logo
المواجهة الإسرائيلية الإيرانية تضعنا أمام السؤال الصعب

المواجهة الإسرائيلية الإيرانية تضعنا أمام السؤال الصعب

عمونمنذ 4 ساعات

تخيم أجواء القلق والترقب على المنطقة بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مواقع إيرانية حساسة، ضمن عملية حملت اسم «الأسد الصاعد»، وهو اسم توراتي ينسب إلى «يهوذا المنتصر» في آخر الزمان، ما يضفي بعدا دينيا ورمزيا مدروسا، العملية التي أدت إلى اغتيال عدد من كبار القادة الإيرانيين والعلماء النوويين، وتدمير منشآت عسكرية ونووية من بينها مجمع نطنز، مثلت ضربة إستراتيجية نوعية، لم تقتصر على الخسائر البشرية والمادية فحسب، بل كشفت أيضا عن ثغرات كبيرة في المنظومة الدفاعية الإيرانية التي بنت نظريتها الأمنية على فكرة الدفاع المتقدم، إذ تمكنت الطائرات والصواريخ الإسرائيلية من تنفيذ الهجوم بدقة متناهية وحرية حركة غير مسبوقة.
الرد الإيراني لم يتأخر طويلا، فخلال أقل من عشر ساعات انطلقت صواريخ بالستية وفرط صوتية ومسيرات باتجاه أهداف إسرائيلية، في محاولة لإظهار الجاهزية وعدم السماح بتغيير قواعد الاشتباك، ورغم أن منظومة الدفاع الإسرائيلية نجحت في اعتراض نسبة كبيرة من هذه الصواريخ، إلا أن بعضها وصل إلى أهدافه، وأدى إلى أضرار تكتمت تل أبيب على تفاصيلها، وهو ما يفتح الباب للتكهنات حول حجم الخسائر الحقيقية، لكن المقارنة بين حجم الضربتين تكشف عن غياب واضح للتناظر في النتائج، ما يرجح كفة إسرائيل بشكل واضح ويعزز روايتها بأنها قادرة على المبادرة والحسم داخل العمق الإيراني، ومع ذلك ما يزال الطرفان يمارسان العمل العسكري في سياق التصعيد المنضبط، رغم محاولات إسرائيل جر الولايات المتحدة لهذه المواجهة.
هذا التصعيد النوعي جاء في لحظة سياسية حرجة، حيث كانت إيران قد أبدت استعداداتها للعودة إلى طاولة المفاوضات حول برنامجها النووي، لكنها رفضت التخلي عن حقها في التخصيب، وهو الشرط الذي تصر عليه واشنطن وتل أبيب، ومع اقتراب نهاية المهلة التي منحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لطهران والمقدرة بستين يوما، بات الخيار العسكري مطروحا بقوة، وزاد تقرير مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الطين بلة، إذ اتهم إيران بانتهاك بنود الاتفاق النووي المتعلقة بالشفافية والإفصاح، مما دفع الترويكا الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) إلى التلويح بالعودة إلى مجلس الأمن وتفعيل آلية «السناب باك» التي تسمح بإعادة فرض العقوبات تلقائياً، وهو ما من شأنه أن يُفاقم من الأزمة الاقتصادية التي تعانيها إيران ويزيد من عزلتها الإقليمية والدولية.
