
مقامرة نتنياهو الأخيرة في غزة لإنقاذ ائتلافه
عواصم - في ظل حكومة أقلية لا تملك سوى 50 مقعدا بعد انسحاب الأحزاب الحريدية منها، أطلق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تهديدا غير مسبوق، بضمّ أجزاء من قطاع غزة تدريجيا، إذا لم توافق حركة حماس على اتفاق لوقف إطلاق النار خلال أيام معدودة.وتأتي هذه التهديدات بينما يواجه نتنياهو ضغوطا داخلية غير مسبوقة تهدد بانهيار آخر أعمدة ائتلافه، وسط تصاعد الخلافات داخل حكومته حول إدخال المساعدات إلى قطاع غزة.ووصفت صحيفة هآرتس هذا القرار الذي طرحه نتنياهو -المطلوب أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم إبادة في غزة- بأنه لا يبدو مستندا إلى دوافع أمنية أو إستراتيجية بقدر ما هو محاولة مكشوفة لاسترضاء وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ومنع انهيار الائتلاف الحكومي الهش.وأبلغ نتنياهو وزراءه في المجلس الوزاري المصغر (الكابينت)، يوم الاثنين الماضي بخطة تقضي بمنح حماس مهلة قصيرة للموافقة على وقف إطلاق النار، وإن لم تستجب ستباشر إسرائيل تنفيذ خطة ضم تدريجي لأراضٍ من قطاع غزة، تبدأ بالمناطق العازلة، ثم تمتد شمالا، وصولا إلى ضم كامل للقطاع.ووفقا للقناة 12 الإسرائيلية، فإن الوزير للشؤون الإستراتيجية رون ديرمر عرض الخطة على وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، وقد لاقت، وفقا لنتنياهو دعما من البيت الأبيض. أما الرئيس دونالد ترامب، الذي كان في زيارة إلى أسكتلندا آنذاك، فلم يحضر الاجتماع الذي بحث فيه الموضوع.ويبدو أن نتنياهو الذي لم يكن يوما متحمسا لخطط الضم حتى خلال ولايته السابقة بحسب وصف هارتس، بات اليوم مستعدا لاستخدامها كورقة مساومة مع شركائه المتطرفين في الحكومة، خصوصا "بعد إعلان إدخال المزيد من المساعدات لغزة"، وهي خطوة أثارت غضب حزب "الصهيونية الدينية" الذي يتزعمه سموتريتش.ووصف الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة مقترح ضم أجزاء من قطاع غزة بأنه ليس خطة أمنية مدروسة، بل ورقة مقامرة سياسية في يد رئيس وزراء بات رهينة ابتزاز شركائه اليمينيين المتطرفين، خاصة سموتريتش وبن غفير.ومن ثم فإن "الضم" المقترح، سواء أكان عبر خطوات تدريجية أو إعلانات رمزية، لا يمكن قراءته إلا في إطار سعي نتنياهو لتقديم "تعويض" لحلفائه يوازي فشلهم في تحقيق الحسم العسكري في غزة، ويُقايضهم به على حساب مسار المفاوضات"، وفقا لعفيفة.ويرى الباحث المتخصص في الشأن الإسرائيلي فراس ياغي أن خطوة الضم ليست مجرد أداة تهديد أو وسيلة ضغط على المقاومة، ويؤكد أن تهديد نتنياهو لم يأتِ من فراغ، بل يعكس تفعيلا لمفاهيم إستراتيجية متفق عليها بينه وإدارة البيت الأبيض.واعتبر أن قطاع غزة لا يمكن فصله عن مجمل المشهد الإقليمي. فثمة، بحسب ياغي، قرار إستراتيجي لدى واشنطن ولدى "الصهيونية العالمية" التي يمثّلها نتنياهو بضرورة الحسم في الإقليم ككل، وليس فقط في ما يتعلق بالملف الفلسطيني.وبحسب مصادر سياسية مطلعة، نقلت هآرتس أن سموتريتش أبلغ نتنياهو صراحة بأنه "سيحكم على الأمور من خلال الأفعال"، وإذا نُفذت الخطة التي وصفها بالإستراتيجية بالفعل، فإنه "سيبقى في الحكومة في الوقت الراهن".