دروسٌ مستفادة تُسمِعها طبول الحرب في المنطقة
بقلم :
جاءت الحرب بين إسرائيل وإيران، والتي بدأها الجانب الإسرائيلي، لتعيد تأكيد ما حملته حرب الإبادة على قطاع غزة، من أن المنطقة في ظل جثوم اليمين المتطرف على السلطة وزحف المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين في خياراته وسياساته لن تشهد استقراراً، وإن تم التسويق في يومٍ من الأيام لاتفاقات سلامٍ أبرمت أو في طريقها لأن تُبرم بين الجانب الإسرائيلي وأطرافٍ أخرى عربيةٍ واقليمية، فقد ثبت بالملموس وتكشف حتى الأن بأن إسرائيل غير معنيةٍ بمصالح دول الإقليم حتى تلك وقعت معها تفاهمات سلامٍ مؤخراً ولا تلك التي قد توقع معها أو ترشح الأخبار والتحليلات بأن الجانب الإسرائيلي يسعى جاهداً وعبر حليفه الأمريكي لدفع هذا المسار للأمام، فالخليج اليوم مثلاً وبالرغم من توجه دوله نحو نزع فتيل الصراع مع إيران بحثاً عن الاستقرار والازدهار الاقتصادي، يجد طبول الحرب قد قرعت دونما إيلاء اهتمامٍ لمصالحه من جانب شركائه وأصدقائه وحلفائه وبخاصة الجانب الأمريكي.
إذاً وأمام تراجع أولوية المصالح المشتركة وسقوط اللبرالية السياسية في العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة اللتان تعملان في أعلى درجات التنسيق من جهة والأطراف العربية والإقليمية من جهةٍ أخرى ، لابد من التفكير بشكلٍ مُلح بتنويع الخيارات وتوسيع خارطة التحالفات مع حلفاءٍ يعيرون المصالح القومية للدول أهميةً واحترام سياسيةً كانت أم اقتصادية، كذلك فإن النظر للقضية الفلسطينية وعدم القفز عنها في مفتاح الاستقرار في المنطقة فالساسة في إسرائيل يريدون تصفية القضية الفلسطينية وإن على حساب أمن واستقرار الإقليم، وفي هذا الإطار علينا أن نستحضر التاريخ لنرى بأن الوزن السياسي والثقل الدبلوماسي يتناسب طردياً مع مقدار الاشتباك مع القضية الفلسطينية والانخراط في ملفاتها، بالتالي فالابتعاد عن القضية الفلسطينية سيزيد من حالة التشتت بين الدول على الصعيدين العربي والإقليمي.
ارتباطاً بالقضية الفلسطينية فيتوجب الحذر وعدم الربط بين أحداث السابع من أكتوبر والحرب بين الجانبين الإسرائيلي والإيراني فهنالك من يحلل قائلاً بأن السابع من أكتوبر مهد لانفجار المنطقة وهذا يُجانب الصواب ذلك لأن الجانب الإسرائيلي يسعى جاهداً ومنذ سنوات وقد حاول مِراراً توريط أطراف إقليمية وعربية وحتى توريط الولايات المتحدة للدخول في حربٍ مفتوحةٍ مع طهران، ولعل ما حدث من سقوطٍ للنظام في سورية وتحييدٍ حزب الله والإمعان في الجريمة في غزة وعدم كف يد نتنياهو أو ردعه عن كل ما من شأنه ضرب الاستقرار في الإقليم هو ما دفع به لاتخاذ قرار الحرب على إيران.
أمام هذا الواقع المتأزم والذي لم يصل ذروته بعد فإن على الجميع إعادة التفكير في خارطة التفاهمات، وتعزيز المنعة الوطنية والحاضنة الاجتماعية والتي أصبحت هدفاً إسرائيلياً لضرب الاستقرار في كل أرضٍ تعتقد أن لها فيها مصلحة أو مجالٌ حيوي واستراتيجي ففي حربها ضد إيران تحاول أن تضرب في عضد العلاقة بين الشارع والنظام السياسي، وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى هشاشة الحاضنة الاجتماعية في الجبهة الداخلية الإسرائيلية وليس أدل على ذلك من دعوة السلطات الإسرائيلية لمنع الإسرائيليين من السفر.