الخطأ الأكبر، بحسب مراقبين، تمثل في اعتماد إيران المفرط على ما اعتبرته رسائل تهدئة أميركية، وثقتها المبالغ بها في أن إدارة ترامب قادرة على كبح جماح إسرائيل، فقد علقت آمالا على لقاء مرتقب في مسقط لمناقشة الملف النووي وقضية الرهائن، وفسرت تصريحات ترامب الداعية إلى الانفتاح الإيراني بأنها مؤشر على رغبة حقيقية في التسوية، فيما كانت القيادة الإسرائيلية، وعلى وجه التحديد «الكابنيت»، تصادق بسرية تامة على تنفيذ الضربة، بعد فرض العزل الإعلامي الكامل على أعضائه لتجنب أي تسريبات، هذه القراءة الإيرانية الخاطئة للمشهد، واطمئنانها إلى معادلة الردع التقليدية، أدت إلى مفاجأتها بشكل قاسٍ، إذ جاءت الضربة لتؤكد أن تل أبيب تكتفي فقط بإخطار أميركا عندما يتعلّق الأمر بما تعتبره تهديداً وجودياً.
النتائج حتى الآن تشير إلى أن إيران، التي طالما أتقنت اللعب على حافة الهاوية، وجدت نفسها هذه المرة تترنح مع ميل للسقوط، دون قدرة على استعادة التوازن سريعاً، الأذرع الإقليمية التي بنتها طهران في المنطقة تعرضت لضربات متتالية خلال الشهور الماضية، وها هو الرأس نفسه يوضع على مقصلة خصومه، في لحظة مفصلية ربما تمثل بداية نهاية مرحلة إستراتيجية بالكامل في الإقليم، إسرائيل، من جهتها، تبدو اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق مشروع الهيمنة الإقليمية، بعد أن صالت وجالت في أجواء المنطقة دون رادع حقيقي خلال العشرين شهراً الماضية، ويبدو أنها باتت على بعد خطوات من تحقيق هدفها السياسي النهائي: احتكار القرار العسكري والأمني في الإقليم، وفرض توازن ردع أحادي القطب.
صحيح أن العالم كله بحالة خوف من توسع المواجهة وانتقالها من صراع منضبط بين طرفين الى صراع إقليمي أو ربما دولي وهذا ما تريده إسرائيل، على عكس إيران التي تريد ضبط الصراع عند حدود الاستنزاف في رهان واضح على تململ الداخل الإسرائيلي.
كل ذلك يضعنا في مواجهة السؤال الكبير: هل نحن أمام لحظة تصفية كبرى في المنطقة ؟ هل نشهد انزياحاً جيواستراتيجيا كاملا تخرج منه إسرائيل كلاعب مركزي أوحد؟ مهما تكن الإجابة، فإن من المؤكد أن الشرق الأوسط اليوم أمام منعطف تاريخي ستكون له تداعيات عميقة على المشهد الإقليمي والدولي لعقود قادمة، والسؤال هل نحن والمنطقة برمتها مستعدون للمضي بصمت أمام واقع تفرضه وتقرره إسرائيل؟
الغد

