logo
'المادة'.. صياغة حداثية عن محاولات الخلود والبقاء بين جسدين

'المادة'.. صياغة حداثية عن محاولات الخلود والبقاء بين جسدين

الجزيرة١٨-٠٢-٢٠٢٥

بعد أن أفنى الإمبراطور الصيني 'تشين شي هوانغ' القسط الأكبر من حياته في توحيد الممالك الصينية المتناحرة، انطلق في بحث دؤوب عما يجعل عمره الزمني يمتد بلا نهاية، فأصبحت حياته فريسة لينة للعقاقير والتعاويذ السحرية، فاستحوذت طواعية على مسارات جسده، فأسلم مقاديره لمصيره المحتوم المعلوم سلفا، وحينها أصبح حلم الخلود سرابا منثورا.
قد تبدو هذه المقدمة خارجة عن سياق التناول النقدي، لفيلم إشكالي وجدلي، هو الفيلم البريطاني الفرنسي 'المادة' (The Substance)، الذي كتبته وأخرجته الفرنسية 'كورالي فارغايت' (2024)، وهو ثاني تجاربها الروائية الطويلة، وقد نال جائزة أفضل سيناريو في الدورة الـ77 من مهرجان كان السينمائي، ورُشح لخمس جوائز أوسكار.
لكن بنظرة بانورامية على فكرة الفيلم العامة، نجد أنها -بطريقة أو بأخرى- تبدو مماثلة لتلك الحكاية التاريخية التي ذكرنا، فالبحث عن وهم الخلود والبقاء، يشكل العصب الأساسي لفيلمنا.
عقار الشباب لامرأة متقاعدة
تدور الأحداث حول 'إليزابيث سباركل' (الممثلة الأمريكية ديمي مور)، وهي نجمة ومقدمة برامج استعراضية، انحسرت عنها أضواء الشهرة، بعد أن أحالتها الشبكة الإعلامية التي تعمل فيها إلى التقاعد المبكر، على إثر بلوغها سن الخمسين، وبطريق الصدفة تعثر على عقار طبي، ينسخ من باطنها نسخة أحدث عمرا وأكثر شبابا.
قد تظن في أول وهلة أن هوية الفيلم الفكرية مكررة، أو سبق توليفها في سياقات مشابهة، لكن الحقيقة أن العكس هو الصحيح تماما، فمع أن الجدار الفكري الواضح والصريح للسرد هو التناول المباشر لسراب البحث عن الخلود، فإن هذه الفكرة ما هي إلا بوابة افتراضية، مفتتح ومدخل لما هو أعمق.
فالصراع مع الزمن يشكل جدارا فكريا موازيا، وهذا النزاع المستعر يُستدعى هنا في مستوى أكثر اشتباكا مع الواقع، فتتصاعد من بين طيات السرد نبرة انتقادية منددة بالإجراءات التجميلية، التي تسهم في تسليع الجسد الإنساني.
وبناء على ما سبق، يمكن القول إننا أمام فيلم مثقل بالهموم والرؤى التي تحتاج بلا شك إلى سرد سينمائي وبصري، يلائم هذا الطرح الفكري الدسم، وعندئذ يصبح مشروعا وواجبا السؤال عن أسلوبية التناول والتعبير.
تجربة علمية على بيضة تفقس شبيهتها
لا يتأخر السرد في تقديم دعائم إجابته، ففي المشاهد الأولى من الفيلم نرى تجربة علمية على بيضة ما، تُحقن بمادة طبية لا يدرك كنهها، وما هي إلا ثوان معدودة وتخرج منها نسخة أخرى، مماثلة لها في الحجم واللون.
وفي المشهد الموالي، نرى من زاوية علوية مراحل الإعداد والبناء لنجمة هوليود الأرضية باسم 'إليزابيث سبراكل'، وتتوالى اللقطات التي تكشف تصاعد منحنى النجومية والشهرة وهبوطه، وما يرافق هذه المعادلة، من تأثير حقيقي على الجدارية الأرضية، فتصاب بالوهن والتشقق.
وهكذا اختار السرد أن يبدأ حكايته بهذا التتابع، الذي قد لا يوحي بأنه يرتبط بصلة محددة بنطاق الفيلم، لكن ما يثير الدهشة والتأمل حقا، هو أن هذا المفتتح يفصح ببلاغته الموجزة، عن مضمون الفيلم وفكرته، بالتوازي مع كشفه المتواري عما سنراه لاحقا من أحداث، وكأننا أمام بلورة سحرية تزيح الستار عن المستقبل.
نسيج بين أرذل العمر وشرخ الشباب
نسج السيناريو أحداثه وفق إطار درامي خيالي، لا يخلو من الجرعات المكثفة للرعب النفسي، وتدور دفة الحكي استنادا على مبدأ الأقواس الدرامية، فالبداية مع القوس الافتتاحي، الذي ينطلق على مضمار السرد، مع مشاهد إنشاء النجمة الأرضية من 'إليزابيث'.
وينغلق القوس المقابل كذلك من ذات المكان، وما بين هذا الإطار وذاك يقبع النسيج السردي، المتشعب الاتجاهات والأفكار، ومن ثم لا يلجأ السيناريو إلى الالتواءات الدرامية، ولا إضافات أدنى تعرجات زمنية أو سردية، بل يعمد في بنيانه على خطية الحكي، الذي يحتوي هيكله على الفصول الدرامية المعتادة، التمهيد المبدئي، ثم الوسط أو صلب الحكاية المتضمن للذروة المنتظرة، ثم الوصول إلى الفصل الثالث الختامي للقصة.
وبذلك تتساوى كفتا الميزان بين حداثية الأسلوب الفني والإخراجي من ناحية، ونمطية البنية الدرامية على الجهة الأخرى، التي تعقد على مدى زمن الفيلم (نحو 140 دقيقة) مقارنة بين عالمين، أحدهما بلغ من اكتمال العمر أرذله، أما الجديد الناشئ فما زال ينبش عن مساحته المستحقة في الوجود.
