
ما الذي تعنيه عودة نظام "سويفت" للاقتصاد السوري؟
في خطوة تُعد من أبرز المؤشرات على تحولات قادمة في القطاع المالي السوري، أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، أن المصرف شرع في اتخاذ خطوات عملية لإعادة تفعيل نظام التحويلات المالية العالمي " سويفت"، وذلك في إطار مساعٍ رسمية لربط النظام المصرفي السوري بالمنظومة المالية الدولية، بعد إعلان رفع العقوبات الغربية عن البلاد.
وأوضح حصرية، في مقابلة تلفزيونية، أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة شاملة لإعادة دمج القطاع المصرفي السوري في الاقتصاد العالمي، مؤكدًا أن المصرف يعمل على استكمال الإجراءات الفنية واللوجستية المطلوبة لتفعيل هذا النظام.
وأشار إلى أن اهتمامًا دوليا ملحوظًا بدأ يظهر حتى قبل الإعلان عن رفع العقوبات، إذ أبدى أكثر من 50 بنكًا عربيا ودوليا رغبته في فتح فروع له في سوريا والاستثمار في القطاع المصرفي المحلي، وذلك يعكس ثقة متزايدة بعودة الاستقرار الاقتصادي والمالي.
وتُعد إعادة تفعيل نظام "سويفت" خطوة بالغة الأهمية للاقتصاد السوري، إذ تمهد الطريق لتيسير التحويلات المالية الخارجية، وتعزز حركة التجارة والاستثمار، وتفتح المجال أمام المؤسسات المالية السورية لإجراء تعاملات مباشرة وآمنة مع المصارف العالمية، وفق مراقبين.
لماذا تم تعطيل "سويفت" في سوريا؟
وكان قد تم تعليق وصول المصارف السورية إلى نظام "سويفت" في إطار العقوبات الاقتصادية الغربية التي فُرضت على دمشق خلال السنوات الماضية، خاصة بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، واستخدام النظام الحل الأمني في مواجهة المتظاهرين.
وشملت العقوبات حينئذ قيودًا مالية وتجارية هدفت إلى عزل النظام السوري دوليا، ومن ثم أفضت إلى تعطيل قدرة البنوك على تنفيذ التحويلات الدولية أو التعامل المباشر مع المصارف الأجنبية.
وتسبب ذلك في تعقيد العمليات المصرفية، وعرقلة الاستيراد والتصدير، وزيادة الاعتماد على شبكات غير رسمية للتحويلات المالية، فأثّر سلبا على الاقتصاد الوطني والقطاع الخاص.
تكامل مالي ودولي
ويصف المحلل الاقتصادي يونس الكريم نظام "سويفت" بأنه العمود الفقري للتواصل بين البنوك في العالم، لأنه يوفر بيئة موثوقة وشفافة للمعاملات المالية الخارجية.
وأضاف أن انضمام أي بنك إلى هذه المنظومة يجعله مقبولا دوليا وآمنا للتعامل، ويُعزز من مصداقيته في الأسواق العالمية.
وأشار الكريم -في حديث للجزيرة نت- إلى أن عودة سوريا إلى نظام "سويفت" تعني بدء التكامل المالي مع النظام المصرفي العالمي. فيمكن لل بنك المركزي ، إلى جانب البنوك العامة والخاصة، إجراء التحويلات الدولية، واستقبال الحوالات، وسداد الالتزامات المالية، والحصول على التمويل عبر القروض الدولية.
وأوضح أن الانخراط في "سويفت" يُعد أحد مؤشرات الخروج من العزلة الاقتصادية، ويمثل التزامًا بمعايير الشفافية الدولية، إذ يتيح هذا النظام متابعة دقيقة لحركة الأموال، ويُقلل من احتمالات استخدام النظام المالي في عمليات مشبوهة.
وبحسب الكريم، فإن وجود هذا النظام يسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية، لأنه يعكس التزام الدولة بالمعايير الدولية، ويُطمئن الشركات والممولين العالميين، كما يسهل حصول البلاد على مساعدات وقروض ائتمانية.
