
الملفات الغامضة بين صدام والقذافي من صواريخ سكود إلى معسكرات المعارضة
كثيرة هي الملفات التي جمعت بين الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين والزعيم الليبي الراحل معمّر القذافي ، ولا سيما أن العلاقة بين الرجلين كانت بين شدّ وجذب كغيرها من علاقات زعماء المنطقة في الربع الأخير من القرن الـ20.
وقد بدأت الحكاية في أواخر ستينيات وسبعينيات القرن الماضي حين تزامن صعود الرجلين في وقت واحد، ودخولهما في صراع على النفوذ والكلمة في المنطقة.
من التأييد إلى التنافس
حين أزاح العقيد معمر القذافي نظام حكم محمد إدريس السنوسي في فجر الأول من سبتمبر/أيلول 1969، كانت بغداد تتابع المشهد من موقع المنتصر الثوري الآخر، وقد ترسخت فيها سلطة حزب البعث بعد انقلاب جرى بقيادة أحمد حسن البكر ونائبه وقريبه القوي صدام حسين في العام السابق على انقلاب القذافي.
وحينها لم تتردد العراق في إعلان الترحيب بـ"الثورة الليبية الفتية"، بل أرسلت وفدا رفيعا يقوده صدام نفسه إلى طرابلس الغرب، حاملا وعودا بالدعم المطلق سياسيا وعسكريا، فضلا عن المالي والسياسي لتثبيت أركان النظام الجديد الذي يبدو أنه كان يتفق فكريا مع النظام العراقي الجديد.
لكن هذا التقارب الذي بدا واعدا في بدايته، لم يكن سوى ومضة عابرة في سماء مشحونة بالتناقضات، ذلك أن القذافي سرعان ما تبنى رؤية الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر ، الرجل الذي اعتبره قائده الروحي ونموذج الزعامة في المنطقة.
كان ناصر وقتها على خلاف عميق مع البعثيين في العراق وسوريا على الرغم من تبني كلا الفريقين خطاب القومية العربية، وخصوصا صدام حسين، الذي وصفه عبد الناصر ذات مرة بـ"البلطجي"، كما يروي جواد هاشم وزير التخطيط العراقي السابق، في مذكراته "مذكرات وزير عراقي مع البكر وصدام".
ومع رحيل عبد الناصر في سبتمبر/أيلول 1970 سرعان ما طفت الخلافات المكتومة بين الرجلين إلى السطح، لتتخذ منحى صداميا في الملفات الإقليمية.
ففي صيف عام 1971، اختار العراق دعم انقلاب شيوعي في السودان كان يستهدف إسقاط الرئيس جعفر النميري، وكما يذكر محمد عبد العزيز في كتابه "أسرار جهاز الأسرار: جهاز الأمن السوداني" فقد تحركت ليبيا بسرعة لإجهاض ذلك الانقلاب، بل ألقت القبض على اثنين من أبرز قادته وهما بابكر النور وفاروق عثمان، وسلّمتهما لاحقا للنميري، ليُنفَّذ فيهما حكم الإعدام.
كانت تلك اللحظة بمثابة إعلان قطيعة صامتة بين طرابلس وبغداد، ورسالة واضحة أن تحالفات الشعارات القومية باتت لا تصمد أمام صراع الأجندات والثأر التاريخي بين الناصرية والبعث في ملفات المنطقة المختلفة.
ولم تمضِ سوى أشهر على هذا التوتر حتى دخل المشهد العربي منعطفا جديدا، ففي عام 1972، طرح الرئيس المصري وقتها أنور السادات مشروعا طموحا لتشكيل اتحاد الجمهوريات العربية بين مصر وليبيا وسوريا في كيان وحدوي ثلاثي.
وقد بدا هذا المشروع جزءا من تطلعات وشعارات القذافي الناصرية، كما أيده حافظ الأسد بحذر كدأبه في مشاريع المنطقة، لكن البعث العراقي بقيادة صدام رأى فيه كارثة قومية، وربما إهانة شخصية له، ففي نظره كانت الخطوة محاولة "استسلامية" تُمهّد لتنازلات سياسية في القضية الفلسطينية، وفق ما يذكره الباحث عباس البخاتي في دراسته عن موقف دول المغرب العربي من الحرب العراقية-الإيرانية.
