
الخلاف الأمريكي الأوروبي والعلاقات الدولية
يبدو أن العالم يدخل في منحنى جديد في العلاقات الدولية بسبب ما سماه الرئيس الأمريكي مجازاً (يوم التحرير)، أي تلك الحزمة من السياسات الحمائية على المنتجات القادمة من الخارج، من الدول الصديقة وغيرها على حد سواء. النتائج في أولها، وقد تكون في نهاية الأمر خبراً مفرحاً أو خبراً سيئاً للأطراف المختلفة، يعتمد ذلك على طريقة لعب الأطراف أوراق القوة التي تمتلكها.
أوروبا شهدت الصدمة الأكبر، وصحيح أن العلاقات الأوروبية الأمريكية لم تكن دائماً سلسة، فقد شهدت عدداً من الخلافات التي يمكن أن تكون جانبية، إلا أن الخلاف الحالي شكل شبه صدمة، وبعض الأوروبيين يشيرون إلى أنه (نداء يقظة) متأخرة، في الاعتماد على تحالف ظنه البعض أنه دائم ومبدئي.
في السابق تجد أن المشتركات بين أوروبا والولايات المتحدة تتغلب على الاختلاف، كان التعاون في مواجهة التحديات المشتركة يتفوق على الخلاف، كما حدث في محاربة الإرهاب الدولي، أو حتى في فترة أخيرة التغير المناخي، التوقيت غير مريح للاقتصاد الأوروبي، الذي كان يعتمد على طاقة روسية لم تعد متوفرة، وبضائع رخيصة من الصين!
كانت المنافسة بين الاقتصادين الأمريكي والأوروبي عملية مفيدة لكليهما، وتؤدي إلى التجويد وتقديم البدائل الأرخص، حتى تقدم العملاق الصيني للمنافسة، فلم يعد الأرخص النسبي هو المنافس، أي البضائع والخدمات القادمة من كلا المكانين الأمريكي والأوروبي، بل البضائع والخدمات القادمة من الصين، حتى غدا تطبيق (تك توك) يشكل إدماناً للمستهلك الأمريكي يجبر السياسيين على الإنحناء والقبول به.
من المفارقات أن سياسة الحمائية الأمريكية، وهي في أيامها الأولى، وقد أغاظت الدول الأوروبية، أن يخرج إيلون ماسك، القريب جداً للرئيس ترامب ومكان ثقته بتطوير الإدارة والتقنية، يخرج إلى العالم باقتراح إنشاء (سوق حرة) بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تكون فيها الضرائب صفراً، أي هو تبادل حر غير مقيد، لقد أفزعت إيلون ماسك المستثمر، النتائج الفورية السلبية لسياسة الحمائية!
في ظل الظرف القائم، والتسعين يوماً المقترحة، تجد أوروبا نفسها في مأزق، وقد تتجه الدول الأوروبية لبناء تحالفات جديدة مع دول أخرى متضررة، لتعزيز موقفها الاقتصادي، وبناء شراكات جديدة وأسواق جديدة، بينما تتجه الولايات المتحدة لبناء علاقات مع الأعداء السابقين، ما يخل بمنظومة العلاقات الدولية التي عرفناها في سبعين سنة ماضية، وبخاصة انقسام الغرب على نفسه.
قد نشهد حرباً تجارية ضد الشركات الكبرى الأمريكية العاملة في أوروبا، وبخاصة شركات التقنية، وفرض رسوم أو حتى عقوبات عليها، والتحول تدريجياً، إن استمر الوقت، إلى، إما إنتاج شركات تقنية أوروبية، أو استخدام التكنولوجيا الصينية. لقد أوقفت بعض دول أوروبا في وقت سابق استخدام نظام الاتصال المتقدم الصيني (G5) بناء على نصائح أمريكية، تحت ذريعة الأمن القومي المشترك، ومع مفارقة أمريكا للنظام الأمني المشترك، لم تعد هناك حجج تقدم للمستهلك الأوروبي على عدم استخدام تقنية أفضل وأسرع وأرخص من الصين.
