logo
توثيق بلا وعي.. لا يساوي شيئاً

توثيق بلا وعي.. لا يساوي شيئاً

عكاظمنذ 5 ساعات

في بيئة تعاملات مرتبطة بهذا الكم من التشريعات والأنظمة المنظمة لتعاملات الأفراد والشركات فيما بينهم، أصبح التوثيق أسهل من أي وقت مضى، علماً أنه لا تزال بعض الحقوق تضيع لأن أصحابها لم يعطوها ما تستحق من تثبيت قانوني يعكس صحة العلاقة التعاقدية. المفارقة أن أغلب هذه النزاعات لا تنشأ بسبب نوايا سيئة في بدايتها، بل تبدأ بنيات طيبة وعلاقات طيّبة، وتنتهي بخصومات مُكلفة، فقط لأن أحد الطرفين قال في نفسه: «نحن نعرف بعض، لا داعي للتعقيد».
في الممارسة القانونية، كثيراً ما يُواجه الممارسون هذا السيناريو: طرف متضرر، وعقد موجود، وتوقيع ظاهر، ولكن الحقوق ضائعة، لماذا؟ لأن التوقيع بحد ذاته ليس ضماناً كافياً. فالعقد لا يُقاس بوجود الإمضاء فقط، بل بقوته كأداة إثبات متكاملة: هل حدد بوضوح ما تم الاتفاق عليه؟ هل يُظهر الالتزامات المتقابلة؟ هل يمكن تنفيذه دون الدخول في تأويل؟ هل يحمل تاريخاً، وسنداً، ووسيلة إسناد خارجية تؤكد أن العلاقة كانت جدّية ونظامية؟
والحقيقة أن كثيراً من العقود المتداولة سواء بين أفراد أو منشآت صغيرة تقع في فخ «الاعتماد النفسي» على شكل العقد لا مضمونه. ترى الناس يوقّعون عقود شراكة، أو استشارات، أو تقديم خدمات، بل حتى عقود دين، دون أن يدقّقوا في البنود، أو يُحدّدوا كيفية الدفع، أو ينصّوا على الآثار المترتبة عند الإخلال. وعند النزاع، يتحوّل العقد إلى نصوص مبهمة، تُستخدم ضد من وقّعها، بدل أن تحميه.
وقد يكون الطرف الآخر حسن النية في البداية، لكنه في لحظة خلاف أو ضيق مصلحة، يُغيّر موقفه، وهنا يُصبح إثبات ما اتُفق عليه هو الفيصل الحقيقي. وكم من عقود حملت توقيعاً، ولكنها لم تصمد يوم الوصول إلى القضاء لأنها لم تُوثّق على النحو الذي يجعلها قابلة للدفاع أمام القاضي أو جهة التنفيذ.
من واقع الملفات القانونية:
ليست هذه الإشكالات افتراضية أو نادرة، بل هي من أكثر ما يُعرض يومياً في أعمال الممارسين القانونيين. الخلاف لا يكون غالباً على أصل الحق، بل على ما يُثبته، أو يُنظمه، أو يُلزِم به. بعض النزاعات تدور حول بند جزائي لم يُكتب، أو مهلة لم تُحدد، أو تحويل بنكي لم يُربط بالعقد صراحة. وفي جميع تلك الحالات، يضيع الحق لا لضعفه، بل لضعف ما يسنده.
ولذلك، فإن الوعي القانوني الحقيقي يبدأ قبل كتابة العقد، لا بعد النزاع. وهذا لا يتطلب أن يكون كل متعاقد محامياً، ولكن على الأقل أن يُدرك ما يجب أن يُوثق وما لا يُترك للظنّ.
وهنا، لعلنا نحصر أهم ما يجب أن يُوثّق في العقود لحماية الحقوق:
• مبلغ التعاقد وطريقة سداده (دفعة مقدمة – تحويل – آجل – على دفعات).
• المدة الزمنية للتنفيذ أو الالتزام، وتحديد تاريخ واضح لبداية كل التزام ونهايته.
• غرامات التأخير: تحديد مبلغ جزائي يومي في حال تجاوز المدة المتفق عليها دون أداء الالتزام كغرامات عقود المقاولات.
• الجزاءات النظامية في حال الإخلال بأي بند، وهل يترتب عليها فسخ العقد أو تعويض مباشر.
• الجهة المختصة عند النزاع (قضاء – تحكيم مؤسسي أو حر – صلح أو توفيق).
• وسيلة التواصل الرسمية بين الطرفين (بريد إلكتروني – رقم موثّق – مراسلات).
• رقم الهوية الوطنية أو السجل التجاري للطرف الآخر، لتحديد الشخصية النظامية بدقة.
• الإقرار المتبادل بأن كل طرف قرأ العقد وفهمه ووافق عليه دون إكراه أو غموض.
كل بند مما سبق ليس مجرد «تفصيل فني»، بل هو خط دفاع في حال النزاع. ومن لا يعرف أهمية هذه التفاصيل إلا بعد وقوع الخلاف، يكون كمن يبني منزله ثم يبحث عن الأساسات بعد أن تهتز الجدران.
وفي ظل التسهيلات الرقمية التي باتت متاحة في المملكة من «توثيق»، إلى «ناجز»، إلى المنصات البنكية المعترف بها، لم يعد التوثيق ترفاً ولا تعقيداً، بل جزء من المعاملة السليمة. التوقيع على عقد لا يُغني عن المسؤولية في فحصه، كما أن العلاقة الحسنة لا تعني أن التوثيق يُسيء للثقة. بل على العكس: التوثيق اليوم هو الوجه المدني للثقة.
وهل نبدأ الآن؟
لست بحاجة لأن تكون قانونياً لتُحصّن نفسك. يكفي أن تسأل ببساطة: «هل ما بيني وبين الطرف الآخر مكتوب؟ وهل يمكن إثباته أمام جهة محايدة؟». إن كانت الإجابة لا، فابدأ الآن. لا تنتظر الخلاف لتُراجع الورقة، ولا تستبدل الثقة بالإهمال.
إذاً السؤال الأهم: هل العقد كافٍ لإسباغ الحماية؟ نعم. ولكن فقط إذا كُتب بعناية، ووقّع عن إدراك، وحمل من التفاصيل ما يكفي أن يقف وحده في مواجهة أي جهة.. حين لا يقف أحد معك.
أخبار ذات صلة