صراع نسخة النضوج ونسخة الصبا
سعيا لمعاودة طرق أبواب الشهرة، تتناول 'إليزابيث' المحلول الطبي، فيتفاعل تلقائيا مع الحمض النووي، وينشئ ذاتيا نسخة إنسانية بالغة الكمال من رحم النسخة الأولى، وتلك معارضة فنية لرواية 'دكتور جيكل ومستر هايد' للكاتب الأسكتلندي 'روبرت لويس ستيفنسون'.
نصبح أمام نسختين مكتملتي الروح والإحساس، تمارس كل منهما حق الحياة مدة 7 أيام، تتبادلها مع الأخرى، وفق موعد معلوم ثابت لا يتغير، وذلك حفاظا على تفاعلات التوازن الوجودي بينهما.
ثم يدخلنا السرد في رحلة شيقة، قوامها التضاد الشكلي، مع الإبقاء على معادلات التجانس الداخلي، وهكذا تنطلق محركات الحكي بين رحى عالمين، لكل منهما بنيانه وأركانه، التي يبدو أنها لا تتقاطع مع الآخر، لكن الواقع أن كلا منهما يشتبك مع الآخر.
فإذا كانت الفكرة الفلسفية المتداولة عن احتواء النفس البشرية على طرفي الخيط من الخير والشر، فإن المعالجة الدرامية هنا تبدو متقاربة بدرجة أو بأخرى من هذا الطرح الفكري، لكن بدلالات أكثر توافقا مع البيئة العامة للأحداث، التي تعني برصد مواطن الاختلاف بين هذا العالم الناضج، وما يماثله على الناحية الأخرى من عالم ناشئ حديث الولادة.
وحينها يمكن أن نلاحظ تباينات جوهرية بين هذا العالم وذاك، فيخلق السرد خطا دراميا منفصلا لكل شخصية عن الأخرى، أما البداية فهي مع 'إليزابيث'، التي تطالعنا في حالات الوجوم والخوف الفطري الدائم من انكشاف حيلتها، بجانب نوبات الهلع عند اكتشاف التطورات المتلاحقة على جسدها، الذي تزداد إصابته بالوهن والكبر، مع كل غفوة تبادلية مع الكائن الجديد.
أما النسخة المعدلة الحديثة التي تسمى 'سو' (الممثلة الأمريكية مارغريت كوالي)، فإن حياتها تشهد نموا مطردا نحو الشهرة والنجومية، بعد أن بسطت سيطرتها على البرنامج الاستعراضي، الذي كانت تقدمه نصفها الآخر 'إليزابيث'.
وبهذا التبادل بين النسختين، يمكن الإمساك بملامح المقارنة الواضحة والمطمورة في نفس الآن، بين مراحل العمر المتباينة، أو بمعنى أكثر رحابة، بين بريق الشباب، وخفوت الكِبر.
الأصل والفرع
بعد أن اكتمل الفصل الأول بقذائفه التمهيدية الكاشفة عن أزمة البطلة النفسية والوجودية، يصحبنا الفيلم شيئا فشيئا إلى الفصل الثاني من الحكاية، ومن أجل قراءة أوسع وأشمل، يمكن إحالة العلاقة بين 'إليزابيث' و'سو' إلى نموذج العلاقة بين الكائن الطفيلي والجسد المضيف، ترى من منهما يتغدى ويقتات على الآخر؟
ومع تصاعد شهرة 'سو' لا ترتوي من حصتها المقررة من الأيام السبعة، وتحت ضغط الرغبة في البقاء داخل الحيز الوجودي أطول فترة ممكنة، تلجأ إلى اختلاس كميات أكبر من سائل الحياة المدمج داخل جسد الأصل 'إليزابيث'.
لكن ما عجزت هي عن الوصول إلى صيغة تفاهمية بشأنه، أنه كلما ازداد الاستهلاك ارتد ذلك عكسيا على النسخة المقابلة، فتفقد تدريجيا مع مرور الوقت كل صلتها بالحياة الواقعية.
ولتستقيم مسارات العيش بينهما، لا بد أن تتساوى كفتا الميزان، وهذا ما يشكل عائقا ومانعا جوهريا، فالحق في الوجود مكفول لهما، لكن إحداهما يطغى إقبالها نحو ملذات الحياة على الأخرى.
هنا الفرع 'سو'، يستلهم سوائل الحياة من الأصل 'إليزابيث'، وهكذا في متوالية دائرية، لا تبدو لخطوطها نهاية، مما يشكل لمحة -وإن يسيرة- عن الصراع الدرامي للفيلم، فالصراع هنا بين العالمين، بين الأحدث والأقدم، أو في رؤية أخرى بين الأصل والفرع، أما الحقيقة فهي أن كلا منهما ليس إلا انعكاسا للآخر.
فرغبات النسخة الجديدة وأفعالها وتحققها المهني، هي أحلام سابقة في عقل الأولى، ولذلك تصبح أفعال الثانية ترجمة حرفية، واستعادة لمشاعر وتطلعات النسخة الأقدم، فكل منهما يقتات على الآخر، مع أنه ظاهريا قد يبدو عكس ذلك.
وحينها يمكن استنباط المعنى الكامن في الجملة التحذيرية المرافقة للعقار الطبي، 'تذكّرا، أنتما نسخة واحدة لا اثنتان'، فكل منهما امتداد للأخرى واستكمال لها، ولذلك تتضح دلالة تراجع 'إليزابيث' عن قرارها السابق بالتخلص من 'سو'، حتى تكمل تحقيق حلمهما بتقديم الحفل الفني لنهاية العام.
وهكذا يستمر الصراع بين الأصل والفرع، تُرى هل سيصل أحدهما إلى مرفأ الأمان والاستسلام بقوانين اللحظة الراهنة؟ أم أن تلك الدوامة السيزيفية ستواصل إبحارها بلا نهاية؟