إصلاحات مطلوبة
وفي ظل الحديث عن عودة سوريا المحتملة إلى نظام "سويفت" المالي العالمي، تبرز تساؤلات عن الأثر الاقتصادي لهذه الخطوة.
ويرى خبراء أن الانخراط مجددًا في المنظومة المصرفية الدولية قد يحمل فرصًا كبيرة، لكنه يظل مشروطًا بإصلاحات اقتصادية ومصرفية شاملة.
ويؤكد الخبير المالي والمصرفي فراس شعبو أن إعادة ربط المؤسسات المالية السورية بالمنظومة المصرفية العالمية، وعودة البلاد إلى واجهة التعاملات الدولية من خلال "سويفت"، تُعد خطوة بالغة الأهمية نحو إعادة دمج سوريا في النظام المالي العالمي.
وأوضح شعبو -في حديث للجزيرة نت- أن هذه الخطوة:
ستسمح بإجراء التحويلات المالية بشكل مباشر، من دون الحاجة إلى وسطاء أو ما يُعرف "بالتحويل الأسود".
ستخفّض من تكلفة التحويلات، خصوصًا في بلدان مثل تركيا والعراق ودول المهجر.
ستسرّع الإجراءات المالية وتقلل من المخاطر.
ستُحسّن كفاءة التجارة الداخلية، وتخفض تكاليف التجارة الخارجية.
ستسهم في دعم جوانب اقتصادية مهمة، أبرزها زيادة التدفقات المالية الأجنبية، وتعزيز احتياطيات مصرف سوريا المركزي، إلى جانب تسهيل حركة أموال المستثمرين.
ستحفز قطاعات حيوية مثل الصناعة والزراعة والتجارة.
وأشار إلى أن هذا التطور سينعكس إيجابًا على بيئة العمل والاستثمار في سوريا، إذ يفضل المستثمرون والشركات الدولية التعامل مع دول تمتلك نظامًا مصرفيا متصلا بالنظام المالي العالمي، معتبرًا أن هذه العودة مؤشر على بداية عودة سوريا إلى "سكة النظام العالمي".
ورغم أهمية هذه الخطوة، شدد شعبو على أنها غير كافية بمفردها لجذب الاستثمارات أو إصلاح الاقتصاد، موضحًا أن المطلوب هو بناء الثقة بالمؤسسات المالية، وإعادة هيكلة الاقتصاد، مشيرًا إلى أن "سهولة الدخول إلى السوق السورية والخروج منها" تُعد عنصرًا أساسيا لطمأنة المستثمرين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
مسؤول أوروبي للجزيرة: نرفض التهديدات لسوريا ورفع العقوبات يوفر فرصا اقتصادية
وصف القائم بأعمال بعثة الاتحاد الأوروبي في سوريا السفير ميخائيل أونماخت قرار الاتحاد برفع العقوبات عن سوريا بالخطوة المهمة التي تتيح فرصا اقتصادية، لافتا إلى أن الاتحاد يرفض التهديدات الخارجية لسوريا. وأكد أونماخت -في حديثه للجزيرة- أن الاتحاد الأوروبي يعمل على دعم الشعب السوري لتجاوز الوضع الصعب، مشددا على أن سوريا تحتاج دعما دوليا بعد 14 عاما من الحرب. وقال إن الاتحاد الأوروبي يعمل على دعم سيادة سوريا، مشيرا إلى أنه يريد أيضا دعم شعبها لتحقيق السلم الأهلي. وجاء كلام السفير أونماخت بعد اتصال هاتفي جمع رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا والرئيس السوري أحمد الشرع ، الأربعاء، بحثا خلاله سبل تعزيز التعاون بين سوريا والاتحاد الأوروبي. وعقب الاتصال، قال كوستا عبر حسابه في منصة "إكس"، إن قرار الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات يمثل "فرصة حقيقية لتعافي سوريا وإعادة إعمارها"، معربا عن قناعته بأن هذا التطور يمهد الطريق أمام مرحلة جديدة من الشراكة بين الجانبين. وأضاف كوستا أنه ناقش مع الشرع