ولم تلبث الأوضاع أن اتخذت منحى آخر مع اندلاع حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 ، فأمام التحدي الوجودي الذي فرضته الحرب، التقت مصالح العرب، فتوحدوا خلف قرار تاريخي بوقف ضخ النفط إلى الدول الغربية المؤيدة لإسرائيل، كان ذلك اصطفافا استثنائيا فرضه واقع الحرب أكثر من كونه ثمرة مصالحة سياسية عميقة.
مرحلة العداء
لكن أمل الالتقاء ما لبث أن تبدّد مع توقيع الرئيس المصري أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل في أواخر السبعينيات، هذه الخطوة المثيرة للجدل دفعت ليبيا إلى التحرك السياسي والدعوة إلى إنشاء جبهة مواجهة سمتها "الصمود والتصدي"، التي ضمّت أبرز العواصم العربية المعارضة للتطبيع مثل بغداد ودمشق والجزائر.
ورغم ما حملته الجبهة من شعارات الوحدة والمواجهة، فإن واقعها كان مختلفا، فقد كانت في جوهرها أداة للمناورة الإقليمية، أكثر منها جبهة صلبة لمواجهة المشروع الإسرائيلي.
ففي نهاية السبعينيات كانت ملامح السلطة في العراق قد تغيّرت جذريا، إذ لم يعد صدام حسين مجرد نائب لأحمد حسن البكر، بل أصبح هو المحرك الفعلي للدبلوماسية والسياسة العراقية، يتحكم في بوصلتها بتوازن مدروس بين الطموح السياسي والإحساس بالخطر.
كما لم يكن يدير الملفات الخارجية فقط، بل كان يُمهد بهدوء لوراثة الحكم، وهو ما تحقق حين دفع البكر إلى التنحي، ليصعد صدام رسميا إلى رأس الدولة في يوليو/تموز 1979.
لم يفتح هذا التحول فصلا جديدا في الحكم العراقي فقط، بل فجر صراعا شخصيا وسياسيا طالما كان كامنا تحت السطح، حيث التنافس المحموم بين صدام حسين ومعمر القذافي، فعقب وفاة عبد الناصر، بدا أن الاثنين يتسابقان على ملء الفراغ القيادي في المشهد العربي.
وهذا ما يذكره عبد السلام التريكي وزير الخارجية الليبي الأسبق، في شهادته التي وثّقها غسان شربل في كتابه "في خيمة القذافي"، فإن هذا الصراع اتخذ طابعا عدائيا منذ البداية، لا تحكمه فقط الخلافات الأيديولوجية، بل أيضا خصومة شخصية لا تهدأ.
وما إن أمسك صدام بمقاليد الحكم في يوليو/تموز 1979، حتى بادر بالانسحاب من "جبهة الصمود والتصدي" التي أنشأتها ليبيا ردا على اتفاقية كامب ديفيد، ولم يُخفِ صدام سبب قراره بل وجّهه صراحة نحو سوريا التي كان يقودها حافظ الأسد، غريمه اللدود، حيث اتهمها بمحاولة زعزعة نظامه من الداخل.
وكانت هذه الاتهامات أكثر من مجرد خلافات دبلوماسية، إذ استُخدمت كذريعة لحملة تمحيص لصفوف الداخل من المعارضين، بمن فيهم المحتملون، وحملت رسائل قاسية عن طبيعة النظام الجديد الذي أراد صدام منه ألا يتحكم فيه من رآهم خصومه وقتئذ.
وكما يرصد بعض الباحثين، فقد تحول التنافس بين النظامين الليبي والعراقي إلى ما يشبه حرب زعامة باردة، فيها كل أدوات التأثير، من التحالفات الإقليمية إلى التصعيد الإعلامي، مرورا بالاغتيالات السياسية والدعم العابر للمعارضات، ولقد كانت تلك الفترة إحدى أكثر مراحل النظام العربي الرسمي توترا، حيث بدا أن وحدة الصف شعار يتهاوى أمام طموحات الزعامة المتضاربة.
