logo
محكمة باريس تعيد الأمل إلى الإيزيديين لتجاوز سنوات الاستعباد

محكمة باريس تعيد الأمل إلى الإيزيديين لتجاوز سنوات الاستعباد

شفق نيوزمنذ يوم واحد
شفق نيوز- ترجمة خاصة
تظهر بارقة أمل جديدة بالنسبة للأقلية الايزيدية عبر العدالة العالمية، من خلال المحاكمة المقررة لمواطنة فرنسية مشتبه بتورطها في جرائم الإبادة التي ارتكبها تنظيم داعش ضد الايزيديين، بحسب ما ذكره موقع "ذا كونفيرزيشن" الأسترالي.
وأوضح الموقع الأسترالي، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أن خطوة المحاكمة التي قررتها محكمة باريس مؤخراً لتطال الفرنسية سونيا مجري، جاءت بعد محاكمة العديد من الأشخاص في أنحاء أوروبا خلال السنوات الاخيرة بسبب تورطهم في استعباد الايزيديين قبل 11 سنة، وهي تطورات منحت الأمل بالعدالة للمجتمع الايزيدي.
وذكر التقرير بأن داعش اجتاح منطقة سنجار وارتكب فظائع ضد المدنيين، وتعرض الايزيديون للقتل والاغتصاب والاستعباد وإجبارهم على تبديل دينهم إلى الإسلام، حيث من المقدر أن نحو 12 ألف شخص قتلوا أو خطفوا بينما هرب حوالي 250 ألف شخص إلى الجبال حيث واجهوا ما يشبه المجاعة.
ولفت التقرير إلى أن عضوا في داعش يدعى طه الجميلي، أدين في العام 2021 أمام محكمة فرانكفورت الألمانية بتهمة ارتكاب الإبادة الجماعية وجرائم ضد الانسانية، وهو ما شكل أول محاكمة في العالم تتعلق بالإبادة الجماعية بحق الايزيديين.
كما ان محكمة في لاهاي أدانت في العام 2024 امرأة هولندية تدعى حسناء عرب، بتهم تتعلق أيضاً باستعباد النساء الايزيديات، وحكم عليها بالسجن لمدة عشر سنوات، في حين ادينت امرأة سويدية تدعى لينا إسحاق، في شباط/فبراير الماضي، بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب خطيرة ضد الايزيديين في سوريا.
واعتبر التقرير أنه برغم حقيقة بطء المجتمع الدولي في مقاضاة أعضاء داعش، إلا أن حالات المحاكمة هذه تشكل تطورا ايجابيا جاء نتيجة سنوات من الدعوة والحملات من قبل المنظمات والناشطين الايزيديين.
وفي هذا الإطار، لفت التقرير إلى مثالين هما "مؤسسة الايزيدي الحرة" و"مبادرة نادية" كمثال على المنظمات التي تكافح من أجل العدالة والتعويض منذ العام 2014.
ومع ذلك، قال التقرير إنه برغم هذه التطورات، وأن تنظيم داعش خسر سيطرته في العراق وسوريا في العام 2017، إلا أن هناك تحديات كبيرة لا يزال المجتمع الايزيدي يواجهها، بما في ذلك استمرار القلق على مكان وجود أكثر من 2000 ايزيدي من المفقودين.
وأشار التقرير إلى أن عددا قليلا من النساء الايزيديات ظهرن أحياء في أماكن مختلفة في السنوات الماضية، مما أثار التفاؤل لدى عائلات المفقودين، مضيفاً أنه من المتوقع إن النساء المسنات المفقودات قد توفين كما يعتقد أن العديد من النساء الأخريات قتلن في غارات جوية في الحملة العسكرية ضد داعش، ومن المعتقد أن هؤلاء دفن في مقابر جماعية.
