
استعدادٌ للحل أم مناورة؟.. إيران تقترح شراكة إقليمية واستثمارات أمريكية في برنامجها النووي بدلاً من تفكيكه
في تطورٍ لافتٍ قد يمثل نقطة تحوُّلٍ في مسار المفاوضات النووية المتعثرة، طرحت إيران الأحد الماضي، خلال محادثات جمعت وزير خارجيتها بمبعوث أمريكي خاص في سلطنة عُمان، مقترحاً وُصف بأنه "جذري"، وتقوم الفكرة الإيرانية، التي كشفت عنها مصادر مطلعة في طهران لصحيفة "نيويورك تايمز"، (الثلاثاء)، على إنشاء مشروع مشترك لتخصيب اليورانيوم بمشاركة دول إقليمية واستقطاب استثمارات من الولايات المتحدة الأمريكية، ليكون هذا المشروع بديلاً عن المطلب الأمريكي المحوري بتفكيك البرنامج النووي الإيراني، وتحاول إيران من خلال هذا المقترح تقديم مسارٍ جديدٍ للخروج من حالة الجمود الراهنة والتوصل إلى تفاهمٍ مغايرٍ بشأن برنامجها النووي، وذلك رغم النفي الأمريكي الرسمي السريع والقاطع لتلقي أيّ مقترحٍ بهذا الشكل.
وفقاً لأربعة مسؤولين إيرانيين مطلعين على تفاصيل الخطة، اقترحت طهران صراحةً خلال محادثات عُمان إنشاء مشروعٍ مشتركٍ للتخصيب يضم في عضويته دولاً عربية من المنطقة، إلى جانب استقطاب استثمارات أمريكية في هذا المشروع، وأكدت هذه المصادر، التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها؛ نظراً للطبيعة الحسّاسة والمعقّدة لهذه المباحثات، أن المقترح الإيراني الأساسي يهدف إلى تقديم "بديل واقعي" لمطلب واشنطن الرئيس والرافض من قِبل طهران بتفكيك جميع أو معظم مكونات برنامجها النووي المُثير للجدل.
وتزامناً مع تسرُّب هذه الأنباء من مصادر إيرانية، احتفت وسائل إعلام إيرانية عدة، اليوم، بما وصفته بـ "خطة إيران الجديدة المطروحة على طاولة المفاوضات"، مبرزة تفاصيل المقترح على صفحاتها الأولى، اللافت كان تناول صحيفة "فرهيختجان"، المحسوبة على الحرس الثوري الإيراني، التي تساءلت بشكلٍ صريحٍ عمّا إذا كان هذا المقترح يمثل "خدمة أم خيانة" للمصالح الإيرانية، في المقابل، جاء الرد الرسمي من واشنطن ليقوّض الرواية الإيرانية تماماً، حيث نفى المتحدث باسم المبعوث الأمريكي الخاص، إيدي فاسكيز؛ بشكلٍ قاطعٍ وجازمٍ طرح فكرة المشروع المشترك لتخصيب اليورانيوم خلال الجولة الأخيرة من المحادثات في عُمان، وأكد فاسكيز أن هذا الادعاء، الذي نُسب لمصادر مجهولة، "غير صحيح على الإطلاق"، مشدّداً على أنه "لم يتم طرحه أو مناقشته أبداً" خلال اللقاءات.
وعلى الرغم من طرحه كمبادرة تسعى لكسر الجمود، تثير فكرة إنشاء مشروع نووي مشترك يضم أطرافاً إقليمية واستثمارات غربية تساؤلات جدية حول مدى قابليتها للتطبيق العملي، ويبدو إشراك دول عربية في مثل هذا المشروع النووي الحساس، أمراً بالغ التعقيد ويتطلب تجاوز عقبات سياسية وجيوسياسية هائلة، علاوة على ذلك، فإن غياب العلاقات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة لأكثر من أربعة عقود ونصف يمثل تحدياً كبيراً أمام استقطاب استثمارات من شركات أمريكية خاصة في قطاع استراتيجي وحساس مثل المفاعلات أو أنشطة التخصيب، كما أن الشكوك تحيط بقدرة طهران على إقناع أطراف متعدّدة ومتباينة بالمشاركة في مشروع بهذا الحجم والتعقيد، خاصة مع استمرار حالة عدم الثقة التاريخية بين هذه الأطراف.
