
الوباء المدخليّ.. بين وفاة 'ربيع' وكلمة 'أبي عبيدة'!
كان يغنينا الاكتفاء بهذه الفضيحة المدوية التي توّجت سلسلة فضائح مشابهة في مواقف شيوخ هذه الطائفة من كلّ عدوان تتعرّض له الأمّة بيَد أمريكا وجُنودها وعملائها، لكنّ القوم عند وفاة شيخهم الأكبر ربيع المدخلي، عادوا ليرفعوا رؤوسهم ويشحذوا ألسنتهم، ويمتحنوا الأمّة بأصول منهجهم وبالولاء التامّ لشيوخهم، ويقدّموا أنفسهم على أنّهم الممثّل الحصريّ للإسلام وأنّ شيوخهم هم شيوخ الإسلام وأئمّة الدّين والفيصل في معرفة الحقّ من الباطل!
ثمّ زادوا الطّين بلّة، حينما تداعوا للردّ –بزعمهم- على الكلمة الأخيرة لأبي عبيدة الناطق باسم كتائب عز الدّين القسّام، التي حمّل فيها الأمّة عامّة وقادتها وعلماءها خاصّة مسؤولية ما يجري على شعب غزّة من تجويع وتشريد وإبادة، وتمادوا في ذمّ أبي عبيدة ومن خلفه كتائب العزّ وفي تبرير خذلان علمائهم للمسلمين في غزّة، وقلّبوا الأمور! ولم يكفهم تفضيل القاعدين على المجاهدين خلافا لقول الله –تعالى-: ((لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا))، حتّى راحوا يدافعون عن الشياطين النّاطقة من شيوخهم الذين شرعنوا القعود والتطبيع وسكتوا عن المنكر، وطعنوا في المجاهدين الثّابتين ورموهم بالجهل والتهوّر والتسبب في قتل الأبرياء!
معركة خاسرة لصالح شيخ الفتنة والخذلان!
قد كان كافيا أن يترحّم المداخلة على شيخهم 'ربيع' ويسألوا له العفو والمغفرة، لكنّهم -بحجّة الردّ على من فرحوا بوفاة شيخهم- تمادوا في غلوّهم حتّى رفعوا كبيرهم الذي علّمهم الطّعن في المصلحين والمجاهدين إلى مصافّ أئمّة المسلمين، وزعموا أنّ الأمّة قد ثكلت بفقده! وراحوا يمتحنون النّاس ويصنّفونهم بحسب موقفهم من 'ربيع'، وكأنّ الأمر يتعلّق بوفاة عالم من العلماء الربانيين الذين وصفهم ربّهم بقوله: ((الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّه))! بل قد بلغ الغلوّ بواحد من مداخلة الجزائر أنّه دبج قصيدة في الدّفاع عن شيخه، تنضح بالغلوّ، كان ممّا قاله فيها: 'أمّا 'الربيع' فكلّ حيّ دونه * صلّى الإله على الرّبيع وسلّما'!
وهو في صدر بيته هذا يزعم أنّ شيخه 'ربيع المدخليّ' أفضل الأحياء المعاصرين، وهو ما لا يوافقه عليه حتّى ندماؤه في الطّائفة، حيث يعتقدون أنّ المدخليّ هو –في أحسن أحواله- دون 'صالح الفوزان' و'عبد المحسن العبّاد'.. وفي عجز بيته يصلّي ويسلّم على شيخه، لكأنّه نبيّ من الأنبياء! وحين أنكر عليه بعض أصدقائه صنيعه، راح ينقل الفتاوى التي تجوّز الصّلاة والسّلام على غير الأنبياء من المؤمنين! مع أنّها فتاوى تشترط أن يقصد بذلك الدعاء لا الإخبار، ولا يتخذ ذلك شعارا! والعجيب أنّ القوم يرفضون أن يلحق اسم علي بن أبي طالب –رضـي الله عنه- بـ'عليه السّلام' بحجّة أنْ لا دليل على التخصيص، وأنّ ذلك –حسبهم- شعار لأهل البدع!
