logo
الوباء المدخليّ.. بين وفاة 'ربيع' وكلمة 'أبي عبيدة'!

الوباء المدخليّ.. بين وفاة 'ربيع' وكلمة 'أبي عبيدة'!

الشروق٢١-٠٧-٢٠٢٥
قد كان يُغنينا عن إعادة الكلام في الطائفة المدخلية أنّ طوفان الأقصى قد عرّاها وأسقط آخر الأوراق التي كانت تتستّر بها ودحض الحجج التي تسوّغ بها تماديها في محاولة إشغال الأمّة بقضايا وصراعات هامشية عن قضاياها الكبرى ومعاركها الفاصلة، حين انكشف للأمّة جميعا كيف أنّ شيوخ هذه الطّائفة تخندقوا في صفّ الصهاينة، ووجّهوا حرابهم إلى أولياء الله المجاهدين في غزّة وجنده المرابطين في الأرض المباركة، وأعادوا سيرة 'عبد الله بن أُبيّ بن سلول' الذي خذل المسلمين في غزوة أحد وانسحب بثلث الجيش، متحجّجا بأنّ محمّدا لم يستشرهم في القتال وأنّ مواجهة الجيش المكيّ سيعرّض أهل المدينة للقتل!
كان يغنينا الاكتفاء بهذه الفضيحة المدوية التي توّجت سلسلة فضائح مشابهة في مواقف شيوخ هذه الطائفة من كلّ عدوان تتعرّض له الأمّة بيَد أمريكا وجُنودها وعملائها، لكنّ القوم عند وفاة شيخهم الأكبر ربيع المدخلي، عادوا ليرفعوا رؤوسهم ويشحذوا ألسنتهم، ويمتحنوا الأمّة بأصول منهجهم وبالولاء التامّ لشيوخهم، ويقدّموا أنفسهم على أنّهم الممثّل الحصريّ للإسلام وأنّ شيوخهم هم شيوخ الإسلام وأئمّة الدّين والفيصل في معرفة الحقّ من الباطل!
ثمّ زادوا الطّين بلّة، حينما تداعوا للردّ –بزعمهم- على الكلمة الأخيرة لأبي عبيدة الناطق باسم كتائب عز الدّين القسّام، التي حمّل فيها الأمّة عامّة وقادتها وعلماءها خاصّة مسؤولية ما يجري على شعب غزّة من تجويع وتشريد وإبادة، وتمادوا في ذمّ أبي عبيدة ومن خلفه كتائب العزّ وفي تبرير خذلان علمائهم للمسلمين في غزّة، وقلّبوا الأمور! ولم يكفهم تفضيل القاعدين على المجاهدين خلافا لقول الله –تعالى-: ((لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا))، حتّى راحوا يدافعون عن الشياطين النّاطقة من شيوخهم الذين شرعنوا القعود والتطبيع وسكتوا عن المنكر، وطعنوا في المجاهدين الثّابتين ورموهم بالجهل والتهوّر والتسبب في قتل الأبرياء!
معركة خاسرة لصالح شيخ الفتنة والخذلان!
قد كان كافيا أن يترحّم المداخلة على شيخهم 'ربيع' ويسألوا له العفو والمغفرة، لكنّهم -بحجّة الردّ على من فرحوا بوفاة شيخهم- تمادوا في غلوّهم حتّى رفعوا كبيرهم الذي علّمهم الطّعن في المصلحين والمجاهدين إلى مصافّ أئمّة المسلمين، وزعموا أنّ الأمّة قد ثكلت بفقده! وراحوا يمتحنون النّاس ويصنّفونهم بحسب موقفهم من 'ربيع'، وكأنّ الأمر يتعلّق بوفاة عالم من العلماء الربانيين الذين وصفهم ربّهم بقوله: ((الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّه))! بل قد بلغ الغلوّ بواحد من مداخلة الجزائر أنّه دبج قصيدة في الدّفاع عن شيخه، تنضح بالغلوّ، كان ممّا قاله فيها: 'أمّا 'الربيع' فكلّ حيّ دونه * صلّى الإله على الرّبيع وسلّما'!
