
الحق في الحياة عند الإمام الحسين (ع)
المتتبع لخطاب الإمام الحسين (عليه السلام) قبل وأثناء واقعة الطف الأليمة العام 61 هجرية يلحظ وبوضوح انه اقتفى أثر الحق في الحياة ليؤسس له كأحد أهم الحقوق التي من شأنها ان تؤكد الكرامة الإنسانية والكرامة تعد فلسفة تشريعية انطلقت منها ولأجلها العديد من القواعد التشريعية الإسلامية، وإن الحياة الحقيقية ليست مجرد وجود مادي للإنسان، بل هي حياة تبنى على أسس وقيم أولها الحق والعدل وأخرها الاحترام الواجب، وان الدفاع عما تقدم هو الحياة الحقيقية التي قوامها الحقيقة الأزلية بخلافة الإنسان للأرض وما عليها وتكريمه على سائر المخلوقات ليتمكن من العيش بسعادة مع الآخرين.
ولذا يذكرنا الإمام الحسين بالقدر المحتوم فيقول (خُطَّ الْمَوْتُ عَلَى وُلْدِ آدَمَ مَخَطَّ الْقِلَادَةِ عَلَى جِيدِ الْفَتَاةِ وَمَا أَوْلَهَنِي إِلَى أَسْلَافِي اشْتِيَاقَ يَعْقُوبَ إِلَى يُوسُفَ وَخُيِّرَ لِي مَصْرَعٌ أَنَا لَاقِيهِ كَأَنِّي بِأَوْصَالِي يَتَقَطَّعُهَا عَسَلَانُ الْفَلَوَاتِ بَيْنَ النَّوَاوِيسِ وَ كَرْبَلَاءَ.... ألا مَنْ كَانَ فِينَا بَاذِلًا مُهْجَتَهُ مُوَطِّناً عَلَى لِقَاءِ اللَّهِ نَفْسَهُ فَلْيَرْحَلْ مَعَنَا فَإِنِّي رَاحِلٌ مُصْبِحاً إِنْ شَاءَ اللَّهُ).
بهذه الكلمات يرسم الحسين خط الحياة ومسار الموت وحتميته ولكل مجتهد نصيب فمن اجتهد في مرضاة الله جعل الحق في الحياة من أقدس المقدسات ومن زاغت به القدم إلى الباطل والطغيان كان الاعتداء على هذه القيمة أهون عليه من شربة ماء، إذ يعطي الإمام الحسين (عليه السلام) بكلامه أنفاً درسا بليغاً مضمونه ان الانتصار العسكري قد يتأخر ولكن التخطيط المتقن من شأنه ان يجعل صاحبه يكسب الحرب ولو خسر معركة من معاركها، ولذا انتصر المبدأ السامي بتقديس الحق والعدل على الظلم والجور والبغي الذي مثله معسكر الأمويين في كربلاء حيث يقول عليه السلام (إِنِّي لَا أَرَى الْمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً وَالْحَيَاةَ مَعَ الظَّالِمِينَ إِلَّا بَرَماً)، وكيف لا يكون كذلك وهو ابن الرسول الأعظم الذي يقول بشأن تمسكه بالحق والعدل والإيمان حين جرت مساومته من كفار قريش فقال (واللَّهِ لَوْ وُضِعَتِ الشَّمْسُ فِي يَمِينِي وَالْقَمَرُ فِي شِمَالِي مَا تَرَكْتُ هَذَا الْقَوْلَ حَتَّى أُنْفِذَهُ أَوْ أُقْتَلَ دُونَهُ)، لذا ورد في الأثر ان الإسلام محمدي الوجود والتأسيس حسيني البقاء والاستمرار ويعد ما تقدم مصداق لقول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (حُسَيْنٌ مِنِّي وَ أَنَا مِنْ حُسَيْن).
