logo
حيواناتنا الأليفة تعاني أيضاً في الحرّ، فكيف نحميها؟

حيواناتنا الأليفة تعاني أيضاً في الحرّ، فكيف نحميها؟

BBC عربية٠١-٠٧-٢٠٢٥
هل لاحظتَ تغيّراً في سلوك حيوانك الأليف عند ارتفاع درجات الحرارة أو خلال موجة حرّ شديدة؟ هل يمضي وقته في الظلّ ويلهث باستمرار؟ هل بدت عليه علامات غير مألوفة؟
قد تظنّ أن حيوانك الأليف الذي يعيش معك داخل المنزل وتُحسن رعايته، في مأمن من تأثيرات ارتفاع درجات الحرارة. غير أنّ العطش والجفاف يعرّضان الحيوانات، كما الإنسان، لتداعيات صحية خطيرة قد تصل إلى الغيبوبة أو حتى الوفاة.
فما هي الأعراض التي قد تصيب حيواناتنا الأليفة؟ وكيف نحميها في موسم الحرّ؟
إلى جانب التعب وقلة الحركة والاستلقاء الطويل في الظلّ أو في الأماكن الباردة، قد تظهر أعراض أكثر خطورة على بعض الحيوانات.
تشير الطبيبة البيطرية اللبنانية، الدكتورة ثريا دباغ خنيصر، إلى أن أبرز الإشارات التي قد تظهر على القطط والكلاب هي فرط التنفس، وتشرح: "يتنفسون بسرعة كبيرة ويُخرجون ألسنتهم من أفواههم". وتوضح أن هذا السلوك طبيعي لدى الكلاب، لكن رؤيته لدى القطط يُعدّ مؤشراً على وجود مشكلة فعلية. وتضيف أنّ سيلان اللعاب بكثافة يُعدّ أيضاً من الأعراض المرتبطة بالحرّ الشديد.
كما تقول إن بعض الحيوانات التي تعاني من هذه الأعراض بشكل حادّ قد تفقد توازنها أو قدرتها على المشي بشكل سليم، وقد تصل الحالة إلى تعب شديد أو إرهاق بالغ.
وتحذر من أن بعض الحالات الخطيرة قد تُفضي إلى غيبوبة، بل وإلى الوفاة، وتوضح: "ارتفاع درجات الحرارة يعطّل الأنزيمات في الجسم، ما يؤدي إلى تفككها".
كيف يؤثر الحرّ على سلوك الحيوانات؟
التقلبات المناخية تؤثر بشكل ملحوظ على سلوك الحيوانات، سواء في الطقس البارد أو الحارّ.
فقد نشر موقع مكتبة الطب الوطنية الأميركية (National Library of Medicine) في عام 2022 دراسة أظهرت أن الحيوانات الأليفة تتأثر أيضاً بالتغير المناخي.
ففي الطقس البارد، تزداد شهيتها للطعام، وتزداد فترات نشاطها ولعبها. وقد ترعبها أصوات الرعد والمطر الغزير، فتنعزل أو تبحث عن الأمان بالقرب من البشر. أما في الطقس الحارّ، فتميل الكلاب والقطط إلى النوم والاسترخاء لفترات أطول، وتتناول كميات أقل من الطعام. كما لوحظ في الدراسة أن نحو 30 بالمئة من الكلاب تميل إلى العدائية مع ارتفاع درجات الحرارة.
ما هي أساليب الوقاية؟
توضح الدكتورة ثريا أنّ الإجراءات الوقائية تختلف بحسب نوع الحيوان وطبيعته. فبعض الحيوانات بحاجة إلى الشمس، وأخرى تتأذى منها. وتلخّص النصيحة بالقول: "ما ينطبق علينا، ينطبق على الحيوانات".
ومن أبرز الإجراءات التي تساعد في وقاية الحيوانات الأليفة من الحرارة والجفاف:
- الماء أولاً: من الضروري زيادة كميات مياه الشرب في الصيف. ويمكن إضافة مكعبات ثلج للحفاظ على برودة المياه.
- التهوية: إبقاء الحيوانات في أماكن جيدة التهوية، سواء عبر الهواء الطبيعي أو التكييف أو المروحة.
- الظلّ: تأمين أماكن مريحة وبعيدة عن أشعة الشمس المباشرة، فالحيوانات التي تتأثر سلباً بالحرّ تبحث دائماً عن الظلّ.
