ماهر أبو طير يكتب: زعامات غافية
بقلم : ماهر أبو طير
يعتقد كثيرون أن الانتخابات النيابية المقبلة، ستشهد نقلة على صعيد مشاركة الأحزاب، وقدرتها على طرح برامجها، واستقطاب الأصوات، وتعزيز التحديث السياسي، وهذا الاعتقاد من باب"أن بعض الظن إثم"، والأدلة على ذلك كثيرة.
لقد أثبتت التجربة الحزبية ذات الاتجاهات البرامجية والوطنية، تحديات كبيرة، على الرغم من إيصال نواب إلى البرلمان، وهذا الوصول سببه طريقة التصويت، والفرز، والنسب، والقوائم، ولا يعبر أصلا عن قوة الأحزاب في الشارع الأردني، وهي أحزاب غير مؤثرة، وغائبة، وتكاد أن تكون مجرد تجمعات سياسية، لها غاية وظيفية محددة، أي منافسة الإسلاميين، وتزيين البرلمان بنواب حزبيين فقط.
ليس أدل على التوصيف الوظيفي للأحزاب، أنها بمجرد انتهاء الانتخابات، عادت الى حالة ركود شديدة، بعضها اختفى كليا، والبعض الآخر انخفض نشاطه، ونوع ثالث لم يجدد في برامجه ووسائل حضوره، ورابع يعيش انشقاقات داخلية، وصراعات خرج بعضها الى العلن، وبعضها بقي سرا مكتوما بما يعبر عن فشل ذريع سيقود الى نتائج أسوأ خلال الانتخابات المقبلة، اذا استمرت الأحزاب بهذه الطريقة الحالية.
هذا ليس تهجما على أحد، ولكنه نقد للعمل الحزبي، ومن الواضح أن المزاج الشعبي ما يزال في حالة نفور من العمل الحزبي، وحتى أولئك الذين فازوا تحت مظلات حزبية في الانتخابات الماضية، كانت روافعهم عائلية، ولم تكن حزبية أبدا، بمعنى أن كتلة المرشح الاجتماعية هي التي صوتت له شخصيا، وإن لجأت لمسار التصويت لحزب المرشح، لكن المستهدف كان شخصيا وليس حزبيا.
هل هذا يعني فشل تجربة التحديث السياسي على الصعيد الحزبي، والسؤال هنا معروف الإجابة، لكن اللافت للانتباه أن أغلب الأحزاب، عادت الى غفوتها على رفوف انتظار الانتخابات المقبلة، ولا تسمع لأغلبها صوتا إزاء قضايا داخلية، سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وربما يحق لنا أن نتحدى إذا كان أي حزب تمكن من زيادة عدد الأعضاء، أو توسع بعد الانتخابات النيابية الأخيرة؟!
إطلاق النيران على الأحزاب عملية سهلة، لكن دون غمز من قناة أحد، تشعر وكأن هناك استحسانا ناعما إزاء هذا الوضع، وكأنه مطلوب من الأحزاب الغياب، أو التواري، بما يشكك في جديتنا إزاء الحزبية في الأردن، التي تم حشرها اليوم في إطار وظيفي لمواجهة الإسلاميين الذين حصدوا حصادا غير مسبوق في الانتخابات، أو لإثبات القدرة على إقناع الأردنيين بالتحزب لهذا الحزب أو ذاك.
المزاج التقليدي الأردني الموروث، يميل الى الأحزاب العقائدية والقومية، ولهذا تاريخيا كان الانضمام لأحزاب قومية وبعثية وإسلامية، ولا يوجد أي ميل للأحزاب البرامجية، التي لا لون سياسيا لها، وحتى محاولات صناعة أحزاب بديلة بنكهة سياسية معارضة، أو قومية أو إسلامية، لم تنجح، لأن هناك تمييزا شعبيا مرتفع الحواس تجاه هذا النوع الأحزاب.
ما نزال في الأردن مثل كل العرب نعرف هوية كل حزب، باسم الرمز الذي يقوده لمعرفة اتجاه الحزب، وأين يصب نهاية المطاف، وقبل أن يقرأ أي واحد فينا برنامج أي حزب، يسأل عن زعيمه الأوحد، ليعرف بصمته، وأين يلعب، وفي أي ملعب.