ختاماً فإن استقرار الإقليم يستوجب إعادة النظر في منظومة التعاون والعمل المشترك وتوسيع منظومات الردع عبر شبكةٍ واسعة من العلاقات الدولية وإعادة المركزية السياسية للقضية الفلسطينية فهي السد المنيع في وجه طموحات اليمين الحاكم في إسرائيل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- سرايا الإخبارية
الملك: غزة خذلها العالم
سرايا - أكد جلالة الملك عبدالله الثاني، أن الحرب على التي تشهدها غزة"حرب قاسية" في ظل اضطرابات سياسية واقتصادية شهدها العالم خلال السنوات القليلة الماضية. وقال جلالته، في خطاب له أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، الثلاثاء، "اليوم يتجه هذا العالم نحو انحدار أخلاقي، إذ تنكشف أمامنا نسخة مخزية من إنسانيتنا، وتتفكك قيمنا العالمية بوتيرة مروعة وعواقب وخيمة. يتمثل هذا الانحدار بأوضح أشكاله في غزة، التي خذلها العالم، وأضاع الفرصة تلو الأخرى في اختيار الطريق الأمثل للتعامل معها". وأضاف جلالته، "لو عدنا بالذاكرة إلى عام 2023، أثارت أولى الهجمات والغارات الإسرائيلية على مستشفى في غزة آنذاك صدمة وغضبا عالميا. ومنذ ذلك الحين، وثّقت منظمة الصحة العالمية ما يقارب 700 هجوم على مرافق الرعاية الصحية في غزة. كيف يعقل لما كان يعتبر فعلا وحشيا قبل 20 شهرا فقط، أن يصبح الآن أمرا شائعا لدرجة أنه بالكاد يذكر". وشدد جلالته "نحن على مفترق طرق آخر حاسم في تاريخنا؛ مفترق طرق يتطلب الاختيار بين السلطة والمبدأ، بين حكم القانون أو حكم القوة، بين التراجع أو التجديد. لأن كل هذا على المحك بالنسبة للجميع، والأمر لا ينطبق على غزة فحسب، فهذه ليست مجرد لحظة سياسية أخرى لتسجيل المواقف؛ بل إنه صراع حول هويتنا كمجتمع عالمي في الحاضر والمستقبل". ولفت جلالته "ما يحدث في غزة اليوم يتنافى مع القانون الدولي والمعايير الأخلاقية وقيمنا المشتركة، ونحن نشهد الانتهاكات تلو الأخرى في الضفة الغربية، والوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم". وتاليا النص الكامل للخطاب: "بسم ﷲ الرحمن الرحيم السيدة رئيسة البرلمان الأوروبي، السادة أعضاء البرلمان، أصحاب السعادة، أشكركم جميعا. يشرفني أن أتحدث أمام البرلمان الأوروبي مرة أخرى. أصدقائي، قبل خمس سنوات، تحدثت من هذا المنبر عن الحاجة الملحة لإيجاد حلول سياسية للصراعات، واستعادة الثقة في العدالة العالمية، ومساعدة الشعوب كافة، وخاصة الشباب، على إيجاد الأمل والفرص. ومنذ ذلك الحين، مر مجتمعنا الدولي بالعديد من الاضطرابات السياسية والتكنولوجية والاقتصادية؛ من جائحة فيروس كورونا، وتهديدات أمنية جديدة، وتسارع تكنولوجي غير مسبوق، إلى المعلومات المضللة التي تفشت بشكل مفرط، وحرب شديدة في أوكرانيا، وحرب قاسية على غزة، وأخيرا الهجمات الإسرائيلية على إيران، والتي تهدد بتصعيد خطير في منطقة الشرق الأوسط وخارجها. نحن نعيش موجة تلو الأخرى من الاضطرابات دون توقف، فلا عجب أننا نشعر بأن عالمنا قد ساده الانفلات، وكأنه قد فقد بوصلته الأخلاقية، فالقواعد تتفكك والحقيقة تتبدل كل ساعة، والكراهية والانقسام يزدهران، والاعتدال والقيم العالمية تتراجع أمام التطرف الأيديولوجي. في خضم هذه الفوضى، يهددنا خطر نسيان