
"الوزراء": من التشخيص للعلاج.. الذكاء الاصطناعي يغير قواعد الطب
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً قدم من خلاله عرضاً لمزايا وتحديات توظيف الذكاء الاصطناعي في القطاعات الصحية، مع إلقاء نظرة على بعض التجارب الدولية في هذا المجال، حيث أشار إلى أن أنظمة الرعاية الصحية شهدت على مدار السنوات الماضية تحولًا كبيرًا بفضل إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي باتت تؤدي دورًا محوريًّا في التشخيص، ورعاية المرضى، والإدارة، وتعزيز الصحة العامة؛ وأصبحت توفر إمكانات كبيرة، بدءاً من أدوات التعلم الآلي القادرة على قراءة الصور الطبية بدقة، إلى منصات المراقبة الصحية عن بُعد، بما يُسهم في تحسين الكفاءة في المجال الطبي، مضيفاً أنه في ظل التحديات المتزايدة، مثل نقص الكوادر، وتزايد الأمراض المزمنة، تتجه دول عديدة اليوم لتبني حلول ذكية ترتكز على البيانات والتعلم الآلي؛ ما يجعلها في طليعة ثورة صحية رقمية تُعيد تشكيل مستقبل الرعاية الصحية عالميًّا.
وأكد المركز تحقيق تقنيات الذكاء الاصطناعي تأثيرًا ملحوظًا في مجال الرعاية الصحية وخاصة فيما يتعلق بتحسين دقة التشخيص والكشف المبكر عن الأمراض؛ فالتعلم الآلي (Machine learning)، وهو عنصر أساسي في الذكاء الاصطناعي المستخدم في الرعاية الصحية، أحدث نقلة نوعية في هذا المجال من خلال تحسين التشخيص والعلاج؛ فعن طريق معالجة كميات هائلة من البيانات السريرية، يمكن للخوارزميات تحديد الأنماط والتنبؤ بالنتائج الطبية بدقة كبيرة.
كما تساعد تقنية "التعلم الآلي" في تحليل سجلات المرضى، والتصوير الطبي، واكتشاف علاجات جديدة؛ ما يساعد المتخصصين في الرعاية الصحية على تحسين العلاج وخفض التكاليف. وكذلك يُتيح التعلم الآلي التشخيص الدقيق للأمراض، وتقديم علاجات مخصصة، واكتشاف التغيرات الطفيفة في العلامات الحيوية، والتي قد تشير إلى مشكلات صحية محتملة. ولعل أبرز الأمثلة على تقنيات التعلم الآلي برنامج (EchoNext) الذي يتم توظيفه في اكتشاف أمراض القلب الهيكلية بنسبة دقة تبلغ 77%، وقد أسهم بالفعل في اكتشاف آلاف الحالات عالية الخطورة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك أداة "معالجة اللغة الطبيعية" (NLP) وهي أحد أشكال الذكاء الاصطناعي التي تُتيح لأجهزة الكمبيوتر فهم اللغة البشرية واستخدامها، ويُستخدم هذا النوع من الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية بشكل متزايد، وهو ما يُسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية من خلال تشخيص أدق، وتبسيط الإجراءات السريرية.
على الجانب الآخر، يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولًا كبيرًا في الجوانب الإدارية للرعاية الطبية؛ فمن خلال أتمتة المهام الروتينية، مثل: إدخال البيانات، ومعالجة المطالبات، وتنسيق المواعيد، تُتيح تقنيات الذكاء الاصطناعي لمقدمي الرعاية والمؤسسات الصحية توفير الوقت للتركيز على رعاية المرضى.
علاوة على ذلك، يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على تقليل الأخطاء البشرية من خلال تسريع مراجعة السجلات الطبية، والصور الشعاعية، ونتائج الاختبارات. ومع منحه للمهنيين الطبيين مزيدًا من التحكم في سير عملهم، يمكنهم تقديم رعاية ذات جودة عليا مع الحفاظ على الكفاءة في التكاليف.
