logo
مشاهرة للجزيرة نت: لأول مرة أسمع كلمة "بابا" من أطفال نُطفي المهربة

مشاهرة للجزيرة نت: لأول مرة أسمع كلمة "بابا" من أطفال نُطفي المهربة

الجزيرةمنذ 2 أيام

إسطنبول – في الرابع من سبتمبر/أيلول عام 2002 اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي المقدسي فهمي مشاهرة، وحُكم عليه بالسجن المؤبد 20 مرة (مدى الحياة)، بعد اتهامه وشقيقه رمضان بإيصال استشهادي نفذ عملية أسفرت عن مقتل 19 إسرائيليا عام 2002.
وتحرر مشاهرة في 25 يناير/كانون الثاني ضمن صفقة التبادل التي أُبرمت بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل.
وفي حوار خاص أجرته الجزيرة نت معه وزوجته في منفاه بتركيا ، صممّ المحرر المقدسي قبل الإجابة عن أي من الأسئلة، على توجيه كلمة للمقاومة الفلسطينية.
وقال "إلى مُخلِّصينا ومُنقذينا ومحررينا من ظلم الاحتلال وسجانيه، أنتم أهل العزة والكرامة.. السلام على غزة التي نصرت الأمة قبل فلسطين والقدس، والتي رفعت شأن كل عربي ومسلم.. هيهات منا الذلة لأننا قوم أعزنا الله بالإسلام وبحماس، ولا نبالي حيثما وُجدنا في السجون أم في القبور أم في المنفى، حياتنا كلها لله وفي سبيله، ومن ثم في سبيل العزة والكرامة والأرض".
وتحدث مشاهرة عن قصته وزوجته في إنجاب 4 أطفال من خلال النُّطف المهربة من السجون، وأكثر ما اشتاق له في القدس وقضايا أخرى.
إعلان
كان هنالك دوما أمل بشكل نسبي حسب قوة إيمان الشخص بالله، وحسب الظروف المحيطة بنا كأسرى والحروب على الجبهتين الشمالية والجنوبية في البلاد.
يمكنني القول إننا لم نيأس يوما، وكان الأمل يطوقنا من كل اتجاه.. كنا ننتظر فقط "كن فيكون"، فرغم الوقت الطويل الذي مرّ وأنا داخل السجن، جاء اليوم الذي يتوقف فيه عند أعتاب زنزانتي عندما شاء الله ذلك وبشرف وعزة لا تقدر بقول ولا بفعل.
لم يُدرَج اسمك ضمن قائمة المبعدين لكنك خرجت من البلاد بمحض إرادتك، لماذا؟
القصة ببساطة أنه حيثما أكون تكون أرضي ومنها نكمل المسير، واختيار المنفى هو بسبب أمني الشخصي وعدم رغبتي بالعيش في توتر دائم خوفا من اعتقالي مرة أخرى، وبالإضافة لذلك فقد تم إبعاد شقيقي رمضان فذهبنا معا إلى المنفى.
استضافتنا مصر -مشکورة- على أفضل وجه، ومن ثم تركيا مشكورة لأنها لم تقصر معنا بتاتا، إلا أن الفرحة ما زالت منقوصة وبها غصة لِما يحدث لأهلنا في غزه من مجازر وقتل وتدمير وإبادة جماعية للأطفال والنساء أولا وآخرا، ولما تبقى من الأسرى من خلفنا، ونسأل الله تعالى أن تنتهي الحرب قريبا أو يشاء الله لما هو أكبر ويتم الإفراج عن إخوتنا من خلفنا.
القدس مقلة العين اشتقت لأزقتها وساحاتها وأشجارها ولقبة الصخرة المشرفة، ولأهلها الذين إن عاشرتهم لا تستطيع فراقهم.
منّ الله سبحانه وتعالى علينا بـ6 أطفال، اثنين قبل سجني وهما عبيدة وزينة، وأربعة بعد اعتقالي وهم عزيزة وعيد والتوأم آية وأحمد، خرجوا من رحم السجون وبعد فتره طويلة من سجني، وكان أولهم بعد 12 عاما من اعتقالي.