هويتنا وقضايانا التي ندافع عنها، ولكن هذه المنعطفات التاريخية هي فعليا اللحظات الحرجة التي تتطلب منا أن نتشبث بقيمنا ولا نتخلى عنها، فعندما يفقد العالم قيمه الأخلاقية، نفقد حينها قدرتنا على التمييز بين الحق والباطل، وبين ما هو عادل وما هو قاسٍ، الأمر الذي يولّد الصراع. يعلّمنا التاريخ أن الحروب نادرا ما تكون فقط حول بسط السيطرة على الأراضي، بل هي معارك حول وجهات النظر العالمية، والأفكار والقيم التي ستشكل مستقبلنا. أوروبا تدرك ذلك جيدا، فبعد الحرب العالمية الثانية، اختارت أوروبا إعادة البناء، ليس فقط لمدنها بل للركائز التي تأسست عليها، إذ صممت شعوب أوروبا على ترك الماضي وراءها، وبناء عصر جديد من السلام. اختاروا الكرامة الإنسانية عوضا عن الهيمنة، والقيم عوضا عن الانتقام، والقانون عوضا عن القوة، والتعاون عوضا عن الصراع. لقد استنتجت أوروبا في أعقاب الحرب أن الأمن الحقيقي لا يكمن في قوة الجيوش، بل في قوة القيم المشتركة، وأن السلام الذي تفرضه القوة أو الخوف لن يدوم أبدا. كما اخترتم أن تدركوا أن ما يجمعكم أعظم بكثير مما يفرّق بينكم، واليوم، يجب أن يدرك مجتمعنا العالمي أهمية ذلك. نحن نعلم أن النزاعات والخلافات هي واقع إنساني، وأن التحديات التي نواجهها ستزداد تعقيدا، وأن الاضطرابات هي السمة الحاضرة في عصرنا، ولكن ما هو أهم من ذلك كله، هو كيفية تعاملنا مع هذه الخلافات، والقيم التي نرسخها لأنفسنا وشعوبنا. على مر التاريخ العربي والأوروبي، كانت قيم الاحترام والمسؤولية والنوايا الحسنة تقود التعاون الذي أثمر عن نتائج لمنفعة الطرفين، وبإمكان هذه القيم أن ترشدنا في الاستجابة لتحديات هذا العصر. لقد سعيت من هذا المنبر، ومن العديد من المنابر الأخرى على مر العقدين الماضيين، إلى تسليط الضوء على القيم التي تجمعنا، فالعديد من هذه القيم متجذرة في أدياننا: الإسلام والمسيحية واليهودية، كقيم الرحمة والعدل والمساواة، والتعاليم الأخلاقية التي توارثناها عبر الأجيال، مثل احترام الجار، وحماية الأطفال والأبرياء، ومساعدة الفقراء والمصابين، وحماية أرضنا، وغيرها من القيم. إن إيمان الأردن الراسخ بهذه القيم المشتركة متجذر في تاريخنا وتراثنا، وهو ما يدفع مبادئنا الوطنية المبنية على التسامح والاحترام المتبادل. نحن نفخر بكوننا موطنا لموقع عُمّاد السيد المسيح عليه السلام (المغطس)، وبلدنا المسلم هو موطن لمجتمع مسيحي تاريخي، وجميع مواطنينا يتشاركون في بناء وطننا. وهذه القيم تقع في صلب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والتي تعهدنا بحماية هويتها التاريخية متعددة الأديان من أي اعتداء. ويعود تاريخ هذا الالتزام إلى وعد لأهل القدس منذ قرون عديدة، فقد أمرت العهدة العمرية المسلمين باحترام كنائس مدينة القدس وحمايتها، وعدم إيذاء أي كاهن ولا قتل طفل أو امرأة أو شيخ، وبعد مرور ألف عام، جعلت اتفاقيات جنيف هذه المبادئ نهجا عالميا، إلا أن الأحداث الأخيرة قد وضعت هذه القيم والمبادئ في موضع الشك، وعلينا أن نعمل جاهدين لنضمن صمودها على مر الزمن والأزمات. أصدقائي، أعربت في خطابي هنا قبل خمس سنوات، عن قناعتي التامة بأن أمامنا دوما الإمكانية لأن نختار الطريق الأمثل لنكون