والمتأمل بكلام الإمام الحسين وأصحابه يوم عاشوراء يلمس منهم الإيمان المطلق ان الموت ليس إلا البداية للخلود في دار الدنيا والآخرة، وان المشروع النهضوي الذي يقدمون عليه يريدون منه إحياء الأمة واستنقاذها من الخنوع والخضوع والعدوان، فكان هذا المشروع بذرة أنبتت سبع سنابل وفي كل منها مئات المصلحين والأخيار والثائرين ممن أناروا الدروب بتضحياتهم الجسام في سبيل الحق والعدل يقول الله تعالى في محكم كتابه المجيد ((فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُومَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ))، وكان موقف الحسين عليه السلام ترجمة لقول الله تبارك وتعالى بوصفه الأولياء الذين ثبتوا في ساحات الشرف ((يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلي في عِبادي وادْخُلي جَنَّتي)).
أراد أبو عبد الله ان يربي المجتمع على الفضيلة والدفاع عنها بكل الوسائل المشروعة ولو وصل الأمر إلى المنازلة الحربية كيف لا والقرآن لا يتحدث عن الموت المحتم للإنسان فحسب بل يمكن ان يكون الموت للأمة أو المجتمع فكيف للأمة ان تعيش بالذل أو الهوان والله أراد لها ان تعيش بكرامة يقول الله تعالى ((ولِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُون)) فحياة الفرد والأمة حقيقة قرآنية وإسلامية، بعبارة أشد وضوحاً لا انفكاك بين الفرد والمجتمع وحياة الفرد والمجتمع مرتبطتان وبما ان الفرد هو أصغر لبنة في تكوين المجتمع فلابد ان تكون هذه اللبنة مبنية بشكل عقائدي واجتماعي واقتصادي سليم ليعيش حياته الفردية والاجتماعية بشكل سليم وإلا ان أصابه الانحراف وسيتبعد عن عالم القيم الحقة إلى عالم الطغيان أو القبول بالطغيان والعدوان على الآخرين.
وتجلى ما تقدم في كربلاء فالبعض في معسكر الأمويين كان مغلوباً على أمره في ظاهر الحال لذا أراد الحسين عليه السلام ان يرفع عنهم هذه الظلامة الظاهرية ويضعهم أمام ضمائرهم ان كانت حية ليتذكروا ان العدوان حرام ولو على غير المسلم، فكيف بك والمعتدى عليه جزء لا يتجزأ من جسد وروح وفكر النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم وان عدوانهم على حياته سيفتح الباب أمامهم للعدوان على الآخرين إذ يقول لهم ((يا أمة السوء بئسما خلفتم محمدا في عترته، أما إنكم لا تقتلون رجلا بعدي فتهابون قتله بل يهون عليكم ذلك عند قتلكم إياي، وأيم الله إني لأرجو أن يكرمني الله بالشهادة)).
فالموت في سبيل الحق غاية عند الحسين أدركها فكانت سبب خلوده فهو بحق رجل المبادئ الإنسانية الحقة، ومن القيم التي أرساها الحسين عليه السلام في عاشوراء ان الأصل هو الحق في الحياة، بيد ان تزاحم الأولويات من شأنه ان يعيد ترتيب سلم الأولويات وان شيوع الظلم والانحراف من شأنه ان يبرر طلب الموت في سبيل إحداث الإصلاح، وذلك ليس بجديد إذ افتخر الشعراء العرب سابقا قبل الإسلام وكذلك الفرسان والكرام بطلب الموت في كونه يمثل أيقونة الشجاعة والبطولة والإقدام، يقول شاعر قبل الإسلام ((فإنْ كُنتَ لا تسطيعُ دَفْعَ مَنِيّتي فَدَعْني أُبادِرْها بما مَلَكَتْ يدي))، وبعد الإسلام اكتسب المعنى المتقدم طابعاً عقائدياً حين يكون في سبيل العقيدة يقول الله تعالى في ذلك ((وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ)) وان الشهادة لا تمثل قيمة دنيوية كالشجاعة والإقدام فحسب بل إنها درجة سامية لا ينالها إلا ذو حظ عظيم.
ولقيم الحياة في منهج الحسين عليه السلام الحضور الأوفى، حيث بادر الإمام الحسين في يوم العاشر زما قبله بالعديد من التصرفات التي تدل وبما لا يدع مجالاً للشك انه عليه السلام يقدس الحياة ويكره العدوان عليها ومنها:
أولاً: رفض البدء بالقتال والعدوان: حيث عرض عليه بعض من كان معه الإجهاز على جيش الكوفة حين كان يتجمع بالقرب من معسكر الإمام الحسين قبل ان يكتمل عديدهم وعدتهم فقال قولته المشهورة (ما كنت لأبدأهم بقتال قط).