مقصلة الزمن.. قوة عاتية تفسد أحلام الخلود
للإجابة على السؤال السابق، لا بد أن يُستدعى سؤال آخر من قائمة الانتظار؛ ألا وهو ما الدوافع الحقيقية التي أوصلت بطلتنا إلى نسخ شخصية موازية لها؟
وحينها يمكننا عبر ممارسة حق الجواب على السؤال اللاحق، أن نصل إلى إجابة يقينية على السؤال الأساسي، وبالعودة إلى جوهر الحكاية ذاتها، سنجد ضالتنا بين سطور السرد.
فالرغبة في البقاء تحت أضواء الشهرة، ليس السبب الوحيد الراسخ اليقين، لكن ما يكمن وراء هذه المحاولات يقع تحت طائلة التشبث حتى الرمق الأخير بأهداب الحياة.
يحيلنا هذا الإصرار إلى قراءة موازية أكثر اتساعا للصراع الدرامي، الذي يمكن حينها تأويله إلى صراع الإنسان ضد قوى أعتى وأشد بأسا كالزمن، الذي لا يفرق في تأثيرات تدفقه واندفاعه للأمام بين إنسان وآخر، فالجميع سواسية أمام سلطان رياح التبدل والتغير، التي أصابت 'إليزابيث' وهي غافلة تظن أن نصال الزمن الحامية لن تقترب من وهج شهرتها.
'الوقت يتحرك ببطء، لكنه يمر مسرعا'
يمكن القول إن مفتاح قراءة الفيلم والوصول إلى مدلوله، يقع بين أسوار مقولة الكاتبة الأمريكية 'آليس ووكر' عن الزمن وإيقاعه المتسارع 'الوقت يتحرك ببطء، لكنه يمر مسرعا'.
فالزمن الراكض باندفاع، يمثل عدو بطلتنا الأول، وهي تحسب في لحظة منفلتة من الوقت أنها هزمت هذا الخصم العتيد، لكنه دوما لديه ما يكفي ويفيض من الأساليب المراوغة للإمساك بفرائسه، وإنزال النكسات المفاجئة بأوهام أحلامهم.
وليكتمل السياق التعبيري عن الفكرة العامة، ينسج السيناريو سرديته، اعتمادا على عدالة توزيع أدوار اللعب بين 'إليزابيث' و'سو'، ويطالعنا بينهما 'هارفي' (الممثل الأمريكي دينيس كويد) مدير القناة التلفزيونية، التي تبث برنامج إليزابيث سابقا وسو حاليا.
رسم السرد شخصية 'هارفي' أقرب إلى الكاريكاتورية منها إلى العالم الواقعي، فيبدو بنمط معيشته الشرهة للحياة بكل ما بها من فرائض دنيوية، عاملا مساعدا في اكتمال وقائع مأساة بطلتنا، سواء توفرت القصدية المباشرة أو لا.
وقد ساهمت مشاهده المعتمدة في صياغتها البصرية على زوايا مقربة، تكاد تلتهم تعبيرات الوجه، استكمالا للتوصيف المثالي للعالم الذي تدور فيه الأحداث، ليبدو يحمل مزيجا خاصا من الواقعية الصريحة بما تشي به من دلالات، والكابوسية الكافكاوية بما تحمله من سوداوية.
ترهلات وشحوم زائدة في خاتمة الفيلم
يواصل السرد الفيلمي تقدمه نحو الذروة المنتظرة، التي تنطلق شرارتها مع حلول الشق الأخير من الفصل الثاني، فيرتفع منسوب أنانية 'سو' إلى معدلات غير مسبوقة، تستحوذ فيه على حصة مضاعفة من الأيام، ثم تؤثر تلقائيا على النسخة الأولى 'إليزابيث'، التي تفقد كل ما يثبت صلتها بالنموذج والهيكل البشري، فتتحول إلى مسخ فاقد لأدنى معالم الإنسانية.
ولا شك أن فنان الماكياج الفرنسي 'بيير أوليفير بيريسن' بذل جهدا خلاقا في تصميم هذا التعديل على الممثلة 'ديمي مور'، لتبدو عناصر الفيلم الفنية -كشريط الصورة والتكوين وزوايا الكاميرا وحركاتها- مؤلفة جيدا، وتنجح بجدارة في خلق أسلوب صادم وجذاب في نفس الآن، ولا يؤدي إلى إحداث الصدمة لدى المتلقي فحسب، بل يبعث على التوتر كذلك طوال مدة العرض السينمائي.
وهذا يحيلنا بالتأكيد إلى ما شاب الفصل الثالث من ترهل سردي واضح، والمبالغة التي أصابت السياق العام بالوهن المؤقت، وتحديدا عند التعبير عما آلت إليه الشخصية.
لكن هذا الطول النسبي في مشاهد الختام، لا ينفي ولا يقلل قوة الفيلم وجودته الفنية، وقدرة الإخراج وحرفيته، فهو يستحق التحية والثناء على أسلوبه المبتكر في المعالجة والتناول، وكذلك على نطاق إدارة الممثلين، وتحديدا 'ديمي مور' التي بلغت هذا العام عامها الـ62، فبدت كأنها تجسد قصتها الذاتية.
يتلاقى الطرح الفكري مع الهيئة الشكلية للفيلم، ويقف كل منهما على قدم المساواة من الآخر، مما يجعل الفيلم يصمد زمنا في غياهب الذاكرة، فالقدرة على المكوث في ذائقة المتلقي، هي ما تثبت نجاح العمل الإبداعي من عدمه، والأهم هو القدرة على طرق المثير من الأفكار والتأملات، ولا أبلغ من أمنيات الاستمرار والخلود، لتصبح هي المادة الفعالة للبحث والفكر.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رحيل روبرت بينتون.. السينمائي الذي أعاد تعريف الطلاق ومعاناة المهمشين
رحيل روبرت بينتون.. السينمائي الذي أعاد تعريف الطلاق ومعاناة المهمشين

