
فضل الله: لن نعطي إعطاء الذّليل ولن نقرّ إقرار العبيد ولن نرضخ لخيارات تملى علينا
اشار العلامة السيد علي فضل الله في خطبة يوم العاشر من محرّم في قاعة الزهراء في مجمع الإمامين الحسنين في حارة حريك الى "أنّنا نريد أن نستعيد كلّ هذا التّاريخ في كلّ واقعنا الّذي تتكرّر فيه الصّورة اليوم في كلّ هذا العدوان الصّهيونيّ الغادر الّذي شهدناه ولا زلنا اليوم نشهده في فلسطين... وفي لبنان... وفي سورية... وفي اليمن وفي الجمهورية الإسلامية في إيران والّذي يريد منه هذا العدو ومن يقف وراءه الاطباق على هذه المنطقة ليكون هذا الكيان له اليد الطّولى فيها والمهيمن على كلّ مقدراتها وخياراتها ومستقبلها، فالأمّة اليوم تخيّر بين القبول باملاءات هذا العدو وهيمنته على هذه المنطقة أو القتل والتّدمير والحصار المالي والاقتصاديّ والإبادة ومنع حتّى إعمار ما هدمه هذا العدو".
وأكد أنّنا "معنيون في هذا اليوم ووفاء لكلّ تلك الدّماء الطّاهرة الّتي سقطت أن نعلن أنّنا لن نعطي إعطاء الذّليل ولن نقرّ إقرار العبيد، ولن نرضخ لخيارات تملى علينا. إنّنا نعي الاختلال في موازين القوى بفعل الامكانات لدى العدو والدعم الذي يحظى به ولكن هذا لا يدعونا إلى التراجع والقبول بالأمر الواقع".
وشدد على اننا "نحرص أن تبقى إرادتنا حيّة لمواجهة أي تحدي وإن لم يسعفنا الحاضر، فأمامنا المستقبل الّذي لا نراه مغلقًا أمامنا، فنحن نثق بوعد الله بأن المستقبل لن يكون للظّالمين والمستكبرين والمهزومين والمتخاذلين بل هو للعاملين الثّابتين في مواقفهم، والله لا يخلف وعده لعباده"، مؤكدا اننا "سوف نستمر بصدق وإخلاص نعمل لتعزيز الوحدة الإسلامية التي من دونها لن تشهد أمتنا أي نهضة، ولتعميق الوحدة الوطنية التي بها نحمي أوطاننا من مخططات التفتيت والتقسيم والفوضى التي يعمل لتنفيذها أعداء هذه المنطقة، ولتوسيع اللّقاء بين الدّيانات، وندعو إلى مدّ الجسور بين الدّول العربيّة والإسلاميّة وإزالة التوترات والهواجس فيما بينها لتقوم معًا بدورها ومسؤوليّتها، وهي من تملك الإمكانات والقدرات والطاقات الّتي تجعل لها الحضور القويّ في هذا العالم ومواجهة التّحديات الّتي تهدّدها اليوم ممّن يريدون العبث بمقدّراتها وثرواتها وحضورها في هذا العالم حيث لا يمكن أن ترتقي وتواجه كلّ التّحديات بالتّرهّل والانقسامات".
اضاف "سوف نبقى على نهجنا في أن نكون صمّام أمان في أي موقع نوجد فيه، بأن نطلق الصّوت عاليًا حتّى لا نسمح للمنحرفين والفاسدين والظّالمين والعاملين للفتنة أن يسيطروا على واقعنا أو يهدّدوه... بأن نتعاون ليكون لنا في هذا البلد دولة نريدها قويّة عادلة خالية من الفساد، دولة تحرص على كل مواطنيها لا تفرق بينهم إلا على أساس الكفاءة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
موظفو الإدارة العامة: إما تفاوض فوري أو خطوات تصعيدية غير مسبوقة!