وهو في صدر بيته هذا يزعم أنّ شيخه 'ربيع المدخليّ' أفضل الأحياء المعاصرين، وهو ما لا يوافقه عليه حتّى ندماؤه في الطّائفة، حيث يعتقدون أنّ المدخليّ هو –في أحسن أحواله- دون 'صالح الفوزان' و'عبد المحسن العبّاد'.. وفي عجز بيته يصلّي ويسلّم على شيخه، لكأنّه نبيّ من الأنبياء! وحين أنكر عليه بعض أصدقائه صنيعه، راح ينقل الفتاوى التي تجوّز الصّلاة والسّلام على غير الأنبياء من المؤمنين! مع أنّها فتاوى تشترط أن يقصد بذلك الدعاء لا الإخبار، ولا يتخذ ذلك شعارا! والعجيب أنّ القوم يرفضون أن يلحق اسم علي بن أبي طالب –رضـي الله عنه- بـ'عليه السّلام' بحجّة أنْ لا دليل على التخصيص، وأنّ ذلك –حسبهم- شعار لأهل البدع!
هذا الغلوّ الذي بلغه المداخلة في شيخهم، ليس وليد اليوم، فهو قد كان في حياة شيخهم، حتى بلغ الأمر ببعضهم أنّه نسب 'ربيع المدخليّ' إلى العصمة في المنهج، استنادا إلى تصريح قال فيه 'ربيع': 'أنا لستُ معصوما، لكنّي لا أعلم لي خطأ في المنهج'!.. حتى لم يعد بينهم من يجرؤ على تخطئة ربيع في قضية منهجية أو مراجعته في حكم أطلقه على ضحاياه المجروحين والمغضوب عليهم والمطرودين من رأفة ربيع! وقد تجدهم يتقاتلون فيما بينهم وتصل معاركهم إلى كسر العظم، لكنّهم جميعا يتمسّحون بربيع المدخليّ، وكلّهم يدّعي أنّه الأولى به والأقرب إليه من غيره!
ومن نماذج غلوّهم ما قاله محمّد بن هادي المدخلي في ربيع المدخلي، قبل أن يجرّحه الأخير ويشرّد به!، قال: 'الذي يأتي إلى مكّة، ولا يحرص على زيارة الشيخ، وليس عنده شيء يمنعه، فهو مغموص'! والعجيب أنّ مثل هذا الكلام لا يقوله المداخلة عن زيارة سيّد الورى –صلّى الله عليه وآله وسلّم-، حيث يرون السّلام عليه مستحبا، لا يعاتب تاركه ولا يتّهم بالجفاء!
أمّا محمّد عمر بازمول، أحد رؤوس المداخلة وغلاة الطّاعة في السعودية، فقد كان يصف ربيع المدخلي بالمجاهد وإمام أهل السنّة في زمانه! مع أنّ ربيعا نفسه كان يُظهر عدم الرضا عن تلقيبه بـ'إمام أهل السنّة'! وذهب 'البازمول' بعيدا ليقول عن 'ربيع' إنّه 'صار آية من آيات الله في العلم والحكمة والسنّة'!
وأمّا سالم الطّويل، المدخليّ الكويتيّ، المشهور بتطاوله على كتائب العزّ في غزّة، فقد كتب في العام 1431هـ مقالا عنوانه: 'كاد الشيخ ربيع أن يكون بدريا'!، وأعاد طرحه في كلمة مرئية أياما بُعيد وفاة ربيع!
وأمّا المدخليّ المصريّ محمد عبد الوهاب البنا، فقد قال عن 'ربيع': 'نحن نستدل على سلفية الإنسان واستقامته في هذا الزمان بحب ربيع'!
إنّ المرء ليعجب –حقيقة- من جرأة هؤلاء المداخلة الذين جعلوا من أصول منهجهم: إعلان النّكير على الغلوّ في الأولياء والشّيوخ! يعجب من جرأتهم على رفع شيخهم إلى مصاف العلماء الربانيين، في مقابل جرأتهم على إسقاط كلّ من سخط عليه شيخهم أو خالف منهجه، ولو انتسب إلى السلفية وترضى عن أكابر علمائها! فما الذي وجدوه في ها الشّيخ حتّى يرفعوه إلى الجوزاء ويجعلوه فيصلا بين الحقّ والباطل؟!