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عقارات الشارقة تجذب "بيئة" لإطلاق مشروع بقيمة ـ1.4 مليار دولار
عقارات الشارقة تجذب "بيئة" لإطلاق مشروع بقيمة ـ1.4 مليار دولار

الشرق للأعمال

timeمنذ 18 دقائق

  • الشرق للأعمال

عقارات الشارقة تجذب "بيئة" لإطلاق مشروع بقيمة ـ1.4 مليار دولار

تعتزم شركة مدعومة من أشخاص بالعائلة الحاكمة في الشارقة دخول سوق العقارات بمشروع سكني بقيمة 5 مليارات درهم (1.4 مليار دولار)، سعياً للاستفادة من الطلب المتزايد في الجارة الشمالية لإمارة دبي. الرئيس التنفيذي لـ"مجموعة بيئة" خالد الحريمل، قال في مقابلة إن الشركة التي تُعرف بأنشطة إدارة المخلفات ومبادرات الطاقة النظيفة، تخطط لإطلاق أول مشروع تطوير عقاري سكني في الشارقة. وسيتضمن المشروع نحو 1500 منزل، إلى جانب متاجر ومكاتب ومرافق رياضية. وأضاف أن المنازل المخصصة للأسرة الواحدة، التي تُعرف محلياً باسم "الفيلات" أو "تاون هاوس"، ستشكل أغلب الوحدات السكنية، بهدف تلبية الطلب المرتفع على المساكن عالية الجودة. الحريمل لفت أيضاً إلى أن مبيعات العقارات في الشارقة ارتفعت 30% خلال الربع الأول من العام، وأن "هذا الطلب مدفوع بالمستهلكين النهائيين، وليس بالمضاربين أو المستثمرين". الشارقة تعزز جاذبيتها في قطاع العقارات لطالما اعتُبرت الشارقة بديلاً أقل تكلفةً لدبي، وشهدت الإمارة انتعاشاً في نشاط العقارات خلال السنوات الماضية. ويجذب الفارق الكبير مقارنةً بدبي، حيث قد تكون أسعار المنازل أعلى بما بين 40% إلى 50%، المقيمين والمستثمرين إلى التوجه شمالاً. مع ذلك، فإن صعود أسعار المنازل في دبي بنحو 70% خلال السنوات الأربع الماضية دفع بعض المحللين إلى التحذير من حدوث حالة تصحيح محتملة. تزايدت جاذبية الشارقة منذ سمحت بتملك الأجانب للعقارات في مناطق محددة. وتبنّي شركات كبرى مثل "أرادَ للتطوير العقاري" (Arada Developments)، التي يشارك في ملكيتها ابن الأمير السعودي الوليد بن طلال وفرد في العائلة الحاكمة في الشارقة، بالفعل مشروعات ضخمة مثل مشروع "الجادة" للتطوير العقاري بتكلفة 9.5 مليار دولار. كما اتخذت الحكومة خطوات للحفاظ على القدرة على تحمل التكاليف، من بينها تثبيت الإيجار للمستأجرين الجدد لمدة ثلاث سنوات، ووضع حدود على زيادة الإيجارات بعدها. تخطط "بيئة" لتمويل المشروعات من خلال مزيج من رأس المال والبيع على الخريطة. ويُتوقع أن يأتي المشترون من منطقة الخليج وشبه القارة الهندية بشكل أساسي، وفقاً لرئيسها التنفيذي. ورغم أن الشركة لم تكشف عن الأسعار في المشروع، الذي ستستخدم في تشييده مواد معاد تدويرها وبنية تحتية جاهزة لتحقيق صافي انبعاثات صفري، أشار الحريمل إلى أن المنازل ستُطرح "بأسعار تنافسية، حتى بالنسبة للشارقة".

