
سورية بين الرهان على الداخل والرهانات الإقليمية والدولية
لا يحتاج المراقب كثير تبصّر لكي يرى توجُّه الحكم في سورية نحو الاعتماد على الدعم الخارجي، عبر الرهان على الخارج من أجل إعادة بناء الاقتصاد السوري، وبالتالي، تغيير أوضاع البلاد بعد سنواتٍ من الخراب الذي أورثه الأسد الهارب للسوريين. وكان من جديد تمظهرات هذا النهج المؤتمر الاستثماري السوري السعودي، الذي اختُتم قبل أيام في دمشق، وصدرت منه توصيات، وخطط لاستثمار ما يزيد عن ستة مليارات دولار في سورية، التي ما تزال تواجه تحدّيات كثيرة. وعلى الرغم من أهمية هذا المنتدى، فإن فيه (في ظلّ البنية التحتية المدمّرة واستمرار بؤر التوتّر) يختلط الفرح مع المخاوف من ألا تجد الاتفاقات المُوقّّعة طريقها إلى التنفيذ في أرض الواقع، نتيجة المعوقات ذاتها من توتّر أمني في عدّة مناطق، وبقاء كثير من العقوبات الغربية، والتهديد بإعادة عقوبات أزيلت في حال استمرّ النظام في المعالجة الأمنية للمشكلات المناطقية والطائفية. ويأتي هذا في الوقت الذي يُعوِّل فيه السوريون على إصلاح ما يمكن إصلاحه من قطاعات اقتصادية وانتاجية في البلاد، وعقد مؤتمرات للمصالحة الوطنية، وتنفيذ توصيات مؤتمر الحوار السوري، خصوصاً منها المتعلّق بمسألة العدالة الانتقالية، من أجل الإسهام في تعافي البلاد، وتحضير بيئة مناسبة لاستقبال استثمارات كهذه.
قرار إجراء انتخابات مجلس الشعب بآلية جديدة أتى بعدما أدركت السلطة أهمية المجلس وضرورته من أجل تشريع الاتفاقات
ومع توقيع هذه الاتفاقات الجديدة، ينظر السوريون إلى التي سبقتها، ووُقِّعت مع دول كثيرة، ويتساءلون عن سبب عدم سلوكها الطريق سريعاً للتنفيذ، لأهميتها في تحريك عجلة الاقتصاد، والمضي بإعادة الإعمار، خصوصاً ما يتعلّق منها بقطاع الطاقة من نفط وغاز، الضروريَّين من أجل تحسين وضع الكهرباء. ربّما يكون سبب التأخير هو القصور بالتشريعات وبالنصوص القانونية، وبعدم اكتمال بناء مؤسّسات البلاد التشريعية، المخوّلة بإقرار اتفاقات كهذه لتأخذ صفة الشرعية. فانتخابات مجلس الشعب، وبعدما استبعدتها السلطة بسبب بقاء ملايين السوريين في دول ومخيّمات اللجوء والنزوح، عادت وقرّرت إجراءها عبر آلية جديدة، يعيّن الرئيس بمقتضاها ثلث أعضاء المجلس، ويجري انتخاب الباقين، وهو قرار ربّما يكون قد أتى بعدما أدركت السلطة أهمية المجلس وضرورته من أجل تشريع الاتفاقات. ولكن هل هذه الخطوة (وغيرها ممّا نفّذته الحكومة) كافية من أجل الاستفادة من جو الانفتاح الدولي على سورية، وبروز محاولات لمساعدة سورية على التغلّب على مشكلاتها والنهوض؟
حين مات الرئيس الأسبق حافظ الأسد ( 2000)، وحصل التوافق الدولي على تنصيب ابنه بشّار رئيساً، سارع أصحاب رؤوس أموال من دول الخليج، وشركات تجارية وبنوك وغيرها من القطاعات الاقتصادية، إلى سورية لدعمه، أملاً بسورية مختلفة عن سورية الأسد الأب. لذلك عقدوا مؤتمرات مماثلة لمؤتمر الاستثمار السعودي السوري، وأعلنوا عبر مؤتمرات صحافية خططاً استثمارية كبيرة، ولكن ما الذي حصل؟... تعثّرت تلك الخطط، ولم يسجّل أيُّ استثمار عربي في الاقتصاد السوري على مدى السنوات الخمس التي تلت تنصيب بشّار، وسبقت اغتيال رفيق الحريري. أمّا الأسباب فهي أن بشّار لم يقطع مع سياسة والده في التعاطي الأمني مع جميع المسائل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في سورية. كما بقيت القبضة الأمنية عبر قانون الطوارئ والأحكام العرفية قائمةً، ولم يُجرِ مصالحةً وطنيةً كانت ضرورية للقطع مع جرائم والده، فهو لم يرث السلطة فحسب، بل ورث معها المعتقلين السياسيين، من يساريين وإسلاميين كان والده قد وضعهم في المعتقلات، خوفاً ممّا يشكّلونه من رمزية بالنسبة إلى المعارضة. إضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من بعض التشريعات التي أصدرها بشّار، وتعديلات في قانون الاستثمار رقم 10، بقيت بيئة الاستثمار متخلّفةً مع غياب العمل المصرفي العصري، إضافة إلى القبضة الأمنية والمالية، والتوجّه إلى سيطرة العائلة على الاقتصاد، علاوة على العقوبات الدولية التي لم يُقدِم بشّار على أيّ خطوة تساعد في إزالتها.