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أعلنت رابطة موظفي الادارة العامة، إمهال السلطة مهلة زمنية قصيرة لتحديد موعد عاجل للتفاوض، وإلّا فلتتحمّل نتائج تعنّتها، مشيرة الى ان "المماطلة ستُقابل بخطوات تصعيدية غير مسبوقة"، وقالت في بيان: "في مواجهة سلطة لا تتقن سوى سياسة الإذلال والتجاهل، وتتعامل مع موظفي الدولة كأنهم عبء يجب التخلص منه لا ركيزة أساسية لاستمرار الوطن، نرفع صوتنا عاليًا: لقد بلغ السيل الزبى، وصبرنا شارف على النفاد". وتابعت: "ما نشهده اليوم ليس مجرد إهمال، بل نهج مقصود من الطبقة السياسية بمختلف أطيافها، يؤكد رفضها لأي حوار جدي أو مبادرة إنقاذ. إن رفضها المتكرر الاجتماع بممثلي الموظفين ليس سوى دليل إضافي على عقلية استعلائية، تتنكر لأبسط الحقوق، وتُمعن في خنق من تبقّى في الخدمة العامة ، ولان يدنا ممدودة للتفاوض وحرصا منا على حقوق الموظفين، نطلب من الحكومة اعطاء موعد فوري وسريع لرابطة موظفي الإدارة العامة الممثل الشرعي والوحيد لموظفي الادارة لمناقشة حقوق ومطالب الموظفين للوصول الى نتيجة جيدة وايجابية لمصلحة الادارة والموظفين. أمام هذا الواقع، نتوجه إلى الرأي العام اللبناني لنؤكد أن مطالب موظفي القطاع العام ليست ترفًا ولا منحة من أحد، بل حقوق مكتسبة وضرورية لبقاء الإدارة وضمان المرفق العام. أن التهرب من الحوار هو عدوان مباشر على كرامتنا وحقنا بالعيش الكريم، وسنواجهه بكل ما أوتينا من وسائل نضالية مشروعة. أن السلطة تتحمّل المسؤولية الكاملة عن الانهيار الإداري والاجتماعي الناتج عن الإهمال الممنهج والتهميش المتعمد. كما نرفض بشكل قاطع ما يسمى بـ"الورقة المالية" المعروضة على الحكومة، والتي تهدف إلى تفريغ الإدارة العامة تدريجا عبر تقسيط الحقوق على خمس سنوات، في ظل واقع يعرف الجميع أن آلاف الموظفين سيحالون خلالها إلى التقاعد. إننا نرى في هذه الورقة محاولة لقتل ما تبقّى من الدولة". وطالبت بـ" فتح باب التوظيف فورًا عبر مجلس الخدمة المدنية لضخ دماء جديدة في الإدارة العامة، ولوقف نزيف الكفاءات وهجرة الشباب، دمج كافة الإضافات والزيادات التي أعطيت لغاية اليوم الى صلب الراتب (وإلغاء شروط ما يسمى بالمثابرة) ، وتمديد سن التقاعد إلى 68 سنة افساحا بالمجال للمتقاعدين الاستفادة من هذه الزيادات، تصحيح الرواتب والاجور وإعطاء سلسلة رتب ورواتب وفقا لمؤشر الغلاء والتضخم واعتماد سلم متحرك للاجور، اعادة الدوام من الساعة الثامنة صباحا حتى الساعة الثانية بعد الظهر ( من الإثنين إلى الخميس ) ، ومن الثامنة حتى الحادية عشرة يوم الجمعة". وأضافت أنه "أمام هذا الاستهتار، نُمهل السلطة **مهلة زمنية قصيرة لتحديد موعد عاجل للتفاوض، وإلّا فلتتحمّل نتائج تعنّتها. المماطلة ستُقابل بخطوات تصعيدية غير مسبوقة، قد تبدأ بالإضراب ولن تنتهي قبل العصيان الإداري المفتوح. وبناءً عليه، تدعو رابطة موظفي الإدارة العامة جميع العاملين في الإدارات والمؤسسات العامة إلى التوقف عن العمل ابتداءً من الإثنين 14 تموز 2025 وحتى الجمعة 18 تموز 2025، ردًا على تعنّت السلطة ورفضها الاستجابة للمطالب المحقة. كما نهيب بالجميع البقاء على أهبة الاستعداد للمشاركة في كل تحرك تصعيدي يُعلن عنه تباعًا".