هل وقف 'ربيع' في الأمّة مواقف العلماء الربانيين في وجه أمراء الجور، فامتحن بذلك وأوذي وسجن، فأذهل الأمّة بثباته؟ هل امتحن في قضية من قضايا الدّين الأساسية، فثبت على كلمة الحقّ فيها واستعذب الأذى في سبيلها؟ هل ترك مؤلّفات يذود بها عن حياض الدّين وقضاياه الكبرى التي رام الاستعمار العالمي وعملاؤه تبديلها وتحريفها؟ هل ثبت ثبات الجبال الراسيات في الانتصار لقضية فلسطين في وجه المطبّعين والبائعين؟! هل أخرج فتوى واحدة في المدلهمّات التي مرّت بالأمّة في نصف القرن الأخير، خالف بها أهواء ولاة الأمر الذين عُرفوا بالمسارعة في إرضاء اليهود والنصارى؟! هل ترك كتبا يواجه بها فتنة الإلحاد المعاصرة؟ هل ألّف في مواجهة العلمانية المعاصرة وفضح مآربها وكشف خططها ومخطّطاتها؟! هل ألّف في مواجهة سيل الشبهات الذي فتحت له الأبواب على مصاريعها في هذا الزّمان؟!
معارك الشّيخ جُلّها هي داخل الصفّ الإسلاميّ، في مواجهة مسلمين هم في أسوأ الأحوال قد أرادوا الحقّ فأخطؤوه! وقد كان منهجه سببا في فتنة هوجاء بين المسلمين لم يسلم منها بلد ولم تنجُ منها بلدة، بل إنّ فتنته قد طالت الطّائفة التي يتباهى بالانتساب إليها ويزعم تمثيلها 'السلفية' التي تشرذمت بسببه تشرذما لم تعرفه 'السلفية الإصلاحية' طوال تاريخها! ولو اقتصر الخلاف والصّدام على التراشق اللفظي بين المنتمين إلى هذه الطّائفة، ما هان الأمر في مثل هذا الزّمان العصيب، كيف وقد بلغ إلى حدّ الطعان واللّعان بين أبناء الطّائفة الواحدة!
لو اقتصرت معارك ربيع وحزبه الآثم على الدّعاة والعلماء والمصلحين الذين يفسدون راحة 'ولاة الأمر' ما هان الأمر، كيف وقد وصلت معاركه إلى أعراض المجاهدين الذين يفسدون راحة الصهاينة والصليبيين، بالنيابة عن الأمّة؟! فلم يسلم منه الأفغان الذين حاربوا الأمريكان، حين أجلب عليهم بتجريحاته ووصفهم بالقبوريين والإخوان المسلمين، وسفّه جهادهم، وهو الذي كان قبل ذلك يباركه حينما كان ضدّ الرّوس، ولم يسلم منه العراقيون الذين وصف جيشهم بـ'الملحدين' وشرعن للاستعانة بالصليبيين عليهم!
والأنكى من هذا، أنّ سهامه المسمومة طالت المرابطين في الأرض المقدّسة، ومباضعه قد بلغت خواصر المجاهدين الذين يقارعون الصهاينة نيابة عن الأمّة، حيث وصف جهادهم بأنّه 'فارغ' وفاشل، وأنّه في صالح اليهود والنصارى! وأنّهم تسبّبوا في ذبح أبناء المسلمين! وفي المقابل أثنى على اليهود وقال إنّ 'عندهم شيئا من الأخلاق'، وإنّهم 'فتحوا للفلسطينيين الجامعات، وأعطوهم الصحف، وتركوا لهم الحرية في تدينهم، وفي مساجدهم وجامعاتهم'!
فهل هذا هو الجهاد الذي يقصده المداخلة، حين يصفون شيخهم بأنّه مجاهد؟! نعم هو 'مجاهد'، لكن، في أعراض العلماء والدّعاة والمصلحين، وفي خواصر المرابطين والمجاهدين الذين وصفهم رافع راية حزبه في مصر 'محمّد سعيد رسلان' بأنّهم صناعة يهودية، وأنّهم روافض المشرب!
إنّ ما قدّمه شيخ المداخلة وحزبه للصّهاينة والصليبيين، لم يكونوا يحلمون به! لذلك أوصى مركز مكافحة الإرهاب التابع لأكاديمية 'ويست بوينت' العسكرية الأمريكية، في تقرير له صدر في شهر فيفري عام 2006م، بالاستفادة من فكر المدخليّ المناوئ للمقاومة، وأكّد على أن يكون الدعم بشكل غير معلن، عبر تمويل منشورات جماعة المدخليّ وتوسيع حضورها التعليمي والدعوي!