كنا نسأل أنفسنا دوما "ما العمل؟" فالوقت طويل والمؤبد لا ينتهي والفراغ قاتل، وداهمتنا الكثير من الأفكار لأن الإنجاب من داخل السجن كان دوما في ذهني، ولكن كافة الطرق القانونية والشرعية باءت بالفشل أمام تعنت وقمع وتسلط إدارة السجون.
وبالتالي قررنا خوض التجربة بطريقة "الزعرنة"، لأن هذا السجان لا يفهم إلا لغة القوة، وكانت فكرة استمرار حياتي وزيادة عدد أفراد أسرتي وأنا محكوم بالسجن المؤبد 20 مرّة هي أنسب ما يكون لصفع هذا المتباهي بنفسه أمنيا، وهو عكس ذلك.
عندما تلقى السجان أول صفعة على وجهه بالنطف المهربة من الأسير عمار الزبن تلقى بعدها مئات الصفعات من كل أسير قام بزراعة النطف المهربة ضمن ما عُرف بـ"سفراء الحرية".
وبعد التأكد من الفتوى الشرعية وموافقة الأهل من الطرفين، تمت الزراعة بحضور شاهدين من كل طرف في المكان الذي تمت به الزراعة، ورزقنا بأطفالنا عبر النطف المهربة في عام 2013 و2018 و2023.
كيف كان لقاؤك بأبنائك الخمسة, لأننا نعلم أن ابنك عبيدة حُرِم من لقائك؟
اللقاء بأبنائي الخمسة كان حلما عظيما تحقق بعدما كان محضا من الخيال، كنت أحلم يوميا أن يعانق جسدي أجساد أطفالي، وما زلت أعيش هذا الحلم الذي وقع حقا.
استيعاب الأمر صعب حتى الآن وهو بالفعل معجزة، التوأم أحمد وآية ولدا قبل معركة " طوفان الأقصى" بستّة أشهر فقط ولم أرهمها وأنا في السجن، لكن عندما التقيت بهما ركضا نحوي وكلمة "بابا" تصدح من حنجرتيهما وتصل إلى مسمعي وتقرع وجداني.
أطفالي الخمسة زينة وعزيزة وعيد وأحمد وآية استوعبوا اللقاء تماما، وحتى الآن لم أستوعب الحدث كما يجب، وكلما مرت الأيام تظهر لي معالم الأبوة والعائلة أكثر، فأصبح أبنائي يلجؤون لي عند الحاجة وعند عودتي إلى المنزل يركضون نحوي.
أما لقائي بزينة التي وُلِدت قبل اعتقالي فكان له رونق آخر، زينة التي تركتها قسرا بعمر عامين التقيتها وهي أم لثلاثة أطفال، وهذا وحده قصة لا تنتهي، أما عبيدة فأنا بانتظار اللقاء به قريبا إن شاء الله.
هل بدأت حياتك في الاستقرار الآن، وكيف تخطط وزوجتك للمستقبل؟
حياتي لم تبدأ بعد، فأنا ما زلت أعيش السجن في داخلي، وما زلت أحلم بالسجن، وفي صلاتي أدعو أن أخرج منه مع أنني الآن خارجه، بحمد الله كل شيء أحتاجه متوفر، والإخوة الذين كانوا سببا في الإفراج عنا لم يقصروا معنا قيد أنملة، لكن الاستقرار النفسي والانخراط في المجتمع يحتاجان بعض الوقت.
كيف كانت سامية تخفف عنك ألم الأسر، وكيف ساهمت الرسائل بينكما في تعزيز علاقتكما كزوجين؟
عاشت زوجتي معي كل التفاصيل وعاشت تجربة السجن لحظة بلحظة، وعلمت جيدا ماذا يعني القيد وطبيعة الألم والمعاناة التي كنا نعيشها يوميا.