أفضل وأكثر وحدة. وقبل ثمانين عاما، قمتم باختيار ذاك الطريق الأمثل لأوروبا، ولفترة طويلة من الزمن، ساهمت خياراتكم في تشكيل عالم أكثر استقرارا، مبنيا على المبادئ السامية. واليوم يتجه هذا العالم نحو انحدار أخلاقي، إذ تنكشف أمامنا نسخة مخزية من إنسانيتنا، وتتفكك قيمنا العالمية بوتيرة مروعة وعواقب وخيمة. يتمثل هذا الانحدار بأوضح أشكاله في غزة، التي خذلها العالم، وأضاع الفرصة تلو الأخرى في اختيار الطريق الأمثل للتعامل معها. فلنعد بالذاكرة إلى عام 2023، أثارت أولى الهجمات والغارات الإسرائيلية على مستشفى في غزة آنذاك صدمة وغضبا عالميا. ومنذ ذلك الحين، وثّقت منظمة الصحة العالمية ما يقارب 700 هجوم على مرافق الرعاية الصحية في غزة. كيف يعقل لما كان يعتبر فعلا وحشيا قبل 20 شهرا فقط، أن يصبح الآن أمرا شائعا لدرجة أنه بالكاد يذكر؟ كيف يعقل لإنسانيتنا أن تسمح بأن يصبح ما لا يمكن تصوره أمرا اعتياديا؟ أن تسمح باستخدام المجاعة كسلاح ضد الأطفال؟ أو أن تسمح باستهداف العاملين في القطاع الصحي والصحفيين والمدنيين الذين يبحثون عن الملجأ في المخيمات؟ إن مرور20 شهرا على هذه الوحشية يجب أن يثير قلقنا جميعا، لكن ليس بوسعنا أن نتعجب من ذلك، لأنه عندما يفشل مجتمعنا العالمي في سد الفجوة بين القول والفعل، وعندما لا تُمارس القيم السامية، فإنها تصبح ادعاءات فارغة ومستهلكة. والآن نحن على مفترق طرق آخر حاسم في تاريخنا؛ مفترق طرق يتطلب الاختيار بين السلطة والمبدأ، بين حكم القانون أو حكم القوة، بين التراجع أو التجديد. لأن كل هذا على المحك بالنسبة للجميع. والأمر لا ينطبق على غزة فحسب، فهذه ليست مجرد لحظة سياسية أخرى لتسجيل المواقف؛ بل إنه صراع حول هويتنا كمجتمع عالمي في الحاضر والمستقبل. من المرجح أن يكون هذا العام هو عام القرارات المحورية لعالمنا بأسره، وسيكون لقيادة أوروبا دور حيوي في اختيار الطريق الصحيح، ويمكنكم الاعتماد على الأردن كشريك قوي لكم. هنالك مجالان أساسيان للعمل: الأول هو دعم التنمية، لأن ازدهار الشرق الأوسط يوفر فرصا تعود علينا جميعا بالمنفعة، ولكن كما رأينا مرارا وتكرارا، فإن العكس أيضا صحيح، فعندما ينعدم الأمل، تمتد تداعيات ذلك لتتعدى حدود الدول. أما بالنسبة لمجال العمل الثاني، فعلينا اتخاذ إجراءات حاسمة ومنسقة لضمان الأمن العالمي. ولن يكون أمننا المشترك مضمونا حتى يتصرف مجتمعنا العالمي، ليس فقط لإنهاء الحرب في أوكرانيا، ولكن أيضا لإنهاء أطول بؤرة اشتباك في العالم وأكثرها تدميرا، ألا وهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ ثمانية عقود. والفلسطينيون، مثلهم كمثل جميع الشعوب، يستحقون الحق في الحرية والسيادة، ونعم.. إقامة دولتهم المستقلة. إن ما يحدث في غزة اليوم يتنافى مع القانون الدولي والمعايير الأخلاقية وقيمنا المشتركة، ونحن نشهد الانتهاكات تلو الأخرى في الضفة الغربية، والوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم. إذا فشل مجتمعنا العالمي في التصرف بشكل حاسم، فإننا نصبح متواطئين في إعادة تعريف معنى أن تكون إنسانا؛ لأنه إذا ما استمرت الجرافات الإسرائيلية في هدم منازل الفلسطينيين وبساتين الزيتون والبنية التحتية بشكل غير