
بنجرير: شراكات، تمويل، وتمكين… كيف دخل الاقتصاد الاجتماعي زمن التفعيل؟ (صور)
بلبريس - ليلى صبحي
في مدينة بنجرير، وبين جدران جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، التأمت إرادات حكومية وأكاديمية وميدانية حول مائدة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، خلال الدورة الخامسة من المناظرة الوطنية، المنظمة يومي 17 و18 يونيو 2025، تحت شعار 'الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والتنمية المجالية: نحو دينامية جديدة لالتقائية السياسات العمومية'، وبرعاية ملكية سامية، أكسبت هذه المحطة رمزية سياسية ومؤسساتية وازنة.
وقد أكد الافتتاح، الذي حضره رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إلى جانب عدد من الوزراء والسفراء وممثلي المنظمات الدولية، منذ الوهلة الأولى أن هذا القطاع لم يعد هامشيًا أو مناسباتيًا، بل أصبح جزءًا من تصوّر الدولة لمسارات العدالة المجالية والتنمية المتوازنة.
إذ حملت كلمة رئيس الحكومة إشارات واضحة إلى أن المغرب يمضي نحو تعزيز نموذج تنموي متوازن، يرتكز على اقتصاد السوق من جهة، وعلى البدائل التضامنية والاجتماعية من جهة أخرى، في تناغم مع ما ورد في الخطب الملكية التي دعت إلى عدم جعل الربح المادي المعيار الوحيد للجدوى الاقتصادية.
ولم تكتف المناظرة بالتشخيص أو عرض المنجزات، بل سعت إلى خلق زخم ميداني عبر توقيع 15 اتفاقية شراكة ومذكرة تفاهم، شملت قطاعات الفلاحة، التكوين المهني، الإدماج الاقتصادي، التمكين النسائي، التسويق، التمويل، البحث العلمي والتعاون الدولي.
وُقّعت هذه الاتفاقيات مع مؤسسات وزارية وأكاديمية ومالية، وامتدت لتشمل شركاء دوليين من أجل إرساء أقطاب ترابية نموذجية وتنزيل مشاريع ملموسة على المستوى المحلي. وهو ما يعكس تحولًا في التعاطي مع هذا القطاع، من مجرد واجهة اجتماعية إلى مكوّن استراتيجي ضمن السياسات العمومية.
في المقابل جاءت كلمة لحسن السعدي، كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، لتترجم هذا التوجه، إذ أكّد أن رعاية جلالة الملك لهذه الدورة تُمثل دافعًا إضافيًا لبذل مزيد من الجهد المؤسساتي لتكريس موقع هذا القطاع كدعامة حقيقية للتنمية، مشددًا على ضرورة الالتقائية بين الفاعلين والتقائية السياسات العمومية.
كما نوه بالدور المحوري لجامعة محمد السادس، التي لم تكتفِ بدور الاستضافة بل قدّمت نموذجًا جامعيًا متقدمًا من خلال مشاريع المواكبة، والابتكار، واحتضان المقاولات الناشئة في مجالات ذات بُعد اجتماعي واقتصادي مستدام.
ومن جانبها، أبرزت الجامعة عبر كلمة رئيسها، هشام الهبطي، فلسفتها في تعزيز العدالة داخل الحرم الجامعي وخارجه، مؤكدة أن 90% من طلبتها يستفيدون من تغطية دراسية، في تجسيد عملي لمبدأ الإنصاف.
كما تم تسليط الضوء على 'مركز الانتقاء الاجتماعي'، كمبادرة تسعى لتحويل الأفكار إلى مشاريع، وتوفير بيئة حاضنة للابتكار في ميادين حيوية كالصحة الرقمية والفلاحة المستدامة.
وعرفت المناظرة أيضًا حضورًا دوليًا وازنًا من وزراء وممثلين عن دول مثل ساحل العاج، الشيلي، ساوتومي، الأردن، الغابون، موريتانيا، ورأس الرجاء الأخضر، ما منح للحدث بعدًا تعاونيا يُعزز الانفتاح جنوب-جنوب، ويوفر فرصًا لتبادل الخبرات في مجال يشهد دينامية متسارعة على الصعيد العالمي.
في المجمل، قدّمت مناظرة بنجرير نموذجًا ميدانيًا قابلًا للتطوير، جمع بين التنظير والتفعيل، بين الأهداف الكبرى والمشاريع الصغرى، وبين السياسي والتقني.
وإن كانت التحديات ما تزال قائمة، خاصة على مستوى التنزيل المجالي والمواكبة القانونية والمالية، فإن هذه الدورة تركت إشارات قوية إلى أن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بات يحتل مكانًا مركزيًا في الأجندة التنموية للمغرب.