عانت لمد 23 عاما كاملة وأكثر مما عانيت أنا، لأنها كانت الأم والأب والمربية.. أم عبيدة لها الفضل في تربية أبنائي الستة على أحسن وجه.
لا شك أن الرسائل التي كنت أرسلها لزوجتي وأبنائي وأمي وأبي تُطمئن بالهم، وكانوا يعانقون رسائلي ويقبلونها ويقيمون احتفالات عندما تصل.. أمي كانت تحتضن رسائلي ليوم كامل، وتجعل كل من حولها يقرؤنها مرة ومرتين وعشرة، وأبي دائما يواسيها ويصبّرها.
لقد تركتُ من خلفي حملا عظيما على أم عبيدة ونجحت بحمله، وبتقدير من الله رُزقت بتلك المرأة المخلصة التي أفنت حياتها في سبيل الله وفي الصبر على الابتلاء، وهي وحيدة بين 4 جدران، تربي أبناءها الستة أفضل تربية، فهي تستحق الآن أن تتربع على عرش الراحة والاستقرار، وأن تتكئ على الجدران الثابتة وعلى عمود البيت الذي عاد بفضل الله سبحانه وتعالى وعزة أهل العزة.
أحمد ياسين"إن يرضى الله عني"، وأن تنتهي الحرب عن أهلنا في غزة، وأن يتحرر باقي الأسرى من السجون، وأن تكون نهاية إسرائيل على أيدي المقاومة في فلسطين فقط، وأن ينتقم الله تعالى لنا من كل من خذلنا وتآمر علينا، وأن أعيش مع عائلتي الحب والأمن والاستقرار.
سامية، صفِي لنا شعورك في اللحظة التي أُدرج فيها اسم فهمي بصفقة التبادل؟
يعجز اللسان عن التعبير.. شعرت في تلك الليلة عند أذان العشاء وكأن تكبيرات العيد تصدح في بيتي، ربما كانت تلك رسالة من الله لأنني كنت أترقب إدراج اسم فهمي في أي من المواقع التي تظهر بها قوائم الأسرى.
أولادي ينتظرون والدهم على أحر من الجمر ويتابعون وسائل الإعلام بأشكالها كافة، لعل خبرا أو أي نبأ يبشرهم بتحرره، وعند إدراج اسمه سجدت لله سجود شكر، ثم سمعت اسمه على قناة الجزيرة ضمن الدفعة المقررة.
في البداية شعرت بالقلق وخشيت من الغربة وترك الأهل والأحباب والجيران من خلفي، ولاحقا أقنعت نفسي أنني أنتظر هذا اللقاء، وأن أبنائي يتوقون للعيش مع والدهم أينما كان، وأريد أن يحمل معي مسؤولية الحياة والأبناء التي أحملها منذ 23 عاما وحدي.. أريد أن نعيش حياة مليئة بالحب والسعادة والفرح.
لقاء مجبول بمشاعر مركّبة من الفرح والبهجة إلى الحنين للقاء الحبيب بعد طول فراق، وبعد سيل من الأشواق.
لم ينقطع أملي بالله عزّ وجل، وكنت أعلم أن يوم التحرر سيأتي وسينكسر القيد وتزول الزنزانة، إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا، تأملت دوما أن يتحرر فهمي بصفقة تبادل مُشرفة، وهذا الأمل كان يبقيني على قيد الحياة.
إعلان
كيف كان لقاء أطفالك وزينة المتزوجة بوالدهم، ومن نشأت بينه وبين فهمي علاقة استثنائية؟
لقاء من أجمل اللقاءات، لم أتوقع من آية وأحمد اللذين لم يتمّا العامين من عمرهما أن يسرعا في خطواتهما نحو زوجي وينادونه "بابا" لأنهم لم يرياه من قبل.
عزيزة عيونها مليئة بالفرح بوجود والدها بجانبها، وعيد كذلك، وهو الذي كان يحلم أن يعيش مع والده كبقية أطفال العالم.