- تجنّب ترك الحيوان خارج المنزل خلال ذروة الحرّ، خصوصاً من يربّي كلابه في الباحة أو على السطوح، حيث قد تتعرض للجفاف والحرارة المرتفعة.
- تنظيم أوقات الخروج: يُفضَّل إخراج الحيوانات في الصباح الباكر أو في المساء، وتجنّب الظهيرة.
- تخفيف الفراء: من الضروري جزّ أو تخفيف الفراء الكثيف عند بعض الحيوانات.
- عدم ترك الحيوان في السيارة مع النوافذ المغلقة أو تعريضه المباشر للشمس.
ماذا عن الحيوانات التي تعيش حولنا؟
الطيور التي تعيش في محيطنا تساعد في التخلّص من الحشرات التي تنشط صيفاً. كما تزيد حرارة الصيف من نشاط القوارض، التي غالباً ما تتولى قطط الشوارع القضاء عليها.
لكن هذه الكائنات بدورها بحاجة إلى الماء. فكثيراً ما نرى طيوراً سقطت أو ماتت بسبب الجفاف، أو عصافير تتجمع حول بقع ماء صغيرة لتغتسل عند اشتداد الحرارة.
لذا، يُبادر كثيرون إلى وضع أوعية مياه صغيرة على النوافذ والشرفات لمساعدة الطيور في مواجهة العطش. كما يُنصح من يطعم قطط الشوارع، أن يترك إلى جانب الطعام كمية من المياه النظيفة.
الحيوانات في الحدائق والمزارع
في حدائق الحيوانات والمنتزهات، يعمد العاملون إلى رشّ أرضية الأقفاص لترطيبها والتخفيف من آثار الحرّ. لكن سوء ظروف الإقامة، كغياب الظلّ أو المياه، قد ينعكس سلباً على صحة الحيوانات.
ونظراً لوقوع معظم الدول العربية في مناطق حارّة، قد تحتوي هذه الحدائق على حيوانات من بيئات باردة كالدببة أو البطاريق أو الذئاب، ما يستدعي رعاية خاصة، إذ أُنتزعت من موائلها الطبيعية لأغراض الترفيه.
لأمر نفسه ينطبق على الماشية في المزارع. فمثلًا، تصاب الخراف بالإجهاد الحراري، ما قد يؤدي إلى نفوقها. ومن أبرز آثار الحرّ على الماشية: انخفاض إنتاج الحليب واللحم، وتأخّر الخصوبة.
وتوصي الجهات البيطرية والمزارعون بما يلي لتقليل تأثير الحرّ الشديد على الماشية:
- جزّ الصوف وتخفيف كثافته.
- تعزيز التهوية داخل الحظائر.
- تقليل الاكتظاظ، إذ إن التزاحم يرفع من درجات الحرارة.
- توفير الظلّ والمياه النظيفة بشكل دائم.
وتتشابه أعراض الإجهاد الحراري عند الماشية مع غيرها: ارتفاع درجة حرارة الجسم، قلة الشهية، التنفس السريع، وإخراج اللسان أحياناً. كما يُلاحظ انخفاض إنتاج الحليب لدى الإناث.
ماذا لو أصيب الحيوان بإجهاد حراري؟
بحسب الطبيبة ثريا دباغ خنيصر، فإن الخطوة الأولى تكون بخفض حرارة الحيوان من خلال سكب الماء البارد على جسده.
وتضيف: "إذا لاحظنا أنّ الحيوان ابتلع لسانه، يجب سحبه من فمه فوراً".
أما الخطوة التالية فهي نقله مباشرة إلى الطبيب البيطري للكشف والمعالجة السريعة، خصوصاً في حال الإغماء أو تدهور الحالة.
وكما نحاول حماية أنفسنا من موجات الحرّ، يجب ألا ننسى أنّ الكائنات التي نحبها، والتي نشاركها بيوتنا وشوارعنا، تحتاج أيضاً إلى رعايتنا... في كل طقس، وكل وقت.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ماذا نعرف عن فيروس روتا، وهل للفواكه علاقة به؟
ماذا نعرف عن فيروس روتا، وهل للفواكه علاقة به؟