وهو ما يفرض، في المرحلة المقبلة، الانتقال من منطق المبادرات القطاعية إلى منطق السياسات المنسجمة ذات الأثر المستدام.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


24 طنجة
منذ 18 دقائق
- 24 طنجة
✅ إسبانيا تشيد بالتنسيق النموذجي مع المغرب في عملية 'مرحبا 2025'
أشادت المديرة العامة للحماية المدنية الإسبانية، فيرجينيا باركونيس، بالتنسيق النموذجي القائم بين المغرب وإسبانيا في إطار عملية 'مرحبا 2025' الخاصة باستقبال المغاربة المقيمين بالخارج. وقالت باركونيس في تصريحات صحفية إن التعاون بين المؤسسات المعنية في البلدين كان على أعلى مستوى، مضيفة أن الأيام الأولى من العملية مرت في ظروف عادية ووفق التوقعات. كما أعربت عن ارتياحها لانسيابية العملية وحسن سيرها. وفي إطار تنفيذ التعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أطلقت مؤسسة محمد الخامس للتضامن، يوم الثلاثاء 10 يونيو 2025، عملية 'مرحبا' لاستقبال المغاربة المقيمين بالخارج. وتساهم المؤسسة في إنجاح هذه العملية بالتنسيق مع جميع الفاعلين والمتدخلين، من خلال تفعيل عدة آليات متكاملة تهدف إلى استقبال ومرافقة المغاربة المقيمين بالخارج بشكل متزامن في المغرب وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا.


24 طنجة
منذ 18 دقائق
- 24 طنجة
✅ منتدى مالقة يؤكد على دور "طنجة ميد" كمحرك رئيسي للاستثمار والتكامل الاقتصادي بالمتوسط
أكد المشاركون في مائدة مستديرة نظمت، أمس الثلاثاء بمالقة، في إطار المنتدى الاقتصادي والاجتماعي للمتوسط، أن المغرب يرسخ مكانته كقطب رئيسي لجذب الاستثمارات بفضل متانة أسسه الاقتصادية، مما يجعله بوابة آمنة للولوج إلى أسواق إفريقيا والشرق الأوسط. وشكل اللقاء، المنظم تحت عنوان 'إسبانيا-المغرب: تحالف استراتيجي'، مناسبة للتأكيد بالإجماع على أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الرباط ومدريد، بهدف إرساء تعاون نموذجي داخل الفضاء المتوسطي. واعتبر المتدخلون أن العلاقات المغربية-الإسبانية يمكن أن تشكل نموذجا لتكامل اقتصادي أوثق بين ضفتي المتوسط، مشددين على أن المغرب بات فاعلا لا محيد عنه ونقطة ارتكاز موثوقة للمستثمرين الراغبين في تطوير أنشطتهم بالقارتين الإفريقية والآسيوية. وفي هذا السياق، أبرز المدير العام للقطب المالي للدار البيضاء، سعيد الإبراهيمي، مختلف المؤهلات التي تجعل من المملكة وجهة مفضلة للمستثمرين الأوروبيين، وخاصة الإسبان. وأوضح أن الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمغرب عند ملتقى القارات، واستقراره السياسي، وصموده الماكرو-اقتصادي، إلى جانب بنياته التحتية المتطورة مثل ميناء طنجة المتوسط، تمثل عوامل حاسمة في تعزيز جاذبية المملكة. وأكد أن 'المغرب يمثل بالفعل بوابة فعلية نحو أسواق إفريقيا والشرق الأوسط، ويوفر للمستثمرين قاعدة صلبة للتوسع داخل مناطق تشهد نموا متسارعا'، داعيا المقاولات الإسبانية إلى اغتنام هذه الفرصة الاستراتيجية. من جانبه، ذكر المقاول والوزير السابق، منصف بلخياط، بأن أزيد من ألف شركة إسبانية تنشط حاليا في المغرب، مشيرا إلى أن تنظيم كأس العالم لكرة القدم لعام 2030 بشكل مشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال يتيح آفاقا واسعة للنمو ينبغي استثمارها من طرف الفاعلين الاقتصاديين المغاربة والأجانب. وقال بلخياط إن 'المغرب يوجد اليوم أمام منعطف تاريخي، فاستضافة تظاهرة رياضية بهذا الحجم ستسرع وثيرة تحوله الاقتصادي، وتعزز إشعاعه على الساحة الدولية'، مضيفا أن كل الشروط متوفرة اليوم لتمكين الاستثمار الأجنبي من تحقيق طفرة نوعية بالمملكة. ويجمع المنتدى الاقتصادي والاجتماعي للمتوسط، المنظم يومي 17 و18 يونيو تحت شعار 'المتوسط.. بحر للتواصل'، شخصيات سياسية، ومسؤولين مؤسساتيين، ورجال أعمال، ويعد فضاء للتفكير الاستراتيجي حول مستقبل بلدان المنطقة المتوسطية. ومن خلال تسليطه الضوء على التعاون الإقليمي والتكامل الاقتصادي، يهدف المنتدى إلى إرساء أسس شراكة مستدامة قائمة على مصالح متبادلة. وقد تم خلال اليوم الأول من أشغال المنتدى تناول مواضيع تتعلق بالتعاون الاقتصادي بين الشمال والجنوب، واندماج الأسواق المتوسطية، ودور المقاولين والشباب في تحول المجتمعات، إلى جانب تحديات الاستدامة والابتكار في حوض المتوسط.


