
تصريحات ترمب في شأن أوكرانيا خطرة وتهدد وجودها
يعد دونالد ترمب ظاهرة سياسية استثنائية، ولا شك في أن أحداً لا يتعامل مع مسألة إحلال السلام بالطريقة التي ينتهجها الرئيس الـ47 للولايات المتحدة. فقبل أن يدخل عالم السياسة، كان رجل استعراض بمقدار ما كان رجل أعمال، واليوم يتعامل مع الدبلوماسية كما لو كانت عملاً استعراضياً.
عندما دان سلفه في البيت الأبيض ودرو ويلسون - وهو الرئيس الـ28 للولايات المتحدة - "الدبلوماسية السرية" التي اعتبرها السبب الرئيس وراء للحرب العالمية الأولى، ودعا إلى "مواثيق سلام تبرم في العلن وبشفافية"، فمن المرجح أنه لم يكن يتخيل أبداً أن دونالد ترمب سيستغل التغطيات الإخبارية المتواصلة على مدار الساعة، ويحولها إلى منصة للترويج لـ"خطته" المتعلقة بوضع حد للحرب في أوكرانيا.
تظل قناة "فوكس نيوز" المصدر الذي يلجأ إليه الرئيس الأميركي لمعرفة آخر المستجدات المتعلقة بالمفاوضات، ففي إحدى المقابلات وجه ترمب تحذيراً مقلقاً عندما قال إن "أوكرانيا قد لا تنجو" من الحرب ما لم تتحقق شروطاً معينة، لكنه ما لبث أن خفف لهجته في تصريحات مرتجلة للقناة نفسها على متن الطائرة الرئاسية، عندما قال إن "أوكرانيا ستبلي بلاء حسناً وكذلك وروسيا، وقد تحدث تطورات كبيرة جداً هذا الأسبوع".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يشار إلى أن محادثات انطلقت في مدينة جدة السعودية بين مبعوثي الرئيس الأميركي وممثلين عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فيما سيكون هناك وفد أوكراني في مكان قريب من قاعة الاجتماعات. في الوقت نفسه، سيبقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في العاصمة السعودية الرياض، من دون أن يشارك بصورة مباشرة في المفاوضات.
إن حقيقة أن أكبر ثلاث دول منتجة للنفط في العالم [السعودية والولايات المتحدة وروسيا] قد تجد قضايا مشتركة يمكن التباحث فيها وعقد صفقات في شأنها - بصرف النظر عما قد تتفق عليه واشنطن وموسكو في شأن أوكرانيا - تعد مسألة ذات تأثير كبير في مصير هذه الدولة.
فقد أوضح الرئيس ترمب أن أوكرانيا قد تضطر إلى مقايضة مواردها من المعادن الأرضية النادرة بالسلام، وأن هذه الإمكانات قد ترهن من كييف ثمناً لذلك، لكن الأسعار الفعلية للطاقة في العالم، قد يحددها قرار يتخذه المنتجون "الثلاثة الكبار" الآن.
وفي حين قد تعقد اتفاقات سرية في الرياض، يبدو أن أوكرانيا ستواجه قريباً إنذاراً روسياً أميركياً يقضي بأن تحتفظ بما تبقى من أراضيها في مقابل نزع سلاحها وتبني الحياد.
كثيراً ما كره الأوكرانيون التسمية الإنجليزية القديمة لبلادهم، "أوكرانيا" The Ukraine، التي تعني "الأراضي الحدودية" The Borderland. وربما قريباً قد تتقلص وتتحول إلى دولة عازلة.
لعل النتيجة الأقل سوءاً لأوكرانيا اليوم، تتمثل في التوصل إلى اتفاق سلام يشبه ذلك الذي أبرمه الزعيم السوفياتي الراحل جوزف ستالين مع فنلندا قبل نحو 85 عاماً.
والواقع أن الجميع يتذكرون "حرب الشتاء" بين فنلندا والاتحاد السوفياتي، أو يعتقدون أنهم يتذكرونها. إذ غزا ستالين فنلندا في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1939، بهدف استبدال حكومتها بنظام صوري مدعوم من السوفيات، بقيادة شيوعي سوفياتي من أصل فنلندي. ومع ذلك، تكبد "الجيش الأحمر" آنذاك خسائر فادحة، تشبه إلى حد كبير ما حدث لقوات بوتين في عام 2022.
لقد نسي كثيرون أن الأعداد الروسية الهائلة كانت هي التي طغت في نهاية المطاف على المقاومة الفنلندية، مما سمح لستالين بالاستيلاء على أجزاء من البلاد. إلا أنه بعد عام 1945، ترك الكرملين الحرية للفنلنديين بأن يحكموا بلادهم بأنفسهم، ما دام أنهم حافظوا على الحياد.