BBC عربية

time١٠-٠٧-٢٠٢٥

  • BBC عربية

ماذا نعرف عن فيروس روتا، وهل للفواكه علاقة به؟

يُعد فيروس روتا، أو الفيروس العجلي، أحد أبرز الفيروسات المُعدية التي تُصيب الجهاز الهضمي، وقد تتسبب مضاعفاته بجفاف حاد يهدد الحياة بحسب درجة الإصابة وعمر المصاب. ووفق تقديرات منظمة الصحة العالمية، تسبب فيروس روتا بوفاة نحو 527 ألف شخص حول العالم في عام 2004، ثمّ انخفض هذا الرقم إلى نحو 215 ألف وفاة بحلول عام 2016، إذ كان معظمها بين الأطفال في البلدان النامية. هل تناول تفاحة في اليوم مفيد حقّاً لصحتك؟ مؤخراً، سُجلت إصابات بفيروس روتا في عدد من الدول العربية، من بينها الأردن ولبنان، ما يسلط الضوء مجدداً على هذا الفيروس "واسع الانتشار"، خاصة وأن العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المناطق التي انتشر فيها الفايروس، ربطوا بينه وبين تناول الفواكه، فماذا نعرف عن فيروس روتا؟ طبيعة العدوى وخطورة الفيروس يصف الدكتور بلال زعيتر، خبير علم الأدوية واللقاحات في لندن، لبي بي سي، فيروس روتا بأنه "فيروس شديد العدوى يسبب التهاباً حاداً في المعدة والأمعاء، ويصيب بشكل رئيسي الرضع والأطفال الصغار". ويُعد روتا السبب الرئيسي على مستوى العالم للإسهال الحاد المسبب للجفاف لدى الأطفال دون سن الخامسة، حيث تُقدّر منظمة الصحة العالمية عدد الزيارات الطبية المرتبطة به، بأكثر من 25 مليون زيارة سنوياً، إلى جانب أكثر من مليوني حالة دخول إلى المستشفيات. وفي الدول النامية، يُصاب نحو 75 في المئة من الأطفال بنوبة إسهال أولى ناتجة عن روتا قبل بلوغ عامهم الأول، بينما قد تتأخر الإصابة حتى سن الثانية إلى الخامسة في الدول الأكثر تطوراً. ويُلاحظ أن غالبية حالات التهاب المعدة والأمعاء الحاد الناتجة عن الفيروس تحدث لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و24 شهراً. طرق انتقال وانتشار واسع وبحسب منظمة الصحة العالمية، ينتقل الفيروس بشكل رئيسي عن طريق البراز والفم، سواء من خلال التلامس المباشر بين الأشخاص، أو بطرق غير مباشرة عن طريق أدوات ملوثة. كما يخرج الفيروس من جسم المصاب بكميات كبيرة مع البراز والقيء، ما يزيد من فرص العدوى. وتوضح المنظمة أن النظافة الشخصية الجيدة ومياه الشرب النظيفة وحدها قد لا تكون كافية لمنع انتقال العدوى، بالنظر إلى شدة تركيز الفيروس وانتشاره. وقد سُجلت في عام 2013 نحو 49 في المئة من وفيات فيروس روتا في أربع دول فقط، هي الهند ونيجيريا وباكستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وفق منظمة الصحة. ما علاقة الفواكه؟ يؤكد استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد الدكتور وسيم حمودة، لبي بي سي، عدم وجود علاقة مباشرة بين الفواكه الصيفية ونوع معين من الفيروسات، لأن الفيروسات "موجودة في كل زمان وفي كل مكان، على الفواكه، على الخضار، على الأسطح وغيرها". وأوضح الدكتور حمودة أن "الفواكه غير المغسولة جيداً سواء البطيخ والدراق والشمام والمشمش، بها بكتيريا وفيروسات وطفيليات، وبالتالي فإن تناولها دون تنظيفها يسبب الإسهال، سواء كان