سيتي بنك يتوقع بلوغ أسعار النفط 75-78 دولار للبرميل إن تعطلت صادرات إيران
سيتي بنك يتوقع بلوغ أسعار النفط 75-78 دولار للبرميل إن تعطلت صادرات إيران

أرقام

timeمنذ ساعة واحدة

  • أرقام

سيتي بنك يتوقع بلوغ أسعار النفط 75-78 دولار للبرميل إن تعطلت صادرات إيران

توقع محللون في سيتي بنك أمس الخميس أن يؤدي تصعيد الصراع بين إيران وإسرائيل إلى ارتفاع أسعار خام برنت بنحو 15 إلى 20 بالمئة من متوسط سعره قبل الصراع إذا تسببت الحرب في تعطيل 1.1 مليون برميل يوميا من صادرات النفط الإيرانية. وقال سيتي في مذكرة "هذا يعني أن أسعار برنت ستتحرك في نطاق 75 إلى 78 دولارا للبرميل". وكانت الأسعار تتحرك في نطاق 65 دولارا للبرميل في مايو أيار. وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 1.48 دولار، أو 1.9 بالمئة، إلى 78.18 دولار للبرميل بحلول الساعة 1730 بتوقيت جرينتش أمس الخميس، في حين ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تسليم يوليو تموز 1.72 دولار، أو 2.3 بالمئة، إلى 76.86 دولار. وقدر بنك جيه.بي مورجان في مذكرة أن أسعار النفط قد ترتفع إلى ما بين 120 و130 دولارا للبرميل في أسوأ السيناريوهات التي تتضمن توسع الصراع في المنطقة، بما يشمل إغلاق مضيق هرمز. وأثار الصراع بين إيران وإسرائيل مخاوف إزاء احتمال تعطل الإمدادات في الشرق الأوسط، مما دفع أسعار الخام إلى الارتفاع مع تقييم المتعاملين لتزايد المخاطر الجيوسياسية. وإيران هي ثالث أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، إذ تنتج حوالي 3.3 مليون برميل يوميا من النفط الخام. وذكر سيتي أن تعطل حوالي ثلاثة ملايين برميل يوميا على مدى عدة أشهر قد يدفع الأسعار إلى 90 دولارا للبرميل. وقد يؤدي إغلاق لمضيق هرمز إلى ارتفاع حاد في الأسعار، لكن سيتي بنك يعتقد أنه سيكون لفترة وجيزة، إذ ستتركز الجهود على إعادة فتحه بسرعة. وأضاف أن تعطل صادرات النفط الإيراني قد يكون له تأثير أقل على أسعار النفط مما كان متوقعا، بسبب انخفاض الصادرات وتراجع المشتريات الصينية بسبب ارتفاع الأسعار حاليا. وأوضح سيتي أن "الإنتاج في أماكن أخرى على مستوى العالم ربما يكون ارتفع بما يكفي لتعويض تأثير التعطل، ولا سيما إذا كان تعطل الإنتاج متوقعا". وأضاف أن زيادة الإمدادات من أوبك قد تخفف أيضا من تأثير تعطل صادرات النفط الإيراني المحتمل. وأشار بنك جولدمان ساكس أمس الأربعاء إلى أنه يقدر علاوة المخاطر الجيوسياسية بحوالي 10 دولارات للبرميل بعد ارتفاع أسعار برنت إلى ما بين 76 و77 دولارا للبرميل، في حين قال بنك باركليز إن الصادرات الإيرانية إذا انخفضت بما يعادل النصف، فقد ترتفع أسعار الخام إلى 85 دولارا للبرميل، وقد تتجاوز الأسعار 100 دولار في "أسوأ الحالات" في حال اندلاع صراع أوسع.