أشار التحليل إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي توفر فرصًا كبيرة لمعالجة أزمات أنظمة الرعاية الصحية، وخاصة المتعلقة بارتفاع النفقات وأزمة القوى العاملة؛ فالتقديرات تشير إلى أن نفقات الرعاية الصحية قد ارتفعت بوتيرة سريعة خلال السنوات العشرين الماضية، ويُقدّر أن ما لا يقل عن 20% من هذه النفقات يتم هدرها.
في الوقت نفسه، يواجه قطاع الرعاية الصحية أزمة حادة في القوى العاملة؛ إذ تُقدِّر "منظمة الصحة العالمية" (WHO) وجود عجز بنحو 10 ملايين عامل صحي بحلول عام 2030، خاصة في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. كما أن العاملين في قطاع الصحة يعانون من الإرهاق الشديد؛ حيث تشير التقديرات إلى أن نحو 50% من المهنيين الصحيين يعانون من الاحتراق الوظيفي.
وفي هذا السياق، يأتي دور الذكاء الاصطناعي ليحدث تغييرات جوهرية في تنظيم الرعاية الطبية، من خلال نقل المهام الحيوية وتعزيز أداء العاملين في القطاع الصحي، وهو ما يؤدي إلى تحسين نتائج المرضى ورفع كفاءة التشغيل.
أوضح التقرير أنه رغم المكاسب التي يوفرها الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية، لا يخلو الأمر من تحديات عديدة تتطلب التعامل معها، خاصة مع تزايد استثمارات المؤسسات الصحية في استخدام هذه التقنيات، ويأتي في مقدمة هذه التحديات:
-خصوصية البيانات: حيث تُعَد حماية البيانات الشخصية من أبرز المخاوف المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية؛ فأنظمة الذكاء الاصطناعي تعتمد على كميات هائلة من بيانات المرضى لتعمل بكفاءة، لكن أي سوء في التعامل مع هذه البيانات قد يؤدي إلى خروقات في الخصوصية. وتزداد الخطورة عندما تكون تلك البيانات مدرجة على منصات سحابية أو مجموعات بيانات غير محمية بشكل كافٍ.
-غياب أطر تنظيمية واضحة: رغم أن بعض المناطق، مثل الاتحاد الأوروبي، تبنَّت تشريعات شاملة مثل قانون الذكاء الاصطناعي (EU AI Act) لعام 2024، فإن العديد من الدول -خاصة في الجنوب العالمي- لا تمتلك تنظيمًا واضحًا لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية. هذا التباين يعقِّد عملية نشر أدوات الذكاء الاصطناعي عالميًّا، خاصة بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات.
-صعوبة مواكبة التطورات: هناك صعوبة في مواكبة قطاع الصحة للابتكارات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي؛ فالذكاء الاصطناعي يُعَد قطاعًا ناشئًا، ومعظم الشركات العاملة فيه لا يتجاوز عمرها عشر سنوات، بينما قطاع الرعاية الصحية يُعَد صناعة ناضجة تهيمن عليها مؤسسات راسخة. هذا التفاوت بين طبيعة القطاعين قد يُبطئ وتيرة الابتكار، من خلال الإجراءات والهياكل المتجذّرة التي قد تعوق تبني التقنيات الجديدة.
-صعوبات التكامل مع أنظمة المعلومات الصحية: يتطلب تطبيق الذكاء الاصطناعي في المستشفيات دمجًا فعّالًا مع السجلات الصحية الإلكترونية وقواعد بيانات التصوير الطبي وسير العمل السريري، ومع هذا، فالعديد من المؤسسات الصحية تفتقر إلى البنية التحتية التكنولوجية والمعايير اللازمة لضمان هذا التكامل؛ ما يؤدي إلى تنفيذ مجزَّأ وأعباء إدارية إضافية.
-التحيّز الخوارزمي والعدالة الصحية: تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي على البيانات التي تُدرَّب عليها، وإذا كانت هذه البيانات تفتقر إلى تمثيل سكاني متنوع، فقد يؤدي ذلك إلى أداء ضعيف في تشخيص أو علاج فئات معينة من السكان. وقد كشفت عدة دراسات أن العديد من النماذج التجارية المستخدمة في الرعاية الصحية أظهرت تحيزًا عنصريًّا واجتماعيًّا؛ مما يُعمِّق الفجوات في جودة الرعاية الصحية.