قانوني، فإنها ستهدم أيضا الحدود الأخلاقية. والآن مع توسيع إسرائيل هجومها ليشمل إيران، لا يمكن معرفة أين ستنتهي حدود هذه المعركة. وهذا، أصدقائي، يهدد الشعوب في كل مكان. وفي نهاية المطاف، يجب أن ينتهي هذا الصراع، والحل الوحيد الذي يمكننا تطبيقه هو الحل القائم على السلام العادل والقانون الدولي والاعتراف المتبادل. أصدقائي، إن الطريق الذي نسلكه للارتقاء بأنفسنا لا يمكن أن يكون ممهدا بالتقدم التكنولوجي أو الإنجازات العلمية أو الانتصارات السياسية وحدها، بل إنه يصنع بالخيارات التي نتخذها كل يوم كأفراد وقادة. لقد سلكنا طريق السلام من قبل، ويمكننا أن نسلكه مجددا، إذا تحلينا بالشجاعة اللازمة لاختيار هذا الطريق وقوة الإرادة لنسلكه معا. شكرًا لكم". وضم الوفد الأردني المرافق لجلالة الملك، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، ومدير مكتب جلالة الملك، المهندس علاء البطاينة، وسفير الأردن لدى بلجيكا ورئيس بعثة المملكة لدى الاتحاد الأوروبي يوسف البطاينة.

سرايا الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- سرايا الإخبارية
بالفيديو .. لحظة تصفيق أعضاء البرلمان الأوروبي لجلالة الملك عبدالله الثاني بعد الانتهاء من كلمته
سرايا - شهد البرلمان الأوروبي لحظة تاريخية عندما ألقى جلالة الملك عبدالله الثاني خطابًا مؤثرًا نال تصفيقًا حارًا من الحضور. ولفت جلالة الملك إلى أن الأمن الحقيقي لا يكمن في قوة الجيوش، بل في قوة القيم المشتركة، وأن السلام الذي تفرضه القوة أو الخوف لن يدوم أبدا. وتطرق جلالته في خطابه إلى تأسيس الاتحاد الأوروبي، عندما ساهمت خيارات أوروبا في تشكيل عالم أكثر استقرارا، مبنيا على المبادئ السامية. وأشار جلالة الملك إلى أن إيمان الأردن الراسخ بالقيم المشتركة بين الأديان السماوية الثلاث "متجذر في تاريخنا وتراثنا، وهو ما يدفع مبادئنا الوطنية المبنية على التسامح والاحترام المتبادل". وتابع جلالته "هذه القيم تقع في صلب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والتي تعهدنا بحماية هويتها التاريخية متعددة الأديان من أي اعتداء". تاليًا الفيديو عبر "سرايا": بالفيديو.. لحظة تصفيق أعضاء البرلمان الأوروبي لجلالة الملك عبدالله الثاني بعد الانتهاء من كلمته #سرايا #الاردن — وكالة أنباء سرايا الإخبارية (@sarayanews) June 17, 2025

سرايا الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- سرايا الإخبارية
الملك: نشعر وكأن العالم فقد بوصلته الأخلاقية .. والحقيقة تتبدل كل ساعة
سرايا - قال جلالة الملك عبدالله الثاني، إن العالم يعيش موجة تلو الأخرى من الاضطرابات دون توقف، مؤكدا أنه لا عجب بأننا نشعر بأن عالمنا قد ساده الانفلات، وكأنه قد فقد بوصلته الأخلاقية، مشيرا إلى أن القواعد تتفكك والحقيقة تتبدل كل ساعة، والكراهية والانقسام يزدهران، والاعتدال والقيم العالمية تتراجع أمام التطرف الأيديولوجي. وأضاف جلالته، في خطاب له أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، الثلاثاء، أنه في خضم هذه الفوضى، بات الخطر يهدد نسيان هويتنا وقضايانا التي ندافع عنها، ولكن هذه المنعطفات التاريخية هي فعليا اللحظات الحرجة التي تتطلب منا