أغلب الأردنيين لا يهمهم سوى تحسين ظروف حياتهم الاقتصادية، في بلد لا يعاني من مشاكل سوى الهم الاقتصادي، ومشتقاته، والغالبية العظمى تتجنب الأحزاب لاعتبارات موروثة، وزادت الانتخابات الأخيرة من هذا النفور، أمام القصص التي تسربت حول الكلف المالية للترشح للانتخابات، وماذا يدفع المرشحون وغير ذلك، وكأننا لغمنا التجربة في بداياتها الأولى، ثم طالبناها أن تكون فاعلة من أجل المستقبل.
من دون سياسات الترفيع التلقائي التي نلمسها في حياتنا السياسية، عن طريق الكوتات الحزبية والنسائية والشبابية وغيرها من كوتات، فإن إجراء انتخابات حرة ونزيهة، من دون هكذا دعم، سيأتينا ببرلمان خارج كل الحسابات، وعلى هذا، فإن من حقنا أن نسأل عن التقييم الموضوعي لملف الأحزاب، حاليا، ومستقبلا، من دون لف أو دوران.
أغلب الزعامات السياسية في الأحزاب في عمان وأخواتها، تبدو وكأنها غافية، ولو كانت مسؤولة لأدركت أن الاستعداد للانتخابات المقبلة، كان يجب أن يبدأ بمجرد انتهاء الانتخابات الأخيرة، لا الركون والسكون، وانتظار الغيب.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سواليف احمد الزعبي
منذ يوم واحد
- سواليف احمد الزعبي
هل سيهجرون 7 ملايين فلسطيني؟
هل سيهجرون 7 ملايين فلسطيني؟ – #ماهر_أبو طير كل يومين تتسرب معلومات جديدة حول #تهجير_الغزيين الى موقع جديد، وآخر المعلومات تتحدث عن #تهجير_مليون_فلسطيني إلى ليبيا، خلال الفترة المقبلة. سبق ذلك تسريبات عن تهجير الفلسطينيين إلى الأردن، ومصر وتركيا واندونيسيا والصومال ودول ثانية، فيما الرئيس الأميركي كان يتحدث مرارا عن إخلاء غزة، وعن التهجير الطوعي دون إجبار الغزيين، ومرات عن تطوير غزة عقاريا. في ذات التوقيت يخرج رئيس الحكومة الإسرائيلية ويقر علنا أن جيش الاحتلال يهدم البيوت لمنع الغزيين من العودة إلى بيوتهم، ولم يبق شيء في غزة إلا وتم هدمه، من المدارس والمستشفيات والجامعات والبنى التحتية والشوارع وكل مقومات الحياة، بحيث أصبحت غزة مكانا غير صالح للحياة البشرية، وبحاجة إلى مليارات الدولارات فقط من أجل رفع انقاض الأبنية المهدومة، مع استشهاد أكثر من 55 ألف فلسطيني، وتقديرات عن وجود أكثر من 15 ألف شهيد تحت الانقاض، والتوقعات بوفاة ربع مليون شخص بسبب تأخر ونقص الرعاية الطبية، وجرح ربع مليون شخص، إضافة إلى عشرات آلاف حالات بتر الأعضاء لأطفال وكبار السن. مقالات ذات صلة تأملات قرآنية مع كل ما سبق تجويع الغزيين، الذين لا يجدون اليوم شربة الماء، ولا حبة الدواء، ولا رغيف الخبر، ولا فرص العمل، أمام مستقبل مظلم، ستتبدى تفاصيله لاحقا. المؤسسات الدولية تعمل سرا في محال التهجير الناعم حيث غادر عشرات آلاف الغزيين أصلا، بهدوء ودون ضجيج، خلال الفترة الماضية، بترتيب مع بعثات دبلوماسية في القدس، وبتسهيلات يقدمها الإسرائيليون لخروج هؤلاء وأغلبهم كفاءات متفوقة غادروا إلى دول مختلفة، في محاول لإنقاذ ما تبقى من عائلاتهم، وقبل هذا غادر كثيرون ممن لديهم إمكانات مالية، وكان الفرد يضطر أن يدفع ثمانية آلاف دولار من أجل إنقاذ نفسه، وعن كل واحد من أفراد عائلته، وهؤلاء اما سافروا إلى ابنائهم في الخارج، أو حصلوا على تأشيرات ساعدهم فيها