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

صعود العقود الفورية للذهب بعد دعوة ترامب
صعود العقود الفورية للذهب بعد دعوة ترامب

الوكيل

timeمنذ 33 دقائق

  • الوكيل

صعود العقود الفورية للذهب بعد دعوة ترامب

الوكيل الإخباري- اضافة اعلان ارتفعت العقود الفورية للذهب اليوم الثلاثاء مع تزايد حالة عدم اليقين الجيوسياسي الناجمة عن المواجهة بين إسرائيل وإيران ودعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإخلاء طهران.وصعد الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.3% إلى 3392.29 دولار للأونصة، بحلول الساعة 06:01 بتوقيت غرينتش، بعد أن انخفض أكثر من 1% أمس الاثنين.وجاء ارتفاع المعاملات الفورية خلافا للعقود الآجلة للذهب التي تراجعت بنسبة 0.2% إلى 3410.90 دولار للأونصة.وقال كبير محللي السوق في شركة "كيه سي إم تريد" تيم ووترر: "تستمر معنويات السوق في التأرجح بين التصعيد والتهدئة فيما يتعلق بالأحداث في الشرق الأوسط، وهذه التحولات المتبادلة في المعنويات هي التي تدفع تحركات الذهب".

ترامب يتلقى هدية من رونالدو تحمل رسالة عن الحرب
ترامب يتلقى هدية من رونالدو تحمل رسالة عن الحرب

أخبارنا

timeمنذ ساعة واحدة

  • أخبارنا

ترامب يتلقى هدية من رونالدو تحمل رسالة عن الحرب

أخبارنا : أهدى النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو قائد نادي النصر السعودي، قميص منتخب بلاده إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بادرة رمزية تحمل دعوة للسلام. وكان القميص يحمل توقيع النجم البرتغالي ورسالة خاصة جاء فيها: "إلى الرئيس دونالد ترامب.. اللعب من أجل السلام". وتم تسليم الهدية عبر رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، وذلك خلال مشاركة الرئيس الأمريكي وكوستا في قمة مجموعة السبع المنعقدة في كندا. وعبر ترامب عن امتنانه وتقديره للهدية، حيث قرأ كلمة CR7 المكتوبة على القميص بصوت عال، قبل أن يلتقط صورة تذكارية وهو يحمل القميص الذي حمل الرقم 7. وتأتي هذه المبادرة في وقت تتصاعد فيه التوترات السياسية بين عدد من الدول، ما دفع العديد من الشخصيات العامة والرياضية حول العالم إلى توجيه رسائل تنادي بالسلام والتفاهم بين الشعوب. رونالدو، الذي يبلغ 40 عاما، كان أنهى مؤخرا موسمه الكروي بمشاركة ناجحة مع منتخب بلاده في دوري الأمم الأوروبية 2024-2025، حيث لعب دورا حاسما بتسجيله هدفين في نصف النهائي والنهائي، مما منح "السيلساو" ثالث ألقابه القارية. ويُعد هذا الإنجاز الأول لرونالدو منذ انتقاله إلى نادي النصر السعودي عام 2021، بعد فترة لم يحقق فيها سوى لقب كأس العرب الودية. ورغم تقدمه في العمر، لا يزال النجم البرتغالي يؤمن بقدرته على تحقيق المزيد من البطولات مع فريقه، رافضا عروضا سابقة للمشاركة في كأس العالم للأندية، ومصرا على البقاء مع فريقه السعودي لتحقيق طموحه الرياضي. المصدر: RT

لوموند: في قمة السبع.. ترامب في مواجهة الآخرين وسط فوضى العالم
لوموند: في قمة السبع.. ترامب في مواجهة الآخرين وسط فوضى العالم