الجزيرة

time١٤-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

رحيل روبرت بينتون.. السينمائي الذي أعاد تعريف الطلاق ومعاناة المهمشين

توفي المخرج وكاتب السيناريو الأميركي روبرت بينتون، الذي يعد أحد أبرز صُنّاع السينما في هوليود خلال النصف الثاني من القرن الـ20، أمس الثلاثاء عن عمر ناهز 92 عاما، بحسب ما أكدت محاميته هيلاري بيبيكوف. بينتون اشتهر بفيلمه "كرايمر ضد كرايمر" (Kramer vs. Kramer)، الذي جسد مأساة الطلاق من منظور إنساني حساس، ورسم قصة زوجين يتصارعان على حضانة ابنهما. لم يكن هذا العمل مجرد نجاح جماهيري في شباك التذاكر عام 1979، بل حصد 5 جوائز أوسكار، منها أفضل فيلم، أفضل إخراج، أفضل سيناريو مقتبس (لبينتون)، وأفضل أداء تمثيلي لكل من داستن هوفمان وميريل ستريب. ووُلد بينتون في ولاية تكساس، وتميز بمزج التأثيرات الأوروبية وخاصة الفرنسية في أعماله، إذ كان من المعجبين بالموجة الجديدة في السينما الفرنسية، لدرجة أن صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية وصفته بأنه "الوريث الأميركي لفرنسوا تروفو". وقد عُرض على تروفو أصلا إخراج "كرايمر ضد كرايمر"، لكنه رفضه، ليترك المجال لبينتون ليحوّله إلى علامة فارقة في السينما الأميركية. وقبل أن يشتهر كمخرج، صنع بينتون اسمه في عالم الكتابة السينمائية، من خلال مشاركته في تأليف سيناريو فيلم "بوني وكلايد" (Bonnie and Clyde) سنة 1967، الذي تناول قصة الثنائي الخارجين عن القانون خلال الكساد الكبير، والذي يُعتبر من العلامات الفارقة في التحوّل الذي شهده السرد السينمائي الأميركي في نهاية الستينيات. وأبدع بينتون أيضا في فيلم "أماكن في القلب" (Places in the Heart) عام 1984، حيث تناول قصة أرملة من تكساس تكافح للحفاظ على أرضها خلال فترة الكساد الاقتصادي، مسلطا الضوء على صراع المرأة والتمييز العنصري في الجنوب الأميركي. هذا الفيلم رشّح بدوره لعدة جوائز أوسكار، ما عزز من مكانة بينتون كمخرج إنساني الطابع. ورغم أن بينتون أخرج نحو 10 أفلام روائية فقط طوال مسيرته، إلا أن تأثيره في هوليود كان كبيرا، إذ عُرف بموهبته العميقة وتواضعه الشديد. وقد قال ذات مرة عن نفسه "هناك مخرجون يعرفون كيف يستخرجون أفضل ما لدى الممثلين، لكني لست واحدا منهم".