وضعهم المالي الجيد أساسا، وتوزعوا على دول ومهاجر نجاة من المذبحة. أزمة إسرائيل الأساسية تتعلق بالديموغرافيا الفلسطينية، حيث يعيش 7 ملايين فلسطيني في فلسطين التاريخية، والمخططات بترحيل الفلسطينيين في فلسطين 1948 ممن يحملون جوازات إسرائيلية إلى جنوب سورية، وجنوب لبنان، بعد نزع الجنسية عنهم بقانون من الكنيست وعددهم يقترب من مليون ونصف إنسان، وتهجير فلسطييني الضفة الغربية إلى الأردن وعددهم يتجاز الثلاثة ملايين إنسان، وتهجير فلسطينيي غزة البالغ عددهم اكثر من مليونين وربع إنسان إلى دول مختلفة، وهذه الازمة تواجه استحالات في التنفيذ لأن التهجير لن ينجح في الظروف العادية، لكن خطورته تكمن في تصنيع ظروف دموية تجبر الناس على الخروج حالهم حال كل الشعوب العربية والاجنبية التي غادرت بلادها في تواقيت الحروب. مثل هذه المخططات لا يمكن وقفها بمجرد الاعتراض لها، لان تنفيذها لن ينجح إذا وقف الكل ضدها، لكن اجتماع الظروف الدموية، مع فتح ممرات آمنة، أو استقبال دول للفلسطينيين سيؤدي إلى التهجير، حيث لا يمكن وضع أبناء غزة مثلا تحت اختبار لمنسوب وطنيتهم، فيما هم تحت الذبح اليومي، دون مساعدة لوقف المذبحة. لقد قيل مرارا ان ما بعد حرب غزة، اسوأ بكثير من حرب غزة، وفي الوقت ذاته لا يمكن اعتبار أن كل شيء يخطط له الاحتلال، سينجح… الغد

سرايا الإخبارية
٠٧-٠٥-٢٠٢٥
- سرايا الإخبارية
ماهر أبو طير يكتب: لا حل إلا القرار السياسي
بقلم : ماهر أبو طير هذه شفافية غير مسبوقة، حين يخرج وزير في الحكومة الحالية ويتحدث بوضوح عن ارقام تشرح كل شيء في هذا البلد الذي يحمل اثقالا صعبة. قبل ايام فقط خرج خالد البكار وزير العمل وتحدث عن 1.2 مليون عامل من 24 جنسية يعملون في الأردن، وهذا رقم مذهل، مقابله بطالة بين الأردنيين مع الادراك هنا ان جزءا ليس قليلا من هذه الوظائف لا يعمل بها الأردنيون اساسا، لكن هذه ليست ذريعة لتغطية هذا الاختلال. بالمقابل يخرج الاستطلاع الاخير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية ويشير إلى أن 37 % من عينة قادة الرأي الذي استطلعهم المركز يرون أن على الحكومة أن تركز على الحد من الفقر ومعالجة مشكلة البطالة، و(26 %) يرون أنها يجب أن تركز على زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية، فيما يرى 24 % منهم أن على الحكومة التركيز على تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين، وهي نسب ليست سهلة. نسب البطالة في الأردن تتراوح بين تقدير وآخر، والنسب الحكومية منخفضة مقارنة بنسب تعلنها جهات مستقلة، لكن بالتأكيد هي مرتفعة، بسبب إغراق التخصصات التي لا فائدة منها، وبسبب قلة الوظائف المتاحة، والكارثة هنا أن ارتداد البطالة واضح على مستوى الجريمة والعنف. مثلا الفتاة غير العاملة أصبحت للأسف تخسر فرصتها للزواج، لأن الذين يريدون الزواج اليوم يبحثون عن فتاة عاملة لمساعدتهم، وهكذا لا يمكن التبسيط من كلفة البطالة، خصوصا، في ظل وجود كل هذه الاعداد من العرب والاجانب الذين يعملون في الأردن، ولا تتم معالجة وجودهم سوى بدفع تصاريح العمل، فيما الملف بحاجة الى قرار سياسي، للتخفيف من وجود العمالة الاجنبية ذاتها، لخفض التنافس على