logo
أزمة ترحيل المهاجرين غير النظاميين تتصاعد.. ماذا يحدث في شوارع المدن الأمريكية؟

أزمة ترحيل المهاجرين غير النظاميين تتصاعد.. ماذا يحدث في شوارع المدن الأمريكية؟

بوست عربيمنذ يوم واحد

منذ 6 يونيو/حزيران 2025، تحولت مدينة لوس أنجلوس ، ثاني أكبر مدينة في الولايات المتحدة، إلى بؤرة توتر ساخنة بسبب سلسلة من حملات الاعتقال والترحيل التي نفذتها وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) بحق المهاجرين غير النظاميين في البلاد، ضمن سياسة صارمة يقودها ترامب لترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين من البلاد. وما بدأ كعمليات اعتقال روتينية، تحول بسرعة إلى احتجاجات جماهيرية غاضبة وواسعة النطاق بعدما اجتاح عملاء فيدراليون لوس أنجلوس بجرأة وقوة، واعتقلوا 121 شخصاً على الأقل من مطاعم ومتاجر ومبانٍ سكنية.
كان رد فعل المجتمع المحلي سريعاً، حيث تجمع المتظاهرون في وسط المدينة، رافعين لافتات ومرددين هتافات "أطلقوا سراحهم"، لكن سرعان ما ردّت الشرطة بقوة على التظاهرات، وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت. تحولت المظاهرات إلى ساحة معركة ، وتصاعدت إلى أعمال العنف في المدينة وأعادت إلى الأذهان الاضطرابات التي أعقبت مقتل المواطن الأمريكي الأسود رودني كينغ عام 1992 على يد عناصر من الشرطة الأمريكية.
واتسعت الاحتجاجات الأمريكية وأعمال الشغب إلى عدة ولايات بينها دالاس وأوستن وتكساس وشيكاغو ونيويورك، وسط مواجهة متصاعدة بين إدارة ترمب وحكام الولايات الديمقراطية. حيث أحدث استخدام ترامب الحرس الوطني لردع الاحتجاجات دون موافقة حكام الولايات مزيداً من التوتر الحاد بين الديمقراطيين والجمهوريين، وأثار مخاوف من تصعيد قد يؤدي إلى مواجهات أعنف، مع دخول النزاع إلى أروقة القضاء. فهل تكون احتجاجات لوس أنجلوس حدثاً عابراً؟ أم أنها بداية صيف ساخن من الاضطرابات، في ظل حملات القمع من قبل إدارة ترامب، الذي نفذ صبره على المتظاهرين في المدن ذات التابعة للحزب الديمقراطي.
كيف فجّر إجراءات إدارة ترامب الاحتجاجات في لوس أنجلوس؟
في السادس من يونيو/حزيران، اجتاحت موجة من المداهمات التي نفذتها إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) أنحاء لوس أنجلوس. استهدفت إدارة الهجرة والجمارك، وهي الوكالة الفيدرالية المسؤولة عن إنفاذ قوانين الهجرة وإدارة عمليات الاحتجاز والترحيل، قطاعات محددة من اقتصاد لوس أنجلوس تعتمد بشكل كبير على العمالة المهاجرة، بما في ذلك مواقع تمركز العمال اليومية، ومتاجر لوازم البناء، والشركات الصغيرة والمصانع والمطاعم، كانت هذه المداهمات جزءًا من حملة فيدرالية أوسع نطاقًا لملاحقة المهاجرين غير النظاميين الذين صدرت بحقهم أوامر ترحيل سابقة أو يُشتبه في صلتهم بسجلات عمل مزورة.
نتيجةً للمداهمات، اعتُقل أكثر من 100 شخص في غضون ساعات. اعتُبر اختيار المواقع التي استهدفتها دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) استراتيجيًا ورمزيًا على نطاق واسع، إذ ألحق ضررًا بالعمال المعرضين للخطر حيث يجتمعون لكسب عيشهم.
بدأت الاحتجاجات على الفور تقريبًا. وبحلول عصر يوم 6 يونيو/حزيران، تجمع المتظاهرون أمام المبنى الفيدرالي بوسط المدينة، حاملين لافتات كُتب عليها "ألغوا إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية" و"لا يوجد إنسان غير قانوني". وسرعان ما تطورت هذه الاحتجاجات إلى حشود جماهيرية، جمعت ائتلافًا واسعًا من نشطاء حقوق المهاجرين، ومنظمات العمال، والطلاب، والسكان المحليين وغيرهم.
خلال اليومين التاليين، امتدت الاحتجاجات إلى أجزاء أوسع من المدينة، لا سيما في المناطق ذات الجذور المهاجرة العميقة. وأقام آخرون مخيمات بالقرب من مكاتب إدارة الهجرة والجمارك والمحاكم الفيدرالية، مطالبين بالإفراج عن المعتقلين والوقف الفوري لإجراءات إنفاذ القانون.
حملات إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية ليست جديدة، لكن هذه الموجة من الاعتقالات تأتي كجزء من حملة إدارة ترامب المثيرة للجدل على الهجرة. حيث تعهد ترامب بترحيل أعداد قياسية من المهاجرين غير النظاميين خلال فترة ولايته الثانية، كما حدد البيت الأبيض هدفاً لوكالة الهجرة والجمارك لاعتقال ما لا يقل عن 3000 مهاجر يومياً وهو رقم كبير وغير مسبوق.
بسبب هذا الضغط، وقع الأشخاص الذين كانوا يعيشون بشكل قانوني في الولايات المتحدة ضحية مداهمات دائرة الهجرة والجمارك. تم تنفيذ عمليات الاعتقال الأخيرة بشكل علني، وهو ما قالت عنه عمدة لوس أنجلوس كارين باس إنه من شأنه أن "يزرع الرعب" وأضافت في بيان: "أشعر بغضب شديد إزاء ما حدث".
ومع تصاعد الاحتجاجات، ردّ البيت الأبيض بإرسال قوات، دون موافقة ولاية كاليفورنيا. ونُشر ما يقرب من 4000 جندي من الحرس الوطني و700 جندي من مشاة البحرية (المارينز) في لوس أنجلوس بموجب أمر مثير للجدل أصدره الرئيس السابق دونالد ترامب. ووصف الحاكم الديمقراطي غافن نيوسوم هذه الخطوة بأنها "غير دستورية"، واتهم الحكومة الفيدرالية باستغلال كاليفورنيا كـ"اختبار سياسي".