ثانياً: حسن المعاملة: حيث يحدثنا المؤرخون ان طلائع جيش الكوفة التي جاءت لحرب الإمام الحسين كانت بقيادة الحر بن يزيد الرياحي وحين التقى الفريقان وجد الإمام الحسين أنهم ودوابهم عطشى فأمر أصحابه بسقيهم الماء وترشيف الخيول، ونستفيد من النص ان الإمام كان يحامي حتى عن حقوق الحيوان وليس الإنسان فحسب وما سلوكه المتقدم إلا دليل تفرد هذه الشخصية بالنهج الإنساني المتأصل في نفسه الكبيرة.
ثالثاً: الأولوية للسلم والسلام عند الحسين (عليه السلام): إذ بادر عليه السلام إلى فتح باب التفاوض مع الأعداء والاستماع لهم، فقد بعث لعمر بن سعد قبل يوم من الواقعة وتحدث معه ليثنيه عما يريد، وحين نادى الشمر وهو من قادة الجيش الأموي العباس عليه السلام للحديث معه فأعرض عنه، بيد ان الإمام الحسين عليه السلام أمره بالذهاب والاستماع لقوله لقطع الطريق على أي مقولة من شأنها ان تضع معسكر الحق في خانة الشك أو الريبة.
رابعاً: النصح والإرشاد للقوم: حيث عمد الإمام الحسين إلى مخاطبة القوم ثلاث مرات قبل بدء المعركة كما سمح لأنصاره وأهل بيته بمخاطبة الأعداء وتذكيرهم بجريرة الأمر الذي يدبرون وما سيؤول إليه مصيرهم في الدنيا والآخرة، ولقد بدء كلامه عليه السلام بالقول ((أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا قَوْلِي وَ لَا تَعْجَلُوا حَتَّى أَعِظَكُمْ بِمَا يَحِقُّ لَكُمْ عَلَيَّ وَحَتَّى أُعْذِرَ إِلَيْكُمْ، فَإِنْ أَعْطَيْتُمُونِي النَّصَفَ كُنْتُمْ بِذَلِكَ أَسْعَدَ، وَإِنْ لَمْ تُعْطُونِي النَّصَفَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فَأَجْمِعُوا رَأْيَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً، ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَ لا تُنْظِرُونِ، إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَ هُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ)).
خامساً: المساواة: فالإمام الحسين لا يميز بين أهل بيته وأنصاره ولأي سبب كان إذ كان فيهم النصراني والعبد الأسود والسيد الشريف وشيخ العشيرة أو سيد القوم ومن عامة الناس ولم يكن في سلوكه إزاءهم أي استثناء وما حصل مع الصحابي الجليل حبيب بن مظاهر الأسدي وجون عليهما السلام إلا مصداق لما تقدم.
سادساً: الصفح: اعتاد الإمام الحسين ان يصفح عمن أساء أو اعتدى ان تاب وعاد إلى درب الهداية والرشاد حيث لم ينكل بالحر الرياحي حين عاد إلى الحسين تائباً وقد أطرق برأسه حياءً فلم يوبخه أو يرفض توبته بل كان له شرف السبق بالشهادة بين يدي الإمام الحسين ثم أبنه الإمام بالقول سمتك أمك الحر وأنت حر في الدنيا والآخرة.
..........................................
** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات/2009-Ⓒ2025
هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...