ويُفسر هذا التحول في خطاب سموتريتش، الذي هدد مرارا بالانسحاب من الحكومة إن استمر إدخال المساعدات من دون "حسم عسكري"، بأنه اختبار لولاء نتنياهو وفرصة أخيرة يتيحها له من أجل إرضاء قواعد اليمين المتطرف، في ظل سقوطه في الغالبية العظمى من استطلاعات الرأي التي أجريت في الحرب.وصرح رئيس حزب "عوتسما يهدوت" إيتمار بن غفير "نحن بحاجة إلى احتلال كامل لقطاع غزة، وتشجيع الهجرة، وسحق حماس، ليس عن طريق صفقات استسلام، ولا صفقات تعيدنا إلى الوراء، بل فقط عن طريق النصر والاحتلال وتشجيع الهجرة".ونقلت صحيفة هآرتس عن وزير في الحكومة قوله إن فكرة ضم أراضٍ من قطاع غزة "ليست مطروحة على جدول الأعمال"، بينما عبّر مسؤول بارز آخر في الائتلاف عن تشككه قائلا: "أجد صعوبة في تصوّر حدوث ذلك، فالحكومة تحاول فقط تهديد حماس من خلال اللعب في أكثر المناطق حساسية، باستخدام ورقة الأراضي".وفي السياق ذاته، انتقد الكاتب المتخصص في الشؤون الأمنية بصحيفة يديعوت أحرونوت، آفي يسسخاروف، هذا التهديد بشدة، واصفا إياه بأنه "واحد من أغبى التهديدات الفارغة التي سمعتها".وأضاف "قولوا ببساطة إنكم تريدون بناء مستوطنات وانتهينا، لكن وفّروا علينا هذا الهراء. لا أحد في حماس سيتنازل بسبب هذا التهديد، والعالم سيسحقنا بسببه".ويرى المراقبون أنه لا يبدو أن مثل هذه الخطط ستؤدي إلى تحقيق أهداف الاحتلال، إذ إن السيطرة على أراضٍ مأهولة وسط الدمار والمقاومة المستمرة ستكون مكلفة عسكريا وسياسيا. كما أن مجرد الإعلان عن خطة الضم، حتى لو لم تُنفذ، يعطي حماس ورقة جديدة في المعركة الدبلوماسية أمام العالم.واعتبر عفيفة خطة الضم في جوهرها إعلان هروب للأمام وفشل في تحقيق أهداف الحرب، لا سيما إسقاط حكم حماس أو استعادة الأسرى أو السيطرة الميدانية.قانونيا، أشار الباحث عفيفة إلى أن أي خطوة من الاحتلال لضم أراضٍ من قطاع غزة، سواء بشكل مباشر أو من خلال فرض "سيادة رمزية" تُعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي.وشدد ياغي على أن نتنياهو سيمضي في تنفيذ خطة الضم ما دام هناك ضوء أخضر أميركي كامل وصمت عربي رسمي، ما لم تبادر بعض الدول العربية والإسلامية إلى ممارسة ضغوط حقيقية على واشنطن، والتعامل مع أي خطوة من هذا النوع ليس فقط بوصفها جريمة حرب، بل كإعلان حرب على المنطقة بأسرها.-(وكالات)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ ساعة واحدة
- الرأي
عائلة رهينة إسرائيلي تندد باستخدامه من قبل حماس في حملة "دعائية"
نددت عائلة رهينة إسرائيلي محتجز في قطاع غزة منذ العام 2023، باستخدامه من قبل حماس في حملة "دعائية"، وذلك بعدما نشرت الحركة مقطع فيديو له لليوم الثاني تواليا. وقالت عائلة أفيتار دافيد البالغ 24 عاما إن "حماس تستخدم ابننا كتجربة حيّة في حملة تجويع دنيئة. التجويع المتعمد لابننا كجزء من حملة دعائية، هو من أفظع الأفعال التي شهدها العالم". وأتى البيان بعدما نشرت الحركة السبت مقطع فيديو جديدا يظهر فيه دافيد متعبا ونحيلا في نفق.


