام حسين للكويت بكل التداعيات التي خلقها في الواقع العربي، بصورة جعلت كثيراً من الخبراء يعدُّونه بمنزلة نهاية «النظام الإقليمي العربي»- فإنَّ القضية الفلسطينية ظلت حاضرة، ولكنَّها تراجعت إلى خلفية الأحداث؛ خصوصاً بعد فشل مسار أوسلو (1993) وبعد أن أُجهضت انتفاضة 2000، وتدهور أداء «منظمة التحرير الفلسطينية» والسلطة الفلسطينية، وبعد أن ترسخ الانقسام الفلسطيني، وفشلت «حماس» بوصفها بديلًا سياسيّاً للإدارة والحكم قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وبعده، كل ذلك عمَّق قناعة كثيرين بأنَّ السبب الرئيسي وراء الانكسارات العربية يرجع إلى سوء الأداء الداخلي، وليس إلى مؤامرات الخارج. إنَّ هذا السياق مثَّل الخلفية السياسية للحظة نجاح الثورة السورية في ديسمبر (كانون الأول) 2024، فقد اختبر خطاب الممانعة والوعود الإيرانية في سوريا ولبنان واليمن والعراق، وانكشفت تجارب تيارات الإسلام السياسي في الحكم وفق النموذج والنسق المعرفي القديم. لقد وصل تنظيم «هيئة تحرير الشام» الإسلامي إلى السلطة في سوريا، بعد إسقاط نظام «آل الأسد» الذي تاجر بالممانعة لقتل السوريين، وكذلك حسمت الدول العربية أمرها في إعطاء الأولوية لمشاريعها ومصالحها الوطنية، وصارت خطوة الرئيس السادات المنفردة محل قبول من كثيرين؛ لأنها استعادت أرضاً محتلة، واتضح من حرب غزة أن العرب والأتراك يدعمون القضية الفلسطينية سياسياً وإنسانياً وإعلامياً وقانونياً (يظل أقل بكثير من المأمول) وليس بالحرب؛ لأنهم إذا حاربوا فستكون حربهم دفاعاً عن أمنهم وترابهم الوطني فقط. وحتى الإيرانيون الذين حاربوا إسرائيل، فقد كانوا بالأساس يدافعون عن مشروعهم الوطني وطموحهم الإقليمي والنووي. لقد اكتشفت الثورة السورية لحظة وصولها إلى السلطة (وقبلها بفترة ليست بعيدة) أن ما كان يقوله قائدها حين كان في «جبهة النصرة»، أو يقود «هيئة تحرير الشام» ويسيطر على إدلب، من أن تحرير الشام هو خطوة على طريق تحرير القدس، ليس له علاقة بالواقع الجديد عربياً وإقليمياً ودولياً، وأن الحسابات الوطنية لكل دولة ترسخت، وأن لا أحد يحارب إلا من أجل تحرير أرضه. قراءة اللحظة التاريخية شرط نجاح أي تيار سياسي، دون أن يتنازل عن الثوابت الوطنية والإنسانية والأعراف والقوانين الدولية، وإن القبول باتفاق أمني مع إسرائيل يضمن عدم اعتدائها على الأراضي السورية مقبول، أما التوقيع على معاهدة سلام وتطبيع للعلاقات في ظل استمرار احتلالها وعدوانها على الأراضي السورية فغير مقبول، وهذا الموقف ما زالت الإدارة السورية متمسكة به. الثورة السورية وصلت للسلطة في ظل مناخ عربي «إصلاحي» جرَّب بعضه الثورات والخطاب الثوري وتعثَّر، وفي ظل سياق «ما بعد 7 أكتوبر» الذي يفترض أن يعيد الاعتبار للمقاومة المدنية والسياسية والقانونية ضد الاحتلال الإسرائيلي في أي مكان، وستصبح سوريا القوية المدنية بشعبها الأصيل قادرة بدعم عربي وإقليمي على أن تؤسس مشروعها الوطني، وتبني مؤسسات قوية ودولة قانون قادرة على الردع والتحرير «بنموذج نجاح»، وليس «بنموذج ممانعة».