ويؤكد أهمية تحويلها إلى برامج مستدامة تخدم القطاع الإعلاميرئيس المنتدى السعودي للإعلام يُكرّم صُناع المبادرات
ويؤكد أهمية تحويلها إلى برامج مستدامة تخدم القطاع الإعلاميرئيس المنتدى السعودي للإعلام يُكرّم صُناع المبادرات

الرياض

timeمنذ ساعة واحدة

  • الرياض

ويؤكد أهمية تحويلها إلى برامج مستدامة تخدم القطاع الإعلاميرئيس المنتدى السعودي للإعلام يُكرّم صُناع المبادرات

كرّم رئيس المنتدى السعودي للإعلام، الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون، محمد بن فهد الحارثي، فريق عمل مبادرات المنتدى، تقديرًا لجهودهم النوعية التي أسهمت في تحويل المنتدى إلى منصة إنتاج نوعية حقيقية للمشاريع والمبادرات الإعلامية الهادفة. وأشاد الحارثي بما حققته مبادرات المنتدى من أثر ملموس وتفاعل واسع، مشيرًا إلى أن التفاعل الكبير والمشاركة الواسعة من جهات محلية ودولية تؤكد قدرة الإعلام السعودي على أن يبادر ويقود ويبتكر، وليس فقط أن يتلقى أو يتفاعل، مؤكدًا أن العمل المؤسسي هو ما منح هذه المبادرات قدرتها على الاستمرار والتأثير، مؤكدًا أهمية تحويلها إلى برامج مستدامة تخدم القطاع الإعلامي على مدار العام. يُذكر أن المنتدى شهد إطلاق حزمة من المبادرات النوعية التي شكلت ركيزة أساسية في برامجه، وجاء في مقدمتها مبادرة "جسور الإعلام"، التي هدفت إلى بناء روابط إستراتيجية بين كبرى شركات الإنتاج الإعلامي العالمية والمواهب والشركات السعودية الناشئة، كما برزت مبادرة "سفراء الإعلام" بالتعاون مع جميع كليات وأقسام الإعلام في الجامعات السعودية، التي سعت إلى تمكين طلاب وطالبات التخصصات الإعلامية في الجامعات السعودية، وتأهيلهم لتمثيل المملكة في المحافل الدولية والمحلية، وقد شارك فيها (14) سفيرًا إعلاميًّا من مختلف الجامعات. وشملت المبادرات كذلك "SMF Connect"، التي جمعت بين الإعلام واللغة لتعزيز التفاهم الثقافي وتوسيع آفاق الحوار العالمي، إضافة إلى "Saudi MIB" بالتعاون مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا"، التي وظّفت تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير المحتوى الإعلامي، ودعمت تحويل الأفكار الابتكارية إلى مشاريع تقنية قابلة للتنفيذ، وحقق البرنامج أثرًا ملحوظًا على مستوى المشاركة والتفاعل، وبلغ عدد المشاركين أكثر من (80) مشاركًا، واختيرت (3) مشاريع فائزة بعد مراحل من المنافسة والتقييم. وفُعّلت هذه المبادرات في عدد من المحافل الدولية مثل مهرجان "كابسات"، ويجري حاليًّا تفعيلها في تونس على هامش المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store