الوظائف، مهما كان مستواها، وهذا القرار للاسف يتأثر بعلاقات الأردن العربية والدولية. نحن نعرف ايضا ان المشكلة الأسوأ تتعلق بالحد الأدنى من الاجور وهو حد منخفض برغم قيام الوزير الحالي برفعه وسط احتجاجات اصحاب العمل، بسبب الظرف الاقتصادي المتراجع، واذا كان كثيرون لم تعحبهم زيادة الثلاثين دينارا لانها غير كافية وفقا لمتطلباتهم، فإن اصحاب العمل بالمقابل اعترضوا عليها، وكانوا يريدون عرقلتها بكل الوسائل المتاحة. الفكرة المبتكرة التي لجأ اليها الوزير، كانت إطلاق فعاليات اليوم الوطني للتشغيل يوم الثلاثاء، بمشاركة 600 شركة من القطاع الخاص من مختلف القطاعات والأنشطة والاقتصادية وفرت نحو 12 ألف فرصة عمل متنوعة في قطاعات التعليم الخاص، السياحة، الطبي، الهندسي، الخدمات والقطاعات المهنية والتقنية وغيرها من القطاعات، من جانب 600 شركة، حيث اشار الوزير إلى أن من أبرز أولويات وزارة العمل تشغيل الأردنيين من خلال التشبيك بين الباحثات والباحثين مع أصحاب العمل في القطاع الخاص داخل المملكة، إضافة إلى جهود الوزارة في تسويق الكفاءات الأردنية عبر تعزيز أطر التعاون مع الدول الصديقة والشقيقة. في كل الاحوال يبدو الحل معروفا، وبحاجة كما اشرت الى قرار سياسي لتنفيذه، اي التعامل مع 1.2 مليون عامل من 24 جنسية يعملون في الأردن، وإعادة تأهيل الجامعيين للعمل مهنيا، بخبرات ودورات، دون اي حرج بدلا من الجلوس بلا عمل، في بلد يوفر كل هذه الفرص للعرب والاجانب، وهذا يعني ان معالجة الاختلالات بحاجة الى جرأة مع معرفتي هنا ان محاذير اي قرار سياسي متعددة على مستوى اتخاذ اي قرارات بشأن العمالة العربية والاجنبية، لكن بكل صراحة فإن ابناء الأردن اولى بهذا المال، وهذه الوظائف، دون ان نحرض على شقيق عربي او على اي اجنبي مقيم في الأردن، لان التحريض انحراف اخلاقي ليس من سماتنا. بعيدا عن المجاملات وزير العمل الحالي يحاول ان يحل عقدا كثيرة، ويدخل الى ملفات حساسة لمعالجتها، وسط حملات يتم شنها من جانب قوى متنفذة تريد تمرير مصالحها، على صعيد تشغيل الاجانب، بما يوجب تعزيز الحماية لدور وزارة العمل، ما دمنا نريد تغييرا، وعلينا واجب حمايته ايضا، لا ترك الذين ينفذونه تحت وطأة القذائف والرشقات النارية.

سرايا الإخبارية
٠٥-٠٥-٢٠٢٥
- سرايا الإخبارية
ماهر أبو طير يكتب: دويلة إسرائيلية جديدة تجاور الأردن
بقلم : ماهر أبو طير عشنا حتى رأينا عربا يستنجدون بإسرائيل لحمايتهم، وهذا ما شهدناه في استغاثات الدروز السوريين بإسرائيل، وحض الدروز في فلسطين المحتلة لإسرائيل لإغاثة أقاربهم، مما يعتبرونه ويلات النظام السوري الجديد. مشروع توليد دويلات إسرائيلية جديدة وصغيرة غير إسرائيل الأولى، مشروع قديم، وكأننا أمام أكثر من إسرائيل واحدة، إذ هناك إسرائيل الأم، وهناك الدويلات الإسرائيلية الصغيرة لمكونات عرقية أو طائفية أو مذهبية محددة، ترعاها الأم الحاضنة أي إسرائيل في سياقات أدوار وظيفية، من بينها حماية إسرائيل وتقطيع أوصال المنطقة، والاستثمار في التنوع الطبيعي لتقسيم المنطقة على أساس الهويات الفرعية، بما يؤدي أيضا إلى تطهير ما يسمى إسرائيل من كل العرب، باعتبارها دولة دينية لا تقبل إلا هوية