إذا استهان رجال الدولة بعامل الثقة، تضاءلت فرص تحقيق الاستقرار والازدهار، وظهرت الفجوات بين الحكم والشعب
هنالك حالات كثيرة، تكون فيها الرهانات على الخارج مغلقة، من أسبابها عدم ترتيب البيت الداخلي للتخلّص من الفوضى الداخلية التي تعاني منها الدولة التي تراهن على الخارج، وتصطدم بفشل تغيب عن بالها أسبابه، على الرغم من وضوح تلك الأسباب لمراقبين ومحلّلين وجمهور عريض لا يتوقّف عن الإشارة إليها على مدار الساعة. لكن، يبقى أمر معالجة مشكلات البلاد متعلّقاً بالسوريين أنفسهم، لأنهم الأكثر قدرة من غيرهم على تشخيص أزمات بلادهم وطرائق الحلّ. لذلك صُدم كثيرون بالأخبار التي ظهرت حول استيراد الغاز من أذربيجان لتغذية محطّات توليد الطاقة. كذلك الإعلان عن مباحثات لتوريد الأردن 40 ألف أسطوانة غاز منزلي يومياً، في الوقت التي أعلنت فيه الحكومة قبل أشهر اتفاقات مع جهات خارجية لاستثمار قطاع الطاقة، من أجل إدخال آبار النفط والغاز السورية في الخدمة.
هل سيتحسّن واقع الشعب السوري في حال استمرّ نهج الحكم في الرهان على الخارج؟... تفيد الوقائع بأن الوضع الأمني يزداد تفاقماً، وهو قابل في أيّ لحظة للتفجّر كما حدث أخيراً في السويداء. وإذا ما وضعنا النهج المتّبع بالتعامل مع الأقلّيات وفق منطق القوة، وتغليب فئة من الشعب على فئة أخرى، فإن كلّ يوم يَحلّ يحمل معه قصّةً من قصص الانتهاكات بحقّ مدنيين وحوادث خطف النساء في الساحل والموت تحت التعذيب. وليس خافياً على أحد أن أعين الساسة في الغرب مفتوحة على سورية طوال الوقت، يراقبون سلوك حكومتها، ومدى التزامها بتنفيذ الشروط التي وضعتها تلك الدول للمضي برفع العقوبات. فهل ستفعل ذلك الحكومة؟ إن كان من الصعب عليها محاربة الإرهاب من دون مساعدة الآخرين، فليس دمج الفصائل، وضبط تفلّت السلاح الذي ظهر في فزعة العشائر إلى السويداء، بالصعب، وهو شرط يحتاجه الداخل ليزداد عنده عامل الثقة. وإن استهان رجال الدول بعامل الثقة، تضاءلت فرص تحقيق الاستقرار والازدهار، وظهرت الفجوات بين الحكم والشعب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 5 ساعات
- العربي الجديد
اليخت المصادَر من الملياردير الروسي كريموف يُعرض للبيع في مزاد علني
تعتزم السلطات الأميركية بيع يخت فاخر صادرته من الملياردير الروسي سليمان كريموف، في مزاد علني. ويُعرف اليخت باسم "أماديا" ويبلغ طوله 106 أمتار، ويضمّ مهبطاً للمروحيات، ومسبحاً، وجاكوزي، إلى جانب صالة رياضية، ومنتجع صحي، وصالون تجميل، وثماني قاعات تتسع لـ16 ضيفاً، بحسب ما أفاد موقع "أماديا أوكشن.كوم". وقد صادرت السلطات اليخت في نيسان/إبريل 2022 من كريموف، أحد أبرز الأوليغارشيين الروس، أثناء وجوده في فيجي، وهو راسٍ حالياً في سان دييغو بولاية كاليفورنيا. وتُقدّر قيمته بأكثر من 300 مليون دولار. وستُنظّم المزاد شركة "الخدمات البحرية الوطنية" (National Maritime Services) ومقرها فلوريدا، وستُقبل العروض المختومة حتى العاشر من أيلول/سبتمبر المقبل، مع شرط دفع تأمين أولي قدره 10 ملايين دولار للمشاركة في المزاد. ويأتي هذا المزاد بعد رفض