يوم الإثنين، أعلنت شرطة لوس أنجلوس حظر التجمع وسط مدينة لوس أنجلوس، مؤكدة أن عناصر إنفاذ القانون أوقفوا عشرات الأشخاص، حيث تم نشر مئات من رجال الشرطة لمكافحة الاضطرابات مع انتشار الاحتجاجات إلى العديد من المدن الأمريكية الكبرى الأخرى. وجابت شرطة مكافحة الشغب على الخيول وضباط مسلحون بقنابل الصوت والرصاص المطاطي الشوارع لتفريق الذين تحدوا حظر التجول المفروض في المدينة من الساعة الثامنة مساء حتى السادسة صباحاً.
كيف أحدثت الاضطرابات في لوس أنجلوس أزمة سياسية؟
أشعلت اضطرابات لوس أنجلوس خلافًا سياسيًا جديدًا بين الديمقراطيين والجمهوريين، خصوصًا حول قضية الهجرة. يرى الجمهوريون أن ترحيل المهاجرين غير النظاميين ضرورة لحماية الأمن القومي، بينما يؤكد الديمقراطيون أن الحل يكمن في إصلاح شامل للنظام، مع ضمان احترام كرامة المهاجرين. من جهته، وصف ترامب ما حدث بأنه "مؤامرة يسارية لتعطيل الدولة"، متهمًا حكّامًا ديمقراطيين بالتساهل مع الفوضى. في المقابل، اعتبر ديمقراطيون في الكونغرس أن قراره بنشر الحرس الوطني يمثل "ترهيبًا سياسيًا" وأسفر عن تدخلات أمنية غير قانونية.
وأثارت قرارات ترامب غضباً وانتقاداً واسعين في الأوساط السياسية. وأشار المنتقدون إلى التكلفة الباهظة البالغة 134 مليون دولار لنشر القوات لمدة 60 يوماً، ودقّوا ناقوس الخطر بشأن استخدام القوة العسكرية في الشؤون المدنية المحلية. ووعد الرئيس ترامب بما سماه "تحرير المدينة" ممن وصفهم بـ"أعداء أجانب". واصفاً الاحتجاجات بأنها "غزو من قبل عدو خارجي".
اعتبر حاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي أن "تدخل ترامب من دون دعوة خلق الأزمة"، ووصف نيوسوم الرئيس الأميركي بـ"الدكتاتور". وفي حين قال ترامب إن نشر الحرس الوطني يهدف إلى استعادة النظام، شدد نيوسوم -المرشح الديمقراطي المحتمل لرئاسة الولايات المتحدة لعام 2028- على أن قراره "اعتداء مباشر على سيادة الولاية". واعتبر نيوسوم أنه كان بإمكان الولاية السيطرة على الوضع لولا تدخل ترامب "الذي زاد التوتر"، مشدداً على أن "الرئيس الأمريكي أشعل الحرائق وكانت كاليفورنيا تملك الأدوات اللازمة لمعالجة الأزمة".
وفي خطاب ألقاه الثلاثاء، قال نيوسوم إن وصول قوات الحرس الوطني ومشاة البحرية إلى المدينة بتوجيه من ترامب لم يكن مجرد قمع للاحتجاجات التي أعقبت سلسلة من مداهمات الهجرة التي شنتها السلطات الفيدرالية، بل كان جزءًا من "حرب" مدروسة تهدف إلى تقويض أسس المجتمع وتركيز السلطة في يد البيت الأبيض.
وحذر نيوسوم قائلاً: "قد تكون كاليفورنيا هي الأولى، لكن من الواضح أن الأمر لن ينتهي هنا. ولايات أخرى هي التالية.. الديمقراطية هي التالية. الديمقراطية تتعرض للهجوم أمام أعيننا. لقد حانت هذه اللحظة التي كنا نخشاها". وأضاف نيوسوم في خطابه، بالإشارة إلى ترامب: "لقد أعلن حربًا. على الثقافة، والتاريخ، والعلم، بل على المعرفة نفسها. إنه ينزع الشرعية عن المؤسسات الإخبارية، ويعتدي على التعديل الأول للدستور الأمريكي. ترامب يهاجم شركات المحاماة والسلطة القضائية، أسس المجتمع المنظم والمدني".
وقال نيوسوم في نهاية خطابه: "حان الوقت لننهض جميعًا"، حاثًا جميع الاحتجاجات على أن تكون سلمية. وأضاف: "ما يريده ترامب أكثر من أي شيء آخر هو ولائكم وصمتكم، وأن تكونوا متواطئين في هذه اللحظة.. لا تستسلموا له".
بررت إدارة ترامب تحركها عبر "قانون التمرد"، وهو قانون يعود لعام 1807، ويمنح الرئيس صلاحية نشر القوات المسلحة بما في ذلك الحرس الوطني، في حال وجود "تمرد داخلي" يهدد النظام العام ويعيق تنفيذ القوانين الفدرالية التي تعجز سلطات الولاية على فرضها. واعتبر محللون أن قرار ترامب بنشر الحرس الوطني أتى اختبارا لحدود سلطته التنفيذية في إطار تنفيذ وعده الانتخابي بترحيل المهاجرين غير النظاميين.
في الوقت نفسه، قالت شبكة CNN الأمريكية إن قاضياً فدرالياً رفض طلب حاكم كاليفورنيا إصدار أمر فوري بمنع نشر عناصر الحرس لمواجهة المظاهرات في لوس أنجلوس. فيما قال المدعي العام لولاية كاليفورنيا إن الولاية رفعت 25 دعوى على الرئيس لانتهاكه القانون وتجاوز الدستور، أبرزها نشر مئات من أفراد الحرس الوطني في لوس أنجلوس خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وتسعى الدعوى القضائية إلى الحصول على حكم قضائي يفيد بأن الخطوة التي اتخذها ترامب رداً على الاحتجاجات ضد إجراءات الإدارة المتعلقة بالهجرة دون طلب من حاكم ولاية كاليفورنيا غافن نيوسوم كانت "غير قانونية ويجب إلغاؤها". وقال المدعي العام لولاية كاليفورنيا إن أمر ترامب ينتهك دور حاكم الولاية بوصفه قائداً أعلى للحرس الوطني في كاليفورنيا، وإنه سيتقدم بطلب أمر تقييدي مؤقت إلى المحكمة لضمان سرعة البت في هذه القضية، نظراً للضرر الذي لا يمكن إصلاحه الذي تواجهه كاليفورنيا بسبب قرار الرئيس.