كيف كان اللقاء الأول خارج قضبان السجون؟
كان اللقاء الأول لحظة لا تشبه غيرها، اختلطت فيها الدموع بالابتسامة والفرح بالخوف من أن تكون اللحظة مجرد حلم.. رأيته أمامي حرا لكن عيني كانت تبحث عن آثار السنوات، عن ذاك الذي غاب.. تملكنا الصمت أولا ثم تكلمت القلوب، ولم أعد أحتاج للرسائل بعد الآن لأنني أراه حيّا أمامي، وهذا وحده معجزة.
قلتِ لي أنك ذات يوم كنت ترغبين بإنجاب مزيد من الأطفال عبر النطف المهربة لأن الأطفال وتربيتهم تشغلك وتجعل الوقت يمر، لكن فهمي عارض ذلك في مرحلة ما وقال إنه يرغب بإنجاب الأطفال بعد تحرره، هل تخططان لإنجاب مزيد من الأطفال الآن؟
الأمومة نعمة عظيمة، وقد رزقني الله بستة أبناء أفتخر بهم، ما نفكر به الآن هو أن نستعيد حياتنا بهدوء ونمنح أبناءنا الأمان والحب الذي افتُقد لسنوات، أما موضوع إنجاب أطفال جدد فهو ليس بالقرار السهل ويحتاج للاستعداد الداخلي أولا، والأهم هو الجودة في العطاء لا الكثرة.
نعلم أن المنفى ليس سهلا وبدء الحياة من الصفر أمر معقد، لكن كيف ترين الحياة منذ تحرر فهمي، أين سيتعلّم الأطفال؟ وما خططكما المستقبلية؟
المنفى ليس سهلا، فهو اقتلاع من الوطن والذكريات، ولكن وجود زوجي بجانبي بعد خروجه من السجن وبعد غياب طويل منحني بعض السكينة والشعور بالأمان، لأننا معا نواجه الغربة كتفا بكتف وهذا بحد ذاته يجعل المنفى أقل قسوة.
مئات الرسائل تحت عنوان "إلى سامية" وصلتك من فهمي خلال سنوات اعتقاله، وتحتفظين بها في حقيبتين، هل كتب لكِ شيئا بعد تحرره، أم طويتما صفحة الرسائل إلى الأبد؟
إعلان
الرسائل التي كتبها لي في السجن كانت حياة نكتبها على الورق، وكانت طريقتنا الوحيدة لنبقى معا رغم الجدران.
بعد خروجه لم نعد نحتاج إلى الورق لأننا نعيش اليوم ما كنا نحلم به في السطور، لم تتوقف الكلمات لكنها تغيرت، صارت وجودا حقيقيا، فالصفحات سكتت قليلا.. لكن القلب ما زال يكتب.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مقرر أممي: فيتو واشنطن متوقع وعلى العالم إيصال المساعدات لغزة رغما عن إسرائيل
مقرر أممي: فيتو واشنطن متوقع وعلى العالم إيصال المساعدات لغزة رغما عن إسرائيل

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

مقرر أممي: فيتو واشنطن متوقع وعلى العالم إيصال المساعدات لغزة رغما عن إسرائيل

قال المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري إنه ليس مفاجئا أن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن بشأن قطاع غزة ، مطالبا بإرسال المساعدات الإنسانية عبر قوات حفظ سلام أممية رغما عن إسرائيل. وفشل مجلس الأمن -الأربعاء- في تبني مشروع قرار بشأن وقف إطلاق نار فوري بغزة، إذ استخدمت واشنطن حق النقض رغم تصويت جميع أعضاء مجلس الأمن الـ14 لصالح القرار. وشدد فخري -في حديثه للجزيرة- على أن القانون الدولي ملزم مثل قرارات مجلس الأمن، كما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة لديها سلطة تنفيذ قرارات عندما يفشل مجلس الأمن. وأشار المقرر الأممي إلى قرار محكمة العدل الدولية باعتبار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني وضرورة أن ينتهي. ولفت إلى أن إسرائيل تشن حرب تجويع وتخرق القانون الدولي، مستدلا بوجود أوامر اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت لارتكابهما جرائم حرب. وشدد على أن تصريحات الدول الأوروبية التي تدين إسرائيل في غزة "لا