قاضٍ أميركي دعوى متنازعاً عليها بشأن ملكية اليخت. إذ زعم رجل الأعمال الروسي إدوارد خوديانتوف، الرئيس السابق لشركة النفط والغاز الروسية "روسنفت"، أمام محكمة في نيويورك، أنه المالك الحقيقي لـ"أماديا"، إلا أن القاضي ديل هو رفض هذا الادعاء. وبحسب المدّعين، فإن خوديانتوف كان مجرد "مالك صوري"، بينما المالك الفعلي هو كريموف، الحليف المقرّب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الصورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 1952، أي بعد 7 سنوات من نهاية الحرب العالمية الثانية، التي فقد فيها شقيقه الأكبر وأصيب فيها والده، عمل 16 عامًا في جهاز الاستخبارات الروسي، ثم رئيسًا للوزراء عام 1999، ورئيسًا مؤقتًا في نفس العام، وفاز في الانتخابات الرئاسية: 2000، 2004، 2012، 2018، 2024 ، والذي فُرضت عليه عقوبات أميركية عام 2018، ثم مجدداً في 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا. وفي أعقاب الغزو، أطلقت وزارة العدل الأميركية في عهد الرئيس جو بايدن حملة لمصادرة أصول الأوليغارشيين الروس المقرّبين من بوتين، ضمن عملية حملت اسم فرقة العمل كليبتو كابتشر" (Task Force KleptoCapture) وكانت هذه الفرقة قد حُلّت في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب. وكان الكونغرس الأميركي قد أقرّ العام الماضي قانوناً يتيح بيع الأصول الروسية المصادَرة، على أن تُستخدم العائدات لتمويل المساعدات الإنسانية المقدّمة لأوكرانيا. طاقة التحديثات الحية رسوم ترامب على روسيا تهدد إمدادات الغاز تندرج مصادرة يخت "أماديا" ضمن حملة أوسع أطلقتها الولايات المتحدة والدول الغربية ضد أثرياء النخبة الروسية المرتبطين بالكرملين، في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022. وتشمل هذه الحملة تجميد أرصدة، ومصادرة ممتلكات فاخرة، مثل الطائرات واليخوت والعقارات، في مسعى للضغط على الدائرة المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اقتصادياً وسياسياً. وتُعدّ اليخوت الفارهة من أبرز رموز ثراء الأوليغارشيين الروس ونفوذهم، ما جعلها أهدافاً مباشرة للعقوبات الغربية. مع عرض يخت "أماديا" للبيع في مزاد علني، توجّه الولايات المتحدة رسالة واضحة مفادها أن العقوبات لن تظل حبراً على ورق، بل ستترجم إلى إجراءات ملموسة تستهدف النفوذ المالي لحلفاء بوتين. وقد يشكّل بيع اليخت سابقة قانونية تمهد الطريق أمام بيع مزيد من الأصول الروسية المجمدة، في ظل مساعٍ غربية متواصلة لتمويل دعم أوكرانيا من ثروات النخبة الروسية المعاقَبة. (فرانس برس، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 6 ساعات
- العربي الجديد
خطة إسرائيلية لاحتلال غزة ومخيمات وسط القطاع: خمس فرق خلال خمسة أشهر
كشفت وسائل إعلام عبرية، مساء اليوم الأربعاء، بعض جوانب خطة احتلال قطاع غزة، قبيل المصادقة المتوقعة عليها في اجتماع المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية المقرر غدًا الخميس. وبحسب الخطة، سيقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي بعمليات عسكرية في منطقتين، هما مخيمات الوسط ومدينة غزة، لمدة خمسة أشهر، وفق ما أفادت هيئة البث الإسرائيلية "كان". وأضافت الهيئة أنه جرت مناقشة خطة احتلال قطاع غزة بين المستويين السياسي والعسكري حتى قبل انطلاق عملية "عربات جدعون"، التي كانت بمثابة حل وسط بين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ورئيس أركان الجيش إيال زامير، الذي أبدى معارضة لاحتلال القطاع، لكنه قال في جلسة عقدها نتنياهو في الأيام الأخيرة: "سننفذ ما يقرره المستوى السياسي". من جانبها، أفادت القناة 13 العبرية بأن الجيش الإسرائيلي يستعد لعملية واسعة النطاق في غزة، من المتوقع أن تمتد على مدى خمسة أشهر، وتشمل توغّل خمس فرق عسكرية إلى داخل القطاع، والسيطرة على معسكرات وسط غزة ومدينة غزة نفسها. وكجزء من الخطة، يُتوقّع أن ينزح نحو مليون فلسطيني نحو الجنوب، مع إدخال مساعدات إنسانية إلى داخل القطاع. ووفقًا لتقديرات الجيش، فإن احتلال المدينة قد يستغرق وقتًا قصيرًا نسبيًا، لكن القضاء الكامل على حركة "حماس" لا يبدو قريب المنال. وتأتي هذه الخطة في ظل تباينات داخل دوائر الحكم والجيش الإسرائيلي بشأن جدوى السيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة. إذ عبّر عدد من كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين، وعلى رأسهم رئيس الأركان إيال زامير، عن تحفظهم على خطة الاحتلال، محذرين من تبعاتها الميدانية والسياسية والإنسانية، لا سيما في ظل غياب رؤية واضحة لليوم التالي. في المقابل، يضغط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وبعض وزرائه من "الليكود" والتيارات اليمينية الأخرى باتجاه المضي قدماً في العملية، معتبرين أن أي حل لا يتضمن اجتثاث حركة "حماس" من القطاع لن يكون كافياً. رصد التحديثات الحية واضع "خطة الجنرالات" يرى مشكلة نتنياهو في غزة نفسية وفي وقت سابق، رفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإفصاح عمّا إذا كان يؤيد أو يعارض سيطرة إسرائيل المحتملة على قطاع غزة عسكرياً، مشيراً إلى أن تركيز إدارته ينصب حالياً على زيادة وصول الغذاء إلى القطاع. وقال ترامب في تصريحات للصحافيين أمس الثلاثاء: "في ما يتعلق ببقية الأمر، لا يمكنني القول حقاً. سيكون ذلك متروكاً إلى حد كبير لإسرائيل". وأضاف ترامب أن بلاده قدمت 60 مليون دولار لتأمين الغذاء لسكان غزة، مشيراً إلى أن سكان القطاع "لا يحصلون على ما يكفي من الغذاء". وأضاف في تصريحات صحافية أن الولايات المتحدة تحاول ضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين، وأن إسرائيل ستساعد في عملية التوزيع. كذلك، أكد وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس حق رئيس أركان الجيش إيال زامير في "إبداء رأيه" بشأن المرحلة المقبلة من الحرب في قطاع غزة، لكنه ملزم "تنفيذ" قرارات الحكومة بهذا الصدد. وقال كاتس عبر منصة إكس "من حق وواجب رئيس الأركان أن يعبّر عن موقفه في المنابر المختلفة، لكن بعد أن يتخذ المستوى السياسي القرارات، فإن الجيش سينفذها بحزم ومهنية، كما فعل على جميع الجبهات، حتى تحقيق أهداف الحرب".


القدس العربي
منذ 6 ساعات
- القدس العربي
سوريا توقّع مذكرات تفاهم استثمارية بـ14 مليار دولار تشمل مطار دمشق بتمويل قطري ومترو العاصمة بتمويل إماراتي
دمشق- 'القدس العربي': وسط دعم أمريكي لافت، ورعاية من رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، شهد قصر الشعب في دمشق، الأربعاء، إطلاق شراكات استراتيجية لـ12 مشروعا بقيمة 14 مليار أمريكي، ستشكل نقلة نوعية للبنية التحتية والحياة الاقتصادية، بحسب ما أكد عليه مدير هيئة الاستثمار السورية طلال الهلالي. شارك في حفل إطلاق المشاريع عدد كبير من المسؤولين الرسميين في دمشق، إلى جانب رجال أعمال عرب وسوريين. وظهر الرئيس الشرع يتوسط الصف الأول من الحضور وجلس على يساره المبعوث الأمريكي توماس براك وعلى يمينه وزير الخارجية اسعد الشيباني. محركات توليد فرص العمل وفي كلمته المقتضبة، أكد الهلالي أن سوريا بدأت مرحلة جديدة، معتبرا أن الاجتماع بمثابة إعلان واضح وصريح ان سوريا منفتحة على الاستثمار وعازمة على بناء مستقبل باهر ومستعدة للعمل مع شركائنا الموثوقين. وقال: نعلن اليوم عن مجموعة من الشراكات الاستراتيجية الكبرى وعددها 12 مشروعا بقيمة اجمالية تبلغ 14 مليار أمريكي ستمتد عبر سوريا لتشكل نقلة نوعية للبنية التحتية والحياة الاقتصادية، معتبرا أن من بين أبرزها مطار دمشق الدولي باستثمار يصل إلى 4 مليارات دولار، ومترو العاصمة باستثمار يبلغ ملياري دولار، إلى جانب مشروع أبراج دمشق في ريف العاصمة باستثمار يقدر بملياري دولار، ومشروع أبراج ومول البرامكة داخل العاصمة باستثمار يصل إلى 560 مليون دولار. وأكد الهلالي أن ما سبق ليست مجرد استثمارات عقارية أو بنى تحتية، بل هي محركات لتوليد فرص العمل وجسور ثقة بين سوريا والمستثمرين العالميين، ومنصات لشراكات طويلة الأمد، معتبرا أن هذه هي البداية فقط. وقال: نفتح الباب أمام مستقبل من التعاون يقوم على أسس من القانون والشفافية ويستند على إرادة السوريين وعزيمتهم التي لا تكسر. المركز بين تركيا وقطر وفي كلمته التي نقل خلالها تهاني الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال مبعوثه إلى سوريا وسفير واشنطن في أنقرة، توماس براك، إنه عندما ننظر إلى مدينة دمشق فإننا ننظر إلى تاريخ عريق لمدينة تمتد لآلاف السنوات، ظلت فيه مركزا للتجارة والنقل في المنطقة، موضحاً أن الأرض السورية لطالما قدمت قادة عظماء، وباتت اليوم تشكل المركز بين تركيا وقطر. واستذكر براك واحدة من أقوال ترامب المفضلة، معتبراً أنها تنطبق على الرئيس الشرع، وقال إن رؤية شخص واحد ولمرات عديدة تبقى مجرد حلم، ولكن رؤية هذا الشخص عندما يحتضنه ويحبه مجتمعه، تتحول إلى واقع جميل ورائع. تركيز على السكن بدوره، أوضح مستشار الهيئة العليا للتنمية الاقتصادية أيمن حموية، في مؤتمر صحافي بعد حفل الإعلان عن الاتفاقيات، أن التركيز كبير على المشاريع السكنية كونها من أكثر المشاريع المستهلكة لليد العاملة على مستوى البلاد بشكل كامل، مرجعا الأمر إلى أن سوريا تواجه مشكلة بالإسكان بسبب قصف النظام البائد للقرى والمدن. وقال إن الحكومة السورية تسعى إلى خلق بيئة استثمارية واقتصادية آمنة ومحايدة والانتقال إلى الاقتصاد الحر وهذا ما نعمل عليه من خلال القوانين الجديدة التي تم إصدارها. مشاريع للمحافظات حَظِي الحفل بتغطية إعلامية خاصة، وشهد التقاط الصور التذكارية مع الرئيس أحمد الشرع خلال مراسم تبادل الاتفاقيات بين الأطراف الموقعة. وقد شملت المشاريع المُعلَن عنها معظم المحافظات السورية، بدءا من مشروع مترو الأنفاق ومطار دمشق الدولي الجديد، مرورا بأبراج البرامكة والمدينة السكنية الجديدة في ريف العاصمة، ومشروع ماروتا دمشق، ووصولا إلى بوليفار حمص، ووادي الجوز في حماة، والحيدرية ومول المهندسين في حلب، ومرسى شمس السياحي في اللاذقية، ومجمع مارينا السياحي في طرطوس، ومشروع إعادة التدوير والاستدامة في إدلب، وفندق داما سراي في دير الزور. وبعيد تبادل نسخ الاتفاقيات تم الإعلان عن عقد جلسة مناقشات جانبية لاستكمال المحادثات حول مشاريع أخرى ليتم الإعلان لاحقا عن توقيع اتفاقياتها عند إنجازها. مطار بتمويل قطري ركز الحفل في جانب منه على أهم المشاريع التي تم انجاز اتفاقاتها، وكان في المقدمة الإعلان عن إنشاء واحد من أفضل مطارات العالم قادر على استيعاب 31 مليون مسافر سنويا في العاصمة دمشق وتنفذه شركة 'يو سي سي' القابضة القطرية على مراحل بقيمة استثمارية تصل إلى 4 مليارات دولار. ويقوم المشروع على خطة لتطوير مطار دمشق الدولي الحالي تشمل تجميل طريق المطار ثم إعادة تأهيل مبنيي الركاب الأول والثاني بقدرتيهما الاستيعابية التي تصل إلى 6 ملايين مسافر سنويا، على أن يتم في المرحلة التالية إنشاء مطار جديد على ثلاثة مراحل تستوعب المرحلة الأولى عشرة ملايين مسافر سنويا، تليها المرحلة الثانية بطاقة 7.5 مليون مسافر سنويا، والمرحلة الثالثة بذات القدرة الاستيعابية، وسيتضمن المطار الجديد مطاعم عالمية وسوقا حرة، ويستوحى تصميمه من حرفة صانعي السيوف السورية. مترو العاصمة من بين المشاريع الهامة، مترو العاصمة الذي ينفذ بالتعاون مع 'الشركة الوطنية للاستثمار' الإماراتية وبقيمة ملياري دولار. وعبر هذا المشروع تنطلق دمشق لسد فجوات الازدحام والتوسع السكاني، إذ سيكون نواة شبكة نقل متكاملة، وقد تم اختياره كأولية لأنه يربط بين المناطق السكانية الكثيفة ومراكز النشاط الكبرى في العاصمة، ويمتد خطه من معضمية الشام غربا حتى القابون شرقا بطول 16.5 كيلومترا. يتضمن 17 محطة تخدم أحياء حيوية مثل المزة وجامعة دمشق والحجاز وساحة التحرير والعباسين ومحطة انطلاق سفريات القابون. سيعبر الخط في ممر حضري ليخدم 250 ألف زائر و300 ألف موظف و70 ألف طالب يوميا، أي بتوقعات لاستخدام يومي يصل إلى اكثر من 750 ألف راكب، على أن يتم ربط الخط مع محطتي الحجاز والقابون بالسكك الحديدة وخطوط نقل أخرى مستقبلية، وستتنوع خيارات التنفيذ بين النفق والجسر والعمل على سطح الأرض حسب خصوصية كل منطقة وتأثيرها العمراني والبصري. 20 ألف شقة أما مشروع 'أبراج دمشق' والذي سينفذ في ريف العاصمة فسيضم 60 برجا مبنيا وفق المعايير الحديثة وتنفذها شركة أوباكو الإيطالية بالتعاون مع شركة يوباكو السورية ووزارة الاشغال العامة والإسكان والمؤسسة العامة للإسكان في سوريا. و'أبراج دمشق' هي مدينة متكاملة تعيد تعريف السكن الحديث وتحتوي على 20 ألف شقة سكنية موزعة على 60 برجا بـ25 طابقا مع 4 أبراج بارتفاع 45 طابقا، إلى جانب مرافق مختلفة تشمل المسابح والملاعب الرياضية والفنادق والمراكز التجارية وفعاليات خدمية ومرافق تعليمية وصحية ودينية، بتكلفة تقديرية تصل إلى 2.5 مليار يورو مع توفير أكثر من 200 الف فرصة عمل. رسائل سياسية واعتبر المستشار الاقتصادي أسامة القاضي أن ما شهدته دمشق، الأربعاء، بمثابة واحدة من الكرنفالات الاقتصادية التي تقوم بها الإدارة السورية الحالية وتتوالى منذ المنتدى الاقتصادي السوري. وفي تصريح له نقلته قناة 'الإخبارية' السورية الرسمية أوضح القاضي أن 'هذه المشاريع هي بمثابة رسائل اقتصادية وسياسية بأن الاستقرار والمناخ الجاذب هو ما يؤكد عليه الجميع، وحضور المبعوث الأمريكي توماس براك يبين حجم الدعم والتشديد على أهمية استقرار سوريا لاستقرار عموم المنطقة وعدم السماح بزعزعة البلاد'، مذكرا بأن شركات أمريكية وقعت قبل فترة ليست بالبعيدة لإنتاج الطاقة. واعتبر أن هذه الاستثمارات التي هي مجرد دفعة أولية تمثل حضورا سياسيا واقتصاديا سيعطي دفعا اكثر، وستكون هناك موجات أخرى كبيرة قادمة من الاستثمارات إلى سوريا.