ماذا نعرف عن المهاجرين غير النظاميين في الولايات المتحدة الأمريكية؟
يبلغ عدد المهاجرين غير المسجلين في أمريكا ما بين 11 مليوناً (وفقًا للتقديرات المستقاة من استطلاعات الرأي) و20 مليونًا (وهو العدد الذي تستخدمه الإدارة الأمريكية في بياناتها) نصفهم تقريباً من الجارة المكسيك.
نظرًا لقربها من المكسيك واقتصادها الزراعي والصناعي الكبير، تُعد كاليفورنيا الولاية الأولى من حيث عدد المهاجرين غير النظاميين في الولايات المتحدة، إذ يُقدر عددهم بأكثر من مليوني شخص. هؤلاء يشكلون قوة عاملة محورية في قطاعات مثل الزراعة والبناء والتنظيف. وتلي كاليفورنيا في عدد المهاجرين غير النظاميين ولاية تكساس ومن ثم فلوريدا ونيوجيرسي وإلينوي ونيويورك بالترتيب.
وتُظهر الإحصائيات الأميركية أن هؤلاء المهاجرين يضخّون مليارات الدولارات سنويًا في الاقتصاد من خلال ضرائب غير مباشرة، مثل ضريبة المبيعات والإيجارات. وفي عام 2022 بلغ عدد المهاجرين غير النظاميين في سوق العمل حوالي 8.3 مليون، أي تقريباً 5% من القوى العاملة و3% من السكان العامين.
من أبرز المهن التي يعملون بها بحسب تقرير لمركز epi: الخدمات (25.5%)، الصيانة (24.8%)، الإدارة والتعليم (19.1%)، الإنتاج والنقل (18.3%)، والمبيعات/المكاتب (11.3%)
ما هي قوات الحرس الوطني الأمريكي؟
هو قسم من الجيش الأمريكي يمكن استخدامه كاحتياطي للجيش والقوات الجوية. وكل ولاية أمريكية لديها وحدتها الخاصة من الحرس الوطني، والتي تخضع لحاكم الولاية المعنية والرئيس. ويتألف من أكثر من 430 ألف جندي مدني قادرون على الاستجابة للأزمات الداخلية والصراعات الخارجية.
ورغم أن الحرس الوطني ساعد في السيطرة على الحشود في الماضي، فإن دعوة ترامب لنشر الحرس الوطني في كاليفورنيا تعتبر خطوة تاريخية إلى حد ما. والسبب في ذلك هو أنه فعل ذلك دون موافقة الحاكم – وهو أمر لم يفعله أي رئيس منذ عام 1965 عندما أرسل الرئيس ليندون جونسون قوات لحماية مسيرة الحقوق المدنية في ألاباما.
يتميز الحرس الوطني الجوي أيضًا بأنه يعمل تحت قيادة الولايات والحكومة الفيدرالية. وقد استُدعي في السنوات الأخيرة للاستجابة للعديد من الأحداث المحلية، بما في ذلك الكوارث الطبيعية، وجائحة كوفيد-19، والاحتجاجات المناهضة للعنصرية، وتحديات أمن الحدود. ومع تنامي دوره المحلي، أصبح الحرس الوطني الجوي أكثر تكاملاً مع العمليات العسكرية الأمريكية الدولية. ويُجري الحرس الوطني الجوي، على وجه الخصوص، تحليلات استخباراتية عسكرية بالغة الأهمية، بما في ذلك في أوكرانيا والشرق الأوسط.
إلى أين تتجه اضطرابات المهاجرين بالولايات المتحدة؟
تقول صحيفة الإيكونومست ، حتى الآن، تُعتبر الاحتجاجات في لوس أنجلوس محدودة مقارنةً بالأحداث التي شهدتها المدينة سابقًا. حيث أُلقي القبض على أكثر من 12 ألف شخص خلال أعمال شغب رودني كينغ عام 1992. وفي اليومين الماضيين، كان العدد الإجمالي للمعتقلين بضع مئات، لكن الأمور قد تسوء أكثر. وبينما يدعو سكان لوس أنجلوس للهدوء وانسحاب القوات من شوارعهم، تجد أمريكا نفسها في لحظة حرجة.
ويكمن جوهر معضلة البلاد، بحسب المجلة البريطانية، في أن الرئيس انتُخب بتفويض للتعامل مع الهجرة غير الشرعية. ومع ذلك، يرى بعض مؤيديه أن ذلك يعني القيام بأمور قد تكون غير دستورية، وهي مستحيلة وغير حكيمة. ويبدو أن ترامب نفسه حريص على استخدام القوات والجنود لقمع الاحتجاجات ضد سياساته. وقال عندما سُئل عن الوضع في لوس أنجلوس: "سننشر قواتنا في كل مكان".
يعتقد الرئيس ومستشاروه أن سياسة فرض الحرس الوطني على كاليفورنيا في صالحهم. ويتمثل النموذج في الآتي: إعلان حملة قمع للهجرة في مدينة لا ترغب قيادتها في ذلك، وانتظار الاحتجاجات، ثم استدعاء القوات لقمع المتظاهرين. يُعدّ تحطيم الرؤوس تحذيرًا للمدن الأخرى التي قد تقاوم، كما أنه إشارة إلى أنصار "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا" بأن ترامب يفعل ما انتخب من أجله، كما تقول المجلة.
باستثناء ملحوظ لمسيرات النساء عام 2017 اتسمت الاحتجاجات السياسية الجماهيرية خلال السنوات الأخيرة في المدن الأمريكية بالعنف. خلال الأيام الأخيرة، شهدت لوس أنجلوس جرائم اعتداء على الممتلكات، وتعرضت الشرطة لإطلاق نار. هذا قد يجعل استدعاء الحرس الوطني مبرراً هاماً، إذ قد يُنظر إلى القوات على أنها حل للتوتر الذي يبدو أن وجودها يهدف إلى تأجيجه.
وكانت آخر مرة تم فيها نشر قوات مشاة البحرية على الأراضي الأميركية في لوس أنجلوس أيضاً، بعد أن استخدم الرئيس بوش الأب قانون التمرد لقمع أعمال الشغب التي اندلعت بسبب تبرئة ضباط الشرطة البيض الذين اعتدوا بالضرب على رودني كينج، وهو رجل أسود، في عام 1992.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