أهمية التحول الديمقراطي في سوريا، بما يتيح إرساء اقتصاد مستقر يجذب الاستثمارات خاصة في مجالي الطاقة والبنية التحتية، مشيرا إلى أن الرئيس السوري أكد التزامه بذلك. وكشف المسؤول الأوروبي أن الشرع أبدى اهتماما بإطلاق حوار رفيع المستوى مع الاتحاد الأوروبي. بدورها، قالت الرئاسة السورية إن الشرع أكد في اتصاله مع رئيس المجلس الأوروبي أن سوريا ممر اقتصادي مهم بين الشرق والغرب، مشيرة إلى أنه رحب بالشركات الأوروبية للاستثمار في سوريا، إذ تشكل البلاد فرصة استثمارية واعدة. ولفت الشرع إلى أن التدخلات الإسرائيلية تؤثر على سوريا، مطالبا الاتحاد الأوروبي بالعمل على وقفها، وفق الرئاسة السورية. وأمس الأحد، أعلن الاتحاد الأوروبي الموافقة على رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، وذلك بعد أيام من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات الأميركية عن البلد العربي على هامش جولته الخليجية الأخيرة. وكان جزء من العقوبات الأوروبية المرفوعة يستهدف "النظام المصرفي السوري، ويحرمه من الوصول إلى السوق المالية الدولية"، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
استقرار أداء الليرة السورية أمام الدولار إثر رفع العقوبات
تراجع سعر صرف الليرة السورية بصورة طفيفة خلال تعاملات اليوم الأربعاء مقابل الدولار مقارنة بتعاملات أمس، لكنه شهد استقرارا طوال اليوم مع استمرار أثر إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب والاتحاد الأوروبي رفع العقوبات عن دمشق. وأعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أمس أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي وافقوا أمس على رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا. وكتبت في منشور على منصة التواصل الاجتماعي إكس بعد مناقشات مع الوزراء في بروكسل "نريد مساعدة الشعب السوري في إعادة بناء سوريا جديدة تتسم بالشمول ويعمّها السلم". سعر صرف الليرة في السوق الموازية يتم تداول الليرة السورية في نطاق 9750-9850 ليرة للدولار في أحدث التعاملات في مدن دمشق وحلب وإدلب بعد أن بلغت خلال اليوم بين 9900 ليرة و10 آلاف. بلغت الليرة السورية في آخر التعاملات أمس بين 9550 و9650 مقابل الدولار. سعر الصرف الرسمي لليرة السورية يثبّت مصرف سوريا المركزي الليرة السورية عند 11 ألف ليرة مقابل الدولار عند الشراء و11 ألفا و110 ليرات عند البيع، وفق مصرف سوريا المركزي. ويتوقع محللون للجزيرة نت استمرار تذبذب سعر صرف الليرة، لكنهم استبعدوا أن ينخفض إلى ما دون 8 آلاف ليرة مقابل الدولار في الشهور المقبلة ما لم تتدفق التحويلات المالية. إعلان ويقول محللون إن التقلبات في أسعار الصرف في الفترة الماضية تأتي من التأثيرات النفسية لإعلان رفع العقوبات الأميركية الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ويعتقدون أن هذه التوقعات تعني أن الطلب سيرتفع على الليرة السورية في المستقبل مع تصاعد النشاط الاقتصادي بأشكاله المختلفة، ولا سيما مع عودة المهجّرين إلى بلدهم باستثمارات جديدة من بين روافد الاستثمار الأخرى.