وبحسب التقرير، فان مصادر القلق الاخرى تأتي من آخر معسكرات الاحتجاز في شمال شرق سوريا حيث يتم احتجاز اعضاء يشتبه في ارتباطهم بداعش، بينما تشير منظمة العفو الدولية في العام 2024 إلى أن المئات من الايزيديات ربما يحتجزن في المخيمات.
وأوضح التقرير أن ذلك يمكن أن يفسر من خلال مسألتين، أولاً، إن النساء الايزيديات في هذه المخيمات يتجنبن كشف هوياتهن بسبب المخاوف من الانفصال عن أطفالهن المولودين في ظل عبودية داعش، خصوصا بعدما أعرب قادة من المجتمع الايزيدي أن الأطفال المولودين لأعضاء داعش، لا يمكن استيعابهم في المجتمع الايزيدي.
وثانيا، أوضح التقرير أنه من المحتمل أن بعض الايزيديين والايزيديات في بعض المخيمات لم يعودوا يعرفون هويتهم بسبب الأسر المطول والخضوع لآراء متطرفة من أعضاء داعش.
ولهذا، رأى التقرير أن هذين العاملين قد يمنعان العديد من الايزيديين من العودة إلى مجتمعاتهم المحلية، مما يضاعف التداعيات الطويلة للإبادة الجماعية.
وأضاف التقرير أن الايزيديين لا يزالون يواجهون تحديات أمنية متواصلة، لأنهم يفتقرون إلى البنية التحتية والدعم لإعادة إعمار مدنهم، حيث أنه بعد أكثر من عقد من الزمان، لا يزال هناك 200 ألف ايزيدي نازح، ويقيم معظمهم في مخيمات مؤقتة، غالبا في مدينة دهوك.
وعلى الرغم من أن التقرير قال إن حكومة إقليم كوردستان تعمل من أجل إغلاق مخيمات النازحين أو دمجها في محاولة لتشجيع الأسر النازحة على العودة إلى ديارهم الأصلية، إلا أنه أشار إلى أن عدم توفر البنية التحتية بما في ذلك الحصول على المياه، ومحدودية فرص العمل، فإن العودة وإعادة التوطين متعثرة.
وفي حين ذكر التقرير أن الحكومة الاتحادية في بغداد أعلنت أنها ستمنح 4 ملايين دينار عراقي، لكل عائلة ايزيدية تعود إلى مناطقها الأصلية، وتقديم قروض مصرفية بلا فوائد، إلا أنه قال إن خطط التعويض هذه توقفت حاليا بسبب نقص الأموال، مشيراً إلى أنه حتى عندما عرضت هذه الخطة، لم تكن الأموال المخصصة لها كافية لمساعدة الناس على إعادة بناء حياتهم في المناطق المدمرة.
وإلى جانب هذا التحدي، قال التقرير إن وجود جماعات مسلحة مختلفة تدعمها دول عدة في المنطقة، يهدد سلامة وأمن الايزيديين، حيث أن أرض سنجار الوعرة وابتعادها عن المراكز السياسية، شجعت هذه الجماعات على إقامة طرق عبور هناك لدعم حلفائهم في العراق وسوريا والاردن وتركيا.
وتابع التقرير أن سنجار هي أيضا منطقة متنازع عليها، حيث تطالب بها الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كوردستان، ولا تزال تقع اشتباكات فيها بين جماعات الميليشيات المحلية بما يزعزع استقرارها ويؤدي إلى إعادة تشريد بعض الايزيديين الذين عادوا مؤخرا إلى منطقتهم، ويحول دون عودة الآخرين.
وختم التقرير بالقول إن محاكمات أعضاء داعش، منحت الايزيديين بعض الأمل في نيل العدالة، إلا أن المشكلات المتواصلة منذ العام 2014 جعلت عودتهم إلى مناطقهم صعبة، أو الشعور بالأمان إذا عادوا، مضيفا أنه إلى أن يتم التعامل مع هذه المسائل بشكل سليم، فإن نفس المشاكل ستستمر خلال السنوات الآتية.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