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
ميلو ابن جيلو
من فرط حرص الأهالي على حسن تطبيق"البروتوكول" المعتمد لتحركات قوات "اليونيفيل" اعترض "عتعيت" من عيتيت وميلو إبن وادي جيلو، وصبية "من جيلو" دورية دولية على طريق عيتيت / وادي جيلو فاشتبكوا معها على الخفيف لمنعها من التقدم. لم تقع أي إصابة في صفوف الطرفين، كما لم تعتقل كتيبة الحجارة الثالثة أي من عناصر الدورية مكتفية بتوجيه إنذار شفوي للضابط المسؤول مفادها: "إسّا إذا بعد بتقطعوا من هون مرة ثانية سنطحن عظامكم يا مشحّرين". في زمن انتدابها الأوّل، كان المواطن الجنوبي متى شاهد دورية لقوات الطوارئ الدولية يحيّي عناصرها، رسل السلام والمحبة بأشهى العبارات وأعطر التحايا، هذا إن لم يطلبوا أخذ صور تذكارية معهم. سقى الله هاتيك الأيام عندما كانت الصبايا يلوّحن بالمناديل للجنود الدوليين ولسان حالهن: يا ريت هالنروجي بياخدني خطيفة على أوسلو. في زمن تفشي البلطجة الجهادية نمت حساسية لدى الأهالي تجاه الآليات البيض التي صارت هدفاً متحركاً يطاردها قطّاع الطرق والحرصاء على شرف الأمة والأعراض والمواثيق ويعطلون مهامها ويصوّبون مسارها ويرشقونها بالحجارة والشتائم إن لم يجرّدوا عناصرها من أسلحتهم، هذا إن لم يطلع من صفوف الأهالي من يركل أو يصفع جنديًا كما حصل مع جندي فنلندي في دير قانون النهر ذات يوم ليس ببعيد. جندي بلا مربى. يبدو أن القوات الدولية لم تدرك بعد أن ما يحكم طبيعة تحركها الميداني اليوم هو تفسير الأهالي لمنطوق القرار 1701 وليس أي تفسير آخر، من هنا وجوب إجراء تعديلات جوهرية عشية تجديد مجلس الأمن لـ "اليونيفيل" بما يتوافق مع رؤية "حزب الله" ومصالحه العليا. أبرز التعديلات المقترحة. • منع جنود "اليونيفيل" من استعمال الهواتف المحمولة أثناء قيامهم بالدوريات. • حصر سلاح الدوريات بالهراوات المطاطية كالتي تستعملها الشرطة البلدية في بلاد جبيل. • إشراك الأهالي في الدوريات كأدلاء ومترجمين ومراقبين لتطبيق بنود القرار الأممي. • ضم وحدة من الحرس الثوري الإيراني ووحدة من أنصار الله إلى القوات الدولية العاملة بالجنوب. • تعزيز قوات "اليونيفيل" ببياطرة وخبراء في تربية النحل ودود القز وتشحيل الزيتون وتربية الفرّي وتأهيل "مطاعيم الأفوكادو" وتقديم المجندات دورات في الدرزة والحبكة واللفقة و..."شك الدخان" يا قبّاري. • حظر اقتراب "اليونيفيل" من الخط الأزرق أو التواصل مع العدو تحت طائلة الملاحقة. يقدم الأهالي تقريرهم السنوي المفصّل حول الـ 1701 على نسختين: واحدة للشيخ نعيم، والثانية للإستيذ على أن يتبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بملخص عن واحد مثل ميلو إبن وادي جيلو. عماد موسى -نداء الوطن انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


شبكة النبأ
منذ ساعة واحدة
- شبكة النبأ
عندما يبقى جسد الإمام الحسين ثلاث أيام على أرض كربلاء
إن رجالًا مثل الحر وزهير بن القين كانوا مثالًا لمَن عرف الحق، بينما شخص مثل عبيد الله بن الحر الجعفي، وكان وجيهًا وشخصية "مثقفة"، حسب اصطلاحنا الحديث، وقد ذهب إليه الإمام الحسين بنفسه إلى خيمته، وهو يعرف الإمام الحسين مَن يكون، إنما مشكلته في معرفة الحق ليطابقه على شخصية الإمام... يا شيخ! هل قرأت القرآن؟ بهذا السؤال واجه الإمام زين العابدين ذلك الرجل الكوفي الذي كان بين المصطفين لاستقبال موكب السبايا، وهو معبأ – كما الآخرين – بالدعاية الأموية بأن الإمام الحسين وأهل بيته خارجون عن "القانون والنظام العام". لذا قال: "الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم، وأراح البلاد من رجالكم، وأمكن أمير المؤمنين منك!" فأجاب ذلك الرجل الطاعن في السن بالإيجاب، فتلا الإمام عليه الآية الكريمة: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}. قال: بلى قرأتها، فقال له: نحن القربى يا شيخ. ثم تلا الآية المباركة: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}. فقال بلى؛ قرأتها، فقال: نحن أهل البيت الذين خُصصنا بهذه الآية يا شيخ. ولاشك أن هذه الآيات وغيرها قد مرت على ذلك الرجل ولهج بها لسانه، لكن المشكلة في وعي الآية الكريمة، ويكون حاله حال ذلك الرجل الفقيه في نقاشه الفقهي مع الإمام الصادق عندما حاججه بآية كريمة فقال للإمام: "كأني أقرأها أول مرة"! كنت أتساءل لفترة طويلة؛ كيف طوّعت نفس أهل الكوفة المشاركة في قتل الإمام الحسين، عليه السلام، ثم ترك جثمانه على الأرض؛ هو وأبناؤه وإخوته، وأصحابه، ولثلاثة أيام، ثم يعودون أدراجهم إلى بيوتهم، يؤدون فريضة المغرب والعشاء ليوم العاشر من المحرم سنة 61 هـ، ويقضون هذه الثلاثة أيام مع أفراد عائلاتهم، كأن شيئًا لم يكن؟ علمًا أن عمر بن سعد – حسب المصادر التاريخية – أمر بدفن جميع قتلى جيشه في أرض المعركة، وكانوا بأعداد كبيرة، وتعمّد ترك الإمام والشهداء على حالتهم مع جريمة أخرى تضاف إلى سجل جرائمهم، وهي؛ فصل الرؤوس عن الأبدان تطبيقًا لسنة جاهلية تمسّك بها الأمويون رغم محاربة رسول الله لها، بدعوى البرهنة على الانتصار، قبل أن يقوم بفعلته النكراء الأخرى بأمر الخيول بأن تطأ جثمان الإمام الحسين، عليه السلام. ولكن! ما الذي يجعل جفونهم ترفّ لحظة واحدة وقد تبنوا الرواية الأموية بأن الإمام الحسين خارج على إمام زمانه، و"شقّ عصا الطاعة"، فهو مهدور الدم، بل يجب قتاله، ثم إن الدعاية الأموية آنذاك روّجت إلى أن الإمام الحسين يريد تفعيل المعاهدة بين أخيه الإمام الحسن، ومعاوية، وتحديدًا البند الخاص بأحقيته بتولّي الخلافة بعد موت معاوية – كما نصّت المعاهدة – ولذا سجّل التاريخ هذه المقولة عن أهل الكوفة بأن "ما لنا والدخول بين السلاطين"، ومن أجل تسكين الضمير الديني كون الإمام الحسين، ابن بنت رسول الله، وهو الأحق بالخلافة بـ "يكفينا كتاب الله"! الازدواجية وصناعة التبرير حالة الازدواجية التي مارستها الشريحة الأكبر من الكوفيين آنذاك، كانت نتيجة وعلّة لجملة من المعلولات الممهدة لممارسة مريحة لا يستشعر معها صاحبها بوخز الضمير كون المسألة تتعلق بالعهد والبيعة، وهي مسألة ليس من السهل تجاوزها، فقد كتب رؤساء القبائل ووجهاء المجتمع للإمام الحسين بأن أقدم "فقد أينعت الثمار وأخضرّ الجناب وإنما تقدم على جنود لك مجنّدة". من أجل هذا لابد من إنتاج جملة من التبريرات لتكون مثل المسكّن للضمير الملتهب في النفوس، بل وأحيانًا يكون دوره إخماد هذا الضمير تمامًا، وأيضًا؛ لإيجاد دافع للتحرك نحو تنفيذ أوامر الحاكم حفاظًا على الأرواح والممتلكات. فربما يخدع الإنسان الكوفي الإمام الحسين، عليه السلام، لكنه لا يخدع نفسه، ولا يقوم بعمل لا يؤمن به، أو يناقض قناعته وفكره، لذا فإن التبرير يمثل أرضية نفسية يسير عليها الإنسان الازدواجي والمتلوّن محققًا بذلك ليس فقط أهدافه الشخصية الآنية، وإنما أهداف الآخرين من المتربعين على قمة السلطة، كأن يكونوا حكامًا مستبدين مثل ابن