تكفي"، مؤكدا ضرورة الحاجة إلى أفعال لا أقوال "فالناس يموتون بالمئات بطريقة مروعة يوميا". وطالب هذه الدول بالعمل على وقف إطلاق النار وإرسال المساعدات بشكل فوري عبر قوات حفظ السلام، وتجاهل موقف إسرائيل في هذا الخصوص. وشن فخري هجوما حادا على " مؤسسة غزة الإنسانية"، وقال إنها ليست منظمة إنسانية بأي شكل من الأشكال، ووصفها بأنها "أداة لتسليح المساعدات"، وكذلك "إهانة وإخضاع الفلسطينيين وتهجيرهم من أماكن إقامتهم". ورفضت الأمم المتحدة التعاون مع هذه المؤسسة ذات مصادر التمويل الغامضة، قائلة إنها لا تحترم المبادئ الإنسانية الأساسية. واستدل المقرر الأممي أيضا بإطلاق إسرائيل النار على طالبي المساعدات وقتلهم. وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، الثلاثاء، عن ارتفاع عدد الشهداء في مراكز توزيع المساعدات إلى 102 خلال 8 أيام، وقال إن الاحتلال حولها إلى مصائد موت جماعي. وأوضح المكتب الإعلامى الحكومى أن تكرار المجازر يكشف أن ما يجري هو استخدام للمساعدات كأداة للقتل والتطهير الجماعي. بدورها، أفادت وزارة الصحة بقطاع غزة -في آخر إحصائياتها- بارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 54 ألفا و607 شهداء و125 ألفا و341 مصابا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. ومنذ هذا التاريخ، يشن جيش الاحتلال حرب إبادة ضد سكان القطاع الفلسطيني -وفق توصيف خبراء دوليين- وقد شُرد كل سكان القطاع تقريبا وسط دمار لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية. وبعد حصار خانق استمرّ أكثر من شهرين، سمحت إسرائيل منذ 19 مايو/أيار الماضي بدخول عدد محدود من شاحنات الأمم المتحدة إلى غزة، في حين وصفت المنظمات الإنسانية والأممية هذه المساعدات بأنها ليست سوى "قطرة في محيط" الاحتياجات بالقطاع الفلسطيني.

مقتل دبلوماسيين وتقرير عن الإخوان المسلمين.. الغرب تغيّر إلى الأبد
مقتل دبلوماسيين وتقرير عن الإخوان المسلمين.. الغرب تغيّر إلى الأبد

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

مقتل دبلوماسيين وتقرير عن الإخوان المسلمين.. الغرب تغيّر إلى الأبد

لم يعد الصمت ممكنًا حول ما يجري في غزّة، ليس على مستوى الرأي العام الدولي، لأن أثره محدود، ولكن على مستوى أصحاب القرار من القوى العظمى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، والصين، وأوروبا، وعلى مستوى العالم العربي والإسلامي. لم يعد هناك مجال لدبلوماسية الخطوات الصغيرة، والبلاغات المتزنة، والتصريحات المطمئنة والتي لا تغيّر شيئًا. ينبغي وقف حرب إبادة تتم بأبشع الصور، من خلال التجويع واستمرار الدمار، ويتوجب السماح بدخول المساعدات بلا قيد أو شرط، وضمان توزيعها، من قِبل الأمم المتحدة. نعم، تمّ تسجيل مواقف تنأى عن السردية الإسرائيلية، على المستوى الغربي، وتصف ما يجري بالوضع اللاإنساني، وغير المقبول، ولكن آلة التقتيل الإسرائيلية تستمر في الإبادة، ولا تأبه بالمواقف الدولية، فلم ترتدع آلة التقتيل الإسرائيلية في حصد القتلى، من المدنيين والشيوخ والأطفال، في الخيام، أو وسط الركام، أو استهداف ما تبقى من المستشفيات. إثكال آلاء حداد، في تسعة من أبنائها، وترميلها في زوجها، هي صورة لما آلت إليه ماكينة التقتيل الإسرائيلية.. هي صورة معبرة عن الوضع ككل، لأن مأساة الأم حداد، لا تنفصل عن مأساة كل الغزيين. التجويع أداة في خطة من أجل "تنظيف" غزة، بهدف "الحل