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
ترامب ونتنياهو.. هل عمقت زيارة الخليج الشرخ بين الحليفين؟
عززت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى دول الخليج سلوكا أميركيا جديدا ظهرت ملامحه مؤخرا في توجهات ترامب وإدارته بفصل الارتباط بين الحسابات الأميركية والإسرائيلية. وانحصرت زيارة ترامب إلى منطقة الشرق الأوسط في السعودية و قطر و الإمارات ، ولم تشمل إسرائيل ، كما اكتفى بعقد صفقات اقتصادية مع السعودية دون أن يضع التطبيع بين السعودية وإسرائيل شرطا لها، كما كان من قبل. وانتهت زيارته بالموافقة على رفع العقوبات الأميركية عن سوريا استجابة لطلب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ، رغم أن إسرائيل ترى في القيادة السورية الجديدة عقبة أمام إقامة كيان درزي يكون حزاما يحجز بينها وبقية الإقليم السوري بقيادة الرئيس أحمد الشرع. وبالتزامن مع ذلك، أرسل ترامب مبعوثه للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف إلى إسرائيل ليشارك في مسيرة لعائلات الأسرى احتجاجا على سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي تعطي الأولوية لمواصلة القتال بدلا من المفاوضات لإطلاق سراح من تبقى من الأسرى، دون إغفال نجاح المفاوضات الأميركية برعاية قطرية مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من أجل إطلاق سراح الجندي الأميركي الإسرائيلي عيدان ألكسندر. وحول التوجه الأميركي الجديد نشر مركز الجزيرة للدراسات تعليقا للباحث الحواس ورقة بعنوان " التباعد المتزايد: الخليج يعمق الشرخ الأميركي الإسرائيلي" سلط فيها الضوء على ملامح التباعد الأميركي الإسرائيلي ودلالاته. الاقتصاد أولا بدأت مؤشرات التوجه الأميركي الجديد عندما أعلن ترامب -خلال لقائه مع نتنياهو في البيت الأبيض- عن دعمه للنفوذ التركي في سوريا، والشروع في مفاوضات مع إيران حول المشروع النووي. هذا الفصل بين الحسابات الأميركية والحسابات الإسرائيلية هو الفارق بين عهدة ترامب الأولى والثانية. وضع ترامب إسرائيل في مركز رؤيته للشرق الأوسط في عهدته الأولى، وصمم مشروع اتفاقيات أبراهام على أساس الخوف الذي تشترك فيه إسرائيل والسعودية من إيران ، ومصلحتهما في التعاون للتصدي للخطر الإيراني. لكن منظوره في عهدته الثانية يستند أساسا إلى إنهاض الاقتصاد الأميركي بجلب الاستثمارات للشركات الأميركية، وإحياء القطاعات التي قضت عليها السوق المفتوحة، لكن غياب إستراتيجية ناجعة يحول دون تحقيق ذلك في وقت وجيز. لكن زيارته لدول خليجية وفرت له المخرج من هذا المأزق، فقد تعهدت السعودية باستثمار 600 مليار دولار وقد تصل تريليون دولار، ومثلها الإمارات باستثمار 1.4 تريليون دولار، إلى جانب قطر باستثمار نحو 1.2 تريليون دولار. العقبة الإسرائيلية وتقف إسرائيل عقبة أمام هذا التشكيل الإقليمي الجديد، فهي تريد أن تواصل ضرب سوريا ومنع وحدتها ونهوضها، وهو ما يتعارض مع التوافق الإستراتيجي الجديد المدعوم أميركيا بدعم القيادة السورية الجديدة وعزل حزب الله اللبناني عن إيران، وجعل سوريا سدا للنفوذ الإيراني في العراق وقد تتحول إلى ضاغط عليه. وقد يتسع التباعد الأميركي الإسرائيلي في ملفات المنطقة، وقد يمتد داخل إسرائيل لينشئ قطبين، أحدهما حريص على الاصطفاف مع الولايات المتحدة والآخر يريد الاستغناء عنها، بما ينعكس على استقطابات أخرى مثل مكانة اليمين اليهودي المتطرف في الدولة الإسرائيلية والمستوطنات وغيرها، ويعيد تشكيل توازنات المشهد الإسرائيلي.