السيد الدمرداش يكتب: غرفة الفنادق المصرية
السيد الدمرداش يكتب: غرفة الفنادق المصرية

أخبار السياحة

timeمنذ 2 ساعات

  • أخبار السياحة

السيد الدمرداش يكتب: غرفة الفنادق المصرية

حكاياتها كثيرة ومثيرة للاهتمام، في ظل ' فراغ ' أو ' عوار ' كما كان يحلو للمستشار عبد الحليم رمضان ، رحمة الله عليه كان وطنيا مخلصا، وصديق كريم ، تعود جذوره الي إحدى قري محافظة المنوفية سنتحدث لاحقا عن ارتباطه بأهل قريته ، رغم وجوده في قلب القاهرة ' وسط البلد ' كانت تجمعنا الصدفة في أحد مطاعم ' جواد حسني ' الشارع الأشهر في منطقة وسط البلد بحكايات وقصص مثيرة للاهتمام، تحمل كنزا من المتناقضات والذكريات. حكي لي أنه أقام عدة دعاوي قضائية ضد الرئيس مبارك رحمة الله عليه، كانت له صولات وجولات معه ، ربما لأسباب تتعلق بالجغرافيا ، كما فعلت غرفة الفنادق المصرية، بتفعيل جغرافيا الانتخابات في سابقة نوعية ، احد هذه الدعاوي كانت من أجل أرتفاع رغيف الخبز خمسين ضعفا وانخفض وزنه بمقدار النصف ، ونجح الرجل في تحريك الرأي العام من خلال دعواه لمناقشة سعر ووزن رغيف الخبز حتي وصل أركان وغرف ولجان مجلس الشعب وقتها في ظل نفوذ الحزب الوطني الديمقراطي. بعيدا عن قصص المرحوم المستشار عبد الحليم رمضان ، غرفة الفنادق المصرية بها مقعد في مجلس الإدارة ' شاغر ' بعد أن تقدم أشرف ميشيل عضو المجلس باستقالته بسبب تغيير محل عمله من القاهرة الي الغردقه وهذه إحدى مزايا جغرافية الانتخابات في غرفة الفنادق، والأسباب لا أحد يعلم عنها شيء سوي عدد قليل من المقربين من دائرة معارف وأصدقاء السادة أصحاب النفوذ الذين استطاعوا السيطرة على مفاصل الاتحاد المصري للغرف السياحيه وتمكنوا منه ، وسياسة السيطرة والتمكين لها فوائد عديدة كان يجيد إدارتها المرحوم السياسي المخضرم كمال الشاذلي داخل نفق الحزب الوطني وداخل قاعة مجلس الشعب قديما. نهايته مجلس إدارة غرفة الفنادق المصرية غير مكتمل باستقالة أحد السادة أعضاء مجلس إدارته وهذا يحتاج إلى توضيح وتفسير لمجريات الأمور في ظل اتفاقيات وتعاقدات لإدارة شوؤن القطاع الفندقي في مصر ، فالمقعد الشاغر هو صوت داخل المجلس قد يغير قرارات أو يعترض علي بعضها ، وقد يقف هذا الصوت في وجه متخذي القرار بالتصويت إن لم يكن هناك إجماع عليها. الهيكل التنظيمي والإداري يكتمل بعدد أصوات مجلس الإدارة ، وعدم إستيفاء الأمر قد يعرض مجلس إدارة الغرفة ' للحل' إن لجأ عضو جمعية عمومية للقضاء الإداري. لقد نجح المرحوم عبد الحليم رمضان في إحدي الدعاوي علي الرئيس مبارك رحمة الله عليه في خصومته وكانت سببا رئيسيا في ' إزالة ' صورته من محاكم مصر في قضية شهيرة وأستمر الوضع علي ذلك بعد ذلك ، فهل ينجح أحد أعضاء الجمعية العمومية لغرفة الفنادق في الحصول على حكم ' بحل مجلس الإدارة ' أو تنجح الغرفة في تصحيح الوضع قبل اللجوء للقضاء.