لم يمضِ وقت طويل حتى جاء رد القذافي على خصمه العراقي، حيث اختار أن تتحول طرابلس إلى ملاذ آمن لقيادات المعارضة الكردية العراقية، ووفر لهم القذافي غطاء سياسيا وإعلاميا يعزز موقعهم في مواجهة النظام العراقي.
ولم تكن الخطوة مجرد تضامن، بل رسالة لاذعة لصدام في وقت كان يخوض فيه مواجهات دامية ضد ما اعتبره التمرد الكردي في الشمال.
لكن التصعيد لم يتوقف عند هذا الحد، فقد وجّه القذافي ضربته الثانية إلى الداخل الليبي نفسه عندما ضيّق الخناق على حزب البعث الليبي الذي كانت له ميول نحو البعث العراقي، ومع تصاعد الحملة انتهى الأمر بمقتل القيادي البارز في الحزب عامر الدغيس في مطلع الثمانينيات، في حادثة فُهمت في بغداد على أنها تصفية سياسية ورفض مطلق لأي نفوذ بعثي عراقي في الجماهيرية الليبية.
وهكذا تحول التوتر بين الزعيمين إلى صراع استنزاف مفتوح كل منهما يستهدف العمق الإستراتيجي للآخر، ويضربه في خاصرته الضعيفة، فبينما سعى القذافي إلى زعزعة شمال العراق بدعم الأكراد، ردّ صدام بتقويض نفوذ طرابلس في الجنوب الليبي كما سنرى عبر دعم أعدائها.
وتُوّج الخلاف بين الرجلين بمواقف علنية محرجة ومواجهات ساخنة على هامش المؤتمرات العربية، واحدة من أكثر هذه اللحظات شهرة ما جرى في قمة الدار البيضاء في أوائل الثمانينيات، التي جمعت الزعيمين في لقاء مباشر، تحوّل إلى مشادة ساخرة علنية.
فخلال القمة، وكما يروي عبد الرحمن شلقم مندوب ليبيا السابق في الأمم المتحدة في مقابلة صحفية، لم يُخف صدام كراهيته واستهزاءه حين خاطب القذافي بنبرة ساخرة قائلا: "أخ معمر، ماذا سميت ليبيا؟ أعطني العنوان الكامل". وكان يشير بذلك إلى الاسم المبالغ فيه الذي اختاره القذافي رسميا لدولته: "الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى".
وتعالت ضحكات خافتة في القاعة، بينما تجمد وجه القذافي، فصدام كما يذكر شلقم كان شرسا لم يكن يكتفي بالخلاف السياسي، بل استثمر اللحظة لإهانة رمزية تنتقص من مشروع القذافي الأيديولوجي، ومن تلك اللحظة الحاسمة لم تعد العلاقة بين الرجلين قابلة للترميم.
وقد عبر الوزير الليبي عبد الرحمن شلقم لاحقا عن تلك اللحظة بقوله: العلاقة بينهما تحولت إلى كراهية صريحة.. وكان أحد أوجه تلك الكراهية أن القذافي سلم صواريخ إلى إيران استخدمتها لاحقا لقصف المدن العراقية أثناء الحرب".
كسر العظام والنهاية
وكما يروي سالم الجميلي، ضابط المخابرات العراقي في زمن صدام، في كتابه "المخابرات العراقية 1968- 2003، أسوار وأسرار"، فإنه في عام 1985 وبينما كانت الجبهات مشتعلة على طول الحدود الشرقية في معركة العراق مع إيران، تلقّت بغداد ضربة صادمة من حيث لم تكن تنتظر صاروخ سكود سوفياتي الصنع يدخل المعركة ويسقط على مبنى البنك المركزي العراقي وسط العاصمة، محدثا دمارا هائلا وذعرا أكبر، ولم يكن الصاروخ إيراني المنشأ، إذ لم تكن إيران آنذاك تمتلك هذا النوع من الصواريخ ضمن منظومتها العسكرية.