24 طنجة
منذ 18 دقائق
- 24 طنجة
✅ طنجة تطالب بجامعتها.. "ابن بطوطة" حلم أكاديمي يوحّد الفرقاء السياسيين
من مطلب افتراضي انطلق على صفحات 'فايسبوك'، إلى قضية سياسية تتبناها أصوات من مختلف التوجهات داخل البرلمان، تشهد مدينة طنجة خلال الأسابيع الأخيرة تصاعداً لافتاً في الدعوات المطالبة بإحداث جامعة مستقلة، تحمل اسم 'ابن بطوطة'، تكون منفصلة عن جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، وتستجيب لخصوصية المدينة وإشعاعها المتعدد الأبعاد. وكانت البرلمانية سلوى البردعي عن حزب العدالة والتنمية أول من نقل هذه المطالب إلى البرلمان، في سؤال وجهته إلى وزارة التعليم العالي خلال شهر أبريل الماضي. لتتوالى بعد ذلك المطالب من طرف برلمانيين آخرين يمثلون أحزاب الأصالة والمعاصرة، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في تحرك يُعد نادراً من حيث تقاطعه بين مكونات سياسية مختلفة. من وسوم الفايسبوك إلى قبة البرلمان انطلقت شرارة المطلب من منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبر ناشطون وطلبة ومهنيون عن استغرابهم من استمرار تبعية مؤسسات طنجة الجامعية لجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، رغم أن المدينة باتت تضاهي كبريات الحواضر المغربية من حيث الكثافة السكانية والتموقع الاقتصادي والدبلوماسي. واعتبرت البرلمانية البردعي أن غياب جامعة مستقلة بطنجة يشكل اختلالاً بنيوياً، بالنظر إلى حجم ساكنة المدينة التي تتجاوز مليون نسمة، فضلاً عن حجم الاستثمارات والمشاريع الكبرى التي تحتضنها، والتي تتطلب منظومة جامعية قادرة على مواكبة حاجيات سوق الشغل والبحث العلمي. دفوف: المسألة لم تعد مطلباً بل ضرورة استراتيجية عادل الدفوف، البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، شدد بدوره على أن ارتباط مؤسسات طنجة الإدارية والأكاديمية بتطوان، يطرح إشكالات واضحة على مستوى الحكامة والملاءمة مع خصوصيات المدينة. وأضاف أن إحداث جامعة مستقلة لم يعد ترفاً، بل أصبح ضرورة إستراتيجية تندرج ضمن منطق العدالة المجالية وتحقيق التقائية السياسات العمومية في مجال التعليم العالي. واستند الدفوف في سؤاله إلى وزارة التعليم العالي على الحديث الدائر داخل القطاع بشأن إعادة رسم الخريطة الجامعية بالمملكة، مؤكداً أن الظرفية مناسبة لتصحيح الخلل القائم وفتح المجال أمام طنجة لتكون مركزاً جامعياً مستقلاً بذاته. حيكر: طنجة تملك كل المقومات من جهته، التحق البرلماني عبد الصمد حيكر (العدالة والتنمية) بركب المطالبين بإحداث الجامعة، مشيراً إلى أن المدينة تملك كافة المقومات العلمية والثقافية والدولية التي تؤهلها لاحتضان جامعة كبرى، تعزز إشعاعها المتوسطي والدولي. ودعا إلى أن تشمل خريطة 2030 الجامعية المعلنة من طرف الوزارة، إحداث جامعة عمومية بطنجة، بما يعكس تطلعات ساكنتها ويُعزز مكانتها الوطنية. الطاهر: إعداد الرأسمال البشري رهين بجامعة مستقلة كما وجّه عبد القادر الطاهر، البرلماني عن الاتحاد الاشتراكي، سؤالاً برلمانياً يُنادي بإحداث جامعة مستقلة في طنجة، مؤكداً أن هذا المشروع سيمكن من إعداد رأسمال بشري عالي الكفاءة، بما يستجيب لحاجيات الاقتصاد المحلي، ويساهم في تنويع التكوينات الأكاديمية والمهنية. وشدد الطاهر على أن الرهان يتجاوز البنية الجامعية، ليشمل تعزيز التنافسية الترابية للمدينة، وإسناد موقعها كمحور تنموي صاعد في شمال المملكة. إجماع سياسي ينتظر ترجمة حكومية وبينما تتقاطع هذه المطالب من أطياف سياسية مختلفة، يلاحظ المتتبعون أن وزارة التعليم العالي لم تُدلِ بعدُ بموقف رسمي واضح بخصوص المقترحات البرلمانية المتعددة، في وقت بدأت ترتفع فيه وتيرة النقاش حول الخريطة الجامعية الجديدة في أفق 2030. ويبقى الرهان في المرحلة المقبلة على مدى استعداد الحكومة لترجمة هذه المطالب إلى قرار ملموس، يُنهي ارتباط طنجة بمؤسسة جامعية مركزها مدينة أخرى، ويؤسس لتجربة جامعية تتماشى مع تحولات المدينة وسكانها المتزايدين، وتكرّم في الآن ذاته اسم الرحالة العالمي 'ابن بطوطة' في مسقط رأسه.