قد تكون هنا أيضاً فرصة للدول النامية بتعزيز شراكاتها مع أوروبا في سبيل ضبط الأسعار للسلع والخدمات بحيث يستفيد الجانبان، والحد ما أمكن من تبعات وأضرار (يوم التحرير) الأمريكي، والتي سوف تشهد الجزر والمد في الأشهر القليلة المقبلة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عرب هاردوير
منذ 4 ساعات
- عرب هاردوير
كيف استُخدم نموذج ميتا القديم في تسهيل عمليات فصل الموظفين؟
كشفت تقارير تقنية حديثة عن استخدام نموذج ذكاء اصطناعي تابع لشركة ميتا يُدعى لاما 2 من قِبل مكتب يُعرف باسم مكتب كفاءة الحكومة DOGE، في مهمة سرية استهدفت تصنيف ردود الموظفين الفيدراليين على رسالة مثيرة للجدل عُرفت باسم مفترق الطرق. هذا المكتب، الذي يتبع إداريًا لمكتب إدارة شؤون الموظفين، استخدم النموذج لتحليل ردود ملايين العاملين في المؤسسات الحكومية، وتحديد مدى التزامهم بسياسة العودة إلى المكاتب أو رغبتهم في الاستقالة. مفترق الطرق: رسالة غير مسبوقة في التاريخ الإداري الأمريكي في أواخر يناير، أُرسلت رسالة إلى جميع الموظفين الفيدراليين تحمل تهديدًا مبطنًا، مستوحاة من رسالة سابقة أرسلها إيلون ماسك لموظفي تويتر. طُلب من الموظفين التعبير عن التزامهم بالسياسات الجديدة، أو اعتبار أنفسهم مستقيلين. تزامن ذلك مع إشاعات عن استخدام أدوات ذكاء اصطناعي لتحليل الردود بشكل جماعي، وهو ما أكّدته لاحقًا مراجعة موقع Wired، حيث بيّنت السجلات استخدام نموذج لاما 2 في هذه العملية. لاما 2: من دعم الجيش الصيني إلى مساعدة الإدارة الأمريكية لاما 2 لم يكن بعيدًا عن الجدل سابقًا. ففي نوفمبر الماضي، استُخدم هذا النموذج في تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي لصالح الجيش الصيني، مما أثار غضبًا أمريكيًا واسعًا. إلا أن شركة ميتا قلّلت من أهمية الحادث، ووصفت استخدام النموذج بأنه غير مصرح به، قبل أن تعيد النظر في سياساتها وتفتح المجال لاستخدام نماذجها في تطبيقات الأمن والدفاع الأمريكية. وقد أعلنت الشركة رسميًا عن تعاونها مع عدد من الشركات الكبرى لتوفير نموذج لاما للوكالات الحكومية، مثل أمازون، مايكروسوفت، آي بي إم، وأوراكل. سهولة الاستخدام تفتح الباب أمام سوء الاستخدام نظرًا لأن نماذج ميتا مفتوحة المصدر، فقد أشار الخبراء إلى أنه يمكن استخدامها من قبل أي جهة حكومية دون الرجوع المباشر إلى ميتا، ما يثير تساؤلات حول الرقابة والشفافية. لم يُعرف حتى الآن مدى انتشار استخدام هذه النماذج داخل المؤسسات الفيدرالية، ولا سبب لجوء DOGE إلى نموذج قديم مثل لاما 2 بدلًا من النماذج الأحدث. بعد أسابيع من رسالة مفترق الطرق، طُلب من الموظفين الفيدراليين إرسال تقارير أسبوعية توضح إنجازاتهم في خمسة نقاط. كثير من الموظفين عبّروا عن خشيتهم من أن يكون ذلك مجرد أداة جديدة لجمع بيانات حساسة وتحليلها باستخدام الذكاء الاصطناعي. وبينما لم تؤكد Wired ما إذا كان لاما 2 قد استُخدم مرة أخرى في تحليل هذه الردود، إلا أن موظفين فيدراليين رجّحوا إعادة استخدام نفس الخوارزميات. جدل سياسي وتحقيق مرتقب في أبريل، وجّه أكثر من أربعين عضوًا في الكونغرس رسالة إلى مدير مكتب الميزانية في البيت الأبيض، مطالبين بتحقيق فوري في ممارسات DOGE. تضمنت الرسالة اتهامات باستخدام أدوات غير مُصرّح بها، وتوظيف نماذج مثل Grok-2 التابعة لشركة xAI الخاصة بإيلون ماسك، وكذلك أداة AutoRIF التي يُعتقد أنها استُخدمت لتسهيل عمليات فصل جماعي للموظفين. حذّرت الرسالة من تضارب مصالح محتمل نتيجة استخدام ماسك لنماذجه الخاصة في المؤسسات الحكومية، مما يتيح له الوصول إلى بيانات لا يمكن لمنافسيه في قطاع التقنية استخدامها. عبّر المشرعون عن قلقهم من إمكانية تسريب بيانات حساسة، وعدم جاهزية نماذج الذكاء الاصطناعي لاتخاذ قرارات عالية المخاطر، خاصة تلك المتعلقة بالفصل من العمل أو توزيع التمويلات الحكومية. هل الذكاء الاصطناعي أداة للكفاءة أم للفصل التعسفي؟ رغم تطمينات الإدارة بأن النماذج استُخدمت محليًا دون إرسال البيانات إلى الإنترنت، فإن المخاوف لا تزال قائمة. دعا المشرعون إلى وقف جميع تطبيقات الذكاء الاصطناعي الحكومية مؤقتًا إلى حين وضع ضوابط واضحة، مؤكدين على ضرورة حماية الخصوصية ومنع اتخاذ قرارات مصيرية بناءً على أنظمة قد تكون متحيزة أو غير دقيقة. في المقابل، يبدو أن بعض الجهات داخل الإدارة الأمريكية، مثل مكتب الميزانية، أكثر انفتاحًا تجاه استخدام الذكاء الاصطناعي، حيث دعت إلى إزالة الحواجز أمام الابتكار وتحقيق الكفاءة بأفضل التكاليف. لكن التحذيرات تتزايد من أن الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي دون رقابة، قد يهدد ثقة الموظفين ويعرض بيانات الدولة لخطر حقيقي، خاصة إذا استمر استخدامها في عمليات التقييم والفصل والتصنيف الإداري الجماعي. يبقى استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي في قطاعات حساسة تحديًا كبيرًا، حيث لا يمكن تحقيق الكفاءة المنشودة على حساب الثقة والأمن، ما يحتم فرض ضوابط صارمة وشفافية كاملة قبل الاعتماد على هذه التقنيات في اتخاذ قرارات تؤثر على حياة موظفين ومستقبل المؤسسات.


الاتحاد
منذ 8 ساعات
- الاتحاد
اتفاقية تعاون بين «دبي الإنسانية» و«المساعدات الأوروبية»
دبي (وام) وقعت دبي الإنسانية والمديرية العامة لعمليات الحماية المدنية والمساعدات الإنسانية الأوروبية /DG ECHO/ التابعة للمفوضية الأوروبية اتفاقية الترتيب الإداري الجديد، لتعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات سلسلة الإمداد والجاهزية والاستجابة للأزمات الإنسانية الطارئة. وقع الاتفاقية كل من ماسيج بوبوسكي المدير العام للمديرية العامة لعمليات الحماية المدنية والمساعدات الإنسانية الأوروبية وجوسيبي سابا المدير التنفيذي، وعضو مجلس إدارة دبي الإنسانية على هامش المنتدى الإنساني الأوروبي الذي عقد في بروكسل، وذلك بحضور سلطان الشامسي، مساعد وزير الخارجية لشؤون التنمية الدولية من دولة الإمارات العربية المتحدة، ومحمد السهلاوي سفير دولة الإمارات لدى مملكة بلجيكا ودوقية لوكسمبورغ الكبرى والاتحاد الأوروبي. ويهدف هذا الترتيب إلى توسيع آفاق التعاون من خلال تبادل المعلومات والمعرفة، وتعزيز التنسيق والاستدامة والابتكار مما يعكس الالتزام المشترك بتعزيز سرعة وكفاءة وتأثير الاستجابة الإنسانية حول العالم. وقال جوسيبي سابا المدير التنفيذي وعضو مجلس إدارة دبي الإنسانية، إن طموحنا المشترك يتمثل بتعزيز مرونة الاستجابة الإنسانية للطوارئ وتنسيقها واستدامتها، من خلال الشراكة ومن موقعنا الاستراتيجي كأكبر مركز إنساني في العالم تؤدي دبي الإنسانية دوراً ممكناً واستباقياً في تمكين المجتمع الإنساني من إيصال المساعدات بسرعة وكفاءة وتطلع إلى العمل بشكل وثيق مع المديرية العامة لعمليات الحماية المدنية والمساعدات الإنسانية الأوروبية، وذلك بهدف تقوية الجاهزية التشغيلية والدعم للعمل الإنساني فيصبح أكثر فاعلية على مستوى العالم من جهته، صرح ماسيج بوبوسكي المدير العام للمديرية العامة لعمليات الحماية المدنية والمساعدات الإنسانية الأوروبية أن هذه الإتفاقية تعكس التزامنا المشترك بعمل إنساني أكثر فاعلية وسرعة من خلال تعزيز تعاوننا مع دبي الإنسانية فإننا نستثمر في استجابات أكثر تنسيقا وسرعة للأزمات تقوم على الابتكار وتبادل المعرفة والاستعداد الاستراتيجي. معاً نطمح إلى خدمة الأكثر احتياجاً أينما كانوا بشكل أفضل. وستتعاون دبي الإنسانية والمديرية العامة لعمليات الحماية المدنية والمساعدات الإنسانية الأوروبية من خلال هذا الترتيب الإداري في التنسيق بتنفيذ عمليات الإغاثة وتبادل البيانات اللوجستية الحيوية واستكشاف حلول مبتكرة ومستدامة لتحسين الاستجابة للطوارئ على امتداد سلسلة الإمداد والتوريد الإنسانية. ويتيح الترتيب الإداري أيضاً فرصاً لتبادل أفضل الممارسات في مجالات الجودة والاستدامة والتميّز في العمليات. كما سيتعاون الطرفان في تنسيق جهود الاتصال والتواصل.