-مقاومة القوى العاملة: رغم تزايُد الحماس تجاه الذكاء الاصطناعي، فإن كثيرًا من العاملين في المجال الصحي يبقون مترددين أو مقاومين له، بسبب مخاوف من فقدان الوظائف أو المسؤولية القانونية أو نقص التدريب.
وفي هذا السياق، يُعد كسب ثقة الأطباء وقبولهم أمر بالغ الأهمية لنجاح تطبيق الذكاء الاصطناعي في المجال الصحي. ولحدوث ذلك؛ يجب أن تتاح للأطباء إمكانية الاطلاع على كيفية اتخاذ النظام للقرارات، والتأكد من اعتماده على معلومات طبية دقيقة وحديثة. كذلك، يجب أن يكون استخدام هذه الأنظمة ملتزمًا بالقوانين والضوابط لضمان الاستخدام الأخلاقي وعدم تعريض المرضى للخطر.
وأوضح المركز أنه في ظل المزايا العديدة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية، بدأ عدد من الدول في توظيفه بشكل متزايد لدعم جهودها في مواجهة تفشي الأمراض، ومن بين أبرز هذه الدول: الدانمارك والصين وبريطانيا ورواندا ومالاوي.
وفي هذا الصدد؛ تُعَد الدانمارك تجربة رائدة في التحول الرقمي والاعتماد على الذكاء الاصطناعي والروبوتات في الرعاية الصحية؛ حيث تستثمر في تطوير "مستشفيات المستقبل" التي تعتمد على الأتمتة والخدمات الرقمية.
كما أنشأت الدانمارك عددًا من المنصات الابتكارية المرتبطة مباشرة بالمستشفيات، مثل مستشفى جامعة "جنوب الدانمارك"، بهدف تجربة الحلول التقنية في بيئة سريرية حية. وتشمل هذه المراكز: "مركز الروبوتات السريرية" الذي يدمج التقنية مع المهام اللوجستية والعلاجية، و"مركز الذكاء الاصطناعي الإكلينيكي" المعني بتطوير أدوات تحليلية تدعم التشخيص، و"مركز التكنولوجيا الطبية المبتكرة" الذي يركِّز على الطب عن بُعد والتطبيقات الذكية.
أوضح التحليل أن هذه المنصات تُتيح التعاون المباشر بين المهندسين والأطباء؛ مما يُعجِّل باختبار الحلول وتكييفها مع احتياجات الواقع السريري، كما توفر للشركات -لا سيما الشركات الصغيرة والمتوسطة- نموذجًا متكاملًا جاهزًا للتوصيل والتشغيل يتيح اختبار المفاهيم وتطوير النماذج الأولية بالتعاون مع الفرق الطبية؛ حيث يتم التركيز على الحلول التي تعالج تحديات حقيقية داخل المستشفيات، مثل: تقليل المهام المتكررة، وإتاحة وقت أكبر للرعاية المباشرة.
وفي "المختبر الوطني للروبوتات" بجامعة هيريوت‑وات في بريطانيا، تم تطوير "روبوت ARI" لدعم المرضى بعد الجراحة أو الإصابات؛ حيث يُوجِّه المرضى خلال تمارين إعادة التأهيل؛ مما يخفف الضغط على أخصائي العلاج الطبيعي.
وفي الصين، اعتمدت المستشفيات الكبرى منذ يناير 2025 نموذج (DeepSeek)، الذي يدمج الذكاء الاصطناعي في مجالات علم الأمراض وتحليل الصور الطبية ودعم القرار الإكلينيكي. وقد بدأت الصين في تطبيقه بالمؤسسات الطبية الكبرى في شنغهاي، ثم توسعت على الصعيد الوطني، وقد أدى ذلك إلى تحسين دقة التشخيص، وتسريع سير العمل، وتخفيف الضغط على الأطباء.
وكذلك، وظَّفت رواندا الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر عن مرض "جدري القرود" (Mpox)، وهو مرض نادر وقاتل تفشّى بين عامي 2022 و2023؛ ما ساعد في التصدي السريع للمرض وحماية الفئات المعرضة للخطر.