هذا الغلوّ الذي بلغه المداخلة في شيخهم، ليس وليد اليوم، فهو قد كان في حياة شيخهم، حتى بلغ الأمر ببعضهم أنّه نسب 'ربيع المدخليّ' إلى العصمة في المنهج، استنادا إلى تصريح قال فيه 'ربيع': 'أنا لستُ معصوما، لكنّي لا أعلم لي خطأ في المنهج'!.. حتى لم يعد بينهم من يجرؤ على تخطئة ربيع في قضية منهجية أو مراجعته في حكم أطلقه على ضحاياه المجروحين والمغضوب عليهم والمطرودين من رأفة ربيع! وقد تجدهم يتقاتلون فيما بينهم وتصل معاركهم إلى كسر العظم، لكنّهم جميعا يتمسّحون بربيع المدخليّ، وكلّهم يدّعي أنّه الأولى به والأقرب إليه من غيره!
ومن نماذج غلوّهم ما قاله محمّد بن هادي المدخلي في ربيع المدخلي، قبل أن يجرّحه الأخير ويشرّد به!، قال: 'الذي يأتي إلى مكّة، ولا يحرص على زيارة الشيخ، وليس عنده شيء يمنعه، فهو مغموص'! والعجيب أنّ مثل هذا الكلام لا يقوله المداخلة عن زيارة سيّد الورى –صلّى الله عليه وآله وسلّم-، حيث يرون السّلام عليه مستحبا، لا يعاتب تاركه ولا يتّهم بالجفاء!
أمّا محمّد عمر بازمول، أحد رؤوس المداخلة وغلاة الطّاعة في السعودية، فقد كان يصف ربيع المدخلي بالمجاهد وإمام أهل السنّة في زمانه! مع أنّ ربيعا نفسه كان يُظهر عدم الرضا عن تلقيبه بـ'إمام أهل السنّة'! وذهب 'البازمول' بعيدا ليقول عن 'ربيع' إنّه 'صار آية من آيات الله في العلم والحكمة والسنّة'!
وأمّا سالم الطّويل، المدخليّ الكويتيّ، المشهور بتطاوله على كتائب العزّ في غزّة، فقد كتب في العام 1431هـ مقالا عنوانه: 'كاد الشيخ ربيع أن يكون بدريا'!، وأعاد طرحه في كلمة مرئية أياما بُعيد وفاة ربيع!
وأمّا المدخليّ المصريّ محمد عبد الوهاب البنا، فقد قال عن 'ربيع': 'نحن نستدل على سلفية الإنسان واستقامته في هذا الزمان بحب ربيع'!
إنّ المرء ليعجب –حقيقة- من جرأة هؤلاء المداخلة الذين جعلوا من أصول منهجهم: إعلان النّكير على الغلوّ في الأولياء والشّيوخ! يعجب من جرأتهم على رفع شيخهم إلى مصاف العلماء الربانيين، في مقابل جرأتهم على إسقاط كلّ من سخط عليه شيخهم أو خالف منهجه، ولو انتسب إلى السلفية وترضى عن أكابر علمائها! فما الذي وجدوه في ها الشّيخ حتّى يرفعوه إلى الجوزاء ويجعلوه فيصلا بين الحقّ والباطل؟!
هل وقف 'ربيع' في الأمّة مواقف العلماء الربانيين في وجه أمراء الجور، فامتحن بذلك وأوذي وسجن، فأذهل الأمّة بثباته؟ هل امتحن في قضية من قضايا الدّين الأساسية، فثبت على كلمة الحقّ فيها واستعذب الأذى في سبيلها؟ هل ترك مؤلّفات يذود بها عن حياض الدّين وقضاياه الكبرى التي رام الاستعمار العالمي وعملاؤه تبديلها وتحريفها؟ هل ثبت ثبات الجبال الراسيات في الانتصار لقضية فلسطين في وجه المطبّعين والبائعين؟! هل أخرج فتوى واحدة في المدلهمّات التي مرّت بالأمّة في نصف القرن الأخير، خالف بها أهواء ولاة الأمر الذين عُرفوا بالمسارعة في إرضاء اليهود والنصارى؟! هل ترك كتبا يواجه بها فتنة الإلحاد المعاصرة؟ هل ألّف في مواجهة العلمانية المعاصرة وفضح مآربها وكشف خططها ومخطّطاتها؟! هل ألّف في مواجهة سيل الشبهات الذي فتحت له الأبواب على مصاريعها في هذا الزّمان؟!