وكيف لا توصي المخابرات الأمريكيّة بدعم المدخليّ وحزبه الباغي، وهو الذي يصرّح بعض أتباعه من دون حياء بما مضمونه أنّ تعلّم التنزّه من البول أهمّ من الاهتمام بقضية فلسطين!
فلم يعد مستغربا بعد هذا أن نسمع الناطق العربي باسم الجيش الصهيوني 'أفيخاي أدرعي' يتكلّم في كلّ مرّة بلسان مدخليّ مبين، وهو يستدعي أدبيات المداخلة ليحاجج بها 'حماس' ورجال المقاومة الذين يصفهم بالخوارج ويتّهمهم بالتسبّب في سفك الدّم الفلسطينيّ!
الرمضانيّ يناطح أبا عبيدة!
بُعيد الكلمة الأخيرة التي حرّك بها الناطق باسم كتائب القسّام أبو عبيدة قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأسال مدامع ملايين المسلمين الذين لا يجدون حيلة لنصرة إخوة الدّين في غزّة ولا يهتدون سبيلا، خرج المدخليّ الجزائريّ المقيم في السعودية 'عبد المالك رمضاني'، يوم السّبت الماضي (19 جويلية 2025م) بمقطع فيديو مدّته 4 دقائق، نشره على صفحته، يتشبّع فيه بالردّ على أبي عبيدة، متّهما إياه بنصب العداوة للعلماء الذين يسعى لإسقاطهم لأنّهم –حسب رمضاني- العدوّ الأوّل لحماس! فلم يزد رمضاني على أن ردّد التهم التي ما فتئ التيار المدخليّ يوجّهها لكتائب المقاومة في غزّة بعد طوفان الأقصى، مثل أنّهم دخلوا المعركة من غير استشارة العلماء، وتسببوا في قتل الآلاف من الأبرياء، وأضفى عليهم الرمضانيّ وصفا جديدا أنّهم عوام جهّال! وزاد لهم تهمة جديدة أنّهم يحاولون 'مسح السكين' في نخبة الأمة الإسلامية 'العلماء'، ووصف ما يفعلونه بأنّه 'فوضى جهادية'!
ولم ينس الرمضاني –على عادة شلّته- أن يشكّك في الاختراق الكبير والتاريخيّ الذي حقّقته كتائب العزّ ضدّ الكيان المحتلّ في السابع من أكتوبر 2023م، ويشير بطرف خفي أنّه مؤامرة صهيونيّة مخطّط لها! وهو (أي الرمضاني) الذي كان قبل مدّة قصيرة يعترف بأنّ المداخلة الذين يختلفون معه ويجرّحونه مخترقون من طرف المخابرات العالميّة، وضرب لذلك مثلا بقصة رواها له اثنان من طلابه، حيث قال الرمضاني: 'زارني اثنان من الطلبة الرُّوس (!)، كانا قد درسا عندي بعض المتون، روى لي أحدهما أن أحد الروس الذين كانوا قد استقاموا (تمدخلوا)، ناداه رجل من المخابرات الروسية، ليسأله: هل تعرف علي الحلبي ورجلين سماهما له من الروس؟ أجاب الرجل: أما علي الحلبي فلا أعرفه، وأما الروسيان فأعرفهما، وهما على خير. وهنا سأله رجل المخابرات: لكن فلانا (من جماعة التجريح الروسية) قد جرح هؤلاء الثلاثة! قال: لكني لا أعرف عنهما إلا الخير، وهذا القائل مسؤول عن نفسه وعما يقول! وأنا لا أعرف عنه إلا الخير. قال رجل المخابرات الروسية: أليس الجرح المفسر أولى من التعديل العام؟!'.
وفي هذه القصّة يعترف الرمضانيّ –ضمنيا- أنّ 'علم الجرح والتعديل' على مذهب ربيع المدخليّ، أصبح مهوًى لأفئدة المخابرات العالميّة، توظّفه في التنفير ممّن يواجهون مخطّطاتها! ومع ذلك لا يجد الرمضانيّ -الذي يشكو بغي حدادية المداخلة عليه- من حرج في أن يوظّف 'الجرح والتعديل المخابراتي' للنّيل من رجال الجهاد والمقاومة في غزّة الذين أرّقوا ليل الصّهاينة وأوليائهم!