أيضًا، في مدينة "ليلونغوي" في مالاوي، تم توظيف نظام مراقبة الأجنة المدعوم بالذكاء الاصطناعي، الذي طُوِّر بالشراكة بين شركة البرمجيات الأمريكية (PeriGen) ووزارة الصحة في مالاوي ومستشفى "تكساس للأطفال" الأمريكية، وقد أسهم بالفعل في خفض وفيات حديثي الولادة بنسبة 82% خلال ثلاث سنوات؛ حيث يقوم بتحليل نبض الجنين بشكل مستمر، وينبِّه الطاقم الطبي فورًا للتدخل، وهو ما يُعَد تحسنًا كبيرًا مقارنة بالفحوصات اليدوية المتقطعة.
وأشار التحليل إلى أنه في ظل الاعتماد المتزايد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، أوصى العديد من المنظمات الدولية بتضمين هذه التطبيقات ضمن منصات الصحة الوطنية؛ حيث يمكن للدول ذات البنية التحتية الرقمية الأساسية تبني أدوات بسيطة، مثل: روبوتات المحادثة التنبيهية، وتذكيرات الرسائل النصية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، بينما الدول ذات النظم القوية يمكنها اعتماد تطبيقات أكثر تقدمًا كالتنبؤ الفوري بالأوبئة، وتحسين إدارة الموارد.
وأوضح المركز أنه على الرغم من الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي في تحسين التشخيص وتسريع العلاج وتخفيف الأعباء الإدارية، فإن التحديات المصاحبة له لا تقل أهمية؛ فحماية الخصوصية، وضمان الإنصاف، وبناء الثقة، وتحقيق التنظيم الفعّال، كلها قضايا لا بُدَّ من معالجتها بجدية، ويتطلب تجاوز هذه التحديات تنسيقًا وثيقًا بين الحكومات، والمطورين، والمؤسسات الصحية، ومنظمات المجتمع المدني، من أجل تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي موثوقة وأخلاقية وشاملة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 9 ساعات
- الديار
2,300 إصابة و40 وفاة خلال أسبوع واحد الحرب تفاقم تفشي الكوليرا في جميع أنحاء السودان
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب فضلاً عن الحرب الشاملة التي يشهدها السودان، يعاني سكان البلاد اليوم من أسوأ انتشار لتفشي الكوليرا منذ سنوات. فمنذ إعلان وزارة الصحة عن تفشي المرض قبل عام، سُجلت 99,700 حالة إصابة مشتبه بها وأكثر من 2,470 حالة وفاة مرتبطة بالمرض حتى تاريخ 11 آب. وفي منطقة دارفور وحدها، عالجت فرق منظمة أطباء بلا حدود أكثر من 2,300 مريض وسجلت 40 حالة وفاة بسبب الكوليرا خلال الأسبوع الماضي في مرافق تديرها وزارة الصحة. وتضرب الكوليرا مختلف أنحاء دارفور، حيث يعاني السكان أساساً من نقص المياه، مما يجعل من المستحيل اتباع تدابير النظافة الأساسية مثل غسل الأطباق والأغذية. وقد بلغت حدة الأوضاع ذروتها في طويلة، في ولاية شمال دارفور، حيث فرّ 380,000 شخص هرباً من القتال الدائر حول مدينة الفاشر وفقاً للأمم المتحدة. وبحلول نهاية تموز، أي بعد شهر من بدء عمليات الاستجابة، عالجت فرق أطباء بلا حدود أكثر من 2,300 مريض بالكوليرا بالتعاون مع وزارة الصحة في طويلة. ويضطر مركز علاج الكوليرا في مستشفى طويلة، المجهز رسمياً بما مجموعه 130 سريراً، إلى العمل بطاقة استيعابية بنسبة 180 في المئة بعد إضافة 66 مرتبة إضافية على الأرض للتعامل مع التدفق الكبير للمرضى. أما في طويلة، فيعيش السكان على متوسط ثلاثة لترات من المياه في اليوم، وهو أقل من نصف الحد الأدنى في حالات الطوارئ البالغ 7.5 لترات للشخص في اليوم لأغراض الشرب والطهي والنظافة، وفقاً لما تنص عليه منظمة الصحة العالمية. وفي ظل تصاعد