http://ademrights.org
https://twitter.com/ademrights

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 34 دقائق
- صدى البلد
هل يحق للزوج بعد الطلاق رؤية ابنه بعد عدم إنفاقه عليه؟.. أمين الفتوى يوضح
أكد الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الأصل في العلاقة بين الأبناء ووالديهم أنه لا يجوز شرعًا حرمان أحد الطرفين من الآخر، حتى في حال الانفصال بين الزوجين أو تقصير أحد الأبوين في أداء بعض الواجبات مثل النفقة. وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريح تليفزيوني، ردًا على سؤال ورد من إحدى السيدات من محافظة دمياط، تسأل فيه عن حق الأب في رؤية طفله بعد انتهاء العلاقة الزوجية، رغم أنه لا ينفق عليه ولا يتحمل أي مسؤولية تجاهه. وأوضح وسام أن رؤية الأب لابنه حق أصيل للطرفين، ولا يجوز للأم أو أي طرف آخر منعه شرعًا، قائلًا: "لا يجوز حرمان الولد من أبيه، ولا يجوز حرمان الأب من ابنه، وكذلك الأم، وهذا الحق لا يسقط حتى إن قصر أحد الطرفين في واجباته الأخرى." وأشار إلى أن الشرع الشريف فرّق بين الحقوق، فكما يجب على الأب الإنفاق، فإن له في المقابل حق الرؤية والتواصل مع ولده، ولا يصح استخدام أحد الحقوق للضغط على الآخر، مثل منع الرؤية مقابل النفقة، لأن الطفل هو المتضرر الأول من هذا الحرمان. وأضاف: "النبي صلى الله عليه وسلم شدد على خطورة التفريق بين الأم وولدها، فكيف بإنسان يُمنع من رؤية ابنه؟ بل إن الرحمة النبوية شملت حتى الطير حين خُذل في فرخه، فكيف بالإنسان؟" وأكد أن من أراد المطالبة بحقوقه المادية، كالنفقات وغيرها، فعليه اللجوء إلى القضاء المختص، قائلاً: "القاضي هو من يفصل في الحقوق، وليس المفتي، فنحن نبين الأصل الشرعي، أما ممارسة الضغط أو اتخاذ إجراءات قانونية لضمان الحقوق، فهي من اختصاص القضاء، ويُرجع إليه في ذلك." وتابع: "العدل بين الأبناء والآباء لا يتجزأ، وإذا اختلّ أحد أركانه وجب تقويمه بالوسائل الشرعية والقانونية، لا بالعقوبات المعنوية التي تترك أثراً سلبياً على الأطفال، وهم في أمسّ الحاجة إلى التوازن النفسي والعاطفي." ودعا الآباء والأمهات إلى تغليب مصلحة الأبناء فوق الخلافات الشخصية، والسعي إلى إصلاح العلاقات في إطار من الرحمة والعدل والتفاهم.


الشرق الجزائرية
منذ 42 دقائق
- الشرق الجزائرية
دريان زار سوريا ومنح رئيسها وسام دار الفتوى المذهب:الأمل فيكم في علاقات من نوع جديد بالشراكة والتكامل
زار مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الجمهورية العربية السورية، مع وفد ضم: مفتي طرابلس الشيخ محمد طارق إمام، رئيس المحاكم الشرعية السنية في لبنان الشيخ محمد عساف، أمين الفتوى الشيخ أمين الكردي، مفتي زحلة والبقاع الشيخ علي الغزاوي، مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، مفتي بعلبك والهرمل الشيخ أيمن زيد الرفاعي، مفتي راشيا الشيخ وفيق حجازي، مفتي عكار الشيخ زيد محمد بكار زكريا، مفتي حاصبيا ومرجعيون الشيخ حسن دلي، مفتي صور الشيخ مدرار حبال، أمين الفتوى في طرابلس الشيخ بلال بارودي ومسؤول العلاقات العامة والإعلام في دار الفتوى خلدون قواص. استهلت الزيارة بأداء الصلاة في الجامع الأموي ورحبت رابطة مؤذنيه بأنشودة. وجال المفتي دريان والوفد في المسجد. بعدها زار وزير الأوقاف السوري الشيخ الدكتور محمد أبو الخير شكري في مكتبه بالوزارة. وتم التأكيد على 'أهمية التشاور والتعاون والتنسيق بين العلماء السوريين واللبنانيين'. وشدد المفتي على 'أهمية الدور الإسلامي في لبنان من خلال دار الفتوى بنشر الفكر الإسلامي الوسطي الذي يحترم الآخر ويقدر الخصوصيات وتعزيز ثقافة المواطنة والعيش المشترك بين شرائح المجتمع خاصة في الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية'. وقدم دريان للوزير أبو الخير شكري درع دار الفتوى عربون محبة وتقدير