العين الإخبارية
منذ 8 ساعات
- العين الإخبارية
الشرع في تركيا.. لقاء يعمق التعاون بعد سنوات من التوتر
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السبت، عن ترحّيب أنقرة بقرار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رفع العقوبات المفروضة على سوريا. جاء ذلك خلال محادثات جرت في إسطنبول مع الرئيس السوري أحمد الشرع، في زيارة غير معلنة مسبقًا تأتي بعد يوم واحد فقط من قرار واشنطن بإنهاء العقوبات المفروضة على دمشق عقب 14 عامًا من النزاع. تحوّل إقليمي زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى تركيا، وهي الأولى له منذ الإطاحة ببشار الأسد العام الماضي، تُعد مؤشرًا على متانة التحالف الجديد بين أنقرة ودمشق. وأظهر مقطع مصور بثه التلفزيون التركي الرئيس أردوغان وهو يستقبل الشرع بحرارة عند قصر دولمة بهجة التاريخي في إسطنبول. وخلال اللقاء الذي لم يعلن عنه مسبقا، تحادث الزعيمان لأكثر من ساعتين ونصف ساعة، وفق قناة "إن تي في" الإخبارية التركية الخاصة. وأكد بيان صادر عن الرئاسة التركية أن أردوغان أعرب للشرع عن دعم تركيا لقرار رفع العقوبات، معتبرًا ذلك «خطوة مهمة نحو الاستقرار». وشارك في المحادثات عدد من كبار المسؤولين من الجانبين، بينهم وزراء الخارجية والدفاع ورؤساء أجهزة المخابرات. نفوذ تركي متزايد يأتي هذا اللقاء فيما تعزّز تركيا نفوذها في الملف السوري، وسط تسريبات عن محادثات أمنية جرت بين رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم قالن والرئيس الشرع، ركّزت على مصير «وحدات حماية الشعب الكردية». ووفق مصادر أمنية تركية، تدفع أنقرة باتجاه تسليم هذه الوحدات لسلاحها ودمجها في قوام القوات الحكومية السورية، ضمن مساعٍ لتفكيك البنية العسكرية الكردية شمال البلاد. من جهتها، قالت الرئاسة السورية عبر قناتها على تطبيق تليغرام "وصل الرئيس السوري أحمد الشرع على رأس وفد حكومي ضم وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني، ووزير الدفاع السيد مرهف أبو قصرة إلى قصر دولمه بهجه في إسطنبول، حيث التقى رئيس الجمهورية التركية رجب طيب إردوغان لبحث عدد من الملفات المشتركة". تعيين مبعوث أمريكي بالتزامن، أعلنت السفارة الأمريكية في أنقرة عن تعيين السفير الأمريكي لدى تركيا، توم باراك، مبعوثًا خاصًا إلى سوريا، في خطوة تشير إلى تنامي الاعتراف الأمريكي بدور تركيا المحوري في المعادلة السورية. وكانت رويترز قد كشفت في وقت سابق عن نية واشنطن إسناد هذا الملف إلى باراك في ضوء التقارب التركي-السوري. ولا تزال تركيا تحتفظ بمناطق نفوذ عسكري في شمال سوريا بعد سلسلة من العمليات ضد «وحدات حماية الشعب»، التي تعتبرها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المصنّف إرهابيًا لدى أنقرة. وكانت المفاجأة هذا الشهر إعلان حزب العمال الكردستاني عن حلّ نفسه وإلقاء السلاح، في تطور ربما يسهم في تهيئة الأجواء لإعادة صياغة التوازنات العسكرية في الشمال السوري. aXA6IDE1NC45LjIwLjE2NCA= جزيرة ام اند امز GB