Armie Hammer سهم غريب قميص الفيديو من نفسه في شرب البيرة ، الغولف
Armie Hammer سهم غريب قميص الفيديو من نفسه في شرب البيرة ، الغولف

أخبار قطر

time١٤-٠٥-٢٠٢٥

  • أخبار قطر

Armie Hammer سهم غريب قميص الفيديو من نفسه في شرب البيرة ، الغولف

closeVideo فوكس نيوز فلاش أعلى عناوين الترفيه يونيو 2 فوكس نيوز فلاش أعلى الترفيه والمشاهير العناوين هنا. تحقق من ما هو النقر اليوم في الترفيه. Armie Hammer الخلط بين بعض من جمهوره بعد نشر الفيديو الغريب من نفسه أثناء الحجر الصحي وسط بفيروس الوباء في جزر كايمان الكبرى. يوم السبت 'اتصل بي قبل اسم' الفاعل تقاسم الفيديو على Instagram الذي كان يرتفع في إطار قميص مع حلق الرأس والشارب كما إغراءات' 'بابا كان رولين ستون' يلعب في الخلفية. إنه عقد نادي الغولف في يد واحدة و على ما يبدو أن من البيرة في الآخر. لقد بصمت يئز أن يلقي قبالة الشاشة و التجشؤ قبل أن يستدير ضرب الكرة الذهبية في مسافة المشي خارج الشاشة. 'عندما يتم إنهاء العالم ولكن لديك بالفعل التوصل إلى تفاهم مع حقيقة أن هذا الوقت الحالي يحكمها الفوضى' انه علق غريب آخر. هل هو فيروس كورونا أو البرد ؟ كيفية بأمان الرعاية قريب مريض الفيديو اكتسبت الكثير من الاهتمام من 1.4 مليون من أتباعه ، مع بعض المستخدمين تعليقا إيجابيا ، قائلا أنه أشرقت بهم اليوم ، وغيرها الاستجواب إذا ولعل COVID-19 العزلة هو بداية للوصول إلى 33 عاما المشاهير. 'هذا تفصيل armie ؟' طلب المستخدم. 'هل أنت بخير ؟' وعلق مستخدم آخر. 'أنا قلق حقا كنت armie,' شخص ثالث كتب. الممثل زوجة رجل الأعمال والصحفي إليزابيث الدوائر المطرقة كشف على Instagram الشهر الماضي أنهم قد تم ركوب الخيل بفيروس الوباء في جزر كايمان مع طفلين بنت هارمر ، 5 ، ابن فورد ، 3. Armie Hammer المشتركة غريب فيديو على Instagram أن لديها بعض من جمهوره الخلط. () فيروس كورونا: ما تحتاج إلى معرفته 'نحن حاليا في الحجر الصحي في جزر كايمان ، الذي لم يخطط له عندما غادرنا LA 5 أسابيع نيويورك معاينات @minutesbway,' إليزابيث كتب. 'بسبب القيود المفروضة على السفر ، إغلاق المدارس و حقيقة كنا نخطط أن تكون هنا مع عائلتنا الموسعة بعد أسبوعين عطلة الربيع ، لقد اتخذت هذا القرار من أجل صحة وسلامة العائلة. ولكن لا شيء من ذلك هو نقطة…أنا فقط أعرف أن هذا هو وقت حساس جدا و المشاعر المرهفة ، حتى شعرت بحاجة إلى شرح.' الزوجين احتفلت 10 زواجهما الشهر الماضي أيضا ، التي كانت قد احتفلت مع الحلو المنصب في بلدها Instagram تظهر صورة من زفافهما وكذلك صورة من أسرهم يحدق بها على المحيط. انقر هنا للحصول على فوكس نيوز التطبيق 'عشر سنوات متزوج اثني عشر معا ، ثلاثة عشر عاما أفضل الأصدقاء. عيد زواج سعيد يا حبيبي' ، كما كتب في جزء.

'الوحشي'.. عن العمارة وفلسفة الغرب المتوحشة
'الوحشي'.. عن العمارة وفلسفة الغرب المتوحشة