وبحسب الجميلي، فإن ما كشفه التحقيق العسكري والاستخباري العراقي كان أخطر من مجرد صاروخ، فبعد تحليل بقاياه تبين أن هذا السلاح قد شُحن من ليبيا إلى إيران، في خطوة اعتبرتها بغداد طعنة في الظهر، نفذها العقيد معمر القذافي بدافع شخصي صرف، تمثل في كراهيته العميقة لصدام حسين.
وكالعادة لم يتنظر صدام طويلا للرد، وهو الذي كان يرى في الضربة إهانة مقصودة تستدعي ردا إستراتيجيا، أصدر أوامره بسرعة إلى جهاز المخابرات والقيادة العسكرية بالتوجه نحو الحدود الليبية، لم تكن الخطة غزوا مباشرا، بل فتح ساحة ضغط متقدمة على النظام الليبي من خاصرته الجنوبية.
وهنا لعبت تشاد دور المحور، حيث كانت علاقات العراق آنذاك متينة مع الرئيس التشادي حسين حبري، الذي كان يخوض حربا مفتوحة ضد القذافي في منطقة شريط أوزو، وبالمقابل كانت طرابلس تدعم فصائل متمردة ضد حبري، مما جعل الأرض التشادية بيئة خصبة للحروب بالوكالة.
وفي قلب الصحراء المحاذية للحدود الليبية التشادية، بدأت ملامح خطة عراقية جريئة بالتشكل، تمثلت في إنشاء شبكة دعم منظم لحركات المعارضة الليبية، وتزويدها بالتمويل والسلاح والمشورة الاستخباراتية.
تلك الفصائل التي كانت حتى وقت قريب مشتتة وهامشية، تحوّلت فجأة إلى أداة ضغط حقيقية على نظام معمر القذافي، بعد أن باتت مدعومة مباشرة من بغداد، وتتلقى تعليماتها من ضباط مخابرات عراقيين نافذين ومدربين.
ولم يكن هذا التحول تكتيكيا عابرا، بل كان رسالة صريحة من صدام حسين يهدد من خلالها القذافي، وهكذا انزلقت العلاقة بين العراق وليبيا إلى مرحلة من التصعيد المتبادل لا رجعة فيها، وخرج التنافس الشخصي بين الزعيمين من دوائر السياسة ليغدو صراعا ميدانيا ممتدا، تتخلله العمليات السرية والتحركات العابرة للحدود.
وبحسب شهادة الجميلي، أحد الضباط المشاركين في الملف، فقد أُنشئ معسكر خاص للمعارضة الليبية على الشريط الحدودي بين ليبيا وتشاد، نُقل إليه المعارضون المقيمون في بغداد وتشاد على حد سواء، وخضعوا هناك لتدريبات عسكرية مكثفة.
ولضمان استمرار الإمداد، تم تسيير جسر جوي مباشر من قاعدة الرشيد العسكرية في بغداد إلى مطار أنجامينا التشادي، نُقلت عبره كميات ضخمة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، بما في ذلك قاذفات مضادة للدروع وهاونات.
وكانت العمليات تحت إشراف مباشر من ضباط بارزين في جهاز المخابرات العراقي، وبتنسيق سياسي قاده طارق عزيز نائب رئيس الوزراء آنذاك، الذي تولى ملف العلاقات مع المعارضة الليبية.
وبعد استكمال التدريب، شنت قوات المعارضة الليبية عملية هجومية مباغتة على وحدات الجيش الليبي في تشاد بقيادة الرائد خليفة حفتر، وقد أسفرت هذه العملية عن تكبيد القوات الليبية خسائر فادحة، أجبرت حفتر على الانسحاب من ساحة المواجهة.
وفيما بدا أنه اعتراف بجدية التهديد، قرر القذافي إرسال مدير استخباراته أحمد قذاف الدم إلى بغداد في مهمة سرية، وقد كان في استقباله كبار المسؤولين الأمنيين، يتقدمهم فاضل البراك مدير المخابرات، والفريق حسين كامل قريب صدام وزوج ابنته.