معارك الشّيخ جُلّها هي داخل الصفّ الإسلاميّ، في مواجهة مسلمين هم في أسوأ الأحوال قد أرادوا الحقّ فأخطؤوه! وقد كان منهجه سببا في فتنة هوجاء بين المسلمين لم يسلم منها بلد ولم تنجُ منها بلدة، بل إنّ فتنته قد طالت الطّائفة التي يتباهى بالانتساب إليها ويزعم تمثيلها 'السلفية' التي تشرذمت بسببه تشرذما لم تعرفه 'السلفية الإصلاحية' طوال تاريخها! ولو اقتصر الخلاف والصّدام على التراشق اللفظي بين المنتمين إلى هذه الطّائفة، ما هان الأمر في مثل هذا الزّمان العصيب، كيف وقد بلغ إلى حدّ الطعان واللّعان بين أبناء الطّائفة الواحدة!
لو اقتصرت معارك ربيع وحزبه الآثم على الدّعاة والعلماء والمصلحين الذين يفسدون راحة 'ولاة الأمر' ما هان الأمر، كيف وقد وصلت معاركه إلى أعراض المجاهدين الذين يفسدون راحة الصهاينة والصليبيين، بالنيابة عن الأمّة؟! فلم يسلم منه الأفغان الذين حاربوا الأمريكان، حين أجلب عليهم بتجريحاته ووصفهم بالقبوريين والإخوان المسلمين، وسفّه جهادهم، وهو الذي كان قبل ذلك يباركه حينما كان ضدّ الرّوس، ولم يسلم منه العراقيون الذين وصف جيشهم بـ'الملحدين' وشرعن للاستعانة بالصليبيين عليهم!
والأنكى من هذا، أنّ سهامه المسمومة طالت المرابطين في الأرض المقدّسة، ومباضعه قد بلغت خواصر المجاهدين الذين يقارعون الصهاينة نيابة عن الأمّة، حيث وصف جهادهم بأنّه 'فارغ' وفاشل، وأنّه في صالح اليهود والنصارى! وأنّهم تسبّبوا في ذبح أبناء المسلمين! وفي المقابل أثنى على اليهود وقال إنّ 'عندهم شيئا من الأخلاق'، وإنّهم 'فتحوا للفلسطينيين الجامعات، وأعطوهم الصحف، وتركوا لهم الحرية في تدينهم، وفي مساجدهم وجامعاتهم'!
فهل هذا هو الجهاد الذي يقصده المداخلة، حين يصفون شيخهم بأنّه مجاهد؟! نعم هو 'مجاهد'، لكن، في أعراض العلماء والدّعاة والمصلحين، وفي خواصر المرابطين والمجاهدين الذين وصفهم رافع راية حزبه في مصر 'محمّد سعيد رسلان' بأنّهم صناعة يهودية، وأنّهم روافض المشرب!
إنّ ما قدّمه شيخ المداخلة وحزبه للصّهاينة والصليبيين، لم يكونوا يحلمون به! لذلك أوصى مركز مكافحة الإرهاب التابع لأكاديمية 'ويست بوينت' العسكرية الأمريكية، في تقرير له صدر في شهر فيفري عام 2006م، بالاستفادة من فكر المدخليّ المناوئ للمقاومة، وأكّد على أن يكون الدعم بشكل غير معلن، عبر تمويل منشورات جماعة المدخليّ وتوسيع حضورها التعليمي والدعوي!
وكيف لا توصي المخابرات الأمريكيّة بدعم المدخليّ وحزبه الباغي، وهو الذي يصرّح بعض أتباعه من دون حياء بما مضمونه أنّ تعلّم التنزّه من البول أهمّ من الاهتمام بقضية فلسطين!
فلم يعد مستغربا بعد هذا أن نسمع الناطق العربي باسم الجيش الصهيوني 'أفيخاي أدرعي' يتكلّم في كلّ مرّة بلسان مدخليّ مبين، وهو يستدعي أدبيات المداخلة ليحاجج بها 'حماس' ورجال المقاومة الذين يصفهم بالخوارج ويتّهمهم بالتسبّب في سفك الدّم الفلسطينيّ!
الرمضانيّ يناطح أبا عبيدة!