الجزيرة

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • الجزيرة

'الوحشي'.. عن العمارة وفلسفة الغرب المتوحشة

لا أظن أنني وجدت صعوبة في الكتابة عن فيلم كما وجدت في فيلم الوحشي (The Brutalist) للمخرج 'بريدي كوربيت'. فنقد كل عمل فني يتطلب تحديد زاوية معينة للنظر، فهل ننقده من زاوية الإتقان الحرفي، أي جودة التصوير أو التمثيل، أو نناقش بصورة أكثر شمولية براعة المخرج في توظيف أدوات السينما لمناقشة موضوع معين، أم نترك كل هذا وننظر إلى السينما بوصفها وسيطا لمناقشة الأفكار، ومن ثم نناقش الأفكار المعروضة في الفيلم؟ هذه الأسئلة مشتركة بين كل الأفلام، لكن مشكلة هذا الفيلم هي أنني أعمل منتجا وكاتبا، وقبلهما أعمل معماريا، وقبل كل ذلك أنا عربي مسلم، وبعد كل ذلك مهاجر في بلد أوروبي. رُشح هذا الفيلم لعشر جوائز أوسكار، وفاز بثلاث منها، وهو يحكي قصة معماري يهودي من المجر، هاجر إلى الولايات المتحدة في خمسينيات القرن الماضي، في أعقاب صعود النازية في ألمانيا، وحاول جاهدا في بلده الجديد أن يقدم تصميمات مميزة، لكنه لقي قدرا من الاضطهاد بسبب هويته الدينية، دفع بعائلته إلى السفر إلى مكان آمن جديد هو 'إسرائيل'. لكن 'لازلو توث' بطل الفيلم استكمل كفاحه في بلد المهجر أمريكا، ونجح في إنهاء عمله الأهم، وهو مركز ثقافي وكنيسة، لكن تصميمه يرمز إلى الاضطهاد الذي ذاق اليهود الأوروبيون في الهولوكوست. باختصار، قصة هذا الفيلم تمسني بصورة شخصية من عدة زوايا. لا يمكنني بطبيعة الحال أن أقدم في مقال واحد عرضا واسعا لكل الموضوعات والأفكار الملفتة في الفيلم، فلن أستطيع أن أقف كثيرا عند المهارة الحرفية في إنتاجه، ولن أتمكن من مناقشة كثير من الأفكار المتعلقة بالهجرة وكفاح التأقلم مع المجتمع الجديد الرافض لوجود المهاجر، ولا حتى دور التصميم المعماري في التعبير عن الأفكار وتخليد المشاعر. السؤال الأهم لدي: هل يقدم فيلم الوحشي دراما عن مقاومة الظلم والتغلب عليه؟ أم أنه مجرد حنين لصراع عفا عليه الزمن ولم يعد يمر به أحد؟ النظر في مرآة من الخرسانة لا يسع المقال وصف شعوري بالسعادة لمشاهدة مجالي المحبب -عرض الفيلم نموذجا مصغرا للمبنى (ماكيت) لمدة 5 دقائق و13 ثانية كاملة- وبالأخص الطراز الوحشي، معروضا على الشاشة الكبيرة. الطراز الوحشي يحبه المعماريون ويكرهه العامة لنفس السبب، وهو قبحه. فالمعماريون يرون في الوحشية صدقا ومباشرة وشاعرية، وإذا كان العامة يرونه قبيحا، فذلك لأنه صادق في التعبير عن عالم قبيح، عالم قتل الملايين في الحرب العالمية الثانية. باختصار شديد، فالعمارة الوحشية هي عمارة تصميم المباني بلا تجميل، وتستخدم خامة رخيصة ومتوفرة، هي الخرسانة بصورتها الخام، بلا معالجة ولا تنعيم ولا تلميع، بل إنها تذهب إلى درجة أبعد قليلا. إن البناء بالخرسانة يكون بصب سائل خرساني في هيكل خشبي وتركه حتى يتصلب، وعندها يُزال الهيكل الخشبي، فيترك آثارا خشنة على الخرسانة بطبيعة الحال. المعماري الوحشي يترك هذه الآثار، ولا يسعى إلى إزالتها. في فيلم 'الوحشي' نشاهد 'لازلو توث' (الممثل أدريان برودي) واقفا وحده في قاعة خرسانية شاسعة، داخل تحفته المعمارية غير المكتملة، مضاءة بأشعة ضوء تتسلل من فتحات هندسية موزعة بعناية في بنائه الوحشي. تتحرك الكاميرا ببطء نحو الأعلى، كاشفة عن الأسطح الخرسانية العارية، التي تمتد كأنها ندوب محفورة على جسد 'لازلو' نفسه، كذكريات ماضٍ يرفض أن يندثر. يمرر 'لازلو' يده على الجدار الخشن، وصوت احتكاك أصابعه بالخرسانة يتردد في الفضاء الواسع، فيخلق لحظة حميمة بين المبدع وإبداعه، كما في لوحة 'مايكل أنجلو' الشهيرة 'خلق آدم'. يجسد المشهد جوهر الفيلم، إذ تتجاوز العمارة شكلها المادي، لتصبح امتدادا لهوية البطل الممزقة. في الفيلم، تظهر العمارة الوحشية استعارة لصمود 'لازلو'، وسوء