وقد أفضى اللقاء إلى اتفاق غير مكتوب بأن يوقف العراق دعم المعارضة الليبية، في مقابل وقف طرابلس دعمها العسكري لإيران في حربها ضد بغداد، بحسب ما يروي الجميلي، وهكذا كانت نهاية صفحة من صفحات الخلاف بين الزعيمين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 38 دقائق
- الجزيرة
غولان: نتنياهو يبيع أمن إسرائيل مقابل يوم إضافي في الحكم
قال رئيس حزب الديمقراطيين الإسرائيلي يائير غولان إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يروّج لتصور خطير جديد، وهو تسليم مليشيا في قطاع غزة مرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية. وأضاف غولان أنّ نتنياهو -المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية – يصنع قنبلة موقوتة جديدة في غزة بدلا من التوصل إلى صفقة وإعادة الرهائن، وإقامة ترتيبات مع ما أسماه "المحور السني المعتدل"، واستعادة الأمن للإسرائيليين. وأشار غولان إلى أنّ هذا ليس خطأ، بل هو منهج، مضيفا أن نتنياهو يبيع أمن الشعب الإسرائيلي مقابل يوم إضافي في السلطة، ويجب إبعاده فورا عن دائرة اتخاذ القرار. من جانب آخر، نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن عضو في المجلس الوزاري الأمني المصغر قوله إن المجلس لم يوافق على تسليح مجموعات في غزة، لكنّ إسرائيل تعمل بالفعل على تأجيج الخلاف بين حركة حماس والمجموعات المسلحة الأخرى. تسليح عصابات وكانت الإذاعة الرسمية الإسرائيلية نقلت عن زعيم حزب " إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف، أفيغدور ليبرمان، قوله إن إسرائيل سلّمت أسلحة لعصابات في قطاع غزة بأمر من رئيس الوزراء الإسرائيلي. وتحدثت تقارير إعلامية إسرائيلية سابقة عن ظهور "مجموعات إجرامية مسلحة" بغزة، تعمل بحماية الجيش الإسرائيلي، وتهاجم الفلسطينيين. وقال ليبرمان لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية إن "إسرائيل نقلت بنادق هجومية وأسلحة خفيفة إلى مليشيات إجرامية في غزة"، مؤكدا أن هذه الخطوة تمت "بأوامر من نتنياهو". وأضاف أن تسليح عصابات إجرامية في غزة لم يحصل على مصادقة المجلس الوزاري المصغر، مؤكدا أن رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) يعلم بالأمر. ووجهت حركة حماس في أكثر من مناسبة اتهامات مباشرة لما وصفتها بـ"عصابات مسلحة" مدعومة من إسرائيل تنهب المساعدات الإنسانية الشحيحة التي تدخل غزة، في ظل حصار إسرائيلي خانق. وخلفت حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة، بدعم أميركي، نحو 180 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين، بينهم أطفال.


الجزيرة
منذ 38 دقائق
- الجزيرة
مجلة إسرائيلية: الاحتلال يصنف مناطق بغزة خالية لتبرير قصفها
نقلت مجلة "972+" الإسرائيلية عن مصدرين استخباريين قولهما إن الجيش الإسرائيلي يدّعي أن الأحياء السكنية التي يقصفها في قطاع غزة خالية من السكان رغم علمه بأن العديد من المنازل هناك مكتظة بالمدنيين الذين لا يستطيعون أو لا يريدون المغادرة. ويعتمد الجيش الإسرائيلي في تصنيفه حيا معينا بأنه خالٍ من السكان على تحليل خوارزمي غير واف لأنماط استخدام الهاتف على مساحة واسعة، وليس على تقييم مفصل لكل منزل على حدة قبل القصف، حسبما كشفت المجلة وموقع لوكال كول