بسبب فيروس روتا للأطفال أو فيروس نورو للكبار". ويضيف الدكتور أن "أعراض فيروس روتا وأعراض التعرض لفيروسات أو طفيليات أخرى بسبب عدم تنظيف الفواكه، قد تكون متشابهة أحياناً، لذلك يربط البعض بين الفاكهة والإصابة بالفيروس". وأشار حمودة إلى أن "الفاكهة الصيفية تحتوي على كمية كبيرة من السكريات الأحادية غير المعقدة، مثل الفروكتوز وفيها أيضاً كمية كبيرة من السكريات الكحولية مثل السوربتول، وإذا تمّ استهلاكها بشكل مبالغ فيه، فستسبب الإسهال". بدوره، نفى رئيس المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية في الأردن عادل البلبيسي، أي رابط بين تناول البطيخ وغيره من الفواكه، والأمراض المنشرة، موضحاً أن ذلك يمكن أن يحدث فقط في حال عدم غسل الفواكه جيداً فقط، ومؤكداً أن الفواكه النظيفة ليس لها أي ارتباط بالإصابة بالفيروس. الأعراض والمضاعفات ومع ذلك، تبقى فرصة الإصابة بفيروس روتا من مصار أخرى موجودة، فكيف يمكن أن نعرف الإصابة بالفيروس؟. تتمثل الأعراض الرئيسية عند الإصابة بروتا في: الحمى، والقيء، والإسهال المائي الشديد الذي يؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من السوائل، ما قد يتسبب بجفاف حاد، ويعد أخطر مضاعفات المرض. ويؤكد الدكتور زعيتر أن "تعويض السوائل والأملاح يمثل أولوية قصوى في التعامل مع العدوى"، مؤكداً على ضرورة عدم التهاون مع ذلك، والتعامل مع الجفاف فوراً. الموسم والفئات الأشد تأثراً ولكن، هل يمكن ربط أي أعراض مشابهة بفيروس روتا؟ أوضح البلبيسي، أن العدوى بفيروس روتا تزداد في الفترة ما بين شهري ديسمبر/ كانون الأول حتى يونيو/حزيران. ويوضح البلبيسي أيضاً أن الأطفال وكبار السن هم الأكثر عرضة لمضاعفات المرض. لذا يمكن أن تكون هذه الأعراض مؤشراً على إصابة أخرى. إذ أنه وعلى الرغم من سرعة انتشاره، إلاّ أن البلبيسي أشار إلى أن الفيروس لا ينتقل عبر الهواء، بل من خلال التلامس المباشر. ويضيف أيضاً أن فترة الأعراض لدى المصابين من الفئة العمرية المتوسطة، قد تمتدّ ما بين 3 إلى 8 أيام. هل هناك علاج؟ يؤكد كل من زعيتر والبلبيسي عدم وجود علاج نوعي مباشر للفيروس، إذ يتركز العلاج على الإكثار من السوائل والمحاليل الملحية لتعويض الفاقد. ويظل المصاب معدياً خلال فترة الأعراض وحتى مدة ثلاثة أيام بعدها، ما يستدعي الحذر لتقليل احتمالات نقل العدوى، وفق البلبيسي. اللقاح: وسيلة الوقاية الأنجح في عام 2006، تم ترخيص لقاحين فمويين مُضعفين ضد فيروس روتا، وأظهرا فعالية وسلامة عالية في تجارب سريرية واسعة شملت دولاً صناعية وأخرى نامية. ولم تُظهر الدراسات وجود زيادة في خطر الإصابة بالانغلاف المعوي - وهو حالة طبية خطيرة ينزلق فيها جزء من الأمعاء ليدخل في جزء معوي آخر- لدى الأطفال الذين تلقوا اللقاح، بحسب منظمة الصحة. وبات اللقاح اليوم جزءاً من برامج التحصين الروتيني في العديد من الدول، في خطوة تهدف للحد من الأعراض المرتبطة بالفيروس. ويشدد الدكتور زعيتر على أن "اللقاح الفموي المخصص للرضع يُعد أفضل وسائل الوقاية، إلى جانب الالتزام بالنظافة الشخصية وغسل اليدين باستمرار".