أعداد حالات الإصابة بالكوليرا ونفاد الموارد، تبرز الحاجة الماسة إلى توفير المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي لمنع وقوع المزيد من الوفيات. يقول سيلفان بينيكو، منسق مشروع أطباء بلا حدود في طويلة: ' غالباً ما لا يكون أمام العائلات المقيمة في مخيمات النازحين واللاجئين خيار سوى شرب المياه من مصادر ملوثة، مما يؤدي إلى إصابة الكثيرين بالكوليرا. وقبل أسبوعين فقط، عُثر على جثة في بئر داخل أحد المخيمات. وقد تمّ إخراجها، لكن بعد يومين اضطر الناس إلى شرب المياه من البئر نفسه مجدداً'. وعلى بعد حوالي 100 كيلومتر من طويلة، تم الإبلاغ عن تفشي الكوليرا في قولو، في ولاية وسط دارفور، بتاريخ 13 يوليو/تموز. وقد افتتحت أطباء بلا حدود مركزاً لعلاج الكوليرا بسعة 73 سريراً ضمن مستشفى قولو. لكن سرعان ما أصبح المركز غير قادر على استيعاب العدد المتزايد من المرضى، حيث وصل في يوم 3 آب وحده 137 مريضاً. كما تم إنشاء خمسة مراكز للإرواء الفموي في محيط قولو من أجل معالجة الحالات الخفيفة ومنع تدهورها، لكن فرقنا ترى أن تفشي المرض لا يزال ينتشر بسرعة. كذلك فقد وصلت الكوليرا في أوائل آب إلى زالنجي وروكيرو في ولاية وسط دارفور، وسورتوني في ولاية شمال دارفور. هذا وتتفاقم الأزمة جراء هطول الأمطار الغزيرة التي تلوث المياه وتدمر شبكات الصرف الصحي. كما تستمر أعداد الحالات في الارتفاع في ولاية جنوب دارفور، حيث قامت منظمة أطباء بلا حدود، بالتنسيق مع وزارة الصحة، بتوسيع مركز علاج الكوليرا في نيالا ليضم 80 سريراً. وهناك، تنتظر فرق الاستجابة وصول اللقاحات كما تواجه نقصاً حاداً في أقراص تنقية المياه. وتقول سامية دهب، وهي من سكان مخيم عطاش للنازحين في نيالا: 'المراكز الصحية مكتظة. بعض المناطق لديها مياه، وبعضها تكون فيها الأكشاك بعيدة أو لا تتوفر فيها المياه. بعض المياه مالحة، كما أننا نشربها دون غليها، ولسنا متأكدين من سلامتها'. وفي ظل نزوح السكان هرباً من القتال، تنتشر الكوليرا بشكل أكبر في السودان وإلى تشاد وجنوب السودان المجاورتين. وقد قامت منظمة أطباء بلا حدود ووزارة الصحة في الدمازين، في ولاية النيل الأزرق في السودان، بزيادة عدد أسرة مركز علاج الكوليرا في مستشفى الدمازين من 50 إلى 250 سريراً في تموز للتعامل مع تدفق العائدين من جنوب السودان. وفي هذا المركز، تشهد فرقنا حالات مميتة من الكوليرا وسوء التغذية. ففي الفترة الممتدة من 3 إلى 9 آب، توفي ستة مرضى بالكوليرا كانوا يعانون أيضاً من سوء التغذية الحاد. يقول تونا تركمان، رئيس بعثة أطباء بلا حدود في السودان: 'الوضع أكثر من طارئ. فقد انتشر الوباء الآن إلى ما هو أبعد من مخيمات النازحين، ووصل إلى مناطق متعددة في ولايات دارفور بل وتجاوزها'. ويضيف تركمان: 'يجب أن تتضمن الاستجابة الدولية آلية تنسيق للطوارئ لمواجهة تفشي المرض تكون قادرة على توفير الرعاية الصحية وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي، وبدء حملات التطعيم بلقاح الكوليرا في المناطق المتضررة بوتيرة تتناسب مع الحاجة الملحة التي يستدعيها هذا الوضع الكارثي. فكل يوم من التأخير يكلف حياة الناس، علماً أن منظمة أطباء بلا حدود مستعدة للتعاون مع وزارة الصحة واليونيسف ومنظمة الصحة العالمية لبدء حملات تطعيم جماعية في كافة أنحاء دارفور. إذ لا يجب ترك الناجين من الحرب يموتون بسبب مرض يمكن الوقاية منه".