بُعيد الكلمة الأخيرة التي حرّك بها الناطق باسم كتائب القسّام أبو عبيدة قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأسال مدامع ملايين المسلمين الذين لا يجدون حيلة لنصرة إخوة الدّين في غزّة ولا يهتدون سبيلا، خرج المدخليّ الجزائريّ المقيم في السعودية 'عبد المالك رمضاني'، يوم السّبت الماضي (19 جويلية 2025م) بمقطع فيديو مدّته 4 دقائق، نشره على صفحته، يتشبّع فيه بالردّ على أبي عبيدة، متّهما إياه بنصب العداوة للعلماء الذين يسعى لإسقاطهم لأنّهم –حسب رمضاني- العدوّ الأوّل لحماس! فلم يزد رمضاني على أن ردّد التهم التي ما فتئ التيار المدخليّ يوجّهها لكتائب المقاومة في غزّة بعد طوفان الأقصى، مثل أنّهم دخلوا المعركة من غير استشارة العلماء، وتسببوا في قتل الآلاف من الأبرياء، وأضفى عليهم الرمضانيّ وصفا جديدا أنّهم عوام جهّال! وزاد لهم تهمة جديدة أنّهم يحاولون 'مسح السكين' في نخبة الأمة الإسلامية 'العلماء'، ووصف ما يفعلونه بأنّه 'فوضى جهادية'!
ولم ينس الرمضاني –على عادة شلّته- أن يشكّك في الاختراق الكبير والتاريخيّ الذي حقّقته كتائب العزّ ضدّ الكيان المحتلّ في السابع من أكتوبر 2023م، ويشير بطرف خفي أنّه مؤامرة صهيونيّة مخطّط لها! وهو (أي الرمضاني) الذي كان قبل مدّة قصيرة يعترف بأنّ المداخلة الذين يختلفون معه ويجرّحونه مخترقون من طرف المخابرات العالميّة، وضرب لذلك مثلا بقصة رواها له اثنان من طلابه، حيث قال الرمضاني: 'زارني اثنان من الطلبة الرُّوس (!)، كانا قد درسا عندي بعض المتون، روى لي أحدهما أن أحد الروس الذين كانوا قد استقاموا (تمدخلوا)، ناداه رجل من المخابرات الروسية، ليسأله: هل تعرف علي الحلبي ورجلين سماهما له من الروس؟ أجاب الرجل: أما علي الحلبي فلا أعرفه، وأما الروسيان فأعرفهما، وهما على خير. وهنا سأله رجل المخابرات: لكن فلانا (من جماعة التجريح الروسية) قد جرح هؤلاء الثلاثة! قال: لكني لا أعرف عنهما إلا الخير، وهذا القائل مسؤول عن نفسه وعما يقول! وأنا لا أعرف عنه إلا الخير. قال رجل المخابرات الروسية: أليس الجرح المفسر أولى من التعديل العام؟!'.
وفي هذه القصّة يعترف الرمضانيّ –ضمنيا- أنّ 'علم الجرح والتعديل' على مذهب ربيع المدخليّ، أصبح مهوًى لأفئدة المخابرات العالميّة، توظّفه في التنفير ممّن يواجهون مخطّطاتها! ومع ذلك لا يجد الرمضانيّ -الذي يشكو بغي حدادية المداخلة عليه- من حرج في أن يوظّف 'الجرح والتعديل المخابراتي' للنّيل من رجال الجهاد والمقاومة في غزّة الذين أرّقوا ليل الصّهاينة وأوليائهم!
أمّا عن تهمة الرمضانيّ لرجال الأمّة أنّهم يريدون إسقاط العلماء، فهذا وسام شرف يعلّقه الرّجال على صدورهم، أنّهم فضحوا للأمّة من كانوا يتستّرون خلف 'العلم' ليبثّوا الوهن والخور في أركان الأمّة، ويعبّدوها لمن أخلدوا إلى الأرض وباعوا دينهم ودين الأمّة ودنياها بعروشهم! أمّا العلماء الربّانيون الذين يقولون الحقّ ولا يخافون في الله لومة لائم، فإنّ رجال المقاومة يكنّون لهم كلّ الاحترام ويرجعون إليهم في المعضلات، منهم من هو في صفوف المقاومة يجاهد بالعلم والبندقية، ومنهم من هو خارجها يجاهد بلسانه وقلمه.
إن كان الرمضانيّ يقصد بالعلماء الذين يريد أبو عبيدة إسقاطهم، أولئك القابعين في مكاتب الاستفتاء الموجّهة والمستنفَرة، المنشغلين بفتاوى الطّهارة وفقه الطّاعة في زمن التّدافع، فإنّ الله –تعالى- قد أسقطهم في كتابه، قبل أن 'يُحاول' أبو عبيدة إسقاطهم، حين قال –جلّ شأنه-: ((إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) (البقرة: 174).
قريبا تتطهّر الأمّة من الرّجس المدخليّ!