أطعمة مذهلة تساعدك على التخلص من رائحة الثوم
أطعمة مذهلة تساعدك على التخلص من رائحة الثوم

BBC عربية

time٠٩-٠٧-٢٠٢٥

  • BBC عربية

أطعمة مذهلة تساعدك على التخلص من رائحة الثوم

لا توجد حتى الآن طريقة واضحة للتعامل مع رائحة الثوم بعد تناوله، لذا يتطلب الأمر التعامل بذكاء مع الكيمياء التي تعمل بها أجسادنا. يدرك العديد من محبي تناول "خبز الثوم"، وهو خبز مشبع بقليل من الزيت والخضروات والثوم، أن الثوم يتمتع بقدرة مذهلة على ترك آثاره في الفم لساعات طويلة. لذا يشعر هؤلاء بالضيق بسبب تلك الرائحة. وبعد تناول هذا الطعام بنحو 24 ساعة، تظل رائحته النفّاذة عالقة في أنفاسنا، وحتى في العرق الذي تفرزه أجسادنا. في الواقع، ليس من الضروري أن يتناول أحدنا الثوم عن طريق الفم مباشرة حتى يدرك مدى قوة هذه الرائحة، حتى في أنفاسه. وفي عام 1936، ذكر أطباء في دورية "الجمعية الطبية الأمريكية" أنهم أعطوا أحد المرضى حساء الثوم من خلال أنبوب للتغذية، وليس عن طريق الفم، فكانت النتيجة أن لاحظ الأطباء رائحة الثوم واضحة في أنفاسه بعد ذلك بساعات قليلة. وكتب طبيبٌ آخر إنه بعد أن أجرى عملية ولادة، "كانت رائحة الثوم الكريهة تخرج مع أنفاس الأم. وبمجرد انتهاء عملية الولادة، كنت مندهشاً أيضاً بعد أن لاحظتُ أن الطفل المولود لديه رائحة ثوم قوية في أنفاسه". وأضاف الطبيب: "عندما ذكرتُ ذلك لأشخاص آخرين، كانوا يظنون أنني أمزح معهم". والسبب في أن رائحة الثوم في النفس يمكن أن تظهر لدى أشخاص لم يتناولوه عن طريق الفم مباشرة، مثل حالة ذلك المولود، وكذلك المرضى الذين يُطعَمون من خلال أنبوب للتغذية، يرجع إلى أن الثوم مليء بمركبات الكبريت، التي تنطلق في مجرى الدم بعد أن تُهضم في المعدة. تختلط تلك المكونات الكبريتية بالدم ثم تتسرب إلى الرئتين، ثم تصل بعد ذلك إلى الحلق، وتخرج من الفم. ولن يخلّصك من تلك الرائحة غسيل أسنانك بالفرشاة، ولو كرّرت ذلك عدة مرات، لأن الرائحة تنبعث في الأساس من العملية الكيميائية التي تحدث داخل جسدك، وليس من مجرّد بقايا طعام عالقة بين أسنانك. لذا، فإن محاربة الكيمياء بالكيمياء تمثل نهجاً أفضل، يمكن أن يُجدي نفعاً في هذه الحالة. ومنذ عدة سنوات مضت، كانت شيرايل بارينغر، الأستاذة بجامعة ولاية أوهايو الأمريكية، تدرس مدى تاثير الجزيئات الموجودة في الطعام على النكهة التي يتميز بها. وسألتها طالبة عن إمكانية إجراء دراسة حول تأثير الثوم على