وكان مصطلح "الفنلدة" Finlandisation تعبيراً استخدم للازدراء على مدى عقود في "حلف شمال الأطلسي"، إلى حين دفع الغزو الروسي لأوكرانيا بهيلسنكي إلى التخلي عن موقفها غير المنحاز.
ومع ذلك، فإن نموذج فنلندا - الدولة المستقلة والديمقراطية والقادرة على الدفاع عن نفسها - يمكن أن يكون مثالاً يحتذى لأوكرانيا مستقرة وقابلة للحياة ما بعد الحرب.
قد لا يكون بوتين، الذي يجلس الآن في مكتب ستالين في الكرملين، متساهلاً كسلفه. وربما يرى أن فرض اتفاق سلام على زيلينسكي هو وسيلة لكسر التضامن الوطني الأوكراني.
فحتى لو قبل الرأي العام في أوكرانيا على مضض خسارة شبه جزيرة القرم ومناطق في الجنوب الشرقي للبلاد من أجل السلام، فإن الميليشيات القومية المتشددة المنخرطة في الجيش الأوكراني، قد تقاوم - وربما حتى تنظم انقلاباً لمنع هذا الاتفاق. وقد تلعب الاضطرابات الداخلية لمصلحة الزعيم الروسي، ومن المرجح أن تقوض فرص الدعم المستقبلي من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لأوكرانيا ما بعد الحرب.
ونظراً إلى الدور الكبير الذي اضطلعت به كييف في إجراءات عزل دونالد ترمب قبل أعوام، فإن الرئيس الأميركي العائد لديه دوافع شخصية لإنهاء الحرب، حتى لو جاء ذلك على حساب أوكرانيا، وبغض النظر عن الأخطار المستقبلية التي قد تواجهها، أو حتى عن تعريض موقف "حلف شمال الأطلسي" في أوروبا الشرقية للخطر، التي يشير إليها باسم "المنطقة الصعبة".
لكن يبدو أن فريق الرئيس الأميركي يسعى أيضاً إلى هدف أوسع نطاقاً لا يقتصر على إعادة رسم الحدود الروسية - الأوكرانية فحسب، بل إعادة تشكيل النظام العالمي، وكما قال ترمب: "قد تحدث بعض التطورات الكبيرة جداً هذا الأسبوع".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 29 دقائق
- Independent عربية
القضاء الفرنسي يمنع مؤسس "تيليغرام" من السفر إلى النرويج
رفضت السلطات الفرنسية طلب مؤسس تطبيق "تيليغرام" بافل دوروف للسفر إلى النرويج لحضور مؤتمر حقوقي، وفق ما أعلن منظمو الفعالية، أمس السبت. واعتقل دوروف البالغ 40 سنة في باريس عام 2024 ويخضع لتحقيق رسمي بشأن محتوى غير قانوني على تطبيقه الشهير للتراسل. وكان من المقرر أن يلقي دوروف، الثلاثاء الماضي، كلمة في "منتدى أوسلو للحرية" السنوي حول حرية التعبير والمراقبة والحقوق الرقمية. لكن "مؤسسة حقوق الإنسان" التي تنظم المؤتمر قالت إن محكمة فرنسية منعته من السفر شخصياً، مضيفة أنه سيلقي كلمته افتراضياً. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقال ثور هالفورسن، مؤسس ورئيس مجلس إدارة المؤسسة الحقوقية "من المؤسف أن تمنع المحاكم الفرنسية السيد دوروف من المشاركة في حدث تشتد فيه الحاجة إلى صوته". أضاف، "تعد تقنيات مثل تيليغرام أدوات أساسية لمن يقاومون الاستبداد. هذا أكثر من مجرد خيبة أمل لمجتمعنا، إنه انتكاسة للحرية". في مارس (آذار) الماضي، سُمح لدوروف بمغادرة فرنسا والسفر إلى دبي حيث مقر شركته. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، مُنع من السفر إلى الولايات المتحدة للتحدث مع صناديق استثمار. ومنذ اعتقاله، بدا دوروف وكأنه يستجيب لمطالب باريس ببذل جهود أكبر لضمان عدم نشر محتوى غير قانوني على "تيليغرام" مثل إساءة معاملة الأطفال وتجارة المخدرات. لكن دوروف زعم أن رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي طلب منه حظر الحسابات الموالية لروسيا من المنصة قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة في رومانيا، لكن الجهاز نفى هذه الادعاءات.


