
إيران في عزلة بلا أصدقاء.. هل تعيش نهاية مشروعها؟
وفي ظل تسريبات عن مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة ، يعود سؤال جوهري إلى الواجهة: هل نشهد تغيرًا حقيقيًا في استراتيجية إيران، أم هو مجرد مناورة سياسية لتفادي الانهيار الداخلي؟
في مقابلة مع برنامج "بزنس مع لبنى" على سكاي نيوز عربية، قدّم محمد الزغول، مدير وحدة الدراسات الإيرانية في مركز الإمارات للسياسات، تشخيصًا صادمًا للحالة الاقتصادية الإيرانية، قائلاً: "الاقتصاد الإيراني أشبه بجسد فقد شحمه ولحمه، والآن بدأ الألم يصل إلى العظم."
تشبيه يلخّص بدقة ما يحدث في الداخل الإيراني. منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018 وإعادة فرض العقوبات، تدهورت الصادرات النفطية إلى أقل من 700 ألف برميل يوميًا، بعد أن كانت إيران تبني موازنتها على أكثر من 2 مليون برميل.
بحسب الزغول، فإن ما يقارب 28 مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر، و22 مليونًا بلا وظائف، غالبيتهم من الشباب. ومع انهيار خدمات الكهرباء والماء، وتقديرات لخسائر سنوية تصل إلى 13 مليار دولار بسبب انقطاع التيار، تحوّلت إيران من قوة نفطية وغازية إلى ما وصفه الزغول بـ"الإفلاس الطاقوي".
"إيران اليوم، وهي ثاني أكبر دولة في العالم في احتياطيات الغاز، تفكر في استيراده… هذا بحد ذاته دليل على إفلاس السياسات لا الموارد."
" مارشال إيران" في سوريا... حلم تبخر بسقوط الأسد؟
أحد أكثر الرهانات الاقتصادية جرأة لإيران كان في سوريا، حيث أنفقت طهران أكثر من 30 مليار دولار لدعم نظام بشار الأسد، على أمل استرداد 400 مليار دولار عبر مشاريع إعادة الإعمار. لكن تلك الخطة الطموحة التي سماها محللون "مارشال إيران"، والتي تضمنت أكثر من 40 مشروعًا اقتصاديًا واستثماريًا — من محطات كهرباء إلى سكك حديدية واتفاقيات للتنقيب عن الفوسفات والنفط — انهارت مع تراجع نفوذ الأسد وتعقّد المشهد السوري.
الزغول علّق على هذا التحول بالقول: "طهران أرادت السيطرة على سوريا اقتصاديا، لكنها فوجئت بأن مشروعها ينهار من الداخل والخارج، والوثائق التي تسربت من السفارة الإيرانية في دمشق تثبت حجم الطموح الذي تبخّر."
ومع سقوط تلك الخطة، خسرت إيران أحد أبرز أوراق نفوذها الإقليمي، وهو ما دفعها لإعادة ترتيب أولوياتها داخليًا، وتقديم نفسها للعالم بصورة براجماتية.
" تريليون دولار"... رشوة سياسية أم انفتاح اقتصادي حقيقي؟
ما طرحته طهران مؤخرًا في مفاوضاتها مع واشنطن يرقى إلى محاولة إنقاذ كبرى: تلميحات بصفقات استثمارية ضخمة تقدر بتريليون دولار، وإبداء انفتاح على الشركات الأجنبية، وتراجع نسبي في تمويل أذرعها الإقليمية. لكن هل هذه التحركات نابعة من تحوّل استراتيجي فعلي أم مجرد تكتيك لإنقاذ النظام؟
يؤكد الزغول: "النظام السياسي الإيراني لم يتغير. هو فقط يتأقلم قسرًا. البنية التشريعية في إيران تسمح بالانفتاح، والمجتمع الإيراني ليبرالي بطبعه وجاهز للعالم، لكن النظام السياسي لا يزال محكوما بعقيدة أيديولوجية ضيقة."
ويضيف: "المشكلة ليست في الشعب الإيراني، بل في رؤية النظام لنفسه والعالم، التي تستند إلى هويات دينية وطائفية عفا عليها الزمن، وهي ما يعطل تطور الاقتصاد والعلاقات الخارجية."
الوقت ينفد: من "التصفير النفطي" إلى شلل اقتصادي شامل
الخيار الأكثر خطورة أمام إيران اليوم هو الفشل في التوصل إلى اتفاق، وهو ما يُعرف بـ"السيناريو الأسود"، أي تصفير صادرات النفط تمامًا. وتجربة 2018، حين وصلت الصادرات إلى 170 ألف برميل يوميًا، لا تزال حاضرة، وهي كفيلة بضرب موازنة طهران التي بُنيت على تصدير أكثر من 2 مليون برميل يوميًا، وسعر متفائل للبرميل.