رائحة الفم عند التنفس. وتناولت بعض الدراسات الأطعمة التي يمكن أن تساعد في القضاء على رائحة الثوم الكريهة إذا أُكلت معه. وشملت تلك الأطعمة كلاً من الخسّ، ونبات الهِنْدِباء البرية، والكرفس، والبطاطس، والبقدونس، وأوراق النعناع، والنعناع الفُلفلي، والريحان، والفطر. لكن لم تكن هناك معلومات كافية حول السبب وراء ذلك. ومنذ ذلك الحين، بدأت بارينغر وطلابُها في دراسة كيفية مساهمة بعض الأطعمة في التخلص من رائحة الثوم، والأثر الذي تحدثه هذه الأطعمة بالضبط. وكانت أطعمة مثل الخسّ، والنعناع، والتفاح محل تركيزٍ كبيرٍ حتى الآن. وتقول بارينغر: "كان التفاح من الأطعمة التي اكتشفناها بالصدفة"، في إطار هذا البحث. إذ كان هناك طالب تناول الثوم ثم شرب بعده الماء، وذلك في إطار مشاركته في تلك التجارب. ثم لوحظ أن لديه مستويات قليلة جدا من تلك الجزيئات التي تعرف باسم "جزيئات الرائحة"، الموجودة في الفم. وبالعودة إلى الأطعمة الأخرى التي تناولها هذا الطالب في ذلك اليوم، ذكر الطالب أنه تناول تفاحة قبل تناول الثوم بنحو ساعتين. واندهش فريق البحث عندما حاول أعضاؤه أيضاً مضغ شرائح من التفاح بعد تناول الثوم، فاكتشفوا أن مستويات "جزئيات الرائحة" في الفم قد تراجعت بشكلٍ ملحوظ. وتناولت دراستهم الأخيرة، التي نُشرت في شهر سبتمبر/أيلول من عام 2016، القوة القاتلة للرائحة التي تنتج عن تفاعل كيميائي محتمل داخل جسم الإنسان بين أربعة مركبات للكبريت، ومجموعة من الجزيئات الأخرى التي تعرف باسم "الفينولات"، التي يُعد مُركب الفينول أحد أبسط صورها. ومضغ عددٌ من المتطوعين الثوم في تلك التجربة، وتناولوا بجانبه مجموعةً متنوعةً من الأطعمة الأخرى، ثم أطلقوا زفيرهم أمام جهاز يعرف باسم جهاز التحليل الطيفي، الذي يمكنه تحديد كمية جزئيات الرائحة في أنفاسهم. وقد سحق الباحثون الثوم مع بعض المكونات الأخرى مثل الماء، وذلك بإضافة إنزيم نقي آخر، أو بعض مركبات الفينول، بما في ذلك حمض يُعرف باسم "حمض الروزمارينك" الموجود في النعناع، ثم استخدموا جهاز التحليل الطيفي لتحديد جزئيات الرائحة في فم من تناولوا هذا الخليط. وبعد تلك التجربة، توصل الباحثون بوضوح إلى أن التفاح الطازج، وأوراق الخس، والنعناع كانت من بين أفضل الأطعمة تأثيراً، مقارنة بأي أطعمةٍ أخرى تعرضت للتسخين. ويشير ذلك أيضاً إلى أن الإنزيمات التي تُساعد على تحفيز التفاعلات الكيميائية، والتي تتفكك عند التعرض لدرجة