النهار
منذ 11 ساعات
- النهار
حرب السودان تفاقم تفشي الكوليرا: 40 وفاة في أسبوع
فضلاً عن الحرب الشاملة التي يشهدها السودان، يعاني سكان البلاد اليوم من أسوأ انتشار لتفشي الكوليرا منذ سنوات. فمنذ إعلان وزارة الصحة عن تفشي المرض قبل عام، سُجلت 99,700 حالة إصابة مشتبه بها وأكثر من 2,470 حالة وفاة مرتبطة بالمرض حتى تاريخ 11 أغسطس/آب. وفي منطقة دارفور وحدها، عالجت فرق منظمة أطباء بلا حدود أكثر من 2,300 مريض وسجلت 40 حالة وفاة بسبب الكوليرا خلال الأسبوع الماضي في مرافق تديرها وزارة الصحة. وتضرب الكوليرا مختلف أنحاء دارفور، حيث يعاني السكان أساساً من نقص المياه، ما يجعل من المستحيل اتباع تدابير النظافة الأساسية مثل غسل الأطباق والأغذية. وقد بلغت حدة الأوضاع ذروتها في طويلة، في ولاية شمال دارفور، حيث فرّ 380,000 شخص هرباً من القتال الدائر حول مدينة الفاشر وفقاً للأمم المتحدة. وبحلول نهاية يوليو/تموز، أي بعد شهر من بدء عمليات الاستجابة، عالجت فرق أطباء بلا حدود أكثر من 2,300 مريض بالكوليرا بالتعاون مع وزارة الصحة في طويلة. ويضطر مركز علاج الكوليرا في مستشفى طويلة، المجهز رسمياً بما مجموعه 130 سريراً، إلى العمل بطاقة استيعابية بنسبة 180 في المئة بعد إضافة 66 مرتبة إضافية على الأرض للتعامل مع التدفق الكبير للمرضى. أما في طويلة، فيعيش السكان على متوسط ثلاثة لترات من المياه في اليوم، وهو أقل من نصف الحد الأدنى في حالات الطوارئ البالغ 7.5 لترات للشخص في اليوم لأغراض الشرب والطهي والنظافة، وفقاً لما تنص عليه منظمة الصحة العالمية. وفي ظل تصاعد أعداد حالات الإصابة بالكوليرا ونفاد الموارد، تبرز الحاجة الماسة إلى توفير المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي لمنع وقوع المزيد من الوفيات. يقول سيلفان بينيكو، منسق مشروع أطباء بلا حدود في طويلة: "غالباً ما لا يكون أمام العائلات المقيمة في مخيمات النازحين واللاجئين خيار سوى شرب المياه من مصادر ملوثة، ما يؤدي إلى إصابة الكثيرين بالكوليرا. وقبل أسبوعين فقط، عُثر على جثة في بئر داخل أحد المخيمات. وقد تمّ إخراجها، لكن بعد يومين اضطر الناس إلى شرب المياه من البئر نفسه مجدداً'. وعلى بعد نحو 100 كيلومتر من طويلة، تم الإبلاغ عن تفشي الكوليرا في قولو، في ولاية وسط دارفور، بتاريخ 13 يوليو/تموز. وقد افتتحت أطباء بلا حدود مركزاً لعلاج الكوليرا بسعة 73 سريراً ضمن مستشفى قولو. لكن سرعان ما أصبح المركز غير قادر على استيعاب العدد المتزايد من المرضى، حيث وصل في يوم 3 أغسطس/آب وحده 137 مريضاً. كما تم إنشاء خمسة مراكز للإرواء الفموي في محيط قولو من أجل معالجة الحالات الخفيفة ومنع تدهورها، لكن فرقنا ترى أن تفشي المرض لا يزال ينتشر بسرعة. كذلك فقد وصلت الكوليرا في أوائل أغسطس/آب إلى زالنجي وروكيرو في ولاية وسط دارفور، وسورتوني في ولاية شمال دارفور. هذا وتتفاقم الأزمة جراء هطول الأمطار الغزيرة التي تلوث المياه وتدمر شبكات الصرف الصحي. كما تستمر أعداد الحالات في الارتفاع في ولاية جنوب دارفور، حيث قامت منظمة