ماجد شوشة يكتب: ما هكذا تورد الإبل
ماجد شوشة يكتب: ما هكذا تورد الإبل

أخبار السياحة

timeمنذ 2 ساعات

  • أخبار السياحة

ماجد شوشة يكتب: ما هكذا تورد الإبل

كلنا سمعنا هذا المثل العربى والذى يضرب فيمن لا يحسن القيام بالمهام التى كلف بها أو فى الذى يؤدى العمل بشكل غير متقن وأقوله الآن لكل القائمين على منظومة الحج السياحى الذين يتباهون فى الإعلام بنجاحه ويشيدوا به ولكن للأسف الحقيقة والواقع عكس ذلك تماماً. وأدعوا اعضاء مجلس الشعب والمسؤولين بالدولة لتشكيل لجنة محايدة وفتح تحقيق عاجل للوقوف على مهازل الحج السياحى التى تتكرر كل عام واستمرت أيضآ هذا العام، وأرجو ان لا يلتفتوا لما ينشر بالإعلام فكله من أصحاب المصالح الذين يصدرون لنا النجاح ليداروا على الفشل الزريع والجرم الذى لا يغتفر ففى رقابهم آلاف الحجاج الذين تم استغلالهم على مرئ ومسمع من الجميع وليس القصور فقط فى ضعف الخدمات فى المشاعر والذى شاهدناه جميعا فى الفيديوهات التى صورها الحجاج بأنفسهم ونشروها والتى تعكس تدنى مستوى الخدمات اذا ما قورنت بالمبالغ الكبيرة التى سددها هؤلاء الحجاج المغدور بهم ولو سحبوا عينة عشوائية من الحجاج وتم سؤالهم بشكل مباشر لعرفوا الحقيقة. إنما الجرم والقصور بدأ مبكراً جداً بدأ منذ وضعت الضوابط خاصة فى بند التسعير والذى حدد الأسعار للمستويات المختلفة بالتوقع وليس على اساس التكلفة الفعلية، ورغم اننا فى مصر لا ندعم الحج ونوكل جزء كبير منه لتنظمه وزارة الداخلية ووزارة التضامن ويتحرك مسؤولى الوزارتين مبكراً للتعاقد على السكن والخدمات وبعد التعاقد يتم تسعير برامجهم على أساس تكلفة فعلية وواضحة وتعلن منهم الأسعار، والتى تغطى التكلفة الفعلية والتكاليف الإدارية ويستثنى من ذلك بند تذكرة الطيران التى تحدد فى حينه. اما الحج السياحى فتحدد الأسعار فيه على حسب التوقع فتفترض لجنة التسعير ان الشركات ستتعاقد على سكن مكة بتكلفة للفرد فى الرباعى مثلا بـ ١٦٠٠٠ او ١٧٠٠٠ ريال بينما التكلفة الفعلية جاءت اقل من ذلك بنسبة ٢٥٪ لدى الذين تعاقدوا قبل رمضان وزادت هذه النسبة لتصل لأكثر من ٥٠٪ للذين تعاقدوا على السكن فى شوال وذو القعدة لانهم استفادوا من إغلاق المسار الإلكترونى لبعض الدول مبكراً ومن قلة اعداد تأشيرات المجاملة هذا العام وهذا الفرق الكبير لم يستفيد منه الحجاج بل دخل كمكاسب إضافية للشركات ولا تظهر بالحسابات. ونفس الامر ايضا يتم فى سكن المدينة والنقل وخدمات المشاعر مستفيدين من قله اعداد حجاج الخارج هذا العام عن الاعداد التى كانت تنفذ بالمواسم السابقة وكل هذه الفروقات دخلت ايضا للشركات ولم يستفيد منها الحجاج. افترضت لجنة التسعير ان الشركات ستوفر الريال السعودى من السوق السوداء بسعر بينما الحقيقة ان الشركات وفرت الريال بسعر ١٣.٥ جنية فى المتوسط ولو اطلعت لجنة التحقيق على الاسعار التى وضعت ومعامل تغير العملة الذى حدد فى حينه لوجدت ان هناك فروق عملة كبيرة لم يستفيد منها الحجاج بل استفادت منها الشركات أيضا، كل هذا بخلاف الضوابط التى تسمح بالتلاعب ويمكن الشركات من تعظيم مكاسبها ولن تجد شركة سياحة نفذت برامجها طبقا للأسعار المعلنة بضوابط الوزارة تعترف ان مكسب الفرد في برنامج الخمس نجوم تعدى الـ ١٥٠ الف جنية للحاج الواحد ووصل الربح بالمستوى الاقتصادى لأكثر من ٩٠ الف جنية للحاج الواحد كل هذه الأرباح لا تعلن عنها الشركات فلو أعلنت عنها فلن تتمكن من رفع اسعار الموسم المقبل بل ستنخفض وتنخفض معها ارباحها وفيما مضى كانت كل شركة تضع برنامجها المقترح ويعرض على الإدارة المختصة بوزارة السياحة فتوافق عليه او تطلب تعديله ويسمح فقط فى هذا البرنامج بنسبة ربح ١٥٪ وتقدم الشركات حساب ختامى للرحلة بعد انتهائها فعليا ويخضع للرقابة أيضا وتحاسب على ذلك وترد المبالغ الزائدة وان كنا لم نرى من يرد ولكن كان هناك رقابة ولا تستطيع الشركة الخروج عن الحد المسموح ولو خرجت سيكون الخروج بنسبة بسيطة. اما الان فالفساد سيد الموقف هذه المكاسب الخرافية والتى تتعدى مكاسب المهربين وتجار المخدرات هى التى رفعت قيمة رخصة شركة السياحة إلى ١٤ مليون جنية فقط فى الرخصة ولو المكاسب بنسبة طبيعية لما وجدتهم يشترون الرخص بهذه القيمة ولما وجدت منهم من لدية اكثر من شركة ولما لا وهو يحقق كل هذه المكاسب ولا يحاسبه احد بل يساعدونه على التهرب الضريبى فلن تعترف لجنة التسعير انها أخطأت فتقبل ما تقدمه الشركات بحساباتها خشية افتضاح قصورها، ولما وجدت ايضا ان نسبة الشركات التى تعمل فقط بالحج والعمرة تتعدى ٩٥٪ من الشركات المسجلة بينما دورها الحقيقى الترويج للسياحة المصرية. أناشد المسؤولين بالدولة وأعضاء مجلس الشعب الامر بتشكيل لجنة تقصى حقائق وأثق ان أول توصية لهذه اللجنة ستكون المطالبة بتغيير منظومة الحج والعمرة بمصر. وفقنا الله وأياكم لما فيه الخير للبلاد والعباد .

إسرائيل تحارب الفلسطينيين بالسيولة النقدية.. شحّ للشيكل في غزة وانهيار للمنظومة المصرفية في الضفة
إسرائيل تحارب الفلسطينيين بالسيولة النقدية.. شحّ للشيكل في غزة وانهيار للمنظومة المصرفية في الضفة

بوست عربي

timeمنذ 7 ساعات

  • بوست عربي

إسرائيل تحارب الفلسطينيين بالسيولة النقدية.. شحّ للشيكل في غزة وانهيار للمنظومة المصرفية في الضفة