أمّا عن تهمة الرمضانيّ لرجال الأمّة أنّهم يريدون إسقاط العلماء، فهذا وسام شرف يعلّقه الرّجال على صدورهم، أنّهم فضحوا للأمّة من كانوا يتستّرون خلف 'العلم' ليبثّوا الوهن والخور في أركان الأمّة، ويعبّدوها لمن أخلدوا إلى الأرض وباعوا دينهم ودين الأمّة ودنياها بعروشهم! أمّا العلماء الربّانيون الذين يقولون الحقّ ولا يخافون في الله لومة لائم، فإنّ رجال المقاومة يكنّون لهم كلّ الاحترام ويرجعون إليهم في المعضلات، منهم من هو في صفوف المقاومة يجاهد بالعلم والبندقية، ومنهم من هو خارجها يجاهد بلسانه وقلمه.
إن كان الرمضانيّ يقصد بالعلماء الذين يريد أبو عبيدة إسقاطهم، أولئك القابعين في مكاتب الاستفتاء الموجّهة والمستنفَرة، المنشغلين بفتاوى الطّهارة وفقه الطّاعة في زمن التّدافع، فإنّ الله –تعالى- قد أسقطهم في كتابه، قبل أن 'يُحاول' أبو عبيدة إسقاطهم، حين قال –جلّ شأنه-: ((إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) (البقرة: 174).
قريبا تتطهّر الأمّة من الرّجس المدخليّ!
لقد أبى هؤلاء المداخلة، إلا أن يستدعوا مشروع عبد الله بن أُبيّ بن سلول، لنشر الفتن والقلاقل في صفوف الأمّة، وتخذيل المسلمين عن واجب نصرة إخوانهم المجاهدين في فلسطين، بذات الحجج والمبرّرات التي كان يسوقها ابن أُبيّ عندما كان يخذّل عن جهاد اليهود والمشركين! بل ها هم يسيرون على درب أبي رغال في دلالة الأعداء على حرمات المسلمين وعلى رجال المقاومة! أبو رغال دلّ الأعداء على طريق الكعبة المشرّفة، وهؤلاء الأنذال يحاولون كشف ظهور المجاهدين للأعداء بالطّعن فيهم والتخذيل عنهم والتنفير منهم!
ولكن، ولله الحمد، ورغم كلّ ما يقع على المسلمين من بأساء وضرّاء، وما تعانيه الطائفة المنصورة من خذلان وتآمر، إلا أنّ الأبطال لا يزالون يصنعون المعجزات ويثخنون في الصهاينة ويربكون مَن خلفهم من المطبّعين والمتآمرين، وحتى أشباه العلماء والدعاة الذين ينتظرون على أحرّ من الجمر سقوط راية المجاهدين، ليقولوا: ألم نقل لكم إنّه لا طاقة لنا بقتال اليهود؟!
ولعلّ من أجلى بركات جهاد المجاهدين أنّه كشف للأمّة حقيقة الأنظمة المتواطئة مع الصهاينة، وعرّى أشباه العلماء الذين أخلدوا إلى الأرض وباعوا دينهم بدنيا أوليائهم المطبّعين والمسارعين في إرضاء الصّهاينة والأمريكان، كما أسقط كلّ وراق التوت التي كانت تتستّر بها الطائفة المدخلية، وفضح مآربها الخبيثة، وبقي الآن دور 'الزّمن' ليسقط هذه الطّائفة فتصير أثرا بعد عين.
الأمّة تمرّ بمخاض عسير، ولكنّها عمّا قريب -بإذن الله- سيُمكّن لها بعد أن تتطهّر من رجس المرجفين والخائنين، ومنهم المداخلة!
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بلمهدي يستقبل الأمين العام للمجلس السويدي للإفتاء
بلمهدي يستقبل الأمين العام للمجلس السويدي للإفتاء