زياد ويزيد ومَن على شاكلتهم، أو يكونوا جماعات أو تيارات فكرية تسعى لقيادة الشارع. هذه التبريرات المسكّنة لها فترة تأثير محدودة، فهي عنصر طارئ على النفس، لا جذور لها في القلب، سرعان ما تزول إذا ما استجدّت عليها عوامل أكثر تأثيرًا مثل الكلمات اللاهبة التي أطلقها الإمام السجاد وعمّته العقيلة زينب، عليهما السلام، فحصل التحول الغريب لأهل الكوفة الذين غدروا بمسلم بن عقيل وبالإمام الحسين، وإذا بهم يجهشون بالبكاء أمام تلك الكلمات، بيد أن الجواب كان تقريعًا لاذعًا من السيدة زينب بأن "يا أهل الكوفة! يا أهل الختل والغدر! أتبكون؟! فلا رقأت الدمعة، ولا هدأت الرنّة"، مستخفةً بالدموع الكاذبة المنبعثة من عواطف لا أساس لها في النفس والقلب، لأن ليس لهم ما يؤمنون به ويضحون من أجله حتى تكون هذه العواطف رصينة ذات اتجاه محدد كالتي حملها أصحاب الإمام الحسين إزاء إمامهم وقائدهم في ساحة المواجهة. عندما يكون الحاكم القوي ميزان الحق من الطبيعي أن ينمو فايروس الازدواجية والنفاق في النفوس، وبرعاية خاصة من الحاكم والجهاز المحيط به من رجال دين وأدباء وخطباء ومؤرخين ومحدثين، كل هؤلاء هم من كرسوا – وما يزالون – مفهوم الحاكم القوي المفروض الطاعة، و"الأمر الواقع"، وهم أنفسهم من وضعوا القاعدة التفسيرية للآية القرآنية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ}، فالحاكم القوي بالسيف والسلاح والمال هو ولي الأمر المطاع، من معاوية بن أبي سفيان، ومرورًا بالحكام الأمويين، ثم العباسيين، وحتى تاريخنا المعاصر. فمن يحمل فايروسًا من هذا النوع لا ينظر إلى الإمام الحسين، بل ومَن قبله أمير المؤمنين، والأئمة المعصومين من بعده؛ على أنهم أئمة مفروضة الطاعة من قبل الله – تعالى – وإنما علماء أو فقهاء ورواة حديث عن رسول الله، حالهم من حال العديد من رواة الأحاديث والفقهاء والقضاة ممن كان بعضهم نزيل البلاط. وهذا يؤكد أن أهل الكوفة لم يكونوا أول من يسقط في الاختبار الإيماني العسير مع الإمام الحسين في عاشوراء، وإنما سبقهم في ذلك أهل الحجاز مع أبيه أمير المؤمنين عندما جاء أحدهم يخاطب أمير المؤمنين وهو يجهّز الجيش لمواجهة الناكثين (أهل الجمل)، وهو يقول: "يا أمير المؤمنين: أترى أن طلحة والزبير وعائشة اجتمعوا على باطل؟! فأجابه الإمام، عليه السلام: إنه ملبوسٌ عليك، وإن الحق والباطل لا يعرفان بالناس، ولكن اعرف الحق تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف مَن أتاه". إن رجالًا مثل الحر وزهير بن القين كانوا مثالًا لمَن عرف الحق، بينما شخص مثل عبيد الله بن الحر الجعفي، وكان وجيهًا وشخصية "مثقفة"، حسب اصطلاحنا الحديث، وقد ذهب إليه الإمام الحسين بنفسه إلى خيمته، وهو يعرف الإمام الحسين مَن يكون، إنما مشكلته في معرفة الحق ليطابقه على شخصية الإمام. ولو كان يعرف ويؤمن بأن الحق متمثلٌ في الإمام الحسين، لما تجرأ على اقتراحه البائس بأن "خذ فرسي فليس له لاحق"! يريد مجاملة الإمام في تلك اللحظات التاريخية الفاصلة، فردّ عليه الإمام بأن "لا حاجة لنا بفرسك"، فهو يفضل الفرس على نفسه! بينما زهير بن القين أرسل إليه الإمام رسالة دعوة فقط، ولم يأته بنفسه، وهي مفارقة تستحق التأمّل لنصل إلى النتيجة المطلوبة، وحتى لا نكون ممن يكرر تجربة أهل الكوفة الذين أصبحوا أيقونة العجز في معرفة الحق ومعرفة أهله، فأصيبوا بأمراض نفسية مثل النفاق والازدواجية والجبن، مع آثار مدمرة على الأجيال القادمة.