الفهم الذي يحيط به، ورفضه من قبل المجتمع لكونه إنسانا باردا غير لطيف، مع أنه يحمل بداخله صدقا وألما عميقين، بنفس الطريقة التي تكشف العمارة الوحشية عن بنيتها الحقيقية بلا تزيين. يعكس 'لازلو' حقيقة تجربة المهاجرين في أمريكا بعد الحرب، ويصبح هذا التشابه واضحا في المشاهد التي يظهر فيها مهوسا بمشروعه المعماري، لصالح الأب 'فان بيورين'، ومستعدا للتضحية بكل شيء من أجل رؤيته الفنية. يستخدم التصوير السينمائي في هذه اللحظات عدسات مستطيلة، لخلق صور منظمة بقدر ما هي مؤثرة، وكل إطار يبدو كأنه مخطط معماري مدروس، فكل عنصر يخدم غرضا محددا. عمارة حقيقية وتاريخ زائف يعرض الفيلم قصة 'لازلو' المعماري المميز، الذي بنى عددا من المباني المهمة في بلده المجر، بعد أن درس العمارة في واحدة من أهم جامعات التصميم في العالم، ألا وهي مدرسة 'باوهاوس' في ألمانيا. يهرب 'لازلو' من النازية إلى أمريكا، فيصطدم بواقع بائس لا يجد فيه ما يسد جوعه، ويضطر للعمل عامل حفر أو نقل، أو أي عمل يوفر له ما يكفي لإطعامه، حتى يلاحظ موهبته ثري أمريكي، فيطلب منه بناء مركز ثقافي، يخلد ذكرى جدته التي توفيت حديثا. لكن هذا العرض يثير تساؤلات غير بريئة! يصور الفيلم 'لازلو' معزولا تماما في فيلادلفيا، ليست له شبكة دعم من زملائه المهاجرين المجريين أو اليهود، أو خريجي 'باوهاوس' الآخرين، وهم الأهم. لقد خرّجت 'باوهاوس' 1300 طالب خلال 14 عاما من وجودها قبل أن يغلقها النازيون، وقد انتقل كثير من المعماريين إلى أمريكا بعد إغلاق المدرسة. كانت 'باوهاوس' مدرسة مؤثرة، بل الأكثر تأثيرا في العالم حتى هذه اللحظة، وكان خريجوها يجدون تقديرا في الأوساط المعمارية. يوحي الفيلم بأن 'لازلو' كان مجهولا تماما، بل إنه بعد كفاح وجد فرصة للعمل رساما لا مصمما، وذلك أمر غير واقعي، فقد كان لمدرسة 'باوهاوس' مكانة تقترب من التقديس، لا سيما بعد الحرب، مع اكتساب الأفكار الحداثية زخما. وإذا كانت شخصية 'لازلو' مستوحاة -كما يرى كثير من المعماريين- من المعماري المجري الأمريكي 'مارسيل بروير'، أو 'والتر غروبيوس' أو 'ميس فان دير روه'، فقد أسس جميع هؤلاء المعماريون حياة مهنية ناجحة، تجاوزت الولايات المتحدة إلى العالم كله. دعني أؤكد عزيزي القارئ أن هذا ليس تصيدا للأخطاء، لسبب بسيط، ألا وهو أن أهم معماريي العصر الحديث على الإطلاق هم تحديدا تلك الفئة التي تخرجت في 'باوهاوس'، ثم هاجرت إلى الولايات المتحدة. وإذا كان 'لازلو' قد صمم وبنى مباني في بودابست قبل الحرب (كما يبدو في مجلد أعماله)، فمن المؤكد أنه كان جزءا من شبكة 'باوهاوس' المعروفة تلك. إن إغفال الفيلم المتعمد لهذه الشبكة يخدم السرد، بجعل رجل الأعمال الأمريكي 'فان بيورين' الوسيلة الوحيدة المتاحة أمام 'لازلو' للبقاء والإبداع، لكنه أيضا يسهم في رسم الصورة المعتادة لليهودي الأوروبي، الذي لا يمكن رؤيته إلا ضحية، بلا أبعاد أخرى. من المدهش أن الصورة الراسخة عن اليهودي الأوروبي تجمع نقيضين، فهو دائما الضحية، وهو أيضا الأكثر ثراء وإبداعا. وفي حالة اصطدام هاتين الصورتين يُضحى بصورة الثري الناجح لصالح الضحية المضطهدة. لقد شابت الفيلم أخطاء أخرى، فقد أنهى 'لازلو' تصميم مبناه عام 1953، والحق أن أقدم التصميمات الوحشية لم يظهر للنور إلا بعد ذلك التاريخ بعشرة أعوام. أضف إلى ذلك أن من الصعب للغاية أن نصنف مبناه تصميما وحشيا، لكن هذه التفاصيل المتخصصة يمكن التغاضي عنها، فليست تؤثر في البناء الدرامي، أما رسم شخصية معاكسة لما كان يفترض أن تكون عليه في الواقع، في إطار مناقشة القضية العالمية الأهم والأخطر في 100 العام الماضية، فذلك أمر لا يمكن فهمه إلا أنه تضليل. تكريم معماري يتوج رحلة الكفاح تتوج رحلة كفاح 'لازلو توث' بمشهد انتصار يعد حلم كل معماري معاصر، حين يُكرّم في 'بينالي' البندقية