باريس: 15 دولة تتجه للاعتراف بدولة فلسطين
باريس: 15 دولة تتجه للاعتراف بدولة فلسطين

شفق نيوز

timeمنذ 10 دقائق

  • شفق نيوز

باريس: 15 دولة تتجه للاعتراف بدولة فلسطين

شفق نيوز- باريس اعلن وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو، يوم الأربعاء، أن فرنسا و14 دولة أخرى من بينها كندا وأستراليا، دعت دول العالم إلى إعلان عزمها الاعتراف بدولة فلسطينية. وكتب بارو عبر اكس "في نيويورك مع 14 دولة أخرى توجه فرنسا نداء جماعيا: نعرب عن عزمنا الاعتراف بدولة فلسطين وندعو الذين لم يفعلوا ذلك حتى الآن إلى الانضمام إلينا". وصدرت الدعوة من الدول الخمس عشرة في ختام مؤتمر وزاري عُقد يومي الاثنين والثلاثاء في نيويورك، برعاية فرنسا و السعودية بهدف إحياء حل الدولتين لتسوية النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. والى جانب فرنسا، انضمت كندا وأستراليا، العضوان في مجموعة العشرين، إلى النداء. وقعت دول أخرى الدعوة وهي أندورا وفنلندا وايسلندا وأيرلندا ولوكسمبورغ ومالطا ونيوزيلندا والنروج والبرتغال وسان مارينو وسلوفينيا وإسبانيا. وأعربت تسع دول منها لم تعترف بعد بدولة فلسطينية عن "استعداد بلادها أو اهتمامها الإيجابي" في الاعتراف بها ، وهي أندورا وأستراليا وكندا وفنلندا ولوكسمبورغ ومالطا ونيوزيلندا والبرتغال وسان مارينو. وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي أن فرنسا ستعترف رسميا بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في أيلول/سبتمبر. وخلال هذا المؤتمر، حثت 17 دولة، بينها السعودية و قطرو مصر، حركة حماس على تسليم سلاحها إلى السلطة الفلسطينية. وفي سياق متصل، رفضت بريطانيا انتقادات وجهت إليها بأنها تكافئ حماس من خلال وضع خطط للاعتراف بدولة فلسطينية ما لم تتخذ إسرائيلخطوات لتحسين الوضع في قطاع غزة وإحلال السلام. وفي خطاب نقله التلفزيون الثلاثاء، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن بلاده ستعترف رسميا بدولة فلسطين إلا إذا اتّخذت إسرائيل إجراءات معينة. وأشار إلى أن فرص حل الدولتين، دولة فلسطينية تتعايش بسلام إلى جانب إسرائيل، مهددة. وأثار ذلك توبيخا على الفور من نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال إن ستارمر يكافئ حماس ويعاقب القتلى والمصابين الذين سقطوا في هجومها عبر الحدود في عام 2023. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه لا يعتقد أنه "يجب مكافأة" حماس، التي تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية، بالاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة.

مصرع وإصابة 6 في حادث مروري شمالي صلاح الدين
مصرع وإصابة 6 في حادث مروري شمالي صلاح الدين

شفق نيوز

timeمنذ 10 دقائق

  • شفق نيوز

مصرع وإصابة 6 في حادث مروري شمالي صلاح الدين

شفق نيوز- صلاح الدين أفاد مصدر أمني في صلاح الدين، اليوم الاربعاء، بمصرع أربعة أشخاص وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة، جرّاء حادث سير مروّع وقع على الطريق الرابط بين قضاء الشرقاط ومدينة تكريت شمالي المحافظة. وذكر المصدر لوكالة شفق نيوز أن الحادث نجم عن تصادم مركبتين بشكل عنيف، ما أدى إلى احتراق إحداهما بالكامل، مشيراً إلى أن فرق الدفاع المدني هرعت إلى مكان الحادث وتمكنت من انتشال الجثث ونقل الجرحى إلى المستشفى لتلقي العلاج. وأضاف المصدر أن السلطات المختصة فتحت تحقيقاً في ملابسات الحادث، فيما يُرجح أن السرعة الزائدة أو فقدان السيطرة على عجلة القيادة كانت من بين الأسباب المحتملة. ويُعد طريق الشرقاط - تكريت من الطرق الحيوية في المحافظة، إلا أنه يشهد بين الحين والآخر حوادث دامية بسبب التهور المروري وغياب الرقابة الصارمة.

لماذا يُعتبر قرار ستارمر الاعتراف بدولة فلسطينية، تغيّراً في السياسة البريطانية؟
لماذا يُعتبر قرار ستارمر الاعتراف بدولة فلسطينية، تغيّراً في السياسة البريطانية؟