حرارة عالية، من المحتمل أن يكون لها دور في ذلك. وتقول بارينغر إن النعناع يقدم أكثر النتائج منطقية من بين كل الخيارات الأخرى. بداية، يحتوي النعناع على مستوياتٍ عاليةٍ جداً من مركبات الفينول. وبالنسبة لشخصٍ متخصص في الكيمياء، من السهل أن ينظر إلى حمض الروزمارينك، والمركبات الكبريتية للثوم، ليرى بوضوح كيف يحدث التفاعل بين ذلك الحمض وتلك المركبات لإنتاج جزيئات لا رائحة لها على الإطلاق في الفم. ويحتوي التفاح على كمياتٍ أقل من مركبات الفينول، لكنه لا يزال يُطرح كعاملٍ مساعدٍ في هذا الإطار. كما أن الخسّ يحتوي على أقل نسبة من تلك المكونات التي اختبرناها، وتقل تلك النسبة أيضاً حتى عن تلك الموجودة في الشاي الأخضر، الذي ليس له أي دور فعال في إزالة تلك الرائحة. وتتابع بارينغر: "لذلك، أقول إننا لا نفهم بشكلٍ كاملٍ ما يحدث من تفاعلات"، فالإنزيم النقي بمفرده لا يؤدي إلى أي نتيجةٍ للحد من معظم مركبات الكبريت الموجودة في الثوم، كما تذكر تلك الدراسة. لكن هذا المزيج من تلك الإنزيمات، ومركبات الفينول، يُحتمل أن يكون وراء بعض الآثار الغامضة التي أحدثها نبات الخسّ في هذه التجربة. ومن خلال استخدام هذه المكونات الكيميائية غير المفهومة بشكل تام، يُمكنك أن تحد من رائحة الثوم في أنفاسك. لكن حتى لا ننسى، ليس هناك قدرٌ من تلك المكونات المزيلة للرائحة يمكن أن يغير حقيقة أن البشر لا يزالون "مصانع كيميائية متحركة"، إن جاز التعبير. والأشياء التي نخرجها في زفيرنا أو عرقنا يمكن أن تكشف، ليس فقط عما تناولناه من طعام في اليوم السابق، ولكن أيضاً عن وجود بعض أنواع البكتريا التي تعيش في أفواهنا. وكذلك ما إذا كنا مصابين ببعض الأمراض أم لا. وهناك علماء يحاولون في الوقت الحاضر استكشاف الطريقة التي يمكن من خلالها للجزيئات الموجودة في الزفير أن تُستخدم في تشخيص الإصابة ببعض الأمراض مثل سرطان الرئة. كما يحاولون أيضاً معرفة ما إذا كان استخدام بعض الأجهزة الإلكترونية (أو ما يُطلق عليها البعض اسم "الأنوف الإلكترونية") لشم رائحة الدم، أو البول، أو عيناتٍ من أنسجة الجسم، يمكن أن يُظهر بعض الدلائل أو الإشارات على الإصابة ببعض الأمراض، مثل التهاب المبيض، أو الإصابة بتلف الدماغ. وبينما يُعد حرص المرء على إظهار أقل قدرٍ ممكنٍ من رائحة الفم نوعاً من التحلي بالذوق العام، فمن المهم أيضاً أن نفكر في أنه ربما يكون هناك شيء ذو قيمة يمكن أن تخبئه هذه الرائحة.