أطباء بلا حدود، بالتنسيق مع وزارة الصحة، بتوسيع مركز علاج الكوليرا في نيالا ليضم 80 سريراً. وهناك، تنتظر فرق الاستجابة وصول اللقاحات كما تواجه نقصاً حاداً في أقراص تنقية المياه. وتقول سامية دهب، وهي من سكان مخيم عطاش للنازحين في نيالا: 'المراكز الصحية مكتظة. بعض المناطق لديها مياه، وبعضها تكون فيها الأكشاك بعيدة أو لا تتوفر فيها المياه. بعض المياه مالحة، كما أننا نشربها دون غليها، ولسنا متأكدين من سلامتها'. وفي ظل نزوح السكان هرباً من القتال، تنتشر الكوليرا بشكل أكبر في السودان وإلى تشاد وجنوب السودان المجاورتين. وقد قامت منظمة أطباء بلا حدود ووزارة الصحة في الدمازين، في ولاية النيل الأزرق في السودان، بزيادة عدد أسرة مركز علاج الكوليرا في مستشفى الدمازين من 50 إلى 250 سريراً في يوليو/تموز للتعامل مع تدفق العائدين من جنوب السودان. وفي هذا المركز، تشهد فرقنا حالات مميتة من الكوليرا وسوء التغذية. ففي الفترة الممتدة من 3 إلى 9 أغسطس/آب، توفي ستة مرضى بالكوليرا كانوا يعانون أيضاً من سوء التغذية الحاد. يقول تونا تركمان، رئيس بعثة أطباء بلا حدود في السودان: 'الوضع أكثر من طارئ. فقد انتشر الوباء الآن إلى ما هو أبعد من مخيمات النازحين، ووصل إلى مناطق متعددة في ولايات دارفور بل وتجاوزها'. ويضيف تركمان: 'يجب أن تتضمن الاستجابة الدولية آلية تنسيق للطوارئ لمواجهة تفشي المرض تكون قادرة على توفير الرعاية الصحية وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي، وبدء حملات التطعيم بلقاح الكوليرا في المناطق المتضررة بوتيرة تتناسب مع الحاجة الملحة التي يستدعيها هذا الوضع الكارثي. فكل يوم من التأخير يكلف حياة الناس، علماً أن منظمة أطباء بلا حدود مستعدة للتعاون مع وزارة الصحة واليونيسف ومنظمة الصحة العالمية لبدء حملات تطعيم جماعية في كافة أنحاء دارفور. إذ لا يجب ترك الناجين من الحرب يموتون بسبب مرض يمكن الوقاية منه".


صدى البلد
منذ 18 ساعات
- صدى البلد
السودان .. مصرع 40 شخصاً على الأقل بوباء الكوليرا في دارفور
أعلنت منظمة أطباء بلا حدود مصرع 40 شخصاً على الأقل بوباء الكوليرا خلال أسبوع في ولاية دارفور السودانية. وفي وقت لاحق كشفت منظمة الصحة العالمية، عن الإبلاغ عمّا يقرب من 100 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في جميع أنحاء السودان منذ يوليو 2023، مع استمرار البلاد في مواجهة أزمة إنسانية مدمرة ناجمة عن الصراع المسلح المستمر، وفقًا لـ وسائل إعلام محلية. وقال تيدروس أدهانوم غيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في مؤتمر صحفي في جنيف: انتشر وباء الكوليرا في جميع ولايات السودان، ورغم أن الاتجاهات الأخيرة تشير إلى انخفاض في أعداد المصابين، إلا أن هناك فجوات كبيرة في رصد الأمراض، ويظل الوضع محفوفًا بالمخاطر. وأغرقت الحرب بين الجيش السوداني، بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو، البلاد في حالة من الفوضى منذ أبريل من العام الماضي، وقُتل عشرات الآلاف، بينما يعاني ملايين آخرون من النزوح والجوع والمرض.