الإسرائيلي وصحيفة نيويورك تايمز الأميركية. وفي مايو/أيار الماضي لاحظ المصدران الاستخباريان -اللذان لم تفصح المجلة عن هويتهما- أن الجيش الإسرائيلي كان يقصف المنازل ويقتل العائلات، في حين كان يسجل في تقاريره الداخلية استنادا إلى الحساب الخوارزمي المعيب أن تلك المباني كانت خالية أو شبه خالية من السكان. وقال أحد المصادر إنه عند النظر إلى الجداول التي تبين معدلات الإشغال في المنازل يكتشف المرء أن كل بيان موسوم باللون الأخضر يعني أن ما بين صفر إلى 20% من السكان لا يزالون يقيمون فيها، الأمر الذي يعكس مدى رداءة الخوارزميات التي يستند إليها الجيش في تقديراته. وأشار المصدر نفسه إلى أن كل المنطقة التي زاروها في خان يونس وسمت باللون الأخضر، أي أنها خالية من السكان، لكنها لم تكن كذلك، وليس أدل على ذلك من الغارة الجوية التي شنتها إسرائيل الأسبوع الماضي على منزل الدكتورة آلاء النجار في الحي نفسه، مما أدى إلى استشهاد 9 من أطفالها العشرة وزوجها الدكتور حمدي النجار الذي توفي متأثرا بجراحه بعدها ببضعة أيام. وتوضح المجلة أنه قبل تصنيف حي ما "أخضر" تقوم خوارزمية الاستخبارات بحساب عدد السكان في كل منزل وفقا لمعدل الإخلاء المقدر للمنطقة، فإذا قدّرت الخوارزمية أن 80% من السكان قد غادروا فإن العدد المتوقع للإصابات في كل منزل ينخفض بالنسبة نفسها، وغالبا ما يتم ذلك دون تكريس وقت كافٍ لإجراء فحص مفصل. فعلى سبيل المثال، إذا كان 10 فلسطينيين يعيشون في منزل قبل الحرب تُظهر الخوارزميات أن اثنين منهم فقط هم من تبقوا فيه، وهو ما اعتبرها أحد المصادر الاستخبارية طريقة إحصائية تفضي إلى أخطاء. وبهذه الطريقة، يمكن للجيش الموافقة على شن مزيد من الغارات الجوية والادعاء بأنه يلتزم بمبدأ النسبة والتناسب ولكن دون أن يجري تقييما لما بعد الهجمات لتحديد عدد المدنيين الذين قتلوا بالفعل، وهو ما يجعله لا يعرف عدد الفلسطينيين الذين قتلوا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ، حسب ادعاءات المصادر التي استندت إليها مجلة "972+". لكن المجلة ترى أن إحصائية الجيش لأعداد المدنيين الذين قتلوا جراء عمليات القتل الجماعي في غزة لم تكن نتيجة خطأ في التحليل الخوارزمي، بل نتيجة مباشرة لسياسات إسرائيل المتساهلة إزاء مقدار الأذى الذي تلحقه العمليات العسكرية بالفلسطينيين. وصرحت الدكتورة مارتا بو الباحثة البارزة في القانون الدولي بمعهد آسر في لاهاي للمجلة بأن استخدام بيانات إحصائية غير دقيقة لتحديد الأضرار التي تلحق بالمدنيين يمكن اعتباره انتهاكا لمبدأ الحيطة في القانون الدولي الذي يلزم الدول باتخاذ تدابير لتقليل الضرر المتوقع على السكان المدنيين. من جانبه، قال المحلل السياسي الفلسطيني في غزة محمد شحادة -وهو باحث زائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية- إنه يجب النظر إلى هذه السياسات في سياق الجهود الإسرائيلية الممنهجة لتدمير كل ما تبقى هناك، مضيفا أنه لم يتم إخلاء أي حي بالكامل في القطاع. ولفتت المجلة إلى أن المدارس والمستشفيات المكتظة بالنازحين التي استهدفتها الغارات في الآونة الأخيرة هي منشآت كانت تعد في السابق "مواقع حساسة"، لكن الجيش الإسرائيلي يصنفها "مراكز ثقل" زعما منه أنها تؤوي أعدادا كبيرة من مقاتلي حركة حماس.