شفق نيوز

timeمنذ 10 دقائق

  • شفق نيوز

لماذا يُعتبر قرار ستارمر الاعتراف بدولة فلسطينية، تغيّراً في السياسة البريطانية؟

يُعدّ إعلان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن اعتزام بلاده الاعتراف بدولة فلسطينية، تغيراً كبيراً في السياسة الخارجية للمملكة المتحدة. على الرغم من أن ستارمر عرض تأجيل هذا الاعتراف في حال اتخذتْ إسرائيل "خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المروّع في غزة، ووافقت على وقف إطلاق النار، والتزمت بسلام مُستدام وطويل الأجل، على نحو يُحيي حَلّ الدولتين". ويعني الرفضُ الإسرائيلي الفوريّ لبيان رئيس الوزراء البريطاني، أنّ بإمكان مَن يكتبون خطابات ستارمر أن يبدأوا في العمل من الآن على ما سيقولُه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول. إنّ قرار اعتراف المملكة المتحدة بدولة فلسطينية يبدو "لا رجعة فيه"، وفقاً لمسؤول بريطاني رفيع المستوى. وليس في توقعات ستارمر أن يُثمر هذا التغيير في السياسة البريطانية عن دولة فلسطينية مستقلة في أي وقت قريب، أمّا من وجهة نظر كثير من الإسرائيليين، فإن توقيت قيام مثل هذه الدولة الفلسطينية المستقلة يبدو مستحيلاً. لكن النوايا البريطانية، بحسب مصادر دبلوماسية، تتمثل في تمكين المعتدلين من الجانبين - الإسرائيلي والفلسطيني؛ حيث يأمل البريطانيون في دفع الجميع إلى الاعتقاد بأن السلام يمكن أن يتحقق. على أن ذلك لن يكون سهلاً، ليس فقط لأن حماس قتلت حوالي 1,200 شخص، بينهم مئات المدنيين الإسرائيليين، واحتجزت رهائن في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لتنطلق إسرائيل في حملة انتقامية أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين وتركت غزة أنقاضاً. ولكنْ أيضاً لأن كلّ المحاولات لكي يحلّ السلام باءت بالفشل - سنوات من محادثات السلام في حقبة التسعينيات انتهت بإراقة الدماء، كما انهارت كل محاولات إحياء هذه المحادثات بعد ذلك. وجاء رفض إسرائيل لبيان ستارمر بعد دقائق من الإعلان عنه من مقرّ الحكومة البريطانية في داوننغ ستريت، ففي وقت لاحق من مساء اليوم ذاته، جاء رفْض رئيس الوزراء الإسرائيلي شديد اللهجة. وكتب نتنياهو على وسائل التواصل الاجتماعي يقول إن "ستارمر يكافئ الإرهاب الوحشي لحماس ويعاقب ضحايا هذا الإرهاب. إن دولة جهادية على حدود إسرائيل اليوم ستهدد بريطانيا غداً". وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن محاولات "ترضية الإرهابيين الجهاديين دائماً تبوء بالفشل. وستفشل معكم أيضاً. لن تحدث". ويُنكر نتنياهو وقوف إسرائيل وراء الجوع والوضع الكارثي في غزة. ولو أنّه قبِل بشروط بريطانيا الخاصة بالتأجيل، لانهار ائتلافه الحاكم. ويعتمد نتنياهو على دعم متشددين يرغبون في ضمّ الأراضي الفلسطينية المحتلة وإخراج الفلسطينيين منها بالقوة، وعدم مَنْحهم أيّ شكل من أشكال الاستقلال. على أنّ هؤلاء ليسوا مَن يمنعون نتنياهو؛ وهو الذي بنى إرثه السياسي على أساس رفْض حَلّ الدولتين، وفكرة أن السلام يمكن أن يَحلّ بقيام دولة فلسطينية مستقلة جنباً إلى جنب مع إسرائيل. وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قال نتنياهو إن دولة فلسطينية تعني "منصّة تنطلق منها" هجمات كثيرة، على غرار هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لتدمير إسرائيل. ويعقِد نتنياهو آمالاً على دعم الولايات المتحدة، التي ترى أن الاعتراف بدولة فلسطينية الآن يُعتبر مكافأة لإرهاب حماس. وفي أثناء عودته إلى بلاده، قادماً من اسكتلندا، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للصحفيين إنه لا يدعم الخطوة البريطانية. ويمكن لقضية السيادة الفلسطينية أن تصبح بمثابة نقطة خلافية جديدة على صعيد العلاقات بين بريطانيا والولايات المتحدة. وحتى أسابيع قليلة ماضية، لم يكن رئيس الوزراء البريطاني ستارمر مقتنعاً أن الوقت المناسب قد حان للاعتراف بدولة فلسطينية، لكنّ صور الأطفال الفلسطينيين