الاحتلال، الدينية، حالها حال الدويلات المستحدثة. الأردن اليوم أمام خطر جسيم، حيث إن توليد دولة درزية في السويداء، يعني البروفة الأولى لتقسيم العراق وسورية أيضا إلى دويلات طائفية ومذهبية وعرقية، لكن هذه الدولة ستكون الأخطر لان السويداء أقرب إلى الأردن من دمشق، كما أنها إذا انفصلت ولم تحدث حرب أهلية بسبب محاولة الانفصال، وهذا احتمال كبير، ستكون دويلة إسرائيلية تمتد مع حدود جنوب سورية بما في ذلك درعا والجولان، كمنطقة عازلة بين الأردن وسورية، وبحيث نخسر عمقنا السوري، ونصبح أمام حدود إسرائيلية شمال الأردن، وغربه، وكأنه تم تسويرنا بسوار إسرائيلي. أوراق الاردن هنا متعددة، إذ أن الاعتراض لدى واشنطن قد يفيد جزئيا، لكنه لن يمنع هذا المشروع الذي ستعترف به واشنطن، أصلا، كما أن علاقة الأردن بالزعيم اللبناني وليد جنبلاط وهو أهم رمز درزي في المنطقة قد تفيد في عرقلة المشروع، لعلاقاته القوية مع دروز سورية، ومع نظام الشرع، لكن هذه مراهنة جزئية، لان الاختراقات الإسرائيلية لدروز سورية جارية على قدم وساق بفعل اقاربهم في فلسطين المحتلة، والدور الوظيفي الذي سيتورط به الجميع لصالح الاحتلال الإسرائيلي، سيكون مشتركا، خصوصا، مع الذي يعايشه الفلسطينيون مع الدروز عندهم. ليس هناك من وقاحة علنية كما العمليات العسكرية الإسرائيلية وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي تهدد دمشق إذا تمددت قواتها إلى جنوب سورية، وإذا مست ما يسمى حقوق الدروز في سورية، وهي شهوة قد تمتد إلى مكونات سورية ثانية تستغيث بإسرائيل بحيث تصبح هي المنقذة، في زمن أصبحت فيه الخيانة تحمل مسميات بديلة، دون أي خشية أو قلق. الأردن أمام وضع خطير، إذ فوق ما يتدفق من جنوب سورية من مخدرات وسلاح، ومخاطر الجماعات المقاتلة يتم تثوير الدروز علنا، ويجاهرون اليوم للأسف باستعدادهم للتبعية لإسرائيل تحت مبرر المظلوميات التي يتعرضون لها، ولن يكون غريبا أن يمتد هذا المخطط إلى كل سورية والعراق، بعد أن كنا نعتبر أن التنوع الطائفي والعرقي والمذهبي دليل غنى اجتماعي، وإذ به يتحول تحت وطأة المظلوميات والاختراقات إلى خناجر تطعن ظهر شعوب الكينونات القائمة، وتمزق وحدة للمنطقة العربية. لن يحارب الأردن على كل الجبهات، إذ يكفيه ما عنده من هموم داخلية، واخطار ملف الضفة الغربية وغزة، وتأتيه اليوم أخطار ملف التقسيم السوري، في ظل حالة الأسرلة التي تجتاح المنطقة، وهي حالة قد تؤدي في مرحلة ما إلى الاقتتال الداخلي ونشوب حروب أهلية في دول مختلفة على خلفية رفض تنفيذ المخططات الإسرائيلية على المدى الإستراتيجي، وهي حروب قد تأتينا بموجات لجوء وهجرة جديدة، من الهاربين بدمهم. يبقى الخطر الذي لايراه أحد حتى الآن، أي تورط إسرائيل باحتلال أجزاء أكبر من سورية، وصولا إلى دمشق نفسها، والذي يعنيه ذلك على الأمن القومي العربي، وأمن الأردن، ما دمنا نتفرج على قصف الشعوب العربية، ونكتفي باعتبار أعمال إسرائيل رجس من عمل الشيطان، دون أي محاولة لوقف مخططات الهدم وإعادة البناء، وهي مخططات لن تستثني أحدا، في ظل مشروع إسرائيل الكبرى الذي يريد كل بلاد الشام ومناطق ثانية أيضا. في هذا المشرق الذي لا شمس فيه، ولا نهارا أصلا.