لا تقتصر الحرب الاسرائيلية ضد الفلسطينيين على القتل والتدمير والهدم فقط، إذ تذهب إلى أبعد من ذلك نحو حرب اقتصادية غير مسبوقة تمثلت في التسبب بشح الشيكل في غزة من خلال سحب هذه العملة بصورة تدريجية من القطاع، وزيادتها عن الحدّ المقبول في الضفة الغربية. تسبب ذلك في زيادة الضغط الاقتصادي والنقدي على الفلسطينيين المهجّرين والمجوّعين في غزة، وبانهيار المنظومة المصرفية في الضفة، بحسب ما رصده تقرير "عربي بوست". سحب الشيكل من أسواق غزة بدأت معالم الحرب التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة مع بداية الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حين أغلق الاحتلال الإسرائيلي معابره أمام التجار في القطاع، ورفض إدخال البضائع التجارية، ما أوقف دخول العملة الاسرائيلية المتداولة في غزة، وهي الشيكل، إلى الأسواق، ولم يتبق سوى الأوراق النقدية الموجودة أصلاً بين المواطنين والتجار ما قبل الحرب. والشيكل تقريبا هو العملة الوحيدة والأساسية المتداولة في السوق الغزّي بالإضافة إلى الدينار الأردني قبل الحرب، حيث توقف الدولار عن التداول بعد توقف المؤسسات الدولية عن تسليم رواتب موظفيها بهذه العملة، واستبدالها بالحوالات المالية عبر حساباتهم المصرفية. وتشترط المؤسسات الدولية تسليم أي حوالات بالدولار تأتي من خارج القطاع بالشيكل، فضلا عن سحب معظم الدولار الذي كان أصلاً في السوق بين شهري يناير/كانون الثاني ومايو/أيار 2024، حين تم فتح معبر رفح، واضطر الفلسطينيون لدفع مبالغ هائلة لشركات تنسيق السفر التي اشترطت الدفع بالدولار، وليس بالشيكل، بحسب ما أكدته تقارير سابقة لـ"عربي بوست". زاد من الأزمة النقدية أن البنوك الفلسطينية في القطاع أغلقت أبوابها أمام عملائها، سواء بسبب الوضع الأمني، خشية القصف الاسرائيلي، أو بداعي الحرص على مقدراتها ومنشآتها المصرفية، بالتالي لم يبق في كل قطاع غزة، الذي يزيد تعداد سكانه عن مليوني نسمة سوى مصرفين فقط. والمصرفان يقعان في مخيمي النصيرات ودير البلح، وسط القطاع، ويتعاملان حصراً بالصراف الآلي، وليس بالعملة النقدية، وبحدّ أقصى لا يزيد عن ألف شيكل في كثير من الأحيان للمواطن، أي أقل من ثلاثمائة دولار. تسبب ذلك في ضغط كبير على هذين المصرفين بالآلاف يومياً، حتى أغلقا أبوابهما قبل أشهر. بحسب مراسل "عربي بوست" في قطاع غزة، فإنه حين يعجز آلاف الفلسطينيين عن الوقوف في الطوابير لاستلام الحدّ الأقصى من السيولة المتوفرة، يتطوع عدد ممن يسمّون "مُخلّصي المعاملات" بالوقوف بدلاً منهم، وأخذ نسبة عن المبلغ الذي يسحبونه من الصراف تصل إلى 30% منه، فيضطر الموظفون أو المراجعون لدفعها بهدوء، وبدون إزعاج، لأن هؤلاء يكونون بالعادة مجموعات منظمة، وبعضهم مُسلحون. وسطا جيش الاحتلال على الفرع الرئيسي لبنك فلسطين بحي الرمال في فبراير/شباط 2024، وهو البنك الأول في غزة، وقام حينها بسرقة 200 مليون شيكل، أي ما يزيد عن 54 مليون دولار. وعلم "عربي بوست" أن "البنوك الفلسطينية سحبت إيداعاتها النقدية من داخل مقارها في غزة، ونقلتها خارج القطاع، وتحديداً إلى الضفة الغربية، بزعم الخشية من اقتحامها من الجيش مجدداً، أو من اللصوص، في ظل الفلتان الأمني في القطاع"، بحسب مصادر مصرفية في القطاع. إغلاق البنوك، وأخذ العمولة على الحوالات المالية مع اشتداد الحرب، والضغط الاقتصادي، وبعد إغلاق ما تبقى من البنوك، بدأ الفلسطينيون يلجأون لمكاتب الصرافة لسحب أرصدتهم من حساباتهم البنكية، أو ما يصلهم من خارج القطاع من تبرعات أو حوالات عائلية أو مصادر العمل، لكن هذه المكاتب لا تسلّمهم المبلغ كاملاً لأنها تقتطع ما تسميه "عمولة" لها بسبب عدم توفر سيولة نقدية. بلغت نسبة العمولة حتى تاريخ نشر هذا التقرير 50% لدى بعض الصرافين، يعني أن من يصله ألف دولار، سيستلم 500 دولار، وحصرا بالشيكل. تتواصل الأزمة النقدية في غزة لتأخذ أشكالاً جديدة غير مسبوقة، ومنها رفض التجار استلام بعض الأوراق النقدية من أيدي المواطنين، بزعم أنها "تالفة، بالية، مهترئة، وقديمة"، لاسيما فئة العشرة والعشرين والخمسين شيكلا، التي اضطروا لأخذها من تجار آخرين، أو من مكاتب الصرافة، بسبب نقص السيولة. يضطرهم ذلك لبيع تلك العملات لأولئك التجار بأقل من قيمتها الحقيقية. يضاف إلى ذلك أن ما يتعلق بالورقتين النقديتين ذات 100 و200 شيكل، فمنها التي توقف الفلسطينيون عن استخدامها حين اندلعت الحرب، وطبع الاحتلال الإسرائيلي أوراقاً جديدة، رغم أن القديمة يتم تداولها بصورة طبيعية، لكن تحكّم التجار في السوق، وغياب الرقابة الحكومية، تسبب بتلك الأزمة بحسب تعليقات المواطنين. لم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، ففي الوقت الذي بدأت السيولة النقدية تشحّ فعلاً في أيدي الفلسطينيين، لجأوا لاستخدام التطبيقات البنكية والمحافظ المالية على هواتفهم المحمولة، وبدأوا بإنجاز معاملاتهم التجارية والشخصية عبرها. على الرغم من هذا الحل، إلا أن مشكلة جديدة ظهرت، بأن التجار على سبيل المثال لا يبيعونهم البضائع والمواد الغذائية عبر التطبيق بذات الثمن الذي يمكن أن يدفعوه نقداً. وفضلاً عن كون أسعار المواد الغذائية وصلت مستويات جنونية غير مسبوقة، فإذا أضيفت إليها العمولة المطلوبة عبر التطبيق، فنحن أمام فئة محدودة فقط من الفلسطينيين قادرة على شراء المواد الأساسية لإبقاء عائلاتها حيّة تتنفّس، بحسب ما أكده مواطنين تحدثوا لـ"عربي بوست" في هذا التقرير. وأضافوا أنه "حين نتحدث عن هذه الأزمة الخانقة التي تتعلق بالحياة، أو ما تبقى منها في غزة، فقد اضطرت عائلات فلسطينية عديدة لبيع