الزغول يحذر: "العجز في الموازنة قد يبلغ 50%. صناديق التقاعد على وشك الإفلاس، والصناديق السيادية المُخصصة للأجيال المقبلة تُستنزف لدفع الرواتب، والمجتمع ينهار تحت وطأة التضخم الذي قد يصل إلى 70%."
ولا تتوقف التهديدات عند الداخل. فالمفاوض الإيراني اليوم يجلس تحت سيفين، كما يقول الزغول: "آلية الزناد الأوروبية التي يمكن أن تعيد العقوبات الأممية، وسيف الضربة العسكرية الإسرائيلية في أي لحظة."
هل ينهار الحصن من الداخل أم يطل فجر جديد؟
بين تريليون دولار من الوعود، و5475 عقوبة معلقة في الهواء، تسير إيران على حافة الانهيار أو التحول. وفي حين يترقب العالم ما ستسفر عنه المفاوضات، تبقى الحقيقة أن أي نهضة اقتصادية لن تُكتب ما لم يتغير جوهر السياسة الإيرانية، لا شكلها. فقد أثبتت التجارب أن الأيديولوجيا حين تتدخل في تفاصيل الزراعة والصناعة والمياه والغاز، تُنتج الخراب لا التنمية.
ربما آن الأوان لطهران أن تفهم أن العالم لا ينتظرها، وأن خسارة مشروعها في سوريا، وارتباك تحالفاتها الإقليمية، واحتقانها الداخلي، كلّها مؤشرات على نهاية مرحلة. وبدلاً من التسول السياسي عبر العروض الاستثمارية، فإن مفتاح الخروج من النفق لن يكون إلا عبر الداخل: انفتاح صادق، وإصلاح هيكلي، ومصالحة مع الذات قبل الغرب.
فهل تمتلك إيران الشجاعة للخروج من ظلها؟ أم أن "مارشالها" سيبقى حلماً على ورق؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
اليونيفيل: قرار 1701 يخولنا التنقل بدون الجيش اللبناني
ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام عن تيننتي قوله، تعليقا على حادثة صريفا: "هذا الصباح، أوقفت مجموعة من الرجال في ملابس مدنية قوات حفظ السلام التابعة لليونيفيل في بلدة صريفا، في دورية مخطط لها بالتنسيق مع القوات المسلحة اللبنانية". وأضاف :"تمكن حفظة السلام من القيام بنشاطهم المقرر بعد تدخل الجيش اللبناني". وأشار إلى أن "القرار 1701 يمنح قوة اليونيفيل سلطة التنقل بحرية وإجراء الدوريات - بوجود الجيش أو بدونه. هذا جزء من ولايتنا". وتابع: "بينما ننسق بشكل وثيق مع الجيش اللبناني، فإن حرية حركة حفظة السلام لدينا هي المفتاح لتنفيذ المهام الموكلة إلينا". وذكرت الوكالة في وقت سابق أن "عددا من الشبان على الطريق العام في بلدة صريفا، اعترضوا ، اليوم، دورية تابعة لقوات اليونيفيل) كانت في طريقها إلى منطقة وادي السلوقي، احتجاجًا على عدم مرافقتها من قبل الجيش اللبناني ، دون أن تسجل أي حوادث تُذكر". ووفق الوكالة، حضرت لاحقا دورية تابعة للجيش إلى المكان، وعملت على معالجة الوضع وإعادة الأمور إلى طبيعتها. وأشارت إلى أنه سبق ذلك، دخول دورية مؤللة كبيرة تابعة ل "اليونيفيل" إلى منطقة وادي السلوقي ، أيضا من دون مؤازرة الجيش.


الإمارات اليوم
منذ ساعة واحدة
- الإمارات اليوم
أعضاء البعثة الطبية الإماراتية في غرة يؤدون صلاة عيد الأضحى بالمستشفى الميداني
أدى أعضاء البعثة الطبية الإماراتية العاملة في المستشفى الميداني الإماراتي بقطاع غزة، صلاة عيد الأضحى المبارك جنبًا إلى جنب مع أهالي القطاع، وسط أجواء من الإيمان والصبر، تعالت فيها تكبيرات العيد ممزوجةً بدعوات المحبة والسلام، لتضيء المكان بالأمل رغم الجراح. وشهد المستشفى أجواء روحانية خاصة في صباح العيد جسّدت عمق التآخي الإنساني بين أبناء الإمارات والشعب الفلسطيني الشقيق وشارك الطاقم الطبي والتمريضي الإماراتي أهالي غزة فرحتهم، مؤكدين التزامهم بمواصلة أداء واجبهم الإنساني. وبهذه المناسبة، عبّر الفلسطينيون عن تقديرهم العميق لجهود دولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها الرشيدة، ورفعوا أسمى آيات التهاني إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله ، وإلى شعب الإمارات، مؤكدين أن أبناء الإمارات يصنعون فرقًا حقيقيًا في مسيرة التاريخ الإنساني في قطاع غزة، من خلال مواقفهم النبيلة ودعمهم المستمر في أحلك الظروف للأهالي في القطاع .