للعمارة، وهو أهم معرض معماري في العالم، ويُقام كل عامين بمدينة البندقية في إيطاليا. لكن 'لازلو' أصبح مقعدا، وكما يبدو فاقدا للنطق، وتقدمه ابنة أخته قائلة: خالي، وكذلك زوجة خالي 'إرزبيت'، يوما ما كنتما تتحدثان بدلا عني، واليوم أتحدث أنا عنكما، وهو شرف لي. كان خالي 'لازلو' دائما ما يقول لي بعد أن أصبحت أمّا تكافح لإنشاء حياتها الجديدة في القدس: لا تدعي أحدا يخدعك، مهما حاول الآخرون إقناعك بالعكس، إن المهم هو العقبى لا الرحلة. لقد أثارت هذه النهاية عدة تساؤلات ونقاشات عن المعنى المقصود، فلماذا فضل المخرج والكاتب 'بريدي كوربيت' ألا تأتي على لسان 'لازلو' نفسه، وما معنى أن تُقدم أعماله بعين إنسان آخر؟ ومع أني مهتم بكل هذه الأسئلة، فإن هذا الاهتمام يتضاءل بجانب التأمل في تلك العلاقة، هل الكنز في الرحلة كما الحكمة التقليدية، أم أن الكنز هو الكنز نفسه، ولا بديل عن الحصول عليه؟ قبل إجابة هذا السؤال، يجب أن نعرف باختصار من هي 'صوفيا' التي قدمت 'لازلو'. لقد بدأ الفيلم وانتهى بها، في مشهد البداية كانت الشرطة تحاول معرفة هويتها، وانتهى الفيلم بتقديمها الجائزة. الضحية الوحيدة التي يعرفها الغرب نجت 'صوفيا' من الهولوكوست، لكنها خرجت منها صماء بسبب ما عانته من صدمات نفسية، وبمرور الوقت ظهرت بالقرب من نهاية الفيلم وهي متزوجة وقادرة على الكلام. لقد استطاعت إذن 'صوفيا' مقاومة صدماتها النفسية والتغلب عليها، وهي قصة جميلة بالتأكيد، لولا تفصيل بسيط للغاية. في أول مشهد تحدثت فيه 'صوفيا'، كانت تجلس مع 'لازلو' وزوجته على مائدة العشاء، لتخبرهم أنها لا ترى الحياة في أمريكا مناسبة لهم وهم يهود، فالمجتمع الأمريكي المسيحي لا يزال يحمل في داخله آثار كراهيته لليهود الأوروبيين. ولذلك فقد قررت هي وزوجها الهجرة مرة أخرى إلى مكان آمن هو إسرائيل، لاحظ أنها اتخذت هذا القرار عام 1958، أي أن إسرائيل كانت لا تزال دولة وليدة، في خضم ممارستها للتطهير العرقي والسرقة. ما الذي يفترض أن أشعر به إزاء هذا المشهد إذن؟ للتوضيح، مشكلة المشهد ليست احتلال فلسطين، بل عرض اليهودي الأوروبي بوصفه ضحية تهرب بحياتها إلى مكان آمن، والحق أنه في طريقه للقتل والسرقة، وضحية هذا القتل وتلك السرقة غير مذكورة في الفيلم، فالضحية الوحيدة التي يعرفها الغرب هي اليهودي الأوروبي. 'الكنز ليس في الرحلة بل في الوجهة' الملفت في الفيلم هو تلك النهاية التي اختارها 'كوربيت'، فنرى 'صوفيا' تشرح فكرة مبناه الذي يفترض أن يكون مركزا ثقافيا، يحوي كنيسة ومكتبة ومسرح ومدرسة، لكن 'صوفيا' تقول إنه صممه ليكون نصبا تذكاريا للهولوكوست، لذلك جعله تصميما مستوحى من الأماكن الخانقة المغلقة في معسكري الاعتقال 'بوخنفالد' و'داخاو'. لكن مشكلة هذه الفلسفة الخفية أنها مناقضة تماما لفلسفة العمارة الوحشية، التي تعتمد على الصراحة والمباشرة إلى حد القبح، بل إنه اختيار مناقض لشخصية 'لازلو' التي قدمت في الفيلم، وهي شخصية تشبه العمارة الوحشية في مباشرتها وصراحتها إلى درجة نفور الناس منه. لكن إذا عدنا إلى تلك الجملة التي تقول صوفيا إن 'لازلو' اعتاد أن يقولها 'الكنز ليس في الرحلة، بل في الوجهة'، فمن المثير أنها أثارت ارتياحي بدرجة كبيرة. فيمكن أن نلخص بها رؤية صانع العمل وربما الفهم الغربي للحياة. فمن الممكن أن تمتلئ الرحلة بالقتل والتهجير والسرقة وكافة الجرائم المتخيلة، لكن كل هذا غير مهم، بل المهم هو إنشاء مبنى أو دولة أو مشروع ناجح على أنقاض كل ذلك، فالنهاية هي ما يهم. قد يبدو أنني لم أعجب بالفيلم أو لا أرشحه، والحقيقة أنني شاهدته مرتين مع طوله (200 دقيقة)، وذلك لأن أداء 'أدريان برودي' كان آسرا، وحين أعيد التفكير فيه -وأنا مهاجر عربي معاصر- تصبح مشاهدته تجربة شخصية للغاية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store