ودعاه لزيارة لبنان. وزار جبل قاسيون. وتوجت زيارة دريان والوفد الرسمي الى دمشق بزيارة الرئيس السوري احمد الشرع في قصر الشعب، وقال المفتي دريان: 'أتينا إلى زيارتكم اليوم يا سيادة الرئيس للتهنئة، بعد طول غياب وغربة. لقد غيبونا كما غيبوا وغربوا عشرة ملايين من الشعب السوري، وعندما نأتي إليكم اليوم، لكي نتشارك في إصلاح الحاضر، وصنع المستقبل الزاهر'. أضاف: 'سوريا العربية الشقيقة الحبيبة، مقبلة على انتخابات حرة بقيادتكم، افتقدتها لأكثر من ستين عاما. فأمل الحاضر استعادة معنى الدولة وممارساتها . أما أمل المستقبل القريب، فأن تعود سوريا القوية قبلة للعرب، وركنا في النهضة الجديدة، التي تبزغ أنوارها متغلبة على كل العوائق والعقبات'. وتابع: 'أرادوا بالمذابح والتهجير كسر إرادة الشعب السوري، فصمدتم وقاومتم وانتصرتم بالشجاعة والمسؤولية، وها أنتم تنصرفون لصنع الجديد والمتقدم لدمشق وللشام وللعرب إن شاء الله. نحن نقدر بإقدامكم على إزالة المشكلات التي تفككونها بالصبر والحكمة، ونحن نعلم أن الطريق شاق وعسير، لكثرة ما زرعوا فيه من ألغام، وما اصطنعوا من سجون قاتمة، وأنتجوا من مخدرات ومقابر جماعية. ثم إن هذا التآمر لم يتوقف بسقوطهم، وأكبر دليل على ذلك، تفجير الكنيسة بدمشق'. واستطرد المفتي دريان: 'السوري لن يغلبه التطرف، ولن يفت من عضده الإرهاب. كنا في لبنان – ونحن مبتلون بالطائفية والعصبيات – نضرب المثل بتماسك الشعب السوري، وأجواء الشام الرحبة، وها أنتم تستعيدون هذا الميراث العريق للمدنية العربية، والحضارة الإسلامية، لتعود سوريا مثلا وقدوة، وحاضنة وحامية لمعاني النبل والمروءة، والوطنية والخير العام. رغم كوارث التهجير، فإن السوريين الذين انتشروا في جهات الأرض، صنعوا إضافات في كل البلدان التي حلوا فيها، شواهد على الألفة والإبداع، وصنع البناء الحضري والحضاري، وما دام الاستقرار قد توافر لهم في عهدكم، فنحن واثقون أنهم سيتمكنون في فترة قصيرة إن شاء الله، من إعادة إعمار بلادهم وإعزازها. أتينا إليكم كما يأتي الشقيق إلى شقيقه، فالدم لا يصير ماء على طول المدة، وقد جاء في الأثر: (زر غبا تزدد حبا). لن نغيب بعد الآن مهما كانت الصعوبات، وسنقصدكم في كل ملمة بل وفرحة، شأن الشقيق مع شقيقه'. واضاف: 'في بلدنا لبنان اليوم عهد جديد، وحكومة واعدة، آمال اللبنانيين معلقة على ما احتواه البيان الوزاري، والقسم الرئاسي، اللذان هما بداية الطريق لإعادة بناء الدولة القوية والعادلة، الساعية لخدمة اللبنانيين جميعا، ونهوض لبنان لا يقوم إلا بجهود خيرة أبنائه المخلصين بجناحيه المقيم والمغترب، ووقوف أشقائه العرب وأصدقائه إلى جانبه، ولا خلاص له إلا بالتعاون الصادق والبناء مع عمقه العربي، الذي هو الضمانة لأمن لبنان واستقراره وسيادته، ووحدته الوطنية، وعروبته الحضارية، المؤمنة التزاما بوثيقة اتفاق الطائف، الذي رعته المملكة العربية السعودية، وما زالت تواكب لبنان وشعبه ومؤسساته بعناية مخلصة، انطلاقا من حرصها على كل القضايا العربية والإسلامية العادلة'. وقال: 'في هذه الشهور القليلة، استطعتم أن تضعوا سوريا في مواقع من العرب والدوليين، ما عرفتها أبدا في ظل النظام السابق. والشعبان في سوريا ولبنان مبدعان ومسالمان، والأمل أن نستقر معا، وأن نبني معا، وأن ننسى معا آلام الماضي الحافل بالاستيلاء والفزع والتوجس. لنا – لبنانيين وعربا آخرين – آمال كبار بالشام. آمال الاستقرار والتنمية، والإعمار والعمران، والإسهام في مستقبل العرب . وآمال الحكم العادل والرحب، وآمال العلاقة الأخوية مع لبنان، بدون حساسيات ولا مشكلات تصنعها في الغالب الأطراف التي لا تريد الخير للبلدين. الشام مليئة بالرموز التي لا تنسى. استعدنا دمشق التي تربى فيها كبارنا، ويتوق إلى نفحاتها شبابنا. الزمان يتغير، لكن النفوس لا تتغير. لقد ضيعوا علينا الكثير من وهج الشام وعزها (…)'.