الموافقة على استخدام أول علاج من الملاريا للأطفال الرُضع
الموافقة على استخدام أول علاج من الملاريا للأطفال الرُضع

BBC عربية

time٠٩-٠٧-٢٠٢٥

  • BBC عربية

الموافقة على استخدام أول علاج من الملاريا للأطفال الرُضع

حصل أول علاج للملاريا مناسب للرضع والأطفال الصغار جداً على الموافقة لاستخدامه، ويُتوقع طرحه في الدول الأفريقية خلال أسابيع. حتى الآن، لم تكن هناك أدوية معتمدة للملاريا مخصصة للأطفال الرضع. وبدلاً من ذلك، كان الأطفال يُعالجون بأنواع مُصممة خصيصاً للأطفال الأكبر سناً، مما يُشكل خطراً، خوفاً من الجرعة الزائدة. نصف مليون حالة وفاة في عام 2023 في عام 2023 - وهو العام الذي تتوافر عنه أحدث الأرقام - ارتبطت الملاريا بحوالي 597 ألف حالة وفاة. حدثت أغلب الوفيات في أفريقيا، وكانت نحو ثلاثة أرباع الوفيات المسجلة من الأطفال دون سن الخامسة. وتوجد علاجات للملاريا للأطفال، لكن حتى الآن، لم يكن هناك أي علاج مخصص للأطفال الصغار والرضع، الذين يقل وزنهم عن 4,5 كغم. بدلاً من ذلك، عُولجوا بأدوية مُصممة للأطفال الأكبر سناً. إلا أن ذلك ينطوي على مخاطر، وقد لا تكون الجرعات المُخصصة لهؤلاء الأطفال الأكبر سناً آمنة للأطفال الرضع، الذين لا تزال وظائف الكبد لديهم في طور النمو، والذين تُعالج أجسامهم الأدوية بشكل مختلف. يقول الخبراء إن هذا أدى إلى ما يُوصف بـ"فجوة علاجية". أما الآن، فقد وافقت السلطات السويسرية على دواء جديد، طورته شركة الأدوية نوفارتس، ومن المُرجح طرحه في المناطق والبلدان ذات أعلى معدلات الإصابة بالملاريا خلال أسابيع. وتُخطط نوفارتس لطرحه على أساس غير ربحي إلى حد كبير. الأصغر والأكثر ضعفاً يقول الرئيس التنفيذي للشركة، فاس ناراسيمهان، إن هذه لحظة مهمة … لأكثر من ثلاثة عقود، واصلنا جهودنا في مكافحة الملاريا، وعملنا بلا كلل لتحقيق إنجازات علمية حيث تشتد الحاجة إليها". ويضيف ناراسيمهان، "مع شركائنا، نفخر بأننا قطعنا شوطاً طويلاً في تطوير أول علاج مثبت سريرياً للملاريا للأطفال حديثي الولادة والرضع، مما يضمن حصول حتى أصغر الأطفال وأكثرهم ضعفاً على الرعاية التي يستحقونها". وطورت شركة نوفارتس هذا الدواء، المعروف باسم كوارتيم بيبي أو رياميت بيبي في بعض البلدان، بالتعاون مع مشروع أدوية الملاريا (MMV)، وهي منظمة غير ربحية مقرها سويسرا. وحظيت في البداية بدعم من الحكومات البريطانية والسويسرية والهولندية، بالإضافة إلى البنك الدولي ومؤسسة روكفلر. شاركت ثماني دول أفريقية أيضاً في تقييم الدواء وتجربته، ومن المتوقع أن تكون من أوائل الدول التي تحصل عليه. يقول مارتن فيتشيت، الرئيس التنفيذي لمؤسسة MMV، إن هذه خطوة مهمة أخرى على طريق القضاء على الخسائر الفادحة التي تسببها الملاريا. "تُعد الملاريا من أخطر الأمراض في العالم، وخاصة بين الأطفال. ولكن مع الموارد المناسبة والتركيز، يمكن القضاء عليها". "إن الموافقة على كوارتيم بيبي توفر دواءً ضرورياً بجرعة مُحسّنة لعلاج فئة من المرضى المهملين، وتُمثل إضافة قيّمة لمجموعة أدوات مكافحة الملاريا". تقول الدكتورة مارفيل براون، الأستاذة المشاركة في كلية الصحة والطب وعلوم الحياة بجامعة هيرتفوردشاير، إن هذا الإنجاز يُعد كبيراً في إنقاذ حياة الرضع والأطفال الصغار. "معدل الوفيات الناجمة عن عدوى الملاريا، بخاصة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، مرتفع للغاية - تحدث أكثر من 76 في المئة من الوفيات لدى الأطفال دون سن الخامسة"، وفق براون. وتضيف "تتفاقم زيادة الوفيات الناجمة عن الملاريا لدى الأطفال المولودين بمرض فقر الدم المنجلي، ويعود ذلك أساساً إلى ضعف جهاز المناعة". "من منظور الصحة العامة، يمكن أن يُسهم إطلاق نوفارتس لهذه المنظمة غير الربحية في الحد من عدم المساواة في الحصول على الرعاية الصحية"، بحسب براون.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store