لقد أبى هؤلاء المداخلة، إلا أن يستدعوا مشروع عبد الله بن أُبيّ بن سلول، لنشر الفتن والقلاقل في صفوف الأمّة، وتخذيل المسلمين عن واجب نصرة إخوانهم المجاهدين في فلسطين، بذات الحجج والمبرّرات التي كان يسوقها ابن أُبيّ عندما كان يخذّل عن جهاد اليهود والمشركين! بل ها هم يسيرون على درب أبي رغال في دلالة الأعداء على حرمات المسلمين وعلى رجال المقاومة! أبو رغال دلّ الأعداء على طريق الكعبة المشرّفة، وهؤلاء الأنذال يحاولون كشف ظهور المجاهدين للأعداء بالطّعن فيهم والتخذيل عنهم والتنفير منهم!
ولكن، ولله الحمد، ورغم كلّ ما يقع على المسلمين من بأساء وضرّاء، وما تعانيه الطائفة المنصورة من خذلان وتآمر، إلا أنّ الأبطال لا يزالون يصنعون المعجزات ويثخنون في الصهاينة ويربكون مَن خلفهم من المطبّعين والمتآمرين، وحتى أشباه العلماء والدعاة الذين ينتظرون على أحرّ من الجمر سقوط راية المجاهدين، ليقولوا: ألم نقل لكم إنّه لا طاقة لنا بقتال اليهود؟!
ولعلّ من أجلى بركات جهاد المجاهدين أنّه كشف للأمّة حقيقة الأنظمة المتواطئة مع الصهاينة، وعرّى أشباه العلماء الذين أخلدوا إلى الأرض وباعوا دينهم بدنيا أوليائهم المطبّعين والمسارعين في إرضاء الصّهاينة والأمريكان، كما أسقط كلّ وراق التوت التي كانت تتستّر بها الطائفة المدخلية، وفضح مآربها الخبيثة، وبقي الآن دور 'الزّمن' ليسقط هذه الطّائفة فتصير أثرا بعد عين.
الأمّة تمرّ بمخاض عسير، ولكنّها عمّا قريب -بإذن الله- سيُمكّن لها بعد أن تتطهّر من رجس المرجفين والخائنين، ومنهم المداخلة!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجمهورية
منذ 20 ساعات
- الجمهورية
رئيس مجلس الأمة يعزي عائلات ضحايا حادث المرور المأساوي
تقدم رئيس مجلس الأمة, السيد عزوز ناصري, اليوم الخميس, بخالص التعازي لعائلات ضحايا الحادث الأليم الذي وقع, أمس الأربعاء, بولاية البيض, والذي أودى بحياة ستة أشخاص, مع إصابة 45 آخرين بجروح. وكتب السيد ناصري عبر صفحته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي, "تناهى إلى علمي, الحادث المؤلم الذي رزئ به أهلنا في ولاية البيض ورزئت به الجزائر, وأسفر عن وفاة ستة أشخاص", ليضيف "وعلى إثر ذلك, أتوجه إلى ذوي الضحايا بخالص التعازي وصادق الدعاء, راجيا من الله العلي القدير أن يرحم المتوفين بواسع رحمته, كما أسأله تبارك وتعالى أن يشفي المصابين".