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
العلاقات الإعلاميّة دانت اعتقال مُدير مكتب "الميادين" في فلسطين حزب الله عن العدوان على اليمن: ندعو الشعوب العربيّة والإسلاميّة الى مُساندة هذا الشعب المُجاهد والشجاع
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب اعرب حزب الله عن إدانته الشديدة للعدوان الصهيوني "الآثم الذي استهدف فجر امس الموانئ والمنشآت الحيوية في اليمن، إذ يتوهم العدو أنه بمثل هذا العدوان يمكنه أن يردع اليمن أو يثنيه عن موقفه المشرّف في مساندة غزة، أو أن يوقف الضربات الموجعة والمؤلمة التي يتلقاها من أبطال اليمن الشجعان في عمق كيانه اللقيط". وتابع: "إن العدو "الإسرائيلي" لا يزال عاجزًا عن فهم طبيعة هذا الشعب اليمني الصابر والمجاهد، ومواقفه النابعة من عقيدة راسخة بأن الحق أحق أن يُتّبع، ومن إيمان صادق بالدفاع عن المظلومين والمستضعفين. فإن موقف اليمن، قيادةً وشعبًا، هو امتداد لنهج الإمام الحسين الذي لا يساوم على الحق في مواجهة الطغيان، ولا يرضى الذل والهوان، وكل عدوان لن يزيد اليمن إلا صلابة وثباتًا وعزيمة على المضي في طريق المواجهة، حتى يتوقف العدوان على غزة ويُرفع الحصار عنها". اضاف: "إذ نؤكد في حزب الله أن هذا العدوان الجبان لن يحقق أهدافه، كما فشل من قبل العدوان الأميركي على اليمن، نعلن مجددًا وقوفنا الكامل والثابت إلى جانب الشعب اليمني الأبي، وندعو جميع الدول والشعوب الحرة في العالم، وخاصة الشعوب العربية والإسلامية، إلى رفع الصوت عاليًا ومساندة هذا الشعب المجاهد والشجاع، الذي يدافع عن كرامة الأمة كلها". من جهة ثانية، دانت العلاقات الإعلامية في حزب الله اعتقال قوات الاحتلال الصهيوني، مدير مكتب قناة الميادين في فلسطين المحتلة الزميل ناصر اللحام، و"الذي يأتي في سياق النهج "الإسرائيلي" المستمر لطمس كل حقيقة، وإسكات كل صوت حرّ، وحجب كل صورة تفضح وجهه الإجرامي وتوثق جرائمه ومجازره بحق المدنيين في غزة وكل المنطقة". وتابعت في بيان: "إن العلاقات الإعلامية تعبّر عن تضامنها الكامل مع الزميل اللحام، ومع قناة الميادين، ومع كل الصحافيين والإعلاميين الشجعان الذين يعملون في قلب المخاطر من أجل نقل الحقيقة، وفي مواجهة عدو لا يتوانى عن استهدافهم وقتلهم خارقًا بذلك كل المواثيق والقوانين الدولية. وتدعو كافة الهيئات الإعلامية والمنظمات الدولية والحقوقية إلى إدانة هذه الجريمة، والضغط بكل الوسائل المتاحة على العدو للإفراج الفوري وغير المشروط عن الزميل اللحام".