النهائي"، وهي الكلمة التي كان يستعملها النازيون للقضاء النهائي على اليهود. نحن في فصل جديد، لـ"الحل النهائي" للفلسطينيين، أي إبادتهم، أو دفعهم للرحيل. وكل ما يقال عن أولوية إطلاق الأسرى، هي ذرائع، لا غير. الوضعية الحالية من شأنها أن تسفر عن تداعيات لن تكون في صالح إسرائيل، ولا الغرب. يقرّ إسرائيليون أنفسهم، من سياسيين ومن أصحاب الرأي، أن "رَيع المظلومية" لإسرائيل آخذ في التآكل، وأن الصورة التي تتشكل عن إسرائيل في الغرب، سلبية لما تقترفه في غزة. أما على مستوى العالم العربي، فالشعور المتنامي، لدى الجماهير، هو رفض التطبيع. وحتى لئن ارتبطت إسرائيل بعلاقات مع بعض الدول، فإن المجتمعات ترفض التطبيع، وستبقى في دائرة ما كان يسمى بـ" السِلم البارد". ينهض جيل جديد، في العالم العربي، يختلف عن الصورة النمطية التي كان يُروّج لها قبل أربع سنوات، حول النظر لإسرائيل، لا علاقة له بالصراع العربي الإسرائيلي، ولا لما كان يُعتبر "أساطير الماضي". الجيل الناهض يمتلئ غضبًا وحنقًا. أما الغرب، فإنه سيخسر رصيده الأخلاقي، على اعتبار أنه وحدة منسجمة. يتعزز ما يسميه وزير الخارجية الفرنسي السابق هيبير فدرين، بالشلل الإستراتيجي لأوروبا. يترسخ عجزها، مما سيؤثر ليس على صورتها فقط، بل على أدائها وهي تسعى لأن ترسم خطط دفاع مشترك، أمام ما تراه خطرًا روسيًا عليها. وأما الولايات المتحدة فهي الدولة الوحيدة، التي يمكنها أن توقف عمليات الإبادة والتجويع. استمرار عمليات التقتيل والتجويع، لا يمكن أن يفسر على أنه عجز من الولايات المتحدة، وإنما تواطؤ. واهمٌ من يعتقد أن الأوضاع ستعود إلى طبيعتها بعد نهاية الحرب. منسوب الغضب لدى الفلسطينيين، وفي العالم العربي، والتذمر لدى فعاليات غربية، سيؤثر على طبيعة العلاقات المجتمعية بداخل الغرب. يمكن أن نستشهد بحدثين يحملان نذر المواجهة، أولهما مقتل دبلوماسيين إسرائيليَيْن قبالة المتحف اليهودي في واشنطن، والثاني نشر تقرير عن الإخوان المسلمين في فرنسا. الحدث الأول يحمل نُذر العنف بداخل المجتمعات الغربية، والتقرير يحذر من التوتر بداخل هذه المجتمعات، رغم المنطلقات المغرضة التي حملها، ولكن هناك حقيقة لا يمكن أن يُتستر عنها، وأشار إليه التقرير، وهي أثر الحرب في غزة على الجاليات المسلمة في أوروبا. يمكن إبطال ما قد يعتمل من نُذر توتر وعنف بوقف الحرب على غزة، والسماح بدخول المساعدات وتوزيعها، وإعادة تعمير غزة، والوقوف ضد مخططات التهجير، والاعتراف بحقوق الفلسطينيين، وإلا فإن العالم سيعرف فصلًا مروعًا وبالأخص في ضفتي البحر الأبيض المتوسط، بداخل المجتمعات الغربية، وبين وحدات الضفة الجنوبية للبحر الأبيض. لسنا في منأى من تحويل بؤرة التوتر من غزة، إلى داخل العالم العربي، في مخططات شيطانية، تأتي على الأخضر واليابس، حتى يتم "تنظيف" غزة، في يُسر. وبتعبير أوضح، خلق بؤر توتر كبرى، تصرف عن النظر عما يجري في غزة. يشير الغربيون إلى الحرب العالمية الأولى بأنها حرب لم يكن يريدها أحد، وأن القياديين كانوا في حالة من الذهول التي تعتري شخصًا يسير وهو نائم.. وقامت الحرب، وخلّفت من المآسي ما خلفت. نحن في وضعية مشابهة كمن هو في حالة ذهول، يمشي حتف أنفه نحو الهاوية. الضمير هو ما ينقذنا، ولكن الضمير معطل، وإذا لم يتم تدارك الأمور، في غزة، بوقف آلة الدمار والتقتيل، والسماح بدخول المساعدات، كأولوية، فلا أرى أن العالم سيكون في مأمن من الكارثة.

