تبادل الاتهامات بدعم الإرهاب.. عقبة في طريق السلام بين الهند وباكستان
فى أبريل ٢٠٢٥، شهدت العلاقات بين الهند وباكستان توترًا متصاعدًا إثر تبادل الاتهامات بشأن دعم الإرهاب، وسط تصاعد فى الاشتباكات العسكرية على الحدود خاصة فى منطقة كشمير المتنازع عليها، مما أعاد إلى الواجهة النزاع القديم بين الجارين الإقليميين.
تركز هذه التطورات على هجوم نفذه مسلحون فى إقليم جامو وكشمير الذى تديره الهند، ما دفع نيودلهى إلى تحميل إسلام آباد مسئولية تمويل ودعم الجماعات المسلحة، وهو ما نفته باكستان بشدة.
اتهامات هندية مجددا بدعم الإرهاب
قال وزير الدفاع الهندي، راجناث سينغ، فى تصريحات مؤخرا إن صندوق النقد الدولى يجب أن يعيد النظر فى قرض بقيمة مليار دولار لباكستان بزعم أنه "يمول الإرهاب".
وأضاف: "أعتقد أن جزءًا كبيرًا من المليار دولار القادمة من صندوق النقد الدولى سوف يُستخدم لتمويل البنية التحتية للإرهاب فى باكستان. أى مساعدة اقتصادية تُمنح لباكستان ليست سوى تمويل للإرهاب."
ورغم اعتراضات الهند، وافق صندوق النقد الدولى على مراجعة برنامج القروض لباكستان، مما أتاح لها الحصول على دفعة بقيمة مليار دولار. وأوضحت وزارة المالية الهندية أن الهند امتنعت عن التصويت على المراجعة، معربة عن "مخاوف بشأن فعالية برامج صندوق النقد الدولى فى حالة باكستان نظرا لسجلها الضعيف".
من جانبها، رفضت باكستان هذه الاتهامات، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية، شفقت على خان، إن محاولة الهند لعرقلة الدعم الدولى لباكستان تعكس "إحباط نيودلهي". وأضاف: "إن محاولة انتقاد مؤسسة مثل صندوق النقد الدولى دليل على هذا اليأس".
تصعيد خطير فى كشمير
اندلعت اشتباكات عسكرية بين القوات الهندية والباكستانية على طول خط السيطرة فى كشمير الأسبوع الماضي، فى أسوأ أعمال عنف عسكرى بين البلدين منذ عقود. أسفرت المواجهات عن مقتل نحو ٧٠ شخصًا من الجانبين، بينهم مدنيون وجنود.
وترجع هذه المواجهات إلى هجوم نفذه مسلحون على سياح فى جامو، وهو الهجوم الذى اتهمت فيه الهند باكستان بدعم الجماعات التى نفذته، فيما نفت إسلام آباد هذه الاتهامات، معتبرة إياها "محاولة من الهند لتبرير سياساتها القمعية فى كشمير".
بعد تصاعد العنف، توصل الطرفان إلى اتفاق على وقف إطلاق النار بداية من يوم السبت، بعد وساطة دولية، كان من ضمنها زيارة وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، إلى إسلام آباد لبحث سبل خفض التوتر.
تاريخ طويل من الخلافات
تعود جذور النزاع بين الهند وباكستان إلى تقسيم شبه القارة الهندية عام ١٩٤٧، عندما قُسمت الإمبراطورية البريطانية إلى دولتين مستقلتين هما الهند وباكستان، مع إقليم كشمير المتنازع عليه ذى الأغلبية المسلمة، والذى ظل نقطة خلاف مركزية بين الجانبين.
منذ ذلك الحين، اتهمت الهند باكستان بدعم وتمويل الجماعات المسلحة التى تعمل على زعزعة استقرار كشمير، مثل جماعة "جيش محمد" و"عسكر طيبة"، والتى تنشط داخل الهند وتنفذ هجمات تستهدف المدنيين والقوات الأمنية.
فى المقابل، تتهم باكستان الهند باستخدام "إرهاب الدولة" لقمع السكان المسلمين فى كشمير، واتهامات مماثلة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، إضافة إلى اتهامات بأن الهند تدعم جماعات مسلحة داخل الأراضى الباكستانية.