الجزيرة
منذ 38 دقائق
- الجزيرة
سيناريوهات نتنياهو في مواجهة أزمة تجنيد الحريديم
تتزايد الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واحدة من أخطر أزماته السياسية مع تجدد أزمة تجنيد الحريديم ، وإصرار الأحزاب الدينية المشاركة في الائتلاف الحاكم على الدفع نحو حل الكنيست وإسقاط الحكومة، احتجاجا على عدم إقرار قانون يعفي اليهود المتدينين من الخدمة العسكرية. واندلعت الأزمة مع تصاعد الخلاف بشأن قانون التجنيد بعد سعي رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست يولي إدلشتاين من حزب الليكود لفرض عقوبات على طلاب المدارس الدينية المتخلفين عن الخدمة تشمل إلغاء الامتيازات الضريبية ودعم السكن، وحتى سحب رخص القيادة. وترى الأحزاب الحريدية في قانون التجنيد تهديدا مباشرا لهويتها الدينية ونمط حياتها، وقد عبّرت قياداتها عن رفض قاطع لأي صيغة تشمل إلزام أبناء التيار الحريدي بالخدمة العسكرية. خيارات نتنياهو وسلّط تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" أعدته المراسلة موران أزولاي الضوء على سيناريوهات تدرسها دائرة نتنياهو الضيقة لتفادي انهيار الائتلاف، وتشمل ما يلي: السيناريو الأول: إذا صوّت الحريديم لصالح حل الكنيست فقد يقوم نتنياهو بإقالة يولي إدلشتاين كإشارة تهدئة للتيار الحريدي، مقابل التزامهم بعدم الدفع فعليا بحل الكنيست قبل نهاية الدورة الصيفية. السيناريو الثاني: يتم تمرير قانون حل الكنيست بالقراءة التمهيدية، لكن دون أن يتم التقدم به فعليا، مما يمنح نتنياهو وقتا إضافيا للتفاوض والضغط على الحريديم الذين يدركون بدورهم أنهم بحاجة إلى مزيد من الوقت للاستعداد للانتخابات. السيناريو الثالث: تحت وطأة الضغط الحريدي المتزايد وصبرهم الذي بدأ ينفد قد يتجهون إلى حل الكنيست فعلا بالتعاون مع المعارضة، مما يعني التوجه إلى انتخابات مبكرة قبل نهاية يوليو/تموز المقبل. السيناريو الرابع: يبادر نتنياهو نفسه إلى الإعلان عن حل الحكومة بالتنسيق مع شركائه في الائتلاف، وبذلك يحتفظ بالتحكم في توقيت الانتخابات والسردية السياسية أمام الرأي العام. تحذيرات وقيود ويبدو أن التوصل إلى تسوية بين الحكومة والأحزاب الحريدية بشأن قانون التجنيد أصبح بعيد المنال، وفقا لما أكدته مصادر بارزة في التيار الحريدي لوسائل إعلام إسرائيلية، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو"منفصل عن الواقع" ولا يدرك "حجم الفجوة وعمق الأزمة". وفي مؤشر واضح على تصعيد الأزمة، أصدر الزعيم الروحي لحركة "شاس" الحاخام إسحاق يوسف توجيهاته إلى زعيم الحزب أرييه درعي بنقل رسالة حاسمة إلى رئيس الوزراء نتنياهو مفادها أنه "إذا استمرت العقوبات فلن تكون هناك حكومة". ومع تصاعد التقديرات باحتمال التوجه إلى انتخابات مبكرة يتفق معظم الساسة في إسرائيل على أن إجراءها في أكتوبر/تشرين الأول المقبل سيكون كارثيا، لارتباطه بذكرى " طوفان الأقصى" الذي يعد أكبر فشل أمني في تاريخ إسرائيل، فضلا عن تزامنه مع أجواء حداد وطني لا تناسب الحملات الانتخابية. لذا، تميل معظم الأحزاب إلى تأجيل الانتخابات، لكن تصاعد الخلاف بين " الليكود" والحريديم يجعل ذلك شبه مستحيل. إعلان وفي خضم هذا المشهد المعقد يناور نتنياهو بين الحريديم وحزبه والمعارضة لمحاولة إنقاذ الائتلاف ونزع فتيل أزمة قانون التجنيد، لكن التحدي الأبرز يأتي من الداخل، حيث يصر إدلشتاين على المضي في مشروع يفرض التجنيد على الجميع دون استثناء. وهكذا، يقف نتنياهو أمام خيارين: إنقاذ الائتلاف مؤقتا أو خسارة الحريديم وسقوط الحكومة، في حين الكنيست يقترب من الحل والانتخابات تلوح في الأفق.