خبراء: أزمة تجنيد الحريديم تهدد بانهيار حكومة نتنياهو
خبراء: أزمة تجنيد الحريديم تهدد بانهيار حكومة نتنياهو

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

خبراء: أزمة تجنيد الحريديم تهدد بانهيار حكومة نتنياهو

أجمع خبراء ومحللون سياسيون على أن الأزمة المتفاقمة حول تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي تضع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية) أمام معضلة سياسية معقدة قد تؤدي إلى انهيار حكومته وإجراء انتخابات مبكرة خلال الأشهر القادمة. وحسب الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور مهند مصطفى، فإن نتنياهو يواجه خيارات صعبة للغاية في هذه الأزمة، حيث يجب عليه إقناع رئيس لجنة الخارجية والأمن بتقديم مشروع قانون للكنيست يعفي الحريديم من الخدمة العسكرية أو يقلل من عددهم المطلوب تجنيده. وإذا فشل في ذلك، فإن البلاد ستتجه على الأرجح نحو حل الكنيست وإجراء انتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، يؤكد مصطفى. يذكر أن الأزمة السياسية تفاقمت بشكل كبير عندما تصاعدت حدة التوتر داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي إثر أزمة "قانون التجنيد"، بعد فشل اللقاء الذي جمع رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست يولي إدلشتاين مع قيادات من كتلة " يهودات هتوراه" الحريدية (الممثلة لليهود المتدينين)، والذي وصفته مصادر رفيعة داخل الكتلة بـ"الفشل الذريع". وفي تطور يعكس عمق الأزمة، تلقى رئيس الكتلة موشيه غفني تعليمات مباشرة من الزعيم الروحي لحزب "ديغل هتوراه"، الحاخام دوف لاندو، تقضي بدعم قانون حل الكنيست إذا قُدِّم الأسبوع المقبل، وذلك إذا لم يُقَر قانون يعفي طلاب المعاهد الدينية الحريدية من الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي. وتُعد هذه التعليمات تهديدا مباشرا وغير مسبوق من الأحزاب الحريدية، يكشف عن شرخ عميق داخل الائتلاف، قد يفكك الحكومة، ليس بفعل الحرب على غزة، بل بسبب ملفات داخلية مؤجلة. وتظهر هذه المواقف الصارمة حقيقة أن الأحزاب الحريدية ترى في قانون التجنيد تهديدا لهويتهم الدينية وأسلوب حياتهم، وقد عبّرت قياداتها، خاصة غفني ورئيس حركة " شاس" أرييه درعي، عن رفض قاطع لأي صيغة تجنيد تشمل أبناء التيار الديني الحريدي. تناقضات مجتمعية عميقة ولفهم جذور هذه الأزمة، أوضح أستاذ العلوم السياسية، الدكتور زياد ماجد، أن هذه الأزمة تكشف عن التناقضات العميقة في المجتمع الإسرائيلي بين التيارات العلمانية والدينية، موضحا أن التغيرات الديمغرافية وصعود المكونات الدينية المحافظة جعلت هذه التناقضات تتفجر بشكل أكبر، خاصة في ظل استمرار الحرب على غزة. وفي السياق نفسه، أكد الخبراء أن الصراع في غزة غيّر طبيعة النقاش حول تجنيد الحريديم بشكل جذري، فبينما كان النقاش في السابق