بلغ النزاع ذروته فى عدة مناسبات، منها هجوم بولواما فى عام ٢٠١٩ الذى أسفر عن مقتل ٤٠ جنديًا هنديًا، وهو الهجوم الذى ردت عليه الهند بضربات جوية داخل الأراضى الباكستانية، متهمة إياها بتدريب ودعم الإرهابيين، وهو ما نفته إسلام آباد
وتعكس الاتهامات المتبادلة واقعًا معقدًا من عدم الثقة والتوترات السياسية العميقة بين الهند وباكستان. ويرى محللون أن هذه الاتهامات تُستخدم فى أحيان كثيرة كأداة سياسية لكسب الدعم الداخلى وتبرير الإجراءات الأمنية والعسكرية.
وترى الهند فى دعم باكستان للجماعات المسلحة تهديدًا وجوديًا لأمنها الوطني، وتتبنى سياسات صارمة ضد التمويل والدعم اللوجستى لتلك الجماعات، وتستخدم باكستان من جهتها، الاتهامات الهندية لتبرير سياساتها فى كشمير وتسليط الضوء على "انتهاكات حقوق الإنسان" التى تطال المدنيين فى الإقليم.
وتعتبر هذه الاتهامات محاولة هندية لإبقاء النزاع على حاله، وتؤدى هذه الديناميكية إلى تفاقم التوترات وتعطيل أى فرص للحوار السياسى أو الحلول السلمية، كما ترفع من احتمالات التصعيد العسكرى على الحدود.
تلعب الأزمة الاقتصادية دورًا هامًا فى المشهد الباكستانى الحالي، حيث تعانى باكستان من ديون ضخمة وأزمة مالية حادة وصلت إلى حافة التخلف عن السداد فى ٢٠٢٣، مما دفعها إلى طلب دعم صندوق النقد الدولي.
فى هذا السياق، وافق الصندوق على خطة إنقاذ بقيمة ٧ مليارات دولار شملت قرضًا بقيمة مليار دولار، مما ساعد فى تخفيف الأعباء المالية مؤقتًا. ولكن الهند أعربت عن معارضتها لهذه المساعدات بسبب المخاوف من أن تمويل باكستان قد يُستخدم لدعم الإرهاب، وهذا التوتر الاقتصادى يعكس جزءًا من الصراع الأوسع، حيث تستغل كل دولة الأوضاع الاقتصادية والسياسية لتقوية موقفها فى النزاع.
تُعد الاتهامات المتبادلة بدعم الإرهاب حجر عثرة أساسى أمام تحسين العلاقات بين الهند وباكستان، حيث تعزز حالة العداء وعدم الثقة بين الطرفين، على الرغم من محاولات متكررة لاستئناف الحوار، فإن أى محادثات بين البلدين غالبًا ما تنهار بسبب هذه الاتهامات وتصاعد العنف، مما يجعل مسار السلام هشًا وغير مضمون.