هذا التباين الصارخ بين تأكيد مصادر إيرانية على تقديم مقترحٍ نوعي وملموسٍ في محادثات عُمان، والنفي الأمريكي المُطلق لتلقي أي شيءٍ من هذا القبيل، يسلّط الضوء على مستوى التعقيد والضبابية التي تحيط بالمفاوضات النووية الحالية، فهل يعكس هذا التضارب مجرد سوء تواصلٍ أو فهماً مختلفاً لما تمّ تداوله في عُمان؟ أم أنه يشير إلى تكتيكٍ تفاوضي متعمدٍ من أحد الطرفين أو كليهما، حيث تحاول طهران إظهار مرونة ومبادرة وتقديم بديل لمطالب واشنطن، بينما تسعى الولايات المتحدة للتقليل من شأن ما تعدّه مجرد أفكارٍ غير رسمية أو غير جدية لا ترقى لمستوى المقترحات الرسمية؟
في ظل غياب شفافية كاملة حول مجريات هذه المحادثات السرية، يبقى الكثير غامضاً بشأن ما يدور حقيقةً خلف الأبواب المغلقة. لكن ما لا شك فيه هو استمرار المساعي للبحث عن مسارات محتملة لحل الأزمة النووية، حتى لو كانت هذه المسارات محفوفة بالتحديات ويقابلها نفي الأطراف لها.
هل يمثل المقترح الإيراني، بغض النظر عن النفي الأمريكي له، مؤشراً حقيقياً على استعدادٍ إيراني لاستكشاف أطرٍ مختلفة للتفاهم النووي وتجاوز المطالب التقليدية، أم أنه مجرد بالون اختبارٍ أو مناورة إعلامية في لعبة شد الحبل المستمرة بين طهران وواشنطن؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
عون وعباس يؤكدان الالتزام بـ«حصرية السلاح» بيد الدولة في لبنان
تُوّجت القمة اللبنانية - الفلسطينية ببيان مشترك يعلن الالتزام «بحصر السلاح بيد الدولة»، في اليوم الأول من زيارة يقوم بها الرئيس محمود عبّاس إلى لبنان هي الأولى منذ عام 2017، تهدف إلى البحث في ملفّ السلاح في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. الناطقة باسم الرئاسة اللبنانية نجاة شرف الدين تتلو البيان المشترك (الرئاسة اللبنانية) وأكد بيان مشترك صدر بعد لقاء جمع بين عباس والرئيس جوزيف عون في القصر الجمهوري «التزامهما بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة اللبنانية، كما على أهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه». وقال البيان إن الطرفين «يعلنان إيمانهما بأن زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية، قد انتهى، خصوصاً أن الشعبين اللبناني والفلسطيني، قد تحمّلا طيلة عقود طويلة، أثماناً باهظة وخسائر فادحة وتضحيات كبيرة». وشدد الجانبان على تعزيز التنسيق بين السلطات الرسمية، اللبنانية والفلسطينية، والالتزام بضمان الاستقرار داخل المخيمات الفلسطينية ومحيطها، في حين أكد «الجانب الفلسطيني التزامه بعدم استخدام الأراضي اللبنانية منطلقاً لأي عمليات عسكرية، واحترام سياسة لبنان المعلنة والمتمثلة بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والابتعاد عن الصراعات الإقليمية». وكان اتفاق بين الطرفين، بحسب البيان، «على تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، وضمان عدم تحول المخيمات الفلسطينية إلى ملاذات آمنة للمجموعات المتطرفة». وحسب البيان المشترك، اتفق الجانبان «على تشكيل لجنة مشتركة لبنانية - فلسطينية لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، والعمل على تحسين الظروف المعيشية للاجئين، مع احترام السيادة اللبنانية والالتزام بالقوانين اللبنانية». ويقيم في لبنان أكثر من 220 ألف فلسطيني في مخيمات مكتظة وبظروف مزرية ويُمنَعون من العمل في قطاعات عدة في البلاد. وعلى الصعيد السياسي، أكد الجانبان «على ضرورة التوصل إلى سلام عادل وثابت في المنطقة بما يسمح للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة، وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة كما يعطي كل بلدان المنطقة وشعوبها حقوقها المحقة والمشروعة». اجتماع بين الرئيسين اللبناني جوزيف عون والفلسطيني محمود عباس (إ.ب.أ) وأدان الجانبان استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وما نتج منه من خسائر بشرية فادحة وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وطالبَا «المجتمع الدولي بالتحرك الفوري والجاد لوقفه وتوفير الحماية الكاملة للمدنيين الفلسطينيين». وشدد البيان «على ضرورة تفعيل دور الأمم المتحدة ومؤسساتها في توفير الحماية للشعب الفلسطيني وضمان احترام القانون الدولي وتطبيق قرارات الشرعية الدولية». كما شجب الطرفان «الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان»، ودعيا «المجتمع الدولي، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، إلى الضغط على إسرائيل لتنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل اليه عام 2024 لجهة وقف الأعمال العدائية والانسحاب من التلال التي تحتلها إسرائيل، وإعادة الأسرى اللبنانيين، لتمكين الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود المعترف بها دولياً، وذلك تطبيقاً لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 الذي التزم لبنان احترام كامل مندرجاته». الرئيسان اللبناني جوزيف عون والفلسطيني محمود عباس في القصر الرئاسي خلال زيارة الأخير إلى لبنان (أ.ف.ب) وفيما يتعلق بوضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أكد الجانبان «على تمسكهما بحل عادل للاجئين الفلسطينيين، بما يسمح لهم بالعودة إلى ديارهم التي هُجّروا منها، وفقاً للقرار الأممي 194، ورفضهما كل مشاريع التوطين والتهجير»، كما شددا على «أهمية استمرار دعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ومواصلة تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، مع العمل على زيادة مواردها المالية لتتمكن من الوفاء بالتزاماتها».