أخبارنا

timeمنذ ساعة واحدة

  • أخبارنا

لوموند: في قمة السبع.. ترامب في مواجهة الآخرين وسط فوضى العالم

أخبارنا : تحت عنوان "في قمة مجموعة السبع… دونالد ترامب في مواجهة الآخرين وسط فوضى العالم'، توقفت صحيفة "لوموند' الفرنسية عند القمة السنوية الخمسين لمجموعة السبع، التي انطلقت يوم الأحد المنصرم في كاناناسكيس، عند سفوح جبال روكي في مقاطعة ألبرتا الكندية. خليفة ترودو وجد نفسه في وضع غير مسبوق، إذ يستضيف رئيسًا أمريكيًا لا يكفّ عن اعتبار كندا "الولاية الـ51'. وقد اضطر كارني إلى التشديد على أن كندا "ليست للبيع' وأشارت الصحيفة إلى الهدف الأساسي المُعلن لهذه القمة، والمتمثل في تجنّب تكرار ما حدث في قمة عام 2018 التي استضافتها كندا، عندما غادر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القمة غاضبًا، ورفض التوقيع على البيان الختامي، مهددًا بفرض رسوم جمركية على شركائه، وواصفًا رئيس الوزراء الكندي حينها، جاستن ترودو، بأنه "ضعيف وغير نزيه للغاية'. غير أنّ المناخ الذي يجتمع فيه قادة أكبر سبع اقتصادات غربية (الولايات المتحدة، كندا، اليابان، ألمانيا، المملكة المتحدة، فرنسا، إيطاليا)، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، أكثر "سُمّية' من ذي قبل، على حد تعبير الصحيفة، مشيرة إلى الحربين الدائرتين في محيط دول المجموعة: الحرب الروسية في أوكرانيا، ومنذ يوم الجمعة، المواجهة المتصاعدة بين إسرائيل وإيران. وتلفت "لوموند' إلى أن الرسوم الجمركية الأمريكية لم تعد تهديدًا محتملاً، بل أصبحت واقعًا جاريًا، يتم التفاوض حوله. وقد وجد المنظمون وسيلة فعالة لتجاوز إشكالية البيان الختامي: لن يكون هناك بيان ختامي على الإطلاق. أما خليفة جاستن ترودو، مارك كارني، فتقول الصحيفة إنه وجد نفسه في وضع غير مسبوق، إذ يستضيف رئيسًا أمريكيًا لا يكفّ عن اعتبار كندا "الولاية الـ51' للولايات المتحدة. وقد اضطر كارني إلى التشديد على أن كندا "ليست للبيع'. وترى الصحيفة أن الجميع بات يدرك اليوم أن ولاية ترامب الثانية أكثر هجومية من الأولى، وأن الانقسامات داخل ما كان يُعرف بـ'العائلة الغربية' أصبحت علنية وواضحة. وتضيف أن الجهود الأوروبية تنصبّ حاليًا على تفادي قطيعة مفاجئة مع واشنطن، بدلًا من محاولة إخفاء الانقسام، وأن القمة الناجحة في هذا السياق هي تلك التي تخلو من الدراما والمواجهات الحادة، بحيث يصبح "الحدّ من الأضرار' هدفًا قائمًا بذاته. وفي ظل هذا المناخ المتوتر، تعتبر الصحيفة الفرنسية أن على الأوروبيين إظهار جبهة موحدة. فرغم أن قضية الرسوم الجمركية، التي تُربك التجارة العالمية، ستهيمن على النقاشات، إلا أنه ينبغي تركها للمفاوضات الثنائية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وتعتقد الصحيفة أن تقاربًا ممكنًا قد يتحقق في بعض الملفات التي اختارتها الرئاسة الكندية لتُناقش بشكل منفصل، مثل أمن الطاقة، المعادن الحيوية، والتقنيات الناشئة. أما في ما تبقى من الملفات، فتقول الصحيفة إن الأوروبيين واليابانيين يواجهون رئيسًا أمريكيًا عاد إلى البيت الأبيض وهو يزعم قدرته على إحلال السلام في أوكرانيا وغزة، وإقناع إيران بالتخلي عن السلاح النووي، دون أن ينجح في أي من تلك الملفات. وبالتالي، سيكون عليهم التمسك بمواقفهم الثابتة، خصوصًا حيال أوكرانيا، ومحاولة الاستفادة من مشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في إحدى جلسات القمة لإقناع ترامب مجددًا بموقفهم تجاه روسيا. وجد المنظمون وسيلة فعالة لتجاوز إشكالية البيان الختامي: لن يكون هناك بيان ختامي على الإطلاق وتذكّر الصحيفة بأن ترامب يطرح باستمرار فكرة إعادة روسيا إلى مجموعة السبع، وهو أمر غير وارد إطلاقًا، تمامًا كما هو الحال مع اقتراحه، يوم الأحد، بشأن وساطة روسية لحل النزاع بين إسرائيل وإيران. وفي ما يتعلق بهذا الصراع الجديد المتصاعد، والذي قد يفرض نفسه على جدول أعمال القمة بسبب مخاطره التصعيدية وتداعياته على أسواق الطاقة، ترى "لوموند' أن الحصول على توضيحات من ترامب بشأن إستراتيجيته سيكون، في حد ذاته، إنجازًا- إن كانت لديه إستراتيجية أصلًا، تختم الصحيفة افتتاحيتها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store