التلفزيون الجزائري

timeمنذ 2 ساعات

  • التلفزيون الجزائري

بلمهدي يستقبل الأمين العام للمجلس السويدي للإفتاء

استقبل وزير الشؤون الدينية والأوقاف، السيد يوسف بلمهدي، اليوم الخميس بالجزائر العاصمة، الأمين العام للمجلس السويدي للإفتاء، السيد حسان موسى. وقد شكل هذا اللقاء، الذي جرى بمقر الوزارة بحضور إطارات من الإدارة المركزية، 'فرصة لتبادل الرؤى حول سبل تعزيز التعاون في مجال الشؤون الدينية، لا سيما ما يتصل بتأمين الحياة الروحية للجالية المسلمة بالسويد، ودعم جهود التأطير الديني المعتدل الذي يعكس صورة الإسلام السمحة ويستجيب لانشغالات المسلمين في أوروبا'، يبرز المصدر ذاته. وبهذه المناسبة، قدم الوزير للأمين العام للمجلس السويدي للإفتاء – وهو من أصول جزائرية – نسخًا من مصحف الجزائر بطريقة برايل، حيث لاقى هذا المصحف استحسانًا كبيرًا من الضيف'، يضيف البيان. وعبر السيد حسان موسى، الذي كان مرفوقًا بعضو مجلس الإفتاء للنساء في السويد، السيدة يمينة البشير، بدوره 'عن شكره وامتنانه لوزير الشؤون الدينية والأوقاف، ولرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الذي رعى هذه الطبعة، في دلالة واضحة على العناية الكبيرة التي توليها الجزائر لخدمة كتاب الله ونشره بمختلف الوسائط'، مثلما أشار إليه نفس المصدر.

بلمهدي يستقبل الأمين العام للمجلس السويدي للإفتاء
بلمهدي يستقبل الأمين العام للمجلس السويدي للإفتاء

الشروق

timeمنذ 3 ساعات

  • الشروق

بلمهدي يستقبل الأمين العام للمجلس السويدي للإفتاء

استقبل وزير الشؤون الدينية والأوقاف، يوسف بلمهدي، اليوم الخميس 7 أوت، الأمين العام للمجلس السويدي للإفتاء، حسان موسى، الذي كان مرفقا بعضو مجلس الإفتاء للنساء في السويد، يمينة البشير. وحضر اللقاء عدد من إطارات الإدارة المركزية للوزارة. ويأتي هذا اللقاء، الذي جرى بمقر الوزارة، لتبادل وجهات النظر حول سبل تعزيز التعاون في الشؤون الدينية. وقد ركّز الحديث بشكل خاص على 'تأمين الحياة الروحية للجالية المسلمة في السويد، ودعم جهود التأطير الديني المعتدل الذي يعكس الصورة السمحة للإسلام، ويستجيب لانشغالات المسلمين في أوروبا'، وفقا لما أفادت به الوزارة. وأهدى الوزير للأمين العام للمجلس السويدي للإفتاء، حسان موسى، -وهو جزائري الأصل- نسخًا من مصحف الجزائر المخصص للمكفوفين والمكتوب بطريقة برايل. وهي الهدية التي لاقت استحسانا كبيرا من ضيف الجزائر، والذي عبّر عن شكره وامتنانه للوزير وللرئيس عبد المجيد تبون، الذي رعى هذه الطبعة، في دلالة واضحة على العناية الكبيرة التي توليها الجزائر لخدمة كتاب الله ونشره بمختلف الوسائط، يضيف ذات المصدر.

أفيخاي أدرعي والإسلام منزوع الدّسم!
أفيخاي أدرعي والإسلام منزوع الدّسم!

الشروق

timeمنذ 5 ساعات

  • الشروق

أفيخاي أدرعي والإسلام منزوع الدّسم!