أن نتشبث بقيمنا ولا نتخلى عنها، فعندما يفقد العالم قيمه الأخلاقية، نفقد حينها قدرتنا على التمييز بين الحق والباطل، وبين ما هو عادل وما هو قاسٍ، الأمر الذي يولّد الصراع. وتابع "يعلّمنا التاريخ أن الحروب نادرا ما تكون فقط حول بسط السيطرة على الأراضي، بل هي معارك حول وجهات النظر العالمية، والأفكار والقيم التي ستشكل مستقبلنا". وأردف قوله "أوروبا تدرك ذلك جيدا، فبعد الحرب العالمية الثانية، اختارت أوروبا إعادة البناء، ليس فقط لمدنها بل للركائز التي تأسست عليها، إذ صممت شعوب أوروبا على ترك الماضي وراءها، وبناء عصر جديد من السلام. اختاروا الكرامة الإنسانية عوضا عن الهيمنة، والقيم عوضا عن الانتقام، والقانون عوضا عن القوة، والتعاون عوضا عن الصراع". وتابع جلالته القول "لقد استنتجت أوروبا في أعقاب الحرب أن الأمن الحقيقي لا يكمن في قوة الجيوش، بل في قوة القيم المشتركة، وأن السلام الذي تفرضه القوة أو الخوف لن يدوم أبدا". وتاليا النص الكامل للخطاب: "بسم ﷲ الرحمن الرحيم السيدة رئيسة البرلمان الأوروبي، السادة أعضاء البرلمان، أصحاب السعادة، أشكركم جميعا. يشرفني أن أتحدث أمام البرلمان الأوروبي مرة أخرى. أصدقائي، قبل خمس سنوات، تحدثت من هذا المنبر عن الحاجة الملحة لإيجاد حلول سياسية للصراعات، واستعادة الثقة في العدالة العالمية، ومساعدة الشعوب كافة، وخاصة الشباب، على إيجاد الأمل والفرص. ومنذ ذلك الحين، مر مجتمعنا الدولي بالعديد من الاضطرابات السياسية والتكنولوجية والاقتصادية؛ من جائحة فيروس كورونا، وتهديدات أمنية جديدة، وتسارع تكنولوجي غير مسبوق، إلى المعلومات المضللة التي تفشت بشكل مفرط، وحرب شديدة في أوكرانيا، وحرب قاسية على غزة، وأخيرا الهجمات الإسرائيلية على إيران، والتي تهدد بتصعيد خطير في منطقة الشرق الأوسط وخارجها. نحن نعيش موجة تلو الأخرى من الاضطرابات دون توقف، فلا عجب أننا نشعر بأن عالمنا قد ساده الانفلات، وكأنه قد فقد بوصلته الأخلاقية، فالقواعد تتفكك والحقيقة تتبدل كل ساعة، والكراهية والانقسام يزدهران، والاعتدال والقيم العالمية تتراجع أمام التطرف الأيديولوجي. في خضم هذه الفوضى، يهددنا خطر نسيان هويتنا وقضايانا التي ندافع عنها، ولكن هذه المنعطفات التاريخية هي فعليا اللحظات الحرجة التي تتطلب منا أن نتشبث بقيمنا ولا نتخلى عنها، فعندما يفقد العالم قيمه الأخلاقية، نفقد حينها قدرتنا على التمييز بين الحق والباطل، وبين ما هو عادل وما هو قاسٍ، الأمر الذي يولّد الصراع. يعلّمنا التاريخ أن الحروب نادرا ما تكون فقط حول بسط السيطرة على الأراضي، بل هي معارك حول وجهات النظر العالمية، والأفكار والقيم التي ستشكل مستقبلنا. أوروبا تدرك ذلك جيدا، فبعد الحرب العالمية الثانية، اختارت أوروبا إعادة البناء، ليس فقط لمدنها بل للركائز التي تأسست عليها، إذ صممت شعوب أوروبا على ترك الماضي وراءها، وبناء عصر جديد من السلام. اختاروا الكرامة الإنسانية عوضا عن الهيمنة، والقيم عوضا عن الانتقام، والقانون عوضا عن القوة، والتعاون عوضا عن الصراع. لقد استنتجت أوروبا في أعقاب الحرب أن الأمن الحقيقي لا يكمن في قوة الجيوش، بل في قوة القيم المشتركة، وأن السلام الذي تفرضه القوة أو