الشروق
منذ يوم واحد
- الشروق
'أهل غزة في كربٍ شديد'.. ماذا تفعل كمسلم حتى لا يكونوا خصومك أمام الله؟
تطالعنا وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي، يوميا بصور ومقاطع من غزة، تقشعر لرؤيتها الأبدان ويشيب من هولها الولدان، ومع ذلك اعتاد أكثرنا على المشهد وركنوا إلى الصمت المطبق دون التحرك لنصرتهم ولو بأضعف الإيمان. منذ أكتوبر 2023، تتساقط على غزة أطنان من القنابل، وتُزهق مئات الأرواح غدرا، كما تُهدم البيوت على رؤوس ساكنيها قصفا، دون أن ننسى من يحرقون ويدفنون أحياء على مرأى ومسمع العالم.. ومن يبكون جوعا ويصارعون من أجل البقاء، راكضين خلف أمل يرونه يتلاشى تدريجيا! وفي ظلّ استمرار المجازر، والحصار القاتل، وسياسة التجويع التي فاقت حدود الاحتمال، يبرز السؤال بمرارة: ماذا نفعل نحن الذين لا حول ولا قوة لنا؟ نحن الذين لا نملك سلاحًا، ولا قرارًا، ولا منصبًا؟ هل يُعفينا ضعفنا من المسؤولية أم سنُسأل عن تقصيرنا، وبقائنا على الهامش؟ لم تكن العبارة التي قالها 'أبو عبيدة'، المتحدث باسم كتائب القسام، 'نحن خصومكم أمام الله يوم القيامة'، مجرد كلمات عابرة، بل كانت صفعة هزّت القلوب الجافية، وأيقظت المشاعر المتبلدة، كونه حمّل من خلالها كل متقاعس مسؤولية لا يمكن التهرب منها. لقد كان وقع كلمته قاسٍ ومزلزل، خاصة وأنها نقلت المعركة إلى بُعد إيماني وأخروي، فأدرك غافلونا أنها ليست مجرد حرب دنيوية، بل هناك محكمة إلهية في الانتظار ليُسأل فيها كل مقصّر: ماذا فعلت؟ يقول الدكتور عبد الله العمادي، وهو كاتب صحفي ومستشار سابق لوزارة التعليم العالي القطرية أن الأفراد بإمكانهم فعل الكثير من أجل غزة في ظل العجز العربي والإسلامي الرسمي المعيب، لافتا إلى أنه يتعين على كل واحد أن يختار لنفسه ما استطاع إليه سبيلًا، حتى لا يكون أهل غزة خصومه أمام الله يوم القيامة. ومن بين مقترحات الدكتور 'القنوت يومياً في صلاة الفجر، الدعاء، التبرع بالمال، كفالة يتيم، الدفاع عن غزة والمقاومة، نشر أخبار هزائم العدو وبالصور، فضح صهاينة العرب، المشاركة في حملات المقاطعة، رفض كل أشكال التطبيع… وغيرها'. في ظل ما يجري لغزة وأهلنا فيها، والعجز العربي الإسلامي الرسمي المعيب، يتساءل ربما كثيرون : وماذا بأيدينا نحن كأفراد أن نعمل لغزة؟ سأقول: بيدك أنت كفرد، الكثير من العمل الممكن، فاختر لنفسك ما استطعت إليه سبيلا، حتى لا يكون أهل غزة خصومك أمام الله يوم القيامة.. هذه قائمة ببعض… — د.عـبدالله العـمـادي (@Abdulla_Alamadi) July 21, 2025 من جانبها قالت الدكتورة هالة سمير، وهي إعلامية واستشارية أسرية مصرية، في رسالة مؤثرة بعد خطاب الملثم إن 'أصعب كلمة قالها في خطابه 'نحن خصومكم أمام الله يوم القيامة!' شربة ماء، لقمة عيش ، دواء… يا للخزي! يا للعار!'. كما نشرت عبر حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو بعنوان 'ملكش حجة يوم القيامة.. 7 خطوات لنصرة غزة وفلسطين'، أكدت من خلاله على ضرورة النصرة لأهل غزة ولو بالدعاء وعدم التخلي عنهم وخذلانهم. ماذا تفعل كمسلم؟ هناك خطوات عملية يوصي بها العديد من المدافعين عن القضية الفلسطينية، ممن يشددون على ضرورة الالتزام بها أو ببعضها، كل حسب استطاعته أبرزها: 1- الدعاء لا بد من عدم الاستهانة به فهو من أعظم وسائل النصرة وأصدقها، خاصة في أوقات الشدة والبلاء، كونه صلة روحية مباشرة بين العبد وربه، ويحمل في طياته رجاء الفرج، واستنصار القوة، وطلب العون والثبات للمظلومين. حين ضاقت الطرق وحوصرت المعابر، بقي البحر واسعًا كرحمة الله..