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
الجيش الإسرائيلي: رصد إطلاق صاروخ من اليمن والعمل جار على اعتراضه
قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم الخميس إنه رصد إطلاق صاروخ من اليمن وإنه يعمل على اعتراضه. ورغم الضربات الإسرائيلية، تواصل جماعة الحوثي المسلحة إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل وتقول إنها تهدف «لإسناد الفلسطينيين في غزة».


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
حسناً فعلت الكويت
المالُ عصَبُ الحياة، وهو أيضاً عطَبُها! نحصر الحديث بالمال الذي يغذّي أوردة التطرّف والشرّ والإرهاب، فلولا المال لما تضخّم جسد الإرهاب والجماعات السوداء في العالم كلّه. أمّا المال الصريح و«الرسمي» الذي يذهب إلى أفواه الإرهاب، مثل المال الإيراني «النظيف»، كما كان يصفه حسن نصر الله في خطبه الشهيرة من شاشات الضاحية، فليس عنه نتكلّم. بل عن المال الذي يتدفق، من وراء ظهر الدولة، بخداعها، أو باستغلال ظروفٍ سياسية استثنائية، كما جرى أيام ما عُرف بـ«الربيع العربي»، قبل أكثر من 10 سنوات. أكونُ أكثر وضوحاً، لقد استغلّ بعض «الإخوان» والسرورية والجماعات «الجهادية»، كما يصفون أنفسهم، طِيبة شعوب الخليج، وحبّهم لمساعدة الأشقاء العرب والمسلمين، بمفهوم «الفزعة»، أي النخوة والنجدة، أو بحافز الثواب الديني وطلباً للأجر الأخروي، فكثرت حملات التبرّع الخيري، المنفلت، من دون رقابة ولا تدقيق مالي. هذا الوضع كان سبباً، فوق دعم الإرهاب والفوضى في دولٍ أخرى، في تشجيع الفساد، وكما يقال: «المال السايب يُعلّم السرقة»! لذلك فقد أحسنت دولة الكويت، المعطاءُ شعبها، في ضبط هذه المسألة مؤخراً، ونتذكّر كيف كان أنصار «القاعدة» و«داعش» في الكويت قبل بضع سنوات يقومون بحملات جمع الأموال، علناً، بل وتنظيم رحلات الذهاب لشبكات «القاعدة» و«داعش» في سوريا وغير سوريا. مؤخراً حذّرت وزيرة الشؤون الاجتماعية الكويتية الدكتورة أمثال الحويلة من استغلال التبرعات الخيرية، وقالت: «أغلب التبرعات والمساعدات الخيرية تُوجّه إلى خارج الكويت، بل إن بعض التبرعات الخارجية تضر بسمعة العمل الخيري الكويتي دولياً»، مشدّدةً على أن «سمعة الكويت خط أحمر، ولن نسمح لأي ممارسات فردية أو تجاوزات أن تسيء لهذا الإرث الإنساني العريق». لتحقيق هذا الهدف، نشأت لجنة خاصّة في الكويت لهذا، وضبط المسألة، والتدقيق المالي، ومراجعة أعضاء وهياكل هذه الجمعيات، وعلى فكرة نحن ضربنا المثل بداعمي «القاعدة» و«داعش»، ولكن الأمر يسري أيضاً على داعمي الجماعات الإرهابية الشيعية من طرف «بعض» المتصدقين لهم. هذا الإجراء الكويتي المسؤول والضروري، هو أيضاً - كما قالت مصادر حكومية لوسائل إعلام كويتية - يهدف إلى تأمين عبور الكويت مرحلة الرقابة المعززة التي تخضع لها حالياً من جانب اللجنة المالية الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (مينا فاتف)، فضلاً عن تفادي إدراج البلاد بالقائمة الرمادية. ضبط المال، يعني ضبط الرجال، وصون الأعمال الخيّرة، حتى لا يفسدها سُرّاق المال... والأعمار.