الخوف لن يدوم أبدا. كما اخترتم أن تدركوا أن ما يجمعكم أعظم بكثير مما يفرّق بينكم، واليوم، يجب أن يدرك مجتمعنا العالمي أهمية ذلك. نحن نعلم أن النزاعات والخلافات هي واقع إنساني، وأن التحديات التي نواجهها ستزداد تعقيدا، وأن الاضطرابات هي السمة الحاضرة في عصرنا، ولكن ما هو أهم من ذلك كله، هو كيفية تعاملنا مع هذه الخلافات، والقيم التي نرسخها لأنفسنا وشعوبنا. على مر التاريخ العربي والأوروبي، كانت قيم الاحترام والمسؤولية والنوايا الحسنة تقود التعاون الذي أثمر عن نتائج لمنفعة الطرفين، وبإمكان هذه القيم أن ترشدنا في الاستجابة لتحديات هذا العصر. لقد سعيت من هذا المنبر، ومن العديد من المنابر الأخرى على مر العقدين الماضيين، إلى تسليط الضوء على القيم التي تجمعنا، فالعديد من هذه القيم متجذرة في أدياننا: الإسلام والمسيحية واليهودية، كقيم الرحمة والعدل والمساواة، والتعاليم الأخلاقية التي توارثناها عبر الأجيال، مثل احترام الجار، وحماية الأطفال والأبرياء، ومساعدة الفقراء والمصابين، وحماية أرضنا، وغيرها من القيم. إن إيمان الأردن الراسخ بهذه القيم المشتركة متجذر في تاريخنا وتراثنا، وهو ما يدفع مبادئنا الوطنية المبنية على التسامح والاحترام المتبادل. نحن نفخر بكوننا موطنا لموقع عُمّاد السيد المسيح عليه السلام (المغطس)، وبلدنا المسلم هو موطن لمجتمع مسيحي تاريخي، وجميع مواطنينا يتشاركون في بناء وطننا. وهذه القيم تقع في صلب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والتي تعهدنا بحماية هويتها التاريخية متعددة الأديان من أي اعتداء. ويعود تاريخ هذا الالتزام إلى وعد لأهل القدس منذ قرون عديدة، فقد أمرت العهدة العمرية المسلمين باحترام كنائس مدينة القدس وحمايتها، وعدم إيذاء أي كاهن ولا قتل طفل أو امرأة أو شيخ، وبعد مرور ألف عام، جعلت اتفاقيات جنيف هذه المبادئ نهجا عالميا، إلا أن الأحداث الأخيرة قد وضعت هذه القيم والمبادئ في موضع الشك، وعلينا أن نعمل جاهدين لنضمن صمودها على مر الزمن والأزمات. أصدقائي، أعربت في خطابي هنا قبل خمس سنوات، عن قناعتي التامة بأن أمامنا دوما الإمكانية لأن نختار الطريق الأمثل لنكون أفضل وأكثر وحدة. وقبل ثمانين عاما، قمتم باختيار ذاك الطريق الأمثل لأوروبا، ولفترة طويلة من الزمن، ساهمت خياراتكم في تشكيل عالم أكثر استقرارا، مبنيا على المبادئ السامية. واليوم يتجه هذا العالم نحو انحدار أخلاقي، إذ تنكشف أمامنا نسخة مخزية من إنسانيتنا، وتتفكك قيمنا العالمية بوتيرة مروعة وعواقب وخيمة. يتمثل هذا الانحدار بأوضح أشكاله في غزة، التي خذلها العالم، وأضاع الفرصة تلو الأخرى في اختيار الطريق الأمثل للتعامل معها. فلنعد بالذاكرة إلى عام 2023، أثارت أولى الهجمات والغارات الإسرائيلية على مستشفى في غزة آنذاك صدمة وغضبا عالميا. ومنذ ذلك الحين، وثّقت منظمة الصحة العالمية ما يقارب 700 هجوم على مرافق الرعاية الصحية في غزة. كيف يعقل لما كان يعتبر فعلا وحشيا قبل 20 شهرا فقط، أن يصبح الآن أمرا شائعا لدرجة أنه بالكاد يذكر؟ كيف يعقل لإنسانيتنا أن تسمح بأن يصبح ما لا يمكن تصوره أمرا اعتياديا؟ أن تسمح باستخدام المجاعة كسلاح ضد الأطفال؟ أو أن تسمح باستهداف العاملين في القطاع الصحي والصحفيين والمدنيين الذين يبحثون عن الملجأ في المخيمات؟ إن مرور20 شهرا على هذه الوحشية يجب أن يثير قلقنا جميعا، لكن ليس بوسعنا أن نتعجب من ذلك، لأنه عندما يفشل مجتمعنا العالمي في سد الفجوة بين القول والفعل، وعندما لا تُمارس القيم السامية، فإنها تصبح ادعاءات فارغة ومستهلكة. والآن نحن على مفترق طرق آخر حاسم في تاريخنا؛ مفترق طرق يتطلب الاختيار بين السلطة والمبدأ، بين حكم القانون أو حكم القوة، بين التراجع أو التجديد. لأن كل هذا على المحك بالنسبة للجميع. والأمر لا ينطبق على غزة فحسب، فهذه ليست مجرد لحظة سياسية أخرى لتسجيل المواقف؛ بل إنه صراع حول هويتنا كمجتمع عالمي في الحاضر والمستقبل. من المرجح أن يكون هذا العام هو عام القرارات المحورية لعالمنا بأسره، وسيكون لقيادة أوروبا دور حيوي في اختيار الطريق الصحيح، ويمكنكم الاعتماد على الأردن كشريك قوي لكم. هنالك مجالان أساسيان للعمل: الأول هو دعم التنمية، لأن ازدهار الشرق الأوسط يوفر فرصا تعود علينا جميعا بالمنفعة، ولكن كما رأينا مرارا وتكرارا، فإن العكس أيضا صحيح، فعندما ينعدم الأمل، تمتد تداعيات ذلك لتتعدى حدود الدول. أما بالنسبة لمجال العمل الثاني، فعلينا اتخاذ إجراءات حاسمة ومنسقة لضمان الأمن العالمي. ولن يكون أمننا المشترك مضمونا حتى يتصرف مجتمعنا العالمي، ليس فقط لإنهاء الحرب في أوكرانيا، ولكن أيضا لإنهاء أطول بؤرة اشتباك في العالم وأكثرها تدميرا، ألا وهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ ثمانية عقود. والفلسطينيون، مثلهم كمثل جميع الشعوب، يستحقون الحق في الحرية والسيادة، ونعم.. إقامة دولتهم المستقلة. إن ما يحدث في غزة اليوم يتنافى مع القانون الدولي والمعايير الأخلاقية وقيمنا المشتركة، ونحن نشهد الانتهاكات تلو الأخرى في الضفة الغربية، والوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم. إذا فشل مجتمعنا العالمي في التصرف بشكل حاسم، فإننا نصبح متواطئين في إعادة تعريف معنى أن تكون إنسانا؛ لأنه إذا ما استمرت الجرافات الإسرائيلية في هدم منازل الفلسطينيين وبساتين الزيتون والبنية التحتية بشكل غير قانوني، فإنها ستهدم أيضا الحدود الأخلاقية. والآن مع توسيع إسرائيل هجومها ليشمل إيران، لا يمكن معرفة أين ستنتهي حدود هذه المعركة. وهذا، أصدقائي، يهدد الشعوب في كل مكان. وفي نهاية المطاف، يجب أن ينتهي هذا الصراع، والحل الوحيد الذي يمكننا تطبيقه هو الحل القائم على السلام العادل والقانون الدولي والاعتراف المتبادل. أصدقائي، إن الطريق الذي نسلكه للارتقاء بأنفسنا لا يمكن أن يكون ممهدا بالتقدم التكنولوجي أو الإنجازات العلمية أو الانتصارات السياسية وحدها، بل إنه يصنع بالخيارات التي نتخذها كل يوم كأفراد وقادة. لقد سلكنا طريق السلام من قبل، ويمكننا أن نسلكه مجددا، إذا تحلينا بالشجاعة اللازمة لاختيار هذا الطريق وقوة الإرادة لنسلكه معا. شكرًا لكم". وضم الوفد الأردني المرافق لجلالة الملك، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، ومدير مكتب جلالة الملك، المهندس علاء البطاينة، وسفير الأردن لدى بلجيكا ورئيس بعثة المملكة لدى الاتحاد الأوروبي يوسف البطاينة.