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
علاقات هارفرد القوية بالصين تتحول إلى عائق أمام الجامعة
أصبحت علاقات جامعة هارفرد الأميركية بالصين، التي كانت دائماً مصدر دعم للجامعة، عائقاً أمامها مع اتهام إدارة الرئيس دونالد ترمب للمؤسسة التعليمية بأنها تخضع لعمليات تأثير مدعومة من بكين. وتحركت الإدارة الأميركية، الخميس الماضي، لوقف قدرة جامعة هارفرد على تسجيل الطلاب الأجانب، قائلة إنها تعزز معاداة السامية وتنسق مع الحزب الشيوعي الصيني. وقالت الجامعة، إن الصينيين شكلوا نحو خمس عدد الطلاب الأجانب الذين التحقوا بهارفرد في عام 2024. وأوقف قاضٍ أميركي، أول أمس الجمعة، قرار إدارة ترمب موقتاً بعد أن رفعت الجامعة الواقعة في كامبريدج بولاية ماساتشوستس دعوى قضائية. والمخاوف بشأن نفوذ الحكومة الصينية في جامعة هارفرد ليست جديدة، إذ عبر بعض المشرعين الأميركيين، وكثير منهم جمهوريون، عن مخاوفهم من أن الصين تتلاعب بجامعة هارفرد للوصول إلى التكنولوجيا الأميركية المتقدمة والتحايل على القوانين الأمنية الأميركية وخنق الانتقادات الموجهة إليها في الولايات المتحدة. وقال مسؤول في البيت الأبيض لـ"رويترز"، أول من أمس الجمعة، "سمحت هارفرد لفترة طويلة جداً للحزب الشيوعي الصيني باستغلالها"، مضيفاً أن الجامعة "غضت الطرف عن المضايقات التي قادها الحزب الشيوعي الصيني داخل الحرم الجامعي". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ولم ترد هارفرد بعد على طلبات للتعليق. وقالت الجامعة، إن الوقف كان عقاباً على "وجهة نظر هارفرد" التي وصفتها بأنها انتهاك للحق في حرية التعبير كما يكفلها التعديل الأول للدستور الأميركي. وعلاقات هارفرد بالصين، التي تشمل شراكات بحثية ومراكز أكاديمية تركز على الصين، هي علاقات طويلة الأمد. وأثمرت هذه الروابط عن مساعدات مالية كبيرة ونفوذ في الشؤون الدولية ومكانة عالمية للجامعة. ووصف رئيس جامعة هارفرد السابق لاري سامرز الذي انتقد الجامعة في بعض الأحيان، خطوة إدارة ترمب بمنع الطلاب الأجانب بأنها أخطر هجوم على الجامعة حتى الآن. وقال في مقابلة مع "بوليتيكو"، "من الصعب تخيل هدية استراتيجية أكبر للصين من أن تضحي الولايات المتحدة بدورها كمنارة للعالم".

موجز 24
منذ ساعة واحدة
- موجز 24
ترامب : مهمة الجيش الأمريكي الرئيسية هي حماية الحدود ولن أخفض الميزانية الدفاعية
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن مهمة الجيش الأمريكي الرئيسية هي حماية حدود البلاد، مشددا على أنه لن يخفض الميزانية الدفاعية ولو '10 سنتنات'. وقال ترامب في كلمة أمام خريجي الأكاديمية العسكرية الأمريكية في 'ويست بوينت' بنيويورك: 'نحن نعيد إحياء المبدأ الأساسي الذي ينص على أن المهمة الأساسية لقواتنا المسلحة هي حماية حدودنا من الغزو'. وأضاف أن 'مهمة الجيش الأمريكي ليست تغيير ثقافات البلدان الأخرى أو نشر الديمقراطية في مختلف أنحاء العالم تحت تهديد السلاح'. مشددا على أن 'مهمة الجيش الأمريكي هي التغلب على أي عدو والقضاء على أي تهديد لأمريكا في أي مكان وفي أي وقت'. وأضاف: 'لقد وضعنا للتو ميزانية دفاعية بقيمة تريليون دولار. يتساءل البعض إن كان بإمكاني خفضها. لن أخفضها ولو عشرة سنتات. هناك أمور أخرى يمكن خفضها'. وأشار إلى أن الطريقة التي تتم بها العمليات العسكرية في العالم تغيرت كثيرا في الآونة الأخيرة. مضيفا: 'لقد وصلنا إلى زمن الطائرات المسيّرة. وهذا يتطلب منكم تعلم طريقة جديدة في خوض الحروب'. وأصدر البيت الأبيض في أوائل شهر مايو مشروع الميزانية الأمريكية للسنة المالية 2026 (من 1 أكتوبر 2025 إلى 30 سبتمبر 2026). وينص على خفض الإنفاق غير الدفاعي بنسبة 22.6% (حوالي 163 مليار دولار).