يتركز حول "المساواة الاقتصادية"، أصبح الآن يتعلق بقضايا "الحياة والموت"، كما أوضح مصطفى، وأضاف أن جنود الاحتياط يتساءلون الآن: "لماذا نموت نحن بينما الحريديم يعيشون في أمان؟". ومن زاوية أخرى سلط الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة الضوء على الاستنزاف الذي تحدثه هذه الأزمة قي الجيش الإسرائيلي، مشيرا إلى أن رفض 50% من جنود الاحتياط للخدمة العسكرية، إلى جانب رفض الحريديم للتجنيد، وضع قيادة الجيش في موقف لا تحسد عليه من ناحية القدرة على حشد المزيد من الجنود. ولفهم تأثير الأزمة على المجتمع الحريدي نفسه، أوضح مصطفى أن تجنيد 50% من الشباب الحريدي كما يطالب الجيش سيؤدي إلى "تفكيك البنية التعليمية والاجتماعية والثقافية" لهذا المجتمع، الذي يعيش نمطا منفصلا تماما عن المجتمع الإسرائيلي العام. ولهذا السبب، أكد مصطفى أن الحريديم يعتبرون هذه المسألة "قضية حياة أو موت" لمستقبلهم الثقافي والديني. ضغوط خارجية وإلى جانب التحديات الداخلية المعقدة، تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطا خارجية متصاعدة تزيد من تعقيد المشهد السياسي، وفي هذا السياق لفت الحيلة إلى أن استطلاعات الرأي العالمية تظهر انقلابا في المزاج العالمي تجاه إسرائيل، حيث تنظر 20 دولة من أصل 24 دولة شملها استطلاع مركز أميركي نظرة سلبية لإسرائيل. وفي السياق ذاته، لفت ماجد، إلى التحول الكبير في الموقف الأوروبي، خاصة بعد تسريب الوثيقة السرية للاتحاد الأوروبي التي تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وأوضح أن دولا مثل فرنسا وهولندا انضمت إلى معسكر الدول التي تطالب بإعادة النظر في العلاقات مع إسرائيل. وتكتسب هذه الضغوط الخارجية أهمية خاصة بالنظر إلى الأهمية الاقتصادية لهذه العلاقات، حيث أكد مصطفى أن الاتحاد الأوروبي يستقبل نحو 33% من الصادرات الإسرائيلية، وأن الكثير من المرافق الاقتصادية والعلمية في إسرائيل تعتمد على العلاقة مع أوروبا، مما يجعل هذه الضغوط ذات تأثير مباشر على الاقتصاد الإسرائيلي. سيناريوهات مستقبلية وفيما يتعلق بالتوقيتات المحتملة لتطور هذه الأزمة المعقدة، توقع مصطفى أن تتضح الصورة خلال يومين من خلال اجتماع نتنياهو مع رئيس لجنة الخارجية والأمن، يولي إدلشتاين، الذي يملك صلاحية تقديم مشروع قانون إعفاء الحريديم للكنيست. وأشار إلى أن إدلشتاين معارض لنتنياهو ولا يريد تقديم قانون يخدم مصالح الحريديم، مما يجعل إمكانية حل الأزمة "ضئيلة جدا". وحول السيناريوهات المحتملة في حال انهيار الحكومة، يرى مصطفى أن الانتخابات المبكرة قد تؤدي إلى تغيير جذري في المشهد السياسي الإسرائيلي، حيث تشير استطلاعات الرأي الإسرائيلية إلى أن المعارضة قد تحصل على 72 مقعدا، وهو رقم كافٍ لإسقاط نتنياهو وتشكيل حكومة جديدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store