ما لديها من مصاغ كي تحصل على أوراق نقدية، وإذا أرادت شراء هذا المصاغ فإن الثمن سيزيد في حال تم تحويل القيمة عبر التطبيق البنكي، أي أن المواطن الفلسطيني إن أراد الانتفاع بما لديه من مصاغ فإنه سيخسر قيمتها على الفور". لكن يضاف إلى كل ذلك، أن بعض التجار توقفوا في الأسابيع الأخيرة عن البيع بالتطبيق البنكي، ممن يأخذون نسبة عالية عن كل سلعة، ولذلك يعجز كثير من أرباب العائلات عن توفير ما تبقى في الأسواق من بضائع بسبب عدم امتلاكهم أوراقاً نقدية. سحب النقد من غزة، وإجبار التجار على دفع ثمن البضائع نقداً في البحث عن الأسباب وراء هذه الأزمة المتصاعدة، يمكن العودة لاقتراح وزير الخارجية الاسرائيلي غدعون ساعر قبل أسابيع بإلغاء ورقة الـ200 شيكل من التداول في غزة، لإحداث شلل في اقتصادها، بزعم القضاء على موارد حماس المالية، مدعياً أنها تحتفظ بجزء كبير من سيولتها النقدية من هذه الأوراق. وقال إن إلغاءها سيُلحق ضرراً بالغاً بالأداء الاقتصادي لحماس، ويحدّ من قدرتها على دفع الرواتب لموظفيها الذين يديرون القطاع حتى الآن. لاقى الاقتراح قبولاً سياسياً لدى حكومة الاحتلال الإسرائيلي، لولا التحفظات الاقتصادية التي خشيت أن يشهد الاقتصاد الإسرائيلي بسبب ذلك انعداماً للثقة، وانتشار الفوضى، لأن سحب الأوراق النقدية المعروفة بحوزة حماس من التداول بشكل فوري، حلّ يحمل مخاطر اقتصادية. فقبل اندلاع الحرب، تدفّقت العديد من فئة 200 شيكل للقطاع عبر الأشخاص والبضائع والتهريب، لذلك لا تملك إسرائيل حالياً معلومات دقيقة ومنظمة عن أرقام السلاسل الموجودة في غزة، وكذلك من غير الواضح مدى فعالية هذه الخطوة في اقتصادها المغلق والمعزول، ومدى تأثير إلغاء الأوراق النقدية عليها فعلياً. لم ييأس الاسرائيليون من هذا الاقتراح، فعملوا على إعادة تدويره من خلال اتباع استراتيجية قاسية على الفلسطينيين، يتم بموجبها سحب الشيكل من غزة تدريجياً، من خلال السماح، على غير العادة، بإدخال بضائع تجارية بعد حصار دام ما يزيد عن 3 أشهر، لكن مقابل أن يدفع عدد من التجار المُحدّدين بالاسم قيمتها المالية نقداً، وليس تحويلاً عبر الحسابات المصرفية. بحسب بعض المصادر المطلعة في غزة، فإن "الحديث يدور عن بضائع تقدر قيمتها بـ6-7 مليون شيكل لكل شاحنة، دفعة واحدة". وكان لافتاً ما رصده مراسل "عربي بوست"، من أن البضائع التي تم إدخالها للقطاع عبر هذه الشاحنات لم تكن ذات أولوية للفلسطينيين المُجوّعين، كالهواتف المحمولة والسجائر والقهوة والنسكافيه والنوتيلا وغيرها. وأكد أنه لم تتضمن أياً منها بضائع تحتاجها العائلة الغزية اليوم في ظل الحصار والحرب، معتقداً أن الهدف من إدخال الشاحنات هو سحب السيولة النقدية بشكل كامل من أيدي الفلسطينيين. كذلك فإن التجار يضطرون لـ"تأمين" شاحناتهم بالاتفاق مع بعض المجموعات المسلحة بمبالغ كبيرة، نقداً وليس تحويلاً، وفي النهاية يجبِر تجار الأسواق المواطنين على الشراء منهم بأسعار مضاعفة، بما تبقى من أوراق نقدية، وليس عبر التطبيقات البنكية. غياب سلطة النقد الفلسطينية عن أزمة شح الشيكل في غزة في مثل هذه الظروف الخانقة في القطاع طالبت العديد من المؤسسات الاقتصادية أن تتدخل سلطة النقد الفلسطينية، باعتبارها البنك المركزي للسلطة الفلسطينية، بالتعاون مع باقي المصارف، بشكل فعلي لمواجهة أزمة شح السيولة في غزة. وطالبت بالعمل على إيجاد طرق لضخ السيولة، والطلب من الجهات الدولية التدخل لدى الاحتلال لإدخالها للقطاع، وفرض إجراءات عقابية على التجار المُتسبّبين بهذه الأزمة الطاحنة، وأن تصرف المؤسسات الدولية مثل الأونروا وغيرها رواتب موظفيها والمساعدات التي تقدمها للفلسطينيين نقداً، بما يضخّ بعض السيولة في السوق. إلا أن سلطة النقد الفلسطينية لم تعلق حتى الآن على هذه المطالب، كما أن "عربي بوست" حاول الحصول على تعليق بهذا الخصوص، إلا أنه لم يحصل على رد حتى الآن. ووصل ‏التضخم في غزة جراء الحرب مستويات غير مسبوقة، فالسلعة التي تساوي 1 شيكل ثمنها اليوم 20 شيكلاً، ما يعني أن النقد فقد قوته الشرائية بشكل كبير؛ كما أن المائة دولار لا تكفي أسرة من أربعة أشخاص ليوم أو يومين، فحبة الطماطم مثلاً، تساوي 15 شيكلاً ما يعادل 4$، أما حبة البطاطا 20 شيكلاً ما يعادل 6 دولارات، أما كيلو الدقيق وهو السلعة الأساسية يصل الى 100 شيكل أي 30 دولاراً، وكيلو السكر إلى أكثر من 200 شيكل أي 60 دولار. مسؤول كبير في الغرفة التجارية الصناعية الزراعية في غزة، كشف لـ"عربي بوست" عن "التواصل مع عدد من التجار المتهمين بالتسبّب بالأزمة، ودعوتهم لعدم التعامل مع التنسيقات التجارية باهظة الثمن، لأنها تُسهم في رفع الأسعار على المواطنين بشكل غير مبرر، وتزيد من معاناتهم، وتؤثر سلبًا على استقرار السوق المحلي". وقال إنه "تصل التجار عروض مغرية من جهات مشبوهة، تتضمن تنسيقات تجارية باهظة الثمن تصل مئات آلاف الشواكل، مقابل إدخال شاحنة واحدة من البضائع للقطاع، ما يمسّ بثوابت العمل التجاري الوطني، ويؤسس لآليات غير شفافة في السوق، وتضرّ بالصالح العام، وتُحدث خللاً في مبدأ تكافؤ الفرص بين التجار، وتُعمّق الفجوة بين التجار والمواطنين، وتزيد من الأعباء اليومية لمن لا يمتلكون قوت يومهم". تكّدس السيولة في الضفة الغربية، وانهيار المنظومة المصرفية مقابل الشح النقدي الهائل في قطاع غزة، انتهج الاحتلال الإسرائيلي سياسة أخرى في الضفة الغربية منذ مايو/أيار 2025، تتمثل بتكديس الشيكل داخل خزائن البنوك الفلسطينية، ما اضطرها لتقييد صارم على سقف الإيداع النقدي من العملة بالنسبة للفلسطينيين. كذلك قامت البنوك في الضفة