في غزة وهم يقضون جوعاً كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، بعد كل تلك الدماء وذلك الدمار. هذا التوجّه لم يَشِع في مقرّ رئاسة الحكومة ومكتب الخارجية البريطانية وفقط، وإنما امتدّ إلى حزب العمال، ليجد طريقه إلى دوائر أوسع في عموم المملكة المتحدة. ويأتي قرار بريطانيا الانضمام إلى فرنسا في الاعتراف بفلسطين بمثابة علامة أخرى على زيادة عُزلة إسرائيل دبلوماسياً. وتُعدّ فرنسا وبريطانيا، حليفتين غربيتين كُبرَيين لإسرائيل، كما أنهما تمتلكان عضوية دائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وقد رفضت الدولتان محاولة إسرائيل عرقلة اعترافهما بفلسطين في أُثناء انعقاد الجمعية العامة بنيويورك في سبتمبر/أيلول. وفي نيويورك أيضاً، بعد بيان ستارمر، حظي وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بموجة من التصفيق الحاد فور إعلان قرار بلاده في مؤتمر الأمم المتحدة بخصوص حلّ الدولتين والاعتراف بدولة فلسطينية. ورفض لامي الاتهام بأن الاستقلال الفلسطيني ستكون له تبعات مدمّرة على إسرائيل، وقال وزير الخارجية البريطاني إن "العكس هو الصحيح؛ فلا تَعارُض بين دعم أمن إسرائيل ودعم قيام دولة فلسطينية". وأضاف لامي: "دعوني أكون واضحاً، إن حكومة نتنياهو مخطئة في رفضها حلّ الدولتين – خطأً أخلاقياً واستراتيجياً". وقال مسؤول بريطاني إن الأجواء كانت مشحونة بالحماس عندما أخبر وزير الخارجية الوفود بأن إعلان بلاده اتُّخذ "وعلى أكتافنا يدُ التاريخ" تدلُّنا وتوجِّه خُطانا، على حدّ تعبيره. ومضى لامي متحدثاً عن الماضي الاستعماري لبريطانيا في فلسطين، هذا الماضي المتشابك بقوة مع جذور الصراع بين اليهود والعرب للسيطرة على الأرض التي كانت تحت التاج البريطاني ذات يوم. واستولتْ بريطانيا على القدس من رُقعة الإمبراطورية العثمانية في عام 1917 وظلتْ تسيطر على فلسطين حتى عام 1948، قبل أن تُسلّم مسؤولية هذه الأرض للأمم المتحدة وتغادرها ساحةً لصراع شامل آنذاك بين العرب واليهود. وعلى الفور، أعلن ديفيد بن غوريون، أوّل رئيس وزراء لإسرائيل، استقلال الأخيرة التي تمكنت لاحقاً من صدّ هجوم شنّتْه الجيوش العربية وإنزال الهزيمة بتلك الجيوش. وفي رواق الأمم المتحدة، استدعى ديفيد لامي من التاريخ وَعْد بلفور، وزير الخارجية البريطانية في عام 1917، الذي أمهر بتوقيعه خطاباً مكتوباً على الآلة الكاتبة انطوى على وعْد "بإقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين". على أنّ وعْد بلفور، نَصّ أيضاً على "عدم الإضرار بالحقوق المدنية والدينية للمجتمعات غير اليهودية في فلسطين"، دون استخدام لفظة "عرب"، لكنّ هذا هو ما كان مَعنياً. وقال لامي إنّ لبريطانيا أنْ تفتخر بالطريقة التي أسهمتْ بها في تأسيس إسرائيل، لكنّ الوعد للفلسطينيين لم يُحفَظ، وهذا "ظُلمٌ تاريخيٌّ لا يزال قائماً". وقد غذّت الوعود المتضاربة من جانب بريطانيا هذا الصراع على الأرض وشَكّلتْ قوامه، ولو أنّ مسافراً عبر الزمن استطاع الذهاب إلى فلسطين في حقبة العشرينيات من القرن الماضي لتسنّى له أنْ يلمس أجواء العُنف والتوتر بشكل مثير للإحباط. ومن أجل علاج هذا الظُلم التاريخي، وصف لامي حلّ الدولتين؛ حيث تأمل المملكة المتحدة في إنهاء الوضع البائس في غزة، وفي إحلال السلام في الشرق الأوسط. وكانت فرنسا والسعودية تترأسان مؤتمر نيويورك الذي شهد حديث وزير الخارجية البريطاني. وأثمر المؤتمر عن بيان من سبع صفحات يستهدف تمهيد الطريق لإحياء حلّ الدولتين. وانطوى هذا البيان على إدانة من جانب دول عربية لحركة حماس وهجومها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل. إنّ نافذة السلام عبر حلّ الدولتين تبدو موصَدة بقوة بعد انهيار عملية السلام التي بدأتْ محادثاتها في حقبة التسعينيات، ويأتي قرار بريطانيا الخاص بالاعتراف بفلسطين بمثابة خطوة "دبلوماسية" على طريق إعادة فتْح هذه النافذة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store