رجل مصري بسيط حمل حفناتٍ من الدقيق ووضعها في زجاجات، وألقاها في الأمواج علّها تصل إلى غزة وأهلها المحاصرين. ربما لا تصل الزجاجات، لكن الدعاء يصل، والنية تصل، والأمل لا يغرق أبدًا. اللهم ارزق أهل غزة وأعنهم وكن لهم معينًا — 🗨Ali mr (@alidawie) July 23, 2025 2ـ التبرع بالمال التبرع بالمال لأهل غزة، من أعظم أشكال الجهاد، فكل درهم ينفقه المرء في سبيل الله يعتبر سهما مباشرا في معركة تحرير الأرض والدين، ولعل من تلبيس إبليس أن يشغلك بالتساؤل عن كيفية وصول التبرعات، وهنا عليك أن تعلم أنّ الله لا يسألك يوم القيامة: 'هل وصلت تبرعاتك؟' بل سيسألك: 'هل بذلت؟ هل أعطيت؟ هل نصرت؟'. 3ـ المقاطعة الاقتصادية 'قاطع كل منتج يدعم الصهاينة فمالك إمّا شهادة لك أو ضدك' وكل ما تنفقه على منتجات داعمة للاحتلال بمثابة رصاص غير مباشر يوجه نحو صدور إخوانك، ولتعلم أن المقاطعة الاقتصادية ليست فعلاً عاطفياً مؤقتاً، بل سلاحا سلميا يمكن أن يستخدمه كل فرد كأداة ضغط فعالة ومؤثرة في زمنٍ تُستباح فيه دماء الأبرياء. #طَيَّبَ_اللهُ_البقاء_عَمَّرَ_اللهُ_الْأَثَر #قاطعوا #مقاطعه_المنتجات_الامريكية #مقاطعة_المنتجات_الداعمة_للاحتلال — وَرْدٌّ🌸 (@VelvetRain10) July 22, 2025 4ـ نشر الوعي وعدم الصمت وهذا لا يعتبر خيارًا هامشيًا، بل واجبا شرعيا وأخلاقيا، في زمن صارت المجازر تُرتكب علنًا، والحقائق تُشوّه بقوة الإعلام المنحاز، وعليه ينبغي على الإعلاميين بشكل خاص وكل النشطاء عبر منصات التواصل الاجتماعي العمل بجدية من أجل تعرية الجريمة وكشف زيف الرواية الصهيونية بتبني مصطلحات المقاومة. عليك كفرد أن لا تحتقر كلمة، ولا تستهين بصورة، ولا تؤجل موقفًا، فرب منشور صادق يُحيي قلبًا ميتًا، أو يُوقظ ضميرًا غافلًا، أو يُحوّل الرأي العام لصالح القضية. ∙ فرانشيسكا ألبانيز ترد بقوة على صحفي يطرح ادّعاءات جيش الاحتلال الإسرائيلي بوجود 'مناطق آمنة' في غزة على أنها حقائق تنفي مزاعم الإبـ.ـادة الجمـ.ـاعية. — مفتاح (@keymiftah79) July 22, 2025 وفجر كل يوم يرتقي عشرات الشهداء، في غزة، مع تصعيد الاحتلال عدوانه 'النازي' كما تصفه المقاومة، بمواصلة القصف في الوقت الذي يمارس على سكان القطاع سياسة تجويع ممنهجة. وينذر التصعيد المستمر بكارثة إنسانية وشيكة في ظل غياب أي تحرك دولي فعّال، حيث حذّر مدير الإغاثة الطبية في غزة من موت جماعي للسكان بسبب التجويع، قائلا إن 'القطاع دخل مرحلة الخطر من المجاعة ونتوقع موتا جماعيا من النساء والأطفال'.


إيطاليا تلغراف
منذ يوم واحد
- إيطاليا تلغراف
شيخ الأزهر بين ضغوط الدولة ونداء الضمير: صرخة محذوفة من أجل مأساة غزة
إيطاليا تلغراف عبد الله مشنون كاتب صحفي مقيم بايطاليا في خضم واحدة من أشدّ الأزمات الإنسانية التي عرفها القرن الحادي والعشرين، خرج الأزهر الشريف ببيان غير مسبوق، يعكس موقفًا أخلاقيًا وإنسانيًا صارخًا تجاه ما يجري من تجويع وقتل جماعي ممنهج في قطاع غزة، ثم سُرعان ما سُحب البيان، في مشهد يلخص بدقة مفارقة الواقع العربي: حيث تُكتم الكلمة حين تصدح بالحق، ويُخنق الضمير حين ينهض مدافعًا عن المظلومين. المعلومة التي تسربت من أكثر من مصدر تؤكد أن جهات عليا في الدولة المصرية طلبت من شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب سحب البيان بزعم أنه 'يُربك المسار الدبلوماسي' المصري في التعاطي مع القضية الفلسطينية. ورغم أن البيان نُشر فعليًا على منصات إعلامية رسمية وشبه رسمية، إلا أنه اختفى فجأة، مع وعد بإعادة نشره بعد 'تعديلات'، وهو ما لم يتم حتى الآن. هذه الحادثة ليست هامشية، بل تختصر معضلة أعمق تعيشها المؤسسات الدينية في العالم العربي: هل ما زال يُسمح لها بلعب دورها الأخلاقي المستقل؟ أم أنها باتت ذراعًا ناعمة تُستخدم ضمن حدود ما تسمح به الحسابات السياسية الضيقة؟ الأزهر الشريف بين الأمانة الشرعية والضغط السياسي للدولة. البيان المحذوف، رغم عدم اكتمال تداوله، حمل لغة واضحة لا تحتمل التأويل. فقد وصف الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في غزة بأنها 'إبادة جماعية مكتملة الأركان'، وأكد أن التجويع والقصف واستهداف المستشفيات والنازحين ليست سوى مظاهر منسقة لسياسة متعمدة لإبادة المدنيين. لم يكن البيان سياسيًا، بل شرعيًا وأخلاقيًا. وقد أعلن الأزهر فيه براءته أمام الله من 'الصمت العالمي المريب'، ومن 'كل من يقبل بتهجير أهل غزة أو يبرر حصارهم أو يمد المعتدي بالسلاح أو الدعم السياسي.' إنها كلمات ليست خفيفة في ميزان السياسة، لكنها جوهر رسالة المؤسسة التي يفترض بها أن تتحدث حين يصمت الآخرون. فما الداعي إذًا إلى سحب مثل هذا البيان؟ وهل أصبحت حرية الضمير مشروطة بمواقف الدولة؟ حين يُطلب من مؤسسة بحجم الأزهر أن 'تُعدل' موقفًا شرعيًا يُدين الإبادة الجماعية، فقط لأنّه قد 'يُحرج' الدولة في علاقاتها مع بعض الأطراف الدولية، فإنّنا نكون قد انتقلنا من مربع الدبلوماسية إلى مربع الخضوع التام. الأزهر الشريف ليس مؤسسة تابعة لوزارة الإعلام أو الخارجية. بل هو مرجعية روحية وعلمية، لها وزن عالمي في تمثيل ضمير الأمة. وإن كانت الحسابات السياسية تستدعي الصمت، فلا ينبغي أن يُفرَض هذا الصمت على من يحملون مسؤولية الكلمة أمام الله والتاريخ. إنّ مأساة غزة لم تعد محل جدال: آلاف القتلى، أغلبيتهم من النساء والأطفال، وملايين مهددون بالمجاعة، وسط انهيار كامل للبنى التحتية الإنسانية والطبية. الصمت هنا لم يعد موقفًا 'متوازنًا'، بل تواطؤًا ضمنيًا، مهما جرى تلميعه بشعارات الدبلوماسية. من هنا جاءت صرخة الأزهر تعبيرًا عن هذا الانفجار الأخلاقي: 'نُعلن براءتنا من كل صمت، ومن كل دعم لهذا الكيان الغاشم، ونُحمّل من يسكت أو يساند مسؤولية الدماء.' هذه ليست كلمات عاطفية، بل توصيف قانوني وإنساني دقيق، ينبغي أن يُرفع في وجه كل من يحاول تبرير الجرائم باسم التفاوض. الرسالة هنا موجهة ليس فقط إلى الجهات التي مارست الضغوط، بل إلى كل مؤسسة دينية وفكرية وثقافية في العالم العربي: حين يُطلب منكم الصمت أمام الجريمة، لا تُطيعوا. فالمؤسسات لا تُقاس فقط بحجم بناياتها، بل بقدرتها على أن تكون صوتًا للحق حين يُطلب منها السكوت. إن سحب بيان الأزهر ليس مجرد حادث عابر، بل مؤشر خطير على تمدد منطق 'تحجيم الضمير' لصالح توازنات ظرفية. والأخطر أن يُطلب من المؤسسة الدينية الكبرى أن تُلائم خطابها بما يتماشى مع 'رضا النظام' لا مع روح الشريعة. من كلمات شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب 'إن الأزهر الشريف ليبرأ أمام الله من هذا الصمت العالمي المريب، ومن تقاعسٍ دوليٍّ مخزٍ لنُصرة هذا الشعب الأعزل، ويحمِّل كل داعم لهذا العدوان مسؤولية الدماء التي تُسفك، والأرواح التي تُزهق، والبطون التي تتضوَّر جوعًا في غزة الجريحة.' إيطاليا تلغراف