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
جيش الاحتلال يعلن عن اعتقال 3 عناصر من حماس عند نفق ببيت حانون
نشر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اليوم السبت، توثيقًا يظهر فيه ثلاثة عناصر من حماس يخرجون من أنفاق تحت الأرض في بيت حانون، التي تحولت إلى مدينة مدمرة بالكامل تقريبًا. ووفق البيان الصوتي لكاتس، استسلم الثلاثة لقوات الجيش الإسرائيلي، الذي يواصل تدمير البنية التحتية، فوق الأرض وتحتها، في إطار محاولات حماية مستوطنة سديروت والمستوطنات المحيطة بها. وأفاد الجيش الإسرائيلي والشاباك بأن عناصر من فرقة القتال التابعة للواء جفعاتي، بقيادة الفرقة 162، العاملة في منطقة بيت حانون، رصدوا ثلاثة عناصر يخرجون من نفق ويستسلمون. وعند استجوابهم ميدانيًا، أفاد العناصر الثلاثة بأنهم كانوا يخططون للهرب، بعد القضاء على عنصر آخر كان معهم في النفق خلال اشتباك مع القوات. واقتيد العناصر المقاتلون إلى مستودع أسلحة قرب النفق، حيث صودرت سترات وذخيرة وقنابل يدوية وأسلحة أخرى، وخلعوا ملابسهم بشكل شبه كامل. ووفق الجيش والشاباك، عُثر داخل النفق على معدات للبقاء طويلًا، وطعام وماء. وصودرت الأسلحة، واقتيد العناصر الثلاثة لاستكمال التحقيقات. وتفتش قوات الهندسة النفق حاليًا. وجاء في البيان: 'استسلمت كتيبة بيت حانون، التي كانت تشكل تهديدًا لمستوطنات نير عام وسديروت'، واعتُبر ذلك إنجازًا جديدًا لعملية 'عربات جدعون' وفق البيان. وتُنفذ هذه العملية ضمن عملية مستمرة في بيت حانون، التي بدأت قبل نحو شهر عقب قتل 5 من عناصر الجيش الإسرائيلي.


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
صمتت قيادات 'الداخل' وتحركت ' ماكينة' التنظيم الدولي
منذ أن صدر قرار حظر 'جماعة الإخوان المنحلة '، قبل أكثر من ثلاثة أشهر ، توارت قيادات الجماعة عن الأنظار ، اقتصر حضورهم بالفضاء العام على مناسبات العزاء والأعراس فقط ، لم يكلف أحد نفسه بمخاطبة أعضاء الجماعة المنحلة ، تركوهم حائرين وهربوا إلى الصمت ، السؤال : أي قيادات هذه التي تهرب من مصارحة من أقسم لها بالولاء والطاعة ، وتتخلى عن القيام بمسؤولياتها الادبية اتجاههم؟ والأهم : كيف نفهم هذا الكمون والصمت ، وماذا يخفي وراءه؟ ما حدث على امتداد الفترة الماضية ، يعكس كيف تفكر الجماعة المنحلة في مرحلة ما بعد قرار الحظر ، خذ ، مثلاً، أعضاؤها واصلوا الاستنفار على وسائل التواصل الاجتماعي لممارسة النضال ضد الأردن تحت ذريعة دعم المقاومة، خذ ، ايضاً، ملف الممتلكات التي تم تسجيلها بأسماء شخصيات داخل التنظيم كشف المستور المالي والأخلاقي ؛ واقعة واحدة تكفي لفهم هذا المستور ، قطعة أرض مسجلة ( كأمانة) باسم اثنين من كبار القيادات ،أحدهما اعترف أنها سجلت باسمه والثاني أنكر، القضاء ،بالطبع ،سيحسم القضية ، وربما نشهد في هذا الملف ،تحديداً ، الكثير من القصص والمفاجآت. في الخارج ، وليس بعيداً عن الداخل الأردني، تحركت ماكينة التنظيم العالمي ضد الأردن ، حملة الانتقام أخذت اتجاهات متعددة، أبرزها التشكيك بالمواقف الأردنية، واختلاق الروايات الكاذبة حول دور الأردن السياسي والإنساني تجاه غزة ، الهدف الأساسي تحميل الأردن ،لا إسرائيل ، مسؤولية ما يحدث لأهلنا في غزة من قتل وتجويع، من يتابع المنصات الإعلامية الممولة من قبل هذا التنظيم وآخرين يدرك ذلك ، ومن يرصد تصريحات ومظاهرات فرع الإخوان في تل أبيب ، مثلاً، يستطيع أن يفهم الهدف والرسالة ، والفاعل المتخفي أيضاً. وراء صمت قيادات الجماعة المحظورة ، كما يبدو ، خطة لإعادة تشكيل البيت الداخلي من جديد ، مع مواصلة الانتشار والعمل السري بقوة الدفع الذاتي ، ثم نقل إدارة الهجوم والانقضاض المباشر إلى فروع التنظيم في الخارج ، الدولة -في تقديري-ترصد ما يجري وتتعامل معه ،أمنياً وسياسياً، بهدوء، ربما كانت تنتظر موقفاً عقلانياً أكثر من الجماعة المنحلة، بياناً -على سبيل المثال – من القيادات التي خرجت ، سابقاً ، للشارع ، تصرخ في آلاف المظاهرات ، يخاطبون فيه الأعضاء: يجب ان نلتزم بقرار الدولة ، ولن نمارس أي نشاط يضر بالمصالح الوطنية، او نبرر لمن يفعل بالنيابة عنا او باسمنا ذلك ، لكن هذا لم يحدث ، وربما لن يحدث أبداً. أخطأت الجماعة المنحلة حين استخدمت الحرب على غزة لتمرير اجندات غامضة ضد الدولة الأردنية، أخطأت قياداتها ، أيضاً، حين لاذت إلى الصمت وخذلت أعضاءها، ولم تصارحهم بما حصل ، ومن يتحمل مسؤوليتة، ولم تعتذر لهم عن فشلها الذي انتهى إلى هذه النتيجة ، أخطأت ، ثالثاً ، وما تزال ، حين حركت أدواتها وفروعها في الخارج للتحريض ضد الأردن ،وحين صمتت على افتراءاتهم وبررتها بأي وسيلة ، وهي تخطئ أكثر حين تصرّ على الاستمرار بمكاسرة الدولة ، أو الاستقواء بالآخرين عليها، أو انتظار أن 'تنزل من فوق الشجرة' كما يقول بعض قياداتها . بقي ملاحظة أخيرة ؛ الجماعة، الآن ، أصبحت محظورة ، ولا رجعة ، كما يُجمع كافة المسؤولين في الدولة، عن هذا القرار ، أمام الأعضاء الذين كانوا يندرجون تحت مظلتها ، ويرغبون بممارسة العمل العام ، كغيرهم من الأردنيين ، فرصة تاريخية للتحرر من تركة التنظيم المنحل ، والاندماج في الحياة السياسية والعامة من جديد، حزب جبهة العمل الإسلامي الذي مازال مرخصاً يمكن أن يبدأ نقاشات عميقة ومسؤولة تفضي إلى قرارات حازمة ، تبدأ بإعلان الالتزام الكامل بقرار الحظر ومقتضياته، وإجراء مراجعة جذرية وشاملة للأدبيات والأفكار ، وقطع العلاقة نهائيًا مع الجماعة المنحلة ومع أي طرف خارجي يدور في فلكها ، ثم الانحياز لخيار ' الأردنة' في سياقه الوطني ، وبما ينسجم مع القوانين والمصالح الأردنية، هل يلتقطون هذه الفرصة ؟ لا أتوقع ذلك.