ويظل مستقبل العلاقات مرهونًا بإرادة سياسية حقيقية من الطرفين لخفض التصعيد، وتبنى سياسات تتيح فتح قنوات حوار جادة تستند إلى احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل فى الشئون الداخلية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
منذ 2 ساعات
- الاتحاد
اجتماع رفيع المستوى في بروكسل لتعزيز الاستجابة للأزمة اليمنية
عدن (الاتحاد) أعلنت مصادر أممية أن الاتحاد الأوروبي يستضيف، اليوم الأربعاء، اجتماعاً رفيع المستوى في بروكسل، لمناقشة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن، بهدف تعزيز التنسيق وتكثيف الدعم لجهود الإغاثة. وقالت ماريا روزاريا برونو، القائمة بأعمال رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، في منشور على منصة «إكس»، إن الاجتماع السابع لكبار المسؤولين سيضم ممثلي الوكالات الأممية والمنظمات غير الحكومية والجهات المانحة، لتجديد الالتزام بتخفيف معاناة الشعب اليمني. وأضافت المسؤولة الأممية : «نحتاج إلى دعم عاجل لمواصلة إنقاذ الأرواح في ظل الوضع الإنساني المتدهور». ومن جهته، أكد سفير الاتحاد الأوروبي لدى اليمن، غابرييل مونويرا فينيالس، أن الاجتماع المقرر اليوم سيركز على حشد الدعم الدولي لتلبية الاحتياجات الملحة، وعلى تهيئة بيئة عمل مناسبة للعاملين في المجالات الإنسانية والتنموية. ويعاني اليمن من نقص حاد في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2025، حيث لم يتم تغطية سوى 9% من المبلغ المطلوب البالغ 2.48 مليار دولار، أي ما يعادل 222.4 مليون دولار فقط، تاركاً فجوة تمويلية تقدر بـ2.26 مليار دولار. وفي ذات السياق، أعلنت منظمة الهجرة الدولية أن عدد النازحين في اليمن ازداد بنحو 6500 شخص منذ بداية العام الجاري (2025). وكشفت المنظمة، في تقريرها الصادر أمس، عن نزوح 47 أسرة يمنية، تضم 282 فرداً، خلال الأسبوع الممتدّ من 11 إلى 17 مايو 2025، بسبب ظروف الحرب الحوثية والأوضاع الاقتصادية في عدة محافظات يمنية. وأفاد التقرير الأسبوعي للمنظمة، بأن معظم الأسر النازحة، التي رصدتها مصفوفة تتبع النزوح، غادرت من محافظات الحديدة وتعز وأمانة العاصمة، متجهةً بشكل رئيس إلى مأرب (32 أسرة)، والحديدة (6 أسر)، وتعز (5 أسر). وأوضح التقرير أن 72% من حالات النزوح، أي 34 أسرة، جاءت نتيجة مخاوف أمنية مرتبطة بحرب جماعة «الحوثي»، بينما اضطرت 13 أسرة (28%) للنزوح بسبب الصعوبات الاقتصادية الناتجة عن الأزمة، مشيراً إلى أن 36% من الأسر النازحة بحاجة ماسة إلى خدمات المأوى، و32% تحتاج إلى دعم مالي، و26% إلى مساعدات غذائية، فيما تحتاج 2% إلى مواد غير غذائية، و2% إلى دعم سبل العيش، و2% إلى إمدادات المياه.


الاتحاد
منذ 3 ساعات
- الاتحاد
"القبة الذهبية".. مشروع دفاعي جديد يكشف عنه ترامب
كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطط بناء درع صاروخية باسم "القبة الذهبية" بهدف حماية الولايات المتحدة من هجمات خارجية مؤكدا أنها ستوضع في الخدمة في نهاية ولايته الثانية. وقال ترامب في البيت الأبيض "خلال الحملة الانتخابية وعدت الشعب الأميركي بأني سأبني درعاً صاروخية متطورة جداً" مضيفاً "يسرني اليوم أن أعلن أننا اخترنا رسمياً هيكلية هذه المنظومة المتطورة". وقال إن الكلفة الإجمالية للمشروع تصل إلى "حوالي 175 مليار دولار" عند انجازه.