دأب الناطق باسم الجيش الصهيوني للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، على نشر كلمات على صفحاته عبر مواقع التواصل، يقدّم من خلالها نصائح للمسلمين بأن يُقبلوا على الأعمال الصّالحة! ويحذروا الانجرار خلف التطرّف الذي تمثّله –بالنسبة لأدرعي- حركة المقاومة الإسلاميّة حماس في غزّة.. والعجيب في أمر الرّجل أنّه لا يكلّ ولا يملّ ولا يتأثّر بالكمّ الهائل من التعليقات التي تردّ عليه وتكشف خبثه وكذبه وتطفيفه في الميزان؛ ما يشي بأنّ العدوّ الصهيونيّ يولي اهتماما بالغا بحربه الإعلاميّة والثقافية على الإسلام ورجاله، تماما كما يولي الاهتمام بحرب السّلاح. ما يلفت الانتباه في كلمات 'أفيخاي' ونصائحه أنّه، كثيرا ما يستدلّ بنصوص من القرآن الكريم والسنّة النبويّة، بذات الطريقة التي يستدلّ بها بعض المسلمين السائرين في ركب 'الإسلام العلمانيّ'، وهو يدرك جيّدا طبيعة مهمّته في الترويج للإسلام النّاعم، أو الإسلام منزوع الدّسم، على أنّه الإسلام الحقّ الذي حرفته حركات المقاومة! لذلك يستند في كثير من الأحيان إلى فتاوى وأقوال بعض العلماء الرسميين في مصر والسعودية، على اعتبار أنّها تمثّل إسلام الرّحمة، في مقابل فتاوى وأقوال علماء ودعاة يزعم أنّهم علماء فتنة وإرهاب! هذا الخطاب الذي يتبنّاه أدرعي، هو خطاب مرفوض في الأوساط الإسلاميّة وبين جماهير المسلمين الذين يدركون بفطرتهم أنّه يوطّد لـ'إسلام' يراد له أن يكون بديلا للإسلام الحقّ، لكنّه مع كلّ أسف يتّفق كثيرا مع 'الإسلام' الذي تدعو إليه بعض طوائف المسلمين ويروّج له كثير من المحسوبين على العلم والدّعوة، وهي ذاتها النّسخة التي أوصت مراكز الأبحاث الأمريكية والغربية بدعمها، تارة بالترويج للتصوف، وتارة للمدخلية العلمانية، وتارة للدعاة الجدد الذين يروجون لنسخة مشوهة من الإسلام تصهر الدين الخاتم في بوتقة الإنسانية وتلزم المسلمين مبدأ 'من ضرب خدك الأيمن فأدر له الأيسر'! وتجرّد دين الحقّ من حركيته وواقعيته، وتبعده عن السياسة وعن الاهتمام بقضايا الأمّة وواقع المسلمين ومستقبلهم.. نسخة تركّز على المواعظ والرّقائق والأخلاق والآداب، وبعض الشّعائر الظّاهرة، وتزهّد في كلّ ما له علاقة بالتّدافع الحاصل والمستمرّ بين الحقّ والباطل والخير والشرّ.. نسخة تغري المسلمين بأنّ القضية الفلسطينية هي قضية تخصّ الفلسطينيين وحدهم، وفي إمكانهم حلّها مع الصهاينة بالحوار! وهكذا كلّ قضايا الأمّة الفاصلة؛ فهي –وفق 'الإسلام' الجديد- قضايا صراع بين الإرهاب والنظام العالمي الرسميّ، لا تهمّ نتائجه، فالأطراف كلّها على خطأ، وضحايا الصّراع، ليس لهم علينا حقّ آخر غير دعوات مختصرة في خطب الجمعة والعشر الأواخر من رمضان، بأن يفرّج الله كربهم ويحقن دماءهّم! وعودا على بدء، فإنّ خطاب 'أدرعي' ليس بدعا في واقع الأمّة الإسلاميّة، بل إنّ كلماته تكاد تتطابق مع كلمات كثير من المنتسبين إلى العلم والدّعوة، ممّن يضبطون خطاباتهم وفق نزوات بعض الجهات في بلاد المسلمين التي تهتمّ بدورها بالعزف على إيقاع ما يريده الرّجل الأبيض! وفي أقلّ الأحوال سوءًا تضبط كلمات هؤلاء العلماء والدّعاة ضمن أطر ضيّقة لا تخرج عنها، فتجد العالم أو الداعية يحدّث النّاس ويتوسّع في الحديث عن قضايا بعيدة تماما عمّا يشغل بال المسلمين ويذيب قلوبهم، كأن يحدثهم عن حكم التّصوير وحكم الإيموجيات أو يرغّبهم في تعدد الزوجات، في الوقت الذي تشرع فيه وسائل الإعلام شاشاتها للشّهوات، وتوضع العقبات على طريق الحلال أمام الشّباب، وفي الوقت الذي تغيَّر فيه النظم والقوانين لتتّفق مع ما هو موجود في بلاد الغرب، ورحم الله سلطان العلماء العزّ بن عبد السّلام حينما قال: 'من نزل بأرض فشا فيها الزنى، فحدث الناس عن حرمة الربا فقد خان'، هذا فيمن يسكت عن بيان حرمة الربا ويجبن عن مواجهة من يروّجون له في بلاد المسلمين، كيف بمن يسكت عن قضايا الأمّة المصيرية! ختاما نقول: الإسلام ليس دينا قائما على إيقاد العداوات، لكنّه لا يقبل للمسلم أن يرضى بالدنية ويقدّم كلّ التنازلات ليوصف بالاعتدال الذي تحدّد معاييره مراكز لا تريد أن يبقى للإسلام اسم ولا رسم! والمسلم الذي يرضى لنفسه الانعزال عن واقع أمّته لا يكون مؤمنا ولا يعفى من العتاب والعقاب، وحتى وإن كانت ظروفه لا تسمح له بخوض معارك أمّته، فهو لن يكون كالمسلم الغيور على دينه وأمّته المنافح عن قضاياه بكلّ ما أوتي من قوة!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store