بخفض سقف الإيداع إلى خمسة آلاف شيكل شهرياً، بعد أن كانت تسمح بإيداعات تصل عشرين ألفاً في اليوم الواحد، بسبب رفض البنوك الإسرائيلية استقبال هذا الفائض. يأتي ذلك على الرغم من أن الاتفاقيات الاقتصادية بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي تُخوّل الأولى بتحويل فائض الشيكل من بنوكها المحلية لبنك إسرائيل المركزي مقابل عملات أجنبية، للحفاظ على التوازن النقدي. ووصل متوسط فائض عملة الشيكل سنوياً قرابة 20 مليار شيكل، أي 5.47 مليار دولار، تتكدس في خزائن البنوك، وتتحمل عليها كلفة نقل وتخزين وتأمين. جديد الأزمة المالية في الضفة، ما أصدره سموتريتش قبل ساعات من إلغاء الإعفاء من التعاون مع البنوك الفلسطينية الأمر الذي يدفع إلى انهيارها. وفي حال نفذ تهديده هذا، فستنقطع العلاقة بين النظامين الماليين الإسرائيلي والفلسطيني، في تحرك قد يؤدي لحرمان الفلسطينيين من الحصول على السلع والخدمات الحيوية. لكن الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء الحرب على غزة، ورغم ازدياد الفائض، وضع قيوداً صارمةً على التحويلات البنكية الفلسطينية، بقرار سياسي من وزير المالية بيتسلئيل سموتريتش، الذي أعلن عن مخططات الضم والتهجير في الضفة الغربية. هذه الأزمة المتفاقمة "بدأت تسفر عن جدل وارتباك كبيرين في الأسواق الفلسطينية"، بحسب مسؤول في جمعية البنوك في فلسطين فضل عدم ذكر اسمه لـ"عربي بوست"، لافتاً إلى أن الأزمة ألقت بظلال من الشك على قدرة السلطة على التعامل معها، ومخاوف من تحولها من أزمة نقدية بحتة إلى أزمة وطنية، وعودة الفلسطينيين لتخزين أموالهم بعيداً عن البنوك، ما قد يحرم الاقتصاد من إعادة استثمار هذه الأموال. وحذر المسؤول "من تفاقم أزمة تراكم مليارات الشواكل، لأن استمرارها يهدد الاستقرار المالي والاقتصادي، وقد يؤدي لتوقف تسوية التزامات التجار مع نظرائهم الإسرائيليين، وخروجها من التداول". كما أنه توقع ظهور جملة نتائج سلبية تتمثل في تعذّر الوفاء بالتزامات التجار، واضطرار البعض للجوء للسوق السوداء، وارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الفعلية، وفرض البنوك قيودا مشددة على استقبال الشيكل، ودعوة الفلسطينيين لاستخدام وسائل الدفع الإلكتروني لتقليل الاعتماد على النقد الورقي، وسط تحذيرات من تخزين الأموال (تحت البلاطة) بالطريقة البدائية القديمة". أزمة تكدس السيولة وصولاً لمخاوف إفلاس السلطة أسباب عديدة وراء الأزمة المتفاقمة في الضفة الغربية، رصدها المسؤول في جمعية البنوك في فلسطين، في النقاط التالية: – تراجع المصادر الرئيسية لدخول الشيكل من إسرائيل لأسواق الضفة منذ اندلاع الحرب. – شبه توقف العمال الفلسطينيين في إسرائيل والمستوطنات، وتراجع معدلاتهم الى بنسبة 86% في الربع الأول من 2025 بعدد 25 ألف عامل، مقارنة مع الربع الثالث 2023، وهو الربع الأخير قبل الحرب بعدد 178 ألفاً، أي أن 86% من فاتورة الأجور الشهرية لم تعد تدخل للأسواق الفلسطينية. وبالتالي تراجع الفاتورة الشهرية من 1.5 مليار شيكل شهرياً إلى 210 ملايين شيكل شهرياً فقط. – تراجع أموال المقاصة التي ترسلها إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية بموجب اتفاق باريس الاقتصادي إلى متوسط 500 مليون شيكل شهرياً مقارنة مع متوسط 750 مليون شيكل حتى الربع الثالث من 2023، إبان اندلاع الحرب. – في الوقت الذي يعاني منه القطاع من شح السيولة النقدية، أرسلت بنوكه كميات كبيرة من "الكاش" خلال شهور الحرب باتجاه نظيرتها في الضفة، مما راكم الأزمة. – فوارق أسعار السلع في أسواق التجزئة بالضفة مقارنة مع السوق الإسرائيلية، أي أن أسواقها أصبحت السوق الاستهلاكية الأساسية للمقدسيين وفلسطينيي48، بحيث أصبحت مصباً للشيكل من خلال بيعه لمحال صرافة بأسعار بعيدة عن سعر السوق. شل النظام المالي الفلسطيني دفعاً للتهجير العديد من النتائج تنتظر اقتصاد الضفة بسبب هذه الأزمة، لعل أخطرها أن فرض البنوك الإسرائيلية سقفاً على تحويلات الشيكل من نظيرتها الفلسطينية سيشلّ النظام المالي الفلسطيني، بحسب المسؤول سابق الذكر. وحذر من أن يخلق ذلك ضغوطاً معيشية قد تدفع آلاف الفلسطينيين للهجرة خارج الضفة بحثاً عن فرص نجاة، لأن التراكم النقدي في البنوك يهدد بمنع القروض، وتجميد النشاط الاقتصادي، ما يرفع البطالة، ويقلل الناتج المحلي في الضفة. وتعتمد البنوك الفلسطينية كلياً على نظيرتها الإسرائيلية في عملياتها اليومية، وتسوية المدفوعات بعملة الشيكل، وتحويل أموال المقاصة، والتمويل التجاري، وبدون هذه العلاقة، تصبح معزولة عن النظام المالي العالمي، وتفقد القدرة على العمل بوصفها مؤسسات مصرفية حقيقية. بالتالي ستؤدي الأزمة لتراكم كتلة نقدية ضخمة داخلها دون قدرة على التصريف أو التدوير، ما ينذر بأزمة سيولة خانقة ستنعكس على المواطنين، والتجار، والشركات، وحتى على مؤسسات السلطة ذاتها التي تعاني أصلاً من الوصول إلى حافة الإفلاس، بحسب تحذيرات مسؤولين فلسطينيين وحتى إسرائيليين. تجدر الإشارة أن ميزانية السلطة تعتمد أساساً على أموال المقاصة (من ضرائب وإيرادات) التي تجبيها إسرائيل، وتحوّلها شهرياً، وتشكّل نحو 65% من الإيرادات العامة. ومع توقفها، تصبح السلطة عاجزة عن دفع رواتب الموظفين، أو تمويل الخدمات الصحية والتعليمية، أو حتى سداد التزاماتها المالية الأساسية، ما يهدد بواقع اقتصادي واجتماعي خطير، وارتفاع في معدلات الفقر، وتصاعد الاحتجاجات الشعبية، وشلل شبه كامل في مؤسسات السلطة، ويثير مخاوف من سيناريو الفوضى الأمنية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store