الاتحاد
منذ 4 ساعات
- الاتحاد
زيارة ترامب للإمارات.. تحالف استراتيجي يتجدد
زيارة ترامب للإمارات.. تحالف استراتيجي يتجدد شهدت العلاقات الإماراتية الأميركية تطوراً استراتيجياً منذ انطلاقها عام 1971، وتوسعت لتشمل مجالات السياسة والدفاع والاقتصاد والتكنولوجيا والطاقة المتجددة والفضاء والذكاء الاصطناعي. ومثلت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أبوظبي، في مايو 2025، محطةً مفصليةً جديدةً في هذا المسار، إذ حملت دلالات جيوسياسية واستثمارية عميقة. وعلى مستوى الدلالات الاستراتيجية، فقد جاءت الزيارة في وقت حساس إقليمياً ودولياً، وسط تصاعد النفوذ الصيني والروسي، وتحولات في موازين القوى في الشرق الأوسط. ومع بروز الإمارات كقوة اقتصادية واستثمارية وعسكرية، تسعى واشنطن لتعزيز الشراكة معها، لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية. وتُعد الإمارات اليوم شريكاً محورياً للولايات المتحدة في صياغة الاستراتيجيات الإقليمية، كما أنها مركز مالي واستثماري عالمي. وخلال المباحثات التي أجراها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في أبوظبي، مع الرئيس ترامب، أكد سموه أن هذه الزيارة تعكس متانة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، والتي شهدت دَفعةً نوعيةً غير مسبوقة، خاصة منذ تولي ترامب رئاسة البيت الأبيض، وقال سموه إن هناك تعاوناً كبيراً بين القطاعين العام والخاص في البلدين، ومشروعات استراتيجية تعزز موقعَ شراكتنا كركيزة للاستقرار والنمو، ليست فقط للمنطقة، بل للعالم أيضاً. وأضاف سموه: نحن حريصون على تعميق هذه الشراكة الاستراتيجية، ووجودكم هنا اليوم، يؤكد أن هذا الحرص مشترك. فيما أشاد الرئيس ترامب، خلال اللقاء، بمتانة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، مثنياً على الرؤية القيادية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وعلى شخصيته التي تحظى باحترام واسع في المنطقة والعالم. وقال: أنا شخصياً أرى فيكم قائداً قوياً ومحارباً عظيماً وصاحب رؤية نادرة.وانطلق «حوار الأعمال الإماراتي الأميركي» في أبوظبي، برئاسة سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، والرئيس ترامب. وعلى هامش الزيارة، أعلنت شركة الاتحاد للطيران طلبيةً لشراء 28 طائرة بوينغ، بما يعزز التعاون في قطاع الطيران. كما أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عن خطة استثمارية إماراتية ضخمة بقيمة 1.4 تريليون دولار، سيتم ضخها في الاقتصاد الأميركي خلال السنوات العشر المقبلة، تشمل مجالات الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات، والطاقة، والصناعة. ووصف ترامب هذا الإعلان بأنه «أعظم استثمار خارجي، في تاريخ الولايات المتحدة»، مما يعكس الثقة المتبادلة بين الجانبين. وشهدت الزيارة تدشين مجمّع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأميركي بسعة 5 غيغاواط، وهو الأكبر من نوعه خارج الولايات المتحدة، ليكون منصةً إقليميةً تخدم شركات التكنولوجيا الأميركية وتصل خدماتها لنصف سكان العالم. كما تم الإعلان عن شراكات في مجال الحوسبة، ومراكز البيانات، والبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، ومنها شراكة بين «G42» و«مايكروسوفت» بقيمة 1.5 مليار دولار، ومشاريع قادمة مع «إنفيديا» و«إكس إيه آي». ويتواصل التعاون الفضائي بين البلدين، خصوصاً في مشروع «Lunar Gateway»، لتطوير وحدة دعم الحياة، ما سيمهد لإرسال أول رائد فضاء إماراتي نحو مدار القمر. وفي مجال الطاقة النووية، أُعلن عن شراكات مع شركات أميركية، مثل «تيراباور» و«جنرال أتوميكس»، لتطوير مفاعلات متقدمة وصديقة للبيئة. وأكد الجانبان التزامهما بتعزيز الاستقرار الإقليمي، خاصة في ضوء التطورات في غزة والمنطقة. وشدد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، على دعم الإمارات لحل الدولتين وتحقيق السلام العادل. كما منح الرئيس الأميركي وسام الشيخ زايد، تكريماً للعلاقات التاريخية بين البلدين. وختاماً، فإن زيارة ترامب تُجدد الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والولايات المتحدة، وتؤكد موقعَ الإمارات المتقدم في معادلات السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا، في وقت يعاد فيه رسم ملامح النفوذ العالمي. وفي هذا السياق، فإن دولة الإمارات، بطموحها المشروع، تفرض موقعَها الجيوسياسي إقليمياً ودولياً كقوة صاعدة ووازنة. ووفقاً لوكالة أنباء «رويتر»، فإن دول الخليج الثلاث، أي السعودية والإمارات وقطر، تكسب سنوياً 12مليار دولار من أرباح صكوك الخزينة الأميركية. *سفير سابق