صحيفة الخليج
منذ ساعة واحدة
- صحيفة الخليج
1.9 مليار درهم سوق أتمتة سلاسل التوريد في الإمارات 2030
تشهد دولة الإمارات طفرة في توظيف التقنيات الروبوتية والذكاء الاصطناعي في قطاع الخدمات اللوجستية وإدارة سلاسل التوريد، مدفوعة برؤية استراتيجية تدعم التحول الرقمي وتعزز الكفاءة التشغيلية. بلغ سوق أتمتة المستودعات في دولة الإمارات نحو 778 مليون درهم (212 مليون دولار)، مع توقعات بارتفاعه إلى 1.9 مليار درهم (521.5 مليون دولار) بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي 17.4%. يأتي هذا النمو السريع نتيجة مباشرة لتسارع التجارة الإلكترونية، وتزايد الحاجة إلى مرونة سلاسل الإمداد، فضلاً عن المبادرات الحكومية الطموحة مثل استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي ومشاريع البنية التحتية المتقدمة مثل «ممر الحرير» في دبي. وفي ظل هذه المعطيات، تتحول الإمارات إلى بيئة مثالية لتجريب وتبني تقنيات المستقبل، ما يعزز مكانتها كمركز إقليمي متطور في مجال الابتكار اللوجستي. وسجّلت سوق إدارة سلاسل التوريد في الإمارات في 2024، نحو 5.22 مليار دولار، مع توقعات بوصولها إلى 8.5 مليار دولار بحلول عام 2031، بمعدل نمو سنوي قدره 7.2%. ويعكس هذا الاتجاه انتقالاً تدريجياً نحو حلول أكثر ذكاءً وتكاملًا، خاصة في ضوء التطورات التكنولوجية التي أعادت تعريــف العمليات التشغيلية في المستودعات ومراكز التوزيع. ملامح التحول الرقمي يقول رامي يونس، المدير العام لشركة «سويس لوج»: «يُعد دمج الروبوتات المتنقلة الذاتية أحد أبرز ملامح التحول الرقمي في دولة الإمارات، مشيراً إلى أن هذه الروبوتات قادرة على التنقل بدقة داخل المستودعات دون الحاجة إلى مسارات ثابتة، ما يُقلل من الهدر ويزيد من مرونة التوزيع، خصوصًا في القطاعات كثيفة الحركة مثل الأغذية والملابس والبضائع العامة». وأضاف، مع تزايد الطلب على التجارة الإلكترونية، توفّر بعض الروبوتات المزودة برؤية حاسوبية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، القدرة على التقاط العناصر بكفاءة تصل إلى 95%، ما يقلل من أخطاء التجميع ويرفع جودة الخدمة. وتُعزز هذه الحلول عبر برمجيات إدارة المستودعات المتقدمة التي توفر رؤية متكاملة للعمليات، وتتيح للشركات التكيف سريعًا مع التغيرات في الطلب والأسواق. وأوضح يونس، مع أن التحول الرقمي يتطلب استثمارات أولية مرتفعة نسبياً، إلا أن الفوائد طويلة الأمد، بما في ذلك خفض التكاليف التشغيلية وزيادة الإنتاجية، تجعل منه خياراً استراتيجياً مدفوعاً بضرورة البقاء في المنافسة. وتعمل الشركات الرائدة على توفير التدريب والدعم للموظفيـــن لضمـــان تأقلمهــــم مع هذه التقنيات الجديدة. خدمات أكثر كفاءة من جانبه، قال نيكيتا غافريلوف، الرئيس الإقليمي للشركة، إن الإمـــــارات تستهدف تحويــــل 25% مــــن وسائل النقل في دبي إلى ذاتية القيادة بحلول 2030، ما يفتح الباب أمام خدمات لوجستية حضرية أكثر استدامة وكفاءة. وأضاف، تواصل «يانغو تك أوتونومي» تطوير حلول التوصيل الذاتي عبر الروبوتات، حيث أثبتت هذه الأنظمة فعاليتها في مشاريع مثل مدينة إكسبو دبي و«شوبا هارتلاند». وتابع غافريلوف: «إن روبوتات التوصيل تستشرف مستقبلاً واعداً بفضل قدرتها على العمل في البيئات الحضرية المعقدة، حيث أثبتت دقّة فريدة في التنقل والتوجيه حتى في ظل الظروف الجوية المتغيرة أن التوصيل الذاتي لم يعد مجرد أفكار ونظريات، بل أصبح حلاً عملياً فعالاً قابلاً للتطوير، ومُصمماً لمدن الغد». مبادرات حكومية تستمر دولة الإمارات في تنفيذ استراتيجيات ومبادرات داعمة للتحول الرقمي في القطاع اللوجستي، مثل استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي ومشاريع البنية التحتية المتقدمة. وتُظهر الأرقام النمو المستمر في أسواق الأتمتة والروبوتات اللوجستية في الإمارات